بداية

رواية ضلالات الحب -21 البارت الاخير

رواية ضلالات الحب - غرام

رواية ضلالات الحب -21

- ما هو حلمه؟
ابتسمت وأطياف الحلم تتجمع من جديد:
- يريد أن يصبح طياراً، لقد طلب مني أن أشتري له طائرة... سكتت وقد تلاشت ابتسامتها، أردفت وهي تبكي..... لكنني لم أملك ثمنها، بكى كثيراً ذلك اليوم..
- لا تقلقي يا حبيبتي، سأشتري لهُ كل ما يشاء.
وكأنها عادت إلى واقعها، أنتزعت نفسها منه انتزاعاً وهي تحاول الوقوف، قالت له بثبات:
- أرجوك، أرحل من هنا..
- لماذا؟!
- ألا تفهم، أنا أريد أن أبقى نظيفة أيضاً، حين تطلقني لن يأويني أحد ما عدا الحثالة، وأنا لا أريد لأحمد أن يضيع..
- لكن أنا أحبك بصدق.
- وأنا أكرهك...
- أنتِ كاذبة.
- أنت نقطة سوداء في حياتي وقد أزلتها للأبد، للأبد أتسمع؟!
- ليس بإمكانك نسياني، لأني مزروع هنا...بداخلك!!.
- أنا أكرهك أكرهك أكرهك أكرهك.
كررتها وهي تدق بقدمها على الأرض، كانت سكاكين تنشب في جسده مع كل كلمة كره تنطقها، إنها تكذب، إنها لا تكرهني مهما فعلتُ بها...
أدارها، ضمها إلى صدره بقوة، بقسوة، ليسكت إحتجاجها وكلماتها إلى الأبد، أخذت تضربه بحق تلك الأيام، تلك الليالي التي أحالتها إلى رماد.......
ضربت وضربت بجنون، بخوف، من نفسها ومنه ومن تلك الليلة.....
تركها تُفرغ ما بداخلها من غضب وقهر، لم تكن الضربات تؤثر فيه...
تعبت، باتت حركتها هشة، ضعيفة، لا معنى لها، أرادت أن تضربه من جديد، لكن نظراته أحبطتها، مزقتها أضعافاً مضاعفة.....
أبتعدت عنه خطوات إلى الوراء....
كان يرمقها بهدوء مشوب بالحنان، بالدفء، ضمت يديها التي آلمتها إلى صدرها، تنظر له بلوم، بعتاب، وما أحلى العتاب في دار الغربة....

- تخالني نسيت..أنت السبب..دمرت عائلتي، أختي فرّت بسببك أنت..
- كلا أختك هربت لأنها..لأنها...
- أخرس.
- لا تهربي من الحقيقة.
- أنا أكرهك أكرهك أكرهك.
- أرجوكِ لا تقوليها.
- لم أنسى قط إهاناتك لي، لم أنسى كيف أذليتني، لم أنسى ذلك اليوم، لم ولن أنساهُ أبداً....
- دعينا نطوي صفحات الماضي ونبدأ صفحةً جديدة...
- يا لبرودك!! تُريدني أن أنسى كل شئ ببساطة؟!!
- سأُنسيكِ.
- أنا لا أثق بك، ألا تفهم..
شعر بالإنقباض يسري بأوصاله، يصلّب أطرافه، ويسري تيار، تيار جارف بين الضلوع، هناك حيثُ يتوسّد القلب..
أقترب منها وتراجعت أكثر:
- سامحيني على الأقل من أجل "أحمد"..
أشاحت دون أن تستجيب لتوسلاته...
أردف هامساً:
- أحبكِ أيتها المجنونة المكابرة، أنتِ و "أحمد" بحاجة لرجل يحرسكما، لن تقوي على حمايته وحدك، لأنكِ أصلاً بحاجة لمن يحميكِ.
- نحنُ لسنا بحاجة لأحد. (ردت دون أن تنظر إليه.(
وكأنها تذكرت شيئاً ما، أردفت بمرارة وهي تتطلع إليه:
- ثم أنا سأتزوج قريباً، فلا تعرض خدماتك علي!!
- ماذا؟!
- لم كل هذا التعجّب؟!! تظن أن مثلي لن يتقدم لها أحد؟!! لالا أعلم أيها المحترم أنّ هناك "رجال" يقترنون بالفتاة لشخصها فقط، رجل لم يأبه بكون أخي مدمن أو أختي....... ولكن أبه بي، رآني شيئاً محترماً...
- ومن هو هذا "الرجل" المحترم؟! سألها بصوتٍ هادر.
- هذا ليس من شأنك.
- ليكن بمعلومك، لن تأخذي أحداً غيري، لن تتزوجيه.
- سأتزوجه.
- لن تتزوجيه.
- سأتزوجه.
- لن تتزوجيه ولو على جثتي.
- والل....
وصرخ بصوتٍ أفزعها، وضع أصبعه على فمه وكأنهُ أكتسب منها هذه العادة:
- قسماً بالله إن أعدتها لن يحدث أمراً طيباً.
- في منزلي وتهددني؟!
- لا تختبري صبري يا مريم لا تختبريه، لستِ نداً لي، ستخسرين.. قالها بتهديد.

صمتت تنظر لإنقلاب سحنته، دكن وجهه الأسمر، وقد تقلص جبينه فبات أكثر تغضناً، تراجعت خائفة من شكله الغاضب، حاولت أن تتمالك نفسها، ترفض أن يحس بخوفها منه...
قالت بنفورٍ بارد:
- ألا تملك كرامة؟! حين تقول لك فتاة أنها لاتريدك، احتفظ ببقية كرامتك وأغرب، هذا إذا كنت تملك منها شيئاً!!
……………….-
- وليكن بمعلومك لو كنت آخر الرجال..ها..آخر الرجال بالعالم ما أخذتك..
……………….-
"- تعتقدين أنّ مثلي يتقدم لخطبتك"!! أهذا ما قلته لي بذلك اليوم..
………………..-
- مثلك مريض، مغرور، متكبر، لا يحب إلا نفسه، أسمح لي أنت تُثير فيَ الغثيان، الشفقة، ال....
وكأن كلماتها كانت القشة التي قصمت ظهر البعير!!!!!
تقدم منها بغضب، أجفلت وأخذت تتراجع بعينين زائغتين، لاتريد أن ترى عيناه، تبدوان مخيفتان....
- تجرحك الحقيقة أليس كذلك؟! لا تتقدم..لاتتقدم قلتُ لك. صرخت بإرتجاف.
غطت وجهها بكفيها، سيضربها أم ماذا؟! ظلالها تسقط عليها، تتخلل أصابعها الحاجبة وجهها، بقيا هكذا فترة دون استجابة، فرجت أصابعها قليلاً لتختلس النظر لسحنته، صدمها ما رأته....
كان مكتفاً يديه، ينظر لها بهدوء، أين الغضب الذي كان يملأه؟! تبخر؟!!
ابتسم:
- لم أكن لأضربكِ أبداً.
أبعدت أصابعها تماماً، أخذت نفساً عميقاً، ثم قالت وهي ترمقه بإشمئزاز:
- سواء ضربتني أم لا لن يفرق عندي، لن يؤثر علي، أتدري لِمَ، لأنك بالنسبة لي لا شئ، لاشئ، لاشئ..
أردفت وهي تصيح:
- ذاك الشئ الذي كان بداخلي تجاهك، مات..أنت قتلته..قتلته منذُ زمن.
الطعنات تتوالى، تنفذ بلا رحمة، لتستقر هناك، في سويداء القلب، ينزف الجرح دماً عبيطاً، دماً خثرتهُ الأماني وأذابهُ اليأس، القطرات تنساب، تنساب بلزوجة ثقيلةً جداً على النفس والجسد....
ردّ بتهالك، بحجم الدم النازف بصدره:
- سنحاول، سنحاول من جديد.
- ألا تفهم؟! لا تستطيع أنت تبعث الحياة لشئ ميت، أتستطيع أن تنفخ بالرماد؟!!
- هذا هراء، هذه ترهات..هذا كلام قصص، كلام روايات لا معنى..
- هذه هي الحقيقة، وهذا كل ما لديّ لأقوله، ما بيننا أنتهى...أنهيته أنت...

صدره لازال يهبط ويعلو وكأنّ شيئاً بداخله يثور بهيجان، تطلعت إليه بكبرياء و......
إنكسار!!!!
شرعت بفتح الباب على مصراعيه أكثر، قالت حينها ودون أن تتطالعه، وبصوتٍ حاولت أن تثلجه:
- أخرج من هنا ومن حياتي إلى الأبد.
تأملها لوقت طويل وهي تشيح بوجهها للجانب الآخر، تحرك فاهتزت إكرة الباب بيدها، وقف قبالتها، نظراته تخترقها..
أشاحت أكثر وتلك الخيوط التي تحاول أن تتمالك بها نفسها توشك على الإنفلات..على التقطع...
- مريم..
………-
- انظري إلي.
لم تستجب ولم تنظر، لازالت تقاوم تلك الخيوط.
- انتبهي لنفسك...
وانصرف...
.
.
.

تهاوت على الأرض، أغمضت عينيها.....
أطياف الأمس تتراقص من جديد أمام عينيها، منذُ أن وطأت قدماها هذه الأرض، وفي أول يوم لوصولهم إلى هنا، دلفت مع "أحمد" إلى مزرعتهم لكأن القدر شاء أن تراه قبل كل أحد وقبل اللا أحد...
وتطوفُ الذكرى بعيدة بعيدة، تحلق بين صفحات الأمس، تختلس تلك اللحظات، وتتوه في أروقة الذاكرة، كانت معه، دائماً اللحظات تجمعها معه، وقد سار الآن ربما للأبد....
كل شئ زال، كل شئ أختفى، أحلامنا سراب والواقع مر، مر كالعلقم....
أي حقيقةٍ تبقت؟! أيُّ نهايةٍ هي نهايتي؟!
أأكون لمحمود، ذلك الثلاثيني الذي لا يربطني به شئ سوى حاجتي لمن يرعى "أحمد" معي...
أأكون أماً مرةً أخرى لأطفال ليسوا بأطفالي...
وأبقى طوال عمري أرعى وأرعى وأرعى دون أن أجد من يرعاني أنا!!
من يخفف همي والثقل الذي أرزء به...
من يحسسني بأني لازلتُ صغيرة...
لازلت في الثامنة عشر ومن حقي أن أفرح كبقية الفتيات....
أريد أن أضحك، أن تبتسم لي الحياة ولو لمرةٍ واحدة...
يكفيني عذاب، يكفيني...
ما عاد بي جلد، لم أقدر على المواصلة، لم تعد بي قدرة على الاحتمال....
أريد أن أُكمل تعليمي، أن أعود للجامعة، أن أعيش كبقية الناس، كبقية العالم...
لماذا يا زمن؟! لماذا؟!
لماذا تأبى إلا أن تُمرغني بين أوحالك، لم كلما حاولت أن أرفع هامتي عالياً، أجبرتني على أن أطأطأها...
ماذا أفعل أخبروني، أمدوني بحل...
كيف سأعيش بقية حياتي....
لا أب، لا أم، لا أخوة، لا مال، لا أحد....
أهذه هي نهايتي فعلاً؟!
أظل تائهة هكذا...
الأمان كلمة لم تعد في قاموس حياتي بتاتاً....
الخوف، الخوف من المجهول يُغلفني، يخنقني، يُحيل أيامي إلى كوابيس....
لم أعد أحتمل كل هذا لوحدي...
لم أعد أقدر....
رفعت رأسها حيثُ خرج الأخير...
لازال واقفاً في باحة المنزل لكأنه ينتظر، لازال متشبثاً بأمل أن تعود إليه....
ماذا قُلت عن الآمال؟!! سراب!!!
الدخان يتصاعد من عقب سجارته، لم إذن أرسل أحمد؟!!
أشاحت وجهها من جديد، ثوانٍ و سمعت صوت الباب يُصفق...
لقد ذهب، خرج هو الآخر....
أرتمت حينها على الأرض بقوة، تبكي...
تبكي ألمها، ضعفها، قلبها المحطم...
تبكي كل شئ بحياتها....
لالالالالالا
لا تذهب أنت أيضاً....
عُد إلي...
أبقى معي..
سأسامحك ليس من أجلي...
وإنما لأجل أحمد و....
لأجلي أيضاً!!!
فقط عُد...
أبقى معي...
خاطبني...
أعيدوني إلى وطني..أعيدوني..
مللتُ الوحدة....
مللتُ الخوف...
مللتُ كل شئ...

شهقاتها ترتفع بصوت مسموع، وصداها يتردد بأرجاء البيت الخاوي من عروشه، خاوي من كل شئ ما خلاها هي....
أهذه هي النهاية فعلاً؟!
سمعت صوت "أحمد" لم تقوى على رفع رأسها...
ابتسم له، نظر إلى الشئ الذي في يده:
- ما هذا؟!
أطرق "أحمد" إلى الأرض خجلاً:
- هذه طائرة..
ثم تقدم من "خالد" وأعطاه علبة السجائر، تراجع إلى الخلف وأكمل بخجل:
- لم يتبق شيئ من النقود.
- لا عليك.
رفعت "مريم" رأسها، كانت تحسب نفسها تتخيل في المرة الأولى، تتخيل أنهُ يحاور أخوها، ألازال هنا؟!!
دلف لغرفة الجلوس المفتوحة، تطلع لأخته الدامعة، نقل بصره بينها وبين "خالد"، ثم خاطب هذا الأخير:
- ماذا فعلت بأختي؟! ضربتها؟!
- نحنُ لا نضرب من نحب..
تلاقت عيناها به عند هذه الجملة، عيناه لازالتا تتوسلانها، تطلبان منها أن تمنحه فرصة واحدة، واحدة فقط...
نكست رأسها، وهي تمسح دموعها، عادت لتتطلع إلى "أحمد" الذي أفترش الأرض، فتح الغطاء، كانت طائرة سوداء كبيرة...
"- مريوووم" تعالي انظري، أبوابها تُفتح وتُغلق.
أنهضت نفسها المتهالكة، تقدمت منه، أسرتها ابتسامته، أدخلت السعادة لقلبها المُلتاع..
جثت بجانبه وهي تمسح على شعره الأملس بحنان:
- ما رأيك أن نركبها...
نظر لها مفكراً ثم انفرجت أساريره:
- ليس لديّ مانع، سنأخذ معنا "خالد" أيضاً حتى لا نخاف، أتأتي معنا؟!
نظر إليها، كل شئ يتوقف عليها هي، تأملتهُ لوقت طويل، ثم أدارت وجهها، نظرت لأحمد، لبقية الغالية..
دقاتُ قلبه تتزايد وهو يتنفس بعمق، روحه معلقة بين شفتيها..
ردّت دون أن تنظر إليه:
- ربما يخاف الطيران!!
- أنا لا أخاف. ردّ بصوتٍ أجش.
- لكن في الجو مطبّات، قد تتعثر الطائرة وتنجو بنفسك..وتترك من معك.
- أنا لستُ نذلاً، حين تسقط سنقط جميعاً، إما الكل وإما لا أحد...
تأملته بصمت من جديد، تقتلهُ ببطء، وجهه ينضح بالعذاب، عادت لتشيح وجهها ولكن بألوان مختلفة!!!
الثواني تمرُّ ببطء كسلحفاة كسول، في رأسها تدور آلاف الأفكار، أتجازف؟!
هي في كلتا الحالتين تجازف، سواء بمحمود أو به!!!
ولكن من منهما تختار؟!

رفعت عينيها، تشابكتا مع عينيه اللتان لا تفتأن تحيطانها كسياج، كسياج أم أشواك؟!
سألته بتردد:
- وهل نثق بالطيّار؟!
- ثقي به، أمنحيه فرصة ليُخرج معدنه ولن تندمي أبداً.
أرتعش فمها وهي توشك على البكاء من جديد:
- لكن أنا..أنا أخاف..أنا..
واهتزّ جسدها وشهقاتها تخنقها، تُحيل أنفاسها إلى غصات، كانت تعضُّ على شفتيها بقوة لتمنع صوتها من الخروج..
أحمد يشدُّ طرف ثوبها لتلتفت له، ليفهم سر بكاءها...
وذاك الآخر، يرقبها بألم، بحزن، ماذا فعلت يا "خالد" ماذا فعلت؟!
هذان الأثنان أتعباها، أعيياها، أحالا أيامها إلى شقاء....
- مريم..
………….-
- أنا أعدك، ثقي بي، أرجوكِ كفّي عن البكاء فقط.
…………..-
- بإمكاني الإنتظار، سأنتظرك حتى لو بعد مائة عام..
………….-
- لن أعدم صبراً، إذا أردتِ أن أخرج الآن سأفعل، فقط أهدأي.
مسحت وجهها بباطن كفها، سكتت وإن أفلتت منها الشهقات بين الحين والآخر..
- مريووم، لم تبكين؟! سألها الصغير.
- لاشئ.
- ألن نطير؟! سألها بلهفة.
عادت كلماتها لترتجف من جديد على الشفتين، لكأنهُ الآخر يستعجلها لتُجيب...
أطرقت وهي تقول بتلعثم:
- متى..متى ما أراد؟!
ابتسم، اتسعت ابتسامته وزال عبوسه، أقترب منها، لكنها عادت لتختبأ خلف "أحمد"، قطّب جبينه وهو يلوي شفتيه:
- الآن..
- الآن!! سألتهُ بإستغراب.
- بالطبع، أتريدين أن أتركك الليلة لوحدك..كلا، لا أقدر..
……………..-
- هيا، أحضري معكِ بطاقتك وكل ما تحتاجينه.
- لماذا؟! سألتهُ بغباء.
ردّ بنفاذ صبر:
- لنعقد...لنتزوج.
أحمّر وجهها رغم الدموع التي أغرقته، أحست بنفسها تعود فتاة، فتاة كالأيام الخوالي...

أحتواها بعينيه وهي تزداد إطراقاً، متى تحين تلك اللحظة التي تجمعني بكِ، أقسم أني سأنسيك كل أيام الشقاء، كل العذاب الذي سببتهُ لك، أيام الحزن ولّت، آن الأوان لزهور الربيع، ولتذهب أوراق الخريف بعيداً عنا، هناك حيثُ القمر!!!!
- ستطير معنا أم ستتزوج؟! استفسر "أحمد" بقلق.
التفت له "خالد" وهو يبتسم:
- سأتزوج وأطير أيضاً.
رفعت رأسها إليه من جديد وكأنها انتبهت لشئٍ ما:
- وهل سنذهب لوحدنا؟!
- لا تخافي، لقد أرسلت رسالة إلى "أمل" من هاتفي وأنا في طريقي إلى هنا، سيحضر معها "راشد".
- أكنت واثقاً بأني سأقبلُ بك..
- كنتُ واثقاً بأنكِ تحبيني..
رفعت حاجباها الدقيقان ولوت شفتيها، قالت بصوتٍ خافت:
- مغرور...
- ماذا قلتِ؟
- أقول "أحمد" موجود هنا، لا أريد أن تفسد عقله..
- أحياناً أود أن أكسر رقبتك..
- جرِّب إن أستطعت..
- ماذا ستفعلين؟!
- سأقطع يدك.
- لا مانع لدي..
- أتُجازف؟!
- معكِ أصيرُ مجنوناً.
- ماذا تقصد؟!
- أنتِ مجنونة أيضاً..
أرادت أن تضربه على كتفه، لكنها أحجمت بخجل، أخذ يضحك على منظرها، انتقلت لها العدوى فضحكت ولكن بصوتٍ كتوم..
ضحكت!!! مر زمنٌ طويل منذُ آخر يوم ضحكت فيه، حتى الضحك بات عملةً صعبة تنافس اليورو ربما هذه الأيام!!!!!
تأملها، تأمل ضحكتها الخافتة ووجهها الطفولي البرئ، انتبهت له، عادت لتسبل رموشها بخفر وحياء...
- يكفيييييييييييييييييييييييييي.
صرخ "أحمد"، التفّوا حوله وهو يكاد يتميز من الغيظ:
- متى سنطير؟!
ومع خيوط الفجر، كانت الطائرة تحلق بهم جميعاً إلى........
أتعلمون أين؟!!!!
.
.
إلى جزر حوار، حيثُ مرج البحرين يلتقيان، هناك في الوطن، وما أجمل العودة إلى الوطن!!!!
========
Love Delusions
ضلالات الحب أو الحب الضلالالي
يعتقد الشخص (ضلالاً) بأنهُ محبوب من قبل شخص آخر حباً رومانسياً لدرجة الالتحام الروحي، ويكون هذا الآخر عادة من طبقة عالية أو شخصاً مشهوراً أو رئيساً في العمل، وقد يكون غريباً عن الشخص صاحب الضلال تماماً، وقد يبذل المصاب بهذا النوع من الاضطراب جهوداً كبيرة محاولاً الاتصال بهذا الآخر من خلال الهاتف أو الخطابات أو عن طريق الهدايا أو الزيارات أو الملاحقات المستمرة أو أعتراض طريقه.
ورغم هذه الجهود فإنهُ يحفظ ضلالاته سرية ولا يبوح بها، وقد يقع تحت طائلة القانون بسبب محاولات حمقاء يبذلها المضطرب بإنقاذ الشخص موضوع الضلال من خطر وهمي...
وكانت ضلالات....

تحياتي
! غمـوض بنيه !
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -