رواية غربة الايام -29
ياسمين: بسير عند شيخة مرت فهد..عبدالله (وهو عاقد حياته): شيخة؟؟
ياسمين: هى. بتوديني عندها صح؟
عبدالله: هى ليش لاء. بس متى لحقتي تتعرفين عليها ؟
ياسمين: في العزومة الكئيبة اللي استوت الاسبوع اللي طاف. رمستها وخذت رقم تيلفونها واليوم قررت اسير لها . وايد حبوبة.
عبدالله: والله انا ما اعرفها بس زين يوم حصلتي لج ربيعة تونسج..
ياسمين: خلاص عيل حبيبي قوم نتغدى الحين ويوم بتنش العصر بنسير لها..
وقف عبدالله وعقت عنه ياسمين غترته وبطلت عقمة الكندورة من جدام عشان يحس براحة ولفت إيدها على ايده ومشوا اثنيناتهم صوب غرفة الطعام وعبدالله يبتسم لها وهو يفكر انه ياسمين صج محد احسن عنها يوم انها تسوي الشي اللي في بالها. بس عاد ينخاف منها يوم تحصل لها حد يعاندها..أو يخالفها الراي..
وتأكد الحين من الشي اللي كان يخليه يحبها هالكثر. كان في تواجدها وياه أطنان من المرح والحياة. بدلعها وقوتها. كانت تختصر السنوات اللي بينها وبينه. وتنقل شبابها وحيويتها له. ويعيش عبدالله وياها ولو لحظات من شبابه اللي ضاع..
عبدالله(وهو يبتسم لها بحب): شو الغدا اليوم؟؟
اطالعته ياسمين بصدمة وقالت: وأنا شدراني؟؟ شو شايفني الطباخة؟؟
***
ليش ما واجهت عبدالله قبل لا تروح للمحامي؟؟"
سؤال ظاعن له فاجأه. وخلاه يطالع صفحات الجريدة اللي في إيده بذهول. هو بنفسه ما يعرف شو اللي خلاه يتسرع ويلجأ للمحامي. وكأنه في داخله واثق من انه عبدالله مذنب. كأنه يبا يعاقبه على التعاسة اللي هو يحس بها ويسرق منه شوي من السعادة اللي يتوقع انه عايش فيها..
مبارك . وبكل بساطة كان يحس بالخذلان. من عبدالله. ومن ظروفه اللي عايش وسطها. ومع هذا كان جوابه جاهز. يخبي فيه ملامح الخوف والارتباك اللي كادت ترتسم في ويهه..
مبارك: "وليش أواجهه؟؟ كل الأدلة موجودة عندي.."
ظاعن: "بس بعد المفروض ما تتهمه قبل لا تسمعه وتخليه يدافع عن نفسه.."
مبارك (وعيونه على صفحة الجريدة اللي جدامه): " بيكون عنده فرصة يدافع عن نفسه"
ظاعن: "متى؟"
مبارك: "في المحكمة.."
اعتفس ويه ظاعن وهو يسمع صوت أخوه البارد ونبرته الهادية. ولا كأنه هالشي يعنيه. وسأله: "مبارك شو اللي تغير فيك؟؟ هذا عبد الله اللي كنت قبل أسبوع رافض تماما فكرة انك تتخلى عنه. استوى فجأة واحد من أعدائك؟؟"
مبارك (يحط عينه في عين أخوه): " هو اللي يابه حق عمره.."
ظاعن: "بس لازم تخبره. اللي بيسويه المحامي يعتبر تلاعب وتجسس.."
مبارك: "ليش تباني أواجهه؟؟ عشان يروح ويخش كل الأدلة والملفات اللي بحتاج لها في هالقضية؟؟"
ظاعن: "وليش ما يكون من الحين خاشنهن؟؟ تتوقع لو كان عبد الله يتلاعب بالفواتير. انه بيخليهن وبكل بساطة في الارشيف؟"
مبارك: "يمكن.. ليش لاء؟ "
ظاعن: " يا مبارك وفر على عمرك هالتعب كله وتفاهم ويا الريال . بينك وبينه بتحلون كل مشاكلكم بدون فظايح. ليش تعور راسك ويا المحاكم؟؟"
مبارك(بنبره حادة وهو يوقف): " حقي ما بتنازل عنه. ومثل ما هو استغفلني. أنا بعد بستغفله. ويستاهل كل اللي بييه.."
فر مبارك الجريدة ع الطاولة وطلع غرفته فوق بدون ما يشرب قهوته اللي بردت حذال الجريدة. وظاعن اللي كان يعرف عدل شكثر أخوه يتسرع وهو معصب. ويعرف بعد انه ممكن يقنعه ويخليه يغير رايه..
***
أول ما صك مبارك باب غرفته، حس بتعب كبير. مصدره مب جسدي. تعب سببته الهزات النفسية اللي تعرض لها اليوم. والأشواك اللي تنغرس كل يوم في قلبه من أول ما اكتشف انه عبدالله يخدعه. للمرة الأولى من 3 سنوات. كان مبارك مأمن للي حواليه. وبالذات لعبدالله وسهيل. وكانت الحياة مشرقة في عيونه وكان حتى يفكر انه يبني حياته من أول ويديد. بس للأسف. فاجأه اللي استوى وخلاه يحس بالخذلان. عبدالله خذله..
للمرة الثانية في حياته يحس بهالاحساس.. متى كانت المرة الأولى؟؟
نجلا. نجلا خذلته في المرة الأولى. وتخلت عنه..
تنهد مبارك وحس بيأس كبير. دايما يوم يكون متظايج تهجم عليه ذكرياتها مثل الشلال وتجرفه لمنحدرات تعب وهو يخوض فيها. وعرف انه إذا ما توقف عن التفكير فيها وألحين. بيتحطم أكيد على الصخور اللي تحمل ملامحها. ملامح حب انتهى بسببه هو. حب في نهايته طلع مبارك من دائرة الحياة. ودش في دوامة ما بين الموت والحياة. دوامة ما فيها مكان إلا للألم وبس..
***
في غرفته. كان كل شي معتفس. البلاي ستيشن والشرايط منثرة على الشبرية . طاولة التلفزيون ملصقة بالشبرية وأفلام الدي في دي ع الأرض. تحت الشبرية بقايا من بيتزا صار لها يومين وهي في كرتونها . وأكياس الجبس والكاكاو مخششة في كل ركن وزاوية. وثيابه كلها برى الكبت. وفراشه نصه ع الشبرية ونصه مفرور تحت. الشي الوحيد اللي كان نظيف في الغرفة ويلمع من النظافة كانت علبة الزبالة. لأنه ما كلف نفسه أبدا يستخدمها في يوم..
حطت ليلى ايدها على خصرها بقهر وهي تطالع الفوضى اللي في الغرفة ومايد بكل براءة ابتسم لها وهو يقول: "تعالي العبي ليلوه. والله هالشريط عجيب. Need For Speed تعرفينه؟؟"
ليلى (بنبرة حادة): " لا ما اعرفه. ميود بذمتك هاذي غرفة؟"
مايد (وهو يطالع حواليه): "هيه غرفة.."
ليلى: " شو هالريحة الأرف. ؟؟ انتوا جاتلين قطو هني؟؟ وعع. "
تحركت ليلى بسرعة صوب الدريشة وبطلتها. وبندت المكيف وبطلت الباب. ومايد يطالعها بقهر..
مايد: "ليش بندتي المكيف؟؟؟"
ليلى: "ودر عنك هالخرابيط اللي في ايدك ونش رتب الغرفة ويايه"
مايد: "غرفتي ما فيها شي . مرتبة وعايبتني.."
قال كلمته هاذي ورد يلعب ولا هامنه..
يرته ليلى من ايده وهي تزاعج: "قوم ميود لا ترفع لي ضغطي.."
مايد: " يا ربيييييييييييييه انتي شو اللي سلطج عليه اليوم؟؟ أنا مرتاح جي وان رتبتي الغرفة برد اعفسها اليوم. ليش اتعبين عمرج؟"
ليلى: "يا قذر الحشرات تتيمع على هالوصاخة واللوث اللي هني. بتمرض وبتييب لنا المرض وياك.."
طبعا مايد طنشها وكان مركز ع اللعبة وليلى واقفة على راسه وهي تغلي من القهر اللي فيها . وبكل بساطة سارت صوب البلاي ستيشن وبندتها وبندت التلفزيون وشلت ال memory card وحطتها في مخباها واطالعت مايد بنظرة تحدي..
مايد (وهو يمد ايده لها ويحاول يخبي القهر اللي في عيونه): "ليلوه عطيني ال memory card "
ليلى: "ما بتشوفها لين ما ترتب الغرفة وتحل واجباتك"
مايد: "عطيني اياها.."
ليلى: "انت ما تفهم؟؟ قلت لك رتب غرفتك وحل واجباتك. وقوم تسبح وغير ثياب الرياضة اللي أرفتنا بسبتها وعقب بعطيك خرابيطك"
تنهد مايد: "أوكى. انتي اللي جنيتي على عمرج.."
ليلى (وهي ترفع حاجبها اليمين بتحدي): "في راسك شي؟؟ ظهره جان فيك خير.."
وفجأة. نقز مايد من فوق الشبرية وصرخت ليلى بأعلى صوتها وركضت برى الغرفة وهو وراها . وهي تضحك من الخاطر وسبقته للدري بس للأسف يرها مايد من شعرها اللي كان مبطل ووقفت غصبن عنها وهي مغمظة عيونها من الألم..
ليلى: "أي أي ميود ما يصير جي. يا غشاش. !!!"
مايد: " ردي البطاقة.."
ليلى: "هههههههه ما بردها. "
مايد: "ليلوه والله ما اداني ارتب الغرفة خليها جي احلى.."
ليلى: " لازم تتعلم النظافة. ما شي لعب الا عقب ما ترتبها وتحل واجباتك وتتسبح"
مايد: "اففففففف.. انزين خلاص. بنرتبها.."
ليلى: " ياللا اشوف جدامي.."
مايد: "ليش بتساعديني؟"
ليلى(وهي تبتسم): "لا. بس براقبك وانته ترتب.."
في هاللحظة. تبطل باب الصالة والتفتت ليلى ومايد وراهم وشافوا محمد يدش ويركب الدري بخطوات سريعة . كان ويهه احمر وغترته على جتفه . ولا سوا لهم سالفة او حتى اطالعهم . ومر حذالهم بسرعة وكمل دربه لغرفته..
مايد اطالع ليلى باستغراب. وسألها: " شو فيه هذا؟"
ليلى: "علمي علمك. بسير اشوفه.."
مايد: "لا لا . ما بيخبرج. انتي بنية. أنا بسير اشوف شو فيه"
ليلى: " لا والله؟؟ متعود هو يخبرني بكل شي.."
مايد: "صدقيني ما بيخبرج. انا اعرفه.."
تنهدت ليلى: "أوكى خلاص. شوف شو فيه وطمني عليه.."
مايد: "أوكى. ليلوه انا مشغول بسير اشوف محمد شو فيه يعني ما اروم ارتب الغرفة . انتي رتبيها. عفيه ع الشطوووورة.."
ليلى بغت تتكلم بس مايد غمز لها وهو يبتسم وابتسمت هي غصبن عنها وقالت له: "أوكى. بس لا تطلع من عنده إلا وانته عارف شو فيه.."
مايد: "اوكى.."
يوم بطل مايد باب غرفة محمد. ما شاف حد جدامه. ودخل وهو مستغرب. عيل وين بيكون؟ وقف يتلفت في الغرفة وضحك على عمره وهو يدوره في الكبت. وقبل لا ييأس ويظهر من الغرفة سمع صوت الماي في الحمام وتبطل الباب وطلع محمد وويهه أصفر وحاط الفودة على حلجه. ويوم رفع عيونه شاف مايد واقف يطالعه باستغراب. ونظرته يشوبها شوية حزن ويمكن. تعاطف؟
تنهد محمد بتعب وسأل اخوه: "ها مايد؟ بغيت شي؟"
مايد: "محمد شو فيك. ؟ انته كنت ترجع؟؟"
محمد (وهو يطالع ايده): " هى. حاس بلوعة.."
اقترب منه مايد وحط ايده على يبهة اخوه : "حرارتك وايد مرتفعة. محمد شياك؟؟ ما كان فيك شي.."
محمد: " حاس بتعب فظيع. ميود ابا ارقد. ودرني بروحي .."
انسدح محمد ع الشبرية وتلحف وغمض عيونه وهو يتوقع انه مايد بيطلع عنه بس مايد كان حاس انه في شي محمد خاشنه عنه وعشان جي يلس على طرف الشبرية وسأله: "محمد شو فيك؟؟ ارمس عاد"
محمد: "ما فيني شي ميود لا تأذيني.."
مايد: "ألحين انا استويت أذية؟؟"
محمد:" يا ربيييييه. "
مايد: "انزين خبرني شو فيك . ليش جي انته؟"
يلس محمد وكان التعب مبين على ويهه. واطالع مايد بنظره حايرة. عورت قلبه. مايد رغم انه محمد أخوه العود. بس بعد يحس انه هو المسئول عنه. يعرف انه اخوه ضعيف ووايد حساس. وانه مجرد نسمة ممكن تكسره. عشان جي ضغط على جتفه بحنان وسأله: "استوى شي في الشغل؟"
محمد: "لا لا . الموضوع ما يخصه بالشغل. أنا كنت عند .. منصور.."
مايد: " شو؟ خبرته انك تبا مريم؟؟"
محمد: "لا "
مايد: "عشان جي متظايج؟"
محمد: "لا . امم . تقريبا. "
مايد: " شو بعد هاي تقريبا؟؟ "
محمد: "ميود. أنا شفت مريم اليوم.."
مايد تم يطالعه بهبل وعقب ثواني انفجر من الضحك. ومحمد يطالعه بعصبية. : "ممكن أعرف شو اللي يضحك؟؟"
مايد: "هههههههههه. الحين انته جفتها بس وييت البيت تركض . وحرارتك مرتفعة وحالتك حالة. وزيغتني وطيرت قلب ليلى. عيل لو وافقت عليك وخذتها شو بيستوي فيك؟؟"
محمد: "تعرف انك سخيف؟؟ "
مايد حط ايده على قلبه : "أفا!!. ليش؟"
محمد (بنبرة حادة): "خلني اكمل رمستي وعقب عطني تعليقاتك السخيفة.."
مايد: "أوكى أوكى. سوري. كمل.."
محمد: "ااااااه مايد اللي شفته اليوم عمري ما بنساه. شفت منظر بيتم محفور في ذاكرتي على طول.."
مايد (بعصبية): "شو شفت خبرني..!!. ليش هالتفلسف؟؟"
محمد: " ميود مريم كانت غيييير.. بيني وبينك . أحس انه فيها الصرع.."
مايد انصدم. وتم ساكت. وهو عاقد حياته ويتريى اخوه يكمل..
محمد: "يعني كانت متمددة ع الارض وراصة على اسنانها و إيدها وترتجف بكبرها.. ميود والله شكلها وايد يزيغ. انا يوم شفتها ما اعرف استوى فيني . بس كنت ابا ابتعد من المكان اللي هي فيه.."
غمض محمد عيونه وهوّس بإيده على يبهته لأنه كان حاس بألم فظيع في راسه. ومايد هالمرة كان يطالعه بنظرة خالية تماما من التعاطف..
مايد: "وانته كيف شفتها؟"
محمد: "كانت طايحة في الحوي.."
حس مايد بنغزة في قلبه. وبإهانة. جنه مريم اخته . ومحمد هو الغريب اللي شافها على هالحالة. وخذله صوته حتى انه طلع هالكلمة بصعوبه: "وحليلها.."
محمد: " الحمدلله اني ما رمست منصور.."
مايد: "شو؟"
محمد: "ولا جان توهقت.."
مايد اطالعه بنظرة حادة وقال له بصوت عالي: "محمد انته شو تقول.. ؟؟؟ لا يكون غيرت رايك؟؟"
محمد: "عيل تباني اخذ وحدة فيها الصرع؟؟ ميود انته تخبلت؟؟"
مايد: "انته قلت لي انك تحبها.."
محمد: " أحبها صح بس اني اتزوجها عقب اللي شفته لاء.."
مايد (وهو يوقف): " شو هالتفاهة؟؟"
محمد: " ميود احترم نفسك. !!"
مايد: "انا محترم نفسي زين. انته اللي لازم تراجع نفسك شوي. في ايطاليا كنت تحوم حواليها وتشوفها احلى وحدة في الدنيا واللي مول ما تبا غيرها. والحين يوم انك اكتشفت انها مريضة تخليت عنها. شو تسمي هالشي اذا ما كان سطحية وتفاهة؟؟"
محمد: " انته اصلا ياهل شو دراك؟؟ عمره الزواج ما انبنى على التعاطف أو الشفقة"
مايد: "وعمره بعد ما انبنى على مجرد ويه حلو تشوفه وتنعجب به.."
محمد: "اطلع برى.."
مايد: " ما يحتاي تقول لي . بروحي طالع.."
اطالعه محمد بنظرة نارية ورد عليه مايد بنفس النظرة وهو يطلع من الغرفة. وقبل لا يبطل الباب التفت له وقال: " أحسن يوم غيرت رايك. مريم تستاهل واحد احسن عنك.."
محمد: "منو مثلا ؟؟ انته؟؟"
مايد: "هى انا. بكبر وبتزوجها . وانته موت قهر أوكى؟؟"
محمد: "أوكى!!!!"
صك مايد الباب بكل قوته وكان بيسير غرفته بس تذكر انه ليلى هناك ترتبها واتنهد بعمق وهو يتجه للمكان الوحيد اللي بيكون فيه بروحه فوق. غرفة أبوه وأمه..
دش مايد الغرفة اللي من يوم ما عرّتها صالحة من كل اللي فيها محد فكر يرد يأثثها. وحس بحزن كبير يغلف روحه. وهو يوايج من الدريشة ويطالع الجو الخريفي الرائع برى. الساعة الحين كانت بعدها 3 ونص الظهر. والمفروض انه هالوقت بالذات مايد يكرهه ويكره يطلع فيه برى لأنه الجو يكون وايد حار. بس اليوم كان الجو فيه شي حلو. الأشجار كلها خالية من الاوراق. اللي اختارت انها تفترش الارض بدل لا تحتمي بأغصان الشير. كل شي برى كان لونه برتقالي زاهي. حتى الهوا . يتهيأ لمايد انه كان متلون باللون البرتقالي..
بس رغم الجمال الرائع اللي برى واللي ممكن في أي يوم ثاني انه كان يخلي مايد يطلع ويطلع خواته ويعفسون الدنيا برى. رغم كل هذا كان مايد متظايج وحاس بغصة كبيرة..
مايد من أول مرة شاف فيها مريم وهو يتمنى تكون وياهم هني في البيت. يتذكر بوضوح يوم كان نازل من شقتهم في روما وبيسير عند طوني الصبح عشان يطمش وياه على اللي يمرون صوب المقهى. كانت الساعة بعدها تسع الصبح والشوارع توها بادية تزدحم. وكانت مريم نازلة من عمارتهم وتوها مبطلة الباب يوم يت عينها في عينه..
ساعتها ما يدري ليش تذكر امه. رغم انهم ما يتشابهون بس يمكن نظرتها ذكرته بالطريقة اللي كانت امه تطالعه فيها. ويوم ابتسم لها وردت له الابتسامة وكملت دربها. تمنى من خاطره انه محمد يشوفها وانها تكون من نصيبه. والحين اخترب كل شي..
ليش يحس مايد انه اليوم تيتم مرة ثانية؟؟ كانت محاولته انه مريم تكون هني وياهم نوع من التعويض عن شي افتقده من زمان. ومحاولة سرية منه للتخلص من شي ينحر فيه من الداخل ويحاول شوي شوي انه يقضي عليه. مايد يتيم. وكان مدرك لهالشي في كل لحظة تمر عليه. شفافيته واحساسه المرهف خلاه صج يتأثر بحالة مريم. الجوع للحنان فعلا احساس مخيف. وهو يدري انها مثله. تفتقد هالحنان. وتفتقد الأمان. بس شو بإيده يسويه؟؟ ومحمد شو اللي بيخليه يفهم انه مريم فعلا جوهرة. وانه مرضها أو أي شي ثاني المفروض انه يعيبها هو مجرد قشور للكنز اللي في داخلها..
شو اللي بيخليه يفهم؟؟
***
في بيت المحامي سهيل.
كانت موزة يالسة تراقب اختها لطيفة اللي عقب ما خلصت كل روايات عبير اللي عندها، بطلت الكمبيوتر ويلست تلف بين المنتديات ادور قصة حب تقراها. وموزة متمللة ورغم انها يالسة وياها في الغرفة من نص ساعة بس للحين ما رمستها..
موزة: "بسج لطفوه والله انج مملة.."
لطيفة: "أفففففففف.. استوى لي ثلاث ساعات أقرا هالقصة. وفي النهاية يتزوجون؟؟؟"
موزة: "عيل شو اللي تبينه؟؟"
لطيفة: "النهايات السعيدة مليت منها. حفظتها. أبا نهاية تصيحني. تخليني احس بعذابهم.."
موزة: "أف منج والله انج مملة. شو تحصلين من هالقصص اللي تقرينها؟؟"
لطيفة: "نفس المتعة اللي تحصلينها من هالشخابيط اللي تسمينهن لوحات.."
موزة: "لطوف انا اباج تسمعيني. أبا ايلس وياج ونسولف مثل أي اختين. انتي طول الوقت منعزلة في هالغرفة. يا تقرين .أو يالسة ع النت. حتى التلفزيون ما قمتي تنزلين وتطالعينه ويانا. والغدا تاكلينه بسرعة وحتى قبل لا تشبعين تردين تطلعين غرفتج. تعرفين ابويه اليوم شو سألني؟؟"
لطيفة (وهي تتنهد بملل): "شو سألج ؟"
موزة: "قال لي لطوف تحب؟"
بطلت لطيفة عيونها ع الاخر وارتبكت وهي تسأل اختها: "ليش؟؟ ليش يسأل هالسؤال؟؟ مبين عليه اني احب؟؟"
موزة: "ليش انتي تحبين؟"
لطيفة: "وين تبين انتي؟ لو كنت احب بخبرج.."
موزة: "عيل ليش جي ارتبكتي؟"
لطيفة: "أبويه يشك فيني وما تبيني ارتبك؟؟ "
موزة: "هو ما يشك فيج. بس انتي عزلتج هاذي تقهر. ودوم سرحانه"
لطيفة: "والله عندي أشياء أهم أفكر فيها مب لازم اكون احب. انا حتى موبايل ما عندي. وتيلفون البيت ما اجيسه.."
موزة: "ليش مفهومج عن الحب غبي لهالدرجة؟؟ لازم تربطين الحب بالتيلفون؟"
لطيفة: "عيل كيف يكون حب؟"
موزة: "ماشي مأثر فيج غير هالقصص اللي تقرينها. يا غبية الحب أسمى من هالعلاقات المادية. (نزلت عيونها وابتسمت وهي تقول) الحب . ما اعرف كيف افسر لج. بس . في شخص محدد . يوم تلتقين فيه. تحسين انج التقيتي بقدرج. ومن يومها حبه يكون قدرج اللي مستحيل أي قوة توقف جدامه.."
لطيفة كانت تطالعها وتبتسم. ومنزلة نظارته لطرف خشمها ويوم خلصت اختها رمسة قالت: "الله. موزان كلامج وايد حلو. وين قارتنه؟"
موزة: "هذا إحساس حسيت به يوم شفت..."
لطيفة: "موزوووووووووه.. انتي تحبين مبارك؟؟"
شهقت موزة وحطت ايدها على حلج اختها: "الله يغربل ابليسج.. انجبي!!. بيسمعونج"
لطيفة (وهي تبعد أيد اختها عنها): "ردي عليه انتي تحبينه؟؟"
موزة: "لا لا ما احبه. بلاج انتي؟؟ افف منج!!"
لطيفة: "عيل ليش جي قلتي؟"
موزة: " حتى لو كنت احبه شو الفايدة؟؟"
لطيفة: "شو بعد؟ يمكن تكونين من نصيبه؟"
موزة (باستخفاف): "مشكلة الخيال الواسع والرومانسية اللي مالها داعي.."
لطيفة: " والله الصدفة اللي خلتج تشوفينه أول مرة ويأثر فيج هالتأثير. ممكن تخليج تشوفينه مرة ثانية وثالثة ورابعه.."
موزة: "هزرج؟"
لطيفة: هى بعد شو.."
موزة: "لطووووووف. يعني انا احبه؟؟"
لطيفة: "أنا بنية في الثانوية وما عندي خبرة في الحياة. انتي العودة وانتي اللي مريتي بهالتجربة. وهالسؤال . اسإليه حق عمرج.."
تنهدت موزة ونشت وبطلت باب البلكونة ونزلت من الدري رأساً للحديقة. ومشت صوب الاستوديو وهي حاسة بإحباط فظيع. وأول ما بطلت الباب ما تدري شو اللي خلى دموعها تنزل..
اقتربت من اللوحة اللي رسمتها لمبارك وخلدتها فيه وتمت واقفة جدامها تتأملها. كانت لوحة غريبة. يغلب عليها اللون الرمادي والاسود. عبارة عن إيدين مقيدة بأغلال حديدية. وكل إيد متكورة بقوة وكأنها قبضة من فولاذ. ليش تحس انه هالصورة ترمز لمبارك؟؟ وليش تحس انها ما بتشوفه مرة ثانية؟ وليش هالحاجة الملحة لأنها تشوفه؟ والشوق اللي تكون في داخلها لكل اللي بعده ما استوى من بينهم؟؟
..
...
..
بعد ساعة وربع قضتها موزة في الاستوديو ، تلثمت بالشيلة البيضا عدل لأنه هالوقت الزراع يكون يالس يشتغل في الحديقة وطلعت بهدوء ومشت صوب الملاحق عشان تييب شتلات ورد تحطهن في الاستوديو. وفجأة سمعت صوت خطوات وراها ويوم التفتت شافت أبوها ووياه.... الإنسان الوحيد اللي كان في بالها من الصبح. معقولة من كثر ما تفكر فيه تخيلت انها تشوفه وراها؟ أو انه خيالها تجسد جدامها في صورة انسان؟ معقولة؟؟ كان لابس كندورة غامجة وغترة حمرا. وسمارته هي نفسها اللي تتذكرها من قبل اسبوعين تقريبا. وعيونه نزلهن بسرعة للأرض يوم لاحظ وجودها . معقولة مبارك واقف جدامها؟؟
صحت موزة من تخيلاتها على صوت أبوها وهو يتنحنح وبسرعة ردت بالشيلة على ويهها ومشت صوب الملاحق وهي تحس انها ويهها احترق. ومبارك رغم انه كان معصب واللي يايبنه هني موضوع متعب له اعصابه بس ابتسم غصبن عنه من شكلها وهي واقفة ومبهتة واطالعهم. وحليلها. اتفاجأت فيهم وما عرفت شو تسوي. بس ملامحها وايد بريئة. أكيد مراهقة..
سهيل تنهد وسار ويا مبارك صوب الميلس. زين انها هالمرة كانت لابسة شيلتها. أكثر من مرة شايفنها طالعة من الاستوديو بدون شيلة. بس هاذي غلطته هو بعد . ألمفروض كان يمر عليها في الاستوديو ويخبرها انه يايب وياه ريال. بس ما عليه حصل خير. والحمدلله انها كانت متسترة..
***
مبارك عقب ما رمس أخوه ظاعن ويلس في غرفته وفكر عدل. حس انه وايد تسرع يوم رمس المحامي. وانه احتراما لعبدالله لازم يخبره باللي استوى. وبشكوكه..وأول ما طلع من المسيد عقب صلاة العصر اتصل براشد سليمان المحامي عشان يعتذر منه. وكان مبين من نبرة صوت المحامي انه معصب..
المحامي: "ليش؟؟ شو اللي خلاك تغير رايك؟؟ يا اخ مبارك انته عندك قضية رابحة 100%"
مبارك: "ما ادري احس اني استعيلت.."
المحامي: "استعيلت في شو؟؟ بالعكس انته المفروض تحمد ربك انك كشفت الموضوع في الوقت المناسب وقبل فوات الأوان"
مبارك: " انا ما اقول لك كنسل كل شي. بس ابا فترة أفكر فيها واتفاهم ويا عبدالله ومحاميه. وعقب برد أرمسك في الموضوع"
المحامي: "وليش ترمسهم؟؟ كل شي المفروض يتم بسرية.."
مبارك:" مالها داعي السرية. اذا لي حق عندهم باخذه جدام الكل.."
المحامي: " وملفات المحاسبين خلاص ما تباهم؟"
مبارك: "لا . حاليا ما اباهم. عقب ما اسمع اللي عند عبدالله وسهيل. بتصل فيك وبنتفاهم.."
المحامي: " ما أظمن لك اني بكون فاظي لهذاك الوقت."
مبارك: "ساعتها بضطر اني اتعامل ويا محامي ثاني.."
المحامي:" هييييه.. خلاص اللي تشوفه. أنا ما بجبرك على شي انته ما تباه. بس من واجبي انبهك انه عبدالله ومحاميه اذا دروا انك شاك فيهم ممكن يخبون مستندات جدا ضرورية ونحن بنكون في أمس الحاجة لها.."
مبارك: "هذا مب من صالحهم قانونيا وانا وانته نعرف هالشي. سهيل محامي قدير وما اعتقد انه بيخلي عبدالله يسوي هالشي.."
المحامي:" خلاص متى ما تشوف نفسك تبا اتابع القضية أنا بكون موجود."
مبارك: "اسمحلي يا اخ راشد.."
المحامي: "أفا عليك يا اخ مبارك. "
مبارك: "في امان الله.."
المحامي:" مع السلامة"
مبارك كان يدري انه راشد سليمان مقهور منه وانه ظيع له وقته اليوم. بس في شي في داخله كان يقول له انه لازم يعرف السالفة من عبدالله. وبما انه سهيل اقرب له بوايد من عبدالله بن خليفة. اتصل فيه هو أول وخبره انه يبا يخبره بموضوع شاغل باله. وسهيل طلب منه يتفضل عنده في البيت عشان ياخذون راحتهم في الرمسة. ويعرف منه بالضبط شو اللي مكدرنه..
..
...
..
موزة في هاللحظة حست انه روحها بتطلع. وصلت عند الملاحق وبسرعة سارت صوب النافورة ومسحت ويهها بماي بارد. كانت حاسة انه خدودها تحترق. ولازم تبردهن شوي. وفجأة ابتسمت وتمت تتنفس بقوة وبدون سبب كانت تضحك بصوت عالي. أخيرا شافته. أخيرا!!. لطيفة كان معاها حق..عمرها ما توقعت انه هالمراهقة اللي ما فيها عقل ممكن تقول شي ويطلع صح. وابتسمت بخجل وهي تفكر في ملامحه. وقررت تسير بسرعة وتتصل بليلى وتخبرها. في داخلها بركان من الفرح لازم تشارك فيه أعز ربيعاتها..
***
الساعة خمس العصر. وصلت ياسمين بيت صالحة وترجت عبدالله عشان ينزل وياها ويسلم عليهم . ما تبا ادش بروحها. بس عبدالله اعتذر لها وقال: "صالحة هاذي انا مول ما ادانيها. وان دشيت وشفتها بيعتفس مزاجي"
ياسمين: "أنا استحي ادش بروحي..!!"
عبدالله: "اتصلي لشيخة وخليها تطلع لج.."
ياسمين: "هي تعرف اني ياية. انزين خلاص برايك حبيبي. تعال خذني الساعة ثمان.."
عبدالله: "بل!!. شو بتسوين هالكثر عندها؟ يسدج لست ونص.."
ياسمين: "شو؟؟؟ لا لا لا .. ما يسد. أنا متمللة. خلني ايلس اسولف وياها.."
عبدالله: "والمفاجأة اللي اباج تشوفينها؟"
ياسمين: "بشوفها الساعة ثمان. وع العموم اذا حسيت بملل بدق لك عشان تاخذني.."
عبدالله: "خلاص. أنا بمر بيت اخويه شوي اشوف العيال وعقب بييج.."
ابتسمت ياسمين بعذوبة وباسته على خده بسرعة وهي تنزل وتلوح له بإيدها مثل اليهال. وضحك عبدالله عليها وهو يشوفها تمشي صوب الصالة من خلال باب الحوي اللي كان مشرع طبعا..
وفي هالوقت داخل البيت كانت صالحة يابسة في غرفتها ويا مزنة اللي كانت تلاعبها Uno وشيخة يالسة في الصالة ترمس ريلها فهد.
فهد: "ساعتين وتيلفونج مشغول؟؟"
شيخة: "والله قلت لك جدد لي البطاقة عشان اسوي خط ثاني بس انته اللي ما طعت.."
فهد: "سواء عندج خط أو خطين. ليش التيلفون ينشغل هالكثر؟؟"
شيخة: " يعني ما تباني أرمس ربيعاتي؟؟"
فهد: "ربيعاتج ترمسينهن ساعتين وانا اللي هو ريلج. ما تتحملين ترمسيني دقيقة؟؟"
شيخة: "ربيعاتي عندي مواضيع وايدة ارمسهن فيها. انته عن شو ارمسك؟؟"
فهد (باستخفاف): "جربي مرة وحدة تقولين لي كلام حلو. أنا معرس ولا جني معرس. حتى الكلمة الحلوة تستكثرينها عليه.."
شيخة: "أفففففففف.. أقول حبيبي. ربيعتي ياية تزورني لازم ايلس وياها. عقب بنكمل هالنقاش اللي ما يخلص."
بند فهد التيلفون في ويهها بدون ما يرد عليها وهي ولا انقهرت ولا شي. غلقت الموبايل عشان لا احد يزعجها وياسمين عندها وتقربت من الباب عشان تستقبلها..
ياسمين أول ما دشت شافت شيخة تترياها في الصالة واستانست وايد لأنها ما اضطرت تترياها. واقتربت منها شيخة بسرعة وحظنتها وهي تسلم عليها وبسرعة استغربت منها ياسمين قالت لها: "تعالي نسير فوق.."
ياسمين: " فوق؟"
شيخة: "هى . بنسير نقعد في جناحي. أحسن عن الازعاج.."
ضحكت ياسمين بارتباك وقالت: "خلاص اللي يريحج."
وسارت وياها فوق وهي مستغربة ليش ما خلتها تسلم على صالحة. ويوم وصلت جناح شيخة وفهد وايد استانست عليه. كان وايد مرتب واثاثه حلو. بس شيخة ما خلتها تيلس في الصالة وودتها وياها لغرفة النوم. وقالت وهي تصك الباب وراها: "مزنة بنت فواغي هني. واذا شافتج ياية بتلصق فيج وبصراحة دمها وايد ثجيل وشيطانة لأبعد الحدود هالبنية.."
ياسمين: "أهاا. عشان جي ما خليتيني ايلس في الصالة.."
ابتسمت شيخة وهي تاخذ عباة ياسمين وتعلقها في الكبت: "هذا سبب واحد من الأسباب. السبب الأهم هو اني ما أبا عمتي تشوفج.."
يلست ياسمين على الكرسي الهزاز وسألتها: "ليش؟؟ وشو فيها لو شافتني؟ مانعة عنج الزيارات؟"
نزلت شيخة مخدة عودة عن الشبرية وحطتها ع الارض جدام الكرسي اللي يالسة عليه ياسمين ويلست عليها وقالت لياسمين: "هه. انتي ما تعرفينها هالنسرة. بتسوي وياج تحقيق. وبتكرهج في حياتج. وعقب ما تروحين. بتقبضني أنا وما بتخليني في حالي لين ما تعرف كل كلمة قلتي لي اياها.."
ياسمين: "لهالدرجة؟؟"
شيخة: "وأكثر بعد.."
ياسمين: "ويييييه. الحمد لله انه عمتي بعيدة عني.."
شيخة: "أم أحمد مب شرات صالحة. هاذي غير عن الجنس البشري. مخلوقة غريبة عجيبة.."
ياسمين: "ههههههههه. "
شيخة: "الا ما قلتي لي. بعدج حاسة بالملل؟؟"
ياسمين:" الملل استوى حالة مستديمة عندي. "
شيخة (وعيونها تلمع بإثارة): " الحل عندي وانا ام هندي.."
ياسمين:" بتطلعيني؟؟"
شيخة: "مب الحين. بس اكيد بيكون فيه طلعات. بس في البداية. إقضي على الملل وانتي داخل بيتج.."
وخت ياسمين وهي تقرب ويهها من ويه شيخة وسألتها: "كيف؟؟"
التفتت شيخة وراها وأشرت على الكمبيوتر اللي كان يشتغل واطالعته ياسمين باستخفاف وهي تقول: "الكمبيوتر؟؟"
شيخة: " مب قصدي الكمبيوتر. قصدي اللي ممكن تحصلينه في داخله.."
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك