بداية

رواية بين الامل والالم اسطورة -8

رواية بين الامل والالم - غرام

رواية بين الامل والالم اسطورة -8

أمل بإصرار : لا لا تحاولين ..وأكملت لتغيير الموضوع .. شادن وين ألقى الزيت..
شادن تساءلت باستغراب: ليش ؟؟ إيش تبين تسوين ؟؟
أمل : أبي أسوي كيكه كنت أحب أسويها دايماً لليلى وأسماء ..
شادن : بس الشغالات يجهزون أنواع من الحلويات كل يوم ..
أمل باعتراض : لا أنا نفسي أسوي هذي , سهله مررره وما تاخذ وقت أبد .. وبأمر ساخر .. طلعي الزيت يا بنت ..
شادن بخوف مصطنع : حاضر يا مولاتي ..واتجهت إلى أحدى الخزانات وأحضرت قنينة الزيت ووضعتها مع الأشياء الأخرى وأما أمل اتجهت إلى الثلاجة وأحضرت منها اللبن الرائب ووضعته هي الأخرى على الطاولة ..
شادن بذات الخوف المصطنع : شيء آخر تريدينه يا سيدتي ..
أمل بتكبر مصطنع : نعم أحضري لي السمسم الأبيض ..
ضحكت الفتاتان على المشهد الساخر ..
عقدت شادن حاجبيها بتفكير وقالت : ما أدري فيه هنا ..وضعت سبابتها على صدغها و تحاول التذكر ..أممممممممم ..وأكملت .. إيوه أظن مع البهارات ..
تحركت أمل إلى خزانة البهارات وأخرجت السمسم الأبيض بالإضافة إلى السكر ووضعته إلى جانب الأشياء الأخرى..
شادن بهدوء : كل الأغرض موجوده صح ..
هزت أمل رأسها إيجاباً وأكملت : بس بولع الفرن ..أوقدت الفرن على الحرارة المتوسطة وأغلقتها وأخذت سلطانية عميقة وأكملت كلامها .. تبين تتعلمينها ..هزت شادن رأسها إيجاباً.. طيب شوفي أول شيء حطي الحليب السايل كله..فتحت علبة الحليب ووضعتها بالكامل.. وبعدها حطي عليه كوب لبن..ملأت كوب من اللبن ووضعته.. وكوب سكر..وأخذت كوب آخر بنفس الحجم وملأته بالسكر ووضعته.. وبعدها تحطين الزيت ..
قاطعتها شادن بتساؤل : كل الأشياء على نفس المقدار يعني كوب ؟؟..
أمل بموافقة : إيوه صحيح , المهم الزيت تقرياً ثلثين الكوب ..ملأت ثلثي الكوب بالزيت ووضعته.. وحطي فانيليا شوي عشان نكهة بس ..وأمسكت بملعقة وملأت نصفها بالفانيلياء.. وأخلطيها بالخفاقة اليدوية ..أمسكت بالخفاق اليدوي وخفقتها لثواني حتى تجانست وأكملت.. بعدها حطي كوب دقيق وملعقة كبيرة باكنج بودر وتخفقينه شوي..ملأت كوب جاف بالدقيق ووضعت عليه ملعقة كبيرة مليئة بالباكنج بودر وأضافته للخليط وخفقته لثوانٍ أخرى.. وكمان نحط كوب ثاني دقيق ونخلطه ..ملأت كوباً آخر من الدقيق ووضعته على السابق وخلطت المزيج جيداً .. والحين نحط عليه إما تمر ولا زبيب ولا فواكه مجففه ..وسألت شادن .. إيش يعجبك إنتي ؟؟
شادن : عادي أي شي ما تفرق .
أمل : طيب خلاص تمر يطلع حلو ..سحبت درج يحتوي على التمر وأخذت منه بضع تمرات وأخرجت النواة منها وقطعتها إلى قطع صغار ووضعتها على الخليط وحركته بخفة وسكبت المزيج في الصينية المدهونة بالزيت والمنثور فوقها قليل من الدقيق وأمسكت بعلبة السمسم الأبيض ونثرت منه على وجه الكعكة وحملتها متجهة إلى الفرن .. شادن بالله افتحيلي الفرن ..
شادن بانصياع : ok ..تذكرت وأوقفت أمل بتساؤل.. لحظة لحظة ليش ما فيه بيض على الكيكه؟؟
هزت أمل رأسها بالنفي وأكملت: لا أسويها بدونه عشان ما تعجبني زفرت البيض ..كانت شادن تهم بمقاطعتها ولكنها بادرتها بالتفسير قبل أن تسأل..بتقولي حطي فانيليا بقلولك موب كلها الأنواع مثل بعض يعني شي يبعدها وشيء مثل عدمه ..سارت باتجاه الفرن وفتحت لها شادن الفرن..
وضعت أمل الصينية بعيداً عن النار وتركت الحرارة على المتوسط ..
ورفعت الأشياء لأماكنها المخصصة بمساعدة شادن وحملت الأكواب ووضعتها في المغسل و غسلتها ونشفت يدها وسألت شادن ..
أمل : شادن أسوي قهوة ؟؟
شادن : إذا تبين سوي ولا أقول للشغالات يسوونها ..
أمل باعتراض : لا أنا بكمل جميلي و أسويها .. نهضت وصنعت القهوة وتركتها تغلي على النار وجلست مع شادن بانتظار ما صنعتا ..
********************************
لبست أمل شالاً على رأسها باللون الوردي على لباسها المكون من قميص وردي بنقوش بيضاء وتنوره بيضاء ..
وبعد أن تأكدتا من برودة الجو خرجتا وكانت الشمس مازالت في الأفق ولكنها كانت دافئة ..
جلستا على المقاعد المقابلة للمسبح وهما تستمتعان بالمناظر حولهما حيث كانت أمل تجلس مواجهة للمسبح ومولية ظهرها للمنزل و شادن تجلس على يمينها حيث يكون المسبح على يسارها ..
بادرتها أمل بالسؤال : أقول شادن وين أمي ؟؟
شادن بهدوء: سمعتها تقول لأبوي معاها مشوار ساعة وجايه والحين يمكن لها ربع ساعة من خرجت ..
أمل : أهااا ..
أقتربت شادن من الطاولة تناولت قطعة من الكعك أكلتها هزت رأسها وأغمضت عينيها بحركة تمثيلية وقالت : أمممم إنها رائعة .
ضحكة أمل عليها : أعجبتك ..
شادن : مرررره نايس ..
صمتتا قليلاً ثم تكلمت أمل بما يدور في خلدها منذ مدة ..
أمل بتساؤل : شادن ليش طارق ما تزوج بعد زوجته الأولى ؟؟
شادن باستغراب : ومين قالك أنه تزوج من قبل ؟؟
أمل بتوضيح : مره سألت أمك إذا كان عندها بنات وقالت ..وذكرت لها ما دار في السيارة .. عشان كذا ودي أعرف ليش أمي تكدرت ذاك اليوم ..
تنهدت شادن وأكملت بحزن : شوفي هو تزوجها زواج عادي يعني أمي شافتها وأعجبتها وخطبها طارق وتزوجوا بس اللي صار بعد كذا ما أحد يعرفه غير طارق بس أتذكر وقتها كنت ما أمشي وأغلب الوقت طفشانه وتعبانه عشان كذا ما أعرف إيش إللي يصير بس أتذكر إنها كانت ما تهتم بالحجاب وبالذات بين شباب عايلتها ..
أمل بذهول : كييف يعني ؟؟ تكشف عليهم ..
شادن بهدوء : لا أكثر من كذا تخيلي عرفت أنها تجلس معهم بملابسها بدون حجاب وأحياناً تخرج قدامهم بالبجايم ..
أمل بغير تصديق : يشيخة شكلك تمزحين أصلاً فيه أحد كذا ..
شادن بحماس : والله إنها كانت كذا ..تذكرت و تنهدت.. الله يرحمها , المهم تخيلي مره كانت طالعة وشفتها بعباية كأنها فستان سهره ومكياج صارخ وكملت بعطرها اللي ملا الصاله بكبرها وقفتها وقلت لها "وفاء حرام تخرجين كذا تصيرين زانيه" تخيلي بإيش ردت علي ..
أمل بذهول واستغراب سألت : بإيش ردت عليك ؟؟
شادن بهدوء : كــــــــــف ..
على الشرفة المطلة على المسبح أقفل السماعة بعد أن اتصل ليخبر السكرتير عن عدم رغبته في الحضور لأمر طارئ فهو يريد أن يتوجه إلى مركز الشرطة ليبلغ عن الحادث رغم عدم اقتناعه بالأمر, وضع مرفقيه على الشرفة وهو يفكر كيف سيبعد أمل عن عائلته بعد أن تعلق بها الجميع وهو قد أخبرها مسبقاً أن تبعد عن أخواته ولكنها عصته أصبح في نظره كل النساء خونه وحقودات ولا يؤمن جانبهم أبداً ..تنهد واستغفر وأغمض عينيه ليتمتع بالهواء ولكنه سمع ما دار بين الفتاتين حتى وصل سمعه إلى كلمة "كـــــــف" كانت كفيلة بتفجير سيل الذكريات الأليمة وانهمرت عليه وكأنها شلال مندفع ..
******
خرج من دوامه المسائي مبكراً لأنه كان يشعر بالإرهاق فتح باب الصالة ودلف إليها وعندما انتصف المسافة توقف مذهولاً عندما سمع و رأى ما حدث ..
ثارت ثائرته وكاد يفقد أعصابه من الغضب واستحالت عيناه بلون الدم تقدم وهو يحاول تفريغ غضبه في الأرض حتى كادت تتكسر تحت قدميه حتى وصل أمامها وكانت تقف مذهولة هي الأخرى وقد غلب عليها الخوف فهي تعلم كم يحب أخواته ويعتز بهن ..
توقف أمامها ورفع يده واستقرت على خدها وأكمل ببرود كالصقيع وقد لاحظ نظرات الحقد في عينيها : على غرفتك يلاااا ..
انصرفت من أمامه بسرعة الريح واستدار لأخته الجالسة على مقعدها المتحرك والتي أنزلت رأسها ودموعها تتساقط في حجرها ..
هدأت موجة غضبه من جهة وثارت موجة حنانه من جهة أخرى جلس أمامها على الأرض وأمسك بركبتيها ورفع بأصابعه رأسها المليء بالدموع وحدثها بحنان جارف : شدون عمري لا تبكين ولا ترى الحين أروح أقتلها ..وتكلم بهمس حنووووون..كل شيء ولا دمعتك الغالية..ومسح دموعها من خديها وابتسم لها وردت له الابتسام .. رضيتي الحين ولا أرد الكف ألف ..
هزت شادن رأسها بإيجاب وهي مبتسمة : لا رضيت خلاص ..
تنهد براحة ساخره : أأأأهـ الحمد لله رضيت الليدي شادن ..وضحك بمرح فضحكت معه..
***
في اليوم التالي هاتفته وفاء وهو في المستشفى وأخبرته أنهما معزومان عند عائلتها وأنها ستسبقه إلى منزل أهلها ..
أقفل منها وتذكر كيف حاولت إرضاءه في الليلة السابقة ورضي ولكن بعد أن تعتذر لشادن فوعدته بذلك فرضي , هو يقر في نفسه أنه لا يحبها ولكنه متعود على وجودها ..
أنهى أعماله قبل الصلاة وخرج برفقة صديقه سلطان إلى مسجد المستشفى وتفرقا عند الباب ..
أوقف سيارته في موقف السيارات وسار باتجاه مجلس الرجال دلف وسلم على الجالسين و جلس على يمين والد زوجته وكان على يساره مكان فارغ والكنبة التي تليها يجلس ماجد ابن عم زوجته ..
كانت أحاديث الجلسة يغلب عليها الطابع الاقتصادي وكان مملاً بالنسبة لطارق ولكنه كان يجيب إذا سُؤل ويصمت بعد ذلك ..
بعد انقضاء نصف ساعة سمع والد زوجته يتحدث بالهاتف ولم ينتبه إلا لآخر جملة "خليها تجي محد غريب ".. بعد أن أغلق السماعة بدقائق دخلت فتاة جميلة بأنوثة طاغية ترتدي قميصاً باللون الأحمر بربع كم والذي انعكس مع بياض بشرتها بفتنة بالإضافة إلى تنوره من الجينز باللون البيج تصل لمنتصف الساق وحذاء أحمر (تكرمون) بشرائط حريرية ملتفة على ساقين بلون الزبد الطري..
لم تكن الفتاة سوى زوجـــــــــتـــــــــه احتقن وجهه وأصبح أســــــــود وأصبحت عيناه كلون قميصها ..رأها وهي تصافح كل الموجودين من أبناء عمومتها إلى أبناء خالاتها وأخوالها وفي الأخير جلست على يسار والدها بالقرب من ابن عمها ماجد الذي ينظر لها بافتتان أمام ناظريه ويمسك بيدها ويتحدث معها وتضحك له والمصيبة الأعظم أن والدها ينظر لها كأن شيئاً لم يكن , حاول أن يروض غضبه ويهدئ من أعصابه ولكن رأى ما أثارها مرة أخرى وجعله ينهض بحدة و يتقدم منها ويمسكها من معصمها بقوة كادت تكسر رسغها ومشى بها إلى خارج المجلس وهو يجرها جراً وهو يقصد أن يهينها كما أهانت رجولته ومنظرها يزدحم في خياله وهي تضحك بصوت عالي وتضرب ابن عمها على كتفه وكأنه أقرب قريب لديها..
وقفا في الشمس ونظر لها مطولاً وهو صامت يريد تفسيراً لما حدث ولكنها كانت تنظر له بعين البريء الذي لم يرتكب جرماً وعندما طال الصمت سألها بهدوء مغاير البراكين الثائرة في جوفه : ممكن تفسرين لي إللي صار ؟؟
وفاء بهدوء وعلامات الألم على وجهها : أول شيء ممكن تترك يدي بنتكسر ..تركها بطريقة تدل على اشمئزازه منها وقد تحلق الاحمرار حول معصمها فأمسكت به تدلكه حتى تبعد الألم والاحمرار وأكملت ببراءة لا تناسب ما حدث ..ثاني شيء ما سويت حاجه غلط ..
رفع طارق حجبه الأيمن بسخرية وابتسامة ساخرة تعلو شفاهه التي لم يلطخها سواد التبغ : ما سويتي شيء غلط هه مرره بريئة ..وأكمل بجديه.. بعدد لك الأخطاء اللي شفتها فيك , أول شيء طالعة للرجال بدون حجاب ..كانت ستقاطعه ولكنه أوقفها بكلمة .. انتظري أكمل كلامي ..وأكمل.. ثاني شيء لبسك ..هز رأسه علامة النفي .. ما يصلح تخرجين فيه قدام حريم كيف تخرجين فيه عند رجــــــــــال وأجانب بعد , ثالثا تسلمين عليهم وأكيد تعرفين أنه حرااااااام تصافحينهم , رابعاً تضحكين مع ولد عمك ويمسك يدك كأنه ولا بلاش ..أمسك ثوان عن الكلام وأكمل.. والأدهى والأمر إنك تضحكين بصوت عالي وتضربين ولد عمك من زود الميانه ..وصرخ .. ممكن تفسرين هذا الكلام اللي أي رجال فالدنيا مستحيل يرضى فيه ..
وفاء بهدوء : شوف صح إني أخرج عندهم بس أنا أعتبرهم أخواني كلهم وهم برضو حتى شوف بابا ما قال شيء ..
أغضبه كلامها بدلاً من تهدئته وتكلم بين أسنانه : إذا إنتي تشوفينهم اخوانك هـــــم ..صرخ.. لااااااااا أنا رجـــــال وأعرف إيش يدور فبالهم ..صمت قليلا وأكمل.. إذا أبوك يشوف أنه عادي هذا الشيء فأنا ..صرخ.. لاااااااا أنا موب ديــــــــــــوث ..
نظرت له بحقد وانصرفت فقال بصوت عالي وبأمر : بعد الغداء مباشرة أشوفك فالسيارة ورجع إلى المجلس ..
أمضى بقية الوقت إلى الغداء بصمت وضيق تجلى على قسمات وجهه وانعكس ذلك على الجميع ..
عندما ركب السيارة نظر لها نظرة خاطفة ولاحظ ذات النظرة في عينيها ولم يعرها اهتمام أمرها بصوت حاد أن تغطي وجهها ..
***
مر على الحادثة أسبوع كان يتكلم معها برسمية ولكنها هي لم تنفك عن مصالحته ولكنه لازال يرى تلك النظرة في عينيها ..
***
بعد أسبوع ..
دخل بعد العشاء سلم وجلس ولكنها كانت تتحدث في الهاتف وكانت على وشك الإغلاق وسمع منها آخر جملة قبل أن تغلق وترد عليه فنهضت وذهبت وأثر كلمتها باقي "خلاص الأغراض وصلت مشكور"
بعد دقائق استرخى فيها على الصوفا وهو يشاهد التلفاز دخلت إليه وهي تلبس قميصاً بلا أكمام باللون البرتقالي وبنطلوناً من الجينز باللون الكحلي يصل إلى أسفل الركبة وقد رفعت شعرها القصير بتاج صغير باللون البرتقالي .. كانت تحمل في يديها كوب كرستالي به عصير له شكل رائع وبألوان وطبقات متعددة يخترقه ماصة شفافة .. تقدمت إليه وهي تبتسم وفي عينيها تتأجج ذات النظرة ولكنها بتألق ولمعان مما عكس عليها جمال شرس ساحق قدمت له الكوب على منضدة صغيرة أمامه وجلست تقابله جلس و أمسك بالكوب وتذكر كلمتها "خلاص الأغراض وصلت مشكور" فسألها بهدوء : مين كنتي تكلمين قبل شوي ؟؟
توترت وفاء للحظة ثم وازنت نفسها حتى لا يلحظ عليها : كنت أكلم أخوي وافي ..
توترها لم يكن ليلاحظه أي شخص ولكن ليس طارق فهو لماح ونبيه لمثل هذه التصرفات أنزل الكوب من يده وهز رأسه بإيجاب وأكمل : إذا ما عيك كلافه ممكن كوب مويه ..
وفاء باستغراب وإصرار : ليش تبي مويه وعندك عصير إشربه تراه حلو ..
تيقن من إصرارها على شرب العصير أن هناك أمر ما وهي تعلم أنه لا يحب من أحد أن يصر عليه بفعل أمر ما فقال بتحايل : لا بشرب العصير بس جيبي مويه أبي آخذ بندول بعده ..
انصاعت لطلبه ونهضت متجهة إلى المطبخ بينما اتجه هو إلى المغاسل وسكب العصير على يده حتى وانساب بين أصابعه ولم يتبقى من العصير في يده شيء ولكنه وجد ما شك في أمره فقد وجد حـــــــــبه متآكلة الأطراف بسبب العصير قلبها بين أصابعه فلم يرى أثر لكتابة أو أي شيء أخذ قطعة منديل ووضع الحبة فيها وغسل يديه بهدوء تحته عاصفة من الغضب أخذ المنديل ووضعه في جيب ثوبه وخرج متجه إلى باب الجناح ولكنه رأى زوجته تتقدم منه لتعطيه كوب الماء ولكنه لم يعرها بالاً وانطلق متجهاً إلى المستشفى و خصيصاً لقسم المختبرات طرق الباب ووجد الدكتور المناوب المختص بالمختبر ودلف وسلم عليه ورد عليه الدكتور ..
طارق بجدية : دكتور بسام أبي منك تفحص شيء ضروري ويكون ســــر بيني وبينك وأتمنى ما يطلع من هذا الباب ..وأشار إلى باب المختبر ..
هز دكتور بسام رأسه بإيجاب ورد باقتضاب : حادر يادكتر تارئ ’باللهجة المصرية’
مد له طارق بالمنديل فأمسكه الدكتور وفتحه ووجد الحبة المتآكلة الأطراف وضعها على شريحة زجاجية وثبت الشريحة في المجهر وأخذ يدير الأزرار تارة يمينا وتارة شمالاً يرفع الشريحة تارة وينزلها أخرى حتى اكتشف أمرها وفتح عينيه باتساعها وألتفت إلى طارق وقال كلمة واحدة هزته بعنف وخرج وكأنه منوم مغناطيسياً من أثرها وقاد سيارته وهو لا يعلم أين ستذهب به ..
توقف آلياً أمام منزلهم وترجل وسار إلى جناحه وهو خائر القوي وعندما فتح الباب رآها وكأنما وجهت له صفعة قوية أيقضته مما كان فيه تقدم منها وهز أكتافها بعنف وأوقفها بعد أن غرز أظافره في أكتافها وقال بغضب عاااارم : مخدراااااااااااات ليش تعطيني مخدرااااااااااااات ..صرخ بصوت عالي .. ليييييييييييييييش ؟؟
لم تنبس ببنت شفه بل أبعدت يديه عنها بعنف وأمسكت هاتفها وضغطت مرة واحدة أي أنه آخر رقم اتصلت عليه وقالت كلمة واحدة : تعال بسرعة..
ودخلت وخرجت وهي تلبس العباءة أمسك يدها قبل أن تخرج وقال بغضب : ويـــــــــــن رايحه ؟؟
جرت يدها منه بعنف وصرخت : مــــــــــــالك دخـــــــــــــل ..
خرجت بسرعة وخرج خلفها يناديها ولكنها سبقته إلى ركوب السيارة الواقفة أمام الباب وانطلقت السيارة بسرعة ..
حوقل في نفسه واسترجع واستدار عائداً إلى المنزل ولكـــــــن لم يكمل دورته حتى سمع صوت اصطدام بصوت يصم الآذان خرج بسرعة وركب سيارته وانطق حيث الصوت وهناك وجد المصـــــــيبة العظمى
زوجـــــــــــــته ومــــــــــــاجد في الحادث ولكن الأعــــــــــظم من ذلك أنـــــــــــها بين يديـــــــــــــــــــه ميــــــــــــــــــــتة ..
*******
مسح وجهه وعينيه يريد أن يبعد ذلك المنظر عن مخيلته ولكنه لا يستطيع لقد نقش في رأسه نقشاً ..
أنزل رأسه ولم يجد أحداً في الحديقة نزل من السلم الموصول بالشرفة إلى الحديقة وجلس على مقعد أمل دون أن ينتبه وأمسك إحدى قطع الكعك وأكلها فأعجبه طعمها وتمتم "هذا موب طعم أكل الشغالات و شادن ما تعرف أجل ما فيه غيرها "عندما وصل تفكيره لهذه النقطة وضع المتبقي من القطعة التي في يده في الصحن ونهض ليذهب إلى مركز الشرطة ...
********************************
مضى بقية اليوم بلا أحداث سوى حضور شهد واستعداد أبو طارق للسفر ليوم الغد ..
********************************

في صباح اليوم التالي ...

الساعة السابعة ..
كان يقف الجميع عند الباب لتوديع والدهم الذي ركب السيارة التي يقودها السائق وانطلقت به إلى المطار متوجه إلى دبي ..
بعد دقائق ..
كان الجميع يجلس بصمت وقطعه صوت رنين هاتف طارق الخلوي نظر للشاشة للحظة ثم رفع السماعة ..
تكلم مع المتصل لثوانٍ وأقفل السماعة ببرود وتنقل بنظره للجالسين حوله بدأً بأمه ثم شادن ثم شذى ثم تكلم بهدوء
طارق : الشرطة الحين بلغوني أنهم حصّلوا اللي صدم الولد لكنه أنكر أنه صدمه وأنا أقول تتنازل أفضل لأن ما عندها أي دليل ..
أم طارق بحنق : ليش ينكر عساه اللي مانيب قايله وبعدين أنت الثاني ليش تتنازل هذا حق و((الساكت عن الحق شيطان أخرس)) ..
طارق : بس يمه ..
أم طارق بحده : لابس ولا شي هذا شيء راجع لأمل ..استدارت وأمسكت سماعة الإنتركوم وضغطت رقم جناح الضيوف وبعد لحظات صمت تحدثت بهدوء.. صباح الخير يمه ..
أمل بابتسامة : صباح النور يا الغالية .
أم طارق : أخبارك حبيبتي اليوم ..
أمل : الحمد لله يمه أنا طيبه .. وأنتي شلونك ؟؟
أم طارق : الحمد لله ..أمسكت عن الكلام لثوانٍ وأكملت بجدية ..أقول يمه الرجال اللي صدم ولدك حصلوه لكنه أنكر أنه صدم أحد ..
أمل بجدية : طيب والحل ..وأكملت بحزن ..لازم آخذ حقه يمه ..وبإصرار.. لااازم ..
أم طارق بمؤازرة : حقك يا بنتي بس كيف ..رفعت نظرها لطارق الذي يشير لها بأنه سيناقشها في الأمر وأكملت.. يمه أمل خذي كلمي طارق يتفاهم معك..
أمل بتردد وخوف : بس يمه ..
أم طارق بحنان : معليش يابنتي للضرورة تفاهمي معه تراه مثل أخوك خذي كلميه..ومدت السماعة لطارق..
تضايق طارق من كلمة ’مثل أخوك’وأخفى ضيقته وتحدث بجدية : السلام عليكم ..
أمل بجدية هي الأخرى وبصوت قوي لا خنوع فيه ولكن لم يمنع ظهور بحتها المميزة : عليكم السلام ..آمر أخوي
طارق باستهزاء مبطن لم يفهمه سواها : ما يامر عليك عدو أختــــي ..مد الأخيرة باستهزاء ثم أكمل بجدية .. اللواء اتصل وبلغني إن صاحب السيارة اللي بلغنا عنه أنكر التهمه فأيش الحل ..
أمل بتوتر : ما أدري ..صمتت للحظات تتذكر وأكملت..بس اللي أتذكره أن السيارة لونها أسود أكيد ما يكفي هالدليل ..
طارق : أممممم صح سيارته سوداء بس هذا موب دليل عليه ..وتساءل ..ما كان أحد فمكان الحادث غيرك صح ؟؟
صمتت أمل بخيبة أمل ولكنها سمعت عبر السماعة صوت أم طارق تقول : لا موب صحيح أنا وجولي وأكرم شفنا الحادث وصاحب السيارة بعد..
طارق بجدية : بس مستحيل تروحين مركز الشرطة وتشهدين ..
أم طارق : ليش ما أروح أشهد إيش فيها ..
طارق بعناد : لا مستحيل الناس إيش بيقولون عنا ..وكلم أمل بهدوء.. يا أخت أمل لازم تنسين الموضوع ..وتكلم بهمس لا يسمعه إلا هي .. بتروحين تفضحين نفسك ولدك بدون نسب يعني ولد ..وأمسك عن الكلام بقصد ..
أحست أمل بطعنة سامة مميتة في قلبها من أثر كلماته وجعلت قلبها ينزف ويتوجع وقالت بعناد أكبر : لا بروح آخذ حق ولدي وحآخذ الشغالة والسواق يشهدون ..
طارق بحدة وقد ارتفع صوته : ما تكفيك شهادة رجال واحد ومره وحدة شهادتهم نااااااااااااااقصه..
وقفت أم طارق بشموخ وقطعت الحديث الدائر بحدة : انا رايحة أشهد ..وسارت وهي تضغط أزرار الهاتف في يدها وسمعوها تقول ’ألو عبد الله’ ولم يسمعوا المتبقي من كلامها ..
غضب طارق وقال بحدة لأمل الصامتة في الطرف الآخر : أنا أمي آخر زمن تروح مركز الشرطة وعشان مين عشان عيال شوارع ..وأغلق السماعة بعنف وهو يتنفس بقوة من الحنق والضيق ..
نطقت شادن الصامتة من أول الحوار وقالت بتأنيب : حرااام تقول عنها كذا تراهـــ..
قاطعها طارق بحدة قلما تظهر لأخواته : انكتمي إنتي الثانية ..ونهض بحدة وسار باتجاه باب الخروج ..
نظرت له شادن بغرابه وهي حانقة من تصرفه الذي في رأيها ليس له من داعي ونهضت متجهة إلى جناح الضيوف حيث أمل ..
أما أمل كانت ممسكة السماعة بذهول من كلام طارق الأخير وبقيت للحظات لم تستوعب الكلام ولكنها في الأخير استفاقت من ذهولها بدخول شادن الذي ظهر الغضب عليها وعلى حركاتها الغاضبة فظنت للحظة أنها بسبب ذهاب أمها لمركز الشرطة بصحبتها ولكن أبعدت هذه الخاطرة عن رأسها فليس كل الناس طارق ..
حاولت أمل أن تبدو طبيعية وسألت شادن بهدوء : شدون إيش فيك شكلك زعلانه ..وأكملت بحذر ..عشان أمك بتروح معي مركز الشرطة ..
هزت شادن رأسها باعتراض وأكملت : لا بالعكس أبيها تشهد معك بس..أكملت بحزن وحنق .. طارق عصب علي وزعلانه عليه عشان الكلام اللي قاله لك ..
أمل ابتسمت بحزن : ما عليك يا عمري لا تكدرين خاطرك سمعت من الناس أقوى من ذا الكلام ..وأكملت بترضية.. الوجه الحلو هذا ما تناسبه هذي التكشيره ..وهي تمرر سبابتها بين حاجبي شادن المعقودتين وابتسمت لها..
ابتسمت لها شادن بحب وقالت : الله لا يحرمني منك ..
أمل بحب : ولا منك يا عمري ...
******************************
عند الساعة العاشرة تحركت سيارتان متجهتان إلى مركز الشرطة وكان في السيارة الأولى طارق والذي يفرغ غضبه في أمساكه للمقود بقوة حتى ابيضت مفاصل أصابعه , و تعقيده لحواجبه ..و بمقعده المجاور أمه التي يظهر عليها الهدوء وخلفها تجلس أمل المتوترة والخائفة والفرحة في آن واحد فهي ستحقق وصية أمها في أخذ ثأر ولدها من أبيه << شوي وتفهمون قصدي
ولكن لم يظهر عليها إلا السكون بل السكون المميت ..وفي السيارة الأخرى السائق أكرم وزوجته جولي ..
***
بعد عشر دقائق توقفت السيارتان في مواقف السيارات التابعة لمركز الشرطة وترجل الجميع وتقدموا من المبنى ودلفوا إليه وتفرقوا في الأماكن المخصصة للانتظار ..
بعد دقائق سمح لهم بالدخول فدخل طارق ووالدته بالإضافة إلى أمل وترك السائق وزوجته في الانتظار لوقت إدلاء الشهادة ..
دلفوا وألقوا التحية وجلس طارق على الكرسي المقابل لمكتب اللواء بعد أن صافحه , أما أمل وأم طارق فجلستا في المقاعد البعيدة عن المكتب ..
بادر طارق الحديث برسمية وجدية زادت من هيبته أضعاف : طال عمرك أم الطفل إبراهيم حضرت..وأشار إلى أمل .. تبلغ بنفسها ومع الشهود على الحادث .
هز اللواء رأسه بإيجاب : كويس , طيب يا أم إبراهيم ممكن تعطينها أوراق الهوية أو كرت العايلة لك و لولدك لو سمحتي عشان نسجل البلاغ بإسمك ..
ردت أمل بجدية وبصوت قوي لا خنوع أو رقة فيه : طال عمرك هذا سبب ثاني لحضوري غير الحادث أنا جايه أبلغ عن أبو إبراهيم ولدي << فهمتوااا
علت الدهشة على وجوه الجميع ..
أكملت أمل بذات النبرة لكن تخللها قليل من الحزن الذي فاض من قلبها : قبل سنتين وستة شهور بلغت زوجي إني حامل فاتهمني بشرفي ورماني في الشارع قدام الناس وطلقني رحت عند أبوي لكنه سمع كلام الناس عني وطردني .. ولما ولدت إبراهيم رفض أبوه أنه يضيفه أو يعطيني ورقة طلاقي ..صمتت لثواني وأكملت..سنتين أنا وولدي بدون هوية وما كان عندي أي إثبات أواجه أبو إبراهيم به وأبوي طردني مرتين بدون ما يعطيني أي إثبات لي والحين عندي تحليل الـ d.n.a لإبراهيم ولدي ..وأخرجت الملف من حقيبتها ومدت به لأم طارق والتي هي الأخرى مدت به لطارق والذي هو بدوره وضعه على المكتب أمام اللواء وأكملت حديثها .. وهذي نتيجة التحليل ..
توقفت أمل عن الكلام وأنزلت رأسها وغرق المكان في صمت مطبق للحظات وقطع الصمت اللواء بصوته الجهوري : يعني أنتي جايه تبلغين عن قضيتين الأولى نفي نسب وقذف من طليقك والثانية قاتل ولدك ..هزت أمل رأسها بالموافقة .. أكمل اللواء كلامه .. طيب أحنا حنبدا بالقضية الثانية لأن الجاني موجود وبعد ما ننهيها ناخذ بيانات طليقك ونحضره ..
أجاب طارق ببرود : اللي تشوفه طال عمرك ..
ضغط اللواء على زر النداء وتكلم : يا عسكري جيب المتهم ..
أجاب الطرق الآخر : حاضر طال عمرك ..
أغلق اللواء الجهاز بضغطة أخرى ..
وبعد لحظات طرق الباب ورد اللواء : أدخل ..
ألقى الشرطي التحية العسكرية بيمينه وبيساره كان ممسك بالمتهم الذي أوقفه ثم أنصرف مغلقاً الباب خلفه ..
رفعت أمل رأسها لترى قاتل ابنها ولكن لم يظهر وجهه بسبب خفضه لرأسه ولكن انتبهت لهيئته لم تكن غريبة نبض قلبها بعنف لهذه الخاطرة وسمعت صوت اللواء يقول للمتهم : هذي أم الطفل جايه بنفسها تبلغ عنك ..
رفع الرجل رأسه والتفت إلى جهة أمل حيث أشار له اللواء ..
رأته أمل فوقفت بحدة وقلبها ينبض بسرعة وهتفت بصوت منخفض ولكنه مسموع ((ســــــــــــــعـــــــــــود))
****
رُفعت الرايات ولمعت السيوف وتقابل الجيشان وأصبحت الحرب بين كر وفر أنتصف النهار والمعركة لا تزال قائمة كثر القتلى وارتوت الأرض من دماء الضحايا حتى قاربت الشمس للمغيب فسقطت راية الأمل واستمرت راية الألم عالية مرفرفة وأعلن الألم بغطرسة أنه المنتصر ((وانسحبت جيوش الأمل)) ..
*****************************
نهايــــــــــــــــ الجزء التاسع ـــــــــــــــــــــة
******************************
التوقعات /
سعود رجع مره ثانيه إيش راح يصير ؟؟
وكيف راح يكون موقفه مع أمل ؟؟
إيش موقف طارق ؟؟
وأهله ؟؟
لا حول ولا قوة إلا بالله

&< ~^((الجزء العاشر))^~ >&

~[(عودة الألم)]~
هتفت أمل بصوت منخفض ومسموع : ((ســــــــــــــعـــــــــــود))
التفت لها الجميع باستغراب وحتى المتهم نفسه ..
وأكملت بتأكيد وهي تشير بسبابتها إليه : هذا سعود ..
سأله اللواء باستغراب من معرفة أمل به : صحيح اسمك سعود ؟؟
..هز سعود رأسه بإيجاب..
أدار اللواء رأسه إلى أمل واستفسر منها أمام نظرات أم طارق المستغربة ونظرات طارق الحاقدة وسألها : تعرفيه ؟؟
هزت أمل رأسها بإيجاب وأجابت بهدوء منافي لنبضات قلبها السريعة : إيوه هذا طليقي وأبو ولدي ..
نفى سعود بحدة : أنا ما أعرفك ليش تتبلين علي ؟؟..
اندهشت أمل من إنكاره وعندما أرادت التحدث وصلها سؤال اللواء الذي يسأل عن أسمها حتى يوضح له هل هي صادقة أم تخدعه ..
أجابته أمل بهدوء وهي تنظر لسعود بحقد لم يظهر له بسبب تغطيتها لعينيها بالغطاء وأحست بالصداع وبالغثيان لمجرد تواجده معها في مكان واحد : أسمي ((أمل إبراهيم ناصر الـ....... ))
تفاجأ كل من سعود وطارق من الاسم وكل واحد منهما اتجهت أفكاره باتجاه
فسعود حدث نفسه قائلاً "أكثر من سنتين ما أعرف عنها شيء والحين رجعت ورجعت بمصايبها معها"
أما طارق فكان مندهش من اسمها وتمتم بهمس "يا الله تقرب لنا ومن نفس عايلتنا بعد "
سأل اللواء سعود بهدوء : عرفتها ولا عندك شك ؟؟..
أجاب سعود بتوتر وتردد بين الإثبات والإنكار فكان لا مجال له من الإنكار : إيوه عرفتها كانت زوجتي ..وأكمل بانفعال.. بس الولد موب ولدي هي تتبلى علي ..
التفت اللواء يحدث أمل التي مازالت واقفة من الصدمة : يا أم إبراهيم القضية على المتهم صارت قضيتين يعني المتهم سعود هو نفسه اللي نفى نسب ولده وقذفك وكمان قتل ولدك ..
هزت أمل رأسها بإيجاب بعد أن جلست فلم تقوي أن تتحمل إنكار سعود مرة أخرى لولده وأكملت : نعم طال عمرك ..
التفت اللواء إلى سعود الواقف والمذهول من الكلام الذي يقال وسأله بلهجة خشنة : عندك اعتراض يا أخ سعود ؟؟
هز سعود رأسه بإيجاب وأردف بصوت عالٍ معترض : ليش قضيتين هي في وحدة عشان تصير ثنتين ؟؟
أخبره اللواء ببلاغ أمل ورفعها لدعوتين واحدة ضده والأخرى لقاتل ولدها والذي هو أيضاً متهم بها ..
ولكن سعود رد بإنكار كاذب : بس أنا ما صدمت ولدها ..
اللواء بتوضيح : بس فيه شهود يقولون أنهم شافوك ..
أنزل سعود رأسه فلم يعد لديه أي اعتراض
طلب اللواء من الشرطي مناداة الشهود فدخل السائق وزوجته ..
سأل اللواء : هذولا الشاهدين بس كذا الشهادة ناقصة
ظهر الفرح على سعود ولكن خاب أمله عندما تحدث طارق الذي لزم الصمت منذ مدة : لا موب هذولا بس فيه الحرمة هذي ..وأشار إلى أمه الجالسة بقرب أمل وأكمل.. يكملون حرمتين ورجال
هز اللواء رأسه بموافقة وأمر الشاهدون بالتقدم لإلقاء اليمين فأقسموا على أنهم ليقلون الحق فسألهم واحداً واحداً
تقدم السائق أولاً وسأله اللواء : هل أنت شفت هذا ..وأشار إلى سعود الواقف والمخفض رأسه .. لمن صدم الولد ؟؟
أجاب السائق بعربيته المكسرة : إيوا سير أنا في شوف هزا سدم ولد بأدين في روح بسرأه "إيوه سيدي أنا شفت هذا صدم الولد بعدين راح بسرعة "
هز اللواء رأسه وأمر الكاتب أن يكتب الشهادة وأمر السائق أن يوقع على شهادته ..
وأكملت الإجراءات على نفس النمط وبعد إدلاء الشاهدون رفع اللواء رأسه لسعود وقال باستهزاء وبصوت حاد : والحين عندك اعتراض ؟؟
نفى سعود بهزة من رأسه وأكمل : لا , صح صدمته ..وأكمل بإنكار.. بس مهوب ولدي ..
أشار اللواء للسائق وزوجته بالخروج بعد أن انتهى المطلوب منهما فخرجا..وتكلم يقصد سعود : هذا الشيء موب إنت تثبته إذا ولدك ولا لا ..وأدار رأسه إلى طارق وسأله .. إيش رايك يا دكتور طارق ؟؟
طارق بهدوء : مزبوط إثبات إنك أبوه ولا لا يكون بتحليل الـ d.n.a أو البصمة الوراثية إذا تطابقت تكون أبوه ..
تكلم سعود بخبث وهو ينظر لأمل :لحظة لحظة وإذا ما تطابق التحليل أصير مانيب أبوه ومالي دخل فالموضوع ..
اللواء بضحك هازلة على تفكير سعود السطحي والتافه : ههههه لا , تحليل
الـ d.n.a يثبت بس ما ينفي ..
سعود سأل بغرابة وغباء : كيف يعني ؟
اللواء بصبر وتفسير : يعني إذا تطابق تكون أنت أبوه وإذا ما تطابق برضو ما ينفي أنك تكون أبوه يعني احتمال تكون أبوه حتى لو ما تطابق ..
سعود بفهم : أها ..
اللواء : إذا أثبت إنك أبوه معاكم حلين وهذا تتفقون فيه أنت وطليقتك والحلين هي إما تحلون الخلاف بينكم وتستغفر ربك على ذنبك وأكيد تعطيها الدية عن القتل الخطأ وإذا ما اتفقتوا على الحل الأول ما فيه حل غير تتحولون للمحكمة لحل القضية بالشهود الأربعة إن وجد أو باللعان .
سقطت كلمة اللعان على رأس أمل كالصاعقة فهي في حياتها لم تتخيل أن يصل بها الأمر إلى اللعان وحدثت نفسها "ياااااااااا الله كنت أقرا الحكم هذا وأقول كيف يوصل الزوجين لهذا الحد من الخلاف ما كنت أتوقع إني أنا بيصير لي هالشيء" ..
سعود باستغراب وتساؤل : اللعان ؟؟
اللواء : اللعان يا أخ سعود كثير من الناس ما يعرفونه بالرغم أنه واضح فالقرآن فسورة النور وهو إذا اتهم رجل زوجته أنها أتت بالفاحشة لازم يجيب أربعة شهداء ..توقف ليسأله .. عندك أربعة شهداء ؟؟
سعود هز رأسه نافياً : لا ما عندي ..
أكمل اللواء التوضيح : إذا وجد الشهداء في الحالة هذي يحبسها في بيته حتى تموت ,, أما إذا ما فيه شهداء مثل حالتكم مالكم شهداء إلا أنفسكم.
سعود بتساؤل : كيف من أنفسنا ؟؟
اللواء :يعني يعلن الزوج أربع مرات أن زوجته أتت بالفاحشة وفي الخامسة يدعي على نفسه باللعنة إن كان كاذب، وترد الزوجة بتكذيبه أربع مرات والخامسة تدعي على نفسها بغضب الله إن كان زوجها صادق، ويسقط حد الزنا عن الزوجة وحد القذف عن الزوج ويتفرقون أبديا ونسب الولد المشكك فيه لأمه طبعاً مثل ابن الزنا .
صمت اللواء وعم الهدوووء المكان لدقائق ثم أكمل : يا أم إبراهيم ويا أخ سعود عرضت لكم الحلين واختاروا واحد منها ..
هتفت أمل بسرعة وبصوت مرتفع قليلاً : الحل الأول ..
التفت لها الجميع في استغراب فخجلت من رفعها لصوتها وأحمر وجهها تحت الغطاء وأخفضت رأسها وأكملت كلامها تفسر بخجل : عشان حكم اللعان عظيم ويجلب غضب الله للكذاب ..صمتت لبرهة وخافت أن يظنوا أنها تكذب فأكملت بتبرير.. والله إني متأكدة أنه ولده حتى يشبهه .
اللواء يحادث سعود : أنا مع أم إبراهيم الحل الأول أسلم .. وأنت يا أخ سعود إيش رايك ؟؟
سعود بدناءة : ما عندي مانع رغم إني متأكد أنه موب ولدي ..
عجب الجميع من ثقته في الكلام ولم يعلموا أيشكون في أمل أم في سعود ..
أما أمل تجرعت الإهانة والقذف للمرة الألف وقالت في نفسها "حسبي الله ونعم الوكيل" .
اللواء : إذن إتفقتوا على الحل الأول وهذا الأسلم والأصلح عشان يبعد الشك وأتمنى حتى لو ظهرت النتيجة سلبية أنكم تتفقون بينكم وأكيد تعرفون أن المحكمة ما فيها أي تهاون فالأحكام صح الكلام هذا سابق لأوانه لكن أتمنى تاخذونه بعين الاعتبار ..وأدار رأسه لسعود وحدثه .. والآن تروح يا أخ سعود وتسوي التحليل والنتيجة طبعاً تظهر بعد ثلاثة أيام وترجع أنت وأم إبراهيم عشان نكمل الإجراءات .
سعود : إن شاء الله .
نهض الجميع وتوجهوا إلى خارج المكتب وخرجوا من المبنى إلى السيارة المركونة في الخارج وبعد أن تحركت السيارة غرقت في صمت مطبق ولم يسمع إلا صوت المحركات المنخفض حتى وصلوا إلى القصر وترجلتا منها أمل وأم طارق التي ودّعت إبنها ودعت له بالتوفيق ولحقت بأمل التي سبقتها بالدخول إلى القصر أما طارق فحرك سيارته باتجاه المستشفى .
في ذات الوقت كان سعود قد خرج من السجن بكفالة حتى يتم التحاليل المطلوبة ..
بعد المغرب ..
منذ أن عادت أمل من مركز الشرطة وهي حبيسة غرفتها مرة تبكي ألماً من همها ومرة ضيقاً ألم بصدرها ومرة تدعوا من الله الفرج وأخرى تجلس لتقرأ القرآن لتنفرج أساريرها ..
صلت المغرب وجلست لتكمل أذكارها ثم نهضت عندما سمعت طرقاً على باب الجناح وأخذت تمسح على شعرها لترتبه وفتحت الباب ووجدتها شادن وقد رسمت ابتسامة شقية على شفاها ولكن ما أن رأت شكل أمل الحزين حتى ذبلت ابتسامتها وسألتها بلهفة نابعة من خوفها ..
شادن بخوف : أمول حياتي إيش فيك ليش كذا عيونك حمراء ووجهك أصفر؟؟ ..صمتت قليلأ وتذكرت وسألت بشك .. أمول حصل شي فمركز الشرطة ؟؟
تكلمت أمل بهمس مُتعب : لا ما حصل شيء بس تعبانه شوي ..وتنحت قليلاً عن الباب وأكملت .. أدخلي .

يتبع ,,,,

👇👇👇


تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -