بداية

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -104

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي - غرام

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -104

دخَل سلطان وكعادتِه رمى سلاحه الشخصي مع مفاتيحه على الطاوِلـة الخشبية و أتجه للغرفة العارية من كُل شيء وتضمُ تُركي ، أتجه خلف الكُرسي المربوط به وفتح قيْدِه ، جلس أمامه بصمتْ ،
أنحنى تُركي بوجهه ليجهش بالبُكاء كطفلٍ صغير ، لا أحد حوله ! لا أُم و لا أب ! لا أحَد يشعُر بألمِ تُركي الذي لا نفهمه ، أو كيف يشعُر ؟ لا عُذر يُبرر له ما فعَل و الله لا عُذر يشفي حُزن الجوهرة و كسرُها الذي جفَّ و صعبٌ على الحياة أن تُبلله !
لكن لِماذا ؟ لِمَ فعلت هذا ؟ كيف نسيْت الله و فعلتُها غدرًا من وراءِ ظهر أخيك ؟ كيف فقط قُل ليْ أيُّ الأعذار ستُخفف وطأة مصيبتنا !
سلطان بهدُوء الأموات الذي يلفُهم لولا بُكاء تُركي : أخوانك يسألون عنك ! قولي بس وش أسوي فيك ؟ أنت تدرِي أني مقدر أشتكي عليك وماعندي شهُود ! لكن الله ماراح يضيِّع حق أحد ! ولا راح أرضى أنك تبقى هنا وتكرر اللي سويته مع الجوهرة بغيرها !! راح تعترف يا تُركي ولا كيف ؟
تُركي ولا يردُ عليه الا بالبكاء المُزعج لكل روح إنسانية ، بُكاء يُفكِك قسوة الحجر .
سلطان عقد حاجبيه : أعترف لأن خلاص محد راح يفيدك لا عبدالمحسن ولا عبدالرحمن ! كلهم يدورون عليك و عبدالمحسن أكيد ماراح يسكت والله يعلم وش مخطط يسوي فيك !
تُركي ببحة قاتلة جعلت سلطان يشتُم كل هذه الحياة لأنها تُشبه بحة الجوهرة في البُكاء : أذبحوني ... ماأبي هالحياة .. ماأبيها
سلطان بحدة : و لا هي تبيك ! محد يتشرف أنك تمشي جمبه حتى الشوارع تكرم منك !!
تُركي ببكاء يتخلى فيها عن رداء الرجولة الشرقية : والله أني أحبها
سلطان و نفسه مُرهقة من هذا الحديث ، وقف ليُعطيه ظهره ويلفُظ بحرقة : بنت أخوك ! فاهم وش يعني بنت أخوك !!! .. ألتفت عليه ليصرخ ... مايجوز لك .. أفهم أنها ما تُحل عليك
تُركي بصراخ آخر : طيب أحبها !! والله أحبها ... أقسم لك بالعلي العظيم أني أحبها غصبا عني .. غصبًا عني أحبهاا
سلطان بسُخرية غاضبة : تعرف عن مين تتكلم !! تتكلم عن زوجتي يعني ممكن أحرقك في جحيم حبها عشان أعلمك كيف تحب
تُركي بصوت مُضطرب وخافت : ماتفرق معي .. ماعاد تفرق .. أما حياة مع الجوهرة أو فلا .. ماأبي هالحياة
سلطان : لا تحدني أجرِّك الحين للتحقيق وأخليهم يعتقلونك رسميا وساعتها ماراح يفيدك هالحُب
تُركي و الجرُوح تنتشر على وجهه ، رفع عينه بإتجاه سلطان : قلت لك ماتفرق
سلطان بغضب : عقوبتك مثل عقوبة الزاني المحصن يعني القتل !!
تُركي : ماتقدر تثبت شيء أنا والجوهرة نحب بعض والله نحب بعض
سلطان و تنرفزت حواسه بأكملها ، دفع الكُرسي الذي كان جالسًا عليه و هو يُشير بسبابته : يعني ماراح تعترف
تُركي ودمُوعه مازالت تُبلله : أثبت أنه الجوهرة ماتحبني !!
سلطان بحدة : لآ تنسى أنك أغتصبتها
تُركي : لأ هي جتني
سلطان بغضب : أغتصبتها
تُركي : لأ
سلطان و يُكرر عليه حتى يستفزه ويعترف : أغتصبت بنت أخوك وأنت عارف أنه حراام
تُركي : لأ .. والله لأ
سلطان : أغتصبتها
تُركي ببكاء : لآآآآ أنا ماأغتصبت أحد
سلطان صرخ : أغتصبتها
تُركي : لأ
سلطان : جيتها في آخر سنة لها بالثانوي وأغتصبتها لأنك مالقيت أحد في البيت !! لأنك جبان مقدرت تسوي أفعالك الا بغياب أخوك
تُركي بجنُون : لأ
سلطان : أنت اللي تتحمل الذنب كله ! أنت اللي راح تتعاقب وأنت يا تركي اللي بتطيح في شر أعمالك
تُركي يهز رأسه بالرفض : كذااب .. لأ ..
سلطان : كلهم بيوقفون ضدك !! أخوانك و أهلك كلهم بيستحقرونك ! بتموت في فضايحك يا تركي
تُركي يضع كفيْه على أذنِه و طريقةُ الجوهرة تُعاد بهيئةٍ أخرى ، يكرهُ هذا التشابه بأفعالهم ، يكرهه أشد كُره ليصرخ بغضب : روح وقول للقاضي والله أنا أحبها ! وشوف وش بيسوي فيك !
تُركي مازال واضع كفوفه ليسدُ إذنه وهو يرفضُ الإستماع له
سلطان : أغتصبتها !!! أعترف وخلك رجَّال لو مرة وحدة !! ... أنت أصلاً حرام عليك الشارب !!!! اللي عمره 11 سنة أرجل منك ... *صرخ به* أعترررررررررررررف لأن لو وصلت أمورك للمحكمة صدقني ماراح تفلت من العقاب !! أعترف باللي سويته و لاتنسى مين أنا !! حط في بالك دايم إذا أشتكيت وش بيصير ! خل هالشي في بالك
تُركي : ماسويت شي .. ماسويت شي .. ماسويت شي ... كرر كلماته كثيرًا في جنُون.
سلطان : أغتصبتها ... أنت يا تركي أغتصبتها بدون رضاها
تُركي صرخ : لأ
سلطان : إلأا أغتصبتها .. أغتصبتها و 7 سنوات تتحرش فيها !!
تُركي : لأ .. أنا ماني كذا
سلطان صرخ : أغتصبتها
تُركي بصراخ يبكي : لأ .. والله لأ
سلطان بعصبية : لآ تستهين بإسم الله على لسانك !! لا تحلف فيه كذب .. خاف ربك في نفسك
تُركي بتعبْ : لأ .. لأ
سلطان بهدُوء : أغتصبتها يا تُركي و راح تلقى جحيم هالدنيا قدامك
تُركي : لأ . . ماأغتصبتها
سلطان صرخ : إلا أغتصبتها
تُركي : ماأغتصبتها
سلطان يشد على أسنانه لينطق من بينها : إلأا أغتصبتها
تُركي بإرهاقٍ بكى : أيهه بس والله ماكنت أبي أسوي كذا .. هي والله اللي خلتني أحبها .. شفتها ومقدرت أمسك نفسي
سلطان بغضب صفعه ليرتمي على الأرض ، إعترافه وإن كان متوقعًا إلا أنه شطر كل ذرة رحمة في قلبه : هان عليك أخوك !! هان عليك ربك قبل كل شيء !
تُركي : ما هو بإيدي
سلطان بصرخة أرعبته : هذا إغتصاب عارف وش يعني أغتصاب !!! كيف تنجذب لها وهي بنت أخوك ! كيف تشوفها بهالطريقة القذرة !!!!!!
شدَّهُ من ياقتِه : راح أجيب أخوك وقدامه بتعترف وبعدها يا تُركي أطلب من الله حسن الخاتمة !!
،
في أطرافِ الليل المتسرِب بين جُدرانِ الوحدة ، غادر الرياض و ترك قلبٌ من بعدِه مثقُوب ، ترك أنثى غجريـة يرفرفْ قلبها على شوكٍ منثُور ، ترَك حُزنًا مُتلبِسٌ في عينيْها ، تركها و لم يعرفُ ثمَن ضحكاتها و لا فرحها ، لم يعرفُ كيف يُجازِي الحياة بها إلا بالجرح !
منذُ الأمس وهي لم تخرجُ من غرفتها ولم يدخلُ جوفها إلا الماء ، منذُ الأمس وهي تبكِي بحُرقة و تنامُ لبُضعِ ساعات وتستيقظُ باكية ، منذُ الأمس وهي لا تستوعبُ فجيعة ما يحصلُ بها ، منذُ الأمس و هي ميتــة نسبيًا بعد أن حشرُوا الأشواك في قلبها .
منذُ الأمس وهي ساقطة على سريرها لم يبقى قطعةٌ قطنية لم تتبلل ببكائِها ! أحترقتْ وغابُ وهجُ هذه الحياة بعينيْ ،
جلست على سريرها وهي تحتضنُ الخُدادية المُزخرفة بألوانٍ مُبهجة تجلبُ العصافير وأصواتها ، وهذا المفروض إلا أنَّ البُكاء أفقد القُطن شهيتهُ بالحياة ،
يهدأ بكاءها لحظة و يعتلي مرةً أخرى ، يزرعُ بها سمُوم الحقد و ينبتُ بقلبها ألفُ غصنٍ من الحزن ذابل ، يالله " قد إيش موجوعة منك "
أرتجفت وهي تُعاود بُكائِها ، خرج صوت كلماتها بين بُكائها وهي تلفُظ : آآآآه
من يُطهِر قلبي من هذه الأشواك ؟ من هذا الحُزن ؟ من يُخبرني كيف أبتسم مرةً أخرى ؟ تعبت و ربُ هذه الحياة مُتعبة من كل هذا ! لِمَ كل الأشياء التي تُحزنني هي منك يا عبدالعزيز ! لِمَ كل الأشياء الحزينة التي ليست مِنك هي تتواطؤ معك حتى أبي !! أبي الذِي أتيتُ من ضلعه تواطؤ معك و مع عذابِي ! يالله أكان هذا عقاب الطيش ؟ أكُنت أستحق كل هذا ؟ منذُ اليوم الأول الذي رأيتُك به و كسرني بها أبي بعقابه إلى هذا اليوم و أنا لا أفهمُ لِمَ كل شيء يقف معك يا عبدالعزيز !
حتى أنا ! حتى أنا لا أعرف كيف أستحقرُك ؟ أو كيف أُحزنِك ! حتى " أنا " تعصيني و أُحبك ! لِمَ أُحبك ؟ " ليه "
أرتفعت شهقاتها وهي تسألُ نفسها " لِمَ تُحبه "
و إني فهمتُ حديثهم عندما نطقُوه " إن الله يُمهل ولا يُهمل " أمهلني الله الكثير حتى أُصحح أخطائِي ، أمهلني ولم أتعلم ! أتبعتُ عنادِي وحقدِي حتى أكسُره و بالنهاية كسرنِي ! و بالنهاية كسرني حتى أبي .
و أنا الذابلة بالحُب من رأسي إلى أقدامِي : كسرُوني ، الله عليك كيف قدرت يا عزيز تجرحني بهذه الطريقة ؟ و ربُ هذا الحُب لِمَ تستهينُ بقلبٍ وهبك حُبًا سرق من الحياة كل شيءٍ لأجلِ ان يعيشك !
هان علِيك كثير بأن تُسقطني حُزنًا !! هان عليك و أستسهلُه قلبك ، ليتَك شعرت بحُرقة كلماتك على قلب أنثى تعشقك مثلي ،
. . منك لله يا أناني .
،
جالِس على الأريكة النحيلة وبين يديْه السبحة و هالاتٌ من الضيق تطوف حول عينيْه و تعرجات جبينه تكشفُ حزنه ، تقدَّمت إليْه بكأس شايْ ساخن و رائحة النعناع تفوح منه : لا تحمِّل نفسك فوق طاقتها
أخذ الكأس و جلست ضي على الطاولة التي أمامه : لا عبير ولا رتيل طلعوا من غرفهم اليوم
ضي بضيق : حاولت أكلم رتيل بس مافتحت لي الباب
عبدالرحمن بهدُوء : ماعدت أعرف وش الغلط ووش الصح
ضي تمسك كفِّه لتشد عليه : مو أنت اللي علمتني أنه الأشياء اللي تزعجنا نسويها عشان نحفظ أنفسنا !! و رتيل أكيد فترة وبعدها راح تتفهم الموضوع وتعرف أنه هذا بمصلحتها
عبدالرحمن : اللي شاغل بالي أنه اللي صار , صار من عز ! هو حتى نفسه يجرحها ، كيف رتيل ؟ .. أكيد سمَّعها كلام يسم البدن ! أكيد قالها شيء خلاها تثور بهالطريقة ! ... عز يأذي نفسه ويأذي اللي حوله دايم
أنزل الكأس ليُردف بحزن : وأنا كل ماقلت هانت جد علمِ جديد
ضي أخفضت رأسها و هي التي تتألمُ من ألمه وتشعُر بحُزن بناتِه وبناتِ قلبه ،
أردفت : كل شي بيتصلح إن شاء الله
عبدالرحمن وقف ولكن يدِ ضي قاطعت إتجاهه : لآ تضغط عليها ، أتركها هاليومين
عبدالرحمن بغضب : مقدر أتحمل وأصبر !! هذي بنتي يا ضي كيف أسكت وأنا أشوفها كذا .. ترك يدها وصعد للأعلى ،
ضي تلألأت دمعة على خدها ، لاتبكِي من أجل ما يحدُث ، تبكِي من ألمِ الأب على إبنته والتي أفتقدتهُ طوال حياتها .
طرق الباب ولا ردُ يأتيه ، بصوتٌ خشن موجوع : رتيل ..
رفعت عينها بإتجاه الباب الذِي يُطرق ، وصوتُه يلتهم كل خلية في عقلها ! يلتهمُه ويُحزنها !
عبدالرحمن : رتيل عشان خاطر أبوك أفتحي الباب
رتيل ولا ردٌ تنطقه و دمُوعها تواصل الرثاء .
عبدالرحمن بهمس : رتييل .. تعرفين أني بأضعاف حزنك أتألم ! أفتحي واللي تطلبينه بسويه حتى لو ماني موافق عليه !
رتيل مع كلماته الخافتة أزداد بُكائِها ، أتجهت بخطواتٍ مُرتجفة للباب !
عبدالرحمن بنبرة هادئة : هذي أول مرة يا رتيل تطولين فيها بزعلك مني !
رتِيل ودَّت لو أنها تفتحُ الباب ولكن بها من القهر ما يجعلُها تكره النظر له وللجميع ، بها من القهر ما يجعلُها تُفكِر بصورة شيطانية لا علاقة لها ببراءة عينيْها ، بها من القهر ما يجعلُها تُفكِر بفعلٍ خبيث توجهه لعبدالعزيز تعلم هي أنها ستؤذي نفسها ولكن الأذى الأكبر سيكون على ظهرِ عبدالعزيز ، أعرفُ أن من يُحب لا يؤذي غيره ولكن أنا ؟ أنهنتُ بما فيه الكفاية.
جلست على الأرض الرُخامية وهي تضع ظهرها على الباب وتسمعُ لحديثِ والدها ببكاءٍ شديد.
،
في صباحٍ فوضويْ بغُرفةِ يُوسف ، ركَل بنطاله الجينز من على الأرض وأخذ يُغلق أزاريره بعجَل وفتح هاتفه ليتصل عليها ويطمأن ، ثانية تلو ثانية ولا ردّ ، نزل بخطوات سريعة ليكتبُ لها رسالة " بس تصحين كلميني "
أدخل هاتفه بجيبه وألتفت عليهم مجتمعين جميعًا على طاولة الفطُور ،
رفع حاجبه : صباح الخير
والده : صباح النور
يوسف وهو واقف سكب له من الحليب الساخن
والدته : أجلس وأفطر زي الناس
يُوسف : مستعجل
والده بسخرية : عسى بس خايف يطير منك الدوام
يوسف بضحكة أردف : أخاف أنطرد
والده أبتسم : لا جد وش عندِك ؟
يُوسف : يمكن أروح حايل فماأبي أطلع متأخر وتظلم عليّ في نص الطريق
والده : أنتبه على نفسك
يُوسف : إن شاء الله ، يمه تكفين خلي الشغالات يرتبون الغرفة مررة قذرة
هيفاء وهي تأخذُ قطعة من الزيتون الأسود و تُردف : ارحمني يالنظيف
يُوسف : أقول كملي أكلك لا أخلي الزيتون يطلع من خشمك
هيفاء ضحكت ليتناثر العصير الذي كانت تشربُه من فمِها
ريم بتقزز : يا مقرفــــــــــــة
يوسف : هههههه
بو منصور وقف : يا مال اللي مانيب قايل .. وخرج.
والدتها : أحترمي النعمة في أحد يضحك وهو يشرب
هيفاء تمسح بقايا العصير : كله من هالحقير
يوسف ضحك وأردف : أحمدي ربك أنه منصُور مو هنا ولا كان خلاك حشرة وعطاك محاضرة بالأتيكيت ... يالله مع السلامة .. وخرج مُتجهًا لسيارته ، أخرج هاتفه الذي يهتز وفتح الرسالة " معليش مشغولة شوي "
شد على شفتيْه و بقيْ متوقفًا لثوانِي طويلة ، أرسَل " كنت بقولك أني بجي حايل "
ثواني طويلة حتى أهتز هاتفه و فتح الرسالة " حيَّاك ، طبعا مجرد زيارة "
بدأ ضغطه بالإرتفاع والغضب يعقد حاجبيْه ، ركب سيارته مُتجهًا للشركة و مُتجاهلاً الطريقُ الآخر الذي يتوجه للقصيم ومنها لحائل.
في جهةٍ أخرى ضحكت ومسحت الرسائل : أحسن
وضحى : بس والله الكلمة وقحة ههههههه أجل مجرد زيارة يعني طردة
غالية : أجل تنفخ ريشها علينا ،
وضحى : ماأتخيل ردة فعله كيف بتكون أدنى شي بيقول ماهي متربية أجل كذا ترسلي ههههههه
غالية ضحكت لتُردف : خلي الجوال هنا وأمشي نطلع قبل لحد يشوفنا
،
من خلفها قطع إتجاهها للباب بصوتٍ خشن و رجولي صاخب : على وين ؟
العنُود ألتفتت : بطلع
سلطان : طيب !! وأنا أسألك وين ؟
العنُود تنهَّدت لتُنادي والدتها : يمممممه
أتت حصة من الغرفة : يالله صباح خير !! ..
سلطان : فهمي هالشي بنتك فيه أحد يطلع بهالوقت !!
العنود : إيه أنا بروح أفطر مع صديقاتي وش دخلك أنت !!
سلطان : تكلمي معاي بأدب
حصة : خلاص يا سلطان !! خلها تروح
العنود بغضب ثارت : يمه تترجينه بعد !! كيفي بطلع ومالك حق تسألني فاهم !
سلطان الذي أخذ إجازة من عمله اليوم ، أردف بهدُوء : أفصخي الجزمة وأضربيني بعد
العنود تأفأفت : لا ماهي حالة تحاسبني على الطالعة والنازلة !! أبوي للحين عايش وأمي بعد !
حصة : خلاص لاتكثرين حكي وروحي أقلقتيني ... خرجت العنُود لتلتفت حصة عليه : يعني فيها شي لو راحت مع صديقاتها ! هي بروحها تكرهك وتنتظر عليك الزلة
سلطان بسُخرية يُردف وهو يتجه لطاولة الطعام : زين علمتيني عشان ماأقولها شي وتمسك علي الزلة
حصة ضحكت لتُردف : أستغفر الله بس أنا قايلة ماراح أكلمك بعد
سلطان أبتسم وألتفت عليها : تعالي أفطري معي ماأحب أفطر بروحي
حصة : لأ وتراني زعلانة بعد
سلطان : طيب تعالي وبراضيك
أتت حصة بطيبة قلبها وجلست أمامه وبجدية : أمس مقدرت أنام من التفكير ! كيف تضربها بسهولة ! مايجوز أبد تسوي فيها كذا من عذرها يوم راحت عند أهلها أجل تضربها وتسكت ! زين بعد مادخلت أهلها وخلوك تطلقها ! من متى المرة تنضرب ؟ ولا أنت تبي تعيد عادات الجاهلية !!!
سلطان بهدُوء : موضوع منتهي من زمان وخلاص لا تفتحينه وتنكدين علي هالصبح
حصة : طيب أجبر خاطرها في كلمتين !! تعلم شوي الكلام الحلو
سلطان ضحك ليُردف : علميني على إيدك
حصة : تتطنز !! أتكلم جد ، حسن أسلوبك معها ! أجل أمس خليتها تجيب لك القهوة وتطلع منك تبكي
سلطان : هي حساسة تبكي بسرعة
حصة : لا والله !! وهذا عذر ! إلا أنت أستغفر الله بس مانيب قايلة كلمة شينة بحقك
سلطان : أشوفك واقفة مع الكل ضدي
حصة : لأن اللي تسويه غلط ولا يرضي أحد
سلطان بهدُوء : خلاص يا قلبي الله يخليك سكري على الموضوع
حصة : هذا أنت تعرف تقول يا قلبي وياروحي طيب قولها شوي مو بس " تُقلد صوته الثقيل " الجوهرة
سلطان ترك كُوب الحليب لينفجر بالضحك ويُردف : طيب أبشري
نزلت الجوهرة بخطواتٍ هادئة وهي التي لاتعلمُ بأمرِ إجازته ، ألتفتت ولم تتوقع بأن تراه ،
بصوتٍ مُرتبك : صباح الخير
حصة : يا صباح الفل و الورد
الجوهرة أكتفت بإبتسامة ، وهمَّت بالصعود مرةً أخرى لولا وكزةُ حصة لسلطان الذي نطق : تعالي
الجوهرة : مو مشتهية بس كنت بشوف حصـ .. بترت كلمتها لتقُول .. أم العنود
حصة : ناديني حصة وماعليك منه .. *وجهت الحديثُ له* الحين إسمي ولا إسمك !! كيفي أبيها تناديني حصة
سلطان كتم ضحكته وأخذ يشربُ من الكُوب بصمتْ
حصة : تعالي يا روحي أفطري خلي سلطان يتهنى بأكله *أردفت كلمتها الأخيرة بخبث وقصد لسلطان*
سلطان ضحك بخفُوت وألتفت على الجوهرة لتقع عيناه الضاحكة بعينيْها المُرتبكة : تعالي .. وأشار لها على الكرسي الذي بجانبه
حصة تُراقب بشغف ما سيحصُل الآن و سلطان " رايق " لأبعدِ حد .
أتت الجوهرة وجلست بجانبه ليُفاجئها سلطان بسحبِ كُرسيها ليُلاصق كُرسيْه ،
حصة تسكبُ للجوهرة من الحليب الساخن و مدتُها إليْها : أخذي تغذي مهو نافعك أحد ..
سلطان بإبتسامة نقية تُظهر صفةُ أسنانه : مُعاذ الله من أنك تقصديني
حصة بضحكة : إلا أنت بجلالة قدرك
سلطان أبتسم : بسوي نفسي ماسمعتها
الجوهرة المُرتبكة بقُربه و رائحة العُود تتشنجُ معها أعصابها ، أخذت الكُوب وبأصابع مُرتجفة يهتزُ معها الحليبْ السائل ، و أعيُن سلطان تُراقبها وهي تشربْ .
الجوهرة لم تستطع أن تتذوقْ الحليب وأرجعته للطاولة وكل حواسها ترتجفْ ، لا تعلم لِمَ تشعُر بأن هُناك شيءٌ غائب عنها تجهله يجعل سلطان بهذه الصورة .
حصة : فيك شيء حبيبتي ؟
الجوهرة : لأ .. ولا شيء بس برد
حصة : عاد التكييف مقصرة عليه الصبح ...
سلطان يُفاجئها ليضع ذراعه على أكتافها ويسحبها ببطء نحوه و يُقبل رأسها مُستنشقًا ذراتِ الهواء من بين خصلاتِ شعرها ،
حصة وتشعُر بنشوة إنتصار : أنا بخليهم يجددون الحليب .. وأتجهت للمطبخ تاركتهم ،
الجوهرة و قلبُها ينتفض ، لا تعرفُ بأيّ التناقضاتِ تأتيتها وأيُّ شعورٍ يُباغت قلبها ،
سلطان بصوتٍ خافت : بردانه من أيش ؟
الجوهرة و فكيْها يرتجفان ، صمتت وهي تغيبُ فعليًا عن هذا العالمْ و حرارةِ أنفاسه تُسكِنها و تُهدأ عُمق حواسها ،
سلطان تنهَّد مُثبتًا ذقنه على رأسها و ذراعه مازالت تُحيط بها ، بتنهيدتِه تجمَّعت دمُوع الجوهرة ، كتمت نفسها وهي تشدُ على شفتيْها حتى لا تبكِي .
بعد هدُوءٍ لدقائِق طويلة و رأسُ الجوهرة على طرفِ صدره ، بحُمرة وجنتيْها حاولت تسحبُ نفسها لتنكشفْ رقبتها كالمُعتاد ، أقترب سلطان و لامستْ شفتيْه أثارُ ضربِه كأنهُ يحاول يشفِي الآثارُ بقُبلاتِه .
أبتعدت الجوهرة بإرتباك وهي تسحبُ نفسها مع الكرسي و تضع مسافةٌ قصيرة فاصلة بينهُما ،
سلطان بلل شفتيْه بلسانه وأردف : خلي عايشة تجيب لي القهوة لمكتبي .. وتركها .
الجوهرة وضعت يدها على صدرها وقلبُها لايتزن بنبضاته ، تشعُر بأن الأشياء تذوب من حولها و تذبل ورُبما حتى تتراقص .
حدَّثت نفسها لتُهذِّب تصرفاتها وربكتها ، لا تضعفين يا أنا ! هو شكّ بِك و أساء لك ، لن تلمسني بسهولة يا سلطان و لن أُسامحك و إن أحببتُ الوطن الذي وهبتني إياه .
،
مسكت هاتِفها لترى رسالته الأولى " بس تصحين كلميني " ، أتصلت عليه ، مرَّة ومرتين وثلاث ولا يأتيها رد ، عقدت حاجِبها بشك لتُرسل له بالواتس آب " يُوسف ؟ "
في جهةٍ أخرى على مكتبه يلعبُ بقصاصات الورق بنرفزة ، فتح محادثتها فقط ليظهر لديْها بأنهُ قرأ و لكن سيتجاهلها تمامًا ،
مُهرة و الشكُ يدب في قلبها من فكرة أنه يقرأ دون أن يرِد ، كتبت له " وش فيك ؟ "
يُوسف بعصبية كتب لها مثل ما كتبت له " معليش مشغول شوي "
مُهرة أمالت فمِها بقهر وأغلقت هاتفها لترميه على السرير و تمتمت : عساك ما رديت ...
يُتبع
،
تحت أجواءِ باريس الغائمة و الليلُ يُداعب السماء بخفُوت ، تنهَّد بضيق
أثير الجالسة مُقابلةً له في المطعم الهادىء و التي أكتملت زينتها بزواجها من عبدالعزيز : وش فيك ؟
عبدالعزيز : ولا شيء بس صار لي يومين مانمت وشكل المزاج بدآ يضرب
أثير أبتسمت : ومين سارق تفكيرك ؟
عبدالعزيز بهدُوء : أرق
أثير نظرت لهاتفها وأغلقته
عبدالعزيز : مين ؟
أثير : سلمان
عبدالعزيز شتت أنظاره بإمتعاض
أثير : مُجرد زميل في الشغل
عبدالعزيز بحدة لم يُسيطر عليها : وأنا قلت شي ؟
أثير عقدت حاجبيْها الفاتنيْن : لأ بس حبيت أوضح لك
عبدالعزيز تنهَّد وصمت
أثير : أنت صاير ماينحكى لك كلمة ، أمش خلنا نطلع وتروح تنام
عبدالعزيز : أثير يرحم لي والديك لاتزنين عليّ
أثير بهدُوء : مازنِّيت أنا أقترح عليك
عبدالعزيز بعصبية : طيب خلاص ماأبي أسمع شي
أثير تنهَّدت وصمتت ، أخذت هاتفها لتُقلِّب فيه وتُهدأ من حرارةِ غضبها في ليلةٍ مثل هذه كان يجب أن تحتفل !
عبدالعزيز بدأ الهزُ بأقدامه و أعصابه تشتدُ وجدًا ، بنظرة شك : تكلمين مين ؟
أثير رفعت حاجبها : شارب شي ؟ ماهو معقول اللي قاعد تسويه !! ... وقفت لتأخذ معطفها وتخرج
عبدالعزيز نثر مبلغًا يجهله على الطاولة وتبعها ، من خلفها مسك ذراعها ليوقفها وبعصبية : من متى إن شاء الله تعطيني ظهرك وتروحين ؟
أثير التي يمتزجُ خجلها بقوةِ شخصيتها : أترك إيدي !
عبدالعزيز يتجاهلُ ماتقُول ليُردف : لو تكررينها مرة ثانية صدقيني ما يحصلك طيِّب
أثير بهدُوء : عزوز حبيبي روح نام أحسن لأن عقلك بدآ يضرب من جد

يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -