بداية

رواية وش رجعك -25

رواية وِش رجعك - غرام

رواية وش رجعك -25

ضحك بخفة : زيين .. ريحتيني ..
تبسمت ثانية وقلت وأنا أقف لارتاح : تعبت .. ما وصلنا الطابق الثالث للحين ..
ضحك ثانية : الطابق الثالث وتعبتي .. عجل لو كانت بالسادس ..
رمقته : كان ما أطلع منها .. حتى الجامعة ما أروح ..
ضحكنا .. وواصلنا ركوب الدرج .. نزل الحقيبة التي بيده .. وفتح الشقة .. وقال : تفضلي ..
سميت باسم الله .. وخطوت خطوتي الأولى داخل بيتي الصغير .. الذي ستشاركني فيه صفاء القادمة بعد اسبوع .. أخذت أتأمل المكان .. صالة متوسطة الحجم .. تحتوي على 3 كنبات .. وتلفزيون .. وبها أربعة أبواب .. فتحت الباب الأول .. فإذا به مطبخ متوسط الحجم أيضا كاملة معداته .. خرجت من المطبخ .. وقصدت الباب الآخر .. فكانت غرفة تحتوي سرير لشخص واحد .. خزانة ملابس .. طاولة .. وكانت جدرانها بيضاء .. والغرفة الأخرى تشبهها والاختلاف هو جدرانها الزرقاء .. والباب الرابع .. كان حماما ..
دخل أحمد وهو يحمل الحقيبة الأخرى .. وحقيبته المتوسطة الحجم .. وقال : أي غرفة عجبتج ؟
تبسمت : ثنتينهم مو حليوين .. بس البيضا أشوى ..
ضحك محمود : شكلج ناوية تبدلين الشقة ..
قلت له وأنا أجلس على الكنبة : لا .. قلت لك دامها قريبة للجامعة موافقة .. بس برتب المكان وبصير حلو وبيعجبني ..
قال محمود : زين .. خلاص اللحين .. ندخل أغراضج الغرفة ..
تبسمت : ايي ..
==
[ رنـا ]
حـــالــة استنفـــار .. هذا ما أستطيع قوله لأصف هذه الليلة .. فـجميل .. عذرا .. لم أعتد على أن أناديه بجاسم .. قد أقفل عليه غرفته منذ الضهيرة لهذا الوقت .. ولا صوت بالغرفة .. وعمي .. قرر الآن خلع الباب .. فهو لم يكن بخير .. ولا أضن بعد الذي عرفه سيكون بخير ..
كنت أنظر إلى الجميع .. عمي .. زوجته .. أبواي .. حتى عادل .. كان كلهم خائفون عليه .. تمنيت أن يخرج بنفسه .. ويرى ماذا فعل بهم .. تمنيت أن يخرج ويعلم أن هناك من يحبوه .. ولا تغفو لهم عين وهو ليس بخير ..
كسر الباب .. دخل الجميع إلى داخل الغرفة .. عداي أنا .. سمعت صوت شهقاتهم .. صوت صرخة امرأة عمي .. لا أسمع شيئا آخر .. ربما لجم ما رأوه ألسنتهم ..
كنت خائفة .. خائفة عليه .. فهما حدث بيننا .. يضل بنظري ابن عمي .. فساقني الفضول والخوف إلى أن أقف أمام الباب .. ولم أتمكن من رؤية شيء .. فبأجاسدهم التي تحيطه .. حجبت عن عيني رؤيته ..
دخلت داخل الغرفة .. وهمست لعادل المتجمد بمكانه : عادل شصاير .. بعد خلني أشوفه ..
التفت لي .. وعيناه محمرتان .. أمسكني من ذراعي .. وسحبني إلى خارج الغرفة .. وأنا أسير خارجا .. أدرت بوجهي .. لأرى جسدا ملقا على الأرض ..
ليس هذا كل ما رأيته .. فقد دار رأسي .. ولولا عادل الذي أمسكني لسقطت على الأرض .. حينما رأيت سكينا بكفه .. والدم يغطي كفه الأخرى ..
==
[ أحمـد ]
في الشقة المقابلة لشقة بيان وصديقتها .. كنت أنا .. أطل من النافذة .. أنظر إلى المباني .. إلى الطرقات الخالية من المارة .. أفكــر بمشاعري الميتة .. بقلبي الذي ما عدت أسمع صوت دقاته العنيفة ..
فلست أنا الميت الوحيد .. فهي ميتتة أيضا .. كلنا ميتون .. كلنا سنعيش بقية عمرنا .. بلا هدف .. بلا حافز يدفعنا لتفكير بالغد ..
تنهدت بوجع .. وسالت دموعي على خداي .. فهذه الصفعة الثانية التي أتلقاها .. ففي تلك المرة .. كنت قويا .. تمكنت من الصمود .. وعدم اظهار أشجاني .. أما هذه المرة .. فالصدمة أقوى من أن تحتمل ..
جلست على طرف النافذة .. أنظر إلى الأسفل .. ماذا سيحدث لو ألقيت جسدي على الأرض ؟ ماذا سيكون مصيري ؟ أسيبكيني أحدهم ؟ أسيشعر البعض أن ثغرة ثقبت بحياته ؟
نهضت .. ووقفت أمام النافذة مرة أخرى .. تعوذت من الشيطان .. وتذكرت محمود .. لن يسامحني إن فعلت هذا .. بل لن يترحم علي حتى .. لأجل محمود .. لأجل حبه الكبير لي .. لأجل صداقتنا القوية .. سأحاول مواصلة المسير ..
لأجل أختاي .. اللتان إن رحلت ستتلهان .. لأجل عادل .. لجنون عادل .. لتهور عادل .. ومن أجل دين ما زال برقبتي .. دين انتقامي لذالك المسمى طــارق ..
الآن .. سأتفرغ له .. وسيرى .. من هم نحن .....
[ أحبكِ منتهى .. أحبكِ يا انسانة جعلتني أنذر عمري كله في انتظارهــا ]
[ محمود ]
في الشقة المقابلة .. كنت مستلقيا على فراشي .. أتامل بسقف الغرفة .. أفكر بأشياء كثيرة .. فالهموم كثرت .. والطريق طويل للتخلص منها .. فأول همومي ستكون هنا .. فلن يهدأ روعي .. إلا عندما تعود إلى الوطن .. وهي تحمل بيمنيها شهادتها ..
أما الثاني .. فهو هم مؤقت .. أفكر بوالدتي .. بأخوتي .. أتمنى أن يتقلص حجمه حينما أعود بعد اسبوع ..
وهم أحمد .. كيف أستطيع أن أنسيه ؟ كيف أخرجه من قوقعة الحزن هذه ؟ كيف أتركه يعود إلى سابق عهده ؟
والوجــع الأكبر .. لا أحتــاج لأن أفصح عنه .. فقد تمكنت ساحرتي بتعويذتها قتلي بهـدوء .. واثــارة جنوني .. وايقاض مشاعري من سبـــاتها العميق ..
كم أخشى .. أن أقدم على شيء لم يكــــن بالحسبـــان !
==
[ بيان ]
بالغرفة التي بجوار تلك .. كانت قد أغلقت هاتفها توا .. قد أكملت مكالمتها مع ابنة خالتها .. وضعت رأسها على الوسادة .. تفكر بكل ما حدث هذا اليوم .. كان يوما طويلا .. مضى سريعا .. وحدث فيه الكثير من الأشياء الغير متوقعة .. كـ وجود أحمد هنا !
كم أعجب لمشيئة القدر .. أقرر الابتعـاد عنه .. فيلحقني هو .. وكأنه يريد اقناعي أن لا مفر من التفكير به .. والحمد لله .. أنه سيبقى هنا اسبوعا فقط .. لأنني لا أستطيع الاحتمال .. أن أراه دومــا .. أخشى علي أن أرتكب حماقة .. وأندم لاحقـــا بعد لحظة طيش !
لأتذكر اتصال منتهى .. كم توجعت حينما سمعت صوتها الخالِ من الحياة .. أجهل لما ناولت أحمد الهاتف .. فقد كنا في المطار .. وحينما هتفت باسمها أدار وجهه إلي .. وكأن قلبه بدأ بالنبض توا ..
قلبت جسدي الجهة الأخرى .. تحسست الوسادة .. القرآن بجانبي .. والمسبحة أيضا .. أغمضت عيناي .. بعد أن تناولت المسبحة .. أخذت أقلب خرزاتها .. أتذكر تقاسيم وجهه وهو يعطيني إيــاها .. لأتناول هاتفي .. وأرسل له مسجا ..
أدور جسدي الجهة الأولى .. أرغب بأن أنام .. فمنذ صلاة الفجر لم تغفو عيناي .. أشعر بارهاق .. لكن .. كل ما أغمضت عيني .. تتدافع صور اليوم أمام ناظري .. كشريط مسجل بذاكرتي يتكرر مرارا ..
قرأت الفاتحة .. والاخلاص ثلاث مرات .. أهديت ثوابها لروح والدي .. قرأت المعوذتين .. سورة الكرسي .. وآخر أية من سورة الكهف .. سبحت تسبيحة الزهراء .. الصلاة عليه وآله خمسة عشر مرة .. وارتحلت بعدها لعالم الأحلام !
==

[ أميـرة ]

وانقشعت ليلة الأمس .. بــعد ليلة غاب بدرها .. وها أنا الآن أقف أمام المرآة .. أضع اللمسات الأخيرة لمظهري .. فاليوم سأبدأ العمل ..
أغلقت حقيبتي بعد أن وضعت الكحل ومرطب الشفاه .. حملت هاتفي ومفتاح سيارتي .. وخرجت من الغرفة ..
قصدت غرفة دعاء .. طرقت الباب .. فلم تجب .. يبدو أنها اليوم لن تذهب إلى الجامعة .. نزلت من على الدرج .. وصلت غرفة الطعام .. سلمت على زوجات أبي .. وكانت تنقصهم تلك التي سأطرق رأسها يوما بمطرقة .. " سأحدثكم عنها لاحقا " تناولت الفطور وسريعا .. وأنا أسمع توصياتهم ودعائهم لي .. ودعتهم .. وخرجت قاصدة سيارتي .. وكم أأمل .. أن أرتاح في عملي .. ويمضي اليوم بخيـــــر ..
ترجلت من السيارة بعد أن وصلت .. مشيت بهدوء وثبات .. وقلبي يدق بعنف .. خائفة قليلا .. ومرتبكة .. دخلت المصعد الكهربائي .. وحينما توقف حيث أريد .. خرجت وقصدت قسم شؤون الموظفين .. سلمت على الموظفة .. وأخبرتها أنني موظفة جديدة .. طلبت مني الانتظار لحظات بعد أن أخذت بطاقة هويتي لتدخل بعض البيانات في الحاسوب .. نادت أحد الموظفين ليرشدني إلى مكان عملي .. مشيت خلفه .. وخفقان قلبي بازياد ..
وأخيرا .. جلست انتظر دخولي على مدير القسم .. فأنا سأصبح سكرتيرته الجديدة .. لا أعلم كيف عثر لي عادل على هذا العمل ؟ وخرج ذلك الموظف الذي أرشدني إلى هناك .. وقال لي بأن المدير بانتظاري ..
نهضت .. سميت باسم الله .. وحركت قدماي نحو الغرفة .. طرقت الباب .. فسمعت صوته : ادخل ..
فتحت الباب بهدوء .. ورأيته جالسا على كرسي جلدي .. أمامه طاولة كبيرة .. في غرفة واسعة .. مشغول بأعماله .. مشيت بعض خطوات .. ولم يرفع رأسه بعد .. فقلت هامسة : سلام عليكم ..
/
[ نـــافع ]
وعليكم السلام ..
قلت هذا وأنا أقرأ الملف الذي بيدي .. الممتلئ بالتجاوزات .. كنت غضبا حينها مما أقرأ .. لكن حينما انتبهت أن هناك من يشاركني الشهيق والزفير .. رفعت رأسي .. ورأيت فتاة في العشرين من عمرها .. ترتدي الزي الرسمي .. وتحمل حقيبتها بيدها .. وتنظر نحوي بملل ..
تركت الملف الذي بيدي وتبسمت : مسامحة .. كنت مشغول وما انتبهت ..
تبسمت : لا عادي ..
قلت لها : انتي السكرتيرة الجديدة ؟
هزت رأسها بإيجاب : اي ..
لأقول : يا هلا بيج .. ( أشرت لها لتجلس ) تفضلي ..
جلست وقلت : شنو تشربين ؟
تبسمت : شكرا ..
فقلت : لا .. هذا اليوم الأول لج هني ولازم نفطرج على حسابنا ..
ضحكت بخفة : مشكور .. تفطرت بالبيت ..
لأقول لها : اوكي .. عجل بنبدأ الشغل .. صار لي سبوع بدون سكرتيرة والله ضعت ..
تبسمت وأكملت : أنا نافع مدير قسم الحسابات المالية .. ما عرفتينا باسمج ؟
تبسمت : أميرة ..
قلت لها وأنا أنهض : عاشت الأسامي اخت أميرة .. تفضلي معاي بعلمج على الشغل .. بس باختصار لأن ما عندي وقت .. وباين عليج شاطرة وبسرعة بتتعلمين ..
==
[ مازن ]
دخلت بهدوء .. رأيتها ما زالت نائمة .. مشيت نحوها .. وجلست على طرف السرير وهمست لها : منتهى ..
فمنذ أن أخذتها إلى المشفى وهي في العناية القسوى .. فقد هزأني الطبيب .. ولولا ان رشيته لوشى بي للشرطة ..
حركت جفنيها فقلت فرحا : منتهـــى ..
لم تجبني .. نهضت وجلست عند رأسها .. قلت بخوف : شخبارج اللحين ؟ أحسن حبيبتي ؟ ( قلت بحرج صادق ) أنا اسف والله اسف .. ما كان قصدي ..
لم تجب .. وإنما زادت في بكاءها .. فكسرت بدموعها ما لم يكسر بقلبي من قبل .. رفعت كفي .. ومسحت دمعها .. لم تعارض .. لم تقاوم .. وهذا الذي أذهلني .. نكست رأسي وقبلت كفها وقلت بصدق : أنا اسف .. أدري إني خطأت والمفروض ما يصير كل الي صار .. بس وربي مو بيدي .. أنا أحبج .. ولو ما صرتي لي كان أنا اللحين ميت .. أدري انج ما تحبيني .. وانج تكرهيني وما تبين قربي .. بس ما عليه .. أنا موافق .. لا تحبيني .. بس خليني أحبج .. أنا غلطان .. أنا ندمان .. بس ما اقدر أسوي الي يرضيج ..
توقعتها ستشتمني .. ستنهض أو ستطلب مني الخروج .. لكنها لم تفتح عينيها حتى ! وما إن حركت فمي لأتكلم .. حتى قالت لي بصوت حزين : تحبني ؟ الي يحب يسوي بحبيبه جذي ؟ انت كنت بتقتلني .. شنو ناوي تسوي فيني أكثر ؟
لم أجبها .. لأن لا جواب لدي ..
فتحت عينيها .. وقالت بنفس الهدوء : ليش ما تجاوب ؟ لأنك تعرف انك غلطان ..
انتفض قلبي وأنا أرى عيني زرقاوين : فصخي العدسات .. أحب عيونج على بطبيعتها .. أنا اعترفت لج اني غلطان .. بس لا تعاتبيني .. أنا ما اتحمل عتابج ..
فضحكت باستهزاء : فصختهم .. اكيييد ما تتحمل .. ليش الحرامي اذا باق يتحمل يحاكمونه ؟ يتحمل ظلمة السجن .. انت حرامي ..
قاطعتها : فصختيهم ؟
رفعت كفاها تتحس عينيها ودموعها تسيل : لا تسوي روحك ما تدري .. تتذكر الصور الي أخذتهم .. الصور الي بسببهم انضربت .. الصور الي خلوني أشك بأحمد للحظة .. الصور الي عن طريقهم تقربت من عمي .. تذكرهم ؟ ولا يحتاج أذكرك أكثر ؟!
رجعت بذاكرتي إلى الوراء .. عندما كنت في القطار ورأيت حقيبة جليدية .. عبث بمحتوياتها بملل .. ووجدت مجموعة صور .. كانت لمنتهى التي أحببتها من خلال هذه الصور .. فاحتفظت بصورها مع أحمد .. كـذكرى .. أساسا أنا لا أعلم لما أخذت الصور من الحقيبة .. أذكر أنني رأيتها صدفة في شركة والدي وعمها .. وحينما سألت عنها .. تأكدت أنها هي التي بالصور .. ثار جنوني .. ورغبت بالارتباط بها .. ذهبت إليها .. وصارحتها بمشاعري لكنها رفضت .. هددتها بالصور .. فنكرت بشدة .. وفي اليوم التالي أريت عمها الصور .. وزعمت أن الذي بالصور معها صديق قديم .. وبالصدفة رأيت الصور لديه وأخذتهم منه بعد أن قرر نشرهم وفضح ابنتك ..
غضب بشدة .. وبعد هذه الحادثة تقربت منه أكثر .. وضمنت أكثر أنها لي .. ولا أعلم كيف التقت بأحمد ليهدم كل الذي بنيته ..
مهلا .. أملهلوني دقيقة واحدة فقط .. ألم تكن عينيها بالصور زرقاوان ؟! كانت مجرد صور فلم أدقق وأعي إن كانتا عدستان أم لا ؟
تأملت عينيها المحمرتان .. وحينما وصلت لي المعلومة أخيرا : هذي عيونج ؟! يعني طول هـ الفترة تلبسين عدسات ؟ ليش ؟
قالت بهدوء : لأن أمي وعمي من يشوفوني يذكرون جاسم .. فعلشانهم لبست عدسات .. صار لي سنتين وكم شهر .. ما اشيلهم إلا لما أنام .. ( وبكت ) نظري ضعيف .. فصرت ألبس ساعات طبية .. لكن .. من ذاك اليوم لين اللحين ما فصختهم .. ما يكون لي خلق .. أنا اقتنعت إن حياتي سودة .. لكن بعد ما اتربطت فيك .. اكتشفت انها حلوة مقارنة بحياتي معاك ..
نزف قلبي .. خرت قدرتي على تعذيبها أكثر .. أيقنت كم أنا حقير .. وليس بقلبي أية رحمة ..
ضممتها إلي .. وأنا أبكي .. على حالي .. على صحوتي المتأخرة .. وهمست بصدق : سامحيني منتهى ..
==

[ بيان ]

كنا في المطار .. ننتظر قدوم صفاء .. كنت أحدق بكل القادمين .. أحاول تجنب سماع حديثهما ..
بعد دقائق .. كنت جالسة مع محمود وأحمد .. يطلب مني محمود أن أكتب قائمة الأشياء التي تنقصني كي نذهب لشراءها الليلة .. وغدا سأذهب إلى الجامعة .. فقد أجلنا الذهاب ليوم غد كي نذهب سويا أنا وصفاء ..
في هذا الوقت .. سمعت أحدهم يناديني .. فأدرت وجهي .. لأرى صفاء واقفة خلفي مبتسمة .. لأصرخ بسعادة : صفووي ..
وأنا أعانقها .. رأيت رجلا ينظر نحوي .. كنت أرى قدميه فقط .. حينما رفعت رأسي .. رأيت وجهه .. الذي أحفظ تقاسيمه .. تمسكت بصفاء .. وعيناي لم أرفعهما عنه .. تجمهرت دموعي .. دق قلبي بسرعة كبيرة .. كانت صفاء تناديني .. لكنني لا أسمع ما تقول .. فقط كل الذي أسمع وأراه ..
عينين محمرتين ..
رائحــة كريهـــة ..
حضن دافئ ..
صوت هادئ كسير ..
دمــوع ..
بكـــاء من فقد أمله في الحياة ..
/
[ حسن ]
ابتسمت حينما رأيتها .. كم هي صدفة جميلة .. أن أراها هنـــا .. كم هي صغيرة الحياة .. رأيتها مرتين .. ولم أعرف من هي .. وهذه المرة .. أصدم بأنها من تتحدث عنها صفاء ..
والعجب في كل هذا .. أنني كلما أراها .. أجدها باكية ..
تقدمت من صفاء الواقفة بحيرة : شفيها صديقتج ؟
لتقول بخوف : ما ادري شفيها .. هذي ثاني مرة أشوفها جذي ..
قلت لها : لحظة بسأل أخوها ..
سلام عليكم ..
رفع رأسه لي وهو مرتبك : وعليكم السلام .. مسامحة أخوي ..
قاطعته : لا عادي كله واحد .. مـا ..
ليقطع حديثي صوتها : هذا هو .. محمود قوله يتباعد .. هذا هو ..
استغربت انفعالها وقال محمود : بيان هدي .. صلي على النبي .. منو هذا ؟
رفعت رأسها من حضن أخيها وأشارت إلي : هذا .. أقولكم ما مات .. ليش تجذبون علي .. ليش لاحقني لهني ؟
==
من أنس بالله استوحش من الناس ..
،
؟
.
نهاية الجزء الثاني والعشرون
.
.
.

[ 23 ]

أحلامهم ليست سوى ..
أحلام مزيفة ...!
قـــد نهشتها ... أنياب الدهر ..
وهشمت أضلعها .. حوافر الخيل ..
أحلامهم .. ليست سوى ..
تراهات .. أكاذيب ملفقة ..
باختصار ..
أحلامهم .. ســراب !
[ عــــادل ]
كنت أنظر إلى عمار الذي اتصلت به قبل ساعة وأخبرته بما جرى .. فجاء وأخذ أهل رنا .. وأعادهم إلى المنزل بعدما قضو طول ليلة الأمس واقفين على أقدامهم .. ينتظرون خروج الطبيب من غرفة العمليات ..
كنت أنظر إليه بعينان تجمعت فيهما الدموع .. جراء شعوري بالحيرة .. بالضيــاع .. بالضعف .. فلا حيلة لي لأتركه ينهض مرة أخرى .. وأعيد لقلبه الهادئ .. النبض السريع ثانية ..
خرجنا من غرفة الطبيب .. بعد أن أخبرنا بأنه سيظل في الغيبوبة لحين أن يصحو .. فبالكاد تمكنو من إيقاف النزيف من يده ..
لعنة الله عليك مازن .. ماذا فعلت ؟! إنه لم يقتل شخصا .. بل قتل ثلاثة .. منتهى وأحمـد .. وها هو جاسم في طريقه إلى الموت .....!
ربت على كتفي وهو يبتسم : ما عليه .. توكل على الله .. وان شاء الله ما بصير إلا كل خير ..
قلت له بضعف : الله يسمع منك .. ( وبصدق ) ادعي له .. ادعي له يصحى ويرجع لأمه وأبوه .. وربي ماشفت واحد كثره تعذب ..
ما زال مبتسما : الله أرحم على عباده منا .. ما بلاه إلا لأنه يبي يختبره يصبر ولا يجزع .. صحيح إنه جزع وأقدم على الانتحار .. بس اذا الله كاتب له حياة ثانية .. وكاتب له يستغفر ويتوب .. برده .. وحتى لو كانت حياته الجديدة هذي .. من عاشر المستحيلات ..
==
[ حسن ]
أغلقت باب الشقة .. وأنا أسترجع كل ما حدث .. منذ أن رأيتها ذاك اليوم عند الرصيف .. لما شعرت بأن القدر قذفها في طريقي .. أتذكر حينما التقت عينيها بعيني يوم حفل التخرج .. تبدلت سعادتها إلى حزن .. وابتسامتها الجذابة إلى عبوس .. وضحكاتها إلى بكاء .. لما كل هذا ؟!
لما بكت حينما رأتني اليوم ؟! لما انفعلت هكذا ؟ ما كانت تقصد بما قالته ؟ لما تغيرت ملامح أخيها .. وبدا الضجر عليه ؟! لما أخذها وغادرا المطار .. من دون أن يقول شيئا .. وترك أحمد يوصلنا إلى هنا ؟!
هناك سر في الأمر .. فقد لمحت الضيق على ملامح أحمد .. والحيرة في عيني صفاء .. يبدو أنها مثلي .. تجهل ما يدور .. أما بشار فاستغرب ذلك .. وأثارني أكثر وهو يقول بأنها تقصدك أنت ...!
تقصدني أنا ؟! ما فعلت لها أنا ؟! قالت بأنني لست ميت .. يعني أنهم أخبروها بأنني فارقت الحياة ؟! ولما أساسا يتجادلون بأمر حياتي وموتي ؟! وإن كنت ميت .. مالذي سيحدث ؟!
مهلا .. قالت بأنني لحقتها إلى هنا .. أتعرفني هي ؟ أم ان ذاك اليوم ما زال عالقا بذاكرتها ورؤيتي تذكرها يوم رأيتها وحدها في الطريق ؟!!
هزني بشار فالتفت له : هلا ..
تبسم : شفيك سرحان ؟ أحمد صار له ساعة يناديك ..
رفعت رأسي إلى أحمد وابتسمت محرجا : مسامحة .. كنت سرحان شوي .. خير ؟
فقال لي : أقولك شوف اختك شنو تبي .. بروح أشتري غذا ..
تبسمت له : مشكور .. ما يحتاج تعب حالك .. بصلي وبروح أشتري أنا ..
ليقول : لا .. اقعد مكانك .. توك جاي تعبان ..
قلت له وأنا أفتح باب الشقة : مشكور ما تقصر .. دقايق وأجيك ..
طرقت باب الشقة المقابلة .. وفتحت صفاء الباب وهي عابسة .. دخلت وأنا أتنهد : شفيها صاحبتج ؟ من شافتني انقلب حالها ؟
جلست على الكنبة وقالت بضيق : والله ما ادري بها .. ما ادري شفيها .. هي أصلا جيتها لهني مو طبيعية .. والي صار اليوم مو طبيعي .. ان شاء الله اذا رجعت بستجوبها وبقول لك ..
تبسمت : انزين شنو تبين غداج ؟
فقالت : أبي أي شي خفيف .. وسريع .. ترى اذا خلصت صلاة والغذا مو موجود كلوه انتوا .. أنا بنام ..
تبسمت لها : تحلمين .. جي قالو لج احنا بالبحرين تدلعين على أمي وما ابي غدا ؟ لا يا بابا .. هني الوجبات الثلاث اجبارية لا أردج من المكان الي جيتي منه ..
رمقتني بغضب : لا ؟ هذا الناقص .. أنا محد يتحكم فيني .. ولا تدري .. عناد فيك ما ابي غدا ..
ضحكت عليها وأنا أنهض : اوكي .. برايج .. بس عقاب لج .. باجر ما كو جامعة .. وضلي بحسرتج .. خاطرج تشوفينها ..
رمقتني منصدمة : حرام عليييك .. خاطري أشوفها .. انزييين .. خذ لي سندويشة ..
لأقول : سندويشة ؟ على جبن ولا بيض ؟
صرخت : اطلع برى ..
ضحكت : هذا مو غدا .. باخذ لج عيش .. تبين تمرضين ويقولون مني أنا الفقير المسكين ..
ومضينا في جدال عقيم .. لحين أن خرجت وأخبرت أحمد بما نريد ..
==
[ محمود ]
بس بيان .. هذا مو حل .. انتي قلتي بنفسج انج تبين تتغلبين على خوفج بهـ التجربة .. أنا ما كنت موافق بس لأني ما احب أقولج لا .. قبلت .. لكن اللحين بكل سهولة تقولين برد .. لو تنقلب السما على الأرض .. ما ارضى .. أنا اللحين اقتنعت وأبيج تضليين ..
قالت وهي تبكي : محمود فهمني .. ما اقدر أشوف وجهه .. كل ما أشوف أذكر الي صار .. يعني شنو فايدة طول ذيك السنين وأنا أنسى وأتناسى ؟ في الأخير .. أشوفه بوجهي 24 ساعة ؟
قلت لها : فاهمج .. أعرف ان الشي صعب .. بس مو هذا هو .. هذا حسن .. وذاك حسين .. يصير له يمكن .. بس هو ماله دخل بالموضوع .. اذا ردينا معناته شي واحد .. انج جبانة .. وثقتي الي عطيتج اياها لما رضيت تدرسين هني ما تستحقينها .. تأكدي انها آخر مرة أطاوعج في شي ..
سكتت .. ولم أسمع إلا صوت أنفاسها السريعة .. قلت لها بهدوء : بيان لا تتسرعين .. تعرفين اني ما احب أجبرج على شي .. وكل الي تبينه حتى لو مو مقتنع فيه أعطيج إياه .. لأني ما ابي أفرض رايي عليج .. انتي قولي لي .. ليش جاية تدرسين هني ؟ مو علشان تحصلين شهادة ؟ مو علشان ترفعين راس امي وأبوي ؟ مو علشان تعيشين تجربة بتنمي شخصيتج ؟ كل هـ الأسباب .. خليها بكفة .. والكفة الثانية خوفج من هذا حسن .. قولي لي .. أي كفة الأهم بنظرج ؟ تكافحين .. ولا تستسلمين لأوهامج وتنسحبين ؟
سكت قليلا أنتظر جوابها .. لكنها لم تتكلم فأكملت : انتظر قرارج .. عندج ساعة تفكرين .. علشان اذا ما تبين نظل هني .. بروح أحجر لنا تذاكر .. ومن اليوم بنرد .. لأن قعدتنا هني مالها داعي ..
مشيت عنها .. وتركتها لوحدها تفكر كما تشاء .. وأنا قلق .. متأكد أنها اقتنعت نوعا ما .. فهي حينما لا ترغب بشيء لا تفكر فيه حتى .. لكني خائف بعض الشيء من تهورها ..
جلست على مقعد آخر .. انظر إلى الحديقة التي خلت من الناس .. فالوقت ظهيرة .. وكل الأطفال عادوا إلى بيوتهم .. رفعت رأسي إلى السماء .. تأملت ببياض الغيم .. ارتسمت ابتسامة على فمي .. فعندما كنت صغيرا .. كنت أحلم دوما أن أجلس فوق السحاب .. وأسافر من بلد لآخر ..
لكنني الآن لا أود أن أركبها لوحدي .. أحتاج لمن يشاركني السفر .. وسرعان ما تحولت ابتسامتي إلى عبوس .. فمن أتمناها أن تشاركني سفر الحيــاة .. وجودها معي أكثر صعوبة تحققه من جلوسي فوق الغيم ..

[ أميرة ]
كانت عقارب الساعة تشير إلى الواحدة وعشرون دقيقة .. حينما جمعت أشيائي .. فبعد عشر دقائق سينتهي عملي .. وأنا أضع هاتفي في الحقيبة .. خرج الأستاذ نافع من غرفته .. وتقدم نحوي وهو يبتسم : شلونج مع الشغل ؟ مرتاحة ؟
تبسمت : الشغل ما عليه كلام .. الحمد لله .. واجد مرتاحة ..
اتسعت ابتسامته وهو يجلس على أحد المقعدين اللذان جانب الطاولة : الحمد لله .. والله أنا منحرج منج .. المفروض طول هـ السبوع يا أعلمج بالشغل أو أوكل أحد .. بس من كثر الشغل نسيت ..
ما زلت محافظة على ابتسامتي : ما يحتاج .. شغلي سهل ..
ضحك بخفة : مو شغلج سهل .. انتي ما شاء الله عليج بسرعة عرفتين .. الي يشوفج ما يقول من يومين متوظفة ..
وما إن هممت بالرد عليه .. حتى بدأ هاتفه بالرنين .. التفت لي وهو يبتسم : عن اذنج لحظة ..
فألقيت نظره على الساعة .. ورأيتها الواحدة والنصف .. حملت حقيبتي .. ونهضت لأغادر .. مشيت نحو المصعد الكهربائي .. وهناك رأيت تجمعا للموظفين .. وأحدهم بيده علبة شوكلا جواهر وكلهم يتناولون الحلوى وهم يضحكون على ما يقول ..
وفتح المصعد .. خرج موظف التنظيف .. ودخلوا هم إلى المصعد .. كانوا خمسة أو ستة أشخاص .. والتفتت لي واحدة : يكفيج تعالي ..
كان يوجد متسع لنصف شخص وليس شخص " ههه " : مشكورة .. اللحين بجي المصعد الثاني ..
ليقول صاحب علبة الحلوى : عجل لحظة ( التفت للتي تحدثت ) نجوى لا تسكرينه ..
تبسمت له : اوكي ..
أتى نحوي وهو يمد يده بالعلبة : تفضلي ..
تناولت قطعة واحدة وأنا خجلة : مشكور .. شنو المناسبة ؟
قال وهو يبتسم بخجل : بمناسبة ملجتي ..
قلت له : مبروك ..
غمز لي : عقبالج ..
وعاد إلى داخل المصعد .. وما إن أغلق الباب .. حتى استوعبت ما قاله .. تجمعت الدموع بعيني .. وددت لو ألحقه وأكسر رأسه .. لكن .. ما ذنبه .. لا يعلم بمـــا جرى علي .. يجهــل أنني كرهت كل الرجــال بعد ذاك الخائن !
[ نجوى : 18 سنة ]
==
[ نـــافع ]
رفعت رأسها بعد أن ناديتها أكثر من ثلاث مرات وهي لم تنتبه : نعم ؟
تبسمت لها : شفيج مسرحة ؟ كاهو اللفت وصل ..
دخلت .. ووقفت في الجهة الأخرى ولم يكن أحد سوانا موجودا .. أغلقت المصعد .. وضغطت على زر الطابق الأرضي .. أدرت وجهي إليها فرأيها ما تزال شاردة الذهن .. لم تنتبه لنظراتي .. لذلك .. تأملتها .. فوجهها ليس غريبا علي .. لا أذكر أين رأيتها : أميرة .. شايفج أنا من قبل ؟
رفعت رأسها وقالت هامسة : لا ..
لأقول لها : بس وجهج مألوف ..
وبنفس الهمس : وانت بعد ..
تبسمت : أميرة شنو ؟ شسم أبوج ؟
وفتح المصعد في هذا الوقت .. لتخرج .. وأخرج خلفها .. أود معرفة من هي .. فقد رأيتها قبل هذا لكني لا أذكر أين .. لم تجب على سؤالي .. وإنما توجهت نحو سيارتها .. وتوجهت أنا نحو سيارتي .. وأنا أفكر أين التقيتها .. وأنا أغلق باب السيارة .. تذكرت أحمد .. ألا تأخذ بعضا من ملامحه ؟
حركت سيارتي نحو المنزل .. وأنا محتار قليلا .. لكنها سرعان ما تبددت تلك الحيرة .. وعدت إلى سابق عهدي ^^
==
سأجــل حديثي عن التوأميـــن .. وهيــا معي ..
لنذهب إلى شخصية .. أطلعتكم عليها ولكن لم أدعها تتحدث عن نفسها .. فقــد حـــان وقت ظهورها الآن ..
[ ليــــلى ]
عشر دقايق عندج .. ما جيتي وربي بنام ..
لتقول : ليول شسوي .. وصلت البيت الساعة ثنتين .. لين ما تغذيت وصليت وبدلت صارت ثلاث شوي ..
قلت لها : اللحين الساعة أربع .. لمتى يعني ؟ أبي أرد البيت قبل الصلاة .. تعبانة حدي وأبي أنام ..
فقالت : ما عليه مسحيها بوجهي .. عشر دقايق وأكون عندج ..
أغلقت هاتفي .. وقفت أمام المرآة أضع آخر لمسات " الميك آب " وحينما سمعت صوت رنين الهاتف .. تناولت العطر .. رششت نفسي للمرة الأخيرة .. أغلقت باب الغرفة .. وخرجت من المنزل ..
أغلقت باب السيارة والتفت لها : كان لا جيتي بعد ..
ضحكت : للحين زعلانة .. ( أخرجت من حقيبتها قطعة جواهر ) هاج .. أدري انج تحبين هذي صح ؟
تناولت القطعة وأنا ابتسم : زييين رضيييت عليج .. مشكورة ..
تبسمت : حاضرين .. اليوم واحد معانا بالشغل مالج ليلة أمس .. وجاب لنا حلاوة اليوم ..
قلت لها : نجوي قنعي أمي أشتغل معاج .. وربي مالي خلق دراسة .. طفش الجامعة .. وكل يوم والثاني شفت وجه دعاء السخيفة ..
لتقول : والله امج تعرف مصلحتج .. الدراسة أحسن لج .. وبعدين من هذي دعاء ؟
قلت لها وأنا أعبث بهاتفي : انتي آخر وحدة تتكلمين .. عجل ليش يا ماما ما سجلتي بالجامعة واشتغلتي ؟
لتقول : لأن نسبتي يا حلوة في الستين .. وأنا وجهي مو وجه دراسة .. وبعدين أنا ضامنة الوظيفة .. لا تنسين إن أبوي يشتغل بهـ الشركة الي اشتغل فيها .. فليش أضيع عمري بالدراسة ..
قلت لها : والله الكلام معاج ضايع ..
لتقول : انزين ما قلتي لي .. من ذي دعاء ؟
لأقول : هذي صديقة بيان وفطوم .. بنت راشـد .....
فتحت عينيها بصدمة : ذاك الي عنده شركات أبو ولـيد ..
قلت بسخرية : اييي .. واجد شايفة روحها .. يع .. عاد هـ اليومين مو مداومة .. فكة من وجهها .. اللحين أبوها عنده ملايين .. وجاية تدرس هني .. كان درست بمكان عدل مالت عليها ..
وصلنا المجمع .. أخذنا نتسوق هنا وهنـاك .. ثم جلسنا في أحد الكافيات ..
/

[ نجوى ]

كنت أشرب الشاي .. حينما دخل شخصان .. والعبوس واضح على أحدهما .. جلسا بالجهة المقابلة لي .. كنت أنظر إليهما .. بل .. أنظر إليه .. حقيقة عجبني .. التفت لليلى : لولو .. شوفي هايلين الي توهم جايين ..
أدارت وجهها .. ولم تتمكن إلا من رأية أحدهما .. أما الذي أعجبني فكان تراه من الخلف فقط : عادي شكله .. وباين عليه مو ولد عز .. شليج فيه ..
قلت لها : لا مو هذا .. أقصد الي معاه .. عجبني ليوول .. قومي بعطيه رقمي ..
فقالت لي : وأنا شكو ؟ باين علي توه في بداية عمره .. وأنا ما احب الجهالو .. لأن أبوه للحين يصرف عليه ..
ضحكت : أقولج مو الي تشوفينه .. الي أشوفه أنا شكله عذاب .. وشكله متضايق .. بروح له ..
قالت لي بعدم اهتمام : روحي ..
وقفت أمام طاولتهما .. قلت بدلع : هاي ..
رمقني بسخرية : خير ؟ مضيعة شي ؟
يبدوا أنه صعب المنال .. بنفس الدلع : ايوة حبيبي .. مضيعة قلبي ..
التفت لصاحبه .. وانفجرا ضحكا .. والتفت الجميع نحونا .. حمرت وجنتاي خجلا .. أيها الحقير : قلت شي يضحك ؟
عدل جلسته .. وابتسم ابتسامة أذابتني بعد أن بانت غمازاته : حبابة .. طالعي المكان حولج .. مليان شباب .. تراج جاية لرجل الخطأ ..
تبسمت بصدق : بس أنا ما علي منهم .. انت عجبتني .. وأبيك ..
رمقني ساخرا : تنقلعين ولا شلون ؟
سحبت الكرسي .. وجلست معهم : شنو بتسوي مثلا ؟
التفت لصاحبه : قوم غسان .. يقولون إذا حضرت الشياطين .. ذهبت الملائكة ..
أمسكت ذراعه : وانت صادق .. في حياتي ما التقيت بملاك يمشي على الأرض ..
سحب يدي وألقاها في الهواء بقوة .. نهض من كرسيه وقال بغضب : صج انج وقحة ..
ومشى مغادرا مع صاحبه .. وعيناي تشيعهما : وربي بتندم ..
[ عمـار ]
بخاطري أن أصفعها .. أوصلت بهن الوقاحة إلى هذا الحد ؟! التفت لغسان الذي يسخر من مما حدث .. وما إن حركت فمي للحديث .. حتى رن هاتفي .. وكان المتصل .. مسجل باسم " البيـــــان "
ضغطت زر الرد من دون تفكير .. وارتسمت على فمي ابتسامة شوق باهتة : هلا بيون .. شخبارج ؟
وصلني صوتها خال من أي تعابير : اهلين عمار .. أنا بخير .. شخبارك ؟ شخبارها أمي ؟ وفطوم ؟
رفعت نظري لغسان الذي يقوم بحركات لإضحاكي : الحمد لله .. كلنا بخير .. شفيج بيان ؟ صايحة ؟
لتقول : عمار ما ادري شنو اسوي .. محتارة .. محمود عطاني ساعة وحدة افكر بس .. أرد ولا أبقى ..
قلت لها بانفعال : شنو تردين ؟ مجنونة انتي ؟ ما صار لج شي من رحتين .. لا تخافين .. صدقيني بتتأقلمين على الوضع ..
لتقول : مو سالفة خوف أو تأقلم .. عمار تتذكر الي شفته في حفلة التخرج ؟ هذا هو .. معاي .. طلع أخو صديقتي .. ( خنقتها العبرة ) ما اقدر أشوفه .. شكله كوبي من حسين ..
أمعقول ما تقوله : من صدقج ؟!
لتقول : اييي .. أنا ما كنت أتخيل .. قلت لكم اني شفته .. وطلع صج .. يصيرون لبعض ولاد عم .. لكن نفس الشكل ..
قلت لها وأنا ما زلت مصدوما من ما أخبرتنيه : ومن صدقج بتردين علشان الشبه الي بينهم ؟ بيان لين متى بتكبرين ؟ دامج تعرفين إنه مو نفسه .. وإن ذاك تحت التراب .. خلاص .. انسي ..
قالت لي بصوت مخنوق : أقولك من أشوفه أذكر .. أحس روحي خايفة .. والصورة الي في بالي كل حين تكرر ..
قلت لها بحنان : لا تخافين .. الله بيحفظج .. وبعدين انتي ما عليج منه .. هو بحاله وانتي بحالج .. حاولي تتجنبينه .. وحتى لو شفتينه .. لا تنفعلين وتصيحين .. سوي نفسج عادية .. ومو مهتمة .. يوم يومين .. بعدين بتتعودين وبتنسين .. وبصير شكله عادي بالنسبة لج .. وما بتضايقين ..
سكتت ولم تجب فأكملت : عمره الهروب ما جاب نتيجة .. انتي هربتي من هني علشان تنسين أحمد .. وكاه جى وراج .. وصدقيني .. إذا رديتين .. اكيد بجي اليوم الي بتلتقين بهذا مرة ثانية .. ما راح تتخلصين من خوفج إذا ما واجهتين الخوف بشجاعة ..
فردت بعد ثوان : شكرا عمار ..
تبسمت بصدق : العفوو .. كل يوم تعالي ..

يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -