بداية

رواية بين طيات الورق -9

رواية بين طيات الورق - غرام

رواية بين طيات الورق -9

قيمة عندك... أنا يا وليد عفيفة... أنا يا وليد طاهرة شريفة... أنا يا وليد حرة أصيلة... وأنت... أنت...
وقفت وضحكت وأنا أكمل: وأنت سلبت حقك بكل نفس باردة...
وحط يده على فمي يوقف ضحكاتي المجنونة... وعيونه تعلقت بعيوني يرسل لي الأسف والرجاوي حتى أسامحه وإلي ما أعتبر لها أي قيمة عندي...
قال بيأس يغرس يده على شعري بكل حنان مرتجف : شو تبيني... شو تبيني أسوي لك حتى تعذريني... تعذري تسرعي... كبريائي... تعذري قسوتي... شو تبيني أسويه لك...؟! أنا حاضر... حاضر لطلبك... أمرك...
بعدت نفسي عن حضنه... وأشرت: أريد الكثير... الكثير...
سكت وبعيونه أمل... وقال بلهفة: شو تبين أنا حاضر...
أشرت بابتسامة: أريد ترجع لي أبوي...
جمد... وحل الصمت برهبة عالمكان... رهبة أخرست كل أنواع الأصوات ... إلا النفس السريع لوليد والضحكة الرنانة إلي أطلعت مني...
وأشرت وأنا أبكي: تقدر؟! تقدر ترجع لي أبوي؟!
وهو متيبس بمكانه وساكن... هز راسه يجاريني بجنوني... وكأنه يجاري طفلة عقلها تبرأ منها... يهز راسه ويهمس: لا...لا ما أقدر...
وكملت أأشر: وأنا كذا... هذا مات...
وأشرت على قلبي... ورجعت أأشر: هذا مات... ومستحيل تقدر ترجع هالي مات...
ما أكذب إنك كسرت أشياء بداخلي...
لكن إذا سألت النفس عن الحال ...
بتجاوبك إني بألف ألف خير...
وعايشة ألملم شتات نفسي...
وأبني أساسها من خفقات كرهي لك...
كرهي لك إلي يسري فشرايين دمي...
وأنتقم لإنكسار مشاعري بصمودي وعنادي...
أنت سجلت شريط حياتي معاك بكل وحشية...
دفنتي... كفنتني... ألحدتني...
وما بقى لك إلا ترويني من ماء عينك... من نزف دمعك...
ما بقى لهالروح بقايا يا وليد...
ما بقى لها... ما بقى...
.

.
حسيت به تيبس... جمد... وألمه ووجعه يبان على ملامحة... حسيت بضعفه... حسيت بإنكساره... حسيت بالصراع بداخله... ورغم كذا هزيت كتوفي...
وأشرت بدون مبالاة: صدقني ما عاد يهمني أعيش معك مثل جثة بلا روح...
وفجأة تبدلت حالي... وابتسمت بكل وجع... مشيت له وحضنته... وحسيت برعشته بين يدي... بست خده وهو جامد بمكانه...
وأشرت ببرود على مشاعر ساخرة: تصبح على خير يا زوجي الحبيب... تلاقيني قريبة منك بلياليك... ولا تخاف راح أكون بنهارك مثل الظل لأوامرك وطلباتك...
وتركته يرتمي على ركبته وهو يصرخ بوجع ولوعه...
وأنا... أنا ضحكت ضحكة ميته بدون أسف أو شفقة عليه... إلا متلذذة بلي أشوفه...
.
.
{{نهاية الفصل السابع....
***

الفصل الثامن

رويتكي من ماء عيني


بعد أقل من ساعة...
وقفت قدام المرآية جامدة وشاردة... أناظر الجرح إلي على رقبتي وإلي لاحظته إلحين... وآثر صفع وليد على خدودي... غمضت عيوني... وشريط أحداث الليلة تمر علي وتألمني... تألمني وتزيد قلبي طعنات...
وبلحظة ضعف...........
طحت على ركبتي... وبكيت... بكيت وشاهقت... وأنا أسند جبيني على الدولاب... ما دريت يالخنساء... مادريت إن بك هالقساوة... هالجمود... هالضحكات اليائسة المجنونة... مادريت إنك بلحظة تجردتي من الشفقة... من التسامح... من التعاطف... وكله... كله... لأن وليد أخذ حقه...
:آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه....
ضميت يدي لحضني وأنا أحس بدوخة... أحس بالدوار بسبب البكاء إلي ما وقفته... وليد صح أخذ حقه... لكن أبقى أنا أنطعت منه... أنطعنت بأنوثتي... أنطعنت بكل قسوة ووحشة... ومستحيل... مستحيل أسامحه... مستحييييل...
: آآآآه...
حطيت يدي على فمي أكبت هالشهقات والآهات... كفاية يالخنساء... أكبتي هالبكاء وهالشهقات... البكاء ماراح ينفعك... ماراح يصلح الوضع... مديت يد مرتعشة أغرسها على شعري وأنا أتأوه وأبكي وأرجع أستند عالدولاب... كفاية هالدموع... كفاية...
سمعت صوت وراي... وبقيت مثل ما أنا أحس ببرودة الخشب على جبيني... أكيد هو... أكيد جا يطلب السماح والغفران... يطلبه لأنه نادم على إنه حسب وحسب... وكان غلطان... يطلبه لأنه آذى المسؤولية إلي حملها له عمه... غريب... غريب كيف ندمه وإعتذاراته ما أثرت فيني... غريب...
وقفت شوي شوي ألملم رجولي أوقف على حيلي... وطاحت عيني على إنعكاس صورة وليد بالمراية وإلي واقف إلحين بوسط الغرفة... وبسبب نور الغرفة الخفيف وجهه ما بين... ما أهتميت له... ورجعت أناظر الجرح برقبتي وأنا أجلس عالكرسي... سحبت دولاب أدور على مناديل أو أي شيء أنظف فيه هالجرح...
وما حسيت إلا بيد أنحطت على كتفي... رفعت أنظاري له من المرآيه... وتعلقت أعينا لثواني... نزلت نظري لحظة... لحظتين... أستجمع قوتي... ورجعت أرفعها أبتسم بكل توجع... ولما حاول يتكلم سبقته...
وأشرت بابتسامة: ما بقى على دوامك غير ساعتين... تبيني أحضر لك فطور من مطبخ الجناح؟!
ارتعشت شفايفه وناظرني مشتت... ما قدر يتكلم... ولا تكلم... وقمت بكل ثقل ونسيت جرحي... وقفني لما مسكني ورجعني أجلس على الكرسي...
قال بضعف يدفن راسه بحضني: الخنساء...آآآآآه يا الخنساء... أرجوك أسمعيني... أسمعيني... أدري والله إني غلطاااااااااان... غلطااااااااااان بحقك ... لكن... لكن... أرجوك... سامحيني... ولا تعذبيني أكثر من كذا... كل ثانية وكل لحظة... أحس فيها إني قتلت نفس... أحس إني خنت عمي... خنته وهو إلي أمني عليك... هو إلي ترجاني... وبكى علشان أوافق عليك... أرجوووك ... أرجوووك... سامحيني... سامحيني...

ناظرت بشرود لشعره الأسود وهو بحضني... ودمعت عيني... أبوي بكى وترجى حتى يتزوجني وليد؟!... وليد إلي حسبني بعت شرفي وافق يتزوجني فدى لأبوي... وافق وهو مقتنع بأخلاقي الوسخة... وإلحين... إلحين... لما عرف الحقيقة... هو ندمان لأنه خان ثقة عمه... خان وصية عمه... هو ماهمه شو مقدار ألمي... همه بس إنه ندم لأنه خان وصية عمه... همه يريح باله... فخلاااااص... خلااااص يالخنساء... هذا هو وليد... ضعيف ومهزوز... كفاية يالخنساء... ريحي ضميره... وطمنيه إنه ما آذى مسؤولية عمه... ما آآآذاها... غريبة... غريبة يكون وليد بهالضعف... من يوم عرفت وليد ما تخيلته إنه بيوم راح يكون بمثل هالضعف...
ورغم كذا... قلبي ما حن... ما رحم... الحرقة بصدري ترفض... الكبرياء المجروحة إلي أفتخر فيها وليد من قبل صارت دوري إلحين... الأدوار أنقلبت... أنثوتي إلي طعنها وليد ترفض أسامح وأنسى...
مسحت على شعره ورفع راسه يناظرني بأمل... ينتظرني بلهفة كلمة تريحه...
ابتسمت بحلاوة وأشرت: وليش تبي مني السماح؟! ليش تبي مني كلمة؟! أنا قلتها لك من قبل... راح أكون لك نعم الزوجة إلي تبيها... جارية... خادمة... ظلك... أو طيفك... سمني شو تحب وراح أكون لك... أنت أشر بإيدك وتلقيني عند رجولك أنفذ أوامرك وطلباتك... وما يحتاج تعتذر لي... ما يحتاج أبدا...
أرتعش جسمه وناظرني محتار متألم... وقفت وتركته رايحة المطبخ وهو يضرب الكرسي بكل قوته...
حضرت الفطور عالسريع... وجلست على كرسي طاولة الأكل أنتظر وليد يجي...
بعد تقريبا ربع ساعة دخل وليد... كان بلبس الشرطة... شعره مبلول وجسمه مشدود والألم باين على وجهه... ناظرني لحظة بصمت وجلس مقابل لي...
قدمت له الأكل وصبيت له الحليب... ما حاول يتكلم... عرف إنه ماتت فيني الرحمة أو هذا إلي فكر فيه... وقف بعد دقايق وهو ما أكل حاجة غير قطعة صغيرة...
سألته بأهتمام: ما أكلت حاجة... تبيني أحضر لك شيء ثاني؟!
ناظرني وقال بسرعة: أريد كلمة منك يالخنساء تريحيني فيها...
ابتسمت بألم: وهذا شيء صعب مالي قدرة فيه...
عض على شفايفه بألم ولف طالع... تذكرت ومشيت له... مسكت ساعدة...
أأشر: وليد...
ناظرني محتار وعيونه بها بريق أمل...
أشرت أحبط آماله: أريدك تتصل بعمي سيف... خبره إني ما أقدر أستقبل التوائم هاليوم... أعتذر له عني...
همس: ليش؟!
أشرت أسخر منه وأنا أأشر على جروح رقبتي وآثار الضرب على خدودي: وهذا شو؟! تظن إنهم ما بيسألوني عنه؟! يكفيني الجدة وعمي خالد...
غمض عيونه يكبت موجة ألم وهز راسه موافق... وطلع...
ولأني قدرت أغطي آثار خدودي بطبقة من بودرة الخدود... نزلت لجدتي وسمعتني كم كلمة... على قولتها شو هالخرابيط بوجهي... ابتسمت لها بوجع وأنا أسمعها تتكلم عن زمان أول... وحريم أول... ومر اليوم طويل وممل علي بشكل كبير ... حتى بدون ما أشوف وليد للساعة 8 بالليل... ولأني رحت غرفتي أريح ماحسيت إلا وأنا نعسانة... وما سمعته لما طلع باليوم الثاني...
الأحد...
28-10-2007...
الساعة 11 بالليل...
كنت جالسة بالصالة مع جدتي وعمي خالد... وكان عمي وهو يمشي يرفع موبايله يطلب رقم على كل دقيقتين...
قال عمي: مدري؟! مدري وين هالولد...؟! ما يرد علي...
قالت جدتي وهي وحدها قلقانة: صلي عالنبي يا ولدي...
رد عمي وهو يجلس: اللهم صلي عليه وسلم... يا خالة أحس بقلق... أحس بنغزة تأكد لي إن وليد فيه شيء... اليوم بطوله من الصباح ما رجع... حتى أتصال يطمنا فيه ما أتصل...
كتبت لعمي: يمكن يكون بدوريه... أتصلت على مكتبه؟!
رد عمي: ما في من يرد على المكتب هالحين... وموبايله مسكره... حتى ربعه يقولون ما يدرون عنه...
تساءلت وين يكون وليد بهالوقت؟! عمي يقول مو من عادته ما يقول له عن تأخيره بدورياته...
كتبت: يمكن تكون دورية مفاجأة...
تنهد عمي وهو يقول بتوتر: آآآه يا بنتي... ما كنت أبيه يشتغل هالشغلة الخطيرة... بس وليد عنيد ويقول نفسي فدى وطني... وكم مرة يجينا من دورياته إما مجروح أو مضروب...
حسيت إلحين بخوف على قلق... وأنتظرت معهم نسمع خبر... حتى وصلت الساعة وحدة وتحركت جدتي بضيق...
قالها عمي: يا خالة روحي نامي وبنطمنك على وليد...
هزت راسها وهي تعبانة: حاشا لله... ولدي ما فالبيت تبيني أرتاح وأنام؟!
قال عمي يحاول فيها: أنتي تعبانة والساعة إلحين وحدة... ياللااا يا خالة... روحي نامي وبخبرك لما يوصلنا بالجديد...
وبعد ما أقنعها عمي تروح تنام بغرفتها ويطمنها على وليدطلعت وهي تدعي بصوت مسموع... دعاها زادني رهبة على أمل برجعة وليد... شعوري كان مهزوز ممزق... كنت جامدة بجلستي والخوف جمدني...
وبعد ربع ساعة حسيت بالنعاس يجافيني ونمت على جلوسي بالكنبة...

سمعت صوت يناديني: الخنساء يا بنتي... قومي...
كان صوت عمي خالد... قمت نعسانة وتذكرت...قفزت وكتبت بسرعة: رجع وليد؟!
هز راسه وقال بوجع: لا... ما رجع... لكن...
مسكت يده وأنا أحس بشيء غريب...
كتبت: شو فيه يا عمي؟! صاير لوليد شيء؟!
قال وهو يمسح على شعري: لا تخافي يا بنتي... كان بدورية مفاجأة وواحد من الحثالة غرس بصدره زجاجة خمر...
أرتعش جسمي... وبلعت ريقي... رغم كرهي لوليد ومعاملتي له يبقى هو ولد عمي... من لحمي ودمي... وحزن عمي من حزني... وحتى الوجع بعدوي ما أرضاه له...
كتبت: الساعة كم إلحين؟! ووين هو إلحين؟!
قالي يوقفني: الساعة 3 الفجر... وهو إلحين بالمستشفى... يلاااا يا بنتي روحي ألحين أرتاحي... أنتي تعبانة... بروح له الصباح وبطمنك على حالته...
كتبت: بروح معك...
قال: الزيارات تفتح العصر...
كنت بعترض لكنه قالي بتعب: يا بنتي هو كلمني يقول إنه بخير... وإذا بتجون تعالوا العصر... والصباح الزيارات مغلقة...
هزيت راسي وجسمي متكسر من نومتي عالكرسي... وطلعت أريح بغرفتي...
أرتميت على السرير أتنفس بقوة... ما فهمت مشاعري... ما فهمت خوفي... قلقي... وألمي... ما فهمت هالمشاعر... مديت يدي للمصحف أحاول أهدي دقات قلبي وأقرأ الكلمات إلي تطمني وتنساب بعروقي أنسياب الماء...
رجعت راسي وأسندته وحضنت المصحف لي... يارب يرجع وليد بخير... لأبوه وجدته وأهله... أدري إني ما زلت شايلة عليه بس ما أتمنى له يصير له مكروه... أهله محتاجين له... محتاجين لوجوده بس أنا... أنا مازلت رغم كذا متألمه منه...
الأثنين...
29-10-2007...
الساعة 4 العصر...
أول ما أنفتحت الزيارات بالمستشفى كنت مع عمي وجدتي بالسيارة... ولما قربنا من الغرفة دق قلبي بقوة... وخانتني شجاعتي أدخل... وقفت عند الباب مترددة... لا تسألوني عن سبب ترددي وربكتي... بس حسيت بهالمشاعر ولفيت بسرعة لوراي أدور على عمي... وأنقذني عمي من ربكتي و مسكني ودخلني معاه...
وهو يهمس بطيبة: خلك شجاعة ما فيه إلا الخير...
ودخلت شوي شوي... وشفت بالغرفة هدى وعمي سيف... وكانت جدتي واصلة له وتحضنه ومنها ماقدرت أتبين ملامحه...
جدتي هامست بدعاوي وعتاب مرة وحدة: الله يحفظك يا أبوي... الله يطمني وتقر عيني بشوفتك صحيح ومعافى... ما كان أحسن لك تهجع (تجلس) بالبيت... بدل ما ترهب هالبنت الضعيفة عليك؟! وتخليها قلقانة عليك نهار وليل؟!
ضحك وليد شوي وطمن جدتي: يمه هذا شغلي... ومستحيل أستغنى عنه...
ولف لي وبعيونه أكبر سؤال... أكيد يتساءل عن قلقي الغريب... وألتقت أعينا لحظات... أرتبكت وأنا أحس بأحساسيس مو المفروض أحس فيه... أحاسيس محظورة بالنسبة لي...
قالت هدى بدفاشة: سلمي على زوجك...
وناظرتني متوترة لأنها شافت فيني التردد والألم... تنهدت بالخفيف ومشيت لوليد بكل ثبات... كان مربط بالشاش من صدره وكتفه اليمين... أرتعشت شفايفي وقربت أكثر... أستجمعت شجاعتي وبست خده أتحمد له بالسلامة...
أشرت: كيفك إلحين؟!
همس: بخير... كيفك أنتي؟!
أشرت: بخير الحمد لله...

وسكتنا... ما كان عندنا كلام علشان نقوله... فبقيت بالظل حتى جات عمتي وبنتها نشوى وطلعتني من ظلي...
قالت تناظرني بحقارة: وهذي شو فايدتها هنا؟! ما أظـــ....
سكتها عمي سيف بصرخة فاجأتنا: سلمى والله... والله إذا تكلمت زيادة بتشوفين....
وسكتت عمتي منفوخة من القهر...
همس وليد وقال: الخنساء صبي لي كوب ماي...
صبيته له ومن باب الدور الزوجي شربته الماي...
عمتي قالت تهامس: من يشوفها يقول وحدة مهتمه فاهمة وإلا هي بالأصل جاهلة... متخلــــ...
وهنا مو عمي إلي صرخ... وليد إلي همس بشرر: عمتي الله يخليك هالكلام ما أبي أسمعه مرة ثانية...
أنتفخت أكثر وطلعت حرتها على بنتها تقول لها بصرخة: أعطيني كوب ماي...
عضيت على شفايفي... وكنت بضحك... والله موقفها ضحكني... ولما شافتني أبتسم عصبت وأحمرت ... وما شفناها إلا وهي طالعة من الغرفة ساحبة بنتها الظل...
ضحك عمي سيف وقال: تستاهل... خلها تتأدب وتثمن كلمتها قبل لا تطلقها...
: ههههههه... أمففف...
كبت ضحكتي من موقف عمتي... ولفيت لوليد ... وفجأة سكنت لما شفت نظرات وليد علي... مازال بوجهه سؤال محيره... طولنا بالنظرات وما حسيت إلا عمي سيف يتمسخر علينا...
يقول بدفاشة: هلووووو إحنا هنا... ممكن نتعرف؟!...
ضحكنا كلنا على تعليقه... ولفيت منحرجة أسكن دقات قلبي...
قالت هدى معصبة عليه: سياف أقول خلنا نطلع... نفسي بعصير ينشف ريقي...
وسحبته معاها للخارج... أما عمي خالد فقال بكل هدوء: أنا بخليكم تاخذون راحتكم... يمه تطلعين معي؟!
وقفت الجدة بصعوبة وقال: إيه يا ولدي... خلي العرايس بروحهم...
وطلعوا بكل بساطة... وبكل بساطة وقفت بوسط الغرفة وخدودي حمر من الحرج... أنا مو محتاجة أجلس مع وليد... لفيت بطلع بلحظة جنون ورا أهلي...
لكني سممعته يهمس: ما يهمك يالخنساء؟! ما يهمك تسمعي شو أخباري؟!
بلعت ريقي ورجعت أناظره وسكت ومارديت عليه...
رجع يسأل محتار: عيييل شو هالقلق إلي سمعته من جدتي؟!
ما عرفت شو أرد عليه إلا وأنا أأشر بغباء: أنت ولد عمي إذا كنت ناسي...
تنفس بقوة وشفت يده تنضرب بكل قوة على السرير يكبت قهره...
تنهدت وسألته بالإشارات بعد ما رجعت أمشي بكل بطء... أحاول أبين له أهتمامي: شو صار لك؟!

ناظرني بأسف وإحباط... وقال وهو شارد: واحد من هالحثالة فاجأني وأنا أقتحم عليهم المكان بزجاجة خمر مكسورة... غرسها أسفل كتفي...
وأشر على كتفه وأنا بلعت ريقي بخوف...
وأشرت برجفة: وليد...ليش... ليش رميت نفسك بهالمهمة؟!
مسح على شعره وقالي بصوت خفيف: أقربي يالخنساء... تعالي هنا...
وقفت مرتبكة وهو يأشر على حافة السرير...
طلب مني للمرة الثانية: تعالي...
ترددت ثانيتين... و بالأخير قربت وجلست محتارة...
قالي يمسك بيدي ويهمس: تدرين ليش رميت نفسي من هالمهمة؟!... من قهري... من ألمي... من رفضك لي ولأعتذاراتي... من إحساسي بكرهك إلي يسمني... رميت نفسي بدون تفكير...
سحبت يدي وقلبي يدق بكل قوة... وناظرت لبعيد وأنا أفكر... كفاية عذاب يالخنساء... ريحيه وسامحيه... لكن... ليش بنفسي هالقد من حب تعذيبه... حب تذويقه من كاسة الألم...؟!
رجع يقول: الخنساء... ناظريني...
رجعت أناظره وهمس بأمل: قولي إنك سامحتيني... سامحتيني على كل شيء... قوليها...
تعلقت أعينا لحظات... وابتسمت بوجع... بوجع أأكد له إني مازلت قوية... مازلت مسجونة عنده... وهو سجاني إلي ظلمني... وهزيت راسي بالرفض...
غمض عيونه يكبت موجات الألم... ويغرس راسه على السرير...
فتحها بسرعة وتنفس بكل قوة: ما عدت قادر يالخنساء... ما عادت تكفيني الكلمات...
وقفت ولفيت معطته ظهري ونزلت دمعة يتيمة لخدي... ليش كل ما رفضت طلبه تنغرس طعنات الألم بقلبي؟!
الثلاثاء...
30-10-2007...
الساعة 4 العصر...
استقبلت أنا وجدتي وليد عند باب البيت... كان يبان عليه ضعيف وشاحب من الألم... ويغتصب أبتسامة لجدتي وعمي كل ثانية وإلحين... وبعد ما حصل بوسات ودعاوي من جدتي...سندته مع عمي نوصل للمصعد ونطلع لجناحنا...
قال عمي يعاتب: شفت يا ولدي عاقبت كلامك وعنادك... فهالمرات سلمت... لكن...
لف وليد لعمي يقاطعه وإلي حسيت فيه هادي بشكل كبير: أرجوك يا أبوي... ما بي بهالوقت عتاب... ما أبي إلا أرتاح...
تنهد عمي وسكت... دخلنا الجناح وقال وليد لأبوه: لا تتعب حالك بنام وبشبع نوم... بس أنت لا تهتم... ولا تكدر نفسك... طيب؟!
قال عمي: وكيف ما تبيني أهتم وأتكدر؟! الخنساء يا بنتي أهتمي فيه... ما أوصيك... وهذي أدويته... إذا زاد الألم خبريني... تمام؟!
هزيت راسي وطلع هو من الجناح...
ارتمى وليد على الكنب بتعب...
أشرت له: تبيني أحضر لك شيء تاكله؟!
هز راسه بلا وقام على حيله يمشي متسحب للغرفة... وقفت بمكاني أغمض عيوني متألمة... ورجعت أفتحها أتنهد وطلعت لوليد... شفته رامي نفسه على السرير وهو مغمض عينه...
أخذت الغطا وغطيته... همس وهو ما تحرك ولا فتح عينه: ما كفاك تعذبيني بهالطريقة؟!
تراجعت بدون كلمة وطلعت من الغرفة...
.

.
تقريباً على الساعة 2 الفجر ...
قمت من نومي مفزوعة... حسيت بنغزة بصدري... ما أدري السبب وتميت أناظر السقف... وبالأخير إستسلمت وقمت رايحه للغرفة الزرقا... فتحت الباب شوي وبعدها دخلت... المكان بارد مرة... مشيت للسرير... ولاحظت بضوء اللمبه إن وليد مرتمي عالسرير بإهمال... كان نايم ببنطلون البيجامة والقميص مرتمي عالأرض... والفرشمعفوس ومرماي على جنب...
قربت من وليد ولاحظته يتنفس بصعوبة... المكان بارد وهو بدون غطا وبدون قميص... خليت يدي على جبينه... ولاحظتها حارررة مرة... عرفت وقتها إن الحمى صابته...
جلست على طرف السرير أفكر شو بسوي... أنزل وأقوم عمي أو شو؟!... بس بالأخير رحت طفيت التكيف... وجبت منشفة وبللتها وحطيتها على جبينه ...وصرت لساعة كاملة أغير له الكمادات... كان يهذي بكلام مو مفهوم أبداً طول ما أنا جالسة أناظره... وتبلل من العرق... الدنيا برد وهو جسمه حارررر... ونفسه سريع...
مسحت على شعره بشرود... رغم كل لحظة تمر علي أحس بطعنات بقلبي... لكني حاولت أكون قوية...
قمت أجهز شوربة... وأخذتها له... لاحظت من بين الأدوية إلي حطها عمي بالصالة حبوب خافض الحرارة ...كان تنفسه بدا ينتظم شوي... ضربت خدوده بهدوء أريده يقوم... وبعد محاولات فتح نص عين... حطيت وسادة وراه وهو يأن من الألم لأنه تحرك مو مرتاح...وجلست على طرف السرير مقابل له... وبدفعات صغيرة أحاول أشربه من الشوربة...
بعدها قال لي والحمى سكرته: كفاية... ما عدت قادر أبلع...
بعدت الصحن وأخذت الحبوب وأعطيتها له وشرب الماي ومنها غط بالنوم... ولساعة ثانية تميت أغير الكمادات حتى إني نمت على طرف السرير من السهر...
.

.
سمعت صوت الآذان يصدح ويعلو... وخاصة إن المكان هادي... حطيت يدي على جبينه ولاحظت إن الحرارة إنخفظت... وقمت تسحبت أصلي... ورجعت له وضربت خدوده بلطف حتى يصحى... رفرف بعينه وفتحها يقاوم النعاس...
أشرت له: أذن الفجر يا وليد...
حاول يقوم وهو يحس بجسمه متخدر... أسندته حتى يجلس...
سمعته يقول بهمس: أكيد الشاش مليان دم...
وصحيح لاحظت بقعة دم كبيرة على أعلى صدره... وأكيد السبب تحركه السريع بنومه وضيقه من الحمى...
أشرت له: بجهز لك الحمام... خذلك دوش ساخن بيفيدك وخاصة بتنزل الحرارة أكثر... وبربط لك الجرح مرة ثانية...
ما جاوبني لأن كل همه يقاوم سكر الحمى والألم...
رحت وجهزت الحمام (تكرمون) ورجعت له وأنا أسنده...
أشرت له: حاسب لا تصب الماي بالجرح...
إنتظرته لعشر دقايق وبعدها طلع وليد وهو لاف منشفة حوالين خصره ومنشفة رامنها بإهمال على كتفه ويبان عليه بدا يصحصح شوي...
أشرت له بعصبية وطلعت مني عفوية: وليد ...المكان بارد وأنت طالعة كذا متبلل...
دخلت الحمام وأخذت منشفة أكبر هالمرة ولفيتها على كتفه... ورحت لغرفة التبديل وأخذت بيجامة... طلعت له وأعطيته ورجعت للحمام أخذ مقص من الصندوق... بعدها طلعت وشفته جالس عالكنبة ولابس البطلون والقميص بيده... شكل الحركة تعبته... هزيته شوي بعيد عن كتفه... وفتح عيونه يناظرني...
أشرت له: بنظف لك الجرح...
همس: لا... بنظفه لوحدي... كفاية ...روحي نامي...
أشرت: وكيف بتلف الشاش عليه؟؟
قال بتعب: روحي يالخنساء... لا تتعبين حالك..
أشرت له بعنف: لا... أجلس ساكن علشان ألف الشاش...
وجلست جنبه بعد ما جبت الشاش والمعقم... وبديت أقص الشاش القديم وهو سكن... يمكن لأنه يدري إنه ما بقدرته ينظفه لوحده أو لأن التعب خدره... ولما فكيته فتحت عيوني مذهولة من ثغرات الجروح... بلعت ريقي متألمة...

حطيت المعقم ولفيت له الشاش وضبطته... وساعدته بلبس القميص...وأسندته ليتوضى وتركته بعدها يصلي... رحت للمطبخ... وجهزت عصير برتقال طازج حتى يستفيد من الفيتامين... ورجعت له وحصلته يطوي السجادة... ساعدته ينام عالسرير براحة أكثر...
أشرت له: إشرب هالعصير راح يفيدك...
هز راسه بتعب... كان مفعول الدواء بدا يقل ...فجلست على طرف السرير... وصرت أشربه بجرعات حتى هز راسه رافض... غطيته بالفراش وناظرته لدقايق وهو يصارع النعاس...
قال لي بهمس أرهبني: ما كفاك... حتى... بكل... نفس... باردة... تداويني...؟!
وما كمل كلامه لأنه غط بالنوم... طلعت حاملة العصير والكمادات وجلست بطاولة المطبخ... وحطيت راسي على الطاولة وبكيت... والله من كثر ما أبكي أحس بعيني تألمني... وبراسي يدوخ... والله ... ما كنت باردة لما داويته... لما كنت معاه طول هالوقت... كنت كل لحظة أحس بألمه ووجعه وأحاول أسكن هالألم بمداواته... وأهتمامي فيه... تنهدت بألم... ورغم كل إلي صار قمت وتسحبت لغرفتي ونمت...
.
.
((يتبع))
الأحد...
4-11-2007...
ناظرت الساعة 2 الظهر... عمي خالد عنده شراكة شركة للأقمشة هو وعمي سيف... ورغم كذا يحب يتواجد على الغداء بالبيت... عكس وليد إلي رجع لشغله بالأمس... بعد مناقشات حادة مع أبوه... رجع يرمي نفسه بمهماته وشغله... ورغم كذا ما وقفت نظرات الإعتذار منه... إلا إني مازلت بقلب متجمد... كل إلي مر بوليد هو نغزة ألم وقلق عليه لأنه يبقى ولد عمي... بس إلحين أستمديت من بعدي عنه قوتي... ورجعت أعامله ببرود وجمود...
هزيت راسي أنفض أفكاري... وقمت أجهز السفرة لي ولعمي لأن جدتي اليوم طالعة تزور أخوها المريض...
وكنت بشغلي لما سمعت صوت باب البيت ينفتح...
ناداني عمي: الخنساء يا بنتي... في ضيوف معي... ألبسي شيلتك وتعالي...
قمت وشلت شيلتي ولبستها... كنت لابسه جلابية بلون ليموني ووردي وتطريزها إبداع... ورحت لعمي بالصالة... شفت مع عمي شاب طويل لابس دشداشة سودا وبلا كمه... شعره مسرح بعناية... وكان يلبس نظارات طبية... بس وجهه ما كان غريب عني كثير... والثاني كان يلبس بنطلون وقميص أسود... وكان يلعب بموبايله... ووجهه كمان مو غريب علي كثير...
قال عمي بابتسامة: يا بنتي... تعالي... قربي لا تستحين...
مشيت لهم وقربت... وقف الشاب صاحب الموبايل بعد ما رماه عالكنبه...
يتبع ,,,,
👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -