بداية

رواية وش رجعك -36

رواية وِش رجعك - غرام

رواية وش رجعك -36

لأسمع صوت يناديني .. أدرت وجهي وإذا هي .. كيف تتجرأ وتنطق باسمي ؟ فتحت قليلا من الباب وأجبتها : خييير ؟
لتقول : انت برى ؟ خالتي تبييك ..
قلت لها : شنو تبي ؟
لتقول : تقولك تعال خذ دلة القهوة والشاي ..
لأقول : وما في إلا أنا ؟ قولي لأخوج ؟
سكتت قليلا ثم قالت : اوكي .. مشكور ..
حينما لم أسمع لها صوتا .. دخلت .. ورأيتها ما تزال واقفة : للحين واقفة ؟ شتنتظرين ؟ روحي نادي علي ياخذ الدلال .. أنا ما بقهوي أحد ..
لتقول : علي وعماد معاندين يقولون بيقعدون يسمعون كل شي .. أدخله أنا ؟
رمقتها مطولا ثم قلت : ليش ؟ ما تقدرين تصبرين لين المقابلة ؟ مداج اشتقتي له ؟
رمقتني هي أيضا ثم قالت : مالك حق تقول هـ الكلام .. واذا بتسألني ليش .. أضن كلامك الي قلته لأمي اليوم العصر هو الجواب ..
انصدمت من ما قالته فقلت : وانتي صدقتي ؟
لتقول : وانت ليش تجذب ؟ تدري ان احنا أي كثر نحبك .. تتوقع أمي بتقول لا ؟.. ومو هي الي بترفض أحمد علشانك .. أنا الي برفضه .. بس ما اضن بتغير كلامك وبتروح وبتقول لها انك جذاب .. خصوصا وإنهم وصلو البيت ..
انصدمت مرة أخرى : يعني بتقنعيني إنج بعد ما انتظرتي هـ اليوم من زمان .. بتقولين له لا علشاني ؟
تبسمت : اييي .. لو كان أي أحد غيرك أكيد لا .. واضنك عارف معزتك أي كثر ؟
لأقول : وشنو استفيد أنا من هـ المعزة ؟ أنا ما ابي شفقة منج ولا تضحية .. أنا كنت أبيج تبادليني احساسي .. ما تقدرين وأنا اعرف السبب .. فممكن اللحين تروحين وتدخلين داخل ؟ أهله يبون يشوفونج ..
لتقول : دايما ترجم الكلام على كيفك .. وليش أشفق ان شاء الله ؟ طرار وأنا ما ادري ؟
تبسمت : بيان ردينا ؟ تبينا نتهاوش يعني ؟ أنا مو أترجم الكلام على كيفي .. أنا فاهمج .. تبين تسوين أي شي علشان تراضيني .. بس وربي .. اني راضي .. هذا قدري وأحمد قدرج .. ويلله بلا دلاعة .. روحي داخل .. وقولي لي بعدين شصار يالعروسة ..
رأيتها تبتسم : قولي بالتوفيق أول .. محمود لو كان هني .. كان ما بينسى يقولها لي ..
قلت بوجع وعيناي يملأهما الدمع : بالتوفيق يا الغالية ..
مسحت دمعها : شكرا عمار ..
ثم دخلت .. وبقيت واقفا مكاني .. حائرا .. بالذي قلته .. أشعر ببعض الراحة .. ربما لأنني مقتنع مما قلته وفعلته .. ثم حركت ساقي للداخل .. أخذت صينية الشاي والقهوة .. وقصدت المجلس ...........
==
[ غســان ]
منذ ساعة تقريبا وصلنا إلى بيت ليلى .. وطول هذا الوقت .. يراقبني أباها .. ماذا يبحث في وجهي ؟ أأضاع ابنته !
ومنذ أن حركت سيارتي من جانب منزلنا .. لحين هذه الدقيقة .. الضيق يفترسني .. وأفكر في كل لحظة أن أغادر المكان .. وأضعهم أمام الأمر الواقع ..
أتسرعت في اتخاذ هذا القرار ؟ أساسا أنا لم أفكر قبل أن أقول ما قلته لعمار .. وأجهل كيف قلت له هذا الكلام .. وأنا مبحر بمحيط أفكاري وحيرتي .. قال والدها : تفضل معاي المجلس الثاني علشان المقابلة !
أيمزح هذا : ما يحتاج .. معاي هي في الشغل ..
تبسم وقال : بس لازم تتكلمون .. علشان هي تشوف نفسها ارتاحت لك ولا لا ..
قلت بضيق : بس أنا ..
قاطعني : قالت لي إنك معجب فيها وتبي تتقدم لها وعطتك رقمي علشان تشرفون .. بس بعد .. هذا ما يكفي ..
أدرت وجهي لأبي .. فتبسم : يلله قوم الله يرضى عليك ..
نهضت بقهر .. كل شيء بالإجبار .. ألا يحق لي الإختيار ؟
مشيت خلفه .. ثم دخلنا المجلس الآخر .. جلست بملل .. انتظرها تتكرم وتأتي .. استأذن والدها .. خرج لدقائق .. وأنا أخرجت هاتفي .. وأرسلت مسجا لعمار كتبت فيه " شخبارك ؟ شلون النفسية ؟ لا تكدر نفسك .. وافرح لها "
لأسمع صوت والدها عند الباب .. رفعت رأسي .. وإذا به يدخل .. وهي تدخل خلفه .. وهي ترتدي شالا زهري اللون .. وعباءة .. كانت منكسة رأسها وجلست بجانب والدها .. أتسائل أنا .. لما تدعي الخجل ؟ لما لا تظهر على حقيقتها ؟
وتحدث والدها قليلا ثم خرج .. وبقينا لوحدنا .. أنا أنظر إلى الطاولة التي تتوسط المكان .. وبها تحفة قرءانية رائعة .. وبعض الورد .. ولم أرفع نظري لها لأرى إلى ما تنظر ..
بعد دقائق ربما .. سمعت صوتها فرفعت لها بصري .. لم أسمع ما قالته فصوتها كان منخفضا فسألتها : شنو قلتين ؟ ما سمعت ؟
لتقول : للحين مصر على الي تبيه ؟
تبسمت باستخفاف : وانتي فتاة مطيعة وبتقبلين ؟
فقالت : لهدرجة تعز عمار ؟ تربط نفسك بوحدة ما تبيها علشان ..
قاطعتها : ليش غايرة ؟
ضحكت : وعلى شنو أغار ؟ إلا أشفق عليك .. عمار ما يستحق كل هـ التضحية ..
أجبتها بقهر : انتي شوفي نفسج أول .. بعدين تكلمي عن صاحبي ..
تبسمت .. الحقيرة .. عندما تبتسم .. تبدو جميلة .. لا تستحق هذه النعمة !
ثم قالت بعد ثوان : طيب لو قلت لك إن الي دلاني على هـ الطريق عمار ؟
نظرت إليها بعدم استيعاب ثم قلت : وبعد كل الي شفته منج تضنين بصدقج ؟ العبي غيرها ماما ..
لتكمل وكأنها لم تسمع ما قلته : هو ما قالك إنه كلمي بالفون ؟ عمار أول واحد كلمته .. أخذت رقمه من تلفون فطوم وكلمته وأنا أعرفه .. وهو ما يعرفني .. بتسألني ليش كلمته ؟ ( تبسمت بألم ) لأني أحبه .. من يكون كنت صغيرة وهو يلفت انتباهي .. ولما عرف إن هذي أنا .. ورفضني ورفض حبي .. وأهاني لما قال إنه كان يلعب .. وما يحبني .. قلت له إني مثله .. علشان أرد له كرامتي الي داسها .. ومنها صرت أكلم .. كنت أدور على الحب .. أدور على واحد ينسيني عمار وغروره .. لكن كلهم مثله .. والي يميزه بينهم إن قلبي مو راضي ينساه ..
سأكسر رأسها بمطرقة : تبين تستفزيني انتي ؟ ولا تخربين علاقتي بصاحبي ؟
تبسمت : لا هذا ولا ذاك .. بس أبي أقولك .. إن عمار ما يستاهل كل هـ المحبة .. أصلا في هـ الدنيا ما في صديق يستحق الوفــاء .. لأن كل الناس تدور مصلحتها بس .. دام أنا من لحمه ودمه سوا فيني جذي شتتوقع بصير فيك ؟
قاطعتها : الحب ما يجي بالغصب .. وهو ما ضربج على يدج وقالج حبيه .. وبعدين يا حلوة هو ما قالج كلمي .. انتي بارادتج مشيتي لهـ الطريق .. وأضن في ألف وألف طريقة تنسيج إياه .. هذا إذا كنتي تحبينه صج .. يعني لازم تمشين لطريق الحرام علشان تنسين ؟ واسمعيني زين .. من اللحين أقولج .. لا تدخلين بخصوصياتي أنا وعمار .. كيفي أنا .. بظل معاه بتركه مالج دخل .. انتي فكري بس شلون تمشين سيدة .. لأني ما ادلع .. وان شفت منج حركة مني مناك .. يا ويلج .. سامعة ..
لتقول : وعادي تاخذ وحدة ( رن هاتفها .. رفعته ونظرت إلى اسم المتصل ثم قطعته وأكملت ) تحب صاحبك ؟
ستسبب لي جلطة عصبية : دام عادي عندي آخذ وحدة لو ما لحقت عليها اغتصبوها .. فالأولى تهون عن الثانية ..
سكتت .. وما عساها تقول .. ليرن هاتفها ثانية .. وقطعته أيضا .. قلت لها : ردي .. تستحين مني مثلا ؟
رمقتني وسكتت .. ثم قلت لها : أقدر أمشي ؟
لتقول : اكييد ..
ونهضت لتخرج تنادي والدها .. رن هاتفها بنغمة رسالة .. قلت لها وهي خارجة : ما يقدر الحبيب يهدج .. روحي ردي عليه طمنيه لا يموت من الخوف .. هههههههههه ..
أدارت وجهها إلي ثم قالت : تبي تشوف المسج ؟
تبسمت : لا .. مشكورة .. أنا واثق من الي بشوفه فماله داعي أغث روحي وأنقرف ..
أتت ناحيتي .. ومدت كفها بهاتفها : خذ .. اقرأ ..
قلت لها : عاملة فيها صاحبة شرف وما عندها سوالف ؟
وقفت أمامي أكثر .. ولا يفصل بيننا إلا هاتفها الذي وضعته أمام ناظري .. ارتبكت قليلا ..
ثم قرأت أسطر الرسالة التي كان فيها :
لا تردين علي .. بكيفج .. بس لا تصيحين .. وتعضين أصابعج ندم .. لما التسجيل الفيديو لج انتي وياه يوصل عند أبوج .. حبيبتي .. أنا قايل لج .. إن الي يتورط معاي مو بسهولة يفتك مني إلا إذا أخذت إلا أبيه .. لج كم يوم بس .. تفكرين زين .. وتتفقين مع السوبر مان مالج تجيين مكان الي طلعج منه .. ولا .. أروح للبابا بنفسي .. وأسلمه الفيديو .. وأقوله شوف بنتك .. اثنين متهاوشين عليها .. بيباي يا ..
رفعت نظري لها بصدمة .. لأشهد على سقوط دمعها .. أخرسني ما قرأته .. وقلت برجفة : من هذا ؟ وشيقصد ؟
ابتعدت عني قليلا .. ومسحت دمعها : هذا سالم .. إلا كان ( سكت قليلا ثم أكملت ) أمس طرش المسج واللحين .. وطول الوقت يتصل لي بس ما ارد عليه .. يقول إنه كان موقت الكاميرا .. وصورتك وانت ضاربه وساحبني وطلعنا .. ويقول بقول لأبوي .. إن بعدين ..
سكتت فقلت لها : بعدين شنو ؟
تجمع الدمع بعينيها : يضن إني متواعدة معاك ومو كل شي صار بالصدفة .. يحسبك حبيبي وما رضيت علي .. وجيت .. وبعدين ..
قلت لها : بعدين شنو ؟
بكت : يعني شنو ؟ أنا ذيك الليلة ما نمت في البيت .. ولما سألني البابا قلت له نمت عند نجوى ..
سكت للحظات .. أترجم ما قالته .. ثم قلت بصدمة : يعني أنا اللحين طحت فيها ؟
مسحت دموعها : ما ادري ما ادري .. بس غسان أحلف لك على القرآن .. إني مالي بهـ السوالف .. الحقير أخذ صورتي وركب عليها أشياء بالبرامج .. وصارو كأنهم أني .. وهددني إذا ما رحت له بينشرهم بالنت وكل مكان .. أنا والله بس أكلم .. مستحيل أفكر أسوي جذي .. وأي أحد مكاني .. بروح برجوله ينقذ سمعته ..
نهضت .. سينفجر رأسي .. قلت لها بهدوء : نادي أبوج .. طولنا ..
نهضت هي الأخرى وقبل أن تخرج قلت لها : بكون في اتصال بينا ..
خرجت .. وبقيت واقفا مكاني .. حائرا بالمصيبة التي سقطت فيها .. مالي أنا أشبع فضولي ؟ ها أنا في مشاكل بغنى عنها لولا غبائي ....
==

[ بيـــان ]

جلست بجانبي فطوم بعدما أنهت مكالمتها مع يعقوب .. وتبسمت : شرايها العروسة ؟
تبسمت أنا الأخرى : في شنو ؟
لتقول : في الي صار في المقابلة ؟ شقالج ؟ شقلتي له ؟ ما صار لكم شي مع بعض ..
قلت لها : ربع ساعة زين .. جي قالو لج مثلج انتي ويعقوب .. شوي ويدخل عمار يقولكم بس ..
ضحكت : فديييته والله .. اذا اذكر شنو صار بالمقابلة اضحك على روحي .. كنت واجد استحي منه ..
قلت لها : واللحين ؟ خلاص ما عاد في مستحى ؟
تبسمت : بلا .. بس تعودت عليه .. لو بس ذيك الحية تروح عن حياتنا .. كان أقول اني أسعد وحدة بالوجود ..
وضعت رأسي على الوسادة وقلت لها : فطوم .. لما طلعتين من المقابلة .. حسيتي انح تبينه ؟
قالت : اممم .. أنا كنت أبيه من قبل .. فما حسيت بشي الا اني مستانسة ..
لأقول : بس انا ما احس بشي ؟ أحس عادي ..
تمددت بجانبي : شلون عادي ؟
قلت لها : ما ادري .. يعني مثل كل مرة نشوف بعض .. دخلت .. سلمت .. وسألني عن الدراسة .. جاوبته .. سكتنا .. وبعدين قالي ما عندج شروط ؟ ما عندج شي خايفة امنعج تسوينه ؟ قلت له أبي أكمل دراستي .. ( تبسمت ) كنت بقوله عادي تنطر 6 سنوات بعد .. لكنه سبقني وقال إنه موافق واذا لقى فرصة بكمل دراسته هو بعد معاي .. وقلت له اني بتدرب سياقة بهـ الاجازة .. وقالي اتحداج .. اذا نجحتي بالتراي الأول باخذ لج سيارة ..
ضحكت : يا حلاتكم والله .. وشقلتين له بعدين ؟
ضحكت أنا أيضا : قلت له اوكي .. إلا يقول خاطرج في شنو ؟ قلت له مو مهم عندي شنوعها أهم شي صفرا .. ضحك وقال تامرين .. وبعدين سألني .. متى تبين نروح ناخذ التحاليل ؟ عاد أنا توهقت .. وقلت له ما ادري على أمي .. إلا يقول لي .. سأليها .. عادي بكرة ؟ قلت له أكيد لا .. ضحك وقال ليش ؟ تفشلت أنا وقلت اصبر كم يوم أول .. وقال اوكيه .. إلا تشوفينه .. وبعدين قال تبين تقولين شي بعد ؟ قلت له لا شكرا .. هههههههههه
ضحكت فطوم : ههههههههه وليش شكرا بعد ؟
قلت لها : والله ما ادري .. جذي طلعت لا ارادي .. عاد هو ضحك بعد .. وقال عفوا .. فقمت أنا .. وفتحت الباب بطلع .. إلا ناداني .. قلت له نعم .. فقالي أحلام سعيدة .. احلمي فيني عاد .. كنت منحرجة حدي .. هزيت راسي وطلعت .. وبس .. هذا الي صار ..
جرت خصلة من شعري وهي تضحك : لازم حركات الغباء .. انزييين اللحين انتي مترددة توافقين ولا لا يعني ؟
قلت لها : لا .. مو سالفة مترددة .. بس ما ادري .. يعني ليش وافقت عليه ؟ أخاف بعدين أندم ؟ فطوم انتي لما وافقتي على يعقوب خفتين ؟
تبسمت : أكيييد .. حتى لما قلت موافقة لما سألني الشيخ .. ما كنت مستانسة .. كنت خايفة .. شي طبيعي الانسان يخاف لما يقدم على خطوة جديدة بتغير حياته ..
تنهدت : يا ربي جوعانة ..
قالت : قومي نسوي لنا شي .. تراني مثلج .. أحاتيج وما كليت شي من الصبح ..
ونهضنا قاصدين المطبخ .. وطول تلك الليلة .. لم تغب صورته عن ذهني .. ترى .. هل هو يفكر بي الآن ؟ أم احتلت مساحة تفكيره أحد غيري ؟
==
وحــــــل الصبــــاح .. فلنذهب معا جولة صباحية مع ذاك المدعو " محمــد " ......
رميت السهم الأخير .. وأصبته في الدائرة الوسطى .. اللتفت لذاك الذي يزعم بأنه سيتغلب علي وقلت له بسخرية : هذي أول مرة ألعبها هـ اللعبة وفزت عليك .. أنا استغرب .. على شنو جاي تتباهى ؟
مشيت عنه .. بعد أن سحقته بنظرات الاستهزاء والاحتقار .. وقصدت باب النادي لأغادر .. لكن صوتا اوقفني .. أدرت وجهي أرى من يناديني .. فكان شخص آخر : تعال لهون ..
قلت له : خلص .. شعندك ؟ تراني مو فاضي للمغثة من الصبح ؟
تبسم ابتسامة ذات معنى : لك تعال .. شو فيك كل معصب ؟
طنشته وغادرت .. لا أحب أن يبتسم لي أحدهم هذه الابتسامة .. لا أعرف بما أصفها لكم .. ولكنني مقتنع بأنها لؤلئك الذين لديهم ألف قناع .. مشيت في الطريق الذي اعتدت المشي عليه يوميا .. وحينما تعبت من السير .. توقفت عند مخبز صغير .. شريت لي فطيرة جبن .. وعصير ليمون .. دفعت الحساب .. وخرجت لأواصل الطريق .. أتناول وجبتي .. وأفكاري تقودني للبعيد .. وأنا أسير .. توقفت سيارة بجانبي .. وناداني الذي يقودها : حمودي ..
إنني أعرف هذا الصوت .. يبدو أنه توفيق : أدرت وجهي نحو السيارة وتبسمت لهما : هلا ..
قالا لي : اهلين فيك .. وينك عنا ؟ لنا كم يوم ندور عليك وما لإيناك ..
تبسمت لهما : كل يوم في مكان .. أسوي استكشاف للمكان ..
ليقول وائل : اركب اركب ..
فتحت السيارة .. وجلست في المقعد الخلفي .. وتحركت السيارة .. وطول الطريق .. لم يكفا عن الحديث معي .. ربما تتسائلون من هما .. وكيف عرفتهما .. هما توفيق ووائل .. التقيت بهما في ليلة من الليالي حينما كنت أصارع رغبتي بالحقنة .. كنت أتألم بقوة .. وأتقلب على الأرض .. فوجداني .. وسألاني عن سبب وجعي فلم أجبهما .. كان في ذاك الوقت بخاطري أن أفرغ غضبي وتأوهي عليهما .. لكنهما عرفا علتي .. وشمر توفيق عن ذراعي .. وحقنني الآخر .. وحينما هدأت .. أخبراني بأنهما يتعاطيان الحقن مثلي تماما .. وقضيت تلك الليلة معهما .. في شقتهما .. صحيح أنهما .. كيف أقولها لكم ؟ لا توجد معصية لم يرتكباها .. لكنهما طيبين .. وبين الحين والآخر ألتقي بهما .. ويأخذانني إلى أماكن جديدة ..
انتبهت من أفكاري حينما ناداني وائل : يالعاشق ..
تبسمت : ليش الي فاقدين الذاكرة مثلي يصير يعشقون ؟
ضحكا معا .. وقال وائل : صار لنا ساعة عم نناديك وانت مش معنا .. شو تفكر فيه ؟
ما زلت مبتسما : أشياء كثيرة ..
ليقول توفيق : تعرف لوين رايحين هلأ ؟
قلت لهما : لوين ؟
فقال وائل : حزر ...
قلت : امممم .. خاطري أسبح .. يمكن بحر ؟
ضحك توفيق : ما في بحر أريب .. لا يكون فاكر انا بالخليج ؟
افترسني الضيق : طيب لوين ؟
ليقول وائل : وصلنا .. انزل ..
ترجلنا من السيارة .. وحينما رفعت رأسي إلى ذاك المبتى .. اللتفت لهم وسألتهم : وين ؟
أمسك توفيق كفي .. وقال : تعال .. واذا وصلنا بتعرف ..
صعدنا الدرج .. لحين أن وصلنا إلى الطابق الثالث .. ووقفنا أمام باب شقة .. عليها لوحة كتب عليها " عيادة الدكتور شكري "
أدرت وجهي لهما وقلت باستفسار : من فيكم المريض ؟
تبسما .. وقال وائل : انت ..
استغربت : أنا ؟
ربت على كتفي توفيق وقال : ايوة .. انت .. ما تبي ترجع لك ذاكرتك وتعرف مين انت وليش جاي لهون ؟
حارت نظراتي في وجيهما .. كنت أتمنى هذه اللحظة منذ زمن .. لكن .. لكن ..
.
.
اسمعني منيح يا محمد .. لا تضن إني شديد معك يعني ما احبك .. صدأني انك غالي علي كتيير .. ومو عاجبني إلي يصير فيك بنوب .. أنا أخليك تروح وتجي على كيفك .. بس ترى في الي يتبعك ويرائبك .. لا تثق في كل الي حولك .. الدنيا مش متل ما انت فاكرها .. الدنيا هون بتخوف ..
.
.
هزني وائل : شو فيك ؟ سرحت مرة ثانية ؟ ادخل يلله ..
قلت لهم : ومن قالكم اني أبي أعرف من أنا ؟ أنا عاجبني وضعي جذي .. وما ابي أروح لدكاترة ..
وابتعدت عنهم .. وهما يلحقاني : لك وإف .. محمد .. محمد ..
التفت لهم والعبرة تخنقني : مشكورين وما قصرون .. وصلتوني لباب العيادة .. وهذا شي ما راح أنساه لكم أبدا .. اللحين أنا أبي أظل بروحي .. ممكن ؟
مشيت بعيدا .. وهما يلحقاني بسارتهم .. وحينما عجزوا من أن أركب معهم .. ابتعدوا .. وتركوني أختلي مع أشجاني .. تركوني كما كنت وكما سأظل .. وحيــدا .. حــائرا .. حتى ذكرياته تخلت عنه وولت بعيدا فلا يسلي نفسه بها ..
وأنا أمشي .. أرهقني التعب .. وآلمني حبس الدمع .. ظمأ أنا .. أفلا يسقيني أحدكم قطرة ماء تهدأ غليل عطش قلبي ؟! فيستكين وجعه ويأبى أن يباغتني بهذه الأفكار ..
توقفت عن السير .. أجهــل الوقت ؟! فلا ساعة أرتديها ولا هاتفا أخبأه بجيب بنطالي فأعرف الزمن إلى أي الأرقام يشير ؟!!
==
[ نــــافــع ]
كم كنت انتظر هذا اليوم .. كم كنت أحلم بهذا اليوم .. كم تمنيت منذ أن رأيت ابتسامتها الحزينة أن تأتي هذه الســاعة بسرعة .. وأخيـــرا .. بعـــــد انتـظار طويل .. بعــــد ابحـــاري في عالم الأحلام الملون الجميل .. بعــــدما ملت كلمة [ أتمنى – لو ] مني لتكرارها .. جـــاء الوقت .. لتكـــــون أميـــرة .. لي وحــدي .. أميرة قلبي .. ومملكتي ..
هذا ما حصــل بعد يومين من خطبة أحمــد وغسان أخي الحبيب .. غضبت أمي .. وقالت بأنها لن تسمح له بأن يعقد قرانه قبلي .. فاقترح والدي أن نعقـــد قراننا معـــا .. فذهينا الليلة إلى منزلها .. لم أقابلها لأنها رفضت .. ولأنها موافقة .. تشاور والدي مع أحمـــد عن المهـر .. الليلة التي سيتم فيها العقـــد .. اوه .. نسيت التحاليل التي لابد منها .. يارب .. سهـــــل علي الإرتباط بهـا ...
وقد قرروا ... أنه في الغـــد .. أي بعد عدة ساعات .. سنذهب للمستشفى .. أنـــا .. وأميرة .. كما أنه أخي سيذهب أيضا .. ^^
ومن شدة فرحتي .. عيناي لم يزرهما النوم بعد .. انتظــر اشراقة الشمس .. ألم تتأخر بشروقها على غير العادة ؟!
/
[ أميــــــرة ]
وحــــل الصبــــاح أخيرا .. تعبت وأنا أنظر إلى النافذة بين الحين والآخر .. وتكاد عقارب الساعة توقف لكثرة النظر إليها ...
وهــا أنــا .. أرتدي شالي الأسود .. لتدخل دعاء ويسبقها صراخها : أميييييرة للحين ما كملتين ؟ كاهو أحمد ينطرج تحت ؟
أدرت وجهي لها : بلا كملت .. ( رششت بعض العطر ثم اللتقت لها ) شرايج ؟
تبسمت : تجننييييين تهبلييييين .. يلله سرعي .. لا تتأخرييين على الحبيب ..
احمرت وجنتاي .. حملت حقيبتي وقلت لها : مالت علييييج ..
خرجت وهي تشيعني : قولي شنو يصير بالتفصيل .. مو نفس أمس .. تسوين نفسج تستحين ..
قلت لها وأنا أضحك : ان شاء الله ماما .. أوامر ثانية ؟
لتقول : اممممم .. سلمي لي على نفووع ..
أدرت وحهي لها : هيييي .. ما يحق لج ..
ضحكت : روحي روحي بس ..
لوحت بيدي لها .. وخرجت من الدار .. ركبت السيارة أماما بجانب أحمد وتحركنا نحو المشفى .. فهو أيضا .. سيجري تحاليله اليوم مع بيــان ^^
/
[ ليــــلى ]
ربما أكون أنا المختلفة بمشاعري عن كــل هذا الحشد .. فقد ركبت سيارة والدي .. بعدما قرأت علي الكثير من الآيات والدتي .. وارتفع صوتها بالدعاء لي .. ونحن في الطريق .. ووالدي لم يكف عن الحديث معي .. يريد أن يخفف من حدة توتري .. لكنه لم يعلم .. بأنه ليس توترا .. بل خوفـــا من مستقبل واضحة معالمه السوداء .....
وصلنا المشفى .. وأنا أدعوا من كل قلبي .. أن تكون نتيجة التحاليل أننا لا نتساب مع بعضنا .. بل .. نذرت لله إن كانت مثل ما اتمنى سأصلي ركعتين شكرا لله ..
جلسنا عند كراسي الإنتظار .. وبعد مرور دقائق .. سمعت صوته يسلم على والدي .. رفعت رأسي .. فرأيته بجانب أخيه .. كان يتحدث مع والدي .. ثم جلس أمامنا .. سلم أخيه على والدي .. ثم علي .. وجلس بجانبه أيضا ....
لم يلتفت إلي .. بل لم يعرني أية أهمية .. وكأنني أنا والجدار سواء ... كفاك غســـاك .. كفاك .. ألا تتعب ؟! ألا يكفيني أنني أطعتك وأغلقت هاتفي ؟ ألا يكفيني أنه إن صدق ذاك الحقير بكلامه وأتى لوالدي بما يدعي سأذهب خلف قرص الشمس ؟!
إلهي .. يا من عرفته توا .. يــا من قصرت بحقــه دومــا .. ارحمني .. وخفف علي ألمي وهمي ..
==


[ غســـان ]
جـــاء دورنـــا أنا وهي .. ونهضت قبلها .. أخذت مني الممرضة جرعة الدم المطلوب .. ثم نهضت وأنا أمسح بالقطنة مكان الدم .. رميتها في سلة القمامة .. وحينما قصدت الباب لأخرج .. كانت هي أمامي ستدخل .. وحينما رأتني توقفت مكانها .. وقفنا للحـظات .. أنظر لهــا كمـــا أفعــل في كل مرة .. وهي .. ككل مرة أيضا .. يلوح الدمع بعينيها ..
لأقطع هذه النجوى .. وأسير خارجا .. جلست مكاني .. فلم أجد أخي .. وأنا جــالس .. كان والدها كعادته يحدق بي .. كأنه يشك بأمري .. تبسمت له بصعوبة .. وبداخلي ألف آه تود الإفصــــاح عنها ..
أكرهها أنـــا .. أجـــل .. لا أترجم شعوري نحوها إلا هكذا .. خصوصا بعدما حدث آخر مرة .. بصعوبة اقتنعت أنه يكذب ذاك المعتوه ويود أن يقضي عليها .. لو كان صادقا لسلم والدها ما يريد تسليمه منذ زمن وانتهى الأمر ....
لالا .. كرهتها من أول مرة صادفتها .. حينما كانت .... لا أود أن أكمل .. وربما كرهتها حينما اعترفت إلي بأنها تحب صديقي .. تحب صاحب دربي .. ألا تخجل ؟ ألا تستحي ؟ بكل وقاحة تقول لي ما قالت ؟ صحيح أنني مثلت بأنني كذبت ما تقول .. لكنني رأيت الصدق بعينيها .. إنه تحبه ... وأنــا ؟! أنا ماذا ؟ لما أرتبط بها أساسا ؟ ألأخافظ على صداقة ينذر وجودها في هذا الزمن ؟ أم لأستر عليها فأحصل بذالك على الأجــــر من بارئي ..
فليساعدني ربي على ما نويت القيام به .. وليهلمني الصبـــــــر ....
==
[ أحمـــــد ]
ودعت عمار : نشوفكم على خير ....
ليقول : معاك ان شاء الله ..
كان بخاطري أن أسلم عليها لكن موقن بأن عمار لا يرضى بذلك .. فقلت له : سلم على الوالدة وبيان .. مع السلامة ..
قال : الله يسلمك ..
ركبت سيارته .. وركبت سيارتي .. تحركت قاصدا المنزل .. وأنا محلق بخيالاتي .. لا أعلم .. لمــا طول هذه الفترة .. لم تطرأ منتهى على بالي .. كم اشتقت لها .. طردت هذه الأفكـــار .. وابتسمت حينما تخيلت بيـــان بثوب أبيض .. تزف إلي ^^
لتقول أميرة : شفيك تتبسم بروحك ؟
قلت لها : اتخيل بيان عروس ..
ضحكت : اييوة .. أنا بعد ما اتخيلها .. أحسها صغيرة .. الله يخليها لك .. ان شاء الله تكون التحاليل زينة ونفرح فيكم ..
تبسمت : ونفرح فيج بعد .. شكله الأخ ذايب فيج .. شمسوية له ؟
تبسمت بخجل : ما سويت شي ..
قلت لها : بلا اعترفي ..
ضحكت : اوه أحمد ..
ابتسمت بصدق : تصدقييين أميرة .. انتي فيج سحر خــاص .. يجذب كل الناس لح ويخليهم يرتاحون لج .. يمكن لأنج طيبة .. ونيتج طيبة ..
لتقول وخديها محمرين : طالعة على أخوي الكبير ..
فتخت عيني بصدمة : الله لا يقوله .. لو تطلعين عليه ذبحتج ..
ضحكت : أنا أقصدك انت .. تراك انت أخونا الكبير ..
ابتسمت بمحبة : فديتكم والله .. الله يقدرني وأسعدكم ..
لتقول : مو مقصر .. بس لي طلب ..
قلت لها : انتي تامرين ..
لتقول : ما يأمر عليك ظالم .. دعـــاء .. حاول تلاقي محمود علشانها ..
كصفعة .. تلقيت كلامها .. كم تناسيته هذه الفترة .. ووكلت أمر العثور عليه على قرارات المحكمة التي لن تنفع بشيء ... كم أنا مقصر بحقــه .. كم غفلت عن أمره .. كم اشتقت لصوته .. لابتسامته .. لنصائحه وتوبيخه ...
افقت على صوتها : أنا اسفة اذا ضايقتك ..
تبسمت بصعوبة : لا ما تضايقت .. بس قولي .. في وين ألقاه ؟ ما في مكان خليته وما دورت فيه .. قولي لي شلون أحصله ؟ ( لمعت الدموع بعيناي ) محمود هو أغلى انسان فقدته .. لو بس أعرف عنه خبر واحد .. وأعرف وين هو .. كان أروح له لو على رجولي .. بس خله يرحمنا ويخبرنا وينه فيييه ..
==
[ محمـــد ]
ليلتين .. قضيتهما هنــا .. وقد أنفقت كل ما لدي من نقــود .. أشعر ببعض الجــوع .. يبدو أنه حــان الأوان لأن أعود إلى سجني .. فلا حقنة لدي .. وطاقتي تكاد تنفذ .. أخشى التهـــور ..
مشيت في أزقة هذه القرية .. أبحث عن الشارع الرئيسي الذي أتيت منه إلى هنــا .. لكنني في النهاية استنتجنت أنني أضعت الطريق .. لم أفقد الأمل .. وعاودت الدوران في المنطقة مرة أخرى .. الشوارع متشابهة .. البيوت متشابهة .. الناس نفسهم متشابهون .. أساسا أن لا أذكر كيف وصلت إلى هنــا ؟ فأنتم أعلم بأنني دوما شاردا بالتفكير ولم أركز على الطريق ...
سيحـــل الظـــلام .. بل ... مالت الشمس نحو الغروب .. وغـــابت .. فكست العتمة السمـاء .. وحينما ارهقت .. منذ الظهيرة وأنا أحوم كـاللبوءة تبحث لأشبالها الطعام .. سندت جسدي على بناء له مأذنة .. شكله ليس غريبا .. إنني أذكر بأنني رأيت هذا التصميم من قبل ..
وأنا أغط في كومة من الهدوء .. إلا من صوت ضجيج قلبي .. سمعت صوتا ينتشر في كل مكان .. بقوة .. كـــان لحنــا أعرفه .. كلمـــات حفظتها عن ظهر قلب .. ولا أعلم كيف كنت أردد مع ذاك الصوت .. لا .. إنني أعرفه .. إنه صوت الأذان .. الذي لم أسمعه طول فترة اقامتي في تلك الشقة .. أساسا في المدينة لم أرى ... لم أرى ... أضنه ما يمسى .. مـ س ـجدا .. أجل .. إنه المسجـــد ..
ابتسمت بسعادة ... وكــل الهم الذي بقلبي انقشعت غيمته .. ونهضت بفرح أيضا .. دخلت المسجد .. لأرى الكثير من الناس .. بعضهم يجلسون على مصلاتهم .. والبعض الآخر واقف ..
شعرت بيد تربت على كتفي .. أدرت وجهي .. فإذا به رجل كبير في الأربعين من عمره ربما .. يبتسم ابتسامة صادقة .. بادلته الابتسام : نعم ..
ليقول : ما شفتك من أبل هون .. إنت جديد على الضيعة ؟
قلت له : ايوة ..
ليقول : هلا فيك .. شرفتنا .. تبحث عن المغاسل ؟
قلت له : الشرف لي .. لا .. ليش ؟
ما زال محافظا على بسمته : ضنيتك تبي تتوظأ .. إلت أدليك إن المغاسل من هون ( وأشار إلى الباب الذي يدخل من حشد من الناس ) ..
تبسمت له وأنا أقلب في ذاكرتي كلمة " أتوظأ " : مشكور ..
مشيت عنه .. ودخلت إلى حيث أشار .. ولم يكن هناك أحد إلا القليل .. وقفت أنظر إلى الموجودين .. بعضهم يمسح وجهه بالماء .. البعض الآخر ذراعيه .. رجليه ..
وقفت مطولا .. أسترجع صورا لم تتلفها الحقن .. أتذكر أنني كنت أفعل ما يفعلون .. ولكن لما طول هذه المدة لم .. لم لم .. أنوظأ .. أجـــل .. هذا هو الوضوء .. فتحت الماء .. تمظممت ثلاثا .. لحين أن مسحت ظاهر قدماي ..
شعرت براحة غريبة .. وابتسامة أجهل سبب تواجدها الغريب على محياي .. وحينما انتهيت .. ذهبت نحو المسجد .. لأتفاجئ بما أرى .. مشهـــد لطالما رأيته من قبل .. الجميــع ساجدون .. بقيت لبرهة من الزمن أتأمل سجودهم .. أتذكر كيف كنت أسجد لله .. أجــل .. لما لم أسجـــد له طول هذه الفترة ؟!!
لا أعلم لما انسكبت دموعي .. التي رغم كل ما مررت به لم تهطل إلا نادرا .. إلا أنها الآن خرت .. من حرقة الخجل .. والاستحياء من الله ... كيف غفلت عن ربي طول هذه الفترة ؟ وهو لم يغفلني ؟ وأغرقتني بعنيايته وألطافه ؟ كيف نسيت خالقي ؟ وهو لم ينسني وسخر لي من يعينني بل وحماني وأرشدني إلى هنـــا .....
وقفت في آخر الصف .. أمسح دموعي .. أحـــاول اخفاء شهقاتي لحين أن ينتهوا من صلاتهم ويغادروا .. ولكن هيهات .. فقد كبرت تكبيرة الإحرام التي أجهل كيف تذكرتها .. بصوت خفيف نطقت سورة الحمـد .. ثم التوحيد .. ركعت لله .. سجدت مرتين .. نهضت للركعة الثانية فعلت كما فعلت سابقا .. تشهدت .. ثم نهضت للركة الثالثة .. قلت ثلاثا سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر .. كررت ركوعي وسجودي .. سلمت .. وحينما انتهيت .. رفعت نظري للناس حولي .. فلم أجد أحـــدا .. صليت العشاء .. ثم جلست حائرا .. كم يوما فاتني صلواته ؟ كم يوما علي أن أقضي ؟
شعر بالوجــع الحقيقي .. بالخوف الحقيقي .. من أن تقبض روحي .. وأنـــا مهمل صلواتي .. سجدت لله .. وأخذت أناجي ربي ..
يارب يارب يارب يارب .. يارب يارب يارب .. اعفو عني .. اعفو عني .. اغفر لي اغفر لي .. إلهي .. استغفرك وأتوب إليك ..
وحينما رفعت رأسي .. مسحت دموعي .. لأرى كهلا كان بالقرب مني .. بين كفيه كتاب .. ويقرأ بصوت هادئ .. وحينما أحس بأنني أنظر له .. ابتسم لي ... ورفع صوت قرآته .. ومحــال أن أنسى صوته المليئ بالهدوء والسكينة .. محـال أن أنسى نبرته الخاشعة .. وهو يقرأ " الرحمن .. علم القرءان .. خلق الإنسان .. علمه البيان .. الشمس والقمر بحسبان ..والنجم والشجر يسجدان ....."
إنه القرآن .. إنه كتاب الله .. إنه كلام الله .. نهضت وأنا أمسح دموعي التي هطلت مرة أخرى وأحضرت لي قرآنا .. قبلته بشوق .. وبدأت أقرأ من سورة الحمـد .. وحينما توقفت عن القراءة رأيت ذالك الشيخ جاء إلي .. سألني عن من أي البلاد أنا .. فقلت له بأنني لا اتذكر شيئا .. وسألته عن أمر الصلاة التي ضيعتها .. فأخبرني أن أبدأ بقضاء الصلاة من اليوم الذي أفقت فيه في المشفى .....
شكرته ونهضت مغادرا ... بعدما ابتلت روحي بطهر الإيمان .. ربمـــا كان هذا الغيث الذي انتظر هطوله .. ربما هذا التغير .. وهذه الأشياء التي تذكرتها .. فاتحة خير لكي تعود لي ذاكرتي .. وسببا بانقطاع عن الحقن التي أجهل كيف ومتى أصبحت لها مدمنا .....
[ إلهي .. لا تطردني من بابك .. واغرقني برحمتك .. واعطف علي بحلمك ]
==

بعـــد 4 أســـــابيـــع .....

في قــــــاعــــة كبيــــرة ... كــــان أبطـــالنـــا موجودين .. الجميـــع .. كــل من عرف نـــافع وأميـــرة .. جـــاء ليبارك لهم .. ويشارك ذويهم الفرحـــة ....
إنه الأول من شهــر أغسطس .. كان موعــد حفل زفــــاف نـــافع وأميرة .....
\
لن أدخـــل في التفاصيل الدقيقة .. وأصف سعادة ظاهرة للعيــان .. لكنني سأجــول بكامرتي بين الحظور ... فلنذهب أولا .. لليلى .. ونجــــوى ......
نجوى بضيق : شوفي بيان ..
قالت ليلى بضيق أيضا : نجوى والي يرحم والديج .. الي فيني كافيني ..
قالت لها : وانتي شفيج ؟ طول الوقت مضايقة ومالج خلق .. المفروض تفرحين ما بقى عن ملجتج إلا كم يوم ..
لتقول بوجع : متوترة وخايفة ..
قطعت كلامها نجوى : من شنو خايفة ؟ بالعكس غسان طيوب وحبوب وأكثر من عمار حتى ..
فقالت : ما ادري ... أحس روحي بآخر لحظة بقول له لا .. مو موافقة ..
لتقول : وافقي ليول .. لو آنا منج وأنا مغمضة أقول اييي .. ليول مو انتي دايما تقولين انج تدورين على الي يحبج وكاج لقيتينه لو ما يحبج كان ما تقدم لج ..
قالت بقلبها : اييي مبيين الحب .. ( وببتسامة قالت ) الله كريم ..
\
أما دعــــاء ... فكانت نجمــــة الحفــــل .. تتوسط المسرح .. ولم تتوقف عن الرقص .. وحينما اتصلت بها أميرة تخبرها بأنهم قد وصلوا .. ذهبت هي ووالدتها لاستقبالهم .. زادت سعادتها حينما رأتها بفستانها الأبيض .. احتضنتها .. وبكت بأحضانها .. فالليلة .. لن تنام بجوارها .. الليلة ستفتقدهــا .. وبعـــدها هدأتهم أم دعــاء .. وأعلنو قدوم العريسين ...
لتعــــاد الطقوس ذاتها .. دخلا معـــا على زفة لأحـد المطربين .. مشــا طريقهما للمسرح .. وقلبيها يخفقـــان .. من تلك الأنظـــار التي تلتهما .. وصلا خشبة المسرح .. رفع الغطـــاء الأبيض الشفاف عن وجهها .. قبل جبينها وخديها وهو يبتسم ابتسامته المعهودة ... همس لها بكل صدق وحب : أحبــــك ..
أمــــا هي ... فلا أستطيع وصف شعورهـــا .. في هذه اللحظــة .. أيقنت أن الله عـــادل .. رحيم .. وكريم .. أنصف قلبها ولم يدعه يموت من ألم خيانة زوجها السابق وأختها .. ليرزقها من هو أفضل منه .. من يرخص روحه فداءا لها .. لترتمي بأحضانه .. الدموع على أبواب عينيها .. لكنه حـــاول تهدأتها .. كي لا تبكي أمام كــل هذا الحشـــد .. وهو يطير إلى السمـــاء السابعة من الفرح .. ليحمـــد الله في سريرته .. فقـــــد جمعه مع من يراها أجمـل نساء الأرض وأقربهم إلى روحــــــه ..
طقوس أخرى .. أفواج من النســــاء تأتي لتسلم عليها .... وبعدمـــا ينتهون من كل شيء .. ينهض العريسين .. لمغادرة القاعة ... تشيعهم .. زوجــات أبيها .. أمه .. اختيه ... دعـــاء .. رنـــا .. والبقية .....
وقبل أن تركب في سيارته .. يقف الأخوان مع بعضهم .. وقفة أخوية .. يقولون لها ألف توصية .. يتزودون منها فهي بالغد مغادرة إلى صلالة .. وستعود في يوم حفلة أحمـــد وبيــــان ....
تركب السيارة .. وتنقل التوصيات إلى نـــافع .. يقول أحمد : اختي أمانة عندك .. انتبه لها ..
يتبسم نافع : ان شاء الله بحافظ عليها ..
ليقول عادل : نفوع .. لا تزعلها .. تراني بس اسمع مني مناك انك سويت لها شي ما بتلوم إلا نفسك سامع ..
ضحك : ان شاء الله عمي .. أوامر ثانية بعد ؟
ضحك عادل : اييي اشتر لنا هدايا .. ترى ناخذها عنك ..
ليقول : تامر امر .. لو تبي اجيب لك السوق كلها بس ما تاخذها .. ما صدقت تصير لي ..
ليقول أحمد : احم احم .. ترى بينكم واحد عازب ..
ضحكا معا وقال نافع : ان شاء الله يوم خطوبتك احنا موجودين ..
ليقول أحمد : ترى اذا ما جيتون اكنسل كل شي ..
ليقول عادل : اتحدااااك ...

في ليلة الجمعة ... في منزل أبـــا محمــود رحمه الله .. الأضواء كلها مضاءة .. البيت يكتض بالناس .. فلنقترب قليلا .. وندخل من بين الزحام .. إلى أم محمود وهي تدور بالمبخر .. وهي تمسح دمعها .. فالليلة .. وقبل دقائق فقط .. تم عقـــد قران ابنتها ... وفلذة كبدها ليس موجــودا .. ســـاعد الله قلبكِ أم محمـــود ..
فلنقترب أكثر .. وندخـــل إلى تلك الغرفة .. المزينة بالزينة .. مصابيح الزينة .. أقمشة خضراء تغطي الجدران .. سفرة عجم تتوسط الغرفة .. عليها مالذ وطــاب من الحــلوى .. وفي بداية السفرة .. يوجد مرآة كبيرة .. بجانبها قرآن كبير .. حوله الشموع .. كل هذا أمام بيــــان .. الجالسة .. بكامل زينتها

يتبع ,,,,,

👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -