بداية

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -92

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي - غرام

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -92

سلطان : كون صبُور مهما أستفزّتك الأحداث اللي حولك ، طنِّش وتقدر ، لا ترمي كل شيء عشان كلمة أو عشان موقف ! خلك دايم ثابت والبقية هم اللي يتحركون لاتكون أنت اللي يتحرك حسب مالظروف تبي !! أوقف بوجه كل شيء يواجهك وخلك ثابت !!
عبدالعزيز يرتشفُ من قهوته التي برَدتْ ،
سلطان : وين جلست باليومين اللي غبت فيها ؟
عبدالعزيز : أول يوم مالقيت مكان وجاني أرق ، كل مارحت مكان قالوا لازم عوائل
سلطان أبتسم حتى بانت صفة أسنانه العليا : كان لازم تعرف قوانين بلدك
عبدالعزيز : وش يعرفني أنه ماينفع العزابية يسكنون بالفنادق بعد !!
سلطان : على حسب الفندق
عبدالعزيز : ثاني يوم تعبت وكنت أبي أنام ولقيت عمارة ومكتوب عليها شقق مفروشة للعزابية ، كانت أقذر مكان شفته بحياتي وبعدها أضطريت أرجع !
سلطان : ماهو أضطريت !! لكن لأن هذا مكانك الصح
نظر لهاتفه الذي يهتز إثر رسالة ، قرأ " تُركي في مزرعتك طال عُمرك "
أنتهى
نلتقِي بإذن الكريم - الخميس -
منوريني جميعًا بكل صفحاتي الشخصية برا المنتدى ()
لاتحرمونِي من صدق دعواتكمْ و جنَّة حضوركمْ.
و لا ننسى أخواننا المسلمين المُستضعفين في كُل مكان أن يرحمهم ربُّ العباد و يرفعُ عنهم ظُلمهم و أن يُبشِرنـا بنصرهُم ، اللهم لا تسلِّط علينا عدوِك وعدونـا و أحفظ بلادِنا وبلاد المُسلمين.
+ و أيضًا لا ننسى عظمة الإستغفار.
*بحفظ الرحمن.
الجزء ( 42 )
أنتِ لي . . أنتِ حزني وأنتِ الفرح
أنتِ جرحي وقوس قزح
أنتِ قيدي وحرِّيتي
أنت طيني وأسطورتي
أنتِ لي . . أنتِ لي . . بجراحكْ
كل جرح حديقهْ ! .
أنت لي .. أنت لي .. بنواحك
كل صوت حقيقهْ .
أنت شمسي التي تنطفئ
أنت ليلي الذي يشتعل
أنتِ موتي , وأنت حياتي”
*محمُود درويش
،
عبدالعزيز : ثاني يوم تعبت وكنت أبي أنام ولقيت عمارة ومكتوب عليها شقق مفروشة للعزابية ، كانت أقذر مكان شفته بحياتي وبعدها أضطريت أرجع !
سلطان : ماهو أضطريت !! لكن لأن هذا مكانك الصح
نظر لهاتفه الذي يهتز على الطاولة إثر رسالة ، " تُركي في مزرعتك طال عُمرك "
رفع عينه لعبدالعزيز : نمشي ؟
عبدالعزيز وقف : إيه
خرجُوا من إحدى المقاهِي على شارع التحلية الصاخب ، كلٌ على سيارتِه ، ذهب البائس حيثُ الحيّ المُنزوِي بمثلِ إنزواءِ سُكانِه ، نظراتِه أرتفعت لنافِذتها المُظلِمة و ستارٌ يُغطِيها ، أخذ نفسًا عميقًا ، أفلس من هذه الدُنيا ولم تعُد من أحلامه – الغنى –
لِمَ أقِف ؟ الحياةُ تسير كـ رمشةِ عين و ما زلت مُتغير مُتحرك حيثُ ما حولِي يُريدون ، لا عائلتِي سيعُودون و لا أنـا سأفرح ، يجب أن أنسى حتى لو كلَّف أمرُ نسيانهم " موتْ أعصابي " ، سأنسى مثل ما ينسى الجميع إلا أنني سأحتفظ بقلبٍ لا يرى سوى الغائبين من على هذه الأرض ، غادَة و هديل و أبي و أمي . . أنتُم في حُجرةٍ من قلبي لا تنكسِر و البقية لا يهُم.
لا يهُم ، مثل ما وهب سلطان حياته للعمل سأبذل كل طاقتِي فيه و سأنشغل وأنسى كما نسيَ سلطان ومن قبلِه عبدالرحمن بن خالد ، سأنسى و هذا وعدٌ لقلبِي.
،
قبل ساعتيْن و 37 دقيقة مُربِكة ، غير مُصدِق لما يُحدث مع إبنتيْه ، كيف كشف عبدالعزيز الخِمَار عن هذا الزواج المُحكم في سلاسِل الألسُن ، أيُّ جوابٍ مُقنع يمسح به شحُوب قلبِ رتيل ؟ أيُّ صفعةٍ ستتحمَّل رتيل ؟ أحلامُ الصِبـا ذابت كما السُكر يذُوبِ في سخُونةِ الكأس ، كان سهلاً عليه أن يُقنع عبير ولكن يقف الآن عاجِزًا عن خلقِ عُذر يُبعد هذه الشكُوك أو رُبما اليقين الذي يجزمانِ به ،
رتيل ببرود غِير مُبالي وهِي تدفنُ الملعقة في قاعِ السلطة الخضراء : ضي
أتسعت محاجره و شفتيْه تثبت ، راحةٌ بسيطة تسللت إلى قلبه فأمرُ ضي هيِّن أمام فاجِعتها بعبدالعزيز ،
عبير بقهر : الله أعلم من متى متزوجها
رفع عينه على إبنته الواقفة و الذِي يُفترض أن تكُن أكثر أدبًا : لو متزوجها من قبل لاتنولدين ؟ وش بتسوين يعني ؟
رتيل بإستنكار و غضب سقطت الملعقة من بين أصبعيْها على أرضية الرُخام : متزوجها أيام أُمي الله يرحمها ؟
عبدالرحمن بهدُوء : ماتلاحظون أنكم نسيتوا أنفسكم وجالسين تحاسبوني ؟
عبير أنفاسُها تضطرب : مانحاسبك ! بس ليه دايم إحنا على هامشك ؟ ليه دايم إحنا مالنا حق نسألك أو حتى نشاركك القرار ؟ هذي حياتنا زي ماهي حياتك .. ليه دايم إحنا مالنا كلمة ولا حق الإختيار .. ليه دايم إحنا ننجبر وغصبًا عنَّا مانناقشك !
رتيل بهدُوء : تزوجت ماتزوجت مايهمني !! دامك فصلت حياتك عنَّا فما لنا حق نحاسبك بحياتِك أنت وأنت بروحك
عبدالرحمن بحدَّة : تكلمي زين أنتِ وياهاا !! أنا الحين حاطكم على الهامش ؟
صرخ بعبير : انا كذا ؟ يعني أنا مقصِّر و ماني سائِل عنكم ؟
عبير حاجتها للبُكاء من بؤسٍ تراكم على قلبها جعلت هدبيْها يرتجفَان لتترامَى الدمُوع على خدِها ، أردفت بخفُوت : طيب ليه ؟
عبدالرحمن : هذا شيء وأنتهى ماراح أجلس أبرر لك عشان تقتنعين !
عبير أطبقت فكيْها المرتجفة فوق بعضِها لتشدَّ عليها وكأنها ستطحن أسنانها من قهرها : ما طلبت منك تبرير ! بس ليه تفصل حياتك عن حياتنا ! إحنا مانستاهل هالحياة !! . . بكرا راح تتحاسب على بناتك .. على كل قهر ذقناه و أنت تبني حياتك مع وحدة ماندري مين ولا حتى أصلاً نبي نعرف مين !!! ما طلبنا منك المستحيل .. بس زي ما أنت تعيش حياتك أتركنا إحنا نعيشها خلنا نبكي منها ولا نبكي منك .. خلنا ننقهر ونضيق ونطيح في مصايبها بس نتعلم .. لا تحبسنا ..
رتيل بصوتٍ هادىء مُوجع : مايفيد ؟ لو تقولي الحين روحي يا رتيل وعيشي زي ماتبين .. ماراح يفيدني بشي ؟ 24 سنة مرَّت و أنا ما أعرف وش يعني صداقة و لا ناس ومناسبات .. تبي تعلمني الحين كيف أصادق غير بنات ربعك !! أعدد لك كم بنت صادقتها وأطول فترة صادقتها فيها ؟ هي وحدة .. وكورس واحد وجيتني قلت هالبنت لاتختلطين معها ..والحين هيفاء !! وطبعًا لأنها بنت بو منصور ولا كان قطعت علاقتي فيها من زمان ... لا تقولنا ماني مقصِّر .. أنت علمتنا كيف نفقد ثقتنا بهالناس كلهم و نبعد ؟ بس ما علمتنا كيف نعيش بدُون صداقة .. بدون أهل .. بدون أم .. بدون . . . أب طبيعي !!
عبير بإقتناع في حديث رتيل أردفت : حياتك مع اللي إسمها ضي تخصك أنت بروحك .. لا تخلط بيننا و عيش مثل ما تبي وإحنا بعد راح نموت مثل مانبي . . . وصعدتْ لغُرفتها بخطواتٍ سريعة و دمُوعها تُسارع خُطاها.
رتيل أخفضت نظرها بسُخرية مُبكية : بتعلمنا كيف نمُوت و ببطولة ؟ وبننهي هالمثالية اللي عايشين فيها !!
عبدالرحمن و تواطؤ اراء رتيل مع عبير يُثير في داخله ألفْ كدمةُ حزن ، لم يتفقَا طوال حياتهُما و الآن يتفقان على " الموت " ، ألهذه الدرجة الحياة هُنا جحيم ؟ ألهذه الدرجة تكدسَّت الهمُوم في قلب إبنتيْ ؟ خُفت الفُقد ! لم أتحمَّل فكرةُ أن أفقُد أحدٌ مِنكُما . . لو أن أسجنكما في عينيْ لبقيتْ غير مُطمئِنًا أيضًا ، ليتكُما تُدركان الخطر و الرهبة التي تدبُّ في نفسي كُلما فكرتُ في " كم ضالاً يسيرُ بشوارِعنا ؟ ، كم حقيرًا يُلطخ طُرقنا ؟ ، كم مُجرمًا يدُوس على أعراضنا ؟ . . " حاولت أن أُطمئن نفسي كما تُحبان ولكن أيضًا فشلت ، أنا غير قادِر على جمعُكم بمُجتمع يكسرُ غصنُ الأنثى و أنا أخاف على إنعواجِ ضلعٍ بِكُما . .
رتيل رفعت عيناها لتلتقِي بعينيْ والِدها اليائسة ، بنظراتِ والِدها سقطت دمُوعها : آسفة ، . . . . برجفة شفتيْها نطقت : مانبي نضايقك ، نعرف أنك تتعب عشانا بس يبه ضقنا .. ضقنا حيييل ماعاد نقدر نكتم أكثر .. لما عرفت عبير عن الموضوع وهي تبي تجيب الكام من غرفتك .. تخيَّل أنه عبير جرحتني بكلامها وطلعتني ولا شيء .. عبير اللي مستحيل تنفجر بوجه أحد .. أنفجرت فيني . .
بلعت ريقها وهي تنظرُ لوالِدها بإنكسار : يشوفوني رخيصة مالي فايدة بهالحياة .. ماني معارضة زواجك من حقك تعيش لكن إحنا يبه نبي نعيش .. كفاية والله كفاية .. أنا ندمانة قد شعر راسي على كل شي سويته وأنا أعصي أوامرك .. كل شيء ندمانة عليه .. لأني الحين عرفت سبب أوامرك .. لأني الحين عرفت كيف عصيانك يخليني رخيصة !! بس . .. ماأحملك شي ،كلها أغلاطي بس لولا أوامرك اللي خلتني احس بالنقص قدام ناس كثير ماكان سويت كذا !! لولا أقنعتني صح بقوانينك ما وصلت لهالمرحلة ولا وصلت عبير لهالشيء !!
أقتربت بِخُطى هزيلة لتُقبله بين حاجبيْه و تدفنُ ملامِحهها على كتفِه و تُبكِي بإنسياب ، عبدالرحمن وضع ذراعه خلف ظهرِها لايعرفُ كيف يُربت أو يُخفف حزنها ، لوهلةٍ شعر بأنه عاجز عن كُل شيء و لا شيء يستحق بأن يُغلف الحزن هدايـا السماء لقلبه.
رتيل بصوتٍ مخنوق : آسفة
والدها بصوتٍ يتقطَّعُ بسِهامُ حُزنٍ : حاولت ... حاولت يا رتيل أسعدكم بس واضح أني مقدرت
رتيل وقفت بقدميْها كاملة بعد أن أعتلت أطرافها حتى تصِل لجبينْ والِدها ، غرزتْ رأسِها في صدرِ حبيبها المُتبقي و التي لم تخرج من حُبِه خائبة : يكفي أنك موجود هنا . .
،
دخَل مزرعتِه المُتسِعة لقتالٍ من نوعٍ آخر ، يعرفُ أنَّ تُركي سيستفزِه سواءً بحقيقة أو كذبة لذلك أخرج السلاح من جيبه و سلَّمهُ للسائِق ، رمى مفاتيحه و هاتفه على الطاولة الخشبية التِي يُزيِّنها مفرشُ الكُورشيه ، سَار بخطواتٍ هادئة خافتة غاضبة حاقدة مشحُونة بكُل شيءٍ بائس ، فتح باب الغُرفةِ الخلفية الخاصة بأدواتِ الزراعة و الحراثة ، ألتقت عيناهُ باللاصِق الذِي يربطُ عينا تُركي ، تمتم في داخله " أستغفرك ربي من كل ذنبٍ فعلته أعلمه أو جهلته "
وقف خلفه وفتح اللاصِق بشدَّة جعلت الهالات الحمراء تُقيم حول عيناه ،
سلطان بنظراتٍ ساخرة حادة : يا أهلاً
تُركي بلع ريقه و جسدِه النحيل المُهتَّز يُثير ريبة ملامحه التي تتفجَّر بالبياض الشاحِب ،
سلطان فتح قيدِه من على يدِيْه و قدميْه ، شدَّه من كتفه ليُوقفه و بغضب : لا تلف ولا تدور ، اللي سويته مع بنت أخوك تقوله ليْ . . . وبالتفصيل
تُركي بنبرةٍ مُتعبة : ما سويـ
لم يُكمل من صفعةٍ أدمَت شفتيْه : كذب ماأبغى ... ترك كتفيه ليُرمى على الكرسِي الخشبي الذِي مال به حتى سقط على ظهره
،
سلطان شد الكُرسي له وجلس : لا تحسب أنك بتفلت ، طبعًا تترحم على نفسك مني وبعدها الهيئة تعرف تتصرف معاك !!!
تُركي بمرضٍ يُجاهد أن يتمسك به ، لا شيء يراه سوَى الجُوهرة و عشق الجُوهرة ، وكل شيءٍ ينحدِر من الجُوهرة أُحبه و هي تُحبني ، هذه الحقيقة يجب أن يعلمها الجميع و يجب أن نٌدافع عنها حتى تُثبت في عقُول من حولنا ،
أردف : هي تحبني .. وراضية
سلطان بغضب وقف ورمى الكرسي عليه لتنكسِر إحدى سيقان الخشبْ عليه وتجرحُ جبين تُركي : مين اللي راضية ؟ .. صرخ : مين ؟
تُركي ولايشعرُ بهذا الألم الجسدي مثل ألمِ قلبه : أنت ماتحبها .. انا بس اللي أحبها .. حياتها معايْ انا .. معاي أنا .. محد بيوقف معها إلا أنا .. محد بـ
سلطان أنحنى عليه ليشدُّه من الأرضِ ويُثبته على الجدار : قلت تحبها ؟ ؟
تُركي بغضب : و أعشقها
سلطان أبعد رأسه عن الجدار ليدفعه بقوة ناحيتِه : تعشق مين ؟
تُركي بإنهيارٍ تام و موتٌ لقلبه وعقله الذِي بات مشلول لا يستطيع أن يُفكر بما يجب أو بما يُحرَّم عليه : أعشق الجوهرة .. الجوهرة ليْ أنا بروحي
سلطان وشدِّه من ياقةِ ثوبته ليدفعه للجهة اليُمنى و يتحطم من جسدِ تُركي زُجاج النافِذة وبصرخة حارقة : بنت أخوووك !! من لحمك ودمك يا *****
تُركي و جسدِه يُخدش بقطعِ الزُجاج المُتناثرة حوله : أنا أحبها و راح نقدر نعيش بدونكم .. إحنا لبعض لازم تعرف أنها ماهي لك .. ماهي لك ... هي وافقت عليك غصبًا عنها .. تبيني أنا .. رفضت مليون واحد قبلك عشاني .. عشاني أنا .. و أنا أحبها
سلطان تمنَى لو أنه لم يترك سلاحه حتى يقتله إبتداءً من لسانه الميِّت : أغتصبتها ؟ أغتصبت بنت أخوك ؟
تُركي بجنُون : لأنها حقي .. حقي أنا
سلطان وأعصابه تلفت ، تقدَّم إليه ليشدُّه من شعره الطويل و ثبَّت ذقنه عند حافة حوضُ المياه الحارَّة المُعلق : يعني أغتصبتها ؟
تُركي ولا يُبالي بشيء حتى المياه التي يتصاعدُ دُخانِها : أنا أول رجال في حياتها وآخر رجَّال .. لا أنت ولا غيرك راح يقدرون يلمسون شعرة منها .. هي لـي أنـ
أغرقه سلطان بحوضٍ تذُوب به أغصانُ الأشجار و ينعوِجُ به سلكُ المعدن المُتماسك ، أغرقه و ملامِحه تحترِقُ بالحُمرة
تُركي بصرخة : آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه
سلطان يرفع عن المياه : تعرف وش راح يسوون فيك ؟ بتهمة الإغتصاب والتحرش طوال الـ 7 سنوات ممكن يحكمون عليك بالقصاص وبأقرب وقت.
تُركي بإستفزاز لسلطان وعيناه يتجمَّعُ بها دمعٌ أحمر : أموت وياها
سلطان لكمه على عينِه : أنا أعلمك كيف تمُوت وياها ،
جرّ شعره إلى أن وصَل لزاويةٍ أُخرى ، ضغط على زرٍ لتتحرَّك أعوادٌ من الحديد متينة تصطدمْ بسلسة من الحديد أيضًا ، لو وضع قطعةٌ معدنية لتفتت بهذه الآلة ،
تُركي أتسعت محاجره الحمراء وهو ينظرُ لحركةِ الآلة المُخيفة ،
سلطان وضع ذراع تُركي على طاولة الألمنيُوم الحارِقة : تقولي كل شيء ولا بتودِّع أصابعك !!
تُركي : طلقها هي مـا
سلطان يُقرب الفكوك الحديدية منه : جاوب على قد السؤال
تُركي وينظرُ لهذه الآلة التي تقترب : هي جتني
سلطان : كيف ؟ .. بصرخة أردف : تكلم زي الناس
تُركي برجفة : كانت قريبة مني حيل و بوقتها كانت راجعة من عرس و عندها إختبارات الثانوية .. راح عبدالمحسن وزوجته للرياض وتركوها عندي أنا وريان .. شفتها و .. . . هي أغوتني .. هي اللي جتني في ذيك الليلة وقالت لي محد موجود و أننا نقدر نعيش زي مانبي .. و إحنا نحب بعض .. 7 سنين إحنا نحب بعض ومحد له علاقة فينا .. رفضت كل اللي جوها عشاني .. و لما جيت أنت ضغط عليها أبوها وريان و وافقت و .. حتى قبل كم أسبوع جيتها في بيتك .. و ودعتني وقالت بأقرب وقت راح آ . .
لم يُكمل من لكمةٍ في أنفه جعلته يسقط على الأرض وهو يتذكَر ذاك اليوم التي أمتلأ عُنقِها بحُمرةِ قُبلاتها ، لو أنِي ذبحتها في يومها لكان أفضَل.
تُركي : إذا هي داشرة أنا وش دخلني ؟ أنا زيي زي غيري نشوف بنت أكيد بـ
حذف عليه علبةُ المسامير لتنزف ملامِح تُركي من كُل جانب ، شدّه من رقبته ليُوقفه وحرارةِ أنفاس سلطان تكاد تحرقُه من جديد : تشوف بنت تآكل تبن و ماتقرب لها .....
دفعه على الأرض الممتلئة بالمسامير : هالحكي بتقوله قدامها عشان تنذبح وراها ....
خرج و وصَّى الحارِسُ عليه ، أقترب من الطاولة المُثبتة على الأرضِ الخضراء المزروعة ، أخذ هاتفه و ضغط على " الجوهرة "
هِي غارقةُ في البُكاء الصامت الخافت و كفِّها أسفَل خدِها ، تنظرُ لهاتِفها الذي يهتزُ على الطاولة ، تجاهلته وهي تتأمله.
دقائِق حتى مدَّت يدِها بضيق و ما إن قرأت " سلطان " حتى أرتعشت أطرافِها و قلبُها ينتفض ويعلقُ بقفصٍ هزيل مُتعب ، ردَّت برجفة و دُون أن تنطِق شيء و أنفاسِها المُرتفعة هي من تصِل إلى مسامِع سلطان.
سلطان بحدَّة : تجهزين نفسك بكرا الصبح تكونين عند الباب
الجُوهرة بهدُوء : أتفقنا على الطلاق
سلطان بصرخة ألجمت الجوهرة : طلاق يآخذك لجهنم الحمرا أنتِ وياه .. تشوفين حل مع أبوك مع أي زفت عندك والساعة 6 أنتِ عند الباب ... وأغلقه.
سلطان وضع سلاحه في جيبِه و مفاتيحه و . . . . أتجه حيثُ طريق الشرقية ،
هُناك أرتطم فكيْها ربكة و خوفْ ، سيقتلني لا مُحال .. لِمَ يطلبنِي وهو قد أتفق على الطلاق مع أبي ؟ ماذا يُريد بيْ ، لو لم أخرج له سيفضحني عِند أُمي و ريَّــان ، لكن أبي ؟ كيف أُقنعه ! لن يوافق ولن يستطِع سلطان أن يجبُرني ولكن سيصِل بنا إلى طُرق مسدودة !! ستنتهي علاقاتٍ كثيرة منِّي ، إن كان يُريد الطلاق إذا لِمَ يُريد أن يراني ؟ رُبما لم ينتهِي من ثقب جسدِي بكدماتِه ، يالله يا سلطان كيف تُريدني أن أخرجُ لك دُون علم أحد ؟
،
على أطرافْ القصيم ، جسدِها مُتعب من السيارة التي كسرَت ظهرِها ، كتبتْ له العنوان : هذا هو
يُوسف : طيب على مانوصل حايل بتكون الساعة 4 والناس نايمة
مُهرة و لا فكرةً لديها أو رُبما لا تُريد أن تُفكِر ، تنهَّدت : وش نسوي ؟
يُوسف بإرهاق : ننام في القصيم وبعدها نمشي لحايل
مُهرة : طيب
دقائِق طويلة حتى وصلُوا لأولِ فُندق واجههم على الطريق ، يُوسف : بشوف إذا فيه غُرف فاضية .. نزل وتركها تغرق في تفكيرها.
تأملتهُ حتى دخل ، وضعت كفِّها على بطنها و هي تدعي بأن يصرف عنها السوء ، مشاعر مُتشابكة مُلخبطة و الأكيد أنَّ يُوسف ليس بالزوج المُناسب لها.
كيف ستشرح لوالدتها الموضوع بأسلوبٍ سلس يُقنعها ؟ يالله كُن معي و أحميني من عبادِك الضالين ،
تُفكِر لو تقدَّم لها يُوسف في ظروفٍ أجمل ؟ كـ زواجٍ تقليدي إعتياديْ ، هل كانت ستوافق عليه ؟
رُبما لأ ولكن ماهي أسبابي ؟ الدراسة ليست حجة مُقنعة ، ذو أخلاق و طيِّـب و . . . جميل.
عقدت حاجبيْها من تفكيرها فيه وفي صفاتِه ، سيء . . رُبما كنت سأُخدع به و بصفاتِه هذه ، هزلِي لا يحتمِلُ الجدّ كان سيقهرني كثيرًا في تصرفاتِه الهزليـة و لن أتحمَّل ، أيضًا عائلته ليست بتلك الجمال حتى أُخالِطهُم و يجتمع مع أخيه تحت سقفٍ واحد و نظامٌ يقتُلني أن تُحاصرني غُرفة واحدة أو رُبما جناح ولكن أيضًا لا تكفي حتى أرتاح في منزلي.
لا شيء في يُوسف يُغري للحياة معه ، ألتفتت على الباب الذِي يُفتح : لقيت غرفة
نزلا معًا متوجهين للطابق الرابع حيثُ غُرفتهم الفندقـية ، يُوسف رمى نفسه على السرير وفي المنتصف أيضًا ، مُتنهِدًا براحة حتى أنه لم ينزع حذائه .
مُهرة تتأمل لثواني معدودة الغرفة الضيـقة نوعًا ما ، أخذت نفسًا عميقًا : ممكن تخليني أنام ؟
يُوسف بصوتٍ ناعس : أفصخي جزمتي وببعد
مُهرة بعصبية : نعععععععم ؟
يُوسف : زوجك !! ماراح ينزل من قدرك شي
مُهرة : ماأنحني لك
يُوسف بسُخرية : يامال الضعفة والله .. أقري وتثقفي وش كانوا يسوون نساء الرسول عليه الصلاة والسلام
مُهرة تكتفت : عائشة رضي الله عنها قالت عن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم ..
يُوسف بعناد وضع الوسائد أسفَل رأسه و أغمض عينيْه.
مُهرة بجدية : من جدك بتنام ؟ طيب وأنا وين أنام ؟ حتى مافيه كنبة هنا !! بعدين تعبت من الطريق ... قوم
يُوسف ولا يردُ عليها ،
مُهرة تنهَّدت بغضب لتجلس على طرف السرير و تنزع طرحتها و تضعها على الطاولة ، أردفت : يعني كيف ماأنام اليوم ؟ ترى دعوة الصايم مجابة
يوسف وهو مُغمض عينيْه : منتي بروحك صايمة حتى أنا صايم
مُهرة وقفت لتنزع عبايتها ، رفعتها وبإرتفاعها بدأت بلوزتها الليلكية بالإرتفاع ، فتحت عيناها و نظرات يُوسف الضاحكة جعلتها تعض شفتِها و ترمي عليه العباءة : قليل أدب
يُوسف صخب بضحكتِه : ههههههه تصبحين على خير
مُهرة تفتح شعرها و تسحب وسادة أسفَل رأسه لتستلقي بجانبه ولو أزاحت قليلا لسقطت من السرير ،
يُوسف الناعس أستعدَل بجلسته ليرمي حذاءه عند الباب و يعُود تارِكًا مجالا واسعًا لمُهرة ، نامَا و ظُهورِهم تُقابل بعض.
،
أشرقت شمسٌ خجلى تُداعب السُحب في سمـاء المملكـة الـعربيـة الفاتـنة ،
طفلٌ يُريد الحيـاة و قلبُه ينبضُ برقةٍ نحو أُمه ، يعضُ جُدران رِحمها طالبًا الدُنيـا ، تنظُر لحبيبها الأوَّلُ و الأخير ، زوجُهـا الطيِّب العذب ، ما كان الحُب يومًا إختيارًا ، طفلِي سأُعلمه كيف تجعلُ الحُب يختارك بالزواج و أنَّ من يختار الحُب له نارٌ في يومٍ لاريب فيه ، سأُعلمه كيف الجنـة تتسع للمُتحابين في الله ، سأُعلمه كيف الحياة جميلة بالحلال و برضا الله ، سأُعلمه كيف أن ظُلم النفس شديدًا ولا يكُون ظُلم النفس الا بمعصية الله ، سأُعلمه كيف أنَّ الجنةٍ طُرِد منها آدم بسبب تُفاحةٍ فلا تُتقل القول ويفلتُ منك الفوزُ العظيم ، سأُعلمه كيف أُحب والِده و كيف أنتظرناه ؟ سأُعلمه كيف يتفادى الخيبات ؟ سأُعلمه كيف أنَّ كثرة الأصدقاء شقاء ، سأُعلمه عن البهجة و الدهشة .. وكل الأشياء الملوِّنــة الجميلة.
أمام المرآة يُعدِّل " نسفة " غترتِه ، بصوتٍ هادىء : يمكن اليوم أتأخر بالدوام لأن يوسف ماهو موجود
نجلاء تنظرُ له بلمعةٍ عينيْها المُضيئة حُبًا ، وضعت كفِّها على بطنها : منصور
منصور و عيناه على المرآة : همممم
نجلاء بفرحة عظيمة رُغم كل الألم الذي تشعرُ به و التقلصات في بطنِها ، دمَّعت عينها خوفًا و رهبةً و فرحةً وبهمس : بُولد
منصور ألتفت عليها ليسقِط " عقاله " : وشششش ؟
نجلاء و دمعتها تسقط و برهبة من التجربة الأولى و ربكة : آآ .. مدري ألم ولادة ولا شيء ثاني ؟ .. أنحنت بظهرها قليلا من شدة الألم
منصور أخذ عقاله ، و بمثل ربكتها : لحظة !! هو فيه فرق بالألم ؟
نجلاء بتوتر : منصوووور
منصور حك جبينه : يعني نروح المستشفى ؟
نجلاء : لحظة .. راح .. لألأ
منصور بعصبية : كان لازم نآخذ ورقة مكتوب فيها كيف نعرف أنه هذا ألم دلع ولا ألم طلق
نجلاء بإبتسامة شقية في كومةِ ألمها : ماودِّك تآخذ ورقة بعد مكتوب فـ .. لم تُكمل من ألمٍ شعرتْ وكأنه سهمٌ ينغرز بها .. آآآه
منصور يجلس عند ركبتيْها وعيناه على بطنِها المُتكوِّر وبهمس : بتولدين . . قرَّب شفتيْه من كفيْها التي تُحيط بطنها ، قبَّلها : ثواني . . أخذ عبايتْها و . . . ربكة كبيرة تطفُو على مُحيطهم ، إنه الطفل الأول ، الضحكة الأولى ، و " هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا ۚ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّىٰ مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ " يا عذُوبـة النطق الأول و ماما / بابا من فمٍ مُتغنجِ بالبراءة ، يا سيلانُ الطُهر في أحشائِي ، يا طفلي.
،
أقتربتْ من طرفِ حُفرةٍ عميقـة ترمِي بجمراتٍ من نار بيضاء و دُخانٌ بارِدٌ يتصاعدُ مِنها ، خلخلت أصابعُ اليمين باليسار لتضُم كفيْها نحو صدرِها و عيناها تسقطُ دمُوعًا كـ حُبيباتِ ثلجٍ باردَة تستقرُ في القاع و تُشعل النيران مرةً أُخرى.
الهواءُ يُداعب شعرهِـا البُندقي ، و .. تكاد تنزلقْ ، يذُوب الصخرُ بجانِب قدميْها لحممٍ بُركانيـة ، أنـا أنزلق.
أفاقت و أنفاسها تعتلِي سقف غُرفتها ، صدرها يهبط و يرتفع بشدَّةٍ تخترقُ قلبها المُنتفض ،
بللت شفتيْها الجافة بلسانِها و هي تنظرُ لِمَ حولها ، لطالما آمنتُ برسائِل القدر وأنَّ الصُدف وسيلة لهذا القدر.
لطالما قُلت بأنَّ كل كلمةٍ تسقط عليها عيني هي " رسالة من الله " ، أؤمن بكل هذا.
الله غير راضٍ عنِي ، الله يُمهلنِي وقتًا ولكن لا يهُملني ، الله يُريد التوبة لي كما يُريد التوبة لعباده ولكن لن ينقصُ منه شيئًا ولن يضره إن كفرنـا به فهو غنيٌ عنـَّا ونحنُ الفقراءِ إليه ، الله لم يُوحي لي بهذا الحلم إلا لسبب ، الله لم يجعلني أقرأ ذاك الكتاب الا لسبب ، الله لم يجعلنِي أدخل ذاك الموقع و المنتدى إلا لسبب .. الله لم يُبقيني حيَّـة إلى الآن إلا لحكمةٍ ورُبما حسب عقلي الصغير " الله يُريد ليْ حُسن الخاتمة " ، رُبما هذه خاتِمتي . . رُبما الموتُ يقترب مني ويجب أن أُحضِّر لآخرتي.
يتصبب من جبينها حُبيباتِ العرق المُتشبثة بها و النُور يعكسُ لمعة البرونز من على ملامِحها.
يالله يا عزيز ما أنت فاعلٌ بي ، أبعدت فراشها عن جسدِها لتقف أمام المرآة ، يجب أن أكون قويَّـة ، هذا الحُب أنتهى ، هذا الحُب يا رتيل أنتهى ، هذا العزيز أنتهى ،
" أرادت أن تقسُو على نفسِها بكلماتِها " ، عزيز لا يستحقني ، عزيز لا شيء ، عزيز يُريد إذلالي و أنا لستُ في موضع ذُل ، عزيز يا رتيل " بحّ " ،
أخذت نفسًا عميقًا وهي تشعُر بأنها تخدع نفسها ، لن أضعف مرةً أُخرى ، لن أضعف لو كلَّف الأمرُ الكثير ، ليغرق في معاصيه لستُ مُستعدة أن أغرق معه . . و أنا لستُ طوق نجاةٍ لأحد و لن أُساعد أحد ، لستُ طيبة و صالحة بما يكفي حتى " أرحمُ " رجُلاً مثل " عبدالعزيز ".
دخلت الحمامْ لتستحِم بدقائِقٍ طويلة دافِئة و كأنها تُريد أن تظهر بوجهٌ آخر وإن كان تصنُعًا ، وإن كان تمثيلاً ، لا مكان لعبدالعزيز في حياتي و لا يستطيع أن يُجبرني على شيء.
رتيل الإنهزاميــة يا عزيز " ماتت ".
فتحت دُولابها لتسقط عينها على قميصه ، أخذته و مزقتهُ بيدِها لتأخُذ كحلها الأسوَد وتكتُب عليه بمثلِ قول غسان كنفاني الذي يُحبه هو و " بقرته " ، كتبت " إن الخيانة في حد ذاتها ميتة حقيرة . . مثلك تمامًا يا عبدالعزيز ، كُنت حيًا و صالِحًا لأن تقع في حُبك أيُّ أنثى و لكن الآن لم تعُد سوى ميتًا يقعُ في حُبك مُخلفاتِ البشر كـ أثير .. مبرُوك أتمنى لكم قبر سعيد "
لملمت قطع القميص الممزقة ووضعت الكُم في الأعلى حيثُ كلماتِها المكتُوبة ، أرتدتْ ملابِسها ،

يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -