بداية

رواية بين طيات الورق -7

رواية بين طيات الورق - غرام

رواية بين طيات الورق -7

فقمت بكل سرعتي وهربت لمجلس الحريم... أحاول أوقف عنف دقات قلبي... لكنها زادت لما أنفتح الباب... وسكر وليد الباب واتكأ عليه يناظرني... وحسيت بنظرة وليد تسبح فشعري الأسود إلي بدا يطول وخصلاته تلامس كتوفي وتلتف عليه... إرتعشت شفايفي لنظراته الجريئة فرفعت شيلتي من كتفي بيد مرتجفة ولفيتها...
ابتسم بكل سخرية وسوداوية... عصبت وناظرته بقهر وذكرى موقفنا الأخير ينعاد قدامي...
أشرت له: أنت شو مجيبك؟؟ ما إنتهينا؟؟
قال ببرود: بينا كلام ما إنقال...
أشرت بعصبية: ما بينا كلام ينقال... ما كفاك إلي قلته المرة الماضية...؟! تركني لحالي... ريحني يا إنسان...
مشيت شوي وعيني عالباب ...تتبعت أنظاره عيني وأبتسم بقسوة...
قال فجأة: ألبسي عبايتك ... أنتظرك فالصالة...
لف بيطلع لكني طيران كنت عنده... مسكت بيده وأنا ألتف أواجه...
أشرت له: ليش؟؟
ارتفعت حواجبه وهو يناظر يدي إلي أنحطت على ساعده....أنحرجت وسحبت يدي وبعدت بسرعة...
قال: ألبسي وبتعرفي ...
وطلع تاركني... عصبت منه... أنا مو خدامة عنده لما يقولي سوي كذا أسوي له... وبعناد وبرود طلعت لغرفتي وجلست فيها... صح كنت أمثل دور الشجاعة بس الخوف من ردة فعل وليد أرقتني... فكرت أترك عنادي وألبس عبايتي وأطلع له... بس لا... أنا كذا بكون خضعت لتصرفاته وخسرت قدامه... لا ..لا ...أنا بجلس هنا...
لميت رجولي وعقدتها بيدي... وكل ما سمعت صوت قريب أرتعشت... وقلت هذا وليد... وحسيت إن العناد والشجاعة خذلتني لما إنفتح الباب ... شفت مازن عند الباب وتنفست بقوة...
قال: الخنساء.. وليد ينتظرك يقولك خلصي بسرعة...
مسكت المسودة وكتبت لمازن: خبره إني ما بطلع ...تعبانة بنام...
وأعطيت الورقة لمازن وأشرت له يعطيها وليد وطلع...
مرت خمس دقائق وأنا قلبي طبووول... صرت أمشي من أول الغرفة لآخرها وأنا أتوقع ردة فعل وليد لما يعرف... حاولت ما أتعمق بتفكيري وأتجاهل هالشيء... هو أصلا مستحيل يدخل الغرفة... لكن الظاهر ما في شيء مستحيل عند وليد...
أنفتح الباب بقوة وأنا أنتفضت ويدي متعرقة من الخوف... كانت عينه تشتعل غضب...
صرخ وهو يسكر الباب بقوة إنسمع صداه: شو معنى حركتك هذي؟؟
تجرعت ريقي ورجعت من الخوف لوراي وأنصدمت بالجدار... ما قدرت أأشر له لأن يدي كانت ترتجف... لكن العناد والتمرد إلي ما كنت أعرفه إلا مع وليد دفع الشجاعة فيني... ورسمت وجه غير مبالي...
وأشرت: أنا مو جارية عندك ...إذا قلت لي إرمي نفسك فالنار أرميها...
سكن للحظة... وهو يناظرني بقهر... تقرب مني وأنا خلاااص حسيت إني بموت على يده هالحين... مسكني من كتوفي ...وبعدها مرر إيده الثنتين لحد رقبتي وضغط عليها شوي... زادت أنفاسي تلاحق...وطبول قلبي كأنها فساحة معركة...أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله... بموت بسبب عنادي...
زاد من ضغط إيده على رقبتي...فجأة وبقسوة رفع ذقني بإبهامه الأثنين ...وأجبرني أناظره مباشرة...
قال بهسيس غاضب: جربي فيني عنادك هذا مرة ثانية... لتشوفين والله شيء ما شفتيه بحياتك على يدي...
وتركني وأنا أرتجف... ناظرني بتحقير من فوق لتحت وبعدها قال: أنتظرك بالسيارة...
طلع هو وأنا أحاول أوقف الرجفة إلي هدت كياني... أخذت عبايتي ولبستها...وبعدها لبست شيلتي وطلعت وأنا ألوم تصرفي الغبي...
.

.
وصلت للسيارة وأنا ناوية أجلس ورا... إلا إن نظرة من وليد كانت كافية أنسحب فيها من الباب الخلفي وأجلس قدام...
لما جلس هو قال بدون حتى يلتفت لي: إلبسي الحزام...
ناظرته بغباء... إذا تقولون هل في ناس متخلفة ما تعرف كيف تلبس الحزام ؟؟فهي أنا... أصلا هذي المرة الأولى إلي أجلس فيها قدام... ماكان جدي عنده أي سيارة... ولا هو حصل لي الشرف إني أركب سيارة فخمة وغالية وقدام...
قال بعصبية: ما تسمعين؟؟ أقولك ألبسي الحزام...
ثارت فيني نار الحقد... يدور على زلة مني حتى يغايضني عليها... فما تحركت ولا حتى حاولت رغم إني شاكهه إني بركبه بكل سهولة...
أشرت له بكذب ولا مبالاة: ما أريد... ما أحبه...
ناظرني بحقد وتركني لهواي... وضغط على البترول بقوة وعصبية... كان يسوق بسرعة ويناظر قدام... ناظرته دقايق أفكر كيف إن هالإنسان كل وقته إما معصب وإما ساخر معي... ومع غيري يختلف مية وثمانين درجة... وبعد ما خفت إنه يلاحظني أراقبه لفيت أناظر المناظر من الشباك...
دخلنا على محلات تجارية... وبعدها وقف فواحد من المواقف...
قال لي بأمر: إنزلي...
تأففت ...هذا أوامره ما تخلص... نزلت وبعدها مشيت وراه... دخلنا محل ذهب... عرفت شو مجيبنا هنا... فوقفت بعيد مترددة... أنا ما ودي بأي شيء من هالإنسان... قرب مني وليد...
وهمس لأن فيه ناس غيرنا بالمحل: خلصينا...وراي أشغال أهم من هذي...
أشرت له متوتره: أنا ما أريد أي ذهب... أرجوك...
قال بعصبية وهو يمسك يدي ويجرني لقدام ويأشر بعدها: لو بيدي ما كنت هنا أصلاً...
رفعت يدي أبي أرد عليه لكني استحيت لما لاحظت إن البنات إلي كانوا واقفين على جنب يناظروني أنا ووليد... فوقفت جنب وليد بدون حركة....

طلب من الصايغ نماذج لنشوفها من خواتم الزواج (الدبلة)... لما جابهن لنا من جمالها وغلاها تجرعت ريقي... وتحاشيت أختار وسلمت هالمهمة لوليد...فاختار دبلة رقيقة وتلاها أقراط وقلادتين وسوارتن أنيقتين ومعظمه من الذهب الأبيض... ما أعطى إحتجاجي قيمة وأشتراها...كنت مذهولة أنا ما قد إمتلكت فحياتي أي ذهب إلا قرطين صغار كانوا يمكن بالغلط أمي نستهم فأذوني لما تخلت عني...
حاولت مرة ثانية أأشر لوليد: أنت مو ملزوم تشتري لي هالذهب...
قال بصوت خفيف: كل هالشكليات هي من أبوي وجدتي... مو لرضاك...

خبيت يدي ورا ظهري... انجرحت من كلامه رغم إني ما بينت... وإلي زاد الطين بلة إن البنات قاموا يأشروا علي ويتهامسوا... الظاهر لفت نظرهم بإشاراتي... ولما كان وليد يحاسب كنت قريبة منهم بس عموماً إن الصوت كان واضح حتى لوليد...
سمعت وحدة من البنات تقول: مسكييييينة... لاحظي تتكلم بالإشارات... شكلها بكماء وصماء...
والثانية ترد عليها: أيوه... بس شوفي هالكيوووت إلي واقف جنبها... شو تتوقعي يكون؟ أخوها؟؟
والثالثة تجاوب: يا غبية هذا شكله زوجها وإلا ليش جايبها تشتري الدبلة...
الثانية: ياااااا حسافة... واحد مثل هالجنتل ياخذ مثلها... أشك إنه....
وما قدرت أسمع البقية لأن وليد سحبني لخارج المحل... صحيح كلام إنقال إلا إني فكرت فيه... وجلست أفكر بجد ليش وليد وافق على زواجه مني؟! صح هو قالي إني مسؤولية من عمه... بس أكيد كان فيه كلام أكبر بينه وبين أبوي قبل لا يتوفى...
جلست فالسارة وأنا شاردة... أحاول أحلل هالألغاز بس قاطعني وليد لما فاجأني...
وليد بهدوء وفجأة: لا تسمعي لثرثرة الناس... تراها كثيرة وإن أعطيناها أهتمام ما خلصنا...
ناظرته وهو وجهه جامد يناظر لقدام... وليد؟؟ وليد إلي جرحني مرات ومرات يقول لي هالكلام؟؟ غريبة...
حاولت أرد عليه... بس بالأخير جمدت وماعلقت... وقفنا بعدها عند محل هواتف نقالة...
قال وهو يرجع لأوامره: أجلسي هنا...برجع بعد شوي...
وأنا نفذت أمره... وعيني عليه وهو يدخل المحل ...أكيد مو ناوي يشتري لي موبايل... مستحيل...أنا خرسا وما تتكلم فكيف يكون عندي موبايل؟؟؟ ... أستغليت فترة العشر دقايق إلي غاب فيها بالمحل إني أضغط أزرار المسجل وأكتشفها... لمحته قريب من السيارة فتركت إلي بيدي... دخل ورمى كيس فيه علبه فحضني قبل لا يتحرك بالسيارة...
قال بأمر للمرة الثانية: إفتحيها...
وهالمرة رفضت طلبة أو أمره... وجمدت حركتي... لما ما سمع صوت الكيس ...لف لي وناظرني...
قال يعيد: إفتحيها...
بلعت ريقي وأشرت له: لا...
قال بملل: قلت إفتحيها يالخنساء...
أشرت له بقوة هالمرة: لا...ما أريد موبايل...
كنا على حسب إعتقادي بشارع فرعي ما فيه سيارات... لمحنا طفل يركض ورا كورة كانت فالشارع وهو مندفع من باب حوش البيت المفتوح... فجأة ضغط وليد على الفرامل... ولما كنت أنا ما لابسه الحزام أندفعت بقوة لقدام... توقعت إني بضرب راسي إلا إن إندفاعي توقف بالنص... فتحت عيني مرعوبة وأنا أشوف يد وليد فحضني وهي إلي حمتني... حتى بدون ما يسأل أنا بخير أولا صرخ بحرة غضب: لو مو مبالاتك وتهورك بالحزام ما كان تحركت شعرة من مكانك...
ودفعني للكرسي بقبضته...
أشرت له بعصبية: قبل لا تطلق إهاناتك... أنا فحياتي ما قد حصل لي الشرف ألبس هالحزام ...
سكن لدقيقة يناظرني ...توقعت يبتسم ساخر لجهلي ويضحك علي...
إلا إنه صرخ وهو يميل علي: ولأن كبريائك ما تسمح لك تعترفي بهالشيء... حطيتي نفسك بموقف غبي...
لزقت بالكرسي ...ما عرفت إذا كان هو خوف منه أو خجل من لمسته... لكن كل إلي سواه ...إنه مسك الحزام وسحبه بعصبية ودخله فمكانه...
تمتم بكلام ما فهمت منه إلا: مو من صعوبة تركيبه...
أدري... والله أدري بس مثل ما قال السبب هو العناد إلي أبد ما عرفته إلا مع وليد...وبعدها كملنا طريقنا لبيت عمي... ونسيت الموبايل ورفضي له... كما هو نسى هالشيء...
قال لي بهدوء وأمر والسيارة وصلت عند باب البيت: إلبسي الدبلة بإصبعك... فاهمة؟
وفتح الحزام لي وطلعت بدون ما أعلق... ودخلت غرفتي بعد ما سلمت على هدى وعمي... رميت علبة الموبايل بكيستها فدولابي أما الذهب فراح أحطها عند هدى حتى أرجعها فأي يوم لوليد... والدبلة لبستها وأنا شاردة أتساءل شو تخبي لي الأيام الجاية مع وليد...
السبت...
13-10-2007...
فتحت دولابي وأخذت تنورة زرقا وقميص أبيض ماسك عالجسم وعليها بلوزة زرقا... لبست شيلة زرقا... ناظرت المرايه بشرود وأنا أتذكر كلام عمي سيف بأيام العيد هذي... أرملة أبوي جابت أمها وأخوها حتى يسكنوا معها بالبيت لحد ماتخلص عدتها وبترجع معهم هي وأخواني لصحار... واليوم بالعزيمة إلي عاملها عمي لتجمع الأهل ماراح يجوا أخواني... أرملة أبوي رفضت بشكل قاطع... مثل ماراح تجي عمتي وبناتها... حسيت إن كل شيء تغير بعد وفاة أبوي... تخيلت كيف كان ممكن العيد يكون لو أبوي حي... تنهدت وأنا أحمد ربي أن لي أهل إلحين يسألوا عن أخباري... ويحاولوا قدر ما يقدروا يحسسوني بالحنان...
طلعت لهدى بالمطبخ وهي تصب العصاير...
قالت لي بابتسامة حلوة: هلا بالغلا الخنساء... ما شاء الله... قمر بسم الله عليك...
أشرت لها وأنا أبتسم: جزاك الله خير يا هدى... هذا تعبكم... أنتي وعمي ماقصرتوا من ناحيتي...
قالت بطيبة نفس: نشيلك فوق رؤسنا يا الخنساء... عمامك ندموا على كل لحظة ترددوا فيها بمساعدتك... وإلي نسويه إلحين مايوفي حقك...
وشالت العصير وحطته بيدي وهي تقول: وخلنا من هالكلام... الله لا يهينك خذي هالعصاير للصالة...
وبعد ما قدمت العصاير لعمي جلست بمكاني شاردة ولاحظت إن وليد مو موجود... ما صادف إني ألتقيت فيه هالأيام إلي مرت... غير مرتين وكانت كلها بحضور الجدة مريم إلي إما تنسيني وليد... أو إن الواحد يتجاهل الثاني...
وبعد العصاير جا العشا والسوالف توالي... والصلاة وبعدها القهوة والسوالف... حتى وصلت الساعة 12 بالليل لما قرروا أهلي أن السهرة خلصت...
كنت أمشي بالحوش متضايقة... صح كان تجمع كبير لأهلي بس حسيت بملل كبير... فكرت إني يمكن بسبب الأحداث المتقلبة بحياتي صرت أحس بالملل والكسل بهالحين...
انتفضت لما سمعت صوت من وراي...
: شو تسوين هنا بهالوقت؟؟
لفيت أشوف وليد واقف وهو متكي على الجدار... سكنت وأنا ألاحظ للمرة الثالثة إختلاف بشخصية وليد... كان يلبس بنطلون جينز وقميص أخضر وفوقها بلوزة لونها بني مفتوحة أزرارها... رافع راسه بشرود بناحيتي... ويبين إنه متعمق بتفكيره... من متى هو هنا؟؟ ما كان موجود بالعزيمة... بلعت ريقي وأنا أناظر لأي مكان غير على وليد...
قال بهداوة غريبة: ليش جالسة لوحدك بهالوقت والفجر قرب... ؟! إحنا مو برمضان...

تذكرت إن هاليوم عيد... غريب ليش أحس إني أفتقر لكلمة "عيدك مبارك" من وليد... ليش كلي لهفة حتى أسمعها منه...؟!
وأشرت له مرة: من متى أنت هنا؟؟
تجاهل سؤالي وقال: جيت أخبرك إن بعد أسبوع زفتك... أعطيت الضوء الأخضر لهدى تشتري لك أي شيء تريديه...
يحسبني متسولة ما همني إلا هالزفة والفلوس والذهب إلي تبصم لي إنها من هالإنسان...
ولما ما جاوبته رفع راسه ناظر للسماء والصمت حل فجأة بصورة رهيبة...
بعدها رجع يناظرني ويقول فجأة: تدرين إني أدري عن سبب طلاق أمك من أبوك...
أستغربت ليش يتكلم عن هالموضوع لكني سكت ولا علقت... أنتظره يكمل...
وكمل: ما أخفى إني أندهشت وأستغربت لكل كلمة قالها عمي... كل حدث حكاه...
ورجع يناظرني بحدة: وعرفت... عرفت وقتها إنك نسخة عن أمك... مره لعوبه ما همها إلا تأذي من هم حواليها...
وكمل بكل تجريح: الصورة إلي لقيتك فيها فبيت راشد كانت ضربة قاضية... أثبتت لي هالشي رغم محاولة عمي يقنعني إنك تورطي وهو سبب كل إلي صار لك... لكن أنا...
وقف معتدل وكمل بصوت قاسي جمد الدم بعروقي: لكن أنا شفت إلي ماهو شافه... ومستحيل أقتنع بغير هذا... مستحيل... لأن هالدم إلي يسري فيك هو دم أمك...
عضيت على شفايفي... وأرتفع الدم بعروقي يطالبني بالثأر... بالرد عليه بتمرد... وأبد ما خيبت ظنها... أبد ما خيبتها...
أشرت له بعصبية: أحب أذكرك إذا ما نسيت إن هالدم بعد إلي يسري بشراييني هو دم أبوي...
وصرخت صرخة خافته من العصبية وأنا أأشر: أدري النخوة... والشهامة... إلي طالبك فيها أبوي هي سبب زواجك مني... وجيت إلحين تصب غضبك على حساب نفسي المجروحة... لكن تذكر رغم إني تزوجتك وأنعقد إسمي مع أسمك... أبقى أنا أنجبرت بدون رضاي...
ورغم ترددي إلا إني وصلتها له وراسي مرفوع: أنجبرت على إنسان قلبه قُدَّ من حجر... إنسان ما يعرف إلا القسوة والتجريح والسخرية له سلاح... إنسان أنا كارهته... كارهته... كارهته...
ومشيت له ويدي تتكور على جوانبي... وبدون تفكير ضربته بيدي الثنتين على صدره... وأنا أردد بتحريك شفايفي... كارهته... كارهته...
ومثل كل ردة فعله... قيد يدي الثنتين من رسغي... وشدني له وأنا أشوف عرق جبينه ينبض... جسمه يرتعش... شفايفه متوتره... أنفاسه حاره... وعيونه تسبح بعيني...وهالمرة بدون كلمات جارحه ناظرني بكل قوته... يسحب مني قوتي وشجاعتي إلي بالعكس... زادت وزادت...
وبعد فترة طويلة نفضني من بين يديه... وعيونه تعلقت بعيوني إلي إشتعلت بكل عزة... مواقف مرت وهو يزرع الضعف فيني بس هالمرة لا أنا إلي بزرع فيه هالضعف... هالمرة أنا إلي بذيقه من الجرح...
تراجعت لوراي ووقفت وأنا أحس بدفعة شجاعة... رغم الخوف إلي يهز كياني إلا إني تصنعت هالشجاعة بعد ماشفت نظرة وليد المشتتة...
شيء خلاني أوصل له هالمعاني... وبكل حرارة أشرت له أرمي السلاح الأخير بهالموقف: أنت صممت قناعاتك... ورسمت مصيري معك... خططت لمصير كل جزء ولكل عرق ينبض فيني... نخوتك... شموخك... شهامتك... كل هالمعاني هي السبب بهالمعمعة إلي إحنا فيها... أنت أنعميت بكبرياءك إلي أعدمت فيك شوفت إني مظلومة... أنت بقسوتك وسخريتك وإهاناتك...ولدت فيني العناد واللامبالاة... ولدت فيني التمرد... وقتلت المشاعر إلي أنذبحت وأندمت... وصدقني... صدقني إن مصير ي عندك هو الفناء...غسلتني وأنتهيت... وأنت على أستعداد بابتسامة تترتعش لها الشفاه حتى تكفني...
تــــكــــــــــفـــنــي...
تـــكـــــــفـــنــي يا وليد...
.
.
إرتجفت يدي وأنا أغرسها على شعري... أحاول... أحاول أنزع صدى هالكلمات... صداها الصامت... إلي يرن براسي بكل وجع... ولأول مرة أشوف الضعف يرتسم على ملامح وليد... لأول مرة أشوف على ملامحه نظرة مشتته... مهزورة... محتارة... ومتوجعة...
* * * * *
.
.
{{ نهاية الفصل السادس... 

.
الفصل السابع

ألحدتكي بيني وبين أطواق الياسمين


الخميس...
25-10-2007...
كان آخر موقف لي مع وليد ذيك الليلة إلي هربت فيها وتركته بمكانه وما قد شفته لحد هاليوم... يوم زفتي... تخبيت فبيت عمي أتحاشى وليد... أجتمع مع أفكاري وأرثي لها... وأبد ما فكرت بتعابير التوجع إلي أرتسمت على وليد... أعتبرتها ولاشيء بالنسبة لي... إذا هو جمد قلبه فأنا قلبي تجمد ألف مرة...
ولأني بحكم الضعيف وافقت على كل شيء... المهر... أو فلوس وليد إلي إشترى فيها نفس ضايعة... وهالمهر وصل مع هدى بعد 3 أيام من موقفي مع وليد...ما رفضت بعدها لما قالت لي هدى إنها وعمي بياخذوني للسوق وأشتري كل شيء تحتاج له العروس... ضحكت ضحكة جوفاء لهالشكليات الغريبة... هو ما فرقت إذا أنا رحت بفستان عرس أو بخيشه... ترى كله عند وليد واحد...
تنهدت وأنا أبعد عن الشباك ...و أتسحب للحمام (تكرمون)...توضيت وصليت الظهر ورجعت رميت نفسي بالسرير... أتذكر محاولات هدى لتعرف شو يصير بيني وبين وليد حتى نتشاد بالإهانات والسخرية... لكن أنا صديتها... هذي معركة بتكون بيني وبين إلي ما يتسمى وما لأحد دخل فيها...
كلمة قالتها لي هدى رسخت فبالي ((مو كل يوم تعرسين)) ... لذا سلمت نفسي لهدى ووافقتها على كل شيء... بداية من المهر لحد فستان العرس الأبيض... وقفت ورحت للدولاب إلي علقت فيه الفستان... القماش من الحرير الخالص والدانتيل ...والشيفون الأبيض الرقيق يغطي الظهر والجزء العلوي من الصدر ويمسك بحمالات رقيقة... كان بذيل صغير وورود بيضاء مذهلة... الطرحة كانت متصلة بتاج من الإكسسوار... والنعل كان بكعب عالي أبيض بشرائط تمسك بالساق...
كان قمة فالجمال وأعجبت فيه... حبيت جرأته لأنه يعكس نفسيتي بهالأيام... العناد... التمرد... الجرأة والشجاعة... هي إلي تحكمني مع وليد... يمكن بحس بحرج قدام وليد...بس أنا خلاااااص صرت ما أهتم... بعيش حياتي لنفسي ولرضى ربي... أما هالإنسان فقررت بطريقة وحدة بس راح أقدر أنتقم منه بخطة رسمتها...
الساعة... 10 بالضبط...
إبتسمت لـ (نور) إلي عملت لي المكياج وصففت لي شعري بطريقة ملكية... وبعدها ثبتت لي التاج ونثرت ورد أبيض على شعري الأسود... كان الفستان مناسب للمكياج ولكل شيء... طبعاً كملتها بالجزمة والذهب الأبيض... الأقراط والقلادة والأسورة...
قالت لي (نور): والله طالعة أمر...أمر بسم الله عليك...
كتبت لها بفرحة: شغلك الحلو... ذوقك قمة فالرقة...
قالت: لك تكرم عينك... عيونك الحلوة...
وقتها سمعنا دق عالباب... دخلت هدى بعدها وهي حاملة مسكة الورد والمبخرة... فاجأتني لما صرخت وجات تركض لي... وهي ترفع فستانها العنابي...
هدى وهي تبخرني: ما شاء الله... قمر 14 ... بسم الله عليك...
وضحكت وعيونها تلمع: تدرين شو تشبهين؟؟ والله مو مبالغة إذا قلت إني أقدر أوصفك بحورية...أميرة من أميرات الخيال...رسمة فنية رسمها فنان وأبدع برسمها... نسخ بلوحته جمال وصفه جنوني... كان مختبي وفجأ وبشوي أهتمام ظهر وبان وأشرق...
أرتعشت يدي لهالوصف... لا...لا... لايا هدى... إذا تبين توصفيني فأنا... أقرب لوصف عذراء... جُهزت... زُينت....عُطرت وبُخرت... لكن للأسف ما راح تقدم قربان لوحش أو آلهه... إلا قربان لوليد... وهذا مقابل الحماية إلي أرادها أبوي لي...
وأيقضني صوت هدى من شرودي وهي تقرا المعوذات... ابتسمت لها أنفض الأفكار الغريبة براسي... بعدها أخذت مسكت الورد إلي كانت هم بعد ناصعة البياض...
قالت لي بلهفة: الخنساء حبيتي... الضيوف واصلين من زمان... والزفة راح تبدأ...
تنفست بقوة من الربكة... سبحان الله... أحس بفقدي لأمي... كل عروس بيوم عرسها تتمنى أمها بجنبها... تبكي لطفولتها ومراهقتها ولشبابها...وتسلمها بكل فخر لعريسها وتوصيه عليها... وأنا؟!... هزيت كتوفي بألم... أمي ماتدري عني إذا أنا حية او ميته... فكيف بيوم عرسي؟؟ أنا طلبت من هدى توصل لعمي خالد إني ما بنزف إلا بشرطين... وهو إني بنزف بدون أغاني بدون فرقة وبدون قاعات... والزفة تكون عائلية والأصدقاء القريبين من هدى والجدة مريم... وحاولت هدى تقنعني لكني رفضت بصورة قاطعة... وما كان لعمي إلا يوافق لأنه لاحظ إني مازلت متأثرة بموت أبوي...
هدى: ياللااا... لما تسمعي الموسيقى أمشي مثل ما علمتك... خلك هادية ولا تتوتري... وأقرأي المعوذات إلحين...
ابتسمت لها وأنا أبوسها... كانت نعم الرفيقة لي... إذا رحت لبيت وليد ما راح ألاقي أحد يفهمني مثل هدى...
.

.
سمعت صوت الموسيقى... وبديت أتحرك للسلالم بهدوء... رفضت أنزف على أغنية ووافقت على موسيقى هاديئة رومانسية... كانت عيني تناظر درجات السلالم ... وبعد فترة رفعت عيني وناظرت هدى وهي تمسح دمعة من عينها... والجدة مريم وهي تناظرني وتناظر الناس ولسانها يتحرك بالمعوذات... أذكر إنها وصتني للخمسين مرة إني ما أنسى أقرا المعوذات على نفسي عن الحسد... وبعدها ناظرت عمتي وبناتها...
غريبة وطت عمتي رجولها بيت عمي وهي إلي طلعت منه متحلفة ومتوعدة بعمامي... وهذا قبل يومين بس... جات وتعذرت مني... أمممم نقدر نسميه إعتذار... لكن مع درزينة غرور.. مدري ليش حضرت زفتي؟؟ هو لتتشمت فيني أو لأنها تبي تقيم هالزفة إلي كانت بسيطة أو لأن لها غرض ثاني... ورجحت السبب الثالث وهذا من بريق عيونها إلي كانت قاسية وواعدة ... أما عيون بنتها نشوى فكانت ذبلانه ومتحسرة... بغيت أقول لها والله لو بيدي لكنت تخليت عن هالوليد لك... بعدها ركزت على الكوشة إلي كانت بتصميم من الزجاج والمرايه والقماس الأبيض المخرم بتشاكيل مبدعة والورد الأبيض... وجلست بعد ما خلصت الموسيقى على الكرسي وهدى تساعدني... يمكن عدد المدعوين ما يتجاوز الثلاثين بس حسيت إن المكان مليان...
سلموا علي وباركوا لي الحريم وأنا أبتسم بكل فرحة وأهز راسي... بقت عمتي إلي ما زالت فمكانها هي وبناتها رافضين يسلموا علي... هزيت كتوفي بدون إهتمام... ما ينقص مني أويزيد أي شيء إذا ما سلموا علي... بعد ساعة تقريباً جاتني هدى تقول بيدخل وليد... وطبعاً بيكون معاه عمامي... صح التوتر والخجل ويمكن اللذة فالهروب تملكتني... حتى إني حسيت برجولي ترتعش وأنا أوقف... إلا إني وقفت بهدوء بعد دقايق وأنا أسمع صوت الموسيقى تبدا بالزفة...
غشت عيوني بركة دموع... وصرت أرفرف بها علشان أناظر للبوابة إلي إنفتحت ودخل منها فالبداية علاء وعماد وطارق... وهذا إلي شجعني ورفعت راسي ... وبعده وليد إلي لبس الدشداشة البيضاء وتمصيرة باللون الأزرق ووشاح مماثل له لف حوالين الخنجر... وما كان يلبس البشت... بإختصار كان قمة فالوسامة والهيبة... عيونه بها بريق غريب وهي تناظر الكوشة... وطبعا ورا وليد عمامي إلي إبتسامتهم بينت كثر فرحتهم... والغريب... الغريب بكل هذا إن وليد كان شايل أختي ليلى بين يديه... عضيت على شفايفي تحت الطرحة وأنا أحس بأستسلامي وخذلان شجاعتي... أبد ماتوقعت وليد يحن ويشيل ليلى بين يديه ويكونوا أخواني حاضرين بزفتي... أبد ماتوقعت هالحنان وهاللفته من وليد...
ولما قربوا حسيت بنظرة وليد إلي تحمل وصفين... نظرة تحدي ونظرة تردد... ونزل ليلى عالأرض وأخذ السيف المطرز بالفضة من يدين عمي سيف...
وقف مقابل لي... وطلبت منه هدى ينزل الطرحة...
شعور غريب أنتابني وأنا أحس بيده القاسية تمتد لطرحتي وتنزلها...
شعور غريب أنتابني وأنا احس بنظرته مشتته والدنيا صارت خرسا...
شعور غريب أنتابني وأنا أحس بعيون وليد العميقة إلي تمعنت بملامحي وهو تيبس وجمد بمكانه...
دريت إني أبهرته... كنت متأكده... متأكده إني بدهشه أو عالأقل ألفت نظره... والله مو غرور إلا ثقة إني بقدر أوصل له رسالتي...
وبهاللحظة مرت مواقفي مع وليد مثل الشريط قدام عيويني... وتذكرت... تذكرت خطتي... رفعت ذقني مو غرور إلا شجاعة... أناظر إلانسان إلي حطم كرامتي بطريقته الوحشية... أناظره والبسمة ترتسم على شفاتي بكل خجل العذارى... أناظره والتحدي لمع بعيوني...أناظره وتركيزي عليه أحاول أسبر أغوار تفكيره ...لرأيه بالبياض إلي إتخذت منه سبب فزفتي... للبياض الناصع إلي أعبر له إني شريفة النفس...عفيفة... بريئة الطبع... مشبوبة بالعواطف... مسجونة للألم والضياع... مأسورة للوحدة... ومشحونة بالشجاعة والقوة والعناد...
ابتسمت بكل جرأة وأنا أأشر له بعد ما وقف وقفة طويلة: ما في مبروك؟؟
ناظرني بتردد وبعدها بقسوة ضعيفة ... وإحساسه إني مو طبيعية وإنه شاك بحركاتي بينت على وجهه... وما كان له إلا يتحرك بطواعية ويلثم خدودي...
ويهمس بكل بجفاف: مــبروك...
ابتسمت وتجاهلته بعد ماتركني وبست أخواني وأنا مغتبطة لوجودهم فزفتي... وعمامي إلي حنو علي كثير... حضنوني وهمسوا لي بدعواتهم وأمنياتهم بالسعادة... لسبب واحد إني وحيدة... يتيمة الأب ومحرومة من الأم... جلست قرب وليد ببرود والإبتسامة شاقة الحلق... والتجاهل مابينا كان له النصيب الكبير...
الجمعة...
26-10-2007...
الساعة 1 ونص...
رميت جزمتي (تكرمون) عند عتبة الجناح ... ومشيت حافية ورجولي تلامس نعومة السجاد العجمي... ناظرت لصالة الجناح كانت عربية شرقية الطبع... وبعدها دخلت للمطبخ إلي كان كبير نسبياً ومجهز بكل شيء... بعدها رحت لغرفة النوم إلي كانت مثل غرف القرن القديم ... واسعة وطبعها شرقي وسجادها عجمي لونه أزرق...والسرير كان كبير وفيه أعمدة ومنسدل عليه ستارة من قماش رقيق مخرم باللون الأزق... ومفروش بفرش من المخمل الأزرق والحليبي (البيج) ومطرز بطريقة عجيبة... أما الستاير فكانت من المخمل الأزرق والحليبي مشابهة للسرير... كانت الغرفة الزرقاء قمة فالأناقة والجمال... والثريا بوسط السقف عملاقة ...
كانت الغرفة متصلة ببلكونة تطل على الحوش الخلفي والمسبح إلي كان مصمم على شكل دمعة... تركت الشرفة ورجعت أناظر الغرفة وبعدها لاحظت بابين واحد منهم كانت لغرفة تبديل واسعة بدولابها العملاق... والثاني لحمام وسيع (تكرمون)... وهالمرة بلون سماوي وبيجي... ومجهز بكل إكسسواراته...
طلعت للغرفة المقابلة وكانت مقفلة... توجهت أنظاري لغرفة جنبها كانت هم بعد غرفة نوم شبيه بالغرفة الرئيسية إلا إن هذي أصغر وسريرها لفرد واحد وألوانها بتدرجات الأحمر... وعلى الطرف الثاني كان فيه باب رابع... فتحته شوي وعرفت إن هالغرفة مكتب وليد... ورجعت للمطبخ أفتح الدواليب وأغلقها... أكتشف إلي فيها وأتسائل عن الأشياء الغريبة علي إلي أبهرتني... بعدها طلعت للصالة أناظر التلفزيون الكبير وأنا أتعجب من كبره لما إنفتح الباب ودخل وليد...
ناظرته بدون مبالاة... بعد الزفة طلعنا للتصوير... وكل ما كانت المصورة تطلب منا وضعيات جريئة أبتسم فوجهه وأنفذ... أما هو فكان متوتر حييل... ولما خلصنا جينا عالبيت بسيارتين... عمي خالد يسوق ووليد جنبه وكنت أنا معهم... وسيارة عمي سيف وهدى والجدة مريم... ظلوا عمامي والجدة تحت... أما أنا ووليد وهدى فطلعنا للجناح إلي أخذ معظم مساحة الطابق الثالث... تركتني هدى فالصالة وهي توصيني وبعدها نزلت هي ووليد لتحت...
مديت يدي الثنتين وشلت التاج وسحبت الطرحة... وبعدها نزلت شعري وبسبب طريقة تصفيفه إنسدل على كتوفي وهو ملفوف... رفعت ذقني ومشيت لوليد إلي كان واقف متسمر فمكانه... يناظر كل حركة بتعابير جامدة... وصلت له ووقفت مقابل له... لأني كنت أقصر منه فوقفت على أطراف أصابعي... إبتسمت بجرأة وحرارة... ولثمت خده القاسي...
إنت يا وليد جرحت المشاعر وأدميتها... وأنا ما عاد فيني شعور طيب إتجاهك... الكره هو إلي يسري فشراييني...وأنا أدري إني ألعب بالنار... لكن أنا قد هالعبة يا وليد... قدها حتى آخر رمق بحياتي... إن ماخليتك تطلع عن برودك هذا... إن ماخليتك تنغاظ ... وإن ما خليتك تتوتر وترتبك لوجودي... ما أكون أنا الخنساء...
يتبع ,,,,
👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -