رواية وشايات المؤرقين -3
أصيل بنبرة تحمل الخوف : علي شفيك ؟
علي بمفردات غير مفهومة : ما أبي أحرقهم .. ما أبي .. ينتهون .. أبي أتنفس .. اختنقت .. اختنقت ..
أصيل يمسك بجسد علي المنتفض في محاولة لاستعادته من المكان الذي أرتحل إليه ...
علي يعود من وراء الأسوار مرة أخرى و بصوت يتهجد انكسارا : بعد عني .. أنا مجنون أي مجنون بس مو غبي ..
أصيل يطلق مفرداته المهادنه : أنت ذكي و صاحي و ما فيك شي بس نفسيتك تعبانه و ما تنلام و لك عذر .
علي ينظر بجزع لأصيل : أفهمها منهم كلهم إلا أنت يا أصيل ..إلا أنت ..
أصيل يشعر بأن علي بدأ بحديث العقلاء الذي يشبه الجنون : شنو تقصد ؟
علي : لو رضت فيك كنت راح تتنازل عني ؟ .. عن صداقتنا ؟ .. عن الأخوة اللي جمعتنا يا أصيل ؟
أصيل بأفكار متعثرة أمام مفردات علي الثاقبة : بدينا عاد في شكوك المريضة ..
علي بصراخ : أنا فعلا مريض بس مرضي مالي يد فيه أما مرضك أنت اللي اخترعته ..
أصيل بنبرة ساخرة : تبي تجنني معاك .. تبي تخترع لي علة ؟!!
علي برجاء : أصيل أعترف .. ريحني مره و قول أني عاقل و افهم كل اللي يدور حواليني ..
أصيل الذي يدرك أن درجة جنون علي أوصلته لصفاء تفكير لا يدركه عاقل :
بقولك أن عندك حاسة ما يملكها عاقل .. ضنيت أني ما تركت اثر .. و نسيت إحساسك اللي يتتبع اختلاج النبض الخافت .. أكيد أحساسي الخاين فر مني في غفلة و أنت رصدته بس تأكد أن حتى هي ما درت .. و لا فكرت في يوم يا علي أحطكم في كفة التفاضل لأنك على الكل مفضل ..
علي يجر قدميه لفراشه : روح يا أصيل .. روح و خلني يمكن جنوني يعتقني من ظنوني .. و يطلع حوارنا تهيآت ..
*
*
أأخبر عذبي أني تركته في غرفته خلفي خجلا من نفسي و ركنت لديوان عمي كي أكون قريبا منه و يمكن لي أن أتفقده كلما شعرت با الهواجس تهاجمني ... و غفت عيناي لأخونه كما خانني السهر الذي اعتدته ليالي طويلة و أنا أعاتب ضميري و أحاول أن أنعشه لعله يفيق من أجل الصداقة ... لكن لم يفق إلا و أنا أتنفس بصعوبة في المشفى ناجي بإعجوبة من النار التي غيرت ملامح منزل عمي للأبد ..
*
*
عذبي يمد كأس الماء لأخيه : تعوذ من الشيطان و سم برحمن ..
أصيل يتناول كاس الماء من يد أخيه الممتدة إليه و يردد اسم الله ليهدئ من نبضات قلبه المرتاعه ..
عذبي بنبرة خجولة : أنا آسف .. معاك حق انا أدور أحد يطلعني مظلوم ..
أصيل يلتفت لعذبي و في عينيه بواقي من الدمع : أنا تعبان .
عذبي يضع كفه على كتف أخيه المتعب : اليوم أستريح لا تروح المؤسسة و أنا بغطي شغلك ..
*
*
لأول مره منذ سنوات أشعر بأن أصيل أخي .. لأول مره منذ سنوات أشعر بأنه يحاول الوصول إلي .. و أعرف أننا نحتاج للمزيد من المواجهات .. و أعرف أنه علي أن لا أجعله يستريح و أن من المهم أن لا أتيح له أي فرصه لاستعادة قواه .. لكن هذه المره ضعفت فا رؤية الدمع متفجرا على صفحة وجهه المتباهي دوما با صلابة أفقدني تركيزي و ارتأيت لوم نفسي حتى أخفف عنه كل الألم الذي استشعرته بنبرته ؟!!
.................................................. .......... .............
*
*
*
منذ مغيب شمس الأمس حتى شروقها اليوم و أنا أفكك طلاسم غيبوبتي الحسية
.. صوت وضوح أضاء شعلة التفكير في عتمة ليلي الذي اعتدته .. و أقتص منه
السويعات القليلة التي أنعم بها وحيده با الهدوء حيث يعتُقني الكل من نصائحهم و
توجيهاتهم و الأسى علي بكلمات سليطة في كثير من الأحيان ! ..
حاولت في ساعات الليل الطويلة أن أستفهم من نفسي لِما أربكني اتصال وضوح
و أنا أعرف مغزاه و إن تجاهلته ..
من المؤكد أنها اتصلت في محاولة منها لإعادة ترميم المثلث الذي كنت أنا ركيزته
.. نعم لا تستغربوا رغم ضعفي كنت أنا أساس متانته !
أنا المتأهبة دوما في تنفيذ جميع الأوامر بحرفيه .. أنا التي أملك كل التسهيلات
و الوسائل لتحقيق الرؤى التي كانت وضوح تتفنن في صياغتها و أنا التي كنت
دوما ظل وصايف و مساعدتها في تحريك قطع الشطرنج التي تلهوا بها ..
و العائد علي هائل كما رأيته و أنا أتخبط في تلك الغيبوبة .. الانتماء.. هو كل ما
كنت أبغي .. أن أنتمي إلى المجموعة الأجمل و الأقوى .. إلى تلك الفتاتين اللتان
تفوقتا علي دوما في ميزان الربح الذي أقيس فيه أقصى النجاحات .. أهملت
دراستي و نبذت كل الكتب التي كنت أعشق مجالستها حتى أخوتي عذبي و أصيل
أصدق أصدقائي ابتعدت عنهم تحت مضلة " أنا أنثى لا يفهمني رجل " ..
و أشرقت الشمس لتخبو شعلة التفكير بخجل و أمام حجم التنهيدة التي ضاق
بها صدري انطفأت على عجل ..
*
*
فينوس بعدما أنتهت من مسح آخر قطره ماء تعلقت على صفحة وجهها المسالم :
بسم الله الرحمن الرحيم ...
ديمه : ليش شايفه جني ..
فينوس تستغفر بهمس : شعندج مصبحتني ؟
ديمه : أبوي يقول ما راح يوديني لعرس هند إلا و انتِ معاي .. و من دون أي و لا .. تراني بقول له انج وافقتي و انتي عاد أقعدي بغرفتج طول اليوم عشان يعتقد أنج رحتي العرس و يعتقني ..
فينوس تبتسم لديمة : و ليش عاد الف و دوران نختصرها و أروح معاج .
ديمه بإستغراب : بتروحين ؟!!
فينوس : أي بروح ... مو عرس بنت عمتي .
ديمه محتاره : أي بس .. أنتِ متأكده من قرارج .
فينوس : قصدج متأكده أني أقدر أروح بدون ما أمي تعترض .
ديمه : با الضبط .
فينوس : أصلا أمي بنفسها عطتني هديه لهند و قالت لي أروح أوجبهم و احضر العرس .
ديمه باندهاش : لا مو معقول .. أكيد أمج وراها شي .
فينوس بصوت رخيم هادئ : أمي اوضح من كل وجيه المعابيس اللي تعرفينهم .
ديمه بانفعال مفاجأ : احترمي نفسج .
فينوس بذات الهدوء : أنتِ اللي أحترمي نفسج و أحشمي أمي اللي هي حسبة امج ..
ديمه في محاولة لمعاودة الهجوم : تخسي أمج تكون ام لي ..
فينوس تقترب من ديمه لتقاطعها : أنتِ ليش تعاندين با اللي تعرفين ..امي كل اللي تبيه منج تحترمينها و هي راح تحترمج .. و فكينا من الهواش كل يوم ترى تعبتينا كلنا .. أو أختصري الموضوع و روحي عيشي عند أمج .
ديمه و كلمات فينوس أصابتها بمقتل : هذا بيت أبوي و ماراح اطلع منه .
فينوس تبتسم لأختها الصغيره : طبعا هذا بيت أبوي و بيتج و بيت أمي و بيتنا كلنا .. و أكيد أنتِ عارفه أن مالج مكان إلا بينا لان حنا اللي نبيج و غيرنا تخلى عنج .
ديمه تبتلع دموعها و تصر على المكابرة : أي خير تبوني .. خلصيني بس أستعدي بعد المغرب نروح لهم مو نوصل العرس بعد ما يوصلون كل المعازيم .
*
*
با القاضية تخلصت مني فينوس .. لم أستطع المكابرة أكثر و الكذب بما هو واضح .. و لِما أكذب و كلانا نعرف لب الحقيقة .. فينوس على علم تام بطبيعة العلاقة بيني و بين أمي فقد أطلعت على تفاصيلها عندما تزوجت شملان عندما رأت و سمعت أمي و هي تحثني على التقرب من ردينه .. عندما رأت أمي تدفعني بعيدا عنها باتجاه أحضان المرأة التي أبعدت زوجها عن أحضانها !!
*
*
رق قلبي لمرأى طفله متوحشة تريد أن تفترس قدماي التي تخطو باتجاهها .. و جل ما أريد هو قربها .. أن أكون لها ما لم تكنه أمي لي أريد أن أبعدها عن المثلثات و كل أشكال العلاقات الواهنة .. أريد أن أبعدها عن هند و أنفال حتى لا تكون نسخة عني أريد أن أكون موضع سرها و مصدر قوتها .. أن أكون الداعم لها و المشارك لها .. أن أدفعها للأمام و أخلصها من كل درب يجرها للمتاهات ..
.................................................. .......... ...........................
*
*
*
عصاها التي أتكات عليها دوما و هي تحث خطاها لتنجز ما ترانا نعجز عن إنجازه نحن الرجال تبدو اليوم ساكنه عكس صخبها الذي أعتاده هذا البيت الذكوري الذي خلى منذ تأسيسه من النساء عداها ..
وحتى رائحة الهيل في قهوتها الصباحيه اليوم أعلنت تنحيها .. معقول .. أتحتسي قهوتها من دون إضافات .. مُره غير مبهرة !
*
*
خالد يهم لتقبيل كف أمه التي جعدتها سنوات التعب : طلبتج يمه أرضي .. أرضي علي .. أنا لا يمكن أتزوج و أنتِ مو راضيه علي .
أم خالد بنبرة حنونه : أنا ما أبي لك يمك إلا الزين .. انا من أول قارصني قلبي من ها العايله .. و حنا ناس ندور الستر .. و شلنا في الفضايح ..
خالد مدافعا : يمه الموضوع مو مثل اللي فاهمينه كل الجيران .. هند بنفسها قالت لي انه خلاف صار بين أبوها و زوجة خالها اللي يشتغل في مؤسستها و انتهى با المخفر غصبا عنهم بس أنحل الموضوع و لحظة شيطان عدت . ..ترى يمه تصير حنا بشر و خطائين .
أم خالد تمسح على رأس أبنها البكر : أنت ضناي و قلبي ما يحن على احد كثر ما يحن عليك .. وقلبي يا أمك خايف عليك .. هند ما تصلح لك .. طيعني و طلقها مدامكم على البر و تنازل عن المهر رضاوه لأهلها و ربي بيرزقها و يرزقك ..
خالد بنبرة رجاء يستعطف أمه : و قلبي يمه .. قلبي شسوي فيه ؟
أم خالد التي استغربت حديث أبنها الصريح تراخت : أمري لله .. ربي يوفقك و يهنيك .
*
*
و كأني عدت طفلا و صرحت لي أمي بلعب خارجا لأطير لأحضانها أدغدغها بقبلاتي المتوالية و هي تضحك بخجل كا طفلة ... يااااااااااااا كم أحبك أمي كم أحب طهرك الذي يشي به حرفك و عنفوان المرأة المدافعه عن كل ما يخص فلذات كبدها الذي مسكنه أنتِ ..
*
*
سند : مو قلت لك أمي مالها قلب و على طول بترضى ..
خالد : أدري و عارف بس الشيطان خلاني أعصاها و أزعل منها .. و الله يا سند أني مستحي من نفسي مدري شلون راددتها با الكلام و هي تنصحني ..
سند : يا ابن الحلال قدامك العمر كله تعوضها و إن شاء لله زوجتك بتكون لها البنت اللي ما جابتها ..
خالد : أكيد و أنا أصلا حاط هند با الصوره و قايل لها أهم ما علي أمي ..
سند : أي هذا الكلام قبل ما تقول لها أن أمي ما تبيها .
خالد ينفي بعجل : لا أنا حطيتها براسكم كلكم و قلت ( أهلي ) ..
سند يرفع حاجبه الكثيف باستغراب : يعني تبليت علينا و حنا يا غافالين لكم الله .
خالد يطلق ضحكه قصيره : أجل تبيني أقول لها أمي ما تبيج و أكبر قلبها على أميمتي حلوة اللبن .
سند : معاك حق .. المهم أستعد الليله بنطوف فيك شارع الخليج على طوله ..
خالد برجاء : لا فكني من خططك تبيني أوصل لعشا الرياجيل دايخ ..
سند بخبث : قصدك ما تبيني أوصلك لعروسك خائر القوى .
خالد يرمي على سند شماغه : أقول ضف و جهك بنام لي ساعتين .. صج ما تنعطي وجه .
*
*
*
الضيق هو الشعور الذي يؤخر كل المشاعر الموجبة التي أعددتها لهذا اليوم .. أشعر بضيق يتنامى بأقتراب الساعة التي تجمعني به للأبد .. ها أنا أرى فرحتي ناقصة تُبتر بساعات معدودة غير مخططا لها و تسكنها آلاف الأخطاء .. حتى فستاني الأبيض يبدو رغم الاعتناء به في الخزانة متجعدا من غير أي تجعيده .. و مرآتي تصر على إبراز كل ما أكره في وجهي .. أرى حتى البثور تنطق ساخره " أنتِ معنا أجمل " !!
و هنا أجلس بهدوء محاولة لخلق السرور ..أحاول وأحاول أن أستحضر وجه خالد و أخفي ورائه كل المخاوف .. و تأبى مخيلتي الانتصار لي .. بل مخيلتي تصر أن تصور لي أمه العجوز و هي تدعي الاحتضار حتى تثنيه عن قراره الذي فرضه علي ..
و ذاكرتي هي الأخرى تصر على التضيق علي .. تذكرني بنبرته و هو يأمرني و و يبتزني عاطفيا ..
كيف لم يخطر على بالي ؟!!
من المؤكد أن قراره با الهروب يعني أنه يريد أن يهرب قبل أن يستسلم ..
و أن هناك إمكانية أن يتخلى عني تحت أي ضغط أكبر ..
ممكن ان تكون أنفال محقة .. قد يأخذني كا زوجة ليومين و بعدها يجعلني في مواجهة غير منصفة مع والدته ليتخلى عني مبديا أسفا غير متقن تحت ذريعة التخلص من عقوق به أُتهم !
نعم .. نعم .. محقة أنفال .. كان علي أن أجعله يجاهد من سبيلي .. كان علي أن اجعله أن يثبت تمسكه بي و أن أراه يأخذ كل الوقت اللازم لإقناع والدته و كل من أعترض من أخوته .. كان علي أن لا استسلم أمام تهديده بل كان علي أن أثور و اتهمه با البحث عن أي ذريعة لتملص من وعوده ..
و أن هو من عليه إثبات حبه و ليس أنا إن كان صادقا في كل تعابيره !
لكن .. زفافي بعد سويعات .. ماذا علي أن أفعل .. نعم ممكن أن أعتصم في غرفتي و أن أرفض الخروج له لكن سيعني هذا في نظره من غير شك التخلي عنه .. و أنني أقطع كل ما يربطني به .. لن يسامحني .. قطعا لن يسامحني .. و سينتهي كل شيء .
*
*
*
أنفال التي دخلت على أختها لتنبهها بوصول المزينه : هند شفيج .. ليش تبجين ؟
هند تمسح دموعها على عجاله : ما فيني شي .. بس شوي متوتره .
أنفال : أيييي متوتره .. عادي .. بس إذا للحين خزان الدموع ما خلص الأفضل تسرعين قبل ما ينحط لج المكياج .
هند : و أنتِ إذا عندج كلمتين خانقينج قوليهم عشان أكمل بجيتي مره وحده ..
أنفال : و الله بقفدج ..
هند التي تفاجأت من تصريح أنفال : بتفقديني ؟!
أنفال : أي بفقدج منو مرتب و كشخه و ملابسه قياسي مثلج ؟ .. اللحين أنا في ورطه ولازم دايما اكوي و اغسل .. يوووه من له خلق .
هند : في احد قال لج دمج ثقيل ..
أنفال : أي .. أنتِ ..
هند بنبرة رجاء : انفال عن جد بتفقديني ؟
أنفال : لو هو قطو بيختفي من ها البيت بفقده شلون عاد و حده بحجمج معقول ما راح أفقدج ..
هند التي تتباهى دوما برشاقتها : شقصدج بحجمي ..
أنفال: قصدي خلصي علينا لا تفشلينا في المره و هي ناطره تحت ..
.................................................. .......... ..
ما أن رأتني حتى تعاظم الفشل على محياها .. و عرفت أنها فشلت في استنساخ صورة إمرأة رأتها على غلاف أحد المجلات التي تصوغ الموضة ..
تعابيرها الصغيرة التي تشي بما تفكر به تظهرها ضائعة بين طفولة تتقنها و أحاسيس أنثى خجولة تأبى الأعتراف بتواجدها ..
أود أن أخبرها أنها ما زالت تبدوا طفلة رغم كل محاولاتها الخجولة التي برزت في تفاصيل ثوبها . . و قد أكون في نظرها طرفة لكن من المؤكد أنها ظريفة رغما عنها !
*
*
*
ديمة : مو كأنج كاشخه أكثر من اللزوم تراه عرس ملموم في البيت مو في قاعة
فينوس : أدري بس أحاول أرفع أسهمي ..
ديمه لم تستوعب ما ترمي له فينوس : ليش بتنزلين في البورصه ؟
فينوس تطلق ضحكتها الأنثوية التي تميزها : با الضبط .. أمي موصيتني أركز على نقاط القوة و أنزل بكل قوتي في أهم صفقه .. و انتي بشنو انصحتج أمج ..
ديمة تعيد النظر لهيئتها ثم ترد النظر لفينوس : تستهزأين حضرتج .. أنا لابسه على قد ما تستدعي المناسبه وإذا بتسمعين نصيحتي ردي غيري ملابسج و خففي زينتج أحسن ما تصيرين مضحكه ..
فينوس ترفع كتفيها دلالة على عدم المبالاة : و ليش ما أصير مضحكه على الأقل راح أفهمهم لما يتهامسون حواليني و يبتسمون با مسخره ..
ديمة بعنجهية تفشل دوما في تقمصها : بكيفج .. يله بس خلينا نروح ..
فينوس ببساطه تتجاوز أختها الصغرى : يله مشينا ..
............ في السيارة ..............
ديمة : بتسلمين على وصايف ؟
فينوس : أنتِ بتسلمين عليها ؟
ديمه : ودي و ما ودي ..
فينوس : سلمي عليها و هنيها أنها قدرت تغيض أمي بس لا تنسين تعاتبينها لأنها جرحت عذبي ..
ديمه تحادث نفسها بصوت مسموع : مالت عليها الغبية ..
فينوس تبتسم من تحت غطاء وجهها : بقولج شي عشان يكون عندج علم ترى أمي ردت كلمتني بعد الظهر و قالت خليت الهدية هديتين .. جيبي فينوس معاج الليلة خلي عيالها يباتون في حضنها و أنا سامحتها ..
ديمه و كأنها كشفت لغما : أنا قلت موافقة أمج على حضورج وراها شي ..
فينوس : و دعوتهم لي وراها نفس الشي فتلقين أمي قالت في نفسها نختصرها و نتغاضى عن الموضوع كله عشان خاطر عيال عذبي .
ديمه : أي و عشان تحملونهم جمايل فوق جمايلكم اللي ما تخلص و غثيتوا العالم فيها ..
فينوس : واضح أن تفكيرج يدور في نفس الحلقة عشان جذيه ما راح اتعب نفسي و اشرح ..
ديمه تصرف نظرها لنافذة و تتمتم كا طفلة عنيدة : مو مهم تشرحين أنا أعرف كل شي .
*
*
*
رعشة مجنونة أجتاحتني و حرارة بدأت تسري في عروقي و السبب رؤية الخرابة التي فيها تحطمت ... كم كنت ساذجة و أنا أستسلم لشملان و أصدق كل ما يقوله .. اخبرني أن هذا قصري و رأيته أكبر القصور التي شيدت في الوطن .. واخبرني انه يخصني أنا فقط و رأيت كل من سكن معنا زوار دائمون لمناسبة فرح ! .. حتى ضيقه و تأففه من كل ما انطق به رأيته كما صوره لي تقويم و تأهيل لي للقيام با دور زوجة حضرة المحامي على أكمل وجه .. حتى منزله المحترق الذي يأبى أن يرمم و جعله شاهد على موت أخيه جعلني أول المدافعين عن قراره بشأنه .. و كم مرة وقفت في وجه وضوح و انا أخبرها أن المنزل المحترق قبر لا يمكن نبشه .. كان صوتي يحمل أفكاره .. حور تفكيري و جردني من أبسط ما يؤمن به عاقل !
و الخوف .. الخوف هو كل ما تركه لي ...
حتى الحجارة تخيفني .. فا كيف في البشر الذين يسكنون خلفها و أعرف يقينا أنهم في انتظاري ..
*
*
*
ديمه ما أن رأت الباب الجانبي المؤدي لبيت عمها المحترق مفتوح حتى سارعت بفضول لولوجه ...
فينوس بسرعه لا تتقنها أمسكت بذراع ديمة : وين رايحه ؟
ديمه بحماس : أول مره أشوف ها الباب مفتوح دايما انا و هند و انفال نحاول نفتحه و ما يفتح .. تهقين وضوح أقنعت شملان يحط البوفيه في ديوان عمي
فينوس : أنت مجنونه البيت كله محترق و شلون يقلطون فيه العشا ..
ديمه : اجل شنو تفسيرج للباب اللي مشرع ؟
فينوس بتساؤل مماثل : أي فعلا ليش الباب مشرع ؟!!
*
*
*
تساؤلاتنا العفوية تقود لفتوى تحرم المجهول الغير مفهوم
و في المعرفة بعض الخلاص إن لم يكن كله ..
*
*
*
نهاية الجزء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجزء الرابع :
*
*
أخطائنا المتعمدة تتباهى في زرع الحزن بين مآقينا
و نتمادى نحن برسم الظل لنحبسها فيه و نرهن الوقت
و نتناسى أنه سيمر بنا و يسلمنا لندم بلمح البصر ..
لا يلائمني الدور مهما ملأ قلبي الحب و الحنان اتجاهه . .أشعر بأني أحمق لا أعرف كيف أتدبر أموره الصغيره يريد أن يأكل و لا يمكن لي أن أعرف لما يبصق كل ما أقدمه له .. يريد أن يشرب و لا يستسيق الحليب الذي أشتريته بجهل .. لا اعرف حتى كيف البسه ملابسه الصغيره جدا فا هو يبدوا دائما غير صبور أمام جاهل مثلي بأموره .. عشرة أيام وحيدا معه أرهقتني و با الأخير استسلمت لما كنت أعرف أنه الحل الوحيد و الصحيح .. لابد ان يعرفوا بتواجده في حياتي .. هو ابني .. أبنهم .. و با الأخص بعد أن هربت والدته و ألقته خلفها كا شيء ثقيل ملت حمله و العنايه به .. توحده في عالم يخصه فصل مشاعرها الأمومية و جعلها تنبذه ! ..
و هكذا بدأتُ رحلة العوده الطويله من المدينه العربيه البعيده مرهق متعب أريد فقط ان أستلقي في فراشي و انام لساعات طويله من دون ان أقلق على ابني الصغير .. لكن ما إن وصلت و رأيت معالم الاحتفال تحيط منزلنا حتى ترددت ... فا أنا كنت على أهبة الاستعداد لما سيهب في وجهي من عواصف .. تبدأ من وضوح و تنتهي بأمي .. لكن أن أدخل عليهم الآن و سط انشغالهم با فرح سيكون مصيبة .. لذا توجهت لمنزل عمي المحروق و صارعت الباب المقفل حتى خلعته و طفلي يبكي حيث وضعته فوق أمتعتنا القليلة .. كنت كا لص خائف أتلفت حولي و أنا أرجوا أن صوت الموسيقى العاليه ستغطي على بكاءه .. و ما كانت إلا نصف ساعة حتى اكتشف أمري .. و رأيت فينوس و ديمة أمامي ..
*
*
*
تجاوزتني بسرعة فائقة و تعثرت أنا بفستاني الطويل و أنا أحاول ألحاق بها .. فعلا أختياري سيء .. كانت جدا محقة !
*
*
فينوس بصوت متوجع تنادي أختها الصغرى : ديمة تكفين لا تروحين و تخليني ..
ديمه الغاضبه تتوقف فجأه : شفيج ؟
فينوس تعرج و تحاول الوصول إليها : ركضت وراج و نسيت أني كاشخه اكثر من اللزوم ..
ديمة بطبيعتها البسيطه رسمت أبتسامة شقيه تناست بها غضبها مؤقتا : أحسن تستاهلين ..
فينوس : أنزين أستاهل بس تعالي ساعديني رجلي تعورني ..
ديمة بشك: احلفي ؟
فينوس بدهشة مصطنعه : أحلف ؟!!
ديمة : أي أن رجلج تعورج ..
*
*
كم أنا سخيفة ألتف عليها كما أفعل دائما أريد أن اقترب و مفرداتي تستصغرها .. يجب أن أغير أسلوبي معها .. أنا متأكدة أنها ستفهم و ستقدر .. ألم أكن أشبهها قبل سنوات مضت .. مندفعه بما أرى أنه حق .. ألم أكن أحارب أشباح صنعوها و أقفز أمام كل من يعترض طريقهم .. ألم أنبذ نفسي من دائرتي حتى أكون ضمن دائرتهم .. و النتيجة خسارتي لكل الانتماءات التي ناضلت من أجلها و تلك التي نزعت روحي منها ..
*
فينوس تضم أختها لدائرتها بمفردة الجمع : راح نكون مسؤولين عن تخريب عرس هند و آخر شي بنطلع حنا الغلطانين .. اللي عرفناه بيعرفونه الليلة .. كم ساعه ما تفرق .. خليني نحترم قراره ..
ديمة با تفاني الصادقين : إذا أنتِ تعرفين تجذبين أنا ما أعرف ..
فينوس : و شلون بتجذبين من غير ما يعرفون و تنسألين ؟
ديمه : أعرفوا و إلا ما عرفوا أنا أجذب لما أعرف و ما اقول لهم .. لما أجابلها طول الليل و أنا عارفه شي يخصها و أخشه عنها هذا أكيد جذب .
فينوس تعاود المحاولة لكسب اختها : إذا عرفت منا بتنجرح أنا أعرف شلون تفكر .. و حنا نقدر ننسى الموضوع و نحترم خصوصيات ها البيت اللي حنا مو من ضمن أهله ..
ديمه بغيظ : تكلمي عن نفسج أن أعتبر نفسي وحده من أهل ها البيت ..
فينوس تستمر با المحاولة : فعلا اهل ها البيت اهلنا بس ها البيت مو بيتنا .. الخصوصية يا ديمه لازم تحترم و أنت كبيرة و أكيد تفهمين شنو خصوصية ..
ديمه بدأت تفكر بما قالته فينوس لتقفز فكره : أنتِ أكيد طايره من الفرح ؟
فينوس تنطق با المفرده المخفية : قصدج متشمته ؟
ديمه تؤكد على الكلمه : أي .. متشمته ؟
فينوس : شوي .. طبيعه أنسانيه .. لما ننجرح من اللي نحبهم .. تعاقبنا السنين بمشاعر سلبيه تكبر في داخلنا و مهما صديناها نلقاها تكبر من غير وعينا .. و في أول مناسبه لشماته نقترب و نتفرج و طبيعتنا الطيبه تخلينا نواسيهم و أنانيتنا تبينا نكون شاهد عن قرب على جرحهم اللي نتمناه أكبر من جرحنا ! ..
ديمة تسترسل بتساؤل : يعني مثل ما سووا أهل هالبيت لما شملان أطردج ..
فينوس بصوت يتهدج حزنا : لا مافي وجه للمقارنه .. إذا هم يعتقدون أمي أذتهم أنا ما جرحتهم في يوم .. لا تحاولين يا ديمة تنبذيني و تصيرين محامي عنهم .. أنا أختج .. طرفه و إلا فينوس .. أنا أختج لا تنسين ...
ديمة بدأت تشعر بضيق يتنامى في قلبها الصغير حتى قفز كا عبرة سدت مجرى التنفس : أختي .. اختي .. فهمت .. خلينا نطلع من ها المكان اللي يخنق ..
*
*
خرجنا بسرعة من منزل عمي الراحل أبو شملان و اتجهنا لمنزل عمتي الذي يتصل به عبر ممر قصير يخلو من أي إنارة .. و كل ما كان يتردد في عقلي ..أرتكبنا غلطة .. غلطه كبيرة أننا اخترنا أن نكون اليوم من العائلة و ان ندخل للمنزل من خلال الباب الجانبي .. كان يجب علي أنا على الأقل أن أتحلى با الذكاء و الفطنه و أن أكون أكثر رسميه .. و أن لا ألتف و أختلق الأعذار و اجعل ديمة الصغيره وعلاقتي الجديدة بها الشماعة .. نعم .. أتفقنا على اختيار المدخل بشكل تلقائي لكن لكل منا أسبابه .. هي أختيارها عفوي .. لكن أنا .. أردت أن أستخدم الباب الخلفي متعمده .. فا قلبي الخائن تمنى سرا أن يراه صدفه .. كا متعاطي سابق يتذكر نشوة المخدر و ينسى العاقبة .. أردت أن أستعيد تلك الدغدغة اللذيذة التي تسري في أعصابي و كل أوردتي لتفقدني صوابي عند كل غزوة عاطفية يمن بها عليَ من خلال نظراته العميقة ! .. هو .. لعنة أبدية أهرب منها لأعود لاهثه أتصيدها صدفة .. و في غمرة أستغبائي لذاتي و خداعي لِما رممت من عقلي ظهر ساري أمامي صدفة .. ساري و طفل يبكي في أحضانه .. يهدهده و يخبره بأن غياب والدته لن يطول .. و يسأله بنبرة أبويه حانيه لم اعرفها في صوته يوما .. ألا تحب أن تكون معي أنا أبيك .. ألا تحب أن تكون معي يا صغيري .. و الطفل يتعلق بعنقه خائفا كأنه يهذي من بين شهقاته ..
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك