بداية

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -166

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي - غرام

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -166

للمرة الأولى أشعرُ بأنني شخصٌ آخر، بأنني عبارة عن أشخاصٌ كثر يعيشون داخلي، عندما نظرت لهم رأيتُ الفرح كغيمٍ مُبارك فوق رأسي، ولكن هُناك شيء يُجمِّد خطواتي ويُبطئها، أنا سعيدة! أنا لستُ اعرف ماهي السعادة تحديدًا. جديًا أنا أنسى مفاهيم الحياة و قوانينها الوضعيـة والفطرية أيضًا، لا أعرف إن كُنت سعيدة، ولا أعرف إن كنت حزينـة، فقط أشعُر بأنني خفيفـة كجناحِ طائر، و ناعمـة كملمسه، أشعُر بالإنتماء للحياة، لأصلِ الحياة، *إتسعت إبتسامتها حتى بانت أسنانها العلويـة في اللحظة التي رأت بها والدتها* فخورة بأنني أتنفسُ مثل الهواء الذي يدخلُ إلى رئتيْكِ يا أمي.
سالت دمعـة رقيقة لتثبت أقدامها على الرخام، اقتربت من والدتها لتُقبِّل جبينها ورأسها وتنحني لكفِّها،بكَت بعاطفة الأمومـة التي لا تقوى مهما كانت المسافات ضئيلة بوداعِ ابنتها : الله يهنيك يا يمـه و يحرسك بعينه اللي ماتنام
هيفاء : آمين . . .
إتجهوا نحو الصالـة المنزويـة في القاعة بقُرب الباب الرئيسي، سمعت أصواتهم الخشنـة التي تنبأ عن قُربهم . .
أغمضت عينيْها بنفسٍ عميق تستجمع قوتها، لتفتحها على ملامح يوسف، اقترب منها وقبَّل رأسها: مبرووك يالشينة
هيفاء تهمسُ بقرب إذنه: على الأقل أجبر خاطري بكلمة حلوة
يوسف بضحكة : مبروووووووك يا هلي أنتِ . . يا بعد طوايفي!
هيفاء إبتسمت بعناقها الحميمي معه: الله يبارك فيك
يُوسف بضحكات السعادة التي تشاركها معها، رفعها قليلاً عن مستوى الأرض ليُردف وهو يرفع عينيْه إليْها : الله يهنيكم يارب ويرزقكم الذرية الصالحة
هيفاء بدمعتيْن مرتعشتيْن همسَت : آمين
ابتعد يوسف ليُتيح المجال لمنصور الذي قبَّلها على جبينها بعُمق الحب والسعادة في قلبه: مبروك يا روح أخوك، الله يهنيكم ويوفقكم
هيفاء أضاء الدمع في محجرها : الله يبارك فيك . . وين أبوي؟
يوسف : بيجي الحين مع فيصل
منصور اقترب من والدته ليُقبِّل رأسها: ورينا إبتسامتك؟ مفروض الحين السعادة مو شايلتك
إلتفت يوسف عليهما ليُردف بخُطى مقتربـة : لا ما تسويها ريّانة وتبكي!!
ضربته بخفَّة على كتفِه ليبتسم حتى بانت أسنانه، قبَّل جبينها وهو يعانقها، بخفُوت : وش دعوى يالغالية تبكين؟ يكفيها دعواتِك وتجيها السعادة كاش! . . بس لا تضيقين صدرك
ابتعد قليلاً للخلف ليسمع أصوات الغنَاء تضجّ بين الجدران، بفرح غامر أخذ والدته ليُراقصها ويغنِّي لها، رفع " عقاله " ليُشاركه منصور ليرتفع سقف شاهق من الفرح والسعادة، دخلت ريم لتتسع إبتسامتها عندما رأتهم، هذه الفرحة مغريـة للتجسيد،للرسم،للكتابة،للتصوير، لكل الأشياء الجميلة، مغريـة جدًا بأن تكون كالوسم في صدورنا، لا شيء أعمق من عاطفـة العائلة إن اجتمعت، لا شيء أسعدُ من ضحكاتهم و جديلة الفرح المعقودة على رأسِ أمي، خفتت الأصوات لتجلس والدتهم بسعادة لا تُقدَّر بمقدار.
ريم بنشوة الفرح: ما بعد جوّ؟
يوسف: للحين تلقينهم بالزفّة انا ومنصور قلنا نجي قبلهم . . تعالي بس صورينا
ريم: لحظة . . أخذت الكاميرَا لتثبتها على الطاولة وهي تضع علبة المناديل تحتها، وضعت المؤقت لتهرول سريعًا نحو " الكوشـة " انزلقت ليمسكها يوسف وعلى صدى ضحكاته العاليَة إلتقطت الصورة.
والدتها : بسم الله عليك!
ريم بهيستريَة ضحك : رجلي ما عاد أحس فيها!
يوسف جلس بإستنزاف الضحك: عز الله أنه وجهك ينقص حظ الواحد!
ريم رفعت نفسَها لتقف بثبات: إيه طقطق عليّ هالمرّة مسموح!
يوسف رفع حاجبه بإبتزاز واضح: طبعا مسموح!
ريم شتت نظراتها بحرج لتُردف: طيب يالله بسرعة روح أنت أضغط على الزر اللي على اليمين عشان نصوّر قبل لا يجون
منصور مسح وجهه من الضحك الذي غرق به: قسم بالله عايلة محششة! . . أخلصوا يالله
يوسف ضغط الزر ليقف بجانب هيفاء و الإبتسامات الزهريـَة تُجمِّدها " لقطة ".
ريم تنظر لجمُود هيفاء لتلفظ : هيوف بلعت العافية!
يوسف يُشير بيدِه أمامها: بوعيْك؟
هيفاء بضياعٍ تام: إيه
يوسف بإبتسامة : ريلاكس . .
هيفاء تنهدَّت : أحس بيغمى عليّ
يوسف: أصبري بس دقيقتين وأغمي على صدره
والدته : يوسف!!! . . لا توترها
يوسف بإبتسامة: نمزح! . . هيفا طالعيني . . . نظرت إليْه ليُكمل . . الحين الواحد كم مرّة بيفرح مثل هالليلة؟ حرام تضيع بتوتر وضيق؟ أفرحي يا بنت عبدالله ولو تبين ارقصي! . .
هيفاء ابتسمت لتُردف وهي تتنهد لتهدئة رعشاتها: طيب . . طيب
منصُور : جوّ . .
ريم : لحظة بطلع . .
يوسف إبتسم لها إبتسامة ذات معنى حميمي عميق، إبتسامة تُسكِن رعشاتها وتُطمئنها، إبتسامـة أخويـة علوِّها شاهق.
دخل والدها وعينيْها تضيعُ بالأقدام والأرض، اقترب منها ليقبِّل رأسها: مبروووك . . الله يهنيك يا يبه ويحفظك بعينه
هيفاء رمشت لتسقط دمعة جاهدت أن تحبسها في محجرها، برجفة صوتها: الله يبارك فيك . . قبَّلت رأسه بوضعٍ لا تعرف كيف تصف مشاعرها.
سقطت عينها عليه لتُشتتها بعيدًا، مسك عبدالله يدِ فيصل بحنيـةِ الوالد الغائب: الله يهنيكم ويرزقكم الذرية الصالح
بإبتسامة صاخبة تُقيم أعراسًا في قلب هيفاء، أتى صوتُه المُسكِر : اللهم آمين . . إلتفت نحو أم منصور ليقبِّل رأسها.
أم منصور : مبروووك يا فيصل منك المال ومنها العيال
فيصل : الله يبارك فيك . .
ارتعش للحظة وهو يقترب من هيفَاء، تجمدَّت أطرافه ليُثبت أنظاره بإتجاهه، عيناه تخذله ولا تنظر إليْها، تشتت بملامح الجميع عداها، بإبتسامة جعلت أمر الكلمات صعبـَة، نطق بعُمق الربكـة: مبرووك
هيفاء بعد ثواني طويلة همست بخفُوت : الله يبارك فيـ . . فيك
لحظاتٍ طويلة كان الصخب في كل مكان عدا قلبيهمَـا، صُمَّت أسماعهما أمام تصاعد الفرح، صمتٌ ينام على شفاههم و كلمات المباركة تتهاتفُ عليهما، تمرُ الدقيقة تلو الضحكَة، وتمرُ الثانيـة تلو الرعشـة، تتكاثرُ الدقائِق وتزداد ربكتهُما.
توقعت أن لا ارتبك، أن لا تضيع الكلمات من حافـةِ شفاهي! ظننتُ أنني بمزاجيـة جيِّدة لحفل زفاف لا أكثر، ظننتُ هذا حتى وقفت أمامها، أُدرك أنه أسأت الظن بحجم دهشـتي والفرح المنصَّب في قلبي، أنا على يقينٍ تام أنني سعيد فوق كل الكلمات المختصرة والمنضبة على أمرها، سعيد جدًا بعينيْها.
خلَت الصالة المتوسطـة بحجمها مقارنـةً بصالة الفرح الرئيسية التي يقف عليها أحبابهم، دخلت ريف المهرولـة بعبث فستانها القصير، أنحنى إليها فيصَل ليرفعها ويغرق ملامحها البيضَاء بقُبلاته.
همست بشغب: مبروووك
ضحك بنبرةِ صوتها الناعمة التي تلفظ الكلمات بطريقة التسميع : الله يبارك في الشيخة ويخليها
إبتسمت لتنظر لطرفِ بشته الأسود بذهول عقلها الذي يكتشف رداءً جديدًا، من خلفها والدتها، اقتربت منه ليعانقها بقُبلة عميقة على رأسها.
: مبروووك يا يمه
فيصل: الله يبارك فيك
أبعدها حتى ينظرُ لعينيْها المكتظة بالدمع، بإبتسامة: وش قلنا؟
والدته بلعت غصتها لتُردف بإبتسامة فسيحة: الله يوفقكم يارب ويهنيكم . . اقتربت من هيفاء التي تنصهر بحرارة جسدها المرتفعة تدريجيًا، عانقتها لتمتص رجفة جسدها.
،
في ساعاتِ الليل الأولى بأقصى بقاع الأرض، مُستلقي على السرير بملامح الأموات الشاحبة الباردة، ينتظرُ بصيص أمل في الحياة ولكن لا إنتظار يكسبُ به.
جلس الدكتُور ذو الجنسيـةِ الكويتيـة بمُقابله: شلونك اليوم يا تركي؟
تركي : تمام
الدكتور: عارف أنه ماهو مسجّلة هالليلة في مواعيدنا! بس تدري يا تركي أنا أحس بمسؤولية إتجاهك خصوصًا! يمكن عشانك سعودي وقريب مني! وممكن لأني ماني راضي على حالك ولا راح أرضى . . . اشرح لي شلون تمام؟
تُركي بضيق الكرة الأرضيـة المتحشرجة في صدره : ماني تمام! . . أنا اشتقت لها ليه ماتفهموني!!! أنا ما أبي أضرّها . . والله ما أبي أسوي لها شي . . أبيها سعيدة دايم
الدكتور: و الضرر في داخلك وش تفسره؟
تركي: ما أبي أبكيها
الدكتور: بس أنت بجيتها؟ صح؟ *بكيتها*
تركي: هي تفهمني غلط
الدكتور: لأنك كسرتها . . تصوَّر معي لو رجعت لورى! ليوم الحادثة! . . بتسوي نفس اللي سويته؟
تركي: لا
الدكتور: يعني أنت معترف أنك غلطت! والإعتراف هو بداية التصحيح . . يا تركي أفهم شي واحد المسألة ماهي غلط في دينك وفي بيئتك بس؟ هالمسألة فطرية! غلط في كل حضارات هالعالم من أنخلقت البشرية! . . كيف تشوف واحد ينجذب لأمه؟ يشتهي أخته؟ . . غلط هالشي يا تركي ولا لأ؟ حتى أكثر المجتمعات تحرر ما تقبل بهالشي! فكيف بديننا؟ . .
تركي بحُرقة صدره الذي يشتعل: أنا أحبها! أبيها دايم قدامي! بس أسمع صوتها!! . . ارتاح لما أشوفها يا دكتور ياسر
ياسر: إبن تيمية رحمه الله قال كل من أحب شيئا لغير الله فلا بد أن يضره محبوبه . . محد بيساعدك بعد الله الا نفسك . . حاور نفسِك وشوف أنت شنو اللي تبي توصله؟ .. حُبك ماهو لله وكل شي ماهو لله مخالف للفطرة الصحيحة . . أنت أنخلقت وفي داخلك إنتماء للي خلقك، وكل أعمالك هي نابعة من إنتماءك للخالق! أنت ليه تصلي؟ ليه تصوم؟ ليه تستغفر؟ ليه وليه أشياء كثيرة؟ كلها بسبب واحد اللي هو رضا الله . . رضا من خلقك . . تخيَّل معي أنك تعزم شخص لبيتك وتكرمه وتضيّفه لكن بعد فترة يجحدِك ويبدأ يسيء بأفعال كثيرة ممكن ما تنتقص منك شي بس تضايقك لأنك قدمت له أشياء كثيرة لكن هو ما قدَّرها! . .ولله المثل الأعلى! كيف ببساطة تجحد سنين من عُمرك رزقك فيها الله الأكل واللبس والأمان والإستقرار! . . كيف تجحدها يا تركي؟ انا أكلمك الحين بمبدأ فطرِي . . بعيدًا عن تصرفاتك اللي طافت!
تُركي بلا جواب ينظر للنافذة التي يتساقط عليها الثلجُ بكثرَة، ياسِر : أنا ماأقولك غيّر نفسك بيوم وليلة، ما اقولك خلاص لا تحب هالإنسانة! . . أنا أبيك توقف وقفة صادقة مع نفسك اللي بكرا راح تحاسب عليها! . . خلني أعطيك إياها على بلاطة على قولتكم في السعودية . . أنا ممكن ما قدّمت شي في حياتي صالح! لكن مستحيل مستحييل أحد يرضى يعيش بعكس فطرته . . طيب خلاص تبي تعيش على هواك! ماعندي مشكلة عِيش مثل ماتبي لكن هل أنت سعيد؟ . . مو سعيد يعني شنو اللي استفدته؟ . . قاعد تتعذَّب! لكن تصوّر لو كان هذا حُب عفيف من إنسانة ما تحرم عليك! . . يا تركي أبي أوصلك شي واحد . . أننا احنا كلنا نغلط . . أنا غلطت في حياتي وأنت غلطت وكلنا غلطنا! لكن خيرنا التوابين . . . . أنت دمرت نفسك! ودمرت علاقتك بأهلك كلهم! . . ونفسك توّ تقول لو يعيد الوقت نفسه مستحيل تكرر فعلتك . . يا تُركي أنت قادر! الله عطاك نعم ماعطاها لغيرك . . شدّ على نفسك شويّ وجدد وصلك بالله . . وكل أمورك بتتسهَّل وماراح تحتاج لا لدكتور ولا غيره . .
تسقط دمعة حارِقة من محجر عينِه اليسرى دُون أن يخرج صوتـِه بكلمة، يتعذبُ بحبها وبإشتياقه لها.
ياسر: خذيت لك إذن من المستشفى! . . بكرا راح آخذك لمكان تغيّر جو فيه ونفضفض شويّ . . تمام؟
تُركي بصوتٍ مخنوق : والله العظيم أني فرحت لما حفظت القرآن . . والله العظيم ما أبي أضرّها
ياسر وقف ليقترب إليْه : وأنا والله العظيم مصدقك . . وراح تفرح أنا متأكد لما تعرف أنك صححت نفسك!!
،
يُقطِّع البرتقالة بسكينٍ حاد ليرفع عينيْه : حمار! ماعليك شرهة
أنس: أنا وش يدريني! قلت ناصر واضح بالصور مايحتاج أكتب تلميح عنه . . يكفي بوسعود
عُمر: كِذا ولا كِذا الحين بتلقى عبدالعزيز أنهبل!!! بيشك في ناصِر وساعتها ..
يتصنع النبرة الطفولية بخبث ليُكمل : نتصل ونقول تعالوا يا جماعة! لقينا القاتل يدور في الشوارع
أنس بضحكة : عاد لو يجيب أحسن محامي ماراح يطلع من هالقضيَة! كل الأدلة تدينه . . بيخيس في السجن لين يقوده الشيب!
عُمر يُلحن الكلمات : و بيتفككون! . .
دخل أسامـة لينظر إليهما بتقزز: وين سليمان؟
عُمر: وش فيك تكلمنا من طرف خشمك؟
أسامة يجلس بمُقابله ليسحب جزء من البرتقال ويمضغه : احس رائد شاك فيني مع أنه ما تصرف بأيّ شي يخليني اشك بس كلامه معي يشككني
عمر : اللي على راسه بطحا يحسس عليها! . .
أسامة : مانيب ناقصك . . وين سليمان؟
أنس: فوق . . ما قلنا لك وش سوينا؟ . . أرسلنا صور يحبها قلبك لعبدالعزيز وكتبنا له بعد
عُمر : أنت اللي كتبت له لا تجمعني معك !
أنس تنهَّد : المهم خليناه يولِّع وراح يشبها قريب في بوسعود وسلطان . . عرف عن موضوع أخته
أسامة لاحت إبتسامته : وش هالأخبار الحلوة؟ . . وسليمان يدري؟
أنس : لا بنبلغه بس هو حاط عليّ أنا و عُمر فخلنا مؤدبين هالفترة قدامه
أسامة : وخله يدري والله ثم والله لا يجيب أجلك أنت وياه! . . مهبّل تتصرفون من كيفكم!
عُمر تأفأف ليستلقي على الأريكة: أكرمنا بسكوتك وخلني أستمتع بروقاني! . . أحمد ربِّك ماجبت معي بنته
أسامة رفع حاجبه : بنته!
أنس بحماس : بنت بوسعود الثانية كانت موجودة و زوجته بعد
أسامة : بنته اللي هي زوجة عبدالعزيز؟ أنهبلتوا!!!
عُمر : لمحتها بس مدري هي ولا زوجته . . بس زينهم والله من زين أبوهم! ولا اللي يشوف عبدالرحمن وش يقول؟ . . سبحان الله يخي فيه ناس مهما يكبرون تبقى أشكالهم ثابتة وشباب . .
أسامة: لمحتها! وفصلتها تفصيل ماشاء لله على عيونك
عُمر : أصلاً هم ما يطلعون من البيت . . بس يوم غيّرت مكاني ورحت ورى شفتها وهي داخلة! . .
أسامة : وشسمها ذي اللي جابها فارس! بنته الثانية بعد تشبه أبوها!
أنس: قضت السوالف صرتوا تسولفون بأشكال الحريم بعد!
عُمر: خلنا نتمتع يا حبك للنكد! . . كيف شكلها بنته اللي عند رائد؟
أسامة : شفتها مرة وحدة! ما ركزت بس تشبه أبوها . . نفس عيونه
عُمر : والله شكلها بنته اللي شفتها! . . تخصص عيون . . هي وين راحت مع فارس؟
أسامة بعصبية: مدري عنه هالكلب! . . أنا مستغل حالة حمد الحين أبيه يخرب بينه وبين الكلبة اللي معه بعد
عُمر بضحكة: وش فيك خربتها! توّك محترم صارت الحين كلبة!
أسامة : أنت ماتدري! يقولك أبو سعود معلِّم بناته على الرمي والفروسيـة بعد! ماتشوف مزرعته كنك داخل ساحة حرب!! . . أنا أحس بنته ذي اللي مع فارس وراها شي! . . مستحيل فارس كِذا يشك فيني! لأنه كان نايم وأنا متأكد أنه نايم
عُمر : والله عاد الحين يا ولد أبوك مستحيل تتعدل علاقتك مع فارس! شاك فيك شاك! ولا وصل شكه لرائد منت معيّن خير
أسامة : حمار أنت! مو المشكلة صارت قدام رائد بس ما شك ولا قال شي لأن دايم فارس يتبلى علينا يعني متعوّد
عُمر رفع حاجبيْه بإستغراب: رائد مو غبي! . . والله مدري يخي حتى بناته شقَا الله يآخذهم
أسامة : بس أنت ملاحظ معي! بناته كلهم الله معذبهم! . . إثنينتهم تزوجوا بدون رضاه!!!
عُمر : والله ياأني ذيك الليلة مانمت من الوناسة! أنا يوم عرفت منك أنه عبدالعزيز قال لرائد أنه زوجته وأنا قايل بتصير مصايب قومية بينهم! . .
أسامة: أصلاً هذا الموقف اللي تقربت فيه لفارس وعلمته قلت كود يحبني! بس جحدني الكلب عقبها!!
عُمر : لأن فارس داهية! والله داهية وقلت لك إذا أنت تفكر بعقل واحد هو يفكر بعقلين الله يآخذه أخذ عزيزٍ مقتدر!!! . . قسم بالله مب صاحي! تحسه يتعاون مع الجن! كل شي يعرفه . . كل شي يدري فيه قبل أبوه . . المشكلة أنا مايخوفني الا سكوته .... ذولي اللي يجونك هاديين وكلامهم قليل يرعبون يخي! . .
أسامة : أنا بس آمنت بشي واحد من عقبه! أنه الواحد مفروض ما يخاف من الناس الأذكياء واللي يبينون ذكاءهم مفروض يخاف من الناس اللي يبيّنون غباءهم! . . ماتوقعت أنه فارس بهالصورة الوحشية يا رجل!!
عُمر : والله أني قلت لك من سنة جدي! أنه فارس شيطان مثل أبوه وألعن!
أسامة: يالله هذانا استفدنا من هالدرس! عشان ثاني مرة نفتح عيوننا على اللي مسوين نفسهم مايدرون وين الله حاطهم!!
عُمر : تدري وش طينته؟ نفس عبدالعزيز لكن عبدالعزيز يآكلك بلسانه أما ذا هادي وهدوءه يخوّف! . .
أسامة ضحك وهو يسترجع موقف عبدالعزيز مع رائد : الله لا يحطك في لسان عبدالعزيز! ما شفته يوم هرب من رائد . . مسح فيه البلاط ..
عُمر بحسرة : آآآخ ليتني كنت موجود! لين يومك ذا وأنا متحسف ودي أشوف وش سوَّا فيكم!
أسامة: وذا اللي هامك! قلبي كان حاسّ أنهم ما اختاروا عبدالعزيز عبث! لعنبو إبليسه قدر يهرب مننا كلنا!
عُمر : لأنكم حمير مع كامل عدم إحترامي!! .. هو وفارس شياطين الله يآخذهم بحريقة تحلل جثثهم
يُتبع
،
الساعـة تُقارب للثالثة فجرًا بتوقيت الرياض الناعسـة، وقفت خلف الباب كثيرًا، ترددت بفتحه للحظات طويلة لتعود بخطواتها للخلف، نظرت لنفسها بالمرآة، بربكـة أخذت شعرها المنسدل على كتفيْها لجانبٍ واحد، اقتربت من باب الغرفـة وهي لا تعرف كيف تخرج بثبات، مرَّت ساعة كاملة على كلمته الأخيرة " بنتظرك هنا " ، لابُد أن إنتظاره طال ولا بُد أن العشاء قد تجمَّد بالبرودة أيضًا، يارب.
تنفست بعُمق لتفتحه، نظرت للجناح الذي يبدُو فارغـًا، إلتفتت لتبحث عنه بعينيْه ولم تراه، بخُطى خافتة اقتربت للجانب الآخر من الجناح لترآه يُصلي.
تراجعت للخلف لتعود للصالـة، جلست على الأريكة وهي تنتصب بظهرها متظاهرة بأنها لم تراه، جمعت كفيَّها في حُجرها لتثبت أنظارها على الطاولـة. شعَرت بأن اللحظات تنخفضُ حرارتها.
سلَّم فيصل من صلاته ليقرأ بعض الأذكار التي يحفظها عن ظهر غيب، غرق بتفكيره وهو جالس على السجادة، يشغلُ فضولـه كيف من الممكن أن المكياج يغيِّر لونها بهذه الصورة؟ قبل فترة كانت سمرَاء فاتـنة والآن بيضاء أشدُ فتنـة. قرَن كل تساؤلاته بأنَّ كل هذه أدوات المرأة الخارقة التي لا يفهم منها شيء، وقف ليطوِ السجادة ويضعها على الطاولة، تنهَّد بعُمق ليتجه بخُطاه وتسقط عينيْه عليها، وقف وهو يتأملها من الخلف، غاصت نظراته بشعرها المموَّج الذي تُحركه بأصابعه مرةً لليمين ومرةً لليسار، تبدُو الربكة واضحة من رعشة أصابعها التي تتلاعبُ بخصَلِ شعرها، دقيق جدًا لأبسطِ التفاصيل، للقرط الذهبي الناعم الذي يُزيِّن لحمةُ إذنها، للسلسال الذي يُقيِّد معصمها اليمين، لأنفاسها المضطربـة التي يصِلُ صداها نحوه، تنحنح ليتقدم بخُطاه المتوترة أكثر منها، أصطدم فكيّها بربكة دُون أن ترفع عينيْه نحوه.
فيصل لا يعلم ما سر الضحكة التي أقتربت من شفاه، حبسها في داخله خشية من أن يُقال عنه " قليل ذوق "، توتَّر ولا يعرف ماذا يقول : آ . . حكّ عوارضـه القصيرة المرتبـة . . آآ . . خلينا نتعشى!
هيفاء شدَّت على شفتها السفليَة حتى لا تفلتُ منها إبتسامة بمسماها " قليلة حياء "
فيصل وقف ليأخذ كوب الماء الذي أمامه ويشربه بدفعة واحِدة، إتجه نحو الطاولة التي تتوسط المكان ليعود للخلف فهو يُدرك تمامًا من الذوق أن تتقدم النساء أولاً، هيفاء تنحنحت هي الأخرى من التوتر الكبير الذي يُصيبها، جلست بمُقابله ولا صوت يصدر منهما ولا من الأطباق التي أمامهما.
فيصل تمتم: أستغفر الله . . مسح على وجهه ليرفع عينه إليْها . . تمنى لو لم يعتمد على نفسه بهذا الأمر، لم يتوقع ولا لـ 1% أنه سيحصل على كل هذه الربكـة والتوتر، في داخله أجزم بأنه كان يحتاج أن يستمع لنصائح يوسف حتى لو أتت " حقيرة " بمفهومه.
بعفويـة : معليش بس ماني متعوَّد
هيفاء حبست ضحكتها من الربكة ليخرج صوتٌ بسيط ينبؤ عن حبس هذه الضحكة.
فيصل إبتسم بلا حول ولا قوة ليُردف : أقصد . . تنحنح قليلاً . . يعني . . وش رايك نآكل ؟
هيفاء رُغمًا عنها أفلتت إبتسامة ناعمة على محيَّاها دُون أن تضع عينها بعينيْه.
فيصل يشرب كأس الماء الثاني بدفعة واحِدة.
هيفاء أخذت كأس الماء لتشرب رُبعه تُخفي به حرارة الربكة .. مرَّت الدقائق الطويلة دُون أيّ صوتٍ يذكر سوى إصطدام الملاعق بالأطباق، لا حديث يُجرى بينهما وسط ربكـة تامة تصِل لأقصى مدى.
فيصل رفع عيناه إليْها ليسرَح بها، أطال النظر وغرق بتفكيره، حتى شعرت بنظراته المصوَّبة بإتجاهها، إلتقت عيناها بعينيْه وسُرعان ما شتتها.
حسّ على نفسه ليضع ذراعه على الكرسي الفارغ الذي بجانبـه: فيك النوم؟
رفعت عينيْها بدهـشة أحمرَّ بها جسدها بأكمله، أخفضت نظرها باللحظة التي أندفعت ضرباتُ قلبها إتجاه صدرها بقوَّة.
فيصل تشنجت شفتيْه التي أفترقتَا بمسافةٍ قصيرة : آآ . .مو قصدي .. أقصد قلت عشان . . نجلس بس هذا كان قصدي . . أنه يعني إذا مرهقة وكذا
صمتَا لثواني طويلة ليُردف بخيبة أمل كبيرة في تصرفاته التي تأتِ بالمعنى النجدي البحت " جاب العيد " : أنا آسف . .
هيفاء بلعت ريقها بصعُوبـة، لتقف: عن إذنك . . إتجهت نحو المغاسل.
فيصل تنهَّد ليمسح على وجهه بلومٍ لاذع لقلبه، سمع صوت المغسلة التي خلفه دُون أن يلتفت، حسّ بوقاحته للحظة.
أخذت نفس عميق وهي تمسح يديْها بالمناديل الورقيـة، وضعت يدها على خدِها المشتعل بالحرارة، اقتربت بخُطاها نحوه لتعود لمكانها، أخذت كأس الماء لتشرب نصفِه برعشة تامة.
فيصل بدأ يُحرِّك الشوكة بطبقه دُون أن يأكل لقمة واحدة، تفكيره ينحصر بدائرة واحدة هذه اللحظة " كيف أقول جملة مفيدة؟ "، أيقنت أن ليلة الزواج مُربكـة لأشدِ الرجال. لم يرفع عينيْه منذُ جلست.
ودّ لو يحدثُ أيّ شيء أمامه حتى يتكلم عنه ويخترع بدايـةٍ للدردشـة، " ليلنا طويل يا هيفاء ".
اقترب أذان الفجر ولم يفتحَا أيّ حديثٍ تندمج به أصواتهما. تنهَّد ليجذب عينيّ هيفاء ناحيته، فيصل بإتزانٍ أكثر: سولفي لي عن إهتماماتك!
هيفاء بلعت ريقها لتُردف بشعورها القريب جدًا منه، تُدرك حجم ربكته المندرجة بين شفتيْه : آآ . . مدري
فيصل حك جبينه للحظة لينظر إلى عينيْها المضيئتيْن، استغرق تفكيره بها ليُردف : وش تحبين؟ . . وش ميولك يعني؟
هيفاء تشعر بغباءٍ شديد من أنها لا تميل لشيء : بصراحة . . يعني . . مافيه شي معيّن
فيصل : يعني أنا أحب الشعر . .تحبين الشعر؟
هيفاء لا تعلم أيّ إجابة يجب أن تُجيب بها حتى تظهر بمظهر لائق: الشِعر! . . عادي . . يعني . . *تنحنحت لتُكمل* . . أقرأ أحيانا
فيصل : مين تفضلين من الشعراء؟
هيفاء شعرت بورطة حقيقية، لا تحفظ ولا إسم، بدأت تسترجع ذاكرتها أيّ إسم لتُردف : سعود الفيصل . . بدر عبدالمحسن
فيصل بإبتسامة: قصدِك خالد الفيصل
هيفاء تجمدَّت بمكانها من حُمرة/حرارة اندفعت بوجهها، بلعت شفتِها السفليَة من شدِّها العنيفُ عليها، نظرت لكل الأشياء امامها عداه، مسكت قرطها الناعم بتوتر: لخبطت بالإسم
فيصل إبتسم ليحبس ضحكة عميقة في جوفه، أردف: وش بعد؟
هيفاء بإحراج شديد : بس
فيصل : ما تسمعين فصيح؟
هيفاء أدركت فعليًا أنه له ثقافة واسعة بالشِعر تجعلها لا تُفكر بأن تكذب عليه بكلمة : لا
فيصل : و وش تميلين له بعد؟
هيفاء بتوتر تنطق الكلمة بثواني طويلة: ماعندي ميول معيَّن، يعني أشياء كثيرة تجذبني
فيصل بإستدراج لمعرفـة ميولها الفكريـة : وش كانت مشاريعك بالجامعة؟
هيفاء فعليًا شعرت بأنها فاشلة مع مرتبة الشرف أمام توجهاتِ عقله لتُردف ببلاهة : ولا شي
فيصل صمت للحظة ليُردف : ما سويتي شي بالجامعة؟ يعني معارض أشياء زي كذا!
هيفاء : يعني ماكان فيه مشاريع بجامعتنا وكذا . .
فيصل : و متى مفكرة بالوظيفة؟
هيفاء بلعت ريقها : آ . . يعني . . قريب إن شاء الله ببدأ أبحث لأن أكيد ما أحب الفراغ
فيصل : حلو! أشترك معك بهالصفة أكره الفراغ بشكل فظيع
هيفاء أكتفت بإبتسامة بسيطة وهي في داخلها تعلم أنه ثلاث أرباع عُمرها قضته فارغة والربع الآخر قضته بتفكيرها كيف تحول أوقاتها لفراغ.
فيصل : تحبين فن الكولاج؟
هيفاء تجمدت ملامحها ليُردف حتى لا يُحرجها : الكولاج بالصور . . يعني تلصقين أشياء مع بعضها وكذا
هيفاء بصراحة تامة حتى لا تُحرج نفسها أمامه أكثر : ما أعرفه . .
فيصل : إذا جينا بيتنا بوريك غرفة أنا مضبط جدرانها بالكولاج بصور قديمة لي ولأبوي الله يرحمه وللعايلة
هيفاء: الله يرحمه . .
فيصل : آمين . .

يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -