بداية

رواية وش رجعك -33

رواية وِش رجعك - غرام

رواية وش رجعك -33

لتقول : ما اني رايحة .. ما اني قاعدة معاك أكثر .. ما اقدر أتحملك أكثر ..
قلت لها : بتروحين بالطيب ولا شلون ؟
جلست على الأرض وهي تصرخ : ما بروح .. والي تبي تسويه سوه .. مازن افهم .. افهم اني ما عندي شي هـ المرة أضحي علشانه .. واذا روحي تبي تاخذها خذها .. اقتلني ما يهم .. اهم شي عندي اتخلص منك ومن ولدك ..
وضعت كفاي على أذناي لا أود سماع سهامها : انقلعييييي .. لا تخليني أطلع عن طوري وأضربج ..
لتقول وهي تبكي : ما ابي .. ما ابي .. طلقني .. طلقني ..
دارت الدنيا بي .. تمنيت لو أن حفرتي تضمني ولا أسمع كلامها .. ماذا تحسبني هي ؟ حيوان .. حتى الحيوان .. لديه قلب ينبض .. إذن لماذا تقتل قلبي الذي لا ينبض لغيرها ؟!
ماذا أفعل أجيبوني ؟ أرجوكم .. تخيلوا أنكم مكاني .. أعشقها .. لو تطلب القمر أتيته راكعا بين يديها .. عشقي إياها لا يسمح لي بأن أستخدم عقلي .. بل أنفذ كل ما يأمرني به .. صدقوني .. كل ما أفعله حبا بها .. لا تتصوروا أنني لا أتألم حينما أجرحها .. حينما أضربها .. حينما أصرخ عليها .. لكن ما بيدي من حيلة .. فهي لا تستجيب لصوت روحي التي باتت تستنجد .. تطلب الخلاص من هذه الدنيا إن لم تشأ سبب بقاء الروح التصدق علي بالقليل من الرحمة ..
خرجت من المنزل .. أرغب بالإختلاء بيني وبين وجعي الذي قسم ظهري .. وأثقل مهجتي وما عدت قادرا على الاصطبار .. مشيت راجلا .. أدور من شارع إلى آخر .. لم أستحي من دموعي التي تلطخ وجهي .. لم أستحي من نظرات الآخرين لي .. فتمرد منتهى على عشقي .. مصيبة .. أفجعتني ..
==
[ أحمـد ]
أغمضت عيناي .. وصورة مازن وهو فرح بخبر حمل منتهى لا تفارق ذاكرتي .. وتقبيله خداي من كثرة سعادته أربكتني .. ابتسامته التي لم تتزحزح عن شفتيه نبهتني لنقطة .. كنت أتجاهلها .. وهي أن مازن .. صادق في مشاعره نحوها .. مازن .. يحبها كما أحبها انا .. مازن وصل في حبه لها إلى مرتبة دفعته يكّره الآخرين فيه في سبيل منتهى ..
واسترجعت كلام محمود تلك الليلة .. حينما أخبرني بأنه عكس ما أتصور .. وأنه سيحافظ عليها .. ولو لم يكن يحبها لما فعل كل هذا ..
تنهدت بعنف .. وأنا أقلب جسدي الجهة الأخرى .. ودمعة يتيمة لفقدان محمود .. أشعلت بقلبي حرارة الإشتياق .. وأنا أتخيل ردة فعل منتهى .. متأكد أنها ستنصدم مثل صدمتي .. وسضيق صدرها كما ضاق صدري .. متأكد أنا من صدها له .. وأنها ستجرحه .. وستجعل رجولته تتحطم تحت رفضها لمثل هذا الخبر .. فأنا منذ أن عرفتها اكتشفت أنها تكره الأطفال .. ولا تود أن تكون أما .. وكيف تحمل بأحشاءها جنين مازن ؟!
عاودت قلب جسدي .. وغطيت وجهي بكفاي .. مستغرب .. من شفقتي على مازن .. مستغرب .. من تمني أن تكون ردة فعل منتهى عكس ما أتوقع .. فكم أتمنى .. أن تبادل حبه بالقليل على الأقل .. كي يهدأ باله ..
كم أنا متعجب من حالي .. أسمعتم عن عاشق .. يرضى لمعشوقته أن تحب غيره ؟ ربما لأنني مختلف عن الجميع .. فذاك زوجها .. ويحق له ذالك .. أما أنا ؟ فمن بالنسبة لها ؟ من بالنسبة لله ؟ للناس ؟
ألست سوى عابر سبيل .. خيم بقلبها مرة .. فرفض قلبها رحيله لخيمة أخرى ؟! مثلما رفض أن يستضيف مسافر آخر ؟
سقطت دمعة من عيناي .. حينما فكرت بكيف سأساعد مازن على أن ترضى به منتهى ؟ ولكن .. منذ متى يا أحمد تساعد من أخطأ بحقك ؟ أليس هذا ما يحبه محمود ؟ أليس هذا ما يود محمود أن أفعله ؟ فلأجل محمود أفعل كل شيء .. فربما إذا رضي محمود عن أفعالي يعود !
ضحكت وأنا أبكي على ما أفكر به .. بت مجنونا .. لا يشغل ذهني غيره .. بت أفكر بطريقة لعودته .. حتى أصبحت أتخيل أنه يراني .. ويسمع ما أحدثه به ..
[ محمــــود .. أحببتك حبا صادقا أخويا .. فلم تكافء أخوتي لك بالرحيل .. ارجع .. فكلنا بحاجة إليك ]
فتحت النافذة .. وأنا أمسح دمعي .. حينما سمعت صراخ دعاء .. سألتها من النافذة : شفييج ؟ شصاير ؟
لتقول : أميرة قالت بتوديني لبيان ولما تجهزت .. تقول صار عندها شي ضروري .. وطلعت وخلتني ..
قلت لها بضيق : ما عليه .. ردي وباجر بودييج ..
لتقول : بتوديني لها الأردن ؟ اللحين هي رايحة المطار .. يلله أحمد عاد ..
قلت لها : انزيين .. ببدل وبجي ..

[ بيان ]
سلمت على الجميع .. ومنذ عشر دقائق انتظر دعاء التي اتصلت وطلبت مني انتظارها .. فهي بالطريق .. وأنا ألتفت لصفاء التي تطلب مني المجيء فقد أعلنوا عن اسم رحلتنا .. حتى جاءت دعاء وأحمد .. سلمت عليها .. ثم على أحمد .. ودعت الجميع مرة أخرى .. قبلت رأس أمي بسرعة .. ولوحت لفطوم .. وأنا أمشي خلف صفاء التي سبقتني .. فهذه المرة سأذهب معهم .. أي [ صفاء .. بشار وحسن ] .. وأنا أسرع في المشي .. سمعت أحدا يناديني .. ضننته عمار .. كما يفعل ككل مرة .. لا يسلم عليّ إلا في الوقت الضائع .. التفت للوراء .. وانصدمت حينما رأيته أحمد .. يشير إلي بأن أتوقف .. توقفت وجاءني وهو يبتسم : مسامحة عطلتج ..
قلت له : لا عادي .. خير ؟
ليقول : الخير بوجهج .. بس كنت أبي أكلمج بموضوع وما لقيت وقت .. توني اللحين داري إنج مسافرة ..
تبسمت : ما عليه حصل خير .. شنو الموضوع ؟ بس اختصر ..
ضحك بخفة ويبدو من ملامحه أنه مرتبك : هو الوقت والمكان وكل شي مو مناسب .. لكن .. بقول لج اللحين .. علشان يصير عندج وقت كافي تفكرين بكلامي .. وتطمني .. ما ابي منج رد اللحين ..
استغربت : رد ؟ على شنو ؟!
ليقول ببتسامته المعهودة وهو يحك ذقنه : أنا أبيج على سنة الله ورسوله ..
[ يرجــى من المسـافرين لرحلة رقم .... التوجه إلى الطائرة حالا ]
رفعت بصري له وقلبي يدق بقوة .. وجملته تتردد بذهني .. كما أن صوت إعلان الرحلة يربكي .. لم أعلم بما أجيب .. لكنني أدرت وجهي لأكمل طريقي .. فأوقفني صوته : بيان أنا اسف .. بس وقت ما تحسين نفسج مستعدة تعطيني قرارج .. دقي علي ..
لا أعلم كي جاءتني هذه القوة .. ودموعي على خداي : آنا الي آسفة .. ما اقدر أفكر بكلامك .. لأنه أساسا منتهي .. أنا مو موافقة .. عن اذنك ..
وركضت نحو الطائرة .. ودموعي على خداي .. لماذا .. لماذا أحمد تفعل هذا معي ؟! لماذا تيقظ قلبي النائم من غفوة تجاهلك .. كفاك أحمــد .. كفاك لعبا بمصيري .. كفاك طعنا بقلبي .. لما تقول لي هذا وبقلبك ما زالت منتهى موجودة ؟ أشفقة ؟! ألأن محمود ليس هنا أصبح كل يريد التقرب منا ؟ أطمعا في الأجر والثواب ؟ جزاهم الله خيرا .. ولكن .. ليس بهذه الطريقة ..
جلست بمقعدي .. بعد أن مسحت دمعي .. ورفعت نظري لصفاء التي تسألني : شفيج بيونة ؟
رمقتها : سلامتج ..
أدرت وجهي عنها نحو النافذة .. وربطنا الأحزمة .. تحركت الطائرة قاصدين عمّان .. وما إن استقر مسيرها .. حتى بكيت ثانية .. أحمـــد .. كسرت بقلبي الذي لم يكسره حبي إيــــاك .....
==


مــر اسبـــوعين .. والجديد .. أن منتهى ذهبت إلى منزل عمها .. ولم تلتق بمازن بعد .. أما أحمد .. فهو مازال يفكر بكلام بيان .. رفضها القاطع .. لماذا الأمر محسوم بالنسبة لها ؟ هل رفضتني أم أنها رافضة لفكرة ارتباطها قطعا ؟ ألفراق محمود ؟! أم لمعرفتها لحبي لمنتهى .. ولما كانت تبكي .. لما انصدمت حينما أخبرتها بما أريد ؟ لما انسحبت بتلك السرعة وكأنها لا تود سماع شيء آخر مطلقا ..
\
أمـــا عمـــار وغســان .. فنافع .. قد وجد لهما عملا في الشركة التي يعمل بها .. وها هما في يومهما الأول ..
جلس غسان على مقعده .. وهو يقلب بالملفات التي فوق المكتب : عمار تصورت إنك بتشتغل هني ؟
رمقه عمار : ليش يعني ؟ شناقصني يا ماما ؟ انت واجد مقلل من قيمتك ..
ليقول غسان : وانت ليش كل معصب ؟ من سافرت حبيبة القلب والابتسامة مفارقة هـ المبسم الحلو ..
رمقه ثانية : أقول سكر فمك أحسن لك .. صج انك فاضي وما عندك سالفة ..
ضحك غسان : ما عندي سالفة ها ؟ قولي بصدق .. ذكرتك فيها ؟
صرخ عليه : اقول انجب ..
ليسمعان طرقا خفيفا على الباب .. فقال غسان : امبييه .. قاعد تصارخ حسبالك بالطريق .. أكييد هذا السكيورتي جاي لك ..
تجاهل كلامه وقال : تفضل ..
لكن لم يدخل أحد .. ليتناسوا أمر الطارق المجهول .. ويدخلوا في نقاش آخر .. لحين أن فتح الباب .. فتوجهت أنظارهم نحو الباب .. وكان موظفا في الشركة .. وهو الذي دلهم على مكان عملهم تبسم : صباح الخير مرة ثانية ..
قالا معا : صباح النور ..
ليقول الموظف : جايب معاي موظفة جديدة .. فرجاءا .. الباب ما يتسكر ..
تبسم غسان : أفا عليك .. نخليها بعيونا .. خلها تدخل .. حياها الله ..
ضحك الموظف : غسان .. من أولها جذي ؟ ترى تخليني آخذ عنك فكرة موب زينة ..
ليقول غسان : لالا .. أنا أقصد يعني ما بنضايقها بشي .. ترى بالك راح بعيد .. أفا .. أنا ..
قاطعه عمار : اذا بتسمع لكلام هذا ما بنخلص .. خلها تدخل .. نبي نشوف شغلنا ..
تبسم الموظف لعمار الذي دائما عاقد حاجبيه .. وخرج قليلا .. وبعد عشر دقائق عاد وخلفه فتاة : حياج آنسة دعاء .. ( وهو يشير إلى المكتب ) هذا مكتبج .. وان شاء الله بتجي معاج زميلة .. بعد يومين ..
تبسمت له : مشكور ..
وحينما دارت وجهها لغسان وعمار .. انصعقت .. عمار هنا! فجلست على كرسيها وهي صامتة ..
ليقول الموظف : تامروني على شي قبل ما امشي ؟
ليقول غسان : سلامتك ..
خرج الموظف .. والتقت نظرت عمار ودعاء .. قال لها : شطلعج من الجامعة ؟
رمقته بضيق : لا تدخل في شي ما يخصك ..
رمقتها : صحيح كلامج .. ما يخصني .. وانتي بعد .. ما لج دخل فيني .. فماله داعي أخباري كلها عند رفيقتج ..
لتقول : أنا حرة بتصرفاتي .. ورجاءا .. ما ابي أسمع صوتك .. أبي اشغل بهدوء ..
ضحك باستخفاف : عدال يالحرة .. شوي شوي لا ينط لج عرف .. ( وبحدة ) أنا حذرتج .. وأضنج تعرفين عمار زين ..
لتقول : تهددني ؟ ترى احنا بشركة .. مو بسوق سمج يالسوقي ..
ليقول : واو .. ياحلاتها من كلمة .. أي واحد منهم علمج اياها ؟
لتقول : احترم نفسك ..
فرد عليها : محترم نفسي قبل ما تقولين .. انتي الي مو مسوية قدر لنفسج .. يـالي مشوهة سـ..
قطع حديثه غسان : صلوا على النبي .. ( التفت لعمار ) تعرفها ؟
رمقها : اللهم صل على محمد وآل محمد .. للأسف إي .. معرفة ما تشرف ..
لتقول : خليت الشرف لك يا بو شرف يا بو البنات ..
ضحك : يا حلاتج والله .. عاملة فيها مطوعة مثلا ؟ على الأقل أنا اللحين صحيت .. غيرج انتي .. أخاف يوم من الأيام تجينا حـ ..
نهضت من كرسيها : تراك واجد تعديت حدودك وأنا ساكتة ؟
ضحك بصوت أعلى فرحا لأنه استفزها : وليش ما تردين ؟ ما خلق لج ربي اللسان ؟
وعندما حركت فمها لتتكلم .. اقتحم المكان صراخ نجوى : دعووووي .. واخيرا جيييتين ..
ضمتها وهي تنظر لعمار باحتقار : هلا نجوى .. ايي كاني جييت .. بس ياليت تقولين لهم يغيرون مكاني .. لأني مو مرتاحة مع هـ الأشكال المنحطة ..
ليقول عمار : خليت الانحطاط لج والي يمج .. يكون أحسن .. توفرين أكسجين ..
أدارت نجوى وجهها منصدمة حينما سمعت صوته وهمست : عمار ..
ليحتقرها : كملت .. ( التفت لمازن ) الله يساعدنا على ما بلانا .. خلنا بس نشتغل .. لا يوجعون راسنا مع هـ الصوت ..
تجاهلته وخرجت .. وهي تمسك بكف دعاء .. وحينما خرجتا .. قال غسان بلوم : واجد قسيت عليها .. بس لأنها صديقة ذيك اللصقة تقط عليها هـ الكلام .. بس أنا مستغرب .. ليش ما ردت عليك ؟
قلت له بضيق : انت فاهم الموضوع خطأ .. هذي بنت خالي .. وما ردت .. لأنها عارفة إني أعرف بكل سوالفها ..
فتح عينيه بصدمة : احلف ..
قال بنفس الضيق وهو يقلب بالأوراق التي أمامه : ما يحتاج .. يعني لو بجذب عليك .. بجذب بشي يستاهل ..
سكت غسان .. وغرق ببحر أفكاره .. رفع نظره لعمار .. فرأى الضيق باديا على ملامحه .. معه حق بأن يضيق صدره .. أليست من أهله .. لو كانت تقرب إلي .. لذبحتها .. ولكن لما يخبر والدها عنها : وأبوها يدري عنها ؟
بدون أن يرفع بصره قال : طبعا لا .. لو يدري عنها شفتها للحين عايشة ؟
فقال له غسان : طيب ليش ما تقول لها اذا ما جازت بتخبر عنها ابوها ؟
رفع بصره وقال : لأنه ما بصدق كلامي .. مشاكل واجد صارت والسبب هي .. أولا علاقتي بخالي مو ذاك الزود .. بس سلام شلونك وسوالف سطحية جدا .. ثانيا .. تبيه يقول اني أتبلا على بنته ؟ هو لو يشوفها بعيونه ما يصدق .. بنته الوحيدة .. ودلعه لها هو السبب في خرابها ..
سأله غسان : انزين انت شلون دريت عنها ؟
قال وهو يبتسم بألم : قبل سنة تقريبا .. كلمتها بالتلفون .. صار لي يمكن خمسة شهور .. ولما التقينا .. انصدمت ان هذي هي .. وهي بعد انصدمت .. توقعت انها تحبني صج .. وانها أول مرة تكلم .. لكن ما حسيتها تأثرت لما عرفتي .. بلعكس ضحكت على الصدقة مثل ما تقول .. قلت لها أنا اسف اني خدعتج .. ما كنت أعرف ان الي اكلمها انتي .. وحذرتها .. قلت لها إن مثلي في المجتمع واجد .. وقلت لها إياني وياج تكلمين مرة ثانية .. لكنها كان الوضع نورمل .. وتقول لي لا تصدق نفسك وتضن إني ميتة عليك .. ترى مثل ما منك واجد .. أنا بعد ..
ليقول غسان : لا حول الله .. وشنو سويت لها ؟
ليقول : من ذاك اليوم احتقرها .. وهي تعرف هـ الشي فتحاول تتجنبني .. هي واثقة اني ما بقول لأحد عن سواد وجها .. فما مسوية لي اعتبار .. لكن هي اللحين جت برجولها .. وخلني أشوف لها حركات مني مناك .. والله بأدبها .. سكت عنها واجد .. وانا ندمان اني ما تحركت على موضوعها من البداية .. ( وبهدوء قال ) غسان .. انت أول واحد أقولك عنها .. وما أضن بقول لأحد غيرك .. أنا بغيت أستر عليها .. لكنك بعيونك شفتها شلون وقحة .. فلا تكلم أحد بالي قلته لك .. وانسى الي قلته .. وعاملها عادي ..
==
الشيء الذي يجهله عمار .. هو أنها كانت تعلم بأنه هو عندما كلمته .. خمسة أشهر .. جرتها نحو الضيــاع .. خمسة أشهر .. حاولت فيها بطلتنا دعاء .. أن تميل قلب عمار إليها .. وتوقعت أنه حينما يعلم بأنها هي .. سيبادلها مشاعرها .. لكنها لم تفلح .. بل صعق فؤادها حينما صارحها بخديعته لها .. حالها كـ حال البقية الاتي كلمهن .. الشيء الذي لا يعرفه عمار .. هو أنها كذبت عليه .. لتأخذ ثارها منه .. ولكن في المقابل .. سقطت من عينيه .. بأكذوبة .. نسجها شعورها الجريح ..
في الطابق الأرضي .. كانت جالسة مع نجوى وهي تحاول عدم البكاء .. فهذه المرة الأولى التي يتكلمان فيها بعد ما حدث ذاك اليوم .. الذي كانت فيه بكامل زينتها .. تقابل الشخص الذي أحبته بكل جوارحها .. وأخلصت له .. حتى في غيبته .. لكنه بادل اخلاصها بنكران .. تذكرت كل ما جرى ذاك اليوم .. وتذكرت ضياعها الذي كان هو سببه .. فلكي تنساه .. بحثت عن حب جديد يسكن قلبها .. وضنت أنها ستعيش قصة رائعة .. ستكون بطلتها .. مع فارس أحلامها المزعوم .. ولم تكن تعلم .. أنها ليست سوى فريسة سهـلة لقطيع من الذئاب جائع ..
كلمت بعده الكثير .. وكلهم .. لم يغنوها عن سماع صوته .. وحينما علمت بأنه يحب بيان .. ويستلطفها بعد ما كان يكرهها .. حقدت عليها .. ما الذي في بيان وليس فيها ؟ مالذي أعجبه بها ؟! وبعد فترة .. تجد أن صديقتها .. التي جرتها إلى هذا الطريق .. تعشق معشوقها .. حاولت تحذيرها .. لكنها رفضت .. أعطتها رقم جواله .. قالت لها كل ما تعرفه عنه .. وذكرت لها أنه يحب أخرى .. كي تبتعد عنه .. ولكن نجوى أصرت على التقرب منه .. وهذه النتيجة .. صد الأخرى ..
ألهذا القدر .. يعشق بيان ؟! ألهذا القدر تمكنت بيان من عقله وقلبه ؟ فبات لا يرى سواها .. ولا يهتم بالنظر لغيرها .. فعندما كانت تحدثه ... كان يكلم غيرها الكثير .. ولكنه عندما أحب بيان .. لم يعد يكلم أحدا ..
عذرا بيان .. ولكن .. لي الحق بأن أكرهك .. عذرا عمار .. فإني سأوقفك يوم الحساب .. فأنت السبب في ضياعي ..
==
[ بــــعـــــــد 3 شهــــور ]
" مهــــلا "
فلأحدثكم عن ما حدث بهذه المدة الطويلة ..
- منتهى ومازن .. لا شيء جديد .. فمازن لا يود أن يذهب لها .. فهو ما زال مجروحا منها .. ولا يود ضربها وهو يعلم .. بأنه إن تمردت على ما يريد سيفقد سيطرته على نفسه ويأذيها .. ومنتهى .. قضت أول أشهر حملها .. تحت رعاية والدتها .. التي أحست توا .. بأن أمها تحمل بقلبها لها الحنان .. وفي كل يوم .. تدعو ربها أن يسقط جنينها ..
- بيان/صفاء/حسن/بشار .. يقضون معظم وقتهم بالجامعة .. خصوصا بأن زادت صعوبة دراستهم .. وحينما يعودون إلى شققهم .. يكونون منهكي القوى .. وفي كل جمعة .. يتجولون هنا وهناك .. بشار وصفاء ما زالو محافضين على روحهم المرحة .. حسن يحاول تجاهل الشعور الذي يكبر بقلبه شيئا فشيئا .. أما بيان .. فهي تحاول تجاهل جملة أحمد .. التي تشتت تفكيرها دوما .. تحاول تناسي حبه الكبير .. وما زالت .. في كل ليلة .. تبكي على محمود .. وتدعو ربها أن يعيده قريبا ..
-يعقوب/فطوم/رنا وميثم .. فطوم ويعقوب يتجاهلون صفاء .. ويعقوب حينما ينظر لها باحتقار .. ترد عليه نظرات ببتسامة بريئة .. وكأنها لم تفعل شيئا .. أما ميثم .. فنستطيع أن نطلق عليه مثل " يا غافل لك الله " يعشق زوجته ومحال أن يفكر بأنها تطمح للوصول إلى أخيـــه .. وبدأ يعقوب .. ببنيان الطابق الثاني له ..
-عمار/غسان/نجوى/ليلى .. تجاهل نجوى له يقهره .. ولكنه بنفس الوقت يشعر بالراحة لعدم تقربها منه .. رغم أنه يلقاها كل يوم .. حينما تزور ليلى .. وما زال يستحقر ليلى .. ويحرجها عندما يراها تبتسم لأي موظف أو تتبادل الحديث معه .. وغســـان .. يلتزم الصمت .. ولا يبدي أي ردة فعل .. فنجهل إن كان راضيـا عما يقوم به عمار أم لا ...
أمـــا البقية .. فمـــا زالو يعيشـــون روتينهم .. باستثنـــــاء .. أم محمود .. التي يسوء حـــالها يوما بعـــد يوم .. وها هي .. منذ اسبوعين .. في المستشفى .. ليخرج الطبيب .. ويقول لعمار بضيق : ليش التأخير ؟ لازم بأسرع وقت نسوي للوالدة العملية .. صدقني مو خطيرة .. كلها بنركب لها جهـاز ينظم دقات القلب ..
قال عمار بنفس الضيق : وشلي يضمني إن الجهـاز ما له تأثيرات جانبية ؟ يعني لازم هـ الجهاز ؟ ماقي حل ثاني ؟
أمسك يده وقال له : تعال معاي الغرفة بتفاهم معاك ..
ومشيا لحين أن دخلا غرفة الطبيب .. وحينما جلسا .. قال الطبيب وأخرج له ملفا : هذي معلومات عن الجهاز بتفيدك .. الجهاز الي بنركبه له صغير .. طول صبعة .. وصدقني .. اسأل وشوف .. في ناس واجد عايشين عشرين سنة وأكثر والجهاز بجسمهم .. تراه ما يضر .. وان شاء الله كل سبع سنوات .. بنبدله .. وكل كم شهر .. بنسوي لها فحص نشوف هل هو بموقعه ولا تحرك ..
سكت عمار .. ولم يعقب على كلام الطبيب .. فأكمل : يا عمار توكل الله .. الوالدة عندها ضغط الدم .. وبين فترة وفترة يوصل درجة جدا مرتفعة .. هذا الي يأثر على صحتها .. هـ المرة لحقتوا عليها وجبتوها ودقات قلبها جدا منخفضة .. تضمنون مرة ثانية تلحقون عليها ؟
قال عمار بعد صمت : طيب بسألها .. واذا وافقت بناخذ موعد للعملية .. ( نهض ) عن اذنك ..
تبسم الطبيب : انتظرك ..
خرج عمار من غرفة الطبيب وهو يحبس دمعه بعيناه .. كم هو صعب موقفه .. مصير خالته بيده .. ماذا يفعل ؟ ماذا يقرر ؟ أين أنت محمود ؟ أينك عن أمك التي في أمس الحاجة لك ؟
تذكر أحمــد .. هو أخبر منه بهذه الأمور .. لكن .. منذ ذاك اليوم .. الذي ذهب فيه لوداع بيان .. ورآه واقفا معها .. ويطلب يدها .. حملت عليه بقلبي .. لا يحق له ذالك .. لا يحق له التلاعب بمصيرها .. لا يحق له أن يجعلها تعيش بأمل كاذب .. لما يجعلها تفكر به ثانية ؟ وهي ابتعدت عن أمها بسببه .. ولكن .. ما صدمني ردها .. لما رفضته ؟ ألا تحبه ؟ ألا تحلم بأن يكون زوجها ...
دخلت الغرفة .. التي كان فيها الكثير من المرضى .. غرفة العناية القسوى .. قصدت سرير خالتي .. فرأيتها مغمضة عينيها .. قبلت رأسها .. ففتحت عينيها .. ثم تبسمت : شقال لك الدكتور يوليدي ؟
قلت لها : قال لي عن الجهــاز ..
لتقول : وشنو ينتظر ؟ خله يركبه ..
قلت لها : كان يبي موافقتج وموافقتي ..
فقالت : شنو رديت عليه ؟
قلت بضيق : قلت أسألج ..
لتقول : أنا موافقة .. روح قوله يسوون لي العملية ..
فقلت : خالة متأكدة ؟
هزت رأسها : ايي يوليدي .. أنا متكلة على الله .. والله ما بيحفضني لكم ان شاء الله ..
قبلت رأسها ثانية : اخليج يالغالية .. بروح للدكتور .. وبرد ..
لتقول بعد أن أمسكت كفي : روح شوف حياتك .. مضيع وقتك هني .. روح ..
قلت لها بضيق : خالة شهـ الكلام ؟ ترى أزعل ها .. تراج تحسسيني كأني مو ولدج ..
تبسمت بحنان : يعلم ربي إني بمعزة محمود وعلي ..
بادلتها الابتسام : الله يخليج لنا ..
==
في بقعة ثانية من الأرض .. كانت تنظر إلى المسألة بضيق .. فقد عادت حلها أكثر من عشر مرات .. ولم تتمكن من الوصول إلى الحل الصحيح .. نهضت بضيق .. وسلمت الورقة إلى المراقب .. تناولت حقيبتها .. وخرجت من القاعة ..
هكذا هي .. في كل امتحاناتها .. اليأس بسهولة يتمكن منها .. وكل هذا منك يا أحمــد .. ولأن مزاجها لا يسمح لها بانتظار البقية .. خرجت من الجامعة .. أوقفت سيارة أجرة .. وقصدت مجمعا بعيدا بعض الشيء عن مكان سكنهم .. تريد أن تخرج ما بقلبها من ضيق .. اشترت للجميع ومن ضمنهم محمود .. الذي تأمل إن عادت .. تراه موجودا .. وتجاهلت اتصالات صفاء وحسن لها .. وبعد أن ملت .. ضغطت زر الرد .. وقالت بملل : نعم ؟
فوصلها صوت حسن الغاضب : وييينج فيه ؟ صار لنا ساعة ننتظرج ؟
قلت له بضيق : أحد طلب منكم تنتظروني ؟ ردو .. مشكورين وما قصرتون ..
ليقول باستغراب : بيـــان ! شفيج ؟ ما تلاحضين إنج واجد متغيرة ؟
قلت له بملل : اييي .. كل الناس تتغير .. عندك مانع ؟
انصدم مما قلته فقال : وينج فيه ؟
قلت له : برى الجامعة ..
ليقول : درينا انج برى الجامعة .. واكيييد مو في الشقة .. للمرة الثالثة أسألج .. وينج فيه ؟
قلت له : حسن .. تراك واجد مصدق روحك .. لا تقعد تستجوبني كأنك مسؤل عني .. لو سمحت .. أقدر أسكر ؟
ليقول : لا .. ما تقدرين .. لين ما تجاوبيني وييينج فيه ؟
قلت بملل : افف .. في المجمع زييين ..
ليقول : أي مجمع ؟
وأصر علي لحين أن أخبرته باسم المجمع .. بعد قليل .. جاءني .. والغضب واضح على ملامحه .. كنت حينها أشرب العصير بنفس الملل .. جلس أمامي وقال : بيان شهـ الحركات ؟ هذي آخر مرة لج .. تطلعين بروحج وما تقولين لنا ؟ اذا صار فيج شي احنا بنكون المسؤلين ..
رمقته : انا مسؤلة عن نفسي .. وأنا كيفي .. وقت ما بطلع بطلع ..
ليقول بحنان : بيان أنا عاذرج .. صعب عليج الي صار لمحمود .. بس محمود يرضى عن الي تسوينه ؟ من بداية الكورس وانتي متغيرة .. ودايما تصيحين .. يعني تضنين إحنا ما ندري إنج متألمة بس تكابرين ؟ تكلمي .. صفاء معاج ليش ما تفضضين لها ؟ هي بمثابة اختج .. واحنا أخوانج ..
حاولت أن لا أبكي : ممكن تسكر الموضوع ؟
تبسم : ان شاء الله .. انزين ما قلتي لي ؟ كملتي تسوق ولا باقي ؟
قلت بضيق : كملت .. وياليت تحمل الأكياس لأن واجد ..
نظر إلى الأكياس ثم اتسعت ابتسامته : ان شاء الله .. ما طلبتي شي .. نقوم ؟
قلت له : اوك ..
ليقول : طيب أنا ما شريت شي .. تجين معاي آخذ لي كم غرض ؟
قلت له بملل : والأكياس ؟
ليقول : بنخليهم أول شي بالسيارة ..
ساعدته في حمل الأكياس .. وبعد أن انتهينا من وضعهم بالسيارة .. دخلنا المجمع ثانية .. واخترت له بعض الأشياء ليشتريها .. كنت أتجاهل حينها رغبتي القوية بالبكاء .. وأحاول أن أسلي نفسي بإلاختيار .. وحينما انتهينا .. جلسنا في كافية أخرى .. وقال لي : نسيت أقولج مبروك .. خلصتي امتحاناتج ..
تبسمت بصعوبة : عقبالك ..
ضحك : باقي اثنين .. بكرة والي بعده ..
فقلت : الله يساعدك ..
ليقول بتردد : بيـــان أقدر أكلمج بموضوع ..
قلت بملل : تقدر ..
ليقول : سمعي بيان .. أقدر .. ( شعرت بإرتباكه .. فارتبكت لما سيقول .. خصوصا وأن الجدية بدت على ملامحه .. وطالت نظراته لوجهي ) أعرف ليش كنتي تصيحين لما تشوفيني ؟
كماء بارد من السمــاء .. كب على رأسي .. فأغرقني .. وأنا حائرة .. فملابسي متسخة من الماء .. كيف أعود إلى المنزل ؟
هذا شعوري حينما ذكرني بما أتجاهله .. ولا أعلم كيف سقطت دمعة .. نهضت بعدها : عن اذنك ..
نهض بنفس الوقت : لحظة بيان .. ما كملت كلامي ..
قلت له بذات وجع عمار : كمل كلامك لأختك .. وقولها تقولك ..
ليقول : بس أنا أبي أسمع منج ..
قاطعته : ما عليه .. اللحين أنا مو مستعدة أقول هـ المواضيع .. تعبانة واجد .. عن اذنك ..
لم أنتظر جوابه .. وخرجت أبحث عن تاكسي .. وحينما وصلت الشقة .. لم أجد صفاء .. لابد أنها الآن مع بشار .. أغلقت غرفتي .. واستسلمت للبكـــــــــــاء ...
==
[ أحمــد ]
قلت بضيق : وبيـــان ؟!
قال لي يعقوب : كنا بنروح لها أنا وفطوم .. بس دام بتصير عملية خالتي ما نقدر .. بترد مع صديقتها ..
قلت له : ما أقصد ردتها .. أمها بتدخل عملية وهي ما تدري شلون ؟
أجابني عمار : ليش تدري ؟ مو كفاية محمود ؟ أحسن ما تدري ..
قلت لهم : وبعدين .. اذا لامتكم شنو بتقولون لها ؟! خلها تعرف أحسن .. صدقوني خالتي إذا شافت بنتها بتتحسن ..
قال عمار : أحمد رجاءا .. لا تخبرها .. الي فيها كافيها ..
قلت له : تخيل نفسك مكانها .. وقولي .. ترضى ما نقولك ؟
ليقول : أنا قلت الي عندي .. وانتو كيفكم ..
مشى بعيدا وتركنا .. فالتفت ليعقوب : شنو تقول يعقوب ؟
ليقول : والله ما ادري .. أنا راي من راي عمار .. هي عندها امتحانات .. وهـ الخبر بأثر عليها ..
سكت أنا الآن .. هم أهلها .. والأعلم بما ينفعها .. لكن .. قلبي لا يطيعني .. وجداني يألمني .. ألأنها بعيدة .. لا نطلعها على ما يحدث هنا ؟
خرجت من المشفى والضيق يفترسني .. وأنا أمشي قاصدا سيارتي .. رأيت منتهى .. مع أخيها .. والتعب باد عليها .. تغيرت .. اصفر وجهها أكثر .. سلمت عليهما .. وسألتهم : عسى ما شر ؟
قال جميل : بس جايبنها للموعد .. وبعد معاناة رضت تجي .. كلمها .. قولها حرام الي تسويه في نفسها وفي الجنين .. قولها إنه ماله ذنب ..
رفعت نظري لها .. لما الجميع لا يرحمونني .. لما يحسبون بأنني نسيت .. وحدك محمود الذي تشعر بإحساسي وبحنان : منتهى .. علشان خاطري تحملي بالي ببطنج .. هذا روح .. والله بعاقبج اذا ازهقتي هـ الروح ..
لتقول ودمعها على خدها : حتى انت تحسبني قاسية لهدرجة ؟ وربي لو أقدر ما عليه .. أنا الي أقدر عليه أسويه .. ما اقدر اسوي أكثر من جذي .. كرهت نفسي والسبب هـ الجنين ..
قلت لها بنفس الحنان وبوجع كبير : حاشاج القسوة .. بس ما عليه .. تحملي .. الله يختبرج .. لازم تتصبرين ..
مسحت دموعها ولم تتكلم فقلت : يلله منتهى .. اذا جاج ولد .. سميه أحمد ... ( وبحزن ) ما عليه ؟
هزت رأسها وهي تكتم غصة : علشانك .. بصبر هـ الكم شهر .. ووعد مني .. اذا طلع صاحي .. أسميه على اسمك ..
تبسمت : بكون بخير ان شاء الله ..
رفعت نظري لجميل وقلت : عن اذنكم .. مع السلامة ..
ابتعدت عنهم .. وأنا أعلم .. أنها الآن تدور رأسها إلى الخلف تنتظرني أن ألتفت لها .. ولكن .. اعذريني منتهى .. لا أستطيع .. يكفي ما حدث قبل قليل .. يكفي .. أنتي على ذمة شخص آخر ..
==
[ حســــن ]
حينما عدت إلى الشقة .. كنت ما زلت مستغربا من ردة فعل بيان .. لما قالت لي بأن أقول كل مالدي لصفاء ؟ أصفاء تعرف شيئا عنها ولم تخبرني به ؟! فتصلت بصفاء .. وقلت لها بأنني أريدها حالا .. أتت إلي .. وقلت لها بما قالته بيان .. فتغيرت ملامحها ..
سألتها باهتمام مرة أخرى .. وأخبرتني .. وليتها لم تخبرني .. فقد عادت بي إلى سنين خلت ..
قلت لها والدمع قد غشى بصري : يعني كانت هي نفسها بيان ؟
قالت باستغراب : اي .. بس انت ليش انقلب حالك جذي ؟
قلت لها : تجذبين علي صح ؟ قولي مو بيان ..
قالت باستغراب : حسن شبلاك ؟ ليش بجذب عليك ؟
أصابتني خيبة أمل قوية .. وتزاحمت الذكريات في ذاكرتي .. التي كــــانت كلهـــا عن صديق عمري الذي لم أجد له بديــــل " حسيــــن " .. خرجت من الشقة .. وأنا أمسح دمعي .. كنت سأذهب إلى أي مكان أختلي فيه مع الذكرى .. ولكن .. حينما خرجت .. رأيت بيان واقفة أمام باب الشقة تطرق الباب .. وحينما رأتني .. وانصدمت من عيناي المحمرتين .. قالت : شفيك ؟
عندهــا فقدت السيطرة على صرة الذكرى .. وصرخت في وجهها : حرااام عليييج .. ليش سويتين جذي ؟! شسوالج ؟ قولي شسوالج ؟
نظرت إلي باستغراب : انت ليش تصارخ ؟ من هذا الي تتكلم عنه ؟
ارتفع صوتي أكثر : نسيتي ؟ طبعا بتنسين .. انتي قلبج ما احترق عليه .. انتي استانستي لما شفتييه ميييت .. تبييين أذكرج ؟ ( مسحت دمعي الذي يهطل ) تبييين أذكرج شنو صار ذاك اليوم ؟ ولا..
قاطعتني وهي تصرخ : بس .. بس .. ما ابي أسمع شي ..
كل من في المبنى خرج .. ومن ضمنهم صفاء التي كانت تهدأني .. وبشار الذي ينظر إلي بصدمة .. لكن .. لم يكن يهمني شيء .. غير وجهها الذي تلطخ بالدمع : موب على كيييفج .. غصب عليييج تسمعييين .. انتييي السبب .. تفهمييين يعني ان دمه في رقبتج لييين يوم الدييين ..
ضعف صوتها : أنا مالي ذنب .. أنا ما قلت له اقتل نفسك .. ولو ما قتل نفسه محمود قتله .. انتو ليش كلكم تكرهوني وتقولون بإني سبب كل الي صار ؟ قولي .. أنا الي قفلت عليه الباب ولا انتو ؟ أنا الي قطييته بالمخزن ولا انتو ؟ ( زاد بكاءها ) كل الي صار سببه انتو .. انتو الي تخليتوا عنه لما احتاجكم .. فلا تلوموني اللحين وتقطون علي أخطائكم ..
ابتعدت وهي تركض نحو الدرج فركضت نحوها : وقفي .. ما كملت كلامي .. وقفي ..
أدارت وجهها إلي : كمل ؟ شنو باقي ما قلته ؟ لأنك عارف إني وحيدة بينكم .. وإن محمود مو هني تسوون فيني جذي ؟ هذي وصايا محمود ؟ حتى لو تكرهوني تحملوني .. كلها يومين وبرجع وما بجي لكم مرة ثانية ..
وغادرت .. وأنا واقف مكاني .. انظر إلى مكانها الخالي .. انظر إلى الجمــع الذي تفرق ....
دخلت الشقة .. ثم غرفتي .. وأقفلت الباب ... أفكـــر بمــا قالته .. أفكر بحسين .. أخي وابن عمي .. الذي وصل إلى هذا الحال عندما توفيت زوجته .. حسيـــن .. أأحببتها كما يقولون ؟! أشعرت بشعوري الآن ؟! فإن كنت أحببتها .. فقد تركت بقلبها جرحــا سيبقى ملازمها لحين أن تموت .. وأنا رغم اعترافي بحبي لهــا .. إلا أنني أحرجتهــا .. رفعت صوتي عليها .. لمتها في شيء أنا موقن بأنها لا ذنب لها فيه .. ولكن .. وجعي لفقده تجدد .. وجعي لأنه مات بتلك الطريقة يذبحني .. آه عليك يا حسين .. آه على زهرة شبابك التي اختطفهـا الموت
..
[ بيــــان ]
طرقت باب شقتهم .. حينما سمعت رنين هاتف صفاء .. ورأيت اسم والدتها يضيء بالشاشة .. فذهبت لها أخبرها بأن والدتها متصلة .. وليتني لم أذهب ..
أف لك يا حسن .. لما ذكرتني بما أحاول تناسيه ؟! أأخبرتك صفاء بما قلته لها ؟! كـــل ذالك سببه أنا .. لما سمحت لصفاء أن تخبره ؟!
كنت أمشي بالطريق .. ليس لدي مقصد أقصده .. وإنمـــا أرغب بأن أفرغ كل ما بجوفي من ألــم .. وأنــــا أسير .. رن هاتفي .. لا أعلــم .. لما ارتجف جسدي حينما سمعت صوت الرنين .. ربمـــا لأن هذه الرنة الخـــاصة بأحمـد .. أأتخيل أنــــا ؟! يبدوا أنني وضعتها لشخص آخـــر ..
أخرجت الهاتف من جيب بنطالي .. وفعلا .. كـــان اسمــه ينير الشـاشة " أحمـــــد .. صديق محمودي " تبسمت على هذا المسمى .. وضغطت زر الرد وقلت بضيق : هلا ..
وصلني صوته : اهلين بيان .. شخبارج ؟
أجبته : الحمد لله .. شخباركم انتو ؟
فقال لي : تمام التمام .. شفيه صوتج ؟ صايحة ؟
رفعت نظري إلى السمــاء .. سحقا لهذا الصوت وهذه العينين .. دائما يفضحانني : لا بس بلاعيمي تألمني شوي ..
قال لي : ايي يمكن .. ( وقال بجدية ) دعاء قالت لي إنج المفروض اليوم تخلصين امتحاناتج ؟
قلت له : ايي .. خلصت اليوم الصبح ..
ليقول : صج ؟ مبرووك عجل ..
تبسمت : الله يبارك فيك ..
ليقول : انزيين متى بترجعين ؟
قلت له : ما ادري .. على فطوم ويعقوب .. قالو بجون لي ..
ليقول : بس هم هونو .. ما بجون ..
قلت بضيق : ليش ؟ ما قالت لي فطوم ؟
ليقول : اييي لان صار أمر طــارئ ..
قاطعته بخوف : شصار بعد ؟ فطوم فيها شي ؟
ليقول : لا .. محد فيه شي .. بس ..
قلت بخوف أكبر : أحمد الله يخلييك لا تخبي علي شي .. أمي ما تقول لي شي .. عمار وعلاوي نفس الشي .. قولي .. شصاير ؟
فقال : أنا بحجز لج لباجر الصبح .. جهزي أغراضج .. ودخلي المسن بطرش ..
قاطعته ثانية وأنا أبكي : ما برد .. ما برجع ..
ليقول بحنان : بيان انتي ليش تصيحين اللحين ؟ أنا قلت لج باجر تعالي .. وخلاص .. باجر بكلمج ..
قلت له : ما ابي منك شي .. ولا ابي اسمع منكم شي .. باي ..
ليقول : بيان شفيييج ؟
قلت وقد زاد بكائي : من سافرت نسيتوني .. كلهم يكرهوني .. والله مو ذنبي الي صار .. أنا قلت له اقتل نفسك ؟ أنا قلت له موت ؟
ليقول بخوف : بيــان ! انتي تهذيين ؟ كنتي تصييحين صح ؟ قولي شسوو لج ؟ من الي قالج هـ الكلام ؟
قلت له : محد .. بس قولي .. شلي صاير .. محمود رجع ؟
ليقول بعد صمت : بيرجع ان شاء الله .. الي صاير .. إن أمج باجر الصبح .. الساعة 10 موعــد عمليتها .. بخلون لهـا جهـاز ينظم دقات القلب ..
لم أسمـــع شيئا بعـــد هذا الكلام .. عدت أدراجي .. إلى المبنى .. لم أبكي .. أساسا قــد جف دمعي .. دخلت الشقة .. ورأيت صفاء تركض ناحيتي : بيان وينج ؟ تأخر الوقت وانتي برى ؟ نتصل لج كل مشغول ؟ بيان تصيحين ؟
حينما رأيتها أمامي .. وتكلمني بهذه اللهجة الخائفة .. حينما لمحت الصدق بعينيها .. ألقيت جسدي عليها .. ضممتها وأخذت أبكي بضعف .. كـــل شيء بكفة .. وأمي بكفى أخـــرى .. إن حدث مكروه لأمي .. يعني أنني ميتة لا محـــــــال ..
[ أمـــي .. بالله عليكِ .. لا تيتمي قلبـــا أشــــــابه الوجـــــــع ]
==
الجميع واقفون في غرفة الانتظار .. وكل منهم .. يمسك بيده مصحفا يتلو كلام الله .. والبعض الآخر .. فرش مصلاته وأخــذ يصلي للخالق .. ويدعو ربه بصدق أن يرحم تلك التي بغرفة العمليــات .. والذي يتقص ذاك الجمع .. كـــان أحمـــــد ومعه عـــلي .. قـــد انسحبـــا بهدوء .. وتحركا قاصدين المطــــار ..

يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -