بداية

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -199

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي - غرام

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -199

عقَم جرحه ولفَه كفَه بالشاش، ونظر إلى عبدالعزيز إن كان يحتاج شيء، دون أن يترك مجال لعبدالعزيز بالمناقشة أخذ كفَه ليُطهَر جرحها الذي طال منذُ الأمس، ولفَها ـ بالشاش ـ أيضًا.
عبدالرحمن : شكرًا . .
عبدالعزيز : وين الفندق؟
عبدالرحمن : بخليهم يوصلونك
عبدالعزيز ضغط على جفنيْه بشدَة إثر الصُداع الذي هاجمه، تنهَد : طيب
سلطان : أنا بروح لعبدالمجيد
عبدالرحمن : بجيكم، بس بمَر المستشفى وأتطمن
عبدالعزيز الذي أغمض عينيْه فتحها من لفظ ـ المستشفى ـ وأمال شفتِه السفليَة بأسنانِه.
أبسطُ الحركات وأدقَها كانت دليلٌ واضح على العراك الذي يجري في قلبه، مشَط بأصابعه شعره من مقدَمة رأسِه وهو يُريد أن يفكر بإتجاهٍ واحد، لا يُخالطه أيَ إتجاه آخر ولكن هذا ما لا يرضاهُ قلبه.
: بروح معاك المستشفى
عبدالرحمن إتسعت محاجره بالدهشَة ولكنه لم يبيَن له : طيب . . خلنا نمشي
في الرياض، إتسعت إبتسامته بعد سهرٍ منذُ الليلة الفائتة حتى وصل الخبر أخيرًا، القبض على سليمان و موْت رائد إثر طلقةٍ اتت من إحدى رجاله، عبدالله و أول ردةِ فعلٍ كانت سجدَة شكرٍ في منتصف الممَر.
اللهم لك الحمدُ والشكر كما ينبغي لجلال وجهِك وعظيم سلطانك، اللهم لك الحمدُ حمدًا كثيرًا طيبًا مُباركًا فيه.
يالله! على كرمِك وأنت تُثلج صدورنا بخبرٍ أنتظرناه لسنين، يالله على السعادة التي تأتِ من هذا الخبر، والجميعُ بخير أيضًا! ياربي لك الحمد . . ياربي لك الحمد.
تهللت وجوههم جميعًا وهم يكررون الحمَد والشهادة، لذَة النجاح بعد تعبِ سنينٍ مضَت لا تُضاهيها لذَة، كان كالحلم! وأصبح حقيقة، كان بمقدرتنا أن نقبض عليهم منذُ اول لحظة ولكن كنَا نعلم أنه سيخرج من بعدهم واحدًا وإثنين وثلاثة، لكننا عملنا على مبدأ واحد، أن نًضعفهم ونستأصلهم، يالله! سيطير قلبي من فرحه، سيُجَن تمامًا.
كانت الإبتسامات مُبكيَة من شدَة فرحها، هذا الفرح الذي طال إنتظاره، لم يكن فرحًا لفردٍ واحد بل لإدارة كاملة تعبت ونالت حصاد تعبه.
في باريس، اقترب سلطان من حديقةٍ صغيرة بين البيُوت ولا أحد بها من الثلج، دخلها وهو يحتاج أن يسجُد بأيَ مكانٍ كان، سجد على الأرضِ الباردة، لتسقطُ من عينه اليسرى دمعةٌ وحيدة كانت رسالة ضيَقة لِـ / سلطان العيد.
رفع من السجود ليتنهَد تنهيدةً طويلة، بقيَ جالِسًا على الأرض، همس : الحمدلله
أدخل كفَه التي يلفَها الشاش الأبيض في جيب معطفه ليستشعر هاتفه، أخرجه وفتحه ليجد كمَا من الإتصالات من ـ عمته و عبدالمحسن و عبدالله و أشخاصًا آخرين ـ، ضغط على عينِه التي شعر وكأن نارًا تُحرقها، إتصل على ـ الجوهرة ـ.
كانت واقفة أمام المرآة الطويلَة وهي ترتدِي بلوزتها، انتبهت لإهتزاز الهاتف على السرير، شعرت بغثيَان بأولِ خطوة أقتربت فيها من هاتفها، عادت للخلف لتتجه نحوَ الحمام، تقيأت إثر معدتها الفارغة التي تستثير الغثيان، اغتسلت وتمضمضت، إلتفتت لوالدتها التي دخلت الغرفة : إنزلي إكلي لك شي
الجوهرة وضعت يدها على بطنها : يمَه تكفين أبي زنجبيل أحس معدتي تقلب
والدتها : الحين أسويه لك، بس أنزلي عشان تآكلين شي
الجوهرة : بجيك . . إتجهت نحو سريرها، جلست وأخذت هاتفها، كانت في طورْ أن تزفر شهيقها ولكن تجمدَت عندما رأت إسمه ـ مكالمة فائتة ـ، يُربكني إسمك فما بالُك بصوتِك؟
رفعت شَعرها بيديْها وربطته بخصلة، مسحت على وجهها لتأخذ نفس عميق وضغطت على إسمه، ثوانٍ قصيرة حتى أجابها : ألو
الجوهرة بللت شفتيْها بلسانِها إثر ربكتها : مساء الخير
سلطان : مساء النور
طال الصمت بعد تحيَةٍ روتينية لتقطعه الجُوهرة : ما كنت عند الجوَال قبل شويَ
برب السماء لِمَ اتصلت يا أنا؟ ماذا أُريد منها؟ وعن ماذا أسألها؟ كنت أُريد فقط أن أسمع صوتِك دون أن أخطو خطوةً واحِدة للأمام، من أيَ أرضٍ جئتِ؟ وبأيَ بُركانٍ أثرتِ حممه في داخلي؟ تهشَم غصنُ الكلام، وأيَ نبرةٍ تُجمع حُطامَه؟ أوقعتِ في ظرفِ أيام على قلبي / خُضرته و في جُزء من هذه الأيام أيضًا بددتي الربيع الذي أعشبَ صدري، من أيَ شيءٍ خُلقتِ حتى تقُيمين بصوتكِ إحتلالًا كاملاً لا مفَر منه، أنا لا أفتقدُكِ! أنا أمُوتِك. و أنا لا أكابر أنا رُغمًا عني أصدَ عنكِ، لو أنَ الطريقُ ممهدٌ أمامي لقولِ شيء يجعلني أتمسك بكِ أكثر! لو أنه فقط يُتيح لي فرصة هذا القوْل لمَا ترددَتُ لحظة ولكنني أعرفُ نفسي " أشقِي عُمري دايم ".
الجوهرة زادَها هذا الصمتُ ربكة وسارت الرعشةُ بإتجاه قلبها الذي انتفض بصوتِ أنفاسه المبعثرة التي تصله.
بجمُودِ حاولت أن تحبس بداخله الفيضان الذي يُقيمه صوتِه : تآمرني بشي؟
أأمرُكِ بالحُب و بممارسَة الحُب جهرًا، أما زلتِ تُفضلَين الخفاء؟
سلطان : أتصلت أتطمَن
الجوهرة بلعت ريقها بصعُوبَة : أمورنا تمام . . أنا وولدك
سلطان : الحمدلله،
من أجل الله ماذا تفعل يا سلطان؟ ماذا تُريد أن تصِل إليْه؟ يا رجلاً أعزَني بالهوَى بقدر ما أذلَني، و بدَد العالمين بملامِحه وسكنني! يا رجُلاً يخضعُ له القلب عمدًا رُغم قسوتِك، وعجبتُ من قلبِي الذي يهفُو إلى ظالمٍ! عجبتُ من عيني التي مازالت ترتبك ويرتجفُ رمشها من حدَة صوتِك، عجبتُ من ـ أحبك ـ التي مازالت تتكاثرُ وتُعشَب في صدري، يا رجُلاً أبقاني على حافة الإنهيار وهو إتزاني! كيف أطيقُ البُعدَ عنكَ وأنت مركزُ توازني؟ يا حدَة السُمرة في ملامِحك و يا شقائي بها، يا شقائي بمقطعُ إسمك الذي يبعثرني رُغم صلاتِي وسكينتي، كيف أتجاوزك؟ وأنتَ قَدرٌ لا أُلام على مصائبه، وكيف أُلام؟ و أعظم مصيبة عيناكَ سببها، يا قلبي المُعنَى بأسبابِك إنني لا أدلَ طريقًا لا تُقاطعني بها ظلالِك.
سلطان حكَ جبينه وهو يُردف : محتاجة شي؟
أحتاجُ عيناك، وأمرَ بحاجة شديدة لبريقها.
الجوهرة : لا . . مع السلامة
سلطان : بحفظ الرحمن . . . أغلقه دون أن يقدر على قوْل كلمةٍ واحدة من الكلمات المتزاحمة في صدرِه.
،
أرتدت مُهرة عباءتها بعد أن علِمت بوجودِه، أخذت نقابها لتنظر لوالدتها : لا تخافين ماني قايلة شي
والدتها : دارية إنتس ماراح تقولين شي بس تذكري إنه أهلتس هِنيَا ويوسف ماراح يبقى لك طول العُمر
مُهرة بضيق لبست نقابها ونزلت للأسفل، دخلت للمجلس وبطرفه جلست في حين أن منصور كان يجلسُ بعيدًا عنها : السلام عليكم
مُهرة : وعليكم السلام
منصور : شلونِك؟
مُهرة : بخير الحمدلله
منصور بتوتر : أنا جايَك اليوم وأبي أقولك اللي عندي وأبيك تسمعيني لين الآخر . . . . صمت قليلاً حتى أردف . . يوسف ما يدري بجيَتي لِك ولا أبيه يدري، أنا عارف إنه مشكلتك الأساسية معي ماهي مع يوسف، بس بقولك أنه ما لأحَد حق أنه يوقَف حياتِك، إحنا مانشوفك أخت فهد اللي صارت لنا قضية بإسمه، إحنا نشوفك زوجة يوسف وبس! إذا أنتِ تعتبرين إنه اساس زواجك من يوسف هالمُشكلة وبمجرد ما أنحلَت فخلاص ماله داعي هالزواج فانتِ غلطانة، لأن من أول يوم كنا ندري بأنه فهد قضيته مو مثل ماهي مذكورة وكان الكل يعرف بأنه مالي أيَ يد في اللي صار، لكن رُغم هذا كنَا نعاملك على أساس زوجة يوسف لا أكثر ولا أقل، وأمي أعتبرتك وحدة من بناتها! وإن كان أحد ضايقك بكلمة أنا بنفسي الحين أعتذر لك، يوسف ماله أيَ ذنب بوصول الخبر لك الحين! لأنه كان يعرف بأنه مالي علاقة وأخوك الله يرحمه تورَط معهم لكن ماكان يربط مصيره بمصير أهله، وأنتِ لا تربطين مصيرك بمصير أهلك!! هذا شي فات وأنتهى من سنَة، والحكي بالماضي لا راح يقدَم ولا يزيد، أبدأي صفحة جديدة وأنسي اللي فات، وصدقيني محد بيتذكره! إلا أنتِ! إذا حاولتي تنبشين فيه كل مرَة، مافيه عايلة بهالوجود كاملة! وأفرادها كلهم مثاليين! لكن مافيه عايلة بعد تصير ضحية فرد واحِد، وأنتِ لا تصيرين ضحية اخوك بعد!! أقتنعي بمسألة إنه مالك أيَ علاقة وذنب باللي صار، ذنبك الحين إنك تربطين مصيرك بمصير غيرك، يا مُهرة أنتِ مالك دخل في أحد! ولا لِك دخَل باللي صار قبل، أنا أعرف أنه أخوك ومن حقك تعرفين كل صغيرة وكبيرة عنه لكن شي صار وأنتهى، تشوفين إنه يوسف يستحق منك كل هذا؟ هو يبيك أنتِ بحاضرك ما يبيك بماضيَيك!! لا تدمرين نفسك وتدمرينه معك! لا أنتِ تستاهلين التعاسة عشان أهلك ولا هو يستاهل الحزن عشان رغبتك!!
مُهرة بضيق صوتها المتحشرج : أنا ما أقبل إني أحس وكأني مفروضة عليكم
منصور بإنفعال : منتِ مفروضة والله منتِ مفروضة! يوسف يبيك وأبوي وأمي وخواتي متقبلين وجودك وفرحانين فيك!! وحتى يوسف صرت أحس بسعادته معاك رُغم كل شي!! لا تهدمين حياتك بهالطريقة! اللي تسوينه أكبر غلط بحق نفسك قبل لا يكون بحق يوسف
مُهرة : ما بُني على باطل فهو باطل
منصور : و ربَ ضارة حسنَة بعد!! بس فكري وخذي وقتك بالتفكير أكثر قبل لا تندمين وإذا فكرتي بجهة أهلي تأكدي إننا كلنا نبيك ومنتِ مفروضة على أحد!
،
يجلسُ بمقابله دون أن يرفع عينِه وينظرُ إليْه، تشابكت يدِه ببعضها ولا كلمات تحضرُ في صوتِه، أقشعرَ جسدِه من هذا الصمت الذي يُربك قلبه.
لا أنتظر مغفرة عبدالمحسن، أعرفُ جيدًا أنه من المستحيل أن يُسامحني بسهولة، أحتاجُ عمرًا يوازي الثمانية سنوات التي مرَت حتى يتجاهل ما حدث لإبنته، ولكن لن ينسى! لن يقدر على محوِ شيءٍ وضعتهُ نصب عينيْه على الدوام، ولكن أسألُ الله أن يليَنه عليَ، أن يعطيني فرصة واحدة حتى أُصحَح ما حدث، لو أن الأمر بيدي لكرهتُها، لنفرتُ منها، ولكنها تمكَنت مني، كان حُبها أقوى من أن أواجهه لوحدِي، كنت أراها بمواصفات شريكة حياتي حتى لعنتُ أنها ـ إبنة أخي ـ وهذا التصنيف الذي يجعل من أمر إجتماعنا مستحيلاً، حاولت أن أنساها ولكنني جُننت بها حتى تجرَدت من كل المسميات وأردتُها زوجتي، عشقتُها ومازلت، أنا لا قُدرة لي على محو الجوهرة بهذه السهولة. ولكن سأحاول! سأحاول أن أعُود لنفسي التي كانت حيَة قبل 8 سنوات.
عبدالمحسن : وش أخبارك؟
تُركي بإقتضاب : بخير
عبدالمحسن : كلَمت ياسر وقالي أخبارك بس أبي أسمعها منك
تُركي بضيق : أيَ أخبار؟
عبدالمحسن : ماراح تقولي ليه رجعت؟
تُركي نظر إليه وسُرعان ما شتتَ نظراتِه : آسف
عبدالمحسن أشتَد ضيقه : على ؟
تُركي تلألأت عيناه بالدمع : خنت ثقتك، بس والله ماكانت غايتي أضايق أحد، كنت بس . . .
تحشرج صوتِه ولم يقدر على مواصلة الحديث، عبدالمحسن : تُركي
تُركي يُكمل بصوتٍ يُضعفه ـ قبضة الدمع ـ عليه : أنجنَيت والله فيها! وما كنت أبي أضرَها بشي، بس الحين حالف ما عاد أقرَب لها كنت أبي أشوفها قبل كم يوم لكن ما خلتني أقولها كلمة وحدة، بس والله ماعاد بقرَب لها، وأصلاً قلت راح أنقل لأيَ منطقة ثانية بعيد عنكم
قامت صلاة العصَر و تسلل إلى مسامعهما ـ الله أكبر ـ، وقف عبدالمحسن وبأمر : أمش معي نصلي . .
تُركي كان ينتظر منه ردَة فعلٍ على حديثه ولم يجد شيئًا، وقف وتبعه حتى دخلا إلى المسجد المجاور للفندق.
صلَى بجانب أخيه بعد عهدٍ طويل لم يُصلي به مع عبدالمحسن، أخذ نفس عميق وهو يُغمض عينه حتى كبَر بعد الإمام.
أنتهت الركعة الأولى وبعدها الثانية إلى أن أتى التشهدُ الأخير والسلام، وبإيمانٍ تام بمعجزة الدعاء لفظ تُركي " يارب ليَن قلبهُ عليَ، يارب ليَنه و أنزع حُبها من صدري ".
إلتفت لعبدالمحسن بعد أن بدأ الرجال يخرجون من المسجد، بتردد كبير أقترب وأنحنى ليُقبَل رأسه، قبَله حتى أجهشت عيناه، حاول أن يمسك نفسه ولكن البُكاء على المعاصِي أشدَ حرقة على النَفس.
عبدالمحسن تجمَد بمكانه دون أن يلتفت أو يحاول أن يرفع عينه عليه، صوتُ بكائِه كان يشطرُه بإستمرار، أخذ نفَس عميق، وهو يحاول بجَد أن لا يفقد توازنه، أخفضَ تُركي رأسه وهو يُكرر ـ الأسف ـ في كل دمعةٍ يذرفها.
إلتفت عليه عبدالمحسن بكامل جسدِه، أحاط رأس أخيه بيديْه ورفعه لينظر إليه : اجبرتني يا تُركي!!
تركي بلع غصَاتِه ورُغم أن يدَا عبدالمحسن ترفع رأسه إلى أنه لا يضع عينه بعين أخيه : الله يغفر لي حزنك . .
عبدالمحسن سحبه بقوَة ليُعانقه ودمعة أتعبها الزمن نزلت بقهرٍ شديد : الله يغفر لك حزنها . . الله يغفر لك حزنها . . .
بكى تُركي كالطفل بين ذراعيَ عبدالمحسن وهو يذوق مرارة الذنب و وجعه في صدرِه، لم يكن سعيدًا أبدًا بمعصيته لله لكن كان يشعرُ بلذةٍ وقتية لم يستطع أن يمنع نفسهُ منها، كانت أهواءهُ أكبر من أن تواجه وتُقمع، وحين قُلت سابقًا بأن لي القُدرة أن أعيش بعيدًا عن هذه الحياة كنت أكذبُ على نفسي، لا أستطيع أن أحيَا دون عبدالمحسن و عبدالرحمن، لا أستطيع ولا أقدِر على الحياة بعيدًا عنهم ولكنني آذيتهُم! رُبما عبدالرحمن لم يشعر بعد بهذا الأذى ولكن إن عرف يومًا مَا بما حدث سيُصاب بخيبة مُوجعة، وأنا لا أقدر على وجع عبدالرحمن أيضًا.
عبدالمحسن : توعدني ماعاد تشوفها! ولا عاد تقرَب لمكان هي تكون فيه . . أوعدني يا تركي تذبح الجوهرة في قلبك و حياتِك وتنسى إنها بنت أخوك، ماعندِك بنات من أخوانك الا أفنان و رتيل و عبير وبس!!
تُركي ببحَة موجعة : والله، ماراح أقرَب لها
عبدالمحسن : وإذا تبيني أسامحك، ترجع لقبل 8 سنين لمَا بديت تحفظ قرآن وقطعته، إذا ختمت القرآن بتجاهل كل اللي صار، أوعدني تختم القرآن، وأوعدِك بنسى إنك تُركي اللي دمَرت بنتي!!
تُركي يُغطي عينيْه بكتفِ عبدالمحسن : راح أحاول بكل ما أقدر إني أختمه
عبدالمحسن : أرجع تُركي أخوي اللي أعرفه
يُتبع
،
مرَر كفه على جبينها الدافئ ليلتفت إلى الدكتور، ينتظرُ شيئًا يُطمئنه ويُساعده على التفاؤل بأمرِها، ضاقت عيناه عندما رآها بهذه الصُورة، هي الأسوأ حظَا دائِمًا والتي تواجه الموت بكثرة تقتلني، تمرَ المرةِ الأولى وتُجبر الثانيَة وتخطُو الثالثة وأخشى أن تواجه هذا الخطر مرةً رابعة وخامسة ولن يُفيدنا تمسكها بالحياة شيئًا، جميلتِي! التي مازالت تشعرُ بنا وتقاوم من أجلنا، لو أنظرُ لعينيْـك و أُشبع شوْقي لها.
الدكتور : للأسف واجهت إنهيارًا نفسيًا جعلنا نُخدرها ولكنها ستستيقظ بعد وقتٍ قصير أو في الليل رُبما.
عبدالرحمن أنحنى ليقبَل جبينها، مسح على شعرها وهو يُخلخل خصلاتِها بأصابعه.
مازلتِ جميلتي! وإبنتي التي يُعجبني فيها كل شيء حتى تمرَدها، مازلتِ انتِ بسُمرتِك الناعمة تُنعشين الحياة في صدري، يارب عساهُ يُشفيك ويُبدد العتمة في قلبي عليكِ، يارب عساهُ يُصلحك ويُسعد قلب والدِك، يارب عساهُ لا يصل حُزنٍ إلى محاجرِك اللؤلؤيـة والتي أحبها كثيرًا، أنتهت فترةٌ تعيسَة من حياتي وأُريد أن أبدأ فترةٍ أخرى بضحكتِك. أثقُ بقوَتِك وبمُقاومتِك من أجل الحياة، أثقُ جيدًا أن إبنتي مهما واجهت ستقف على أقدامها، ـ حنَيت ـ و هذا كل ما أعنيه بكلامي السابق.
خرج ليقترب من عبدالعزيز الذي كان ينتظرُه، بهدوء : صاحيَة؟
عبدالرحمن : لا، قال يمكن تصحى بعد شويَ أو في الليل . . خلنا نروح الفندق؟
صمت طويلاً حتى نطق بشتاتِ نظراته : بشوفها
عبدالرحمن دون أن ينظر إليه : بنتظرك تحت بالسيارة . . .
عبدالعزيز أخذ نفس عميق ليفتح باب غُرفتها، أغلقهُ من خلفه وبكل خطوةٍ يخطوها وعيناه لا ترمش، عقد حاجبيْه عندما نظر إليْها، وقف بالقُرب منها عند رأسها، وضع يدِه على شعرها البُندقي وأصابعه تُخلخله ببطء لا يُضايقها.
إني لأُعيذكِ من ضياعي، وأظنُكِ تزيدنهُ، وإني لأعيذك من حُبي، وأظنَكِ ترتكبينه. لا ذنب لكِ بما قتلتِ، إن كان مُرتكب الجريمَة عيناكِ وليست يداكِ، لا ذنب لكِ يا رتيل! سوى أنَ النور حين ينعكسُ على السمرَاء ـ يذبح ـ، وأنا وقعتُ بهذا الضيَاء، منذُ اللحظة التي كنت أسيرُ بها وألتفتَ من أجل ظلَك الذي ينعكسُ من النافذة، ومنذُ أن لمحت عيناكِ وأستهزأتُ بها، لم أكن أقصد الإستهزاء، ولكن الرِجال حين تلفتهُم عينانِ تُشبه عيناكِ يحاولون أن يخفُون ـ شدَة الإعجاب ـ بتصرفاتٍ مُقللة من شأنها، هذا كل ما في الأمر، لِمَ وصلنا إلى هذه النُقطة؟ أُدرك فداحة خطأي، ولكن من فرط الشقاء أصحبتُ أخافُ الفرح، أخافُ أن اقترب منه.
سحب الكُرسي من خلفه بقدمِه ليجلس بجانبها، وضع يدِه فوق كفَها الباردة، قرَبها من شفتيْه ليُقبَلها.
الظن الذي يجيئني في هذه اللحظة، أنه بمُجرد أن تُغادرين باريس ستُغادريني، كنت دائِمًا أخبرك أنني أعرفُ النهاية، أعرفُ ما سيحدثُ بنهاية المطاف، ستتكاثرُ اخطاءنا حتى يُصبح من فرط الجنون أن نتجاهلها ونعفُو عنها، لا أنتِ القادرة على الغُفران ولا أنا القادر على النسيان.
ترك يدها على بطنها، لينظرُ إلى ملامحها مرةً أخرى، همس : رتيل!
أجيبيني ولو لمرةٍ أخيرة، أُريد أن أرى عيناكِ وهي تُخبرني بحقيقةٍ لا يعكسُها لسانِك، أشتقت للحُب الذي تشي به نظراتِك.
عبدالعزيز إبتسم من الفكرة التي جاءتهُ، وقف لينحني عليها، قبَل جفنها النائم وهو يهمسُ بصوتٍ خافت : هنا الودَ . . ـ نزل إلى خدَها ـ و هِنا الحنان . . ـ اقترب من جبينها ليُقبَله ـ . . وهِنا موضع الإحترام . . .
في الوقت الذي كان يُلامس جُزء من صدره المنحني جسدها، همس : رتِيل، على فكرة إذا طلعت الحين ماعاد بجيك، يعني ماراح تصحين؟ . . .
دخلت الممرضة من خلفه ليرفع نفسه بسُرعة، إلتفت عليها، الممرضة بإبتسامة : توقعت أنها مستيقظة، لابُد أن تستيقظ لأن التخدير الذي أخذتهُ كان خفيفًا.
عبدالعزيز تمتم : أنا أعرف كيف أصحَيك . .
الممرضة : عفوًا؟
عبدالعزيز : شكرًا لكِ
خرجت الممرضة ليعود عبدالعزيز بإنحناءه عليها، بخفُوت : أبوك تحت، يعني أطلع؟ . . أطلع؟ . . . . اقترب بشدَة حتى لاصق أنفُها أنفه، همس : تبين تجرَبين موضع العشق؟ نسيناه . . . ـ قبَلها وأطال بقُبلته حتى بدأت تتحرك بتضايَق ـ
إبتعد عنها وهو يُعطيها ظهره حتى يحبس ضحكته التي قفزت نحو شفتيْه، بلل شفتِه بلسانِه وعاد إليْها : الحمدلله على السلامة
رتيل بقيْت لدقيقتيْن تنظرُ إليه حتى أستوعبت، أضطربت أنفاسها بإضطراب التركيز بنظراتها.
عبدالعزيز : أبوك تحت
رتيل : وينه؟
عبدالعزيز : أقولك تحت، بيرجع لك بس بيروح للفندق أوَل
رتيل بضيق وضعت يدها على ملامحها البارِدة، لترفع حاجبها : وش سوَيت؟
عبدالعزيز إبتسم : كنت أعلَمك فن القُبل
رتيل بغضب : بالله؟
عبدالعزيز ضحك ومن بين ضحكاته نطق : ما يصير تعصبَين بعدين تتعبين أكثر! . .
رتيل إلتفتت للجهة الأخرى حتى لا تراه، شعرت بأن نارًا تحرقُ حنجرتها.
عبدالعزيز : أفهم من كِذا إنك تطرديني؟
رتيل: ناد ليْ أبوي
عبدالعزيز بجديَة : رتيل
رتيل نظَرت إليْه، رفعت حاجبها بحدَة : وش تبي؟ ترى أبد طيحتي بالمستشفى ما نسَتني شي
عبدالعزيز تنهَد : ولا أنا أبيك تنسين شي، أنتهى كل شي هنا أصلاً
" لو كلمة تجبر خاطري فيها يا عزيز " كلمةٌ واحِدة قُل فقط أنَك أشتقت، إجعلني أشعُر ولو لمرَة أنني شيءٌ مُهم في حياتِك وأن مرضِي يعنيك، لِمَ جئت؟ لتزيد لوْعتِي و وجعي، جِئت حتى تُصيبني بخيبةٍ أكبر، أنتَ أسوأ رجُلٍ يُمارس رجولته عليَ، هذه الرجولة التي أقوى مما أحتمَل، وهي تجيئني بحُبٍ لا أستطيعُ أن أتجاهله، المعادلة الصعبة أن أجملُ الأشياء تأتِ منك و أوجعُها تُصيبني منك أيضًا، لا أدري مالحل؟ وماهي حيلتي وقلبي مُكبَل بهواك؟ في ذلك اليوم، عندما أغرقتني بقُبلاتِك وقُلت بين حشدٍ من ضحكاتِك " عندي خبرة بفنَ القُبل " قُلت لَك مقطعًا يجيئني دائِمًا كذكرى لعينيْك. " يا عاقد الحاجبيْنِ على الجبين اللجيْن، إن كنت تقصد قتلي قتلتني مرتيْن " قتلتني يا عبدالعزيز بسُمرتِك و حدَتها.
عبدالعزيز : ماراح تقولين شي؟
رتيل بعصبية وأعصابها تشتَدُ أكثر : مين لازم يقول؟ أنا ولا أنت؟ تحب تقهرني وتضايقني . . . ضعفت قوَاها وهي تبكِي وتحاول أن تُغطي ملامحها بالوسادة حتى لا يرى دمعُها الذي يسقطُ بوضوح ـ أحبك ـ في عينيْها.
عبدالعزيز حاول أن يقترب ولكن وقف بمكانِه، بهدوء : ماجيت أقهرك ولا أضايقك، جيت أتطمَن عليك
رتيل : كذَاب!!
عبدالعزيز : والله، كنت بروح الفندق أوَل عشان غادة . .
رتيل نظرت إليْه بمحاجرٍ ممتلئة بضياء الدمع، بإنفعال : وتطمَنت؟ أنا بخير الحمدلله، لكن بعد ما شفتِك ماني بخير!!
عبدالعزيز فهم تمامًا أنها متوترة و يتضحُ ذلك من كلماتها المتقطَعة وإنفعالها، أردفت ببكاء عميق وهي ترتجفُ بأنفاسها : عُمرك ماراح تحسَ، لين أموت ذيك الساعة بتتذكر وتقول والله فيه بني آدم ينتظرني
عبدالعزيز بضيق : بسم الله عليك
رتيل بصراخ : بسم الله عليَ منك . . أنت اللي تذبحني وأنت اللي تمرضني!!
عبدالعزيز بخفُوت : طيب إهدي خلاص، لا يرتفع ضغطك
رتيل بقهر وعيناها لا تجفَ : شف أنا وين أحكي وهو وين يحكي!! وتقول جايَ تتطمَن بعد؟ . . يارب بس أرحمني
عبدالعزيز بحدَة يقترب منها : رتيل خلاص!! بتخلين الممر كله يسمعك الحين
رتيل أخفضت عينيْها لتدخل بدوامةٍ من البكاء المستمَر، تنهَد وهو يضع يدِه على شَعرها : ليه أنفعلتي؟ ماحاولت أستفزك ولا أقهرك . . صايرة ما تتحملين كلمة مني
رتيل بإنكسارِ نبرتها : ليه تسوي فيني كِذا؟
عبدالعزيز : ما سويت شي، لو أدري إنه جيَتي لك بتسوي كِذا ما جيتك، يهمني بعد إنك تكونين بخير
رتيل تُشتت نظراتها : يارب ساعدني بس
عبدالعزيز وهذه الدموع تكسرُه، وتُليَنه رُغمًا عنه، مسح ملامحها بأطراف كفَه : لا تبكين، توَ ما مرَ عليك يومين
رتيل نظرت إلى عينيْه القريبة منها ولا تفصلُه عنها سوى بُضع سنتيمترات، طال صمتهما.
أأمُوت أمْ مالعمل؟ ما كان بالبُعد خيرًا حتى أرضى به، خيْرِي يا عزيز معك وأنت شحيحٌ بالهوَى! وأنا لا أتنازل! مثل بقية نساء بلدِي اللاتي لم يعتادون التنازل ابدًا إن كان هذا يخلَ بكبرياءهم، كيف أتنازل؟ وأنا كنت صاحبة الرغبة والخطوة الأولى في كل أمورنا الفائتة؟ تذكُر؟ سألتني في أول زيارة لباريس " وين بتروحين " أجبتُك " جهنَم " و وقتها ضحكت وقُلت " كويَس بطريقي " أظنُك كنت صادق حينها، نحنُ في الجحيم و أنت لا تعطفُ عليَ أبدًا. لم يكن سيضرَك شيئًا لو تقدمت خطوةٍ للأمام وتمسَكت بي مثل ما أتمسَك بك في كل مرَة وأتجاهلُ أمر عقلي، لِمَ تفعل بي كل هذا يا عزيز؟ والله لا أستحق أن تُحزني بهذه الطريقة الموجعة.
عبدالعزيز بلع ريقه من نظراتِها التي تُزيده حُزنًا، أردف : بترجعون الرياض بس تقومين بالسلامة، شدَي حيلك
رتيل بقهر : بنرجع؟ طبعًا أنت منتَ منَا! طبيعي أصلاً ليه أسأل، عُمرك ماراح تكون منَا لأن عُمرك ماراح تفكر بأحد غير نفسك، كل مرة أقتنع أكثر إنك أناني وتحب نفسك أكثر من شي ثاني، وطريق بيوجعك تبعد عنه حتى لو أحد ينتظرك فيه وطريق فيه لذتَك حتى لو مافيه أحد ينتظرك مشيت فيه!!
عبدالعزيز : وأنتِ ظالمة! لأن عُمري ما فكَرت أمشي ورى رغبتي! شوفي حالتي اللي وصلت لها وعقب كل هذا تقولين أناني؟ بدآ حقدك يعميك فعلاً!!
رتيل بغضب : أطلع برا
عبدالعزيز نظر إليها طويلا حتى صرخت مرةً أخرى : أطلللع
عبدالعزيز ابتعد عنها، وبهدُوء : طيَب
رتيل من بين إندلاعات الحُرقة في صدرها وتصاعد البُكاءِ في عينيْها نطقت : ما أبي أشوفك . .
إتجه عبدالعزيز ناحية الباب وبمُجرد أن وضع يده على مقبض الباب حتى توقَف وهو يسمعها تبكِي وتُنادي ـ يُمَه ـ، للمرةِ الأولى يسمع لفظ " يمَه " من بين شفتيْها، كان يُدرك خسارتها لوالدتها ولكن لم يُدرك أن حزنها يتفاقم في كل لحظة تحتاج أن تبكي على صدرِ أحد.
دفنت وجهها بالوسادة وهي تستلقي على جمبها مُتجاهلة أمر إصابتها، أختنق صوتها بكلماتٍ كثيرة لا مجال لفهمِها : يارب . . ليه كِذا؟ ياربي . . . يا يمَه . . .
لم يقدر أن يفتح الباب ويخرج وهو يسمعها تبكِي بهذه الصورة، تنهد: يارب . .
عاد بخُطاه ليُبرهن لها أنه ـ يتمسك بها ـ رُغم أنها تُهينه، جلس على السرير بجانبها بعد أن أستلقت على جمبها وتركت مساحةً فارغة، سحبها برفق رُغم محاولاتها بأن تُبعده : أتركني
عبدالعزيز شدَها إلى صدره : أششش! خلاص
رتيل بإنهيارٍ تام لا فُرصة للسيطرة عليه، حاولت أن تضرب صدره وتُبعده ولكن ذراعيْه جمدَت حركاتها : ليييه!
عبدالعزيز وبدأ صوتِه يختنقُ معها : رتيل . . خلاص
رتيل وهي تحبسُ وجهها في صدره : تحبَها؟ طيب وأنا؟ ليه تزوجتني؟ ليه تسوون فيني كِذا؟ ماني حجر عشان ما أحس! ليه تلعبون في قلبي بمزاجكم؟ أنت وأبوي كلكم تعاملوني كأني عديمة إحساس . . تعببببت
عبدالعزيز قبَل رأسها ولمْ يحاول أن يُحرك وجهه بعيدًا عنها، ضلَت شفتاه تُلامس رأسها.
رتيل ببكاء : ليه يا عزيز؟ أنت تدري وش في قلبي لك؟ كيف تقوى تسوي فيني كِذا؟
عبدالعزيز وصدرُه يرتفع بعلوٍ ويسقطُ بذاتِ العلو، قلبهُ ينتفض من مكانه مع كل حرف تنطقه شفاهِها : إرتاحي، لا تفكرين بأشياء راحت
رتيل بعلوِ صوتها المُتعب : لا تقول لا تفكرين! هذي نفسي كيف ما أفكر فيها!! ياربي . . ليه لييييه
عبدالعزيز أبعدها عن صدرِه حتى يُحيط رأسه وينظرُ إلى عينيْها التي تُقابله : ما أحب أشوفِك كِذا، تذبحيني والله
رتيل : ما تعرف شعوري ولا راح تفهمه، بموت يا عبدالعزيز لما أفكَر إنك معاها، أحس بنار تحرقني! أنا ما أستاهل تسوي فيني كِذا، من البداية كنت تهيني مع كل كلمة، وبعدها أهنتني بأفعالك! وش جريمتي عشان تسوي كل هذا؟ عشاني بنت عبدالرحمن؟
عبدالعزيز : ماعاش من يهينك
رتيل بغضب : لا تحاول تقنعني بأيَ كلمة! أنت تهيني . . تهيني يا عبدالعزيز، حتى الحين تهين شعوري لما أبيَن لك كل شي وتجلس تجاوبني بأشياء ثانية
عبدالعزيز : كيف أجاوبك؟
رتيل تلفَ وجهها للجهة الأخرى : وش أبي بحُب أنا طلبته؟ إما تجي منك ولا ما أبيه . .
عبدالعزيز الذي مازال يحاوط وجهه أرغمها على النظر إليْه : الحين فهمت كلام ابوك لي، لمَا قالي لا تكوَن علاقات وصداقات مع أحد، فهمت وش كان يقصد
رتيل بحدَة نظراتها : الله يسلم أبوي كانه داري إنك إنسان بارد تجرح الواحد وتجي تداويه!!
عبدالعزيز عقد حاجبيْه وبحدَة نبرته : تدرين وش الفكرة اللي في بالي الحين؟ إنك جاحدة وظالمة

يتبع ,,,

👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -