بداية

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -174

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي - غرام

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -174

الجوهرة : طيب . . أنتظرك . . أغلقته ليدُور عقلها بأفكارٍ كثيرة عنه، أن تفقده حيًا أمرٌ بغاية الصعوبة كيف لو كان ميتًا! لا يُمكنني تخيَل الحياة بعدِك، أُفضَل أن أموت معك ولا أموت من حياةٍ دُونك، يالله يا سلطان! ليتَك تفهم وتعرف أمرُ الحب الذي يهرول بقلبي عبثًا، ليتك تفهم معنى أن أسقط بأنينٍ يستأصل جذوري وخلايايْ، ماذا ستخسَر لو تتنازل قليلاً؟ ما ستخسَر لو فقط تُشعرني بأنني أهمك كما ينبغي، مجروحة مِنك، مجروحة من الكلمات التي تخرج منك بصورةٍ بشعة، مجروحة من عينيْك التي تُكثر لوْمها عليَ! مجروحة و موجوعة مِنك.
طرقت أفنان الباب المفتوح : انزلي تحت . . مجتمعين وناقصنا أنتِ
الجوهرة بملامحٍ شحبت بلونها : جايْتك بس أنتظر إتصال
أفنان : فيك شي؟
الجوهرة هزت رأسها بالنفي وعينيْها تضيعُ بالفراغ.
أفنان بشك : تكلمي وش فيك؟
الجوهرة نظرت لهاتفها الذي يُضيء بإسم حصَة: شوي وأجيك
أفنان بإستغراب : طيب ..
أجابتها : ألو . .
حصَة بهمس: دقيقة خليك معي . . . دخلت إليه وهو يُعدَل نسفَة شماغه : سلطان
إلتفت عليها : سمَي
حصة : سم الله عدوك . . آآآ . . مدَت إليه الهاتف.
سلطان بحاجبٍ مرفوع إستغرابًا : مين؟
حصة : ردَ بنفسك . . بمُجرد أن أعطته الهاتف حتى خرجت وأغلقت الباب من خلفها.
سلطان بصوتٍ يظهرُ عليه نتوءاتِ المرض والبحَة : ألو
أشعرُ وكأن الهواء ينجلي بنبرته، أشعرُ بأني أفقد تمامًا قدرتي على الحديث بحضرةِ صخبه، صوتُه المتعب ما سرَه؟ لو أنني أقدر على مداواته، تُتعبني يا سلطان من تَعبك.
سلطان أبعد الهاتف لينظر للإسم، أمال فمِه من حركة عمته به ليُعيده إلى إذنه : أتمنى إتصالك ما يكون شماتة!!
الجوهرة بخفوت : محشوم . . كيفك؟
سلطان ببرود : تمام!
الجوهرة : قالت لي عمتك أنك طلعت من المستشفى اليوم . . الحمدلله على سلامتك
سلطان : الله يسلمك . .
الجُوهرة بضيق : سلطان
سلطان : مشغول مضطر أسكره . .
الجوهرة بمُقاطعة سريعة : لحظة! . . بس بقولك شي
سلطان بسخرية : وش الشي؟ . . حامل! مبرووك حبيبتي
الجوهرة بصدمة تجمدَت أصابعها وجسدِها بأكملها، شعرَت بأن هذا العالم باكمله يحشرُ نفسه بصدرها ويقبضُ على نبضاتها، لم تتوقع ولا للحظة أن يلفظها ببرود هكذا! ولم تتوقع ولا بنسبة ضئيلة أن تُخبره حصَة، كيف يستقبل خبرًا مُهمًا بهذه الصورة السيئة التي تُفقد الخبَر بريقه؟ كيف يقوَى أن يكون باردًا حتى بأمرٍ مهم كهذا! يالله يا سلطان! يا قساوتِك! ما تحمله ليس بقلب! لوهلة أشعرُ بأن ما في صدرك حجرًا لا يشعُر ولا يحسَ! من أين خرجت ليْ؟ من أين حتى تسلبُ كل قوَايْ وتشدَني إليْك! من أين أتيْت حتى تذلَني بهوَاك! لمرةٍ واحدة فقط أشعرني بأن كل جزء مني هو مهم بالنسبة لك، لمرةٍ واحدة فقط أجعلني أستشعرُ بأنك زوجي ولست حبيبي فقط.
برجفة : أيش!!!
سلطان : هذا اللي تعلمتيه و ربَوك عليه؟ أنك تخبين عليَ!!!
الجوهرة : سلطان . .
سلطان بغضب : لا تقولين سلطان!
الجوهرة : فاهم غلط . . لو كنت مكاني . .
سلطان بحدَة : ماأبي أكون مكانك! ما قصرتي علمتي العالم كلها بس أنا لان . .
الجوهرة بوجَع : لو تعرف بس أنه وقتها . .
يُقاطعها بغضب يزيدُ تعبه تعبًا : ما أبغاك تشرحين وتبررين! . .
الجوهرة بإصرار : إلا بشرح لك وأبرر . . تهمني يا سلطان
سلطان : واضحة هالأهمية! . .
الجوهرة تساقطت دموعها بمواساةِ صوتها الذي يزدادُ ذبولاً : ممكن ترتاح الحين وماتروح الشغل وتزيد تعبك!
سلطان : شكرًا على إهتمامك . . ماأحتاجه
الجوهرة بغضب : سلطان
سلطان بحدَة : . . .
،
شعَرت بالهدوء الذي يحفَ المنزل، نظرت لشاشة الحاسُوب التي أمامها، أُدرك فداحة ما أفعله ولكنك يا عزيز لم تترك لي فرصَة، هذه المرَة من تهجرك أنا ولست أنت، هذه المرَة لن يكون الخيَارُ عائِدًا إليْك، لمرَةِ واحدة أُريد أن أهزمك بطريقةٍ ملتويَة أستخدمتها معي كثيرًا، لمرةٍ واحِدة أُريد أن أكون لئيمة إتجاهك، حتى تبرد حرارة القهر الذي زفرتهُ بيْ، إلتفتت عليه بمُجرد أن شعرت بخطواته، اندهشَت لتتجمَد بمكانها، عبدالعزيز يقترب ناحيتها بغضبٍ يعتلي ملامحه : أنتِ اللي تجبريني أتصرف بهالطريقة
رتيل بلعت ريقها وهي تعرف ماذا يُريد أن يفعل بها، وقفت لتبتعد لآخر زاويـة في الغرفَـة وعيناه تشرحُ بطريقةٍ ما كيف ستكون الإهانة مؤلمة بحقَها.
رتيل : . . .
،
يأتِ صوته واضحًا بجانب إذنه ليلفظ : أنهينا لك موضوع فارس! أما ناصر بالسجن عطني بس يومين وتدفنه بنفسك.
.
.
أنتهى نلتقي على خير الجمعة ()
رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية، بقلم : طِيشْ !
الجزء (٧٤)
+ يارب يارب يارب يقّر عيننا بنصِر سوريَا وبلاد المسلمين ويحفظ شعوبنَا العربيَة والإسلامية من كل شر، ويحفظ " مالِي " ويحفظ أرضها وأهلها من كل سوء.
المدخل لـ يزيد بن معاوية.
سَألْتُها الوصل قالتْ :لا تَغُرَّ بِنا
من رام مِنا وِصالاً مَاتَ
بِالكمدِ
فَكَم قَتِيلٍ لَنا بالحبِ ماتَ جَوَىً
من الغرامِ ، ولم يُبْدِئ
ولم يعدِ
فقلتُ : استغفرُ الرحمنَ مِنْ زَلَلٍ
إن المحبَّ قليل الصبر
والجلدِ
قد خَلفتني طرِيحاً وهي قائلةٌ
تَأملوا كيف فِعْلُ الظبيِ
بالأسدِ
قالتْ:لطيف خيالٍ زارني ومضى
بالله صِفهُ ولا تنقص ولا تَزِدِ
فقال:خَلَّفتُهُ لو مات مِنْ ظمَأٍ
وقلتُ :قف عن ورود الماء لم
يرِدِ
قالتْ:صَدَقْتَ الوفا في الحبِّ شِيمتُهُ
يا بَردَ ذاكَ الذي قالتْ على
كبدي
واسترجعتْ سألتْ عَني ، فقيل لها
ما فيه من رمقٍ .. و دقتْ يداً
بِيَدِ
وأمطرتْ لُؤلؤاً من نرجسٍ وسقتْ
ورداً ،
وعضتْ على العِنابِ بِالبردِ
وأنشدتْ بِلِسان الحالِ قائلةً
مِنْ غيرِ كُرْهٍ ولا مَطْلٍ ولا
مددِ
واللهِ ما حزنتْ أختٌ لِفقدِ أخٍ
حُزني عليه ولا أمٌ على ولدِ
إن يحسدوني على موتي ، فَوَا أسفي
حتى على الموتِ لا أخلو مِنَ الحسدِ
تنبيه : هذا جزء أوَل من البارت ٧٤، لوضع خارج عن إرادتِي أضطررت أني أقسمه بهذي الصورة، البارت جدًا مهم وأهميته تكمن في الجزء الثاني اللي راح ينزل إن شاء الله يوم الأحد، أغلب اللي كنتم تنتظرونه من أحداث بتكون بالجزء الثاني بإذن الكريم، فأتمنى تقدرَون هالشي وتحطونه بعين الإعتبار أنه البارت يعتبر ناقص، لكن ماهو قصير كثيير لأن تقريبًا ١٧ صفحة بالوورد، المهم تمامه وإكماليته يوم الأحد تقرونه برواق إن شاء الله. حطَوا هالشي في بالكم عشان ما يجيني تعليق يقولي " البارت قصير و فقدنا فيه فلان وفلان " لأن قلت هالشي مسبقًا، هذا جزء أوَل من البارت وبيكون مشبع بالجزء الثاني.
الجوهرة تساقطت دموعها بمواساةِ صوتها الذي يزدادُ ذبولاً : ممكن ترتاح الحين وماتروح الشغل وتزيد تعبك!
سلطان : شكرًا على إهتمامك . . ماأحتاجه
الجوهرة بغضب : سلطان
سلطان بحدَة : أنتِ لو . . . استغفر الله بس!
الجوهرة بضيق : أنا أيش؟ . . أصلاً أنا وش بالنسبة لك؟ تحاسبني على أشياء بدون لا تلتفت لنفسك وتحاسبها بالأول!
سلطان : بشَرتي السعودية بكبرها واستكثرتي تقولين لي!!! وبعدها أعرف من زلَة عمتي! . . كيف تبيني ما أحاسبك؟
الجوهرة : ما بشرت أحد! أهلي و . .
يُقاطعها : وأنا ماني أهلك؟
الجوهرة بلعت رجفتها بربكةِ فكيَها من إعترافه المبطَن/الحاد لقلبها : سلطان آآ . . ماراح تفهمني
سلطان : ولا أبي أفهمك! كنت متوقعك واعية وعاقلة مهما ضغطت عليك الظروف! بس أنتِ ما ضيَعتي أول فرصة جتك عشان تهينيني قدام الكل بأني آخر من يعلم
الجوهرة بدأت نبرتها تميلُ ناحية البكاء : ما أهنتك! أنا ما بغيت تصلَح الأمور معي بحجة حملي! كنت أبيك . .
يقاطعها بغضبٍ جعلها ترتبك من خلف الهاتف، بغضبٍ جعلها تتراجع بظهرها للجدار.
يا سطوتُك عليَ يا سلطان حتى وأنت بعيد! يا لهيبتِك المزروعة في نبرة، من شأنها أن تُسقطني في أسفلِ قاع وترفعني لأعلى غيم.لو أنني استطيع أن أتجاوزك بخفَة ولا التفت إلى الخلف، لو أنني أستطيع أن أغمض عيني وتسقط بدمَعة، لو أنني فقط أعرفُ كيف أقمع ذاكرتي وأنساك! أنت تتكاثر بيْ، تتكاثرُ بكل دمعةٍ تمرَ على خدي، لستُ صالحة بما يكفي للنسيان! أنا صالحة بما يكفي لحُبك.
: تستهبلين!! وش اللي ما صلحت الأمور معك! جيتك وأنا مدري عن عقليتك المريضة اللي تقرر من كيفها! . . دوَري حجة ثانية عشان تقنعيني فيها
الجوهرة : ليه تآخذ الأمور بهالطريقة؟ أنت ماتشوف نفسك أجبرتني أتصرف كذا!
سلطان : اقتنعت أنه الكلام معاك ضايع . .
الجوهرة بوَجع : لا تضيَق عليَ بأسلوبك!
سلطان بعصبية : ربي رحمك أنك منتي قدامي ولا والله كان ذبحتك من حرَتي!
الجوهرة شدَت على شفتِها لتمنعها من بكاءٍ طويل : الله رحمني عشان ما تقهرني بتعبك
سلطان عقد حاجبيْه بضيق ليجلس على الأريكة : روحي اللي تعبانة منك! اخترتي طريقك وكمليه بروحك
الجوهرة بغصَة تُربك الكلمات العابرة فوق لسانها : قلت لي كثير لا تتوقعين إني أفرح لما أضايقك بكلمة! . . وأنا بعد! لا تتوقع مني إني أفرح بهالخبر وأنت تقابلني فيه بهالطريقة!!!
سلطان بغضب يعود ليقف : على أساس إنك قلتي لي إياه! انا لو ماعرفت الله العالم متى راح تكلفين عمرك وتقولين لي!
الجوهرة تنهدَت بدمعٍ يغزو محاجرها : ماراح نقدر نتناقش وأنت معصب . . ماراح تفهمني صح!
سلطان : أسألك بالله! في نيتك نقاش وصُلح؟
بلعت ريقها بصعوبة لتُردف : ليه تظن فيني سوء؟
سلطان بحدَة أرعشت جسدها : لا تجاوبين على سؤالي بسؤال!
الجوهرة : أكيد . . أبي نتناقش ونوصل لحل يرضينا
سلطان بضيق اتضح على نبرته التي تزدادُ إتساعًا بالتعب : تبين تكسبين كل شي بما فيهم تعاطف عمتي معك، وش راح تخسرين؟ بتكمَلين حياتك مع ولدك في وقت أكون أنا متشفق على هالولد! . . مين الغلطان؟
الجوهرة : نسيت كل اللي سويته فيني؟ ضربتني وحرقتني و أهنتني مليون مرَة بكلامك ونظراتك! . . وبس خبيت عنَك الحمل اجرمت فيني!
سلطان : لأن هذا أكثر شي كنت أحلم فيه! وأنتِ ما تركتي لي فرصة حتى أفرح!!
الجوهرة بدمعها الناعم : كنت راح تفرح؟
سلطان : مين اللي يظن في الثاني ظن السوء؟
الجوهرة : ما تركت لي مجال يا سلطان، عُمرك ما حسستني بأني زوجتك اللي منتظر منها تكون أم عيالك!
سلطان يعود صوته للخفوت/للإنكسار : حرقتي قلبي! أبشع يوم شفته بحياتي كان أمس . . كيف تبيني اتقبَل أعذارك وكلامك؟ . .
الجوهرة بضعف : أتركه للوقت
سلطان : هو باقي شي ما تركته للوقت؟
لم اتوقع ولا للحظة أن يأتِ صوته الضيَق مؤذيًا هكذا! أشعرُ بأن هالة من العتمة تحوم حول قلبي، " تعبانة " من الحياة التي لا تنصفني ولا لمرَة، وحين أشعرُ بأنني أسترجعت بعض من القوَة تُهينني بظنَك السيء، قُل كيف أُسعدك وأنا لستُ قادرة على أن ابتسم بأريحية! " فاقد الشيء لا يُعطيه " وأنا لا استطيع أن أُعطيك شيئًا لا أملكه، كل هذه الدنيَا خواء، وأنت الشيء الوحيد الذي أحسَه ويعنيني، أُريد أن أكون أم أطفالك و إبنة قلبك، لا أنتظر تصفيق من الحياة لأنني أحاول أن أردَ إليْك ما فعلته بيْ، ولا أنتظرُ أن يقول لي أحدًا " قويَة تركتيه " أنا لستُ قوية بما يكفي حتى أتركِك بإستسلامٍ تام، أنا مازلت معك، أجاورك تمامًا ولا أقدر على نفيْك من قلبي، يا راحتي بهذه الدُنيَا وإن زعزعت راحتي، يا فرحتي البسيطة وإن أثقلت حُزني، يا أمني وأماني، يا وداعةُ قلبي في صدرِك إني مبعثرَة، لا تنتظر مني أن أُلملم شتاتي لوحدي، قُلت " تركتك للحياة " وهذه الحياة يا سلطان لا تُدللني، دثَرني بحُبك، يكفيني أن أعيش العُمر المبتقي في كنفِ صدرِك، لو سمَحت هذه الحياة أساسًا! ولكنها أحلام، و قدَرُ الأحلام أن لا تتحقق. وأنت الحقيقة التي سُرعان ما تتلاشى وتُصبح " حلم/ خيال ".
أردفت : سلطان
سلطان بقسوةِ نبرته : بستخير بطلاقك الليلة
الجوهرة صمتت، إلتزمت السكُون وهي تغرسُ أسنانها في شفتِها السفلية، يارب ساعدني، يارب إني لا أسألك أن تُخفف حزني بقدر ما أسألك قلبًا يحتملُه ويصبر عليه.
سلطان أبعد الهاتف قليلاً ليسعل ببحَة شعر أن روحه تخرج من محجرها، لن يستطيع مهما حاول أن يُخفي تعبه ومرضه برداءِ الجمود و اللامبالاة : مع السلامة . . . انتظر لثوانِي يسمعُ صدى أنفاسها التي ترتطم بأذنه، ثانيَة تلو الثانية من حقها أن تعبث بقلبه، أغلقه ليضع الهاتف على الطاولة، نظر للنافذة التي تُقابل الضوء بالإنعكاس، اضطربت أنفاسه بصدرٍ يرتفع ويهبط دُون سلَام/إتزان، أسند ظهره على التسريحة ليُردد بقلبه " يا رب اعطني جزءً من الحياة أكافح من أجل أن أعيشه "
،
رفعت عيناها الباكية لسقف غرفتها الذي يشتدُ بسوادِه،ينقبضُ قلبها بإرتطاماته الحادة، اخفظت نظرها لتنظر لباطن كفَها الأيمن، علامةُ حرقه التي مازالت تُعلَم عليها وتُذكرها بصرخاتها تلك الليلة، بصوتٍ تُركي الحارق لمسامعها، بكلماته الرخيصة التي يُدافع من أجل أن يثبت مصداقيتها، بحزنها الشاسع الذي لا ينضَب، ولا ينطوِي على حاله!
كُنَا نُماطل من أجل أسباب لا نتجرأ على قولها لأنفسنا، كُنا نقرر " الإنفصال " كثيرًا، كانت نهايةُ كل خناقاتنا مصيرها ذاتُ الكلمة، هذه الكلمة التي حمَلناها فوق ما تحتمل، ولكننا لم نملك الشجاعة الكافية بتنفيذ القرار، كُنا يا سلطان نخضعُ لقلبيْنا، الذي نواجه صعوبة بتفسيره/بفهمه، ومازلنا نواجه هذه الصعوبة، لا نقدر! لا نلتزم بأيَ وعدٍ نقطعه من أجل الحياة، كيف سنصبر؟ كيف سيمضي العُمر؟ موجوعة، أشعرُ بأنني اختنق من هذا الهواء الذي يعبثُ بصدرِي ولا يحاول ان يملأ رئتيَ، أشعرُ بأن الكل حاقد الآن بما فيهم هذا الهواء، هذه الذرات المتطايرة بشفافيَة حولي، تخنقني، تملأني كلَي ولا تذهب لمجرى تنفُسي! أشعرُ تمامًا وكأني أتذوَق طعمُ الشحوب/الإختناق/الضيق، الطعم اللاذع الذي يسعُر بلساني ويطويه، يطوِي الكلمات ويقتلني! سنصلِي اليوم آخرُ ما يربطنا، سنصلِي دُون أن نتنازل من أجلنا، سنصلي لله الذي أمهلنا الوقت لنمضي معًا، ولكننا نثبت أننا من جلدٍ أسمر لا يرتضي بأن ينحني قليلاً من أجل " الحب "، نضيعُ تمامًا ونسأل الله بصلاتنا أن لا نضيع، نرتكب أسوأ ما يُمكن للإنسان أن يفعله بحق من يُحب وندعو الله أن يحميه، كيف لنا أن نتناقض بهذه الصورة البشعة؟ أنا سيئة! سيئة جدًا في الوقت الذي مال به قلبي ناحيتُك، لأنني لم أعرف كيف أدافع عن نفسي/قلبي/ذاكرتي . . لم أعرف كيف أدافع عنك وأنت تتشعبُ فيَ.
شعرت بغثيانٍ يجوَف معدتها، إتجهت إلى الحمام لتتقيأ تعبها وحُزنها، توضأت وبمنتصف الوضوء ادركت أنه ليس وقتًا للصلاة، هذه الصفة التي ستحملني العُمر بأكمله تُذكرني بك أيضًا، كل شيء بالحقيقة يُذكرني بك مهما حاولت أن أنكر ذلك.
أكملت وضوءها لتمسح شحوب ملامحها، أخذت نفس عميق ونزلت للأسفل، حاولت أن تبتسم بضيق شفتيْها : السلام عليكم
: وعليكم السلام
الجوهرة بسؤالٍ معتاد وإن عرفت إجابته، بعضُ الأسئلة لا ننتظر منها جواب بقدر ما نُريد أن نتأكد أنها مازالت حيَة فينا : وين أمي ؟
أفنان : توَها طلعت . .
الجوهرة جلست لتُردف ريم : تعبانة؟
أفنان بضحكة : قولي أنها محلوَة بالحمل
ريم اتسعت إبتسامتها : أكيد هالموضوع خالصين منه أصلاً
الجوهرة اكتفت بإبتسامة حتى لا تفضحها نبرة صوتها، أفنان : كنت أسولف لريم عن أيام كَان وباريس، فيه سالفة ما قلتها لك
الجوهرة تنحنحت حتى تُعيد إتزانها : أيَ سالفة؟
أفنان : هناك كان يدربني واحد سعودي من الرياض . . إسمه نواف
الجوهرة : إيه؟
أفنان بتوتر يُخجلها : يعني هو ما صار بيننا سوالف ولا شي . . بس . .
ريم بضحكة : أوصفي شكله عشان توصل المعلومة لجُوج صح
أفنان بنظرة غير مبالية : تفكيرك وصخ
ريم : لو انك سنعة كان خذيتي عنوانه
أفنان : أروح أخطبه يعني؟ . . الشرهة على اللي حكى لك
ريم : وش فيها عادي! خديجة رضي الله عنها تزوجت الرسول صلى الله عليه وسلم وهي اللي عرضت عليه الزواج
الجوهرة : كل فترة وتختلف معتقداتها، أنتِ أصلاً ماراح ترتاحين لو تصرفتي كذا! لأن ممكن بأول مشكلة يهينك بتصرفك!! وبعدين هذا الرسول صلى الله عليه وسلم مو أيَ أحد
ريم : أكلتيني كنت أمزح
أفنان بشغف : المهم جوج طحت عليه بتويتر . . يا عليه رزَة تقتل
ريم : كِذا طول بعرض . . يعجبوني الرجال اللي كذا تحسينه صدق رجَال . .
أفنان تُكمل بحالمية : كذا لمَا تضمينه تصيريين وش صغرك في حضنه . .
ريم ولا تتردد بأن تعيش حالمية أفنان : كِذا يشيلك وتصيريين بيبي بين يدينه . . تقطَعت كبدي خلاص
الجوهرة تنظر إليهما بدهشة لتُردف : بديت أخاف عليك
أفنان : بالله جُوج ما تستانسين إذا وقفتي جمب سلطان! يعني كذا تصيرين فتنة وهو . .
الجوهرة تقاطعها برفعة حاجبيْها : منتِ صاحية! ماله علاقة الطول
افنان : الله يرزقني يارب واحد كِذا طول بعرض . . وعضلات بطنه بارزة أهم شي . . وأسمر وله عوارض . . ويهتم بشكله . . يعني كِذا ودَك تآكلينه من زينه
ريم : لا يسمعك ريَان والله لا يخليك تعضَين الأرض!
أفنان : أستغفر الله . . أهم شي الدين والأخلاق
ريم : خليتي آخر صفة الدين والأخلاق!! ماش من رجعتي وعقلك مو مضبوط
أفنان بإبتسامة تعيش حلمها الوردِي كما ينبغي لفتاة عازبة : عقلي للحين معي الحمدلله! بس يعني خليني أحلم براحتي الأحلام ببلاش . . ودَي يجيني فارس أحلامي اللي رسمته في بالي
ريم : كلنا كنَا كذا نقول ودَنا وودنَا بعدين يجيك واحد عادي تشوفين كل مزايا الكون فيه لأن ببساطة أنتِ تصيرين قنوعة وتنبسطين معه ولا يجيك واحد حلو وآخر شي يعيَشك بنكد
أفنان : هذا رتيل صدق زواجها كان بطريقة خايسة لكن تزوجت واحد وش زينه يقطَع القلب ومبسوطة والحين في باريس فالَة أمها . . وهذي الجوهرة تزوَجت . . ماأبغى أمدح وتآكليني بس يعني تزوجتي واحد يعتبر ولا حلمت فيه . . أما أنتِ ريوم الصبر زين إنما توفى أجورهم بما صبروا!
ريم ترمي عليها علبة الكلينكس : طايح من عينك ريَان! بالعكس أنا مرتاحة معه ومبسوطة
الجوهرة : وش يدريك أنه رتيل مبسوطة ولا أنا مبسوطة؟
أفنان بضحكة : يعني تبين تفهمينَا أنك منتِ مرتاحة مع سلطان! أشهد أنك طايرة في السما عشانه
الجوهرة أكتفت بإبتسامة لتُردف : مررا! . . الحمدلله بس
أفنان : يارب ترزقني بس
رنَ الجرس مرتيْن، ليأتِ صوت أفنان الساخر : شكل دعوتي يا بنات استجابت
ريم : تخيلي لو نواف عند الباب
أفنان : لو هو بآخذ وضعية الموت!!
الجوهرة : لا تجيبين سيرة نواف قدام ريَان ويقوَم الدنيا عليك
أفنان : من جدِك! يا زيني وأنا أقوله . . بيعلقني مروحة في البيت
دخل ريَان بنظراتِ الإستغراب من تجمعهم : سلام
: وعليكم السلام
ريم : غريبة . . مفتاحك وينه؟
ريَان : لا كنت أبي الشغالة تطلع تجيب الأغراض . . أمي وينها؟
أفنان : طالعة
جلس بجانب الجوهرة لينظر لعينيَ الجوهرة المُحمَرة، وضع باطِن كفَه على خدِها لترتعش من لمسته : تبعانة؟
الجوهرة ارتبكت من قُربه لتلتفت إليه : لا
ريَان عقد حاجبيْه بخفوت : كنتِ تبكين؟
الجوهرة توتَرت من أسئلته وصدرُها يرتفع بشهيقٍ مرتجف، ريَان : صاير شي؟
لم تعتاد على إهتمامه وسؤاله، شعَرت بأن شيئًا غريبًا يحدُث الآن، أفنان التي تُدرك التوتر الذي بينهما حاولت أن تُضيع حدَته على قلب الجوهرة : تلقاه تعب حمل عادي
ريَان تنهَد ليُردف : طيب عطيني دلة القهوة
أفنان وقفت لتمدَ له الفنجان وتضع الدلة على الطاولة أمامه.
ريَان نظر لشاشة الآيباد المفتوحة على صورة " نواف " الذي يجهله : مين هذا ؟
أفنان أنتبهت لتخرج من حسابه : واحد بتويتر
ريَان رفع حاجبه : ومين يكون الواحد؟
أفنان بلعت ريقها : آ آ . . ممثل . . إيه ممثل توَه طالع وجالسة أوريه البنات
ريَان : وش إسمه؟
أفنان تظاهرت بالسعال لتُردف : إسمه . .
ريم بإبتسامة تُكمل عنها : نايف
أفنان بربكة : إيه نايف محمد
ريَان نظر لعينيْها بتفحَص، يشعرُ بخداعهما ولكنه تجاهله : طيب . .
إلتفت للجوهرة التي تُشتت نظراتها بعيدًا : إذا تعبانة أوديك المستشفى!! بس لا تجلسين كذا
الجوهرة بضيق تجاهد أن تبتسم وتُخفف ربكتها : وش فيك تصَر!! قلت لك تعب عادِي
ريَان بهمس : صاير لك شي اليوم؟
" الجُوهرة إرتجف هدبها، لا تُريد أن تبكِي أمامه، آخر من تريد أن يراها باكية هو ريَان."
السؤال وحده من يبعثرني في تمامِ قوَتي كيف لو كنت أُعاني؟ كيف لو كنت أتقلَب بحُزني؟ ليس لأن الجواب صعب يالله ولا أقدِر بأن أغلقه برسميةٍ اعتدتها، ولكن " بخير " أصبحت تُتعبني، تمتَص الحياة من جلدِي وتُسقطني في شحوبي! حزينة! حزينة فوق ما تتصوَر يا ريَان.
سقطت دمعة على خدَها سُرعان ما قطعت مجراها أصابعها، بضيق : الجوهرة
الجوهرة رفعت نظراتها للأعلى خشيَةً من دمعٍ لا يترك لها مجالاً للمقاومة، إلتزمت الصمت حتى لا تقع بفخِ صوتها الذي ينهارُ شيئًا فشيئًا.
ريَان ترك الفنجان على الطاولة ليلتفت بكامل جسدِه عليها : تشكين من شي؟ متضايقة من أحد؟
الجوهرة وقفت لتُردف بصوتٍ لا يكاد أن يُسمع : عن إذنك . . صعدت للأعلى
ريَان إلتفت عليهما : وش فيها؟
ريم : قبل شوي كنَا نسولف ومافيها شي

يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -