بداية

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -66

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي - غرام

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -66

ضي بنبرةٍ مقهورة : تعاملني كأني ولا شي !!
عبدالرحمن : مين قال انك ولاشي ؟
ضي : افعالك اللي تقول ، كان ممكن تخلق لك مية طريقة بهالخمس شهور عشان تشوفني
عبدالرحمن : متى ماهديتي كلميني
ضي : انا هادية بس
عبدالرحمن يُقاطعها بحدة : لا بس ولا شي !
ضي : حرام أفضفض لك عن اللي مضايقني ؟ اذا حرام خلاص كلمني كل 5 شهور *أردفت كلمتها الأخيرة بسخرية على حالها*
عبدالرحمن ألتزم الصمت فـ غضبه من عبدالعزيز الذي يكاد يسكن هاج مرةٍ أُخرى بضغط ضي عليه و تكاثر مزاجه السيء من ضي و عبدالعزيز أيضًا
ضي : متضايقة من كل شي ..*بتردد* عبدالرحمن قول لبناتك
عبدالرحمن بغضب : نعممم !!
ضي برجاء : أنا متأكدة انهم ماراح يعارضون
عبدالرحمن : وانا خايف منهم عشان يعارضون ولا مايعارضون ؟ عندي أكثر من سبب وانتي عارفته كويِّس
ضي : طيب حس فيني والله تعبت حتى من نفسي ، مافيه أحد اعرفه ولا احد اكلمه ! حط نفسك بمكاني تمر شهور ماأنطق فيها حرف مع احد !!
عبدالرحمن ببرود : صادقي اللي معك بالشقة
ضي : الشرهة علي متصلة ابي أسمع صوتك وأرتاح وزدتها عليّ
عبدالرحمن بجفاء : مع السلامة
ضي أنهارت ببكائها و هي تضغط على زر إنهاء الإتصال ، عندما تفقد خياراتِها من هذه الحيَاة ، عندما تُفقِد مُسمى " عائِلة " ، حين يُشطب إسمها من لفظِ " عائِلة " ، لا شيء يستحق هُنا الحياة ! لا أب لا أم لا أخ لا إبن ولا حتى زوج يُعوِض الفُقد الذي صابها ، يعوِّض خريفُ عمرها الممتلىء بالغياب ، عبدالرحمن رُغم أفعاله إلا أنَّهُ يبقى الرجل الوحيد الـ أُحب و الرجُل الوحيد الذي لن أستطيع الإنسلاخُ مِنه ، يبقى الحبيب مهما حدث.
،
-
التوتُر يعتليها ، قلبٌ يهبِط بشدة على صدرها الرقيق ، نبضاتُها تخدش هدوئها ، تعدُّ اللحظات ، ماذا يعني لو علمت بموعِد الوفاة ؟ يا أنتِ غدًا يومُ مقتلك كيف لي أن أتصرف ؟ لن يأخذني سلطان بالأحضان و لن يبتسم أبي لي و كأنه وقعٌ من الجنون يستطيعُ تصديقه ! كيف أُخبره عن أخيه ؟ لو علِم عمي عبدالرحمن كيف سينظُر ليْ ! الطلاق هو مايحكيه منطقي ولكن قلبي يعضُّ أصابعه بـ ندم كيف بسهولة أنجذبت نحو سلطان ، رأيته أبي و أخي و حبيبي و أشياءُ أخرى لا تُحكى ، كل هذا كانت عيناي تقُوله ، كانت عيناي تتقرب منه وقلبي يُعينها ! أما أفعالي تنبذه تحاول البُعد .. أنا أحبه.
أبو ريان : تأخر سلطان !
الجوهرة : إن شاء الله يجي بدري
ابو ريان : لأن ماجبت شي معاي ماأقدر أجلس يوم ثاني
الجوهرة أبتسمت بقلق ، تشعُر بالدوار بمجرد أن تحكي له
رفعت عينها للباب الذي ينفتح ، بمجرد دخوله و إبتسامته الشاحبة ترفرف الدمعُ على هدبها
سلطان يُسلِّم بحرارة على والد الجوهرة : أعذرني صارت لنا مشكلة وتأخرت
بوريان : ولا يهمك
سلطان : شلونك ؟ وشلون الأهل
بوريان : الحمدلله كلهم بخير أنت بشرنا عنك
سلطان بتنهيدة : الحمدلله .. جلس يُريد أن يتنفس براحة و مازال بقايا الغضبْ على ملامِحه
بوريان بإبتسامة : هذا زوجك وجاء وش اللي تبين تقولينه
سلطان وعينه على الجوهرة : من أمس ومنشغل بالي ، عساه خير
الجوهرة و كلمة " زوجك " يرددها قلبها ، نبضاتُها فوق الحد الطبيعي و الخطير أيضًا ، تكاد تغصّ في أكسجينها
واضح جدا غضب سلطان حتى لو حاول يُخفيه بإبتسامته هذه
بوريان : تكلمي يا عيني
الجوهرة مُرتبكة جدًا ، دماء تنزل من أنفها حارقة من تلخبُط دقاتِ قلبها ، أخذت منديلا : اعذروني شوي
بوريان بخوف وهو ينظر لدمائِها
الجوهرة و تأخذ نفسًا عميقا لتردف : آآآ .. أبي أقولكم موضوع صار من زمان بس لازم تعرفونه
سلطان الهادئ يُراقب هبوط صدرها و إرتفاعه المُخيف و عينٌ أخرى تراقب عينها المُرتجفة
بوريان : نسمعك ياقلبي ، خايفة من وشو ؟
الجوهرة الواقفة امامهم ، بدأت فكوكها تصطدم ببعض لترتبك حروفها و تكثُر تأتأتها : كان مفروض ينقال من زمان لكن *بدأت دموعها هُنا بالسقوط والإنهمار*
بوريان وقف يُريد ان يقترب منها ولكن الجوهرة قاطعت إقترابه : يبه أسمعني للأخير ، بكون بخير لا حكيت لكم
سلطان ومازال مُحافظ على هدوئه ينتظرها تتحدَّث
الجوهرة و هذا الأمر المهوِّل لها ينزف معه انفها و دموعها و ربكةُ حروفها و نبضاتٍ مُتعالية ودوارٌ يُهاجم دماغها .. و أشياء مُتعبة يبِّح معها صوتها فقط لتُخبرهم بما حدث بالماضي ، عيناها على والدها ، الآن في نوبة بُكاء بمجرد أن رأت تقاويس عينيه المُهتمة لها
سلطان و عقله متوقف لا يُفكر بشيء ، بصوتٍ هادئ : الجوهرة
رفعت وجهها المُحمَّر من البُكاء و تجمع الدم بٍه
سلطان : منتي مضطرة تقولين شي
الجوهرة أغمضت عينيها و هي تقُول : لازم تعرفون
بوريان : طيب أجلسي أرتاحي وش هالموضوع اللي ملخبطك كذا
الجوهرة مازالت واقفة : ممكن بس ما تقاطعوني أتركوني أحكي وأرتاح
و قلبها يعتصر من الألم ، أيُّ جرأةٍ غبية في نظرها سلكتها ؟ ليتني كنت صامتة و لا عذاب اللقاءِ هذا
كل هذه السنين هيِّنة جدًا ولا هذا اليوم
كيف ألفظها ؟ لساني لم يعتاد على كلمةٍ مكونة من 6 حروف " إغتصاب "
7 سنوات ابلعُ هذه الكلمة ، 7 سنوات اتجاهل حروفها ، 7 سنوات ألُجم بهذه الحروف ، 7 سنوات كيف أنطقها الآن ؟
7 سنوات أشهقُ بأنفاسِ حارقة تُدعى " إغتصاب " كيف أزفرها الآن ؟
لم أعتادُ أن أخرج السواد في زفيري ؟ لم أعتاد أبدًا على البُوح ؟
قوةٌ أشعُر بها بجناحيّ قلبي تُلقب بـ " رحمة الله "
يالجوهرة أنطقيها ، أنطقيها يا رُوحي ، أخبري ما أختبئ بقلبِك سنوات ! أخبري الأعيُن المنتظرة كيف الصبر كتم أنفاسي ليلا و سلب راحتي نهارًا ، أخبريهم كيف كان لون الإختناق وشكله.
بُكاء بل نهرًا على ملامِح مُحمَّرة الآن.
مازالا يحترمان رغبتها ، صامتان لا ينطقان بشيء.
يُراقبان تفاصيلها الباكية ، الوالد يخشى على إبنته من الموت في هذا الموضع بعد ما رأى شُّحَّ إبتسامتها و بُكائِها ، مُصيبة آتية هذا ما يتوقعُه قلبِه.
اما الآخر .. أما الزوج .. أما الحبيب ...... يخشى الحقيقة و . . . نقطة على السطِر.
تمسح الدماء التي لا تتوقف ، تمسحها من جهة لتنزف مرةَّ أُخرى.
بنبرةٍ موجعة : كيف أقولها ؟ .... أنفاسها تتصاعدُ بخوفٍ منهما ، أنفاسها تُشعرهم بأنَّ المُصيبة موجعة جدًا.
بعينيْن ماطرة يُحيطها هالاتٌ حمراء : أنا ... ياربي .. *أخفضت رأسها و يديها تتشابك في طرفِ بلوزتها* أنا ... اللهم كن معي ..*دُعائها يُربكهما*
يارب يارب ... *وعيناها الهاربتان من سلطان تسقط عليه وبسقوطها تنهارُ بمطرٍ لا يهدأ*
أكملت و الدموع تُكمل سيرها لتختلط بالدماء : ياربي .. يامُعين .. *تصادمت فكوكها لتُردف* كيف أقولها ياربي
بوريان برحمةٍ على حالها : يارُوحي وش اللي كيف تقولينه
الجوهرة عضت شفتها السُفلية بقوة لتنزف هي الأخرى
الزوج المُنتظِر عقد حاجبيه من منظر دمائِها ، أيُّ حقيقةٍ تُوجع هذه ، لا نريد معرفتها مادامت تهلكها لهذا الحد
الجوهرة تُقاوم ، كل هذا البُكاء و حُمرة الدماء و إنهيارُ عِرقها و دقاتُّ قلبها .. قادرة برحمةٍ من الله أن تتجاوز كل هذا
غصةُّ بلسانها ليست قادرة على بلعها ولا حتى تقيؤها ؟ كيف تنطق ؟ علِّمني النطق يا خاطِف اللونَ من قلبي ؟
أنظارُها على سلطان و حكايةٌ تُخبرها عينها ،
بنفسٍ عميق : لما رحت الرياض و تركتوني عشان دراستي بثالث ثانوي
بوريان : إيه مع ريان
بوجع : و تركي
بوريان : ايه تركي بعد
الجوهرة : في ذيك الليلة . . . آآآ . . *أغمضت عينيها لا تُريد الرؤية أبدًا لا تُريد أن ترى إنكسار والدها ، مُوجعة جدًا أن ينكسر ظهرُ والدها بسببها و آآآآه من خيبة سلطان و وجعه*
تُكمل والكلماتُ ترجف : مقدرت أتكلم كل هالسنين ، مقدرت لأني خفت .. خفت من أشياء كثيرة ، خفت عليك يبه وخفت منك و خفت من كلام الناس ، بس الحين مقدر أسكت لأني ..............*عيناها تستديرُ لسلطان* لأني ... لأني تزوجت و لازم أبني حياتي من جديد و لأن سلطان ما يستاهل أني أبدى حياتي معاه بهالصورة
بوريان الجاهل عن ماذا تتكلم و سلطان العارف بتفاصيل ما تقُول.
سلطان بمُقاطعة حادة : ما شكِيت لك
الجوهرة : أتركني اكمل
سلطان وقف وبنبرة الغضب : لا مايصير تقولين لأبوك هالحكي
الجوهرة : سلطان واللي يخليك لازم يعرف
سلطان بحدة : الجوهرة
بوريان : منتي مجبورة تقولين أشياء صارت وانتهت كلنا نخطي بس نبدأ من جديد دام لنا رب غفور
الجوهرة ببكاء الضُعف وصوتها يختفي شيئًا فـ شيء : بس أتركوني أكمل
سلطان بغضب لم يستطع ان يسيطر عليه : أنتهى الموضوع
الجوهرة بإنكسار تترجاه : دقيقة
سلطان والغضب يُبصر من عينه : ماكنت متوقع اني مرعبك لهدرجة !!!
الجوهرة و خيبةٍ أُخرى : منت مرعبني أنا .. أنا يا سلطان .. نبضُها يخدش الحروف من بين شفتيها في هذه اللحظات
تراجعت عدة خطوات للخلف و بنبرةٍ قطعت بها حسرةٍ علقتْ من 7 سنوات و هذه ثامن سنة لن أكملها أبدًا و الغصاتُ تنتظر ماءٌ طال إنتظاره ، أرضي اليابسة لم يعُد ينفع معها ماءً ، جاء وقتُ آخر جاء وقتٌ تموت به الأرض أو تحيا ، أختار يا قلبي إما حياةً او موتْ ، فـ سُقيا الصدقات لا تُجدي نفعًا : في نوفمبر 2005 أنا . . أنا ماني ..
بمنظرٍ ينحني الجميعُ لأجله شفقةٍ على حالها وهي تضع كلتا كفيَّها على أذنيها و مُغمضة عيناها ، تنطق بحروفٍ سريعة : ضيَّعني تركي ... رجعت للخلف أكثر لتتعثر بعتبات الدرج وتسقط على الدرجة السابعة.
فتحت عيناها ، تنظر لوالدها الغير فاهم ، الغير مُصدق
بوريان بنبرةٍ خافتة : ضيِّعك بأيش ؟
الجوهرة و عيناها غارقتان بدموعٍ مالحة تمُّر على دمائِها الحامضة و ملامُحها المختنقة تنطق : سـ سـ .. سلط .. ماهو أول *وكأنها ركضت مسافةً طويلة حتى أن الإرهاق والإجهاد واضح بين كلماتها التي تأتي متقطعة* .. ماهو أول ... رجَّال .... *لم تُكمل لم تتجرأ أن تكمل أبدًا*
والدها و غصَّ بـ ريقه و هو يستنتج " الشرف " و ملامحها تخنقه أكثر .. كيف لعقله أن يُصدِّق هذا الجنون ، أخي ، أبني الآخر ، تركي ، مستحيل ! ! كيف أستوعب ! كيف تُنطق ! و انا بمجرد طيف التفكير تحشرج بها صوتي ، تُركي ! هل أنا أحلم أم ماذا ؟ إبنتي مع تُركي ؟ أم تُركي دلَّها على طريقٍ فاسد !
عقلي متوقف .. متوفي , تُركي !!!
الآخر ، أيّ جمودٍ يتصف به الآن ؟ أيُّ برود يخنقه ليجعله واقفًا ! كيف يقف و هو يسمع بضياعِ الشرف ! كيف ضاع ؟ كيف يتزوَّج بإمرأةٍ أضاعت شرفها ؟ أيُّ منطق يقبلُ بهذا الزواج ! أيُّ عقلٍ يحكم عليه أن يصدقها ، هذا السبب ، هذا ما كان يقف عائقًا ، أيُّ إستغفالٍ لسعني ؟ أيٌّ غباءٍ أشعر به الآن ! أيُّ كرهٍ أحمله لكِ يا خائنة.
والدها بنبرة شك : شرفك ؟
الجوهرة و بإنهيار تام و إن كان هناك درجة فوق التام فهي تقف على قمتها وبنبرةٍ موجعة مرتبكة : تحرش فيني .. والله مالي ذنب .. والله يبه *تُردد الحلف بقهر المظلومين *
إنكسارٍ يطعنُ بظهره ، أخيه ؟ أختنق الدمُّ في قمةِ رأسه ، أنحنى ظهره و عيناه على الأرض ، جنون ما يسمعُ بِه ، جنون ... جنون يا عبدالمحسن ؟ تُركي لا يفعلها ، تركي قائِمًا مُصلي لا يتحرش بإبنتي ؟ و أبنتي حافظة القرآن كيف تتحرش بِه كيف تقودها قدميها للحرام ؟ زنا أم إغتصاب أم ماذا ؟ قُل لي زنا و أقتلني و قل لي إغتصاب و أنحرني.
سلطان و لم يتمنى الإختفاء أبدًا كما يتمنى الآن الزوال من هذا الجنون ، أغمض عينيه يُحاول التصديق ، يحاول أن يحكم غضبه يحاول أن يسقط السلاح بعيدًا عن خصره قبل ان يُفرغه برأسٍ هذه الإمرأة !!
الجوهرة الساقطة على عتبات الدرج و قطراتُ دماءٍ حولها و عيناها المكسورة تترجى : والله
بخطواتٍ غير مفهومة ، يقترب منها
صعدت بقلةٍ حيلة درجاتٍ أخرى للأعلى ، عينا سلطان تُرعبها الآن
تجاهل وجود والدها تجاهل هذا العالم بأكمله ، تجاهل حتى عقله والمنطق ! ما يشعُر به الآن لن تهدئِه كلمات ولا حلفها ! مايشعُر بِه الآن هلاك و هلاكٌ عظيم يحفُّ سلطان.
و الموتُ يُدني منها ، أبتعدت أكثر وهي تتعثر أكثر بالدرجات و دمائُها تنزف بتكاثُر.
وقف أمامه ، إنَّ قتلَ إبنتي على يدِك لن أرضاه ، أجعل مُهمة إلمام هذا الشرف لي ؟ أجعل هذا الغضبْ لي .. أترك أبنتي فإن قتلها على يدِك مُحال.
الجوهرة وسيقانها لا تُساعدها على الوقوفْ
سلطان : أبعِد عن طريقي
بوريان : أتركها و الطلاق زي ماتبي يصير
سلطان وبراكين تثور الآن و بنبرةٍ مصممة : أبعد عن طريقي
بوريان ورُغم هذا يخدعُ نفسه بقوله : اللي حفظت كتابه ماتهين حدوده
سلطان بصمت يُرعب بقايا العزَّةِ في نفسِ الجُوهرة و يُضجُّ ببقايا كرامةٍ على ملامح عبدالمحسن.
بوريان : طلقها و أستر على خلقه الله يستر عليك
سلطان مازال صامت و فاجعتُه أستهلكت قوةُ لسانِه
ألتفت بوريان على إبنته وبعينٍ كُسِرتْ و أُخرى تُعاتبها غير مصدِّقة ، بنبرةٍ حادة : روحي جيبي عباتِك
سلطان يقطعُ سيرها للأعلى بصوتٍ حاد غاضب .. أيضًا مُوجع : مالك طلعة من هنا
بوريان وعينه التي تجهل نوايا سلطان ، بصوتٍ مُتعب ينبأ عن غضبٍ كبير : سلطان أرحمنا الله يرحمك ! ماعاد بي حيل أكثر
الجوهرة وتنظُر لألوانِ حديثهم كيف أنَّ لا أحدٍ يُصدقها ، و عين سلطان ذات حديث يُرعبها !
بوريان : ماعرفنا نربِّي لا تكسر ظهورنا اكثر
الجوهرة بكلمة والدها خانتها أقدامها لتسقط على ركبتيها تجهشُ بدموعها
أخيه و إبنته ، لا طاقة تستوعب مايحدث الآن
سلطان بغضب كبير ، بإنكسار فظيع ، بقهر و آآآه من قهر الرجال ، أيُّ رجولةٍ ترخص بعينه وهو لا يفعل شيئًا أمام مُصيبته و بنبرةٍ حادَة : ما يخلص الحساب كذا !! أبعد واللي يرحم شيبك
تقدَّم للجوهرة ومسكها من زندَها تكادُ أصابع سلطان تنحفِر بجسدها من شدَّة مسكِها ، لا أعصاب تملكها تتحمل كل هذا ، نفسها يقِف ! صدرُها من الهبُوط توقف ! كل شيء يسكن و يهدأ من الخوف وهي بين ذراعيّ سلطان.
ينظُر لهما بإنكسَار ، يحمي من ؟ هل يحمي الضياع ؟ أم يحمي إبنته من سلطان ؟ أيُّ مصيبة أتت منك يالجوهرة ؟ أي عقلٍ يُجبرني على تصديقك ؟ خذلتي الطُهر قبل أن تخذلي والدِك ! لو يتقطعُ لحم جسدِك بأصابع سلطان فهذا أقل ما تستحقيه ؟ أيُّ عقاب سيرحمك ؟ . . . تُركي هو من سأتأكد منه والله إنَّ كان مثلما تقُول الجوهرة والله وبالله ليذوق الجحيم في دُنياه ، بتفكيرِ المقهُور أُغمى عليه أو رُبما شيئًا آخر.
أيُّ رحمةٍ تنزل على الجوهرة تجعل سلطان يصرُف نظره عنها قليلا ، أي ألمٍ يزلزل قلب الجوهرة و هي تنظر لوالدها ؟ أيُّ موتٍ تشعُر بِه روحها ؟ أيُّ قلبٍ يتحمل ؟ ايُّ قلب !
سلطان ينحني لـ بو ريان ، يحاول أن يُسعفه بما يعرف ، نبضُه ضعيف هذا ما وضح له ، وبقوةٍ حمل بوريان بين ذراعيه ! وأيّ عقلِ يُصدق جسدٍ خفَّ وزنه ؟ المقهور ضعِفَ و كأنه مات نسبيًا حتى يحمله سلطان الآن.
شهقت بكلمة " يُبـه " كُسِر غصنها ، لأولِ مرة تُبصر الحياة بعد سنوات في ظُلمةِ قبر تُركي ، و هذه الحياة أوجعت رُوحها و نبضها و كل تفاصيها أوجعت والدها.
تسحَّبت إلى أن دخلت غُرفتها ، تُريد السجادةِ الآن ، ارتدت جلالِها القريب منها و لم تقوى الوقوف فـ سجدت
في سجُودِها تنزف دمًا و بكاءً و حياةً.
تبكي بإنهيارِ العينيْن الراجية ، هل ما رأتهُ للتو حقيقة ! نطقت تكلمت قالت أخبرت ... كل هذا ! لساني تحدَّث بِه ، بالحقيقة خسرتُ سلطان و بعضٌ من أبي غادرني ، خسرتُ الطُهر بأعيْنهُم ، شيءٌ يصبِر هولي شيءٌ يقُول لي " ما دام الخالق راضي سيرضى خلقه عليْ " أو أنا أكذبُ على نفسي ، رحمةٌ من الله تُصبرني و دُون الله كدتُ أن أموت و أنا الفظُ إسمه ، يالله مُنكسرة ضعيفة أحتاجُ لُطفك وَ رحمتك.
رُغم أن لا أحد صدَّقها ، رُغم الضياع رُغم أنَّ سُلطان شعرت بأنه يُريد قتلها ! رُغم أن والدها هوَى ساقِطًا ، رُغم كل هذا أنا نفضتُ يدي من حياةٍ تجمعني مع سلطان و من رحمةٍ تُقربني لوالدِي ..... أحسن خاتمتي يارب ولا تُحملني ما لاطاقة لي.
،
في طرِيقه بالسيارة ، قَد بعِد عن الشرقية جُزءً لا بأس بِه
مسفر : أبشِر غرفتك جاهزة بس أنت نوِّرنا وخلنا نشوفك
تُركي : يمكن أطوِّل يعني مدري على حسب
مسفر : الشقة شقتك الله يصلحك
تُركي : ماتقصر حبيبي تسلم
مسفر : درب السلامة
تُركي : بحفظ الرحمن ... وأغلقه.
لم يتصل عبدالمحسن إلى الآن ؟ رُبما تُريد إخبارهُم بشيءٍ آخر . . تنهَّد بضيق وهو يفكِر بأيِّ طريقةٍ سيعرُف هل تحدثت لهم بما يخشاه أو تحدثت بأمرٍ مُختلف ؟ أُريد حلاً لأعرف ماذا يحصل في بيتِ سلطان الآن.
،
في مساءٍ مُتأخِر.
تُحضّر طاولة الطعامْ ؛ أمتلأت الأطباق بما صنعتْ ، رتبت جوًا جيدًا لبدايةٍ صحيحة ، دخلت للحمام لتتحمم و تُزيل رائِحة الطبخ من جسدِها ، أنتهت بـ 10 دقائق لتسأل نفسها ، ماذا أرتدي ؟
هذا السؤال بعثر قوّاها ، بتنهيدة فتحت الدولاب ؟ لن أتراجع عن ما أُخطِطُ له . . أرتدت قميصُ نومٍ ناعم باللون البصلي ، يبدُو ساتِرًا طويلاً ، وقفت أمام المرآة ، لم يراها مطلقًا بلمحة مكياج أو حتى شعرُها يترنم على كتفيْها ! نشفت شعرها بالإستشوار و بنعومة سقط على كتفِها ، كحَّلت عينيها بالسوادْ ، بعضُ الماسكرا لتتراقص رمُوشها ، و شفاهٌ بلونٍ هادىء يميلُ للزهرِي ، نظرة أخيرة لشكلِها و هذه النظرة تسربتْ للباب الذي يُفتَح ويُبشِّر بدخولِه ، وقعت عينها بعينه من المرآة ، ألتفتت عليه.
يحاول ان يُصدِّق بأنها فعلا هي أمامه ، الصورة العنيفة التي في باله لن تُكسر بسهولة ، أول مرةٍ يراها كـ " أنثى " ، أيُّ جمالٍ تملك ؟ تقاسيمُ ملامِحها تكفي بأنّ أنجذب نحوِها ، عيناها مازالت مُصيبة والله إنها فاتنة !
مُهرة بإبتسامة : مساء الخير
يُوسف : مساء النُور
مُهرة و التوتر يتبيَّنُ بإرتفاعِ صدرِها وهبُوطِه
يُوسف يتأمل الطعام : تسلم إيدك
مُهرة وبربكة كلماتها : الله يسلمك
يُوسف وضع مفاتِيحه على الطاولة و هو ينزع كبك كُمِّه
مُهرة ولم تتوقع أن ترتبِك بهذه الصُورة أمامه ، أردفت بنبرة مُتزِنة وهي ترقُد كفوفها على طرف الطاولة : يُوسف
يُوسف ألتفت وبعينِه يستمع إليها
مُهرة تبتسم وهي تقترِب منه ، يبدُو الشياطين تُرافقها : بنسى كل اللي صار وكيف صار وكل شيء وبحاول قد ما أقدر أكون واضحة وياك ، نبدأ صفحة جديدة وكل اللي مضى تجاهله وإن شاء الله تتغيَّر أفكارك عني
يُوسف ويشعُر بأنه حقير وهو يقترب من الضحك لكن حبس ضِحكته وأبتسم دون أن ينطق حرفًا
مُهرة : إيه وش قلت ؟
يُوسف و نظراتِه تسيرُ من أسفَلِ قدميها حتى رأسها ، هذه النظرات كفيلة بأن تُحرق جِلد مُهرة بحرارة الخجل.
أردف : وشو ؟
مُهرة : قلت ننسى اللي صار
يُوسف : انا اصلا ماأتذكر أشياء تكدرني فتطمني من هالناحية
... جلس ورُغم أنه ليس بجائِع إلا أنَّ منظر الطعام شهي ولذيذ جدًا لبطنه
مُهرة تجلس بمقابله ، ستتعب فعلاً في إمالته لطرفها حتى أنها لا تشعُر بأي نظرة إعجاب في شكلها و كأنها ترتدي قُطنًا رديئًا لا يجذب حتَى أسوأ الرجالِ ذوقًا ، تنهَّدت وهي تتأمل طريقته المُرتبة في الأكِل ، يُشبه أُختيه في طريقته ، كم تُمقِته و تمُقت أخيه الآخر ، حقدها يزداد في كُل لحظة ، لايغيب عن بالِها أبدًا انها فقَدت وطنًا بأكمله عندما سمعِت خبر مقتل اخيها ! كان هو بمثابة الصديق والأب ، كسرها موتِه و كسر قلبها ردة فِعل والدتها ، تشعُر بعظيم حزن أمها بأبنِها الغالي و تعي جيدًا أنها أرادت وطنًا آخر لإبنتها ولكن أخطأت الإختيار.
يُوسف يرفع عينه لها ولا يُحب أحدًا يتأمله بهذه الصورة أثناء أكله : ناسية شي بوجهي
مُهرة ألتزمت الصمت وهي تشتت نظراتها بعيدًا عنه
يُوسف : أول مرة أنتبه انه عندك غمازة من كثر ما تضحكين مالمحتها *أردف كلمته الأخيرة بسخرية*
مُهرة تُدرك أن على خدها الأيمن غمازة بسيطة لا تكاد تُرى حتى عندما تبتسم ولكن تتضح كثيرا في ضحكها النادر : إن شاء الله تعوِّدني على الضحك
يُوسف ولا تعاملٌ حسن مع الناعِمة : لا يكون تتمصلحين عشان السفرة
مُهرة وكأن ماءً باردًا أنزل عليها من طريقة تفكيره
يوسف : هههههه دُعابة لا تنهارين بس
مُهرة تبتسم مُجاملة وفي داخلها " يا ثقل دمك "
يُوسف يشرب من العصير ويردف : على العموم العشاء حلو مع اني ماأحب الأشياء الثقيلة قبل النوم حاولي تسألين وش أحب عشان ماتتعبين نفسك على الفاضي
مُهرة : إن شاء الله
يُوسف يتجه لحمام غُرفتِه ، دقائِق حتى تجاهلها بكلمتِه : تصبحين على خير
مُهرة وعيناها تسير معه لدولابِه ، أيُّ تجاهلٍ منه تراه الآن ؟ ولم يُعبرها حتَّى !! " الشرهة على اللي متزينة عشانك ومحضرة العشا ولا أنت فلافل وتخب عليك " *قالتها في نفسها و تسخرُ من حالها معه*
،
في مكتبه و ساعةٌ من الليل مُتأخِرة
بُوسعود يحجز من حاسُوبِه رحلة إلى " بـاريس "
مقرن : وش تحجز ؟
بُوسعود : لباريس المشكلة مافيه عودة إلا بعد أسبوع يعني بجلس اسبوع هناك
مقرن : شف ترانزيت
بوسعود : شيَّكت مالقيت رحلات
مقرن : ضروري مررة ؟
بوسعود : عشان ضي
مقرن : والبنات ؟
بوسعود : معتمد عليك
مقرن : أكيد مايبي لها كلام قصدي أنك ماراح تآخذهم معك ؟
بوسعود : مجنون آخذهم معي
مقرن : قلت لبو بدر ؟
بوسعود : بكرا بقوله دام الجوهي راكِد هاليومين
مقرن وقف : على خير إن شاء الله ، يالله تصبح على خير ..
بُوسعود يؤكد حجزه ويغلق اللابْ تُوب الخاص بِه ، أغلق درُوجه جيدًا ، وخرج مُتبِعًا مقرن.
،
يُتبع + المنتدى يعلق بشكل رهيب
،
بضحكةٍ طفولية أو بمعنى أصح فرحةٍ عظيمة ، شعُور تنحني بِه الكلماتُ عاجِزة عن وصفِه ، كفوفها البيضاء تُعانق بطنها المنتفِخ ، صفةُ أسنانها العُليا تُرى بإبتسامتِها نورًا لا ينطفأ ، تكاد تبكي من هذا الشعور الجميل ، بنبرةٍ تتراقص : منصور تعال
غارق في أوراقٍ جلبها من الشركة ليُكملها هنا ، لم يرفع عينه : هممممم
نجلاء : تعال بسرعة
ألتفت عليها : وشو ؟
نجلاء بعفوية : أخاف لا وقفت يوقِّف حركة
منصور أبتسم وهو يضع القلم على المكتب ، تقدَّم إليها ليجلس بجانبها
مسكت كفِّه اليُمنى ووضعتها على بطنِها : حبيب أمه يرفس


بتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -