بداية

رواية بين طيات الورق -4

رواية بين طيات الورق - غرام

رواية بين طيات الورق -4

وعلى هذي الصورة تفاجأنا بدخيل... لفيت أشوف أبوي متسمر عند الباب يناظرنا بتردد... نزلت يدي وخبيتها ورا ظهري... وبعدت عن علاء... حسيت بالخوف من عصبية أبوي... والحزن لأني شفت نظرة التردد... كأني كائن غريب... مو مسموح له يأثر على غيره... مو مسموح له يعطي أو ياخذ...
أهتزت شفايفي بعبرة... وبتردد كبير وقفت ومشيت من جنبه... وطلعت لغرفتي أحبس نفسي...
الخميس...
2-8-2007 ...
كنت قدام المراية أناظر قصة شعري... ابتسمت أسخر من نفسي... من يشوفني يقول صح مجنونة... تحسن منظره لما حاولت أساوي بين الخصلات... بس يحتاج يد خبيرة تصلحه...
رحت لدولاب ملابسي... أناظر الكم ثوب إلي تبرعت بها أمل لي... اليوم أهلي... أو بالأصح...أهل أبوي وزوجة أبوي... راح يتجمعوا ببيت أبوي... أمممم شو ألبس؟؟... مو من كثر الخيارات بس فكرت ألبس التنورة البنية السادة... والبلوزة البيج بأكمام طويلة وياقة طويلة... كانت الملابس شوي واسعة... أضطريت ألف التنورة حتى تمسك بخصري... سويت من ملابسي بيدي... وناظرت المراية وصادف إني ابتسمت بسخرية لأني متأكدة من أن أهلي راح يضحكون علي... صح بدت الكدمات والجروح تقل أثرها... إلا إنها ما زالت مدموغة بوجهي...ابيضت بشرتي إلا أني شاحبة مثل الأموات... عيني كانت كحيلة واسعة ولونها بلون العسل ... وشعري أسود كاحل بقصته الغريبة... أنفي حاد وشفايفي وردية... مافيوم فكرت أتوجه لمتطلباتي الأنثوية... وأنعشها... لأني كنت بعيدة بأميال والأحزان رفقتي...
فجأة سمعت دق على باب غرفتي... فتحت الباب... وبعاصفة دخلت زوجة أبوي... ناظرتني بتحقير... وبعدها ضحكت باشمئزاز وعيونها على شعري...
قالت: شنو هذا؟؟؟
وكأنها تذكرت إني ما بقدرتي أتكلم قالت: والله إلي يشوفك يقول طفلة خبلة... شو مسوية بنفسك أنتي؟؟ على بالك هذه آخر صيحة فعالم الموضة؟؟... المهم ما علينا... أسمعي...
وبكل حقد قالت بعصبية: أنا ما كنت موافقة تطلعين لأهلي... بس أحمد أجبرني... ما أبيك تنزلين إلا وقت العشاء يصب... تجلسي تسممي بالأكل وبعدها تقومي تاكلي بالمطبخ... ما أبيك تجلسين مع أهلي... بيتقززوا منك... خرسا وكلك على بعضك غلط...بس شسوي.. هذي تعليمات أحمد... فاهمة؟؟؟
هزيت كتفي بسخري ووافقت... أصلا مو نيتي أقعد مع أهلي... وإذا هذا الحل يفرحها أنا يسعدني أكثر...
ناظرتني بتحقير وطلعت...

كانت الساعة على 9 لما نزلت من السلالم... كنت لافة شيلتي لكني كاشفة... مو من عادة الحريم والبنات يتغطوا هم يكتفوا بالملابس الساترة الوسيعة والشيل... وتكون معظم جلساتهم مع بعض رجال على قسم والحريم قريب منهم بقسم ثاني... وبكذا ترددت أنزل... خجلت من إنهم يتذكروا موقفي لما جيت لأبوي ويلمحوا له... كانت الصالة مليانة... ضحك وسوالف... وأطفال يلعبوا هنا وهناك... والشغالات يجيبوا السفرة ويجهزوها...
تقربت من الحريم مترددة... كنت أمسك بطرف تنورتي متوترة وبالمسودة بطرف ثاني... وبلحظة حسيت بهدوء يعم الصالة... رفعت وجهي وحصلت الكل يناظرني... قسم منهم يناظروني يشفقة والقسم الثاني ممتقزز من شكلي... هزيت كتوفي ما يهمني رايهم فيني ...وتشجعت... إذا ما كنت أنا مرغوبة عندهم ...هذا مو سبب يخليني متوترة... خلك قوية يا الخنساء... أنتي بخير بتعليقاتهم وبدونها... هزيت راسي بسلام ...وابتسامة شقت شفايفي...
ناظرت أبوي... تقرب مني وقالي بهدوء غريب: تعالي يالخنساء...
مشيت ووصلت لعنده... أشر على عمي خالد وسيف...
وقال: هذولا أعمامك خالد وسيف..
هزيت راسي بمعرفة وأنا أسلم عليهم... وأشر عمي سيف على هدى وتوأم ولد وبنت أعمارهم 8 سنوات...
قال لي: هذولا زوجتي هدى وأولادي مازن ومزون...
وبعهدها أشر أبوي على عمتي سلمى...إلي رفضتني بعيونها الحادة القاسية...
أبوي: هذي عمتك سلمى... وبناتها نشوى ولجين... وولدها طلال يدرس بالخارج...
ابتسمت لهن وأنا أدري عن الرفض فعيونهم...أنا مو خرساء بس بالنسبة لهم إلا إني مضيعة...ومجنونة... ومخبولة... وأنا بكل بساطة ما أهتميت لهن...
وقتها سمعنا صوت الباب من ورانا ينفتح...
وصوت مو غريب علي ...صوت حسيت بالرهبة منه يقول: السلام عليكم...المعذرة تأخيرت...
أرتعشت وأنا ألف للصوت... لأني بكل أسف طاحت عيني على شخص مو مرغوب... شخص أعتبرته عدو لي... شخص كرهته بسبب وبدون سبب... وبدون ما أحس لفيت شيلتي على وجهي... أخفي تعابيرها وملامحها عنه...
قال أبوي مرحب: أهلا يا ولدي...تفضل يا وليد...
صريت على أسناني ... وكمل أبوي: والعقيد وليد ولد عمك خالد...
عضيت على شفايفي... فالأخير طلع قريب لي.. ولد عمي... حبيت أصرخ فيه إني أكرهك... وما يشرفني أبد أتعرف عليك...
كانت نظرته لي هادية... بغضب مكبوت... وإشمئزاز واضح... أبوي حس بالشرر بينا...
فقال: روحي للحريم تعشي...
هزيت راسي لأبوي... بجلستي مع الحريم ما أحد تجرأ يكلمني فابتسمت ساخرة... إلا هدى إلي كلمتني بالإشارات... نشوى ولجين كانوا نسخة طبق الأصل من أمهم إلا إني حسيتهم ضعيفات الشخصية... أما عن العمة فكانت مسيطرة وأستلمت حش فيني هي وزوجة أبوي من بداية ما جلست...
لكن لما جلسنا عالسفرة كانت الجدة ((مريم)) تسولف لي بحرية ودون قيود... ما أنتظرت مني تعليق أو كلمة لأنها أستلمت دفة الكلام... كنت أسمعها بحب وفضول... كانت تتكلم عن كل شخص فعائلتي...
لكنها صدمتني لما قالت بكل بساطة: ووليد ولدي الغالي... عييت معه أخطب له...كل ما عددت له بنت من الأهل أو الجيران يقول لي دوم يا يمه أنا لما راح أتزوج بخبرك تزفينها لي... ومتى هاليوم؟؟ مدري... يبي يكمل عزبته وهو بعمر الثلاثين... لو كانت بنيتي حية ما كانت خلته فحاله... بس الله يرحمها توفت وهي تولده... وربيته أنا بعد ما رفض خالد يتزوج غيرها... يقول ما بعد سارة مكان لأحد... طيب وشهم وكريم... ووليد مثله بالطباع إلا إنه عصبي زوود والضحك ما يعرفه إلا معي ومع أبوه...
عرفت إنها جدة وليد...أخخخ... أكره هالإنسان وكرهه يسري بدمي بشكل غير طبيعي... حمدت الله بعد ما لاحظت إني جلست لحد نهاية السفرة... زوجة أبوي كانت تناظرني بقهر... بقهر خلى منها تمثال الشر بعينه... ابتسمت لها ووقفت طالعه للمطبخ...
الأحد...
5-8-2007...
كنت أمشي رايحة للحوش لما سمعت أبوي يقول لزوجته: أشتري لها لبسات على ذوقك...
ما سمعت رد زوجة أبوي لأني ما أهتميت وطلعت... وبعدين لما كنت جالسة بغرفتي... جاتني زوجة أبوي ودخلت علي فجأة... ناظرتي بحقارة ورمت كومة ملابس كانت بيدها...
وقالت: أحمدي الله واشكريه ألف مرة... هذي الملابس تبرعتها لك يا الخرساء...
رفعت حواجبي أسخر منها... أما هي فطلعت مشوطة من حركتي... مشيت للأثواب... كانت لبستين... وسيعات مررة بس حالتهن زينة...
كنت ملانة فرحت أدور على مقص وأبرة وخيط... قلت لعلاء يدور لي... هو وعماد ما قصروا راحوا للخدامات وأعطنهم...
كتبت لهم: مشكورين حبايببي...
قال عماد: شو بتسوي؟؟
كتبت: بصلح هالبسات إلي أعطتني إياهم أمك...
علاء: وليش ما تشتري جديدات؟؟ هذولا قديمات...
كتبت: عادي... أنا عندي أقدم من هذولا... بصلحهم ويجوا زينات علي...
وجلست متربعة أخيط... وعلاء وعماد يناظروني ويسولفوا... وما حسينا إلا وشخص واقف فوق رأوسنا... رفعت راسي وكان أبوي... أختفت بسمتي بسرعة وأرتجفت شفايفي... هذي المرة الثانية إلي يشوفني فيها مع أخواني... مسكت لبستي وضميتها لصدري...
سألنا: شو تسوون؟؟
جاوبه علاء: الخنساء تخيط هاللبسات إلي أعطتهم لها أمي...
عماد قال وهو يمسك لبسة: شوف هذولا قديمات ووسيعات... هي تقول عادي... بتصلحهم ويجوا زينات...
رفعت أنظاري لأبوي ولاحظت وقتها إنه معصب...
كتبت له: آسفة... آسفة... بس هي جابتهم لي وقالت إنها تبرعت بها لي...
ناظرني وزادت عصبيته... وطلع من الغرفة... قلت لعلاء وعماد يروحون ... ورتبت اللبسات وجلست ساعة وأنا خيفانة أبوي يجي يضربي... يمكن عصب لأنه مو مصدقني إنها زوجته أعطتها لي... يمكن ظن إني سرقتهم... فتحت عيوني لهالفكرة... وطلعت من الغرفة وشلت اللبسات... شفت أبوي بالمكتب... مشيت له وخليت الملابس بالطاولة...
وكتبت: والله ما سرقت هاللبسات... هي تبرعتها لي... إسألها...
ناظرني وعيونه تلمع: أنا ما قلت إنك سرقتيهم...
وبعدين قال بعصبية: أنا قلت لها تشتري لك ملابس جديدة...بس الظاهر...
إرتحت يعني السالفة ما هي لأنه ظن إني سرقت هاللبسات...
وابتسمت: خلاص أنا عندي غيرهم... الجمعية إلي ساعدتنا بأعصار جونو والدكتورة أعطوني كم لبسة... أعطيها إياهم وأشكرها... جزاها الله ألف خير...
وقف وهو متضايق وبعيونه نظرة تردد وسأل: أنت ما قد شريتي لك لبسة؟؟
كتبت: لا الحمد لله كنا أنا وجدي نحصل على لبسات نظيفة من جمعيات خيرية بالعامرات... وكنت أصلحها حتى يجوا زينات... ولما ضاعت ملابسي بجونو أعطوني لبستين غيرهم...
وقف وناظر الشباك وسألني بصوت مخنوق: أنتي درستي بالمدرسة؟؟
ابتسمت لأني أستغربت أبوي يسألني هالأسئلة... بس جاوبته وكتبت: لا... بس جدي هو كان معلمي... علمني الكتابة والقراءة وحفظت أجزاء من القرآن على يده...
سأل مرة: كيف كنتوا تدفعوا الفواتير ؟؟
كتبت: كان جدي الله يرحمه يشتغل بدكان قريب من بيتنا... وأنا كنت أنجم (( أخيط))الكمة العمانية ...
ناظرني فجأة وسأل: تعرفي تخيطي؟؟
هزيت راسي بأيوة وراويته يدي يشوف آثار الأبر على أصابعي... بس كان فيه آثار الكدمات والجروح... فسحبت يدي بسرعة وخبيتها ورا ظهري...
حسيت بالحرج... فلفيت للباب حتى أطلع... لكنه وقفني لما قال: الخنساء؟؟
لفيت شوي شوي ولاحظته يطلع بوكه من جيبه... وطلع منها صورة أعطاني إياه متردد...
وقال بصوت أول مرة يجيني حنون: تعرفي من هذي؟؟
ارتعشت شفايفي... غريبة شو معناة هالشي؟
لكني ...ابتسمت... هذي الطفلة أعرفها...
أعرفها زين...
هذي أنا...
الأثنين...
6-8-2007...
ما أدري كم كان الوقت بالضبط بس توقعت يكون الفجر...
كنت بسريري نعسانة لما سمعت صوت باب الغرفة ينفتح... حسيت بشخص واقف عند السرير... وجلس هالشخص على طرف السرير... وحسيت بيد تمسح على شعري... ووجهي... و بقبلة على عيوني... يعني ما كنت أحلم... ما كنت أحلم بالمرة الماضية... وبعدها سمعت صوت خفيف... كنت مغمضة... إحساسي قالي لا تفتحي عينك هالوقت... حتى سمعت صوت الخطوات تبتعد... ولما انفتح الباب ودخل الضوء... فتحت عيني...شفت ظهر أبوي وهو يطلع....
.
.
((نهاية الجزء الرابع))
.
.
{أتمنى لكم قراءة ممتعة.. ولا تبخلوا علي بردودكم ورأيكم...
نلتقي على خير إن شاء الله }..
وتوضيح الأبكم (الأخرس) بقدرته يتأوه ويئن وحتى يصارخ
وهذا الفصل الخامس بين يديكم...
.
.

الفصل الخامس

غسلتكي من مدمعي

الثلاثاء...
14-8-2007 ...
مرت أيام على وجودي فبيت أبوي... كان لي ملاذي براحة تامة... ما كدرها إلا إهانات زوجة أبوي... وحقدها إلي كل ماله يزيد... ولأني خرساء فهذا سبب سكوتي عن إهاناتها... كلامها ماهو إلا حرقة تسري فكيانها لأني قدرت ألفت نظر أبوي لي... قدرت أرسم فشفايفه إبتسامه ولو كانت حزينة... مثل ما قدرت أطبع فقلبه إحترامه لي...
كان أبوي ليومين يشكي من ألم بصدره... وهذا إلي خلاه يترك شغله لفترة ويرتاح فالبيت وأتقرب منه أكثر... كان كتفي السند إلي يستند عليه ... وكنت الأبنة إلي مستعدة لألبي أي طلب وحاجة يريدها... خلال هالأيام الأخيرة شفت نظرة الألم بعيون أبوي... نظرة التردد إلي كانت تلاحقني وين ما أروح... نظرة الندم إلي كنت أشوفها لمحات... وخاصة بوقت الليل لما ينفتح الباب ويدخل أبوي ويتم عندي دقايق ويطلع...
طريقته غريبة... عجيبة... بس أنا ما فكرت بدوافعه لأن كل فكري هو أرتوي من هاللحظات إلي أحس فيها بيد أبوي حنونة... وقبلة أحن منها ما حصلت...
وجا اليوم إلي إنكسر الحاجز بيني وبين أبوي...
مثل كل مرة جاني بالليل... كان يكح ويمشي بضعف... ومثل عادته جلس على حافة السرير وباس خدي...
وكانت هالمرة الأولى إلي يتكلم فيها...قال بصوت حنون ضعيف مشبوب بالندم: آآه... يالخنساء...
وبكى وهو يحط راسه على يدي ويبوسها... : ســـ ...سامحيني يا بنتي... سامحيني... سامحيني... الندم ياكلني... ياكلني...
تميت ساكنة...وما حسيت بدموعي تنزل... حاولت أفهم الكلام إلي إنقال... حاولت أستوعبه... أبوي يعتذر؟؟ أبوي يطلبني أسامحه؟؟ أبوي ناداني "بنتي"؟؟... أنا..أنا...
مديت يدي ومسحت على شعره... رفع راسه وناظرني أبكي... مسكت يده وبستها من ظاهرها وباطنها... وأنا أحرك شفايفي بكلمة صامته "آآه يا أبوي"...
وبدا يحكي وهو يبكي: كان بختياري... بختياري لما تزوجت أمك... حبيتها وأمنتها على حبي لما سافرت للخارج أكمل دراستي... ولما رجعت لقيتها تغيرت علي... تغيرت حتى إني قلت هذي وحده ثانية بدلوها بزوجتي... صحيح كان غيابي عن البيت متواصل ومتزايد فقصرت بحقها... لكن أبد ما توقفت عن حبها كل إلي سويته علشانها هي ... علشان أتحدى الفقر وأعيشها مثل ما كانت تطلب مني... علشانها هي وبس... وخانتني بكل بساطة لما سمعتها تكلم بالتلفون واحد وثاني وثالث...وأشتعلت فيني الحمية ومديت يدي عليها وطلقتها... وكانت الطلقة الأولى بس ما هي طلقة لأنها أطلعت حامل... حولت حياتي لجحيم... حولت حبي لها لوحش جبار ما يريد إلا الإنتقام لما حاولت تتخلص من الجنين...لكن كملت معها أربع سنوات إلي كانت بالنسبة لي عذاب وكنتي أنتي طفلة منعزلة... كتومة... خجولة... مرضتي بالحمى بأهمالنا وصابك الخرس... وصار كل منا يتهم الثاني بتقصيره... وبعد ما تزلزل كياني وأنهزمت... طلقتها بالثلاث حتى ما أضعف وأرجعها... كرهت حياتي وكرهت كل شيء يتعلق بهالإنسانة إلي خانت حبي لها... وحلفت إني مستحيل أتقبلها هي وبنتها بقلبي... وآخر كلمة قالتها لي كانت إنها بتكون لها الكلمة الاخيرة...
وسكت شوي ورجع ينتحب ويقول: لما جيتيني قلت هي إلي رسلتك لي... ظنيت إنك أنتي كلمتها الأخيرة فطردتك ... ولما جاني وليد وخبرني عنك قلت هذي عمايل سعاد ورفضت أجيك حتى بعد يومين من أصرار وليد... ضربتك لأني كنت أشوفها فيك... كنت أحسبك تتكلمي بلسان أمك...وتنازعت مع أخواني حتى ما يضعفوا لكذبتك أنت وأمك...لكن... لكن... أنتي غيرتي كل المفاهيم... سألت عن أمك قالوا لي صح إنها تزوجت ونستك...وعرفت من مصادر الحقيقة إلي قلتيها أنتي... إنها رمتك لأبوها كل هذي السنوات الـ12... وأنا... أنا إلي كذبتك... كذبتك وطردتك وضربتك... و...آآآآه...
رفع راسه وقال بآآآهه: المرض علمني... علمني وين هي الحقيقة... علمني والندم ينخر عظامي...
ابتسمت بكل حزن... وبست يده... عرفت بالأخير سبب طلاق أبوي وأمي... الله يسامحك يا أمي بس... الله يسامحك... حب أبوي لك تحول لإنتقام وكره أعماه عن الحقيقة... وكنت أنا الضحية...
الأربعاء...
15-8-2007...
كنت جالسة مع أبوي عند الكراسي بالحوش...
قالي وهو يمسح على يدي: أدري إني حتى ولو أعتذرت من اليوم لحد موتي ما راح أوفي بـ...
قاطعته وأنا أكتب له:محشوم يابوي... أنا ما ودي إنك تنقص من نفسك وتعتذر لي... أنت إلي المفروض تسامحني على إني عبء عليك... ولأني أجبرتك بدون إرادتك إنك تعيشني تحت سقف بيتك...
ناظرني بإبتسامة حزينة: ورغم إلي سويته فيك... ترمي اللوم على نفسك... آآآه يا بنتي صدق إنك أصيلة ... جدك رباك وما قصر فيك... وأنا...أنا...
نزلت دمعه من عينه... مسحتها بلهفة... وأنا أكتب له...
قلت: لا يا بوي... إلا دمعتك ما تنزلها علي... الأيام لنا... ونقدر فيها نبدا حياتنا من دون ندم...
قال بإنكسار وآهة: أحس بسكاكين الألم والوجع تنغرس بصدري... ما ندري إذا عشت بعد هاليوم...
أنتفضت بخوف... كان كأنه يقرر مصيره... يا أبوي أنا بديت أتعلق فيك... بديت أحس بسند حقيقي فهالدنيا...
كتبت برجفة: لا تقول هالكلام يابوي... الأعمار بيد الله...
قال: ونعم بالله... كنت طول حياتي غلطان فحقك... وما ودي بعد موتي أخليك تتخبطي فالظلام...
أرتعشت يدي وأنا أمسك بساعده... هزيت راسي بلا... لا... إحنا ما بدينا حتى نفترق بأول الطريق يا أبوي...
كتبت: أرجوك يا بوي... كفاية هالكلام...
ابتسم لي وقال: تأكدي إني راح أكون لك سند حتى بعد موتي...
وغير الموضوع لما وقف...قال: تعالي ساعديني يا بنتي... خليني أطلع لغرفتي أرتاح...
وقفت ونفذت أمره وأنا أفكر بكلامة... والخوف عشعش فقلبي...
الأحد...
26-8-2007 ...
الساعة 8 بالليل...
تاريخ هاليوم راح ينطبع بذاكرتي دوم... مستحيل أنسى هاليوم إلي كان بالنسبة لي طعنة قاسية دمرت كل شيء...
كنت فغرفتي أحس بنقباض... مدري ليش أحس نفسي ضايقة... وفجأة ينفتح الباب بقوة... قفزت من مكاني بخوف...
كان عماد يقول:الخنساء أبوي يريدك... يقولك أنزلي بعبايتك بسرعة...
أستغربت مرة... شو يريد أبوي؟؟... وليش بعبايتي؟؟... لبست عباتي وشيلتي... نزلت السلالم... شفت أبوي عند باب مجلس الرجال ووجهه شاحب مرررة... خفت عليه ورحت له جري... مسكت يده وبستها... وأنا أأشر له شو فيه...؟؟!..
قال لي بتعب: يا بنتي... الضيوف بالمجلس ينتظرونا ...
ورجع يرفع وجهه يقول وشفايفه ترتجف: طلبتك يا بنتي توافقيني... هذا منيتي وأتمنى ما تخالفيني فيها...
هزيت راسي موافقة... وأنا ما همني أي شيء إلا وجه أبوي التعبان...
كتبت له: إلي ودك فيه ياأبوي راح يصير... بس أنت تعبان...
هز راسه: وهذا إلي يجبرني يا بنتي... تعالي وراي...
ترددت أدخل ...لكن تشجعت ومشيت وراه... وأنا أحس بقبضة القدر تقبض صدري... ناظرت للداخل... كان عمامي خالد وسيف يتكلموا بهمس متوتر... وواحد من أهل أبوي ما أذكر أسمه كان جالس مع رجال شيخ... وهناك بكل هيبة كان الشخص إلي كرهته يجلس... وعيونه مثل العاصفة السودا الغايمة... يناظرني والإشمئزاز ينبض بوضوح...
تمسكت بإيد أبوي بخوف... أكره هالوليد لأنه يحسسني بالخوف والضعف... أكرهه لأن نظرة الإشمئزاز ما تفارق عينه... أكرهه لأنه عيونه تفضح إتهاماته لي...
قاموا عمامي وسلموا علي...وبعدين قال الشيخ بهداوه وسماحة: كيف حالك يا ابنتي؟؟ أنت الخنساء بنت أحمد الـ...؟؟!
هزيت راسي بأيوه وأنا أناظر أبوي بنظرة إستفهام... وهنا بدت ضربات قلبي تتسارع...
قال الشيخ: والنعم فيك يا بنتي... يا الخنساء جاوبيني على موافقتك... لأني جيت كاتب وعاقد على زواجك بوليد بن خالد الـ...؟؟!
سكنت ثواني أستوعب إلي قاله... يمكن صابني الصمم وأنا ما أدري... زاغت عيوني بفزع... أرتعشت يدي وهي ماسكة بساعد أبوي... ناظرته بخوف...ليش؟؟ ليش يا بوي؟؟ ليش تحطني بهالموقف؟؟ ... ابتلعت ريقي وعيوني تغشاها الدموع... ناظرت بتردد لوين ما وليد جالس بكل هدوء... كانت فعينه نظرة تحدي... أهتزت شفايفي خوف من المصير القادم... رجعت أناظر أعمامي وأبوي إلي كانت وجوههم تفضح قلقهم وتوترهم...
ما حسيت إلا والشيخ يقول: يا بنتي ما سمعت ردك... أنت موافقة على وليد بن خالد الــ...؟؟!
سمعت أبوي يهمس لي وهو يضغط على يدي: ردي يا بنتي... ردي...
كانت يده باردة... ووجهه شاحب... خفت عليه مرة... ناظرت وليد إلي ما أهتزت شعرة منه... وتركت يد أبوي ولاحظت إنه زاد وجهه شحوب...
هزيت راسي بموافقة وأنا أحس بقلبي يهتز ويرتعش...وقتها أنولدت إبتسامة أبوي... وخفت حدة شحوبة...
قال الشيخ بإبتسامة: تعالي وقعي هنا يا بنتي...
مشيت مثل المسحورة وحطيت يدي المرتعشة على الدفتر... أصابعي ترتعش والقلم رفض يوصل للمكان إلي المفروض أوقع عليه... حتى حطيت يدي الثانية على يميني أحاول أوقف هالرعشة... والدموع بركة على جفوني... وقعت... كنت أحس نفسي وقعت على ورقة إعدامي... وهو أصلا من متى كان قرار الإعدام من قرار المعدوم؟؟!
سمعت أبوي يقول بفرحة: مبروك يا بنتي... مبروك...
وحضني وهو يبوس عيوني المتبللة بالدموع... حسيت بحضنه غريب علي...
همس لي بتعب: سامحيني يابنتي... ما كان لي غير هالحل...كل هذا علشان أحميك...
مباركة أعمامي لي كانت رنين ألم فأذني... وطول ما أنا واقفة رفضت أناظر لغريمي إلي صار زوجي... زوجي؟؟ وكأن هذي الفكرة كانت لي صاعقة... لفيت للباب وطلعت من المجلس جري... وأنا ما زلت أحس بعيونه تتابعني...
.

.
أرتميت على السرير أبكي... أبكي بنحيب... آآه يا بوي؟؟ ليش تسوي فيني كذا؟؟ ما كفاني أعيش محرومة من كل شيء... جيت إلحين ترميني بين مخالب الشيطان...؟؟ الشيطان نفسه... ما أعرف كم مر علي وأنا على حالتي هذي... إلا إني سمعت صوت صرخة تهز الجدران... انتفضت... وبعدها سمعت أصوات صراخ وركض...
.
.
طلعت من غرفتي جري... حسيت بقبضة تلوي قلبي... نزلت السلالم ... فجعني المنظر... كان أعمامي ووليد حوالين أبوي... إلي كان مرتمي على الأرض ونورة زوجة أبوي ماسكة صدره تبكي... أرتعشت وأنا أنزل الخطوات الأخيرة...
وما حسيت بصراخهم وأصواتهم... كل إلي سمعته كلمة مثل السم سرت فشرايين دمي...
(( مــــــــــــــــــات...مــــــــــات...مـــــات.. .مـات)) ...
أرتميت على ركبتي ودموعي تسيل... أمسك براسي وأرتعش... أبـــ ... ــــوي ... أنــ..ــا... مــــ...ـــــات؟؟ مات؟؟؟ ...
وأرتخت أطرافي وأنا أحس بالإغماء...
.
.
حسيت إني مكومة وراسي يروح مرة عاليمين ومره عاليسار... كان حد شايلني بين يديه... ما كنت بكامل وعي علشان أعرف من يشيلني... نزلت دموعي وأنا ما أحس بأي رغبة أفتح فيها عيني وأواجه الواقع... الواقع إن أبوي مات...
.
.
((يتبع))
يتبع الفصل الخامس
....
الساعة 12 ... منتصف الليل...
شفت أبوي بالحلم يطلب مني أسامحه وأنا أبوس أيده وأبكي أترجاه يرجع... لكنه كان يتجاهلني ويعيد لي كلامه ((سامحيني يا بنتي... سامحيني... ما كان لي غير هالحل ... وهذا علشان أحميك... علشان أحميك))...
نهضت من نومي مفزوعة أبكي... وما حسيت إلا بإيد تمسكني من كتوفي وتجبرني أرجع أنام... فتحت عيني وأنا أرتعش بألم... حاولت أبعد الغشاوة عن عيني... ملت براسي أناظر إلي يمسكني من كتوفي... وكان هو..هو... وليد... تذكرت أبوي... وتكونت براسي فكرة غريبة وأنا أدري إنها غبية... هو السبب... هو السبب... كان أبوي صح مريض بس كان يتحسن... وجا هو قلب كل شيء...
شلت إيده عن كتفي بقوة... وحاولت أنزل من السرير... عرفت إني بالمستشفى من السرير الأبيض...
جاني صوته وأشعل رجفة فيني: وين ودك تروحين؟؟
لفيت له وأنا أصلح من شيلتي... ودموعي جامدة على خدي... تجاهلته وأنا أدور على نعلي (تكرمون)... ولما ما حصلتها نزلت حافيه عالأرضية الباردة... وبكل ضعف مشيت حتى أطلع من الغرفة... ودي أشم ريحة أبوي... ريحة الأب إلي بديت أتعلق فيه... ريحة السند إلي بديت أحس فيه... وما حسيت إلا وهو يشدني من إيدي...
قال بحدة: ما في طلعة من هنا...
هزيت راسي بلا... سحبت يدي ...
وأشرت له: أتركني... بطلع..بطلع أشوف أبوي...
قال: مالك قدرة تشوفينه...
اهتزت شفايفي وأشرت له برعشة: أنت شنو؟؟ ما تفهم؟؟ أريد أشوف أبوي... أريد أشوفــــــــه...
مسكني من إيدي وقال بعصبية: الظاهر إنتي إلي ما تفهمي... أقولك ما تقدري تشوفينه... يعني ما تقدري...
حاولت أسحب يدي منه... لكن كنت كأني مقيدة بيده...
وهو يكمل بدون ذرة حزن: عمي الله يرحمه ساعته جات... وهذا المكتوب والمقدر... الدكتور يمنعك تشوفينه وأنتي بهالحال...
سحبت يدي وقلت وأنا أرجع لوراي: أتركني... أتركني...أنت ما عندك ذرة شعور؟؟... أريد أشوف أبوي...
شفت يده تتكور كأنه ناوي على صفعي ...قال: لما آمرك على شيء تنفذيه بلا إحتجاج... فاهمة؟؟
هزيت راسي بعنف... لا...لا...لا... وتجاهلت الشرر بعينه ولفيت بطلع...
يتبع ,,,,
👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -