بداية

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -160

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي - غرام

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -160

كان واقف خلفها يسمعُ لكلماتها الخافتة ببحّة تارة و تارةً ترتفع ببحةٍ أشد، صامت لا يقطعُ مجرى كلماتها بخطوة ولا صوت، يشعرُ بإنقباضات قلبها التي تسحبُ صوتها وتُخفِض من حدّته، صمتت أمام صمته لتصمت الأشياء من حولهما، لم تتجرأ أن تلتفت إليه، أن تضع عينيْها بعينيْه، تشابكت يديْها ببعضهما البعض بمحاولةٍ طبيعية لتخفيف إضطراب جسدها المنتشي بالربكَة، بنبرةٍ مُجهدة بما يكفي للبكاء : أفصل بيني وبين اللي يشتغلون معك! ماني بالقوة اللي تستحمل كل هذا . . أنا بنت يا سلطان ما أتحمّل كل هالضغط! ما أتحمل كل هالقهر! . . ماراح أحاسبك إذا بتتحملني أو لا! مو عشان ما أبغى بس لأني مقدر! مقدر أوقف بوجهك وأقولك ليه! ومقدر آخذ منك إجابة . . ولا حتى نص إجابة، بس خلاص! مقدر أتحمل اكثر . . تبغى تعاقبني؟ عاقبتني بعيونك كثييير! . . تبغى تعذبني؟ عذبتني بعيونك كثيير! . . تبغى تقهرني؟ قهرتني بعيونك كثيير! . . تبغى تذبحني؟
أخفضت رأسها لتجهش بالبكاء وهي تلفظ بين أوتار صوتها الباكية : ذبحتني كثييير! . . و أحرقتني! . . بس أنا وش سويت؟ ما عصيتك بأيّ أمر طلبته مني ولا قهرتك بشي ولا . . ليه أشرح لك أصلاً؟ . . ماراح تستوعب حجم الألم فيني! ماراح تستوعب خسارتي بهالحياة! . . ماراح تستوعب أبد كمية اليأس اللي عايشة فيها . . . . . بقولك شي أخير يا سلطان أنا لولا رحمة الله كان ما شفتني الحين! لولا رحمة الله كان أنتهيت من زمان! لكن شي واحد يصبرني على اللي تسويه فيني! على نظراتك اللي تحسسني بالقرف وأني إنسانة ما توصل مستواك! على نظراتك اللي تنتقص من شرفي كثير! شي واحد يقولي في كل مرة إِنّ الّذِينَ قَالُواْ رَبّنَا اللّهُ ثُمّ اسْتَقَامُواْ تَتَنَزّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِالْجَنّةِ الّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ . . . الله يعرفني ويعرف نيتي ويعرف اللي بداخلي! . . وقفت لتلتفت ببطء نحوه، نظرت لعينيْه لصمتِه الشاهق جدًا بشكلٍ لا تقدر أن تصِل إليه، للمسافة القصيرة التي تفصلُ بينهما وعبارة عن مترٍ ورُبما أقل، لم تعرف أن تترجم ملامحه الجامدة، نظرت إليه بنظرةٍ عاشقة لتُردف بصوتٍ ركيك، أخفضه الحُب كثيرًا، بلحظةٍ تنتصرُ بها لنفسها : أنا ما أحتاجك! ماعطيتني شي يخليني أحتاجك . . لكن أنت؟ ولا مرة حاولت تصدق وتختار! . .
سلطان بحركةٍ أولى، بحركةٍ يُزهق بها صمته وهدُوءه، سحب شفتِه العليَة بلسانه ليُردف : خلصتي كلامك؟
شتت نظراتها بعيدًا وهي تتلألأ بالدمع لتبتلع ريقها المُنهك : بتستهزأ كالعادة! بتقول أنتِ مالك حق تـ
يُقاطعها بهدُوءه الغريب عليْها : لِك حق! . . على أيش بالضبط تبيني أجاوبك؟ على أيّ كلمة قلتيها؟
الجوهرة بثبات تتجه إليه ليبقى الفاصل بينهما ثلاثِ خطوات لا أكثر ولا أقل : ليه تسوي فيني كذا؟
سلطان بحدّة : على أيّ سؤال أجاوبك!
الجوهرة بإنهيارٍ تام ترتخي دموعها من تفرعاتِ أهدابها : لا تسوي فيني كذا
سلطان بحدةٍ أكبر : على أيّ سؤال أجاوبك!
الجوهرة أخفضت رأسها ليُشاركها العزاء شعرها الطويل، تقدّم حتى تلامس قدمه بقدمها : سهل عليّ أكسر كلامك! وأطلعك كذابة! وأعطيك إجابات على قولتك . . شفتي كيف أني أقدر بمزاجي أخلي كل الحق لي وأحيانًا لك!
الجوهرة دُون أن تنظر إليها، بكلماتٍ متقطعة بالبكاء : وأنا مقدر أعيش مع هالمزاج! مقدر أعيش تحت الضغط والخوف من هالمزاج! . . مقدر
سلطان يُمسكها من ذقنها ليرفع عينيْها بإتجاهه وهو يغرزُ أصابعه على جانبيّ خدها بالقُرب من شفتيْها : إذا أنا مسبب لك كل هالأزمات! لعلمك عيونك أكبر حاجز بيني وبينك!
الجوهرة بنبرةٍ خافتة وحاجبيْها ينعقدان بالبكاء : ومزاجك وكلامك؟
سلطان بحدّة نبرته : وافعالي . . وأيش بعد؟
الجوهرة تضع يديْها فوق يديْه وهي تحاول ان تخفف من شدّته على وجهها : ليه ما تعترف بذنبك؟
سلطان بغضبٍ يُبعد يديْه لتتراجع خطوتين من صوته الصاخب : الحين عرفت وش هي مشكلتك! . . مُشكلتك هنا . . غرز أصابعه بكل شراسَة بإتجاه قلبها حتى عادت أكثرُ من خطوة للخلف وهي تشعر بأن أصابعه تأتِ كهيئة سكين تُبدد الإتزان من دماءها المنتشيَة به. أعطاها ظهره وهو ينظرُ بإتجاه النافذة، بنبرةٍ تكسرُ قلبها من الوجَع وتكسرُه كثيرًا وهو الذي عاش في كنف الألم أكثرُ من عقديْن : يوجعني كثير أني مقدرت أسِّس لي حياة توازي التعب اللي عشته طول الثلاثين السنة اللي فاتت! يوجعني أكثر أنه زوجتي تكون بهالحزن! صح أنا مقدرت أختارك! مقدرت أقول أبي الجوهرة ! . . ألتفت عليها بكامل جسدِه ليقترب إليها وبنبرةٍ تُحرقها . . ما أخترتك بكامل قناعاتي! لأني ما أخترت أشوفك ذيك الليلة، ما تفكرين للحظة وش اللي جابني الشرقية في هاليوم! وش اللي خلاني أجي بروحي! وش اللي خلاني أكلم أبوك من الأساس! وش اللي خلاني أدخل بيتكم وأشوفك! . . ما أخترت أنا ولا شي من كل هذا! . . ولا راح أختار . . بخطواتٍ لا يُحددها شعور ولا ترتفع لسقفٍ يُقرر ماهيتها . . أتجه نحو الباب حتى وقف ودُون أن يلتفت عليها لفظ : لا تتصورين ولا للحظة أني بقمة سعادتي وأنا أوجعك ولا أضايقك بكلمة . . لا تتصورين أبد أني مبسوط . . . انا قبل ما أوجعك أوجع نفسي اللي مقدرت تنجح في حياتها أبد . . . وخرج تاركها تُصارع إحتمالاتها بالحياة، يهزمني كعادته بكلماته، حتى وأنا أخفف تراكمات الحزن بصدري وأبددها بصوتي، حتى وأنا أحاول الحديث معه لنصِل لنقطة يهزمني، لأن الوجع بيْ على كل حال مهما حاولت، لأن عيناه يالله مؤذيَة وموجعة.
،
أخفضت رأسها دُون أن تستوعب ما يحدث الآن، وأصوات طلقات النار تصخبُ وأنا التي لم اعرفها إلا بلحظاتٍ قليلة كنت أتمرنُ بها مع رتيل في الرياض، وضع ذراعه على رأسها عندما أستدار بتقاطع الشارع بقوةٍ كانت ستُذهب رأسها بإتجاه النافذة لولا يدِه التي شدّتها بقوة ناحيته، أكمل سيْره للطريق السريع متجهًا لشمال باريس، رفعت رأسها ليلتفت نحوها : بخير؟
هزت رأسها بالإيجاب دون أن تلفظ كلمة وهي تنظرُ للزجاج الخلفي كيف تهشّم، قلل من سرعة السيارة عندما أبتعد عن المنطقة، في كل ثانيَة كان يلتفت إليْها ويراقب حركاتها الصغيرة والدقيقة، تداخل أصابعها في بعضها البعض وغرزها بلحظةٍ أخرى في ركبتيْها و ليدِها التي تشدُّ على معطفها في لحظةٍ أخرى و السبابة والإبهام اللذانِ يرتفعها نحو إذنها لتُحرِّك به قرطها الناعم الصغير، دُون أن تنظر إليه : وين بنروح ؟
فارس : مدري يا عبير . . فتح " درج السيارة " الذي أمام أقدامها ليُخرج السلاح ويضعه في حضنه، أخرج الجوال ليحاول أن يفتحه إلا أنه مقفل برمزٍ سري، نظر للأوراق ليُخرجها ويقرأها تحت أنظار عبير التي تراقبه بخشيَة، تتفحصُ عيناه الأسماء وألقابها التي تخفي شخصياتٍ حقيقية، كان يحاول أن يفكك الشفرات وهو يعدُ في عقله المواقف السابقة التي حصلت والكلمات التي كان يتناقلها والده مع رجاله، ينظرُ للطريق الذي أمامه وعينيْه تغرق بالتفكير، صمتُ والده عن عبدالعزيز إلى الآن يُثير بداخله ألف سؤال، من المستحيل أن يكون والده بهذا الصمت والغباء، شعر بأن عروقه تحترق من فكرة إستغباءهم لوالده، ادفع حياتي بأكملها من اجل أبي، حمَد خطوته إتجاه عبير لم تكُن لمجرد أهواءه، هُناك أمر مُخبأ و فكرة أسامة ومهاتفته لأحدٍ مجهول مثلما سمعته عبير لم تكُن أيضًا لمجرد اللاشيء، هُناك سبب واضح لصمت والدي وسبب أوضح لوجود هؤلاء حوله، ماذا يحدث بالضبط؟ عادت أنظاره للأوراق، للكلمات الحادّة المكتوبة، هل هذه وثائق سريَة؟ من المستحيل أن توضع في السيارة، أيّ رجال أبي يقود هذه السيارة؟ بالتأكيد ليس أسامة ولا حمد . . هُناك شخص آخر يتلاعبُ بهم.
ألتفت على عبير وهو يُعيد الأوراق وخلفه السلاح ليشتم نفسه عندما شعر بأن ضيّع فرصة التحقيق مع أسامة وعقله يربط الأحداث، محاولة إغتيال سلطان بن بدر وقعت دُون علم أبي من رجاله، هذا يعني أنه هؤلاء الرجال مشتركين مع شخصٍ يوجههم غير أبي، هذا الشخص لا بُد أن يكون معروف، هذا يعني أن بعد حادث العيد كانوا رجال والدِي يتصرفون بغير علمه، شِتْ!
حرّك السيارة ليُكمل سيره بطريقٍ لا يعرف ما مُنتهاه، وأفكاره تتخبّط بإحتمالاتٍ تُبعد عنه التركيز/الإتزان، عبير بصوتٍ هادىء : ودني الفندق!
لم يسمعها وأمواجه تتلاطم عند طبلة إذنه، بصوتٍ أكثر وضوحًا : فارس!
ألتفت عليها ليُعيد أنظاره بثواني قليلة إلى الطريق : هلا
عبير : ودني الفندق . . أهلي هناك؟
فارس : لا . . بنشوف لنا مكان قريب تجلسين فيه وأنا بضطر أرجع أشوف أبوي
عبير : بتخليني بروحي؟
فارس : ساعة بالكثير وراجع لك
عبير وفكيْها يتصادمان معًا : كيف تتركني بروحي؟ بأيّ مكان؟ إحنا مو بالرياض!!!
فارس: طيب انتظرك لين تنامين وأطلع وماتصحين الا وأنا عندك . .
عبير : يعني تسكتني؟ تعرف شي! روح الله لا يردِّك
فارس ألتفت عليها وعيناه تشتعل بالغضب : يا كُبرها عند الله
تنظرُ للطريق وشفتيْها ترتجفَان بزمهرير غضبه، شعرت بأن صدرها يحترق بكلمتِه، لامت لسانها كثيرًا وشتمت نفسها بداخلها من دعوتها عليه، ودّت لو تقول " آسفة " ودّت لو تنطق شيئًا يُمحي هذه الدعوة، أخفضت رأسها أمام عينيه التي تراقبها بقهر، شدّت على شفتيْها بأسنانها لتلفظ بخفُوت : مو قصدِي!
فارس : في هالدنيا كلها محد يخاف عليك كثري عدا أبوك . . تأكدي من هالشي
عبير تنزلُ دمعة رقيقة على ذكرى والدها الذي أصبح يمرُّ كإسم دُون أن تراه : أنا مقهورة من اللي صار! . . كان مفروض توقف بوجه أبوك قبل كل شي . . كان مفروض ما تجي الفندق وتكذب عليّ عشان أنزل وتآخذني . . كان مفروض ما تتزوجني بهالطريقة الرخيصة . . . كان مفروض تسوي أشياء كثيرة تخليني أثق فيك وبحبك . . بس أنت يا فارس ما سويت شي!
فارس يركن السيارة مرةً اخرى ليلتفت عليها بكامل جسدِه : طيب إذا كان شي فوق طاقتي؟ تبيني أقولهم خلاص أنا مقدر سوو اللي تسوونه فيها . . أنا حاولت بس أمنع أشياء كثيرة كانوا ممكن يسوونها فيك! . . حاولت يا عبير وتقولين ما سويت شي! . . يا جحودك!
عبير ببكاء : في داخلك كنت راضي لأنك تزوجتني وأنت موافق بس أنا ماعطيتوني مجال حتى اختار! . . قهرتوا أبوي بعد هالعُمر! أبوي اللي كان يرفض الرجال أحسنهم وأسوأهم بعد! . . كان يرفض لأنه ماكان يثق بأي أحد والحين يجي أحد يتزوجني و أبوه بعد ملاحق قانونيًا ويضر أبوي . . فيه أكثر من كذا قهر لأبوي؟ . . ماراح تفهم أبد وش معنى انه أبوك يحترق؟ ماراح تفهم أبد لما تشوف القهر بعيونه! أنا أعرف . . أعرف والله أنه أبوي الحين جالس يحترق من وجودي معك! أعرف أنه أبوي مايحط راسه على المخدة الا وهو مقهور! . . كيف تبيني أرضى؟ . . إذا أنا رضيت كيف أبوي؟ . . محد بقى لي في هالدنيا الا أبوي! . . وكسرتوه! كسرتووه يا فارس! عُمري ماراح أغفر لأحد كسَر أبوي وقهره! عُمري ماراح أسامح أحد ذبحني بأبوي!
فارس ينظرُ لنهرِ عينيْها المتلألأ : مو بكيفي! . . كانوا راح يآخذونك سواءً معي أو لا . . بس أنا مارضيت .. لأني كنت فعلاً خايف عليك . . والله كنت خايف عليك! . . صح معك حق ما حاولت كثير بموضوع الزواج لأني كنت أتمناه . . بس ماكنت أتمناه بهالطريقة . . ولا كنت راضي على هالطريقة . . كنت أحلم بشيء ثاني! بس هذي الظروف . . هذي الحياة اللي خلت خطواتنا تتقابل! . . بالنهاية محد بيجبرك على شي! بالنهاية راح تختارين .. إذا مو اليوم بكرَا . . راح تختارين
،
،
في جهةٍ أخرى صفعه بقوة حتى سقط على الأرض، رفع حاجبِه : قلت تمسكونه! تخوفونه! بس ما قلت أذبحوه واطلقوا عليه النار!
: هذا اللي صار! هرب ومقدرنا نوقفه الا بأننا نطلق عليه
رائد يُمسكه من ياقته : لو صار شي لولدي! وش ممكن أسوي فيك؟ . . ضربه على رأسه . . فارس لا ! مفهوم ياغبي؟ . .
يقف وهو يعدِّل ياقته وقميصه الذي أنتزع : إن شاء الله
رائد : انقلع عن وجهي . . . دخل أسامة وهو يُغلق أزارير جاكيته الأسود . . طلبتني
رائد بهدوء : اجلس . .
أسامة : تفضّل
رائد وهو يلعبُ بحباتِ النرد بين أصابعه : أفكِّر نكلم آسلي ونحدد موعد قريب في باريس
أسامة رفع حاجبه : آسلي؟ . . بس ماعندِك عبدالعزيز!
رائد : هذا اللي بوصل فيه وياك . . نلتقي فيه ونخلي سلطان وبوسعود ينشغلون بهالموعد . . نخليهم يجون هالمكان وبكذا راح نضرب روسهم في بعض
أسامة : اللي تشوفه
رائد : أبي رايك
أسامة : متوقع أنها بتنجح الخطة ؟ يعني . . ممكن يشكون
رائد بثقة : ماراح يشكون! مافيه هنا أيّ جاسوس ممكن يخرب الوضع . . صح؟
أسامة بتوتر : صح . . وقف . . خلاص أدبّر لك موعد وأجهز لك اياه
رائد : تمام .. تقدر تطلع
أسامة خرج وهو يفتح أزارير ياقته من حُمرة التوتر التي صعدت إليه.
رائد نظر إليه وهو يخرج ليتمتم : بنشوف أنا ولا أنت يا سليمان!
،
كان المسطّح مرتفع وأقدام رتيل يُحرّكها الهواء وبجانبها يجلسُ بصخبِ حضوره ورائحة عطره تغزو جسدها الذي يلامس معطفه : أكيد ما تهمك كلمة هالقد؟
والبردُ يسحب صوتها للداخل أكثر : مو مسألة كلمة! لكن مسألة رفضك هي اللي توجع . . مو مسألة أني أبي أسمع منك كلام حلو ولا غيره .. بس كل المسألة أنك . . . . مدري أنت وش أصلاً . . نظرت إليه بينما كانت عيناه للأرض التي أمامه، أبعدت عينيْها ليلتفت عليها بإبتسامة : وش هالنظرة؟
رتيل إبتسمت رُغمًا عنها : نظرة وحدة حقيرة
عبدالعزيز ضحك ليُردف بصوتٍ مُتعب : محشومة
بنبرةٍ تحمل معنى يعرفه عزيز : ليتك تقولها لشي ثاني
عبدالعزيز تنهَّد لينظرُ إليها بنظرةٍ تُضيء هذا الليل الباريسي، يستمعُ لتأوهاتِ جسدها بمُجرد أن يلامس كفّها، يشعرُ بأنها تلتحم به في كل مرةٍ يحاول أن يبتعد، في كل مرةٍ يحاول أن يُنهي البدايَة : عن الوجع محشومة.
نظرت إليه لتُحقن عينيْها بكلماتٍ خافتة مُحمّرة ترتفع شحوبًا للحظة وتقتلها البحة في صوتها : ما أحب غموضك يخي!
عبدالعزيز بإبتسامة يمسح دمعتها التي حاولت أن تلامس خدّها : يخي؟!!!! طيب أسمعي . . فيه بيت شعر أحبه كثير وعالق في بالي دايم
رتيل : ما توقعتك تحب الشعر
عبدالعزيز بضحكة : أحب المواويل! . . ترى حافظ إذا تبين
رتيل لتُردف بين دموعها : وش حافظ من المواويل ؟
عبدالعزيز : ما أحفظ شي شريف
رتيل : ههههههه زين تعترف بعد
عبدالعزيز : أيام الجامعة والسهرات كان ما يعلق على لساني الا المواويل اللي أسمعها بالقهاوي ماكنت أميل للشعر أبد . . يمكن لأن كنت ملغي دور قلبي فماأحب الشعر الغزلي أبدًا
رتيل : وللحين ملغيه على فكرة
عبدالعزيز بضحكة : لا ماني ملغيه . . لو ملغيه ما قلت لك أبي أقولك بيت شعر وبعد ماخليتيني أقوله
رتيل : طيب وشو؟
عبدالعزيز وهو يُبعد أنظاره عنها : أنت عمر صـب في عمري جفافه نصف نار ونصفه الثاني جليد . . أنت نهر عندي استودع ضفافه وعذابي لا افتكرت إني وحيد ! . . . لشاعر إسمه الحميدي الثقفي
نظرت إليْه بعينيْن تتلألأ، ترتفعُ الحمرة الضيِّقة إليها أمام إرتجافات شفتيْها التي تصارع البرد، بحنجرته التي تسرق الكلام والأماني والمواعيد ليُكمل : و فيه شيء ثاني قرأته ببلوق أحد ناسي مين بالضبط .. لكن حفظته من كثر ما استرجعه ببالي
رتيل تحت ضوء القمر كانت عينيْها تُسرفان بالدموع دُون أن تطلق آه واحدة، عبدالعزيز : ماقلت لك ! كم أسهرك ؟ وأتنفسك ؟ وأمشي معك واقدّرك .. ! وماقلت لك! تمر لحظه .. فيهـآ أكرهك ! وأحس إني اجهلك ! وأستغربك ! وأودعك .! وماقلت لك ! برجع بـشوقي و أعشقك .. و بـداخلي ألملمك .. وأحلف, والله ما أتركك .. وأبدلك! ماقلت لك ! أني غبيّ ..! لـأني عجزت أستوعبك . . .
ألتفت عليها لينظرُ لعينيْها الداكنتيْن التي تُضيء بإسراف، لم أحبك كفايةً ولم أكرهك كفايةً، أنا بينُهما، ما بين الوجود واللاوجود، ما بين البداية والنهاية، أحيانًا أشعُر بأنني أمامك مقيِّدٌ تمامًا، يستحيلُ عليّ أن أتزنُ أمام عينيْكِ وأحيانًا أشعرُ بأن الإبتعاد هو الحقيقة الواحدة الموجودة أمام عينيْكِ، أحيانًا أشعرُ بأنكِ هُنا! فيّ، وأحيانًا أشعرُ بأن ظلالِك تُعشعش بصدرِي، أحيانًا لا أعرفني، أجهلني كثيرًا، أحيانًا أحبك بشراهة و أحيانًا لا أعرفُ كيف أحبك؟
رتيل : ليه هالقصيدة بالذات؟
عبدالعزيز لأولِ مرّة تُضيء عينيْه أمامها بماءِ محاجره، رفع حاجبيْه باللاأدري ليُردف : تركضين يا رتيل وتعرفين وش النهاية . . تركضين كثييير وينقطع نفسَك بس ماتوصلين لشي . .
رتيل تتبللُ ملامحها بملحِ بكاءها : وش النهايَة؟ ما تعرفها كيف تحكم من كيفك؟
عبدالعزيز يُدخل يديْه بجيُوبِ بنطاله وهو ينظرُ للسماء الغامقة وعيناه ترتفعُ بإتجاه القمر : شايفة هالمسافات الطويلة اللي مشيناها . . . . ضاعت منِّي يا رتيل! . . ضاعت . . ومستحيل ترجع . . .
عقد حاجبيْه وهو يشعرُ بأن أعصابه تنهار شيئًا فشيئًا.
رتيل بصوتٍ يُقاطعه البكاء كثيرًا : نقدر، صح أننا مقدرنا نسوي شي صح في حياتنا بس نقدر
عبدالعزيز بضيق : أنا ما كنت جبان معاك! . . كان أقدر أقولك بأيّ وقت وبأيّ لحظة أني أفقدني لما أفقدك! بس
ألتفت عليها وعينيْه تستثيرُ دموعها : بس أنا مقدر أقول لأن أنا ما ينفع أقول كذا . . لأني مقدر . . مقدر
اخفضت رأسها ليصِل أنينُ بكاءها لآخر مدى في جسدِه، تناثر بكاءها وهي تستقبلُ إعترافِه الشفاف بنفسِه، يالوجع الذي يتسربُ من صوتِك، يا لمرارة الحزن التي تعبر لسانِك، يالكُبر فجيعتي بقلبِك الذي يموت شيئًا فشيئًا، لم يتركُوا لي مساحة لأتغنج بحُبك، لم يتركوا لي مساحة لأعشق إسمك، سرقوا منِّي رغيفُ الحب و تركوني على حافةِ الإنهيار، سرقُوا مني الماء و عينيْك يا عزيز.
عبدالعزيز بحنجرةٍ تبحّ مع الهواء : فيه رجال ينهزمون بالحياة ومايتقبلون الهزيمة يضلُّون يحاربون ويحاربون لين تثور أوجاعهم ضدهم . . تخيلي أوجاعك توقف ضدِك؟ تصوّري وش كثر الرجّال يفقد نفسه؟ إحنا ما نؤمن بقبول الأمر الواقع . . إحنا الرجال سيئيين ومحد يتأسف علينا ولا يبرر لنا لأننا نستاهل كل لحظة وجع! لأننا ماعندنا قلوبكم يا رتيل! ماعندنا قلوب تتحمل وتحبس هالوجع! ما عندنا قلب يكمل حياته بدون لا يرجع لورى! ماعندنا هالشيء! إحنا سيئين بالحب حيييل! وسيئيين أكثر لأننا تربينا في مجتمع جاف! ما وقف فيه شخص يدافع عن حُبه . . .
بنبرةٍ يتحشرجُ بها الألم يُكمل : المسألة ماهي فيك! المسألة أنه الشخص ما يقدر يتخلى عن نفسه . . مايقدر ينفصل عن نفسه . . وأنا . .
رفعت عينيْها التي تُضبب عليها رؤيتها من نهرُ الدمع الذي يجري بها : وأنت؟
عبدالعزيز تنهَّد ليُشاركه الهواء البارد الأبيض الخارج من فمِه : وأنا؟ . . مين بالضبط؟
رتيل بإرتجافة شفتيْها وبالمسافة القصيرة جدًا ما بينهما : أنت يا عبدالعزيز
عبدالعزيز بوجَع الرجال الذين تلاحمُوا في صدرِه ولم يرحموه : ما قلت لك الخسارة يوم جتني حاصرتني جماعة . . . وماقلت لك نحارب هالحياة لين ينكسر فينا الضلع واحد ورى الثاني . . وما قلت لك أنك نفسي يا رتيل . . وإني مهما بعدت ماراح ألقاني إلا ويَاك . . وإني مهما سويت الكثير منِي فيك . . وإني مهما حاولت أحفظك فيني . . يكسروني! .. .. مو أنا اللي ما أبيك لأن محد يرفض نفسه وقلبه . . يقترب منها فوق إقترابه ليحاصِر ملامحها بيديْه وجبينه يلاصق جبينها وعينيْها يتدافعُ بها الدمعُ بلا توقف، بصوتٍ يسلبُ قلبها و يزرع في كل زاويَةٍ بجسدها وجعًا آخر وعينيْه تحتبسُ الدموع دُون أن تنزل دمعة من أجلها : يمكن الله ما كتب لنا الحياة في الدنيَا، يمكن الوعد في الجنَـة بس تدرين وش أخاف منه؟ . . .
أرتجف من درجة الحرارة التي تقل أكثرُ بكلماته الضيِّقة : أخاف أننا ما نلتقِي بعد، قدرت أهرب وأحمي نفسي مرَّة ومرتين . . بس الثالثة ماراح تكون سهلة أبد يا رتيل . . . أقترب من عينها اليسرى الباكيَة ليُقبِّلها بعمقٍ و صوتُ الهواء الذي يُداعب أوراق الأشجار وحده من يشارك صخب أنفاسهم المتصاعدة : مو جبان لما تقولين أختار الطلاق! . . لأني ما أبي ننفصل . . لأني أبي أعيش هالخراب معك وهالأساس الهش اللي مقدرنا نوثق حباله، أبي لمَّا أغيب تكونين زوجتي اللي مقدرت أراقب حركاتها وهي نايمَة، مقدرت أشوف عيونها كيف تشرق! مقدرت أحتفل معاها بزواجنا ولا قدرت أجيب منها طفل يشبهها . . أبيك تكونين زوجتي اللي حلمت فيها ولا قدرت أوصلها . . اللي أنتظرتها وماعرفت كيف ألاقيها . . ابيك زوجتي اللي مقدرت أصلي جمبها ركعتيْن ولا قدرت أشوفها كيف تصحيني! . . أبيك زوجتي اللي مقدرت أسهر معها ليلة ولا قدرت أشاركها بأيّ قرار . . أبيك مثل ما أنتِ! أبي كل هذا ينتهي وأنتِ زوجتي
لم تبكِي مثل هذه المرّة أبدًا، ضاعت بغياهيبه وهي تُغمض عينيْها حتى لا تراه أكثر، هذا الوداع تعرفه، هذا الوداع لا تطيقه، أرتخى جسدُها بين ذراعيْه وهي تجهلُ كيف تتحدث، تلعثم قلبها بالكلمات وبالحُب، تشعرُ بأن الرجفة لا تخترق جلدها فقط! بل قلبها يُشاركها الرجفة، بكت كثيرًا منه وعليه ولكن لم تبكِي يومًا بكاءً يذبلُ به كل شيء، يذبلُ به تفكيرها وقلبها معًا، تفقدُ وظائفي الجسميَة مرونتها، كل شيء يتيبس يجف يا عزيز.
أقترب من عنقها ليحبس أنفه بها وهو يتحدث كأن روحه تُزهق، دقائق كي أسحبُ رائحتك فيّ، كي أحبسُ لمسات جسدِك في صدرِي، أنا أموت يا جميلتي وكل آه مصدرها سمرَاء، وكل آه يتحشرجُ بها الطريق المسافر عنكِ أصلُها عينيْك، اموت بهزائمي التي قررت أن تُنيب بقراراتها عنِّي، أمُوت من حرقة الولع، أموتُ يا رتيل ولا تكفيني صلاة الغائب عليّ! أنا الذي كنت أرى الموت في أعينهم، أنا الذي أحببتُك في اللحظة التي كنت أقترب بها من الموت، المجدُ لقلبك الذي صبَر والرثاء على قلبٍ أندثَر، المجدُ للبكاء الذي لم يفوِّت لحظة من غطرسته نحوي و الحزن كل الحزن على أولئك الذين جرّمُوا البكاء بحق الرجال، الحزن على أولئك الذين علّموني كيف أتغطرسُ على دمعي حتى تغطرس عليّ، الحزن على المجتمع الذي تعامل مع الرجال ولم يتعامل مع إنسانيتهم، الحزن وكل الحزن أنهم جعلونَا نبكي بقلوبنا حتى لا نضعف، ليتهم ينظرون! ليتهم يعرفون كيف بكاء القلوب يسلبُ من الحوَّاس حركتها، ليتهم يعرفون كيف لقلبٍ أن يتقطع ولا تنزل دمعة تخفف وطأة النحَر، ليتهم يعرفُون وليتني استطعت أن انسلخ من هذه القناعات من أجلِك، ليتهم يعرفُون كيف لبرزخ القلوب أن يؤذي بهذه الصورة دُون أن يُحيلني لحياةٍ أخرى، أنا واقف بالمنتصف، واقف بالمرحلة الوسطية، واقفٌ وكلِّي موْت.
أغمض عينيْه وهو يغرقُ بها : مقدرنا نسوي شي مجنون! . . ما صوّرنا ولا مرة مع بعض . . ما أحتفظنا بشيء . . قسينا! قسينا كثير!
رتيل رفعت رأسها للسماء لتبكِي و أنهارُ عينيْها لا تتوقف، وضعت يديْها فوق رأسه القريبُ منها وهي تجهشُ ببكاءٍ لا يتوقف أبدًا، ما عاد الوقوف يُفيد؟ ما عادت النهايَة تُغري للوقوف! كل الأشياء ترحل . . كل الأشياء تبتعد منِّي.
عبدالعزيز أرتخت يديْه منها ليصعدُ بقبلةٍ عميقة بين حاجبيْها وهو يهمس لعينيْها المغمضتيْن : جينا لزمان ماهو زماننا ولمكان ماهو مكاننا . . جينا بوقت غلط ماكان في شيء صح إلا عيونك . .
رتيل تدفنُ ملامحها بعنقِه وهي تستنشق سُمرتِه وبصوتٍ مخنوق : أشششش! لا تقول كذا . . لا تتشائم بهالطريقة! أنت تعرف وأنا أعرف أننا نقدر . . راح نرجع الرياض وراح نكمّل حياتنا . . راح نبدأ من جديد وراح ننسى هاللي صار! . . أنت ماتعرف وش يصير فيني لو تغيب عنِّي؟ . . أنا مقدر . . إحنا قلوبنا بعد ما تتحمَّل! ما تتحمّل والله . . . لا تروح! . . خلك هنا، أنا أحتاجك!
عبدالعزيز وشعرُها البنِّي يهطلُ على وجهه وهو يشدُّ جسدِه بقوة، يعانقها بعنفِ قلبه الذي اصطبر حتى تلاشى صبره : ما أتشائم!
رتيل بضيق : من خاف سلم! .. وأنا قلبي خاف كثير ولا سلَم يا عزيز
عبدالعزيز بخفُوت : كانوا يهددون أبوي لكن ما سمع لهم! . . وماتوا كلهم ولا تركوا لي أحد . . . والحين نفس الأسلوب يستعملونه معايْ . . . أنا ماأتشاءم بس ما احلم كثير
رتيل ببكاء : ليتني ما سمعت كل هذا! . . ليتني ما عرفت كل هذا . . ليتني ما اصريت عليك عشان تتكلم . . . ما احب هالوجع اللي بعيونك . . أحترق يا عزيز فيه
يُتبع
،
بصوتٍ يتوتر لحظة ويتزن بلحظةٍ أخرى، يجلسُ بسكينةٍ على المقعد الجلدِي دُون أن يتحرك به شيء سوى أصابعه التي تتحركُ بموسيقيَةٍ على جانبِ الكرسي : حصل هالشيء بعد الحادث تحديدًا، اضطر مقرن يساعدني وتورط معهم . . . خبينا غادة في مستشفى ثاني و . . قدموا الرشوات للطاقم الطبي المسؤول عن حالتها . . قدرنا نزوّر أوراق كثيرة تتعلق فيها . . حوّلنا إسمها وخليناه يقترن بإسم مقرن بدون رضا منه لكن من ضغطهم عليه . . . فيه أوراق محتفظ فيها مقرن وكانوا يحاولون يآخذونها دايمًا بس كل محاولاتهم تفشل ويساعدهم مقرن بطريقة ثانية غير الأوراق . . لين ما قدرُوا يضبطون له كل هالأفعال ووصلوها لكم بطريقة غير مباشرة بعد . . لما وصلتوا لمرحلة الشك فيه أضطر يختفي عشان يتفاوض معهم بخصوص الملفات اللي عنده من سلطان العيد الله يرحمه لكن . . مقدر يسرب معلومات تخص أمن بلد . . أقتلوه! و الحين مهدديني عشان ما يوصلكم كل هذا! . . . . . لأن سليمان راح ينهي قوة الجوهي بعد ما ينهي الأشخاص الواقفين هنا! . . كانت هذي خطته من بعد حادث العيد . . لكن حاليًا يستعمله آسلي المتعاون مع سليمان ورائد بس بالصدق هو ضدهم لكن يحاول يستغل إندفاعهم . . . عبدالعزيز هو الوجهة الأخيرة لهم . . راح يستدرجونه في الأيام الجاية عشان يروح لهم بروحه بدون أيّ أحد ثاني . . وهناك راح يستعملون إسمه مع شركاءهم . . وعشان يستعملون إسمه أكيد ماراح يكون حيّ . . . . راح يفككونكم .. راح يفككون أساس الأمن هنا . . وراح يضربونكم في بعض . .
عبدالرحمن : آسلي هو اللي كانوا يسمونه صلاح؟
فيصل : إيه
عبدالرحمن بضيق يقف : كل شي قاعد يطلع من سيطرتنا! . .
وصَل سلطان بخطواتِه الثقيلة ليُسرع إليه أحمد : ينتظرونك . . في مكتب بوسعود
سلطان يتجه نحو مكتبه بعُقدة حاجبيْن حادة، فتح الباب لتتجه الأعين نحوه، نظر لفيصل بإستفهامٍ شديد حتى وقف الآخر : أنا مضطر أروح الحين . . مع السلامة . . . وخرج من أمام سلطان دُون أن يتحاور معه بكلمة.
سلطان : وش صاير؟
عبدالله : اجلس وأستهدي بالله عشان نقولك
سلطان : أتمنى بس أنكم ما اتخذتوا قرارات من دوني
عبدالرحمن تنهّد : تطمّن
سلطان يجلس على المقعد بمُقابلهم : وش صار؟ وش قال فيصل؟
مرّت الدقائِق والساعات الطويلة في سماء الرياض وهُم يشرحُون ما قاله فيصَل ثم معرفَة فك الشفرات التي بدأت تختلط ببعضها البعض، والأوراق تنتشرُ في كل مكان حتى الأرض التي جلس بها عبدالله ويحلل مسار قضايا قديمة بدأ الشك يتسلط عليها، جلس كل واحدٍ منهم في زاويَة لمراجعة الأوراق من جديد والملفات التي رُبما تعمل معلومة تساعدهم، تربّع سلطان على الأرض وهو يوزّع بعض الأسماء في الأرض ليُردف : صلاح يتعامل مع فوّاز . . بس مافيه أيّ ملف يحمل إسم فواز . . . . ولا حتى له أيّ وثائق رسمية . . لا جواز ولا بطاقة تحمل هالإسم . .
عبدالرحمن رفع عينِه والساعة تصِل للثالثة فجرًا : دققت بإسمه الكامل؟
سلطان صمت قليلاً حتى أردف : فواز أكيد من طرف سليمان! . . يستعمل هالإسم عشان ما نصيد عليه شيْ!!!!!! . . . و سليمان يلتقي مع رائد بأسامة . . هذا يعني أنه مخططات سليمان تتم بكل هالسرية لأنه يستعمل إسم فواز . . ممكن يكون هو فواز مو شخص ثاني من اللي يشتغلون تحته
عبدالرحمن يقف وهو يسير يمنة و يُسرة : إذا حطينا هالفرضية .. أنه فواز هو سليمان . . كيف حققوا و استجوبوا فواز؟ .. مين كان ماسك القضية؟
سلطان : عبدالمجيد . . بو سطام الله يشفيه
عبدالله : يتعالج في باريس الحين صح؟
سلطان : إيه قبل مدة كلمته كان طالع من غيبوبة . .
عبدالله : هو تقاعد قبلنا بسنة أو . .
عبدالرحمن : معقولة يكون يعرف شي وما حطّه في الملف؟
سلطان يقف وهو يُمدِّد يديْه بإجهاد : بو سطام تقريبًا تقاعد 2007 بعد المشاكل في قلبه وعلى طول راح باريس . . لحظة لحظة . . في الوقت نفسه كان سلطان العيد الله يرحمه مقدّم على التقاعد والروحة لباريس! . .
عبدالله : ما فيه غير نكلِّم عبدالمجيد ونستفسر! . . مستحيل يكون فيه أوراق رسمية ما حطّها في الملف
سلطان : ومستحيل تفوت على عبدالمجيد أنه هالوثائق مزورة وهالإسم ماله أيّ وجود! . . فيه شي ناقص بالموضوع!
عبدالرحمن : كيف نلقى اللي كانوا مع عبدالمجيد في تحقيقه مع هالفوّاز!
سلطان : ووش يضمن أنه تم التحقيق؟ ممكن ماحصل تحقيق وكل هذا كلام!

يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -