بداية

رواية بين طيات الورق -5

رواية بين طيات الورق - غرام

رواية بين طيات الورق -5

وهالمرة ماترك لي مجال مسكني من خاصرتي ورماني عالسرير... قاومته بكل ما أقدر... وكتف يدي الثنتين وصرت أرفسه برجولي... لكنه ما تحرك ولا ذرة... كنت كأني أحاول أزحزح جبل صامد... وبعد دقايق صرت ألهث وأتنفس بسرعة من التعب... وشوي شوي بدت حركتي ترتخي... وسكنت مرة وحدة لأني عرفت إني الخسرانة... ونزلت دموعي...
تركني لما شاف التعب خدرني...
ناظرني شوي... بعدها قال متردد: أبوك... فالثلاجة... وما تقدري تشوفينه...
زادت دموعي وأنا أرتعش... وبديت أنتفض من الألم... حتى ما قدرت أتمالك نفسي وصرت مرة أمسح على وجهي... ومرة ألوي شعري بيدي بكل قوة... ومرة ترتعش يدي وأحضنها لصدري... أنيني يصرخ بوجع... وتأوهي ينسمع صداه... كنت خارج وعي فما حسيت إلا والدكتورة عند راسي تحاول تهديني... وبالأبرة تنغرس على لحمي إلي بصدمة موت أبوي يتوجع...
ولما بدا مفعول المخدر... كنت أناظر الإنسان إلي صار زوجي... خدي يضغط على الوسادة... وأنا أناظره بعين نص مغمضة...
أهمس... وأهمس له بدون أي صوت... بحركات شفايفي كنت أوصل له كلمة وحدة... كلمة وحدة لا غير...
"أكرهك"
"أكرهك"
"أكرهك"
أما هو تراجع لوراه وجلس على الكرسي بكل ثقله... وقبل لا أغمض كلياً... شفته يتأوه ويناظر الأرض ويغمض عيونه... يمسح وجهه ويغرس يده على شعره...
وتركته بهالصورة وأنا أرتحلت لعالم الظلام...
الأثنين...
27-8-2007 ...
مسكتني هدى من إيدي... وهي تقودني من بوابة المستشفى لسيارة سودا كانت واقفة عند البوابة وصاحبها واقف جنبها... تجاهلته ودخلت السيارة...
سندت راسي ودموعي تجري... آآه... يا عيوني كفاية دموع... كفاية...
سمعت هدى تقول لوليد... وكانت هي تجلس قدام: أنا وسيف نشوف إن هذا هو الحل الأصح...
وليد بجمود: أسمعي يا هدى ...زوجتي هي مسؤوليتي... ووجودها ببيت أبوها هو الأصح...
هدى بتأفف: يا أخي ...ما أظن زوجة أبوها بتهتم فيها... نورة فيها إلي كافيها... وشوفها مسكينة جلد على عظم... محتاجة لحد جنبها عالأقل هاليومين... وأنا أقول عندي بالبيت أفضل وأصح لها...ناظرني وليد من المراية... ألتقت العيون لحظة ... وأشحتها بكل تجاهل ما همني رايه... هو مين يكون حتى ...حتى... لكن هو ...هو زوجي ... زوجي؟؟... جمدت دموعي لهالواقع المر...
هدى قالت بنرفزة لوليد... ما توقعتها ممكن تتكلم معاه بهذا الأسلوب...: أسمعني يا ولد خالد وسارة... خلك مرة معي... ووافقني...
وليد لف لها وابتسم ساخر: وإذا ما وافقت معاك؟؟ شو ناويه عليه؟؟؟
تناسيت آلامي لحظة وأنا أناظر هدى وبكل بساطة تضربه على كتفه بمزاح...
هدى بابتسامه حلوه: ما أتوقع ما راح توافق... أنت الغالي إلي مايرفض لي طلب...
ارتعشت شفايفي... وليد...وهدى؟؟؟ ...شو بينهم؟؟؟ هزيت راسي بلا... مو معقولة؟؟ ...لا...
ما حسيت إن السيارة وصلت عند باب بيت أبوي... إلا لما سمعت صوت هدى يناديني وهي فاتحة الباب...
هدى: أنزلي يا الخنساء...
وبأفكاري الشاردة نزلت... كان وليد ينتظرنا... رميته بنظرة حقد أكثر من العادة... حتى إنه رص بحواجبه...
قالت هدى: مشكووور ما تقصر... يلااا الخنساء ندخل...
قال فجأة لهدى: أدخلي للبيت...ودي أتكلم شوي مع الخنساء...
لفت إنتباهي إسمي إلي طلع من شفايفه بهمسة إزدراء... ومثل كل مرة تجاهلته وجيت بدخل ورا هدى... إلا إني ما حسيت إلا وهو ماسكني من يدي وساحبني لبعيد... لحد المسبح إلي كانت جنبه أشجار كبيرة... وظللتنا شجرة عن النظر...
همس بعصبية: وشو حقها هالنظرة؟؟ الكل عرف إني صرت زوجك وإياني وإياك ترمين هالنظرات قدام الناس...
صريت على أسناني... وسحبت إيدي منه...
أشرت له: أبعد أيدك عني... أنا تعبانة وما فيني حيل أتشاد معك...
شفت نظرة العصبية ترتسم على وجهه لأني تجاهلت سؤاله... ومد إيده القاسية تمسك ذقني وتثبته لنظرته...
قال بعصبية: ما أظن إنك من زود التعب بترتمين عند رجولي...
أشرت: أنت شو تبي؟؟ ما كفاك إن موت أبوي كان بسببك...
سكت وهو يناظرني محتار وقال بجمود: من وين لك هالفكرة الغبية؟؟
أشرت له بضعف رغم إني أعرف...إن هالحجة من أساسها غبية: أنت السبب... أنت السبب...
رجعت أأشر: أتركني لحالي... ليش تزوجتني؟؟ ليش؟؟
ما جاوبني لأنه ابتسم بقسوة وهو يقول: وأنت ليش وافقتي؟؟؟
أرتعشت إيدي وأنا أقول له: أبوي... ما كنت أريد أسبب لأبوي التعب... وأنت ..أنت جيت و...و....
ونزلت دموعي بدون إستئذان... تأفف كأنه يزدري منظر دموعي ... وبلحظة صمت رجع يقول لي...
وليد: هدى تريدك فبيتها هاليومين...
قاطعته بشراشة بعد ما مسحت دموعي: ما أريد... أنا أكرهك...أكرهك أنت... وهدى... ما أريد أي شيء منها...
سمعت وقتها صرير أسنانه... مسكني من زندي وضغط عليها...
قال: تكرهيني أنا؟؟ ما أختلفنا فيها... لأن هالشعور بعد متبادل... بس تكرهي هدى؟؟... شو سوت لك؟؟ وإلا نظرتك للناس الطيبة البسيطة أحط من نظرتك لخالك السكير وصاحبه...
حاولت أسحب إيدي... لكني ما قدرت...
سألني بقسوة وبأمر وهو يهزني: وشو حقها هالنظرات المشمئزة؟؟ تكلمي...
سحبت يدي منه وأشرت له بعد تردد: أنت... أنت قذر...تــ... تفكر بوحدة متزوجة بعمك... أنت...أنت...
سكت لما شفت نظرة الجمود والسوداوية فوجهه...ما كنت أتوقع إنه راح يفهمني... لكن الظاهر هو فهم شو أفكر فيه... لأني ما حسيت بنفسي إلا وأنا محشورة عالشجرة وجسمه... ضغط على كتفي بقوة... أرتعشت وأنفاسه تلفح خدي... حسيت بحرقة خدودي من التوتر والحرج...
همس لي بكل عصبية وقهر وهو ينقر على راسي: طمني عقلك المريض هذا... لأن هدى تكون خالتي... أخت أمي من جهة الأب...
وضغط على ذقني وهو يكمل همسه: لكن أكيد... أكيد بيكون تفكيرك بهذا المستوى المنحط...
وتركني ولف راجع لسيارته... ما كان عندي أي شيء أقوله لنفسي... إلا إني بينت له أشد حالاتي غباء...
الخميس...
30-8-2007 ...
رفضت خروجي من البيت... وأقنعت هدى إني برتاح فبيت أبوي... وبكذا مرت أيام العزا بدون تصادم لي مع أرملة أبوي نورة لأنها غلقت على نفسها الأبواب طول النهار... كل وقتي بغرفتي أنتحب أو أقرأ قرآن... مطلبي فساعات الفجر الأولى وقيام الليل دعاء ربي... والمغفرة لأبوي... أو إني أنزل للضيوف العصر وبعد السلام أتم فكرسي أناظر بشرود... صح هي أيام تنعد إلي عشتها مع أبوي بس أنا تعلقت فيه... وحس بفراغ كبير ...كبيييير بعد أبوي...
ورغم إن المكان عزا إلا إني ماسلمت من لسان الحريم... كل ما جلست أسمعهن يتكلمن عني وعن زواجي المفاجئ بالعقيد وليد... يتحسروا إن هالشاب تزوج من خرساء... يتكلمون عني مو كأني خرساء إلا صماء بنظرهن... يتجاهلني ويحشون فيني... ولما أتضايق أترك المجلس لهن ولسوالفهن...
وفمثل هاليوم كانت لي أول مشادة مع زوجة أبوي...وعمتي سلمى إلي ما عرفت قسوتها إلا إلحين...
كنت أبوس ليلى وهي فحضني... وأمسح على راس طارق... وأنا أناظر لبعيد... كنت فالصالة... والوقت على 5 العصر... كان دوم فكري لأخواني... أنا إلي كنت أبكي على يتمي لما كان أبوي حي...على يتمي لما تخلت عني أمي... وعلى يتمي لما توفى جدي... لكن أخواني صغار ما عرفوا كل هالمعاني... وما أريدهم يعرفوها ويعيشوها...
سمعت فجأة صوت يهمس بحقد: أنتي؟؟ أنتي لحد الحين هنا؟؟
لفيت وشفت زوجة أبوي وكلها شرر... وعمتي سلمى إلي تزيد عنها بالعصبية...
ناظرتها ببلاهة... وأنا يعني وين بروح؟؟...
صرخت نورة : أتركي أولادي... لا بارك الله فيك ... لا بارك الله فيك يا الخرسا الساحرة المجنونة...
أرتعشت يدي بسبب صراخها وحسيت أخواني إنتفضوا... تركتهم وأشرت لهم يطلعوا...
زاد صراخها لما شافت إن أولادها يستجيبوا لي: أنتي ما شبعتي؟؟ ما كفاك إنك قتلتي زوجي... رملتيني...ويتمتي أولادي... ؟؟ تجين توسوسين لأولادي؟؟
أشرت: أنا؟؟
صرت على أسنانها: إيه أنت يالـ... أطلعي ...أطلعي من بيتي... أطلعي... لو ما وجودك... ما كان أحمد مرض وتوفى... أطلعي أقولك...أطلعي... أطلعي...
تسمرت فمكاني... وما حسيت إلا وعمتي تثرثر بحقد...
عمتي سلمى: أكيد معجبنك الوضع... الورث ينتظرك... أنا أدري إن هذي خطتك ...تمثيلتك معــروفة...مكشـــــوفة من البداية...
أشرت لها: لا... كل كلامك خطأ...فخطأ... أنا ما همني الورث...
ما فهمت لي زوجة أبوي...ولا عمتي إلي مسكتني من يدي وسحبتني...
صرخت: لا بارك الله فيك وفأمك... يالخرساء... أنت سبب كل المصايب ...أطلعي من البيت أحسن لك لا أسحبك...
سحبت إيدي منها بكل عنف... أنا ما سويت أي خطأ حتى ترمونه فيني؟؟ ... سمعنا وقتها صوت عند الباب... كانت هدى واقفة تناظرنا بحيرة... بعدت عنهن وأرتميت بحضنها أطلب سند لي فهالمحنة...
أشرت لها: يريدون يطردوني يا هدى من بيت أبوي... يتهموني فسبب موت أبوي...
تكلمت هدى متوترة: نورة...الله يهديك وأنت يا سلمى ...شو هالأفكار؟؟ أحمد رحمة الله عليه يومه جا... والأعمار بيد الله... والخنساء مالها يد بأي شيء...
صرخت نورة: طلعوها من بيتي... طلعوها... هي سبب كل المصيبة... طلعوها...
وبكت وضربت خدودها وراسها... أرتعشت لما وقفت لوحدي...أناظر هدى وسلمى يشيلنها لغرفتها...كانت منهارة بجد... لكن...أنا...شو ذنبي؟؟؟ كل ما أدور على بر الأمان وألمحه...أصطدم بالمصايب... رحت لغرفتي وأنا أرتعش... يا خوفي يطردوني من هالبيت إلي كنت بديت أحس فيه بالراحة ... ريحة أبوي ما زالت تنبعث من هالمكان...يا خوفي يطردوني وأنا مالي أحد ملزوم يضمني له... عمامي أحسهم أغرب من الغريب وهم مو ملزومين فيني وأمي حية... أمي؟؟؟ لا هي حتى تكره شوفتي لأني أذكرها بماضيها التعيس مع أبوي... بس هي ملزومة فيني... لازم أروح لها وأتكلم معها... لازم...
الأحد...
2-9-2007...
كان الوقت على 12 ونص الظهر...
لبست عباتي ولفيت شيلتي وتغطيت...وطلعت لغرفة البواب... ضربت الباب وطلع لي البواب...
كتبت له: عمي... لو سمحت أريد سيارة توديني للخوير...
ناظرني البواب محتار... وما كان له إلا ينفذ... أصر هو إلي يسوق بعد ما شاف فيني الجد...
لما وصلت لشقة أمي... كتبت للبواب: عمي لا تنتظرني...
قالي وهو محتار وبنظرته قلق: يا بنتي وين مجيبك هنا؟؟ وكيف ما أنتظرك؟؟
كتبت: هذي شقة أمي... أنا لازم أتكلم معها... لا تنتظرني لأن زوجة أبوي يمكن بتحتاج لك... برجع بتاكسي إن شاء الله...
وطلع بعد ما أصريت عليه... ومشيت طالعة للشقة... ضربت الجرس مرتين وأنتظرت يطلعولي... أنتظرت وأنتظرت فما في جواب... فالأخير قلت يمكن طالعين فجلست على الدرج أنتظرهم يوصلوا... طلعت لي خبز وجبن وكليتهم وأنا أفكر شو بقول لأمي...
الساعة 4 العصر...
فهالوقت بعد ما تكسرت ضلوعي وانا جالسه عالدرج سمعت الصوت إلي عرفت فيه إنهم رجعوا... فتحت باب السلالم وناظرت أمي تكلم زوجها... وزوجها حامل لما إلي نايمه... وشغالتهم تفتح الباب... ترددت وحسيت بخجل كبير وقررت أتراجع... فالوقت إلي دخلوا الشقة وأنا واقفة بمكاني مترددة تنبهت إني لازم أتكلم مع أمي... فرجعت أضرب الجرس وأنتظر...
طلع لي زوج أمي إلي ناظرني محتار بالأول... وبعدين مصعوق لما نزلت غطوتي... حسيت نفسي مثل المتشردة وهو يناظرني محتار...
كتبت مترددة: السلام عليكم... عمي أرجوك... أريد أتكلم مع أمي...
شفته تردد بشكل كبير وبعدين سمعنا صوت من الداخل ينادي: فيصل... من على الباب؟؟
فتح زوج أمي الباب حتى طاحت عيني بعينها... ومثل ما شفت نظرة العصبية بسرعة ترتسم على وجهها جاتني وحاولت تسكر الباب فوجهي... لكن أنا بشجاعة مسكت الباب بيدي ودفعته شوي ودخلت...
صرخت بقوة حتى إني أنتفضت أنا وزوجها: شو تبين أنتي؟؟ طلعي برا أشوف...
أخخخ يا أمي غريبة كيف تزوجتي وخلفتي هالطفلة وأنت ولا فيك ذرة شفقة علي أنا... بنتك الخرسا...
كتبت لهابكل حزن: جيت أخبرك يا أمي إذا ما دريتي أن خالي (أخوك) إلي أستغل ضعفي وحاجتي لسند وإلي حاول يبيعني لأصحابه القذرين أنسجن... وأبوي رحمة الله عليه توفى...
ناظرت المسودة وجمدت بمكانها لحظة...
ورجعت تصرخ علي: وأنا شو يدخلني... وانتي ما تجيني إلا تزفيني هالأخبار؟!... صدق إنك مقرودة ومنحوسة...
مسكتني من يدي... هذي هي اللمسة الأولي لي من أمي... إلي أحس بيدها تنطبع على زندي وتلتف عليها مثل قيد من نار... وبكل جرأة وتجاهل لزوجها إلي كان جامد بمكانه... سحبتني ودفعتني للباب... لكني أنسليت من بين يديها...
كتبت: أنا أدري... أدري سبب طلاقك من أبوي...
همست بعصبية: لا بارك الله فيك وبأبوك...
مسكت يدها بسرعة وأشرت: لا تدعين على أبوي...
ناظرتني متقززة من إشاراتي الغريبة... فعلاً في ناس إما تستغرب وتشفق علي أو تتقز من إشاراتي... وأمي من فئة إلي تقززوا... رغم إنها... أمــي...
كتبت: وأدري أنك إنتي السبب... تذكري يا أمي أنا أكون بنتك... برضاك أو غصب عنك أبقى أنا بنــتك... وملزومة أنتي فيني بعد أبوي...
وما حسيت إلا بالصفعة على خدي ومن قوتها صدمت بالباب وتأوهت... والغريب إن زوج أمي مسكني من يدي وهو يسألني عن حالي...
ناظر زوجته وقال: شو فيك يا سعاد؟؟ ليش ضربتيها؟؟
صرخت عليه: تبيني أعيشها معي... تقول أنا ملزومة فيها بعد أبوها... تخسي ... هذا إلي ناقص... خرجها من بيتي...
ما كان لي أي ردة فعل غير سكوني إلي من أعماق أعماقي هز كياني... هذي امي للمرة الثالثة ترفضني... ورمت فيني بكل برود...
كتبت لها: أنا ما جيتك علشان أرغمك علي... فاض الكيل ووجودك بحياتي أو رفضك لي ما عاد يهمني...
وحسيتها تقرب مني وهي تصارخ: وإذا هذا كلامك... ليش هالتمثيلية الغبية إلي جايبتها لي؟؟
مسكتني وهي ناوية ترميني خارج شقتها... لكن أنا وإلي بعد صفعها لي وصراخها علي صار ما عاد يهمني نظرتها لي... سحبت نفسي منها...
وكتبت: حاولت أنزع فيك هالقسوة لكن مادريت إن ذاتك أنزرعت من جذورها بهالقسوة...وتذكري فالأخير إن جزاك يا أمي عند رب العالمين...
جمدت بمكانها بدون أي كلمة لأني ما تركت لها مجال... ولفيت وأنا أبتسم لزوج أمي إلي ناظرني مشتت... غريبة هالإنسان ما فهمته... مرة أشوف فيه الضعف ومرة أشوف فعيونه الشفقة ومرة أشوف فيه حب التخلص من هالمشكلة... مسحت على يده أطمنه وكتبت له عالسريع: آسفة لأني أفتعل المشاكل بينك وبين أمي...
ناظرني وعيونه تلمع بأسف وضعف... صحيح أنا من داخلي مهزوزة لكن بينت معدني الصلب وأبتسمت لهم بالسلام... لكن قبل كل هذا كتبت لأمي عالمسودة كلمات أصب فيها مشاعري... وتركتها بين يديها وأنا أبتسم لها بكل جرأة وشجاعة وأطلع من الشقة...
الساعة 6 ونص...
نزلت السلالم ومشيت شوي هايمة وبعدين رحت أدور على تاكسي... ورجعت للقرم لبيت أبوي... وأنا أتجاوز البوابة وبعدها غرفة البواب... وقتها لاحظت الإنسان إلي واقف متكي على الجدار... يناظرني بسوداوية...
وبكل برود كملت طريقي بدون ما أعطيه أي أهتمام... ومثل كل مرة ما حسيت إلا ووليد مسحبني... شلت يده بكل قوة...
وأشرت: أتركني لحالي يا أنسان... أنت ما عندك غير تسحبني...
سألني بجمود: وين كنتي؟؟
ما جاوبته ولفيت بطلع... إلا وهو ملزقني على الجدار...
صرخ: لا تعطيني ظهرك...
أشرت له بكل عنف: تذكر إنك مو بمهمة عمل... أنت مو سجاني حتى تأمرني وتصرخ علي...
زاد ضغطه علي وصرخ وهو يسأل: وين كنتي؟؟
رفضت أجاوبه... وهمس وهو يصك على أسنانه: أدري عنك رحتي لأمك...
ناظرته بقهر... وأشرت: وأذا كنت تعرف وين كنت ليش تسألني... وإلا ما يحلى لك إلا الصراخ...
سألني بقسوة: ليش رحتي لها؟؟
أشرت بملل: مالك حق تسألني لكن بجاوبك... رحت لأنها مسؤولة عني... لأنها ملزومة فيني بعد أبوي...
قالي يجرح ويسخر:أكيد رفضتك مع أخلاقك الوسخة إلي تتشرفي بكل برود تحمليها... صدقيني ما في حد ينظر لك بنظرة أكثر من نظرتهم لحيوان مسعور...
فتحت عيوني من الدهشة... لا...لا... إلا هالكلام...ما قدرت أستحمل إهاناته وبكل قوة صفعته على وجهه أطلع حرتي... شفت وجهه أنقلب أسود من العصبية... وخده صار لونه أحمر من الصفعة... سكنت وأنقطع نفسي أترقب يصفعني... يضربني... لكن لا...
مسك ذقني بيد ومشت لحد رقبتي وضغط عليها... مال علي وحسيت بأنفاسه حارة من الغيظ... أرتعشت وخفت وصرت أرتجف بدون حركة...
همس: بمشيها لك هالمرة... بس والله... والله إذا فيوم أنطبعت أصابعك على خدي بطبع على خدودك معنى الوجع نفسه...
ورغم رجفتي حركت شفايفي بكل بطء بدون أي صوت... بالكلمة إلي أفضفض بها حرتي... بالكلمة إلي أدري إنها تقهره... بالكلمة إلي هو يفهمها ويفهم معناها مثل ما أنا أفهمها...
"أكرهك"
ناظرني وعيونه تلمع بسوداوية وتركني فجأة ورجع لوراه... رفرفت بعيوني وأنا أشوف طيفه يختفي... وقدرت وقتها أرتمي جالسة عالأرض وأنا أنتفض من الخوف...
بالليل الساعة 10...
أرتميت على سريري وعيوني تلمع ألم بسبب مواقف هاليوم... يوم سبب لي شرخ بقلبي... يوم قاسي أجهد جسمي... تذكرت موقفي مع وليد والسبب كله سخريته مني لأن أمي رفضتني للمرة الثالثة... وقتها تذكرت الكلمات إلي كتبتها لأمي قبل لا أطلع... أدري فيها كلمات قوووية... بس من حرتي وألمي كتبتها بدون تفكير...
.
.
((( ما عدت بحاجة حتى أذكر كلمة "أمي" بقاموسي ... لأنك ما قد هالكلمة بالنسبة لي... تطمني أنا تزوجت... زوجني أبوي علشان يحميني بولد عمي إلي أخذ عني فكرة إني بعت شرفي... وبكذا أنتي مو ملزومة فيني... لكن تذكري إني... حملتك مقدار معاناتي بهالدنيا... حملتك مقدار كل دمعة تنزل مني... وهي على رقبتك ليوم الدين... موتي قريب... قريب بشكل ما تتوقعين... وأنتي إلي بتمشين على نعشي... أفرحي... وأستبشري... لأن وليد بدا بكل جهل... يـــغـــسلنـــي)))...
.
.
{{نهاية الفصل الخامس... بأنتظار رأيكم وتحليلكم...
ونلتقي بأذن الله بالبارت القادم}}

الفصل السادس

كفنتكي في أضلعي

الأثنين...
4-9-2007 ...
الساعة 8 الصباح...
: قومي لا بارك الله فيك... عساها مووته بلااااا قومه...
أفتزعت وأنا أسمع هالصراخ واليد إلي أنمدت تضرب بطني بكل قوة... قمت مفزوعة وأنا شوف زوجة أبوي نورة قدام وجهي... أخخخ شو مجيبها هذي هنا بهالوقت؟؟؟ قمت ألملم رجولي وأنا أشوفها تفتح دولابي وترمي ملابسي وأغراضي... قفزت من السرير وأنا أركض لها... مسكتها من يدها... هذي شو تسوي؟؟ ودفعتني بقوة حتى إني طحت...
قالت: أخ... أخ... لا تلمسيني يالساحرة المخبولة...
وقفت شوي أحاول أفهم شو قصدها إلا وعمتي تدخل وبنتها نشوى وراها...
عمتي سلمى تجاهلتني وهي تقول لزوجة أبوي: أنا أقول يا نورة ترميها بغرفة الخدامات أحسن...
نورة: لا... لا... قلت لك يا سلمى ما أريدها فبيتي أبد... كفاني إلي جاني منها...
وشالت ملابسي وتكرمت ترميها بكيس... سألتها بالإشارات: أنتوا شو تسوون؟؟ أنا ما راح أطلع من هالبيت...
وما أحد فهمني... كتبت بالمسودة وأعطيتها عمتي...
صرخت علي وهي ترمي المسودة: لا ياماما بتطلعي يعني بتطلعي... وإحنا نعرف كيف بنطلعك...
مسكتني من يدي وسحبتني... وزوجة أبوي أستلمت المهمة منها... أما نشوى فوقفت تناظرنا بغباء... سحبت يدي منهن وحاولت أبعد عن يدهن...
أشرت بالرفض: ما راح أطلع من هالبيت... ما راح أطلع...
صرخت نورة: بتطلعي من بيتي... أنا ناقصني يموت علي واحد من أولادي... يا الساحرة المجنونة...
هذي شو تقول؟؟ أنا ساحرة؟؟ شو هالتفكير؟؟ ناظرتها بعصبية وصرنا نلعب لعبة القط والفار... أنا أبعد عنهن وهن يقربن مني...
أشرت: ما راح أطلع... وأنا مو ساحرة مجنونة مثل ما تقولي... وهذا البيت لي نصيب فيه مثل مالك نصيب...
وعلى الصراخ والضجة دخلوا علاء وعماد للغرفة مستغربين...
علاء يرص على حواجبه: ماما... عمة... شو تسوون؟؟ ليش تصارخون؟؟
نورة صرخت عليه: مالك دخل يا ولد... روح لغرفتك... نشوى خذيهم...
وراحت لهم نشوى تقول: ياللا نطلع...
عماد: ليش تتضارون وتصرخون على الخنساء؟؟

صح نشوى عمرها 20 أو أكبر بسنتين بس حسيتها طفلة مصبوغه بالألوان على وجهها وشعرها ولبسها...
وقالت بغباء: حبيبي هذي ساحرة مجنونة... هي السبب بموت أبوكم... ولازم تطلع من البيت...
فاجأنا عماد لما ضربها على يدها وصرخ بعصبية: أييييه أنتي شو تخرفي؟؟ الله هو إلي أخذ أبونا...
وجمدت نشوى مثل ما جمدت أمه وعمتي سلمى...
علاء جاني ومسك يدي: أنتو ما تعرفوا إن أبوي كان مريض... الخنساء أختنا وبيتها هنا... أبوي قال لي هالكلام قبل لا يموت...
حسيت بقلبي يرفرف من الفرحة والشموخ والعزة لهالكلمات ... رغم إنها قليلة ومن طفل إلا إنها بالنسبة لي شيء كبير...
أنتفضت لما نورة صرخت: عـــــــــــــــــلاااااء... اطلع برا يلاا... وإياني وإياك تقول هالكلام مرة ثانية...
حسيت بخوف علاء لكنه ناظرها بشجاعة مهزوزة: ماما...والله حرام كذا تسوين بالخنساء... هذي أختنا...
وجاته نورة وحاولت تمسكه هو وعماد إلي تراجعوا يمسكوا فيني...
عماد صارخ: هذي أختنا...
وعلاء يقول وهو يمسك بلبستي ويتشبث فيها: حرااام والله تسوا بالخنساء كذا... الله راح يعاقبنا...
ومسكتهم زوجة أبوي من يدهم وسحبتهم وهم يتلوا وعيونهم تلمع بالدموع....
أرتعش قلبي... آآآه يا حبايبي... إلحين دريت شو معزتي عندكم كيف مقداراها... ولمعت عيوني بدموع لهالشجاعة إلي حاولوا فيها يساعدوني...
تيقضت بصوت زوجة أبوي وهي تصارخ: الله لا يبارك فيها... الله لا يبارك فيها... سحرتكم مثل ما سحرت أحمد... الله ياخذها... الله ياخذها ونفتك منها...
لحظة... لحظتين... ثلاث... وتجيني عمتي وزوجة أبوي إلي الظاهر قفلت باب الغرفة على خواني... مسكني من يدي وسحبني وانا أرفض أتحرك وأصارخ بكل جنون... أهز راسي برفض وتمرد... مالهم حق يطلعوني من هالبيت... مالهم حق... ومن القسوة إنهن سحبني من السلالم وأنا اصارعهن... وبالأخير رمني خارج باب البيت ورمن علي كيس ملابسي...
أشرت لهن لفوق: الله فوووق... الله فوووق وشاهد على كل إلي تسوونه فيني... الله شاهد على كل إلي تسوونه فيني...
وما حسيت إلا والباب يتسكر بقوة...
مشيت مثل المجنونة حوالين البيت أحاول ادور على مدخل وأنا حافية... بس الأبواب كلها متسكرة... ما راح أستسلم هالبيت فيه ريحة أبوي... وراح أتمسك فيه حتى آخر رمق فيني... وفالأخير لما تعبت أرتميت عند باب البيت وجلست هناك أنتظر أحد يدخل أو يخرج...
سمعت صوت سيارة... لا سيارتين... وقفوا عند النافورة ونزلوا عمامي وهدى إلي جاتني ركض...
مسكتني وهي تحضني وعيونها تلمع: لا حول ولا قوة إلا بالله... لا حول ولا قوة إلا بالله... كيفك حبيبتي؟؟
أشرت لها: بخير... بخير... بس الظاهر عمتي وزوجة أبوي يحسبني شؤم على هالبيت...
قالت: نورة وسلمى الله يهديهم...
أشرت: من خبركم؟؟!
قالت هدى وهي تقومني: علاء أتصل على سيف... كان يبكي وما فهما منه غير أن أمه حبسته هو وعماد وتريد تطردك من البيت...
فاجأني لما جاني عمي خالد وضمني متردد وسألني: كيف حالك يا بنتي؟؟
أشرت: بخير... بخير... بس أنا ما أريد أطلع من البيت إلي فيه ريحة أبوي...
وترجمت له هدى ...وقال عمي سيف: لا تخافي... إحنا بنتكلم مع نورة...
وبعدين قال بعصبية: وهذي سلمى بتشوف مصيرها معي... بتشوف...
أرتميت بحضن عمي سيف وأنا ابكي بكل ضعف بعد ما أشرت : عمي... والله العظيم أنا ما أريد الورث... والله العظيم ما أريد أي شيء... بس خلوني أعيش فبيت أبوي... تعبت وأنا أركض من مكان لثاني أدور على سقف مرة... وعلى سند مرة... كفاية إلي جاني والله كفاية... كفاية...
هدى تطمني وهي تترجم وتسيل دموعها من الموقف: ندري والله ندري... بس أنتي هدي ... سيف وخالد راح يتكلموا مع نورة...
قال عمي سيف وهو راص على حواجبه ويمسح على ظهري بحنان: الله يسامحك يا نورة وسلمى هذي سواتكم... سمعي يالخنساء أريدك تروحين مع هدى بيتي... طيب؟؟
هزيت راسي وكمل وهو متضايق: شيليها للسيارة يا هدى وخلي البواب يسوق فيكم... أحنا بنتفاهم مع نورة...
ولما كنت أمشي مع هدى للسيارة سمعت عمي سيف يقول بعصبية وهو يصارخ: أنا خلاااااص يا خالد فاض فيني الكيل... أولاً أحمد منعنا من مساعدة هالمسكينة... ويجينا إلحين وليد يقول هذي مسؤوليتي وما لأحد خص فيها... تذكر إن هذي بنتنا وإحنا بسكوتنا نرتكب أكبر ذنب بحقها...
قال عمي خالد وهو يتنهد: خلاااص خلنا نشوف شو بتقول نورة بالأول...
وأخذتنا السيارة لبيت عمي سيف... كانت هالمرة الأولى إلي أدخل فيه... بيت من طابقين أنيق وكبير نسبياً... دخلت وأنا أحس بالحرارة بجسمي...فحاولت هدى تهديني وتطمني... أعطتني الفطور وتكلمت بطيبة وهي تشجعني آكل...
وقالت لي وهي تاخذني لغرفة الضيوف: تعالي يالخنساء إرتاحي...
اشرت لها متوترة: لا...لا... بنتظر عمامي...
يتبع ,,,,
👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -