بداية

رواية وش رجعك -18

رواية وِش رجعك - غرام

رواية وش رجعك -18

تبسمت بوجع : ما راح أرد عليك .. معذور .. بس لا تقط كل شي علي .. انت لو ما عقليتك الغبية .. كان كل شي بخير .. ليش تخبره وهو مريض ؟
قال لي بغضب : اقول انقلع عن وجهي ورد من المكان الي جيت منه .. ويكون لعلمك اذا صار لعمي شي .. نجوم الظهر .. بتشوفها على يدي .. ســامع ..
قلت له هامسا : لا تهددني .. ولا ترفع صوتك علي .. تراك واجد تغلط وأنا ساكت عنك ..
قال لي وهو يضحك : شنو بتسوي يعني ؟ بتضربني ؟ بتذبحني ؟ ولا بتأذي حبيبة القلب ؟
مسكت ذراعه بقوة : بدفنك وانت حي ..
عدت أدراجي .. وذهبت لتلك الأم المفجوعة .. سلمت عليها .. وجلست بجانبها : آنا اسف على كل شي .. بس لا تتوقعون إن رنا غلطت .. أنا السبب في كل شي .. أنا الي أجبرتها تكلمني .. وأجبرتها تطل علي علشان أشوفها ..
سكتت الأم .. وقال العم بغضب : حسابك بعدين .. لا تضن بنطوفها لك على خير ..
تبسمت بألم : من حقكم تسوون فيني إلا تبون .. بس لا تأذونها .. أنا ما أطلع لنفسي أعذار .. بس أنا ما اشوف فيها عيب ان الانسان يحب .. ويتواصل مع محبوبه .. اذا كان صادق بهـ الحب ..
قالت أم رنا بصوت حزين : والي يرحم والديك .. قوم .. ولا تجي مرة ثانية .. حياتك غير وحياتنا غير .. عاداتكم غير وعاداتنا غير .. انتو عدكم مافيها شي .. بس احنا عندنا فيها أشياء واجد .. البنت تحب زوجها .. وما يحق لها تحب واحد غيره .. وجميل أنا وأبوها موافقين عليه .. وبس بتصحى .. كل شي بتم ..
أغمضت عيناي بحرقة .. قلت بحزن الدنيا كلها : بس أنا احبها .. وأبيها .. ومستعد أعطيكم إلا تبون .. إذا تبون أجيب الشيخ هني بجيبه علشان نملج .. تكفون .. لا تحرموني من رنا ..
قالت أم رنا بنفس الصوت : البنت مخطوبة لولد عمها .. واحنا موافقين .. مالك نصيب .. توكل على الله يوليدي .. والله يرزقك ببنت الحلال الي تناسبك ..
نهضت بتثاقل .. رمقت ذاك الذي يبتسم لي بانتصار بعجز .. همست للعم بحرقة : بس هي ما تبيه .. تبيني أنا ..
قال العم بعد نهض ومسكني من ذراعي : يلله يولدي .. روح من هني .. اذا كنت تحبها مثل ما تقول .. ما تبي أذيتها صح ؟ فتركها في حالها أحسن ..
مسكت ثوبه برجاء وأنا أحاول منع دمعي من الهطول : بغلاة ولدك .. عطني فرصة ثانية .. أعترف اني خطأت .. المفروض من زمان أخطبها .. بس الله يسامح .. ويعطي عبده فرصة توبة .. انتو ما تسامحون ؟ وما تخلون الواحد يصحح خطاه ؟
ربت على كتفي وتبسم : انت توك ببداية عمرك .. والدنيا جدامك .. صدقني بتلاقي الي أحسن منها .. والي تحي بقلبك من جديد ..
حركت فمي لأنطق .. لكنه أشار لي بأن لا يريد أن يسمع المزيد .. مشيت بعجز .. أجر قدماي بعيدا عن هؤلاء .. أشعر بانهيـــار أحلامي .. بانتحــار آمالي .. بأن المســافات التي بيننا أنـا ورنــا .. اتسعــت .. وأنها بعيـــدة عني جدا .. في النصف الثاني من الأرض ..
وصلت سيارتي .. ركلتها بقدمي ألف مرة .. وكل ذاك الدمع الذي حبسته .. انفجر الآن .. بكيت بحرقة .. لكنني لم أفقد الأمل بعد .. دخلت السيارة .. وانطلقت نحو رنـــا .. في منزلها ..
==
[ بيـان ]
كنت أطل من النافذة .. حينما رأيت أحمد يحتضن محمود .. وينتظرون قدوم التاكسي .. محمود ليس بخير .. لبست شالي على عجل .. وخرجت مسرعة .. وصلت الطابق الأرضي .. ركضت نحو الشارع .. ورأيت السيارة ستنطلق .. أشرت لأحمد .. فتوقفت السيارة .. وقفت أمام النافذة .. وقلت له بذعر : محمود شفيه ؟
تبسم لي : ما فيه إلا الخير .. انتي ردي دارج ..
فتحت باب السيارة : بجي معاكم ..
دخلت السيارة .. والتفت لمحمود الذي يسند جسده على المقعد بارهاق .. ووجه مصفر .. رفعت كفي .. ووضعتها على جبينه .. لم يكن ساخنا .. دنوت منه .. قبلت رأسه .. وهمست له : شفيك محمود ؟
قال لي هامسا : تعبان ..
وضعت رأسه فوق قدماي .. وأنا أحاول التحكم بمجرى الدمع .. ليقول لي : دلكي راسي .. أحسه بينفجر ..
تبسمت له : ان شاء الله ..
/
[ أحمـد ]
كنت أراقبهما .. وأنا مبتسم .. هنيئا لهما ببعضهما البعض .. لأدعو في سريرتي .. أن يتعافى .. وأن يكون بخير ..
ضغطت زر الاتصال لعادل .. فهو لم يتصل .. ولم يخبرني بما جرى له ..
أدرت بصري إلى النافذة .. وطيف منتهى عاد مجددا .. تبسمت للطيف .. وأوصلته سلاما لها .. وكأنني أشعر بما يجري لها الآن !
==
[ عـادل ]
ضربت الجرس مرارا .. طرقت الباب ألف مرة .. لكن ما من جيب .. لأيقن حينها أن ما عادت في الشقة .. قصدت سيارتي .. وأنا منهك من الوجـع .. وصلت المنزل .. صعدت غرفتي .. وألقيت بثقل أوجـاعي على السرير ..
/
[ رنـا ]
كنت بمنزل عمي .. حابسة نفسي بغرفة فارغة .. فعمي ليس لديه أحد سواه جميل .. زوجته لم تقصر معنا أنا وطلال .. ولم تلمني على شيء .. وكأنها تفهمت أن حكاية العشق صعبة .. والضفر بالمعشوق أمر ليس بالهين ..
مسحت دمعي الذي لم يتوقف عن الجريان .. أشعر بحرقة في عيناي .. يبدو أنهما تورمتان وسيصيبهما العمى في النهاية .. كم آمل أن يستيقظ والدي .. ويخلصني من هذا العذاب .. ولا أعلم .. إن كنت سأدخل في عذاب من نوع آخر ..
سمعت طرقا على الباب .. رأيت زوجة عمي تدخل وعلى فمها ابتسامة : رنا .. أبوج صحى ..
سرعان ما استجاب الله دعوتي .. خريت على الأرض ساجدة شكرا لله .. نهضت لها .. احتضنتها وأنا أبكي .. وأحمد الله في سريرتي ..
لكنها قالت : جميل يبي يكلمج يبنيتي ..
تبسمت بوجع : شنو يبي عمة ؟ قولي له ما عاد فيني أسمع شي ..
تبسمت لي بقلة حيلة : بس هو قالي بوصل لج كلام أبوج ..
قلت لها بضعف : اوكي .. بلبس حجابي ..
وما انتهيت من ارتداءه .. حتى دخل الغرفة .. وهو يبتسم : صباح الخير رنــا ..
قلت هامسة : صباح النور ..
جلس على الكنبة بجانبي : شلونج ؟
قلت له : خلصني .. شقال لك أبوي ؟
اتسعت ابتسامته : قال لي .. قول لرنا .. اني بسامحها على سواتها ..
نهضت بفرح : والله ؟ أبوي مو زعلان مني ..
رأيته يهز رأسه بإيجاب : هو زعلان .. بس بيرضى اذا طاوعتيه ..
قلت له بسرعة : في شنو ؟ قووول ..
تبسم : إن أول ما يتعفى كليا .. نعقد قرانا أنا وانتي ..
صاعقة .. أجـــل .. كـ الصاعقة نزل هذا الخبر علي .. جلست ثانية .. رددت اسم الله بوجـل .. رغما عني بكيت .. حاولت أن أجد خيارا آخر .. لأشتري رضا والدي .. حاولت أن أجد منفذا بين كل هذه الأحـزان .. لم أعثر إلا على الخيبة .. ورغما عني قبلت .. رغمــا عني .. استسلمت لما يريد .. وتخليت عن حـلم .. بنيناه كلينا ..
دنى مني .. وهمس لي : ليش تصيحين اللحين ؟
تبسمت بيأس .. ونطقت بتثاقل : أنـا مـــوافـــقـة ..
==
[ فطــوم ]
تمضي عجــلة الأيـــام .. بيـن اشراق وغروب .. كان هذا اليوم الأخيــر لنـا على أراضي برلين .. فقد وصلنا توا إلى مدينة الألعـاب .. فكل تلك السابقة .. كان محمود يتعافى .. ثم يسوء حـاله .. مرت الأيام ثقيلة علينا .. لكنه منذ الأمس .. بأحسن حــال .. وكـأنه حينما استبشر بالعودة إلى الديــار .. ولى عنه المرض ..
منذ اسبوع نافع وغسان عادا برفقة عمهم الذي تماثل للشفاء .. ومنذ اسبوع .. ونحن نتسوق .. ومنذ اسبوع ونحن نعيش بقلق دائم .. رنــا لا تملك هاتفا الآن .. وعـــادل لا يجيب على أحــــد .. فليجمعهما الله ..
منذ اسبوع .. واتصالات يعقوب في ازياد .. أصبحت أستيقظ على صوته .. وتغفو عيناي بعد أن يهمس لي " تلقين خير " ما أجملها من أيـــام عشتها هنــا .. فوجوده لا يفارقني .. ليس جسدا .. وإنمــا روحه باتت الآن .. تسكن بالقرب مني .. أشعر بوجودها ..
ومنذ اسبوع .. أخبرتني بيان بما حدث بينها وبين عمـار .. كم تألمت لحـاله أخـي .. وإلى حبه الذي صحى مؤخرا .. كنت أتوقع ذلك .. بعد رأيته ذاك اليوم يشم شالها .. لكنني لم أتخيل أن يعترف لها .. لأنه يعلم .. ما هو شعورها ناحيته .. بل ناحية أفراد العائلة جميعهم ..
انتبهت حينما هزتني بيان .. وسألتني إن كنت أود ركوب هذه اللعبة معا .. وافقت رغم أنني لم أنتبه إلى أيهم أشارت .. وركبنا .. كانت قطــار الموت .. صرخت لحين أن شعرت أني ما عدت أستطيع الكلام ..
/
[ أحمـــد ]
رن هاتفي حينما كنت أشتري لنا الآيسكريم .. مددت كفي بكوبين الآيسكريم لبيان : هذا لج ولفطوم ..
تبسمت : مشكور ..
غمزت لها : ولو ..
أخرجت هاتفي من جيبي .. وكان المتصل " عـــادل " .. ضغطت زر الرد بسرعة : عـادل .. وينك فيه ؟
لترتفع أنظار الجميع إلي .. " أميرة – دعاء – فطوم – بيان – وعمـار أيضا "
ابتعدت عنهم قليلا وأنا لم أسمع صوته بعد : عــادل ؟؟
وصلني صوت انسان شبه ميت : الحق علي .. بموت ..
تجمع الدمع بعيناي : شفيك عادل ؟ خوفتنا عليك .. قولي شصار ؟ شصار معاها ؟
قال لي بانهيار : أقولك بموت .. فرقونا عن بعض ..
أغمضت عيناي .. وأنا أسمعه يقص لي ما حدث له .. وروحي .. عادت لما قبل سنتين .. عادت لذلك الوقت .. حيث منتهى .. حيث فراق منتهى .. حيثما توقف النبض .. ومـات القلب .. وانقطعت الأنفـــاس ..
تتكرر الحـكاية .. تتكـرر الأحــداث .. تتكـرر المصائب .. ويتكرر الفـــراق .. كل شيء .. طبق بعضه .. المسرحية ذاتها .. الأدوار متشابهة .. والاختــلاف .. في من قام بتمثيل الدور ..
جلست على الأرض .. وهمست له : ما قلت لك ؟ ليش ما سمعت كلامي ؟ ليش ما طعتني ؟
قال لي وهو ينتحب : ما توقعت جذي بصير .. ما توقعت إن ناس قلوبهم متحجرة .. يعرفون إني أحبها وأبيها .. ويحرموني منها .. أحمد أنا أبيها .. أحمد أنا ما اقدر أعيش بدونها ..
ذرفت دمعة ساخنة .. كم أشفق عليه .. كم يتعذب قلبي لما يجري عليه .. أشعر بشعوره الآن .. فأحاسيسه هذه .. ذقت مرها يوما ما .. لكنني لم أشكو لأحــد .. لم أبح لأحــد .. لم أبكي أمام أحــد .. لم أضعف عند أحــد .. بل .. مت ببطء .. وشيئا فشيئا تنتزع الــروح منــي ..
قلت له بعذاب : هدي روحك .. المفروض تكون أقوى من جذي .. فكر فيها .. فكر انها تتعذب اللحين أكثر منك ..
قال لي : شلون أهدي ؟ أحمد أنا خايف أقتل روحي .. خــايف انتحر .. الوجــع ما اني متعود عليه .. وما اقدر اتحمله .. أحمد تكفى .. كلمهم .. روح لأبوها .. فهمه إنها الحياة بالنسبة لي .. قوله إني بجن إذا أخذها جميل .. قوله إني بتهور وبقتله ..
وضعت كفي على رأسي أطرد الوجع : لا عــادل .. لا تقوم هـ الكلام .. ولا تفكـر هـ التفكير .. كل شي وله حــل .. احنا بكرة رادين .. أوعدك اني بروح لأبوها وبكلمه .. انت اللحين اسبح بماي بارد .. واقرأ قرآن .. صل ركعتين .. وان شاء الله بتهدأ ..
بصعوبة .. أغلقت الهاتف .. أحسست بانفاس قريبة مني .. أدرت وجهي للخلف .. ورأيتها واقفة أمامي .. والدمع يسيل على خديها : شفيه عادل ؟
ضممت دعاء إلي .. وخرجنا من مدينة الألعــاب .. وقــد خيم الصمت والحــزن علينـــــا ..
==
[ محمـــود ]
كنا جالسين في المطعم .. نتناول العشاء .. حينما نهض علي وعماد .. وقالا بأنهما سيقصدان متجر قريب يبيع أفلام وألعاب .. وجلسنا نحن بإنتظار عودتهم .. تأخروا .. فنهض عمار ليرى سبب تأخرهم .. وقصدت أميرة الحمام ..
كانت الساعة تشير إلى الثانية عشر ليلا .. أنا لا أحبذ البقاء هنا .. لكننا مطرون .. لحين عودة عماد وعلي .. ففي هذا الوقت من كل ليلة .. ينقلب المطعم إلى " مرقص " ..
وكما توقعت .. شغلت الموسيقى الصاخبة .. ونهض أحدهم للغنــاء .. أما الباقي .. فاتكفو بالرقص .. وشرب الخمور .. نكست رأسي .. لا أحب مشاهدة هذا .. لكن الذي أجبرني على رفعه .. حينما رأيتها تنهض وتبدأ بالرقص .. رغما عني .. تعلقت عيناي بها .. ليس معجبا .. وإنما مذهولا .. ماذا تفعل هذه ؟
التفت لأحمد .. فرأيته يشرب كأس خمر .. يحتسيه .. وكأنه منذ مئة عام لم يشرب ماء .. كأنه ظمأ في صحراء قاحلة .. قلت له مأنبا : أحمــد .. تشرب ؟
تبسم لي بوجع : قلاص واحد بس ..
صرخت عليه : قلاص يعني مو حرام ؟
هز رأسه بلا .. وشرب شربة أخرى .. أثار غضبي .. سحبت الكأس منه .. ورميته على الأرض .. قال لي بلا مبالاة : زين سويت ..
نهضت بضيق .. والتفت لتلك التي لم تكف عن تمايل أعضاء جسدها أمام ناظري .. قلت لها : دعــاء .. دعــاء وقفي مهزلة ..
لم تجبني .. بل لم تلتفت لي .. أثارت غضبي .. قهرتني حينما دارت وجهها ناحيتي .. وزادت رقصها .. وهي تبتسم برضا عما تفعل ..
لا أعلم كيف رفعت ذراعي .. ربما لأنني رأيت أنظار بعض الخليجين اتجهت لها .. ووضعت كفاي على خصرها التي يهتز .. أمسكتها بقوة .. ونظرت إليها بحزم .. وأنا ارتجف من الداخل .. وقلبي ينبض بعنف .. وبارتبــــــاك ..
/
[ دعــاء ]
رقصت كي أنسى التفكير بعادل .. وتوقفت لأنني شعرت بعد أن أحاطتني كفاه .. بقشعريرة .. بلمسة كهربائية قاتلة .. نظراته كانت قاضية .. ورجفته تدل على مقدار الغضب الذي يشعر به ..
تركني .. ونهض نحو الباب : بيان فطوم .. يلله مشينا ..
التفت لهما .. ورأيتهما تنظراني باحتقار .. وتمشيان خلفه .. بعد أن رمقت بيان أحمد بنظرة ماذا أقول لكم تفسيرها .. تأنيب .. لوم .. أم احتــقار ؟ لا أعــلم .. ولم أفهم سبب ذلك .. لكنني علمت بعد هذا أنه قــد شـرب خمرا ..
\
[ بيــان ]
خرجنا .. وأنا أضغط على كف فطوم بقوة .. كنت أحاول عدم اظهـار غضبي .. فأنــا على وشك البكــاء .. شيء مؤلـم .. أن تكتشف أن من يرتجف قلبك حين ذكره .. وتلهف عيناك لرؤية ظلاله .. هو سبب ابتساماتك كلها .. هو سبب سعادة الروح .. هو من لأجله تحيى .. هو أميــر قلعة الأحلام .. وتراه ملاكا أبيضا .. يرفرف بجناحين .. دائما هو على الحق .. دائما رأيه صواب .. يكون سوى إنسان اسودت روحه بالمعاصي .. وسيعذب يوما ما جسده تحت التراب .. على هذه الآثـــــام ..
==
الهي اليك اشكوا نفسا بالسوء امارة .. والي الخطيئة مبادرة .. وبالمعاصي مولعة
,
.
؟
نهاية الجـزء السابع عشـر ..


\

مرحبـــا ..
شلونكم ؟
أتمنى ان البارت عجبكم ..
وتقرؤون بالبارت الثامن عشر ..
/
صرخ بي : اييي .. مجنون .. ليش في أحد في هـ البيت صاحي ؟
\
همست بتعب : ما صار شي يستحق إني أقوله .. الي صار شي واحد .. صفعة .. نبهتني .. إني ما أتمادى بـرسم أحلامي .. وانتبه إنها أحـلام .. ما تمد للواقع بصــلة ..
/
تبسمت بحزن : تتعودين يا حياتي .. المر جاينج قريب ..
\
لتقول وهي تبكي : أحبه .. أحبه بيييون ..
/
لأقطع حديثها : شرايج نهرب ؟ ونروح المحكمة ؟ ونكتب عقدنا هناك ؟
\


قاطعته وأنا أكثر ألما : لا .. ما اجذب .. هذي الحقيقة .. أنا اسفة .. لأني اكتشفت انك انسان ما تستاهل الي سويته فيك ..
/
وصرخت : بعــد عني .. بعـــد عني يالحقير ..
\
إلى اللقاء بكرهـ او اليوم في الليل....
اختكم محتآجكـ خفوقي..}


[ 18 ]
وقضيت عمري كلــه بـ انتـــظارك ..
لم أأبه لشيء ..
يكفيني .. أننا سنلتقي يوما ما ..
لأبتســم .. وأقـــاوم الموت ..
من أجـــلك ..
وكم أفخــر ..
أن أموت ..
ويقولون .. ماتت .. شهيــــدة حبهــا ..
أحبـــــك يا من ستنقطع أنفاسي بسببه ..
وصلنا إلى الديـــار .. والتقت أبصارنا بعيون الأحبــة .. ولم يهدأ غليل الشوق إليهم .. إلا حينما لذنا بأحضانهم موطنا ..
قبلت أختاي باشتياق .. وأنا أجلس على سريري : شريت لكم هدايا واااجد ..
قالت مروة : راوينا اياهم ..
تبسمت لها : اوكيي ..
نهضت من على سريري .. وفتحت حقيبة سفري .. وأخرجت هداياهم : شرايكم ؟
تناولت الصغيرتان الهدايا بسعادة وقالتا بصوت واحد : مشكورة بيان ..
ضممتهما إلي : الله يخليكم حبيباتي ..
خرجتا مسرعتين وهما تحملان هداياتهما ليروها والدتي .. وأنا أغلقت باب الغرفة .. أرخيت جسدي على السرير .. أغمضت جفناي .. وحــاولت النوم ..
فمنـذ تلك الليلة الظلماء .. وأنا لم أنم جيدا .. فصدمتي بأحمـد ليست قليلة .. وبقدرها .. أنا متألمة .. فمحمود غير راضٍ عنه والاستياء بادٍ عليه .. رغم محاولات أحمـد الكثيــرة .. واعتذاراته !
أحمــد .. من دون أن يعلــم .. كسـّر أشياءا يصعب جبرها .. صحيح أنه كان يرغب بالنسيان .. صحيح أنه كان يحمل بقلبه الضيق على ما حدث لأخيــه .. لكــن .. ليس العصيـان هو الحـل .. ولو كـان هو الحـل الأنسب .. لعصـى المرسـلون .. لعصـى الأوليــاء .. لمـا كـان هنــاك داعٍ للتضـرع إلى الله وطلب الرحمـة والنسيــــان ..
قلبت جسدي الناحية الأخـرى .. أشعر بوخزات تنهش صدري .. أشعر بالغثيان من نفسي .. لا يحـق لي أن ألومه .. لا يحق لي أن أغضب مما فعل .. فمن أنا ؟ وما هو رصيـد أعمـالي .. لست سوى انسانة عاصية .. لست قريبة من خالقي بالقدر الذي يسمح لي بانتقاد الآخرين والسخط عليهم .. أهذا بدلا من أنظر إلى ما حصدت طول هذه السنين ؟ سأبلغ 18 قريبا .. وأنا لم أجني إلا الذنـــوب .. كيف سأقابل ربي ؟ أأخـاف البقاء لوحدي ؟ أأخـاف الظـلام ؟ أأخــاف من الذهاب لمكان أجهله ؟ أفــلا أخــاف ربي ؟ والبقــاء في تلك الحفرة المظلمة الضيقة .. وحيــدة .. مـع عملي ؟!
[ الهي .. ارحم في هذه الدنيا غربتي.. وعند الموت كربتي ..وفي القبر وحدتي.. وفي اللحد وحشتي.. واغفر لي ماخفي على الادميين من عملي..وادم لي مابه سترتني ..وارحمني صريعا على الفراش تقلبني ايدي احبتي..
وتفضل عليا ممدودا على المغتسل يقلبني صالح جيرتي.. وتحنن عليا محمولاً قد تناول الاقرباء اطراف جنازتي..وجد عليّ منقولاً.. قد نزلت بك وحيدا في حفرتي.. وارحم في ذلك البيت الجديد غربتي .. حتى لااستأنس بغيرك ياسيدي.. ]
==
أمسكت ذراعه : مجنون انت ؟
صرخ بي : اييي .. مجنون .. ليش في أحد في هـ البيت صاحي ؟
فقدت أعصابي : في هذي انت صادق .. كلنا مجانين .. لو كنا عقل ما ركضنا ورى الشقى والعذاب .. أنا نصحتك وانت الي ما طعتني .. اللحين جاي تشكي لنا ليش ؟ روح لها .. روح ذل نفسك لأهلها أكثر .. روح استسمح وبين لهم مدى غباءك وتهورك وطيشك .. روح .. وقول لهم أي كثر انت تحبها .. يمكن حبها يشفع لك زلتك ..
ارتمى على الأرض .. صرخ والدمع غطى وجهه الحزين : بس .. بسك أحمد .. ذبحتني ..
قلته له وأنا أحترق من الداخل : ذبحتك ؟ أنا الي ذبحتك ولا غرورك هو ذبحك ؟ قلت لك .. لا تشوف حالك وتقول انت ولد أبوك وما بوقف بوجهك شي .. الناس حتى لو ما كانت تملك الفلوس .. لكن عندها عزة نفس .. ما تبيع عيالها بالرخيص .. الناس الي انت شفت حالك عليهم .. واستهنت بهم .. عندها عادات .. عندها تقاليد احنا ما تربينا عليها .. هم الصح .. واحنا الخطأ .. المفروض نتعلم منهم .. المفروض ندفن راسنا بالتراب .. لأنا ما عندنا الي عندهم .. على الأقل .. عندهم ظهر .. عندهم قدوة .. عندهم أب يحبهم يخاف عليهم .. يعزهم .. ويفتخر بأنهم من عيالهم .. مو نفسنا .. أب بالاسم فقط .. اسم تهتز الناس لما تسمعه .. شنو استفدنا من هـ الاسم ؟ وشنو جنينا من هـ الهيبة ؟ غير الخسارة .. غير الفقـد والحرمـان ..
بعد هذا السيل الذي أفرغته .. سكت الجميع .. كنا نحن الأربعة جالسين في غرفتي .. حينما جن جنون عادل .. وقرر الذهاب لها .. يقول .. بأنه مشتاق لها .. وأنا أقـول .. يجب عليه أن يعتاد على هذا الشوق .. أن يعتاد على هذا الألــم .. كي يتعلم درس عدم التمسك بأمل كاذب ..
تنهدت بتعب .. ونهضت من على السرير .. جلست بجانبه .. قلت له بحنان أخوي : امسح دموعك يا خوك .. اذا كان لك نصيب فيها بتاخذها .. وما بيوقف بطريقك أحـد .. إذا كان الله كاتبها لك .. لو مهما صار .. راح تكون لك ..
لتقول أميرة بعد هدوء : بس لازم تاخذ بلأسباب .. الانسان يسعى .. ويجيه رزقه .. ما يصير تقعد وخال يدك على خدك وتصيح مثل الحريم .. وتندب حالك .. قوم .. حرك دمك .. حـارب علشان توصل لها .. حـاول تكلم أبوها .. حاول تبرر موقفك .. اذا شافك مصر وما استسلمت بيستسلمون ..
لتكمل دعاء : عـادل ما عليك من أحمد .. مثل ما يقولون .. الي يبي الصلاة ما تفوته .. اذا كنت تبيها صدق .. اذا كنت تحس انك تحبها بصدق .. اذا كنت واثق من مشاعرك ناحيتها .. توكل على الله .. وبين انك قوي .. بين انك رجـال ..
فقالت أميرة : لا تعتمد على أبوي .. انت تخرجت .. دور لك على شغل .. اعتمد على نفسك .. أمن مستقبلها بمالك .. بين لأهلها ولها انك تغيرت .. وما عدت عادل المراهق الي يهدد ويوعد .. بين لهم انك اذا قلت شي نفذته .. ما اقصد الشـر .. أقصد الخير الي لازم يطيلها ويطيل أهلها ..
تأملت بعـادل .. فرأيته غارقا بالصمت يفكر بما قلناه .. لأقول بتأني : بس خل في بالك انك ما تقدر تغير القدر .. توقع الخسارة بنسبة النجـاح .. علشان ما تنصدم .. في النهاية ..
لتقول دعاء : شفيك انت ؟ يائس من حياتك وتبعث اليأس بقلوبنا ؟ يا اخي تفائل .. الي يفكر في شنو بيخسر ما بحصل شي .. لأن الي يبي شي .. يترك أشياء ..
تبسمت بوجع لها وطيفها لا يفارقني : الي شفته .. الي عشته .. الي جربته .. هو الي زرع هـ اليأس بقلبي .. ومن خوفي عليكم .. من حبي لكم .. أنبهكم .. وأقول لكم احترسوا .. علشان ما تذوقون إلي ذقته ..
قالت بحذر : تقصد الي باللوحة المخبية بغرفتك ؟
ارتبك النبض .. قلت بغضب : وانتي متى تفتشين بأغراضي ؟ الغرفة 24 ساعة مقفولة ؟
ارتبكت : مرة انت نسيت المفتاح بالباب وفتحتها وشفت ..
قاطعتها بعصبية : ترضيت أفتش في خصوصياتج ؟ ما يحق لج ولا إلى واحد منكم يعبث بأغراضي .. سمعتوا !
سكت الجميع .. ليقول عادل : احنا كلنا نشكي لك .. احنا كلنا نثق فيك ونقولك بالي يصير لنا .. لكنك ولا مرة .. فكرت تثق فينا .. وتفتح لنا قلبك ..
نهضت من عنده .. وجلست على السرير منصدم مما يقول .. ليكمل : حسبالك ما ندري بسالفتك معاها ؟ احنا ما ندري شنو صار ومن هي ؟ بس نعرف ان صاير لك شي .. وشي قوي بعد .. شي خلاك تتغير 360 درجة .. شي هزك من داخل .. ويهزنا كل ما نشوف الألم بعيونك ..
لتقول أميرة : تكلم يا خوي .. احنا مالنا غنى عن بعض .. لأن أربعتنا عشنا نفس التجربة .. عشنا بنفس البيئة .. ذقنا نفس العذاب .. فقدنا الحنان .. تربينا على أيدي المربيات .. ما كأن لنا أم .. بس احنا إلا نفهم بعض .. ونعرف إن الشي الي يصير لنا والي نسويه مو بإرادتنا .. أعرف انك موب عارف شلون ترضي محمود وشلون تبين له انك ما كنت تقصد تغضب ربك .. أعرف إن شربك مو سببه إنك ما تخاف من الله وعادي عندك تعصيه .. بس لأن هذا نتيجة التربية .. البيئة .. احنا تعلمنا إن ما في شي يسمونه حرام .. ما في شي يسمونه حساب .. وكل شي فيه لذة .. كل شي حلو .. كل شي يفرحنا نسويه ..
رمقتها بضعف .. قرأت بسهولة ما يدور بعقلي .. قرأت بسهولة ما كنت أود قوله لمحمود .. لتأتي دعـاء .. وتجلس بجانبي .. تضع رأسها على كتفي : بعترف لكم بشي .. من زمان أنا معجبة بمحمود .. وبعد ما سافرنا حسيت إني أحبه .. ما ادري اذا كان هذا الشي صح ولا خطأ .. بس الي أحس فيه مثل الي ينطبق عليكم .. مثل شعور عادل تجاه رنا .. مثل عذابك يا احمد .. ومثل ألمج يا أميرة .. ( تنهدت ) ما ادري شلون أوضح .. بس أنا أحس انه شخص مهم بحياتي .. وأتمنى قربــه ..
رمقناها نحن الثلاثة .. ليس بغضب وإنما نحـاول أن نكتم ضحكاتنا .. رفعت رأسها من على كتفي : شفيكم ؟ علقوا على كلامي .. قولو لي شي ..
تبسمت أميرة : حبيبتي شعورج مو حب .. يسمونه ..
قاطعتها : وهم الحب ..
ليكمل عادل : محمود هذا انسان حتى ابليس يحبه من جذي ما يوسوس له ..
ضحكنا .. لتقول : يعني تبون تحبطوني ؟ انتو كلكم جربتون الحب .. ومحد قالكم لا .. خلوني أجرب .. واذا كان وهم مثل ما تقولون .. أنا بسويه حقيقة ..
قاطعتها بسخرية : وما دورتي تحبين يا آنسة إلا محمود ؟
لتقول : وشنو فيه ؟ مو صديقك ؟ مو هو أكثر انسان تثق فيه ويعرف كل الي بقلبك ؟ يعني ما انت واثق إنه بحافظ على قلب اختك ..
ضحكنا وقلت لها : يا حبابة .. محمود ما يفكر بهذه الأمور أولا .. ثانيا .. انتي اختي .. ومستحيل يحبج .. وحتى لو حباج .. ما بعيش معاج قصة حب مثل عادل ورنا .. بجيج مباشرة من الباب موب من الدريشة .. لأنه يعتبر هذي خيانة .. ومحمود أكبر من إنه يخون .. وأخيرا .. تذكري من أبوج .. وإن حبج لمحمود خطر عليه .. إذا كنتي تحبينه صج .. بعدي عنه .. علشان تضمني سلامته من ظلم أبوي ..
لم أتوقع أن أرى الدمع بعينيها الصغيرتين : أنا ما علي منكم .. أنا عطيتكم خبر علشان ما تقولون إني سويت شي من وراكم .. أنا احبه .. وبخليه يحبني .. ويتزوجني وبرتاح من هـ البيت ..
ضحكنا عليها .. ربمـا .. بقوة .. ليس أننا نستهتر بمشاعرها .. إنما نشفق عليها .. مسكينة هذه المراهقة .. تضن أن الحب يقذف إلى القلوب .. لا يولـد منها .. وإليهـــا ..
[ أحبكِ منتهــى قلبي .. أحبـــكِ إلى إنقطـاع آخـر أنفاسي ]
==
[ عمـــار ]
نهضت بضيق : لا تفتحين هذا الموضوع رجـاءا .. كل شي انتهى .. وماله داعي هـ الكلام ..
لتقول لي بندم : آنا اسفة .. وربي آسفة .. كل شي صار بسببي .. عمار لا تاخذ بخاطرك علي ..
رغما عني ابتسمت لها .. مهما كان .. تظل أختي .. وأقرب قلب إلي بعد غسان وتلك الصغيرة : مسامحج .. وعاذرج .. أدري انج سويتي كل هذا من حرصج علي .. وبدل ما تكحلينها عميتيها ..
قالت والدمع تلألأ بعينيها : وربي ما ادري شنو اقول لك .. بس صدقني أنا مستعدة أقولها بحقيقة مشاعرك ناحيتها .. أقولها بحقيقة الي صار ..
تبسمت بوجع هذه المرة : ما له داعي .. مثل ما قلت لج .. كل شي انتهى .. وبعدين أنا ماكنت متوقع شي .. صحيح إني أرتاح لها .. صحيح اني حبيتها .. ما ادري اذا كانو يسمونه حب ولا لا .. بس ما كنت خال في بالي إنها تكون لي .. لو كنت متوقع هذا الشي .. وأبيه .. ( تلاشت ابتسامتي ) كنت انصدمت .. وتأثرت ..
احتضنت كفي : عمار تكلم .. فضفض .. قولي شصار بينكم ؟
همست بتعب : ما صار شي يستحق إني أقوله .. الي صار شي واحد .. صفعة .. نبهتني .. إني ما أتمادى بـرسم أحلامي .. وانتبه إنها أحـلام .. ما تمد للواقع بصــلة ..
تركتها تترجم ما قلته من ألغاز .. وخرجت من المنزل .. ركبت السيارة بجانب غسان .. وتحركنا إلى النادي .. قال لي بفكاهة : يا عمري الدنيا ما تسوى تنام وخاطرك زعلان .. ولاشي يستاهل يخلي قلبك يعاني ..
قهقهت له : سكر فمك .. وربي مالك خلقك ..
ليكمل بابتسامة صادقة : طلبتك إن كان لي خـاطر تبعد عنك الأحـزان .. فديت عيونك الحلوة .. تبسم لو علشاني ..
تبسمت بصدق .. وذرفت دمعة .. أقسمت بعدها .. أن أطوي هذه الصفحة .. أن أطوي هذه التجربة .. فالحياة مدرسة .. نرسب باختبار .. وننجح في الآخر .. أقسمت أن تكون هذه آخر دمعة أذرفها في سبيل الحب .. أقسمت .. أن أنسى .. أن أتنـاسى .. وأتجـاهل كل شي يربطني بتلك الروح ..
التفت له : فتح الدرايش ..
فهم ما أقصده .. تبسم بشيطانية .. فتح النوافذ الأربعة كلها .. وضعت ( السي دي ) بمكانه .. رفعت على الصوت .. وبدأنا " بـ الاستهبال " !
[ حفظك الله صديقي العزيز " غسان " ]
==
[ منتهـى ]
أن يعيش الإنسان في قصر واسـع كبير بمفرده .. مع الخـدم .. أمر مخيف للغاية .. لكـن .. حينما يكون هذا الإنسان .. قد اعتاد على هذا الأمـر .. لأنه بكل بساطة ما من شخص آخر يقاسمه العيش .. يكون سهـلا .. كـشرب الماء ..
كنت جالسة أمام المسبح أستمع لمحـاظرة أحـد الشيوخ .. وأنا أتنـاول الطعـام من غير نفس ! فمنذ ساعتين .. اتصلت أمي .. وقطعت الخط بوجهها .. لأبين لها أنني لست راضية .. وأنها لو قتلت نفسها ووضعت روحها بين يدي .. لن أرضى عنها ولا عن عمي التافه ذاك !
أحقا هذا الكلام ؟ ضغطت على زر الإيقاف .. وأغمضت جفناي .. كل ما أقوله هراء .. لو أن أمي تسألني ما تريدين لكي تسامحيني .. لأقول لها .. قبلة .. قبلة واحدة منها تكفيني .. وترضي غرور قلبي ..
سالت دمعة متعجرفة على خدي .. مسحتها قبل أن يهطل المزيد .. ولم أشعر .. إلا بكفين دافئتين .. وضعتا على عيناي .. وحجبتا الرؤية ..
قلت بضيق : من هذا الفاضي ؟
ولم أجـد إلا قبلة دافئة أيضا .. طبعت على رأسي ..
أيعقل أن ملاكا مر .. وسمع ما كنت أفكر به .. وجـاء بأمي فوق جناحيه .. وأجبرها على تقبيلي .. هذه ليست قبلة أمي .. هذه الكفان .. ليست راحتا أمي ..
رفعت كفاي .. واحتضنت بهما تلك الكفين .. سحبتها للأمام .. وانصدمت بالشخـص الواقف أمامي .. وهو يبتسم بحـالمية !
/
[ مـازن ]
أن تكون منتهى أمامي .. وباستطاعتي التأمل بها قدر ما أشاء .. هذا شيء جميل وأشكر ربي عليه .. وأن أراها تمسك بكفاي .. هذا ما أتمناه .. وأن تلتقي عيناي بعينيها العذبتين .. هذا يستحق أن أسجد سجدة الشكر .. وأن تبادلني المشاعر .. هذا يدفعني بالتصدق بنصف ثروتي إلى الفقراء ..
تبسمت بسخرية على أفكاري .. وانتبهت لواقع نظراتها الساخرة والحاقدة : انت ؟ شنو تسوي هنا ؟
تبسمت لها : اتصل فيني باباتج .. وقال لي .. انهم بردون بعد سبوع .. لأن ماماتج خايفة عليج واجد .. وقالو لي .. أقعد معاج لين يردون .. علشان يضمنون انج بخير وسالمة ..
رأيتها تزفر بضيق .. وتقوم بقهر : انت تقعد معاي ؟ بأي صفة ؟
اتسعت ابتسامتي : بصفتي خطيبج .. وزوجج قريبا ..
قالت لي بحدة : بس للحين ما صار شي .. ما في عقد بينا .. يعني ما يصير تقعد معاي ..
ضحكت بخفة : خلج فري .. وبعدين يا حبيبتي البيت واسع .. ويسع لنا كلنا ..
جمعت حاجياتها من فوق الطاولة .. وصرخت علي : ما يسع .. تفضل اطلع .. لأن فكرة انك معاي بمكان واحد تجنني .. مو تعيش معاي سبوع .. تبيني أموت ؟
تبسمت بحزن : تتعودين يا حياتي .. المر جاينج قريب ..
لتقول : اطلع برى .. ما تفهم .. أنا ما ابيك بحياتي .. ما ابيك في بيتي ..
بنفس تلك الابتسامة : اسف يا عمري انتي .. أنا ملزوم فيج اللحين .. وبعدين عيب يا قمر أطلع من حياتج وأنا خطيبج .. ما تعرفين إن أيام الخطوبة أحلى أيام العمر ؟
مشت بخطوات مبعثرة نحو داخل المنزل .. وتوقفت في نصف الطريق : أحلى أيام عمري الي عشتها مع أحمد .. ومن شفتك ما لقيت إلا الغثيان .. يا كرهي لك ..
ضحكت بوجع : ويا حبي لج ..
==
[ يعقـوب ]
مضت نصف ساعة .. وأنا ما أزال واقفا أمام المرآة أرتدي الشماغ .. لا أعرف كيف يلبسونه .. أف ! خرجت من الغرفة وذهبت لغرفة هيثم .. وما هممت بفتح الباب حتى خرج .. وبرفقته عهود قلت له بضيق : لبسني إياه .. من نص ساعة وأنا أحاول ألبسه ..
ضحكا معا .. وقالت عهود : هذا انت ما عارف تلبس الشماغ .. عجل فطوم المسكينة ..
لأقول بنفاذ صبر : بسكم ضحك .. بتسويه ولا لا ؟
قال لي من بين ضحكاته : تعال اشوف ..
وكلها ثوان وهو كما أحببت أن يكون .. قلت ببتسامة رضا وأنا انظر لنفسي في المرآة : الله يخلييك لي .. تسلم هـ الأيادي ..
ضحكا .. وقال : ويخليييك لـ ..
قالا معا : فطووومة ..
رمقتهما بعضب : بسكم طنـــاز .. مسووين روحكم ما عندكم حركات .. ولا تضنون إني غافل ؟
ضحكا مرة أخرى .. ولم يتوقفا عن الضحك إلا حينما سمعا صوت أمي تنادينا ..
خرجنا كلنا من البيت .. تحت أصوات ضحك والداي .. وأخواي .. الجميع فرحون .. وأنا .. أطير سعـادة .. هذه الليلة مميزة بعمري .. ألا يكفي .. أنني انتظرتها حتى شاب رأسي من الإنتظار .....
وصلنا إلى منزل خالتي .. دخلت المجلس مع والدي وأخي .. سلمت على زوج خـالتي .. على عمـار .. عمـاد .. وأنا أشعر بأني أراهم هذه المرة بشكل مختلف .. وهم يسلمون علي سلام آخر .. وكيف لا .. وأنا سأكون قريبا " نسيبهم " ربما كنت أبالغ بلأمر .. لكن .. بعيناي الفرحتين هذه .. أصبحت أرى كل شيء مختلف .. حتى أنها لذة السعادة .. هذه المرة مختلفة تماما .. أكثر روعة .. طعمها لذيذ " يم يم "
لم أكن أسمع ما يقولون .. لأنني كنت " كـ الأبله " أكتفي بتوزيع الابتسامات .. وتفكري كله بـ اللحظة التي سأقابلها فيها .. لأنني لم أستطع استقبالهم في المطـار .. مضى شهر وثلاثة أيام على آخر لقاء بيننا وجها لوجه .. اشتقت لتقاسيمها .. اشتقت لعينيها .. اشتقت لابتسامتها ..
هزني هيثم وهو يهمس لي : يعقوب .. يعقوب .. يكلمك ابو عمار ..
نهضت بفزعة وأنا أمسك شماغي : ها ؟ وين ؟
ارتفعت أصواتهم ضحكا علي .. شعرت بالاحراج .. يا الله .. كم أنا غبي : مسامحة .. بس سرحت شوي ..
تبس أباها إلي : أقولك تفضل الصالة مع عماد علشان تشوفها ..

يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -