رواية وش رجعك -14

رواية وِش رجعك - غرام

رواية وش رجعك -14

رفعت عيناي .. فالتقتا بعينيه ورأيت أنهما ما زالتا تحتفظان بالمزيد من الحديث : سـرع .. بروح أشوف بيان .. تأخرت ..
تبسم لي : مليتين مني ؟
هززت رأسي بالنفي بسرعة .. ثم نكست رأسي احراجا : لا ..
ليقول وهو يضحك : لين اللحين ما قلت لج الشي الي جاي أكلمج علشانه ..
اطرب قلبي .. ورفعت بصري متسائلة : شنو ؟
فابتسم ابتسامة تلفضت بعدها انفاسي : لو تقدمت لج بعد ما تردين من السفر .. تقبلين فيني ؟
أشعر أن أحدهم يدوس بفرسه جسدي .. سأموت حياءا .. نكست رأسي بخجل .. ولم أجبه بأي شيء ..
ليتقدم مني خطوة .. ويقول هامسا : فطومة انتي ما تعرفين اني من أول ما خلقني ربي وأنا احبج ؟
رفعت رأسي إليه .. وعيناه معلقتين بعيناي .. لا أعلم ما أقول .. أحتاج وقتا لأصف مشاعري .. رغم أنني أعرف بهذا .. لكنني لم أتوقع أن يصرح بقولها إلي .. هذه الكلمة .. التي بعثرتني .. وشتت النبض بقلبي .. عبثت بكل مالدي من قوة .. وبقيت أمام عيناه التي تنظراني انتظارا لأن أبادله القول .. وأنا محتارة .. أأبقى .. أم أطلق ساقي للريح .. فأنا محرجة .. وسأسقط على الأرض من فرط الخجل ..
ليقول وهو يبتسم : جاوبيني .. تقبلين فيني ؟ تقبلين تبادليني هذا الحب وكل المشاعر الي أحتفظ بها بقلبي لج ؟
سالت دمعة على خدي .. لا أجرأ على الكلام .. ليقول : فطومة .. ليش كل هـ الخوف .. اذا قلتي لا .. ما بزعل منج .. هذا قرارج .. وأنا أقبل فيه ..
شجعتني أبجدياته .. فهمست له : ممكن أروح ..
ليقول لي : ممكن .. بس بعد ما تجاوبيني ..
نكست بصري .. وهمست له : اوكي ..
ضحك بخفة : شنو اوكيه ؟ موافقة ولة لا ..
هززت رأسي بإيجاب وأنا استعد للهرب : موافـــ ق ــة ..
وركضت بسرعة عنه .. ولم ألتفت للوراء .. وأنا اسمع وقع خطواتي على أوراق الشجـر ..
==
كنت أرتب حقيبة سفري .. ودعاء جالسة بجانبي : عــاد .. بسافر معاكم ..
رفعت بصري لها .. فهذه المرة الألف أفهمها بأنني لا أستطيع : دعوي .. اللحين صار لي سبوع أفهمج ان عادل حجز لج معاه لايطاليا من بداية الاجازة .. أنا ابيج تجيين معانا .. بس ما بقدر اهتم فيج وأنا بكون أغلب وقتي مع محمود بالمستشفى ..
قالت لي : انزين وعاادل .. ليش ما يجي معانا ؟
قلت لها : روحي قولي له .. حاولت فيه .. قال شنو يسوي في ألمانيا .. يبي يروح ايطاليا ..
لتبكي : أنا بتملل بروحي ..
قلت لها وأنا أحاول ضبط أعصابي : دعوي ليش هـ الدموع اللحين ؟ تدرين ان السفر مع عادل شحلاته .. ما بخلي شي بخاطرج .. وبعدين أميرة بعد بتسافر معاكم ..
لتقول لي : وانتو متى بترجعون ؟
قلت لها : كلها ثلاثة اسابيع .. وانتو بتظلون شهر وانص .. بتتجولون في كل مكان حلو بايطاليا ..
لتقول : لكن اذا رجعت من المانيا تجي لنا ..
قلت لها وأنا أخذ أدوات الحلاقة : ان شاء الله بحاول ..
قالت لي : مو تحاول .. قول اكيييد ..
تنهدت وأنا أضع أدوات الحلاقة بالحقيبة : ما اقدر اقولج اكييد .. اجازتي كلها شهر .. بحاول اذا رضو بروح لكم ..
==
كنت حينها جالسة على الأرجوحة .. أهزها بملل .. أنتظر قدوم فطوم .. فتحت هاتفي .. ونظرت إلى الساعة .. وكانت التاسعة والنصف مساءا .. أغلقته .. ووضعته فوق قدماي .. وما إن رفعت بصري .. حتى رأيت ضياء قادمة نحوي وبين يديها طفلتها مريم .. استغربت قدومها .. لكنني لم أعرها اهتماما .. وأخذت أحرك الأرجوحة بنفس الملل ..
لكنني رفعت رأسي مرة أخرى حينما اقتربت مني .. ونادتني : نعم ؟
وضعت مريم على الأرجوحة التي بجانبي .. وهزتها بلطف ثم قالت : أبي أقولج شي .. بس مو عارفة شلون أفتح معاج الموضوع ..
انتفض قلبي .. أيعقل أنها ستحذني عن ذاك الميت .. فقلت بسخرية : ليش مو عارفة ؟ خايفة تجرحين شعوري مثلا ؟
ضحكت بخفة .. وقالت بحدة : ليش انتي عندج شعور علشان ينجرح ؟ لو كان عندج ذرة احساس .. ما لصقتي في فطوم وعماد .. واللحين عمار بعد .. علشان تبعدينهم عنا ..
رمقتها بغير تصديق .. ما تقول هذه المريضة النفسية وبذات النبرة قلت : ايوة .. خليت الشعور لج يا ام الاحساس انتي ..
رأيت وجهها يشتعل غضبا .. مما دفعني إلى الضحك .. فقالت لي : ويلوموني ليش أكرهج .. قالو شنو .. بيان طيبة وتحبج .. في حياتي ما التقيت بناس وقحين مثلج ..
قلت وأنا أضحك : وأنا أموت فيج .. هههههههه .. ( توقفت عن الضحك ) انتي من علشان أحمل بقلبي عليج أي شعور .. انتي وحدة مجنونة فيها عقد نفسية .. تطلع خبالها علي .. روحي ماما .. قولي لزوجج ياخذج الطب النفسي ..
وغرقت في الضحك .. لا لشيء .. وإنما لأقهرها .. فقالت وهي تأخذ ابنتها من فوق الأرجوحة : أنا ما اني مضيعة وقتي معاج .. بس جاية أحذرج .. وأقولج إن لعبتج هـ المرة بتنقلب عليج .. يكفيج فطوم وعماد .. أما عمار .. الي لعبتي عليه بكلمتين .. تراه هو الي قنع أبوي علشان يسافر هو وفطوم معاكم .. تدرين ليش ؟ علشان يعلقج .. ويرمييج .. علشان يرد لج الصاع يا بيان صاعين ..
سكت .. أستوعب ما تقوله هذه الحرباء .. أيعقل أنه عرف أنني هي التي تحدثه في الدردشة .. وعرف بخطتي وأراد أن يقلبها علي .. لكنني .. سامحته .. وقررت أن لا أأذيه .. ولا أأذي مشاعره .. قلت لها بهدوء .. عكس العواصف التي تحطم السكينة بقلبي : وانتي ليش تقولين لي هـ الكلام ؟ غير هو يبي ينتقم لج مني ؟ غير هو يبي يرد الفرج لقلبج الي اخترب بسببي ذاك اليوم ؟
يبدو أنها انصدمت مما قلته .. لأنها غرقت بالصمت .. فأنا ولا أحد غيري ذكر ذاك الأمر قبل الآن : ما يحتاج تحذريني .. ما يحتاج تقولين لي شي .. واذا عمـار يبي يأذيني علشان حسين .. اوكي .. أنا موافقة .. يا حلاتها هـ الأذية ..
زادت صدمتها وقالت بصوت مرتفع : قلت لهم وما صدقوني .. قلت لهم انج الي أثرتيه وبعدين سويتي روحج خايفة وخليتيه ينجن عليج لين ما مات .. حسين مات بسببج .. وحفلة عرسي اختربت بسببج .. وتأكدي يا بيان .. انج بتدفعين الثمن غالي ..
ضحكت .. وأنا أرتجف من الداخل .. أحترق .. أختنق : روحي قولي لهم اني قلت لج بنفسي اني الغلطانة .. واني أعترف ان كل شي مو زين بحياتكم سببه أنا .. بعد شنو تبين أكثر ؟
سكتت .. وحملت ابنتها .. وذهبت عني .. نكست رأسي أحاول أن أتغلب على رغبتي بالبكاء .. حقنت نفسي بالصلاة عليه وآله .. ونهضت من مكاني .. قصدت داخل المنزل .. وقلبي ينزف .. وما إن هممت بالدخول .. حتى فتح الباب .. ورأيته يخرج .. خرج ببلوزته الصفراء .. المكتوب عليها بعض الكلمات بلانحليزية .. وبنطاله الجينس .. نظر لي وتبسم : شلونج بيان ؟
" ما لهم كلهم هكذا ؟
ما لهم لا يشعرون ؟
أيعقل .. أن هناك أناس معدومو الإحساس ؟
ربما كنت لا أصدق هذا سابقا ..
لكنني الآن .. أنتخبك وبكل جدارة ..
للميدالية الذهبية ..
فأنت أولهم ..
بليــــد ..
لا تشعر ..
رمقته مطولا .. ورغما عني ذرفت دمعة قهر .. مسحتها بسرعة وقلت له بين أسناني : تستاهل الميدالية الذهبية على نجاحك .. مبروك عليك ..
ودفعت الباب للدخول .. لكنه أمسكني من ذراعي وأدارني له : ما فهمت ؟ ليش الدموع ؟ وليش هـ الكلام ؟
تبسمت بوجع : فرحانة لك .. دموع الفرح ذي ..
سكت .. يبدو أنه يفكر بكلامي .. همست له : ممكن تترك يدي ؟
ليقول : بيان شفيج ؟ موب فاهم عليج ؟
رفعت يدي الأخرى وحررت ذراعي من قبضته .. هززت رأسي بالرفض .. كنت سأنفجر أمامه .. لكنني تمالكت أعصابي كما أفعل دوما .. ودخلت داخل المنزل ..
==
جلس عمار بجانبي .. وما إن حركت فمي للحديث .. حتى رن هاتفي نغمة وصول مسج .. فتحتها وكانت من بيان " محمود .. متى بنرجع البيت ؟ لين اللحين ما جهزت بقايا أغراضي "
فأرسلت لها " قولي لأمي بنمشي اللحين "
أغلقت هاتفي والتفت لعمار : لقيت يعقوب ؟ أبي اسلم عليه .. يمكن ما أشوفه بكرة ..
يبدو أنه ليس معي .. فقلت له : هييي .. عمار ..
التفت لي : هلا ..
تبسمت له : الي ماخذ بالك يتهنى فيه ..
ضحك بخفة : لا .. كنت بس افكر شوي .. شنو قلت ؟
ابتسمت ثانية : كنت أسألك عن يعقوب .. أبي اسلم عليه ..
قال لي : ايي .. نسييت .. لا .. أقصد ما لقيته ..
استغربت ارتباكه .. وما إن هممت بسؤاله قال لي وهو ينهض : أنا برد البيت .. مصدع شوي .. وغسان صار لي كم يوم ما ادري شنو اخباره ..
قاطعته : يعني طول الوقت مشغول بالك عليه ؟
تبسم لي : ايي .. بديت اشك انه مسجون ولة شي ..
ضحكت : ليش ؟ شنو مسوي ؟
ضحك : لا .. اضرب لك مثال اني خايف عليه ..
هززت رأسي بتفهم وأنا أنهض : اهاا .. الله يخليكم لبعض .. أنا بعد بمشي .. بيان ما كملت تجهيز أغراضها .. وعلينا قعدة من الصبح ..
تبسم لي : ويخليك ..
ثم سلمت على خيلاني وأزواج خالتي .. وخرجت خلف عمار .. لأرى يعقوب أمامي : وييينك ؟ صار لي ساعة أسأل عنك ..
ضحك بخفة : كنت عند الحريم .. تعرفهم اشتاقو لي ..
تبسمت له : اهاا .. اشتاقو لك .. ولة انت اشتقت لوحدة منهم ..
ضحك مرة أخرى : انت ما تجوز عن سوالفك ؟
رفعت كتفي ببراءة : أنا ما قلت شي .. بس يقولون الي على راسه بطحة ..
ضحك وأكمل : يتحسسها ..
==
أغلقت القرآن .. قبلته .. ووضعته فوق الرف .. نهضت من على سجادتي .. ورميت بجسدي المرهق من التفكير على السرير .. أخذت أحدق بسقف الغرفة .. أتأمل بالثرية المعلقة .. الممتلأة أضواء .. أشعر أن وجودها بغرفتي أكبر خطأ .. فهي لا تتناسب .. لا مع ديكور الغرفة وظلمته .. ولا إلى قلبي والعتمة الموجودة فيه .. وهي تنشر أضواء لا أحب رؤيتها .. فقد اعتادت عيناي على الظــلام ..
اوه .. نسيت أن أخلع العدستين .. وبملل .. رفعتهما من عيناي .. ونهضت لأضعهما في المحلول الخاص .. وما إن قررت العودة للسرير ثانية .. حتى سمعت طرقا على الباب .. اتجهت له .. وقفت خلف الباب وقلت : مين ؟
وصلني صوت عمي النشاز : أنا .. أبوج ..
ضحكت : أبوي بالجنة .. كم مرة تبيني أذكرك ؟
فقال لي : ممكن أدخل منتهى ؟
قلت له : لا .. واذا تبي تقولي شي .. سرع .. أبي أنام ..
قال لي : أبي أكلمج بموضوع ما ينقال ورى الباب ..
لأقول : وهـ الموضوع ما يتأجل لبكرة ؟
ليقول : لا .. افتحي الباب ..
قلت له بضيق : انزييين ..
فتحت الباب .. وقلت له : خير .. شنو الموضوع ؟
لا أعلم لما نظر إلي هكذا .. نظرات أجهل تفسيرها .. كان يتأمل بوجهي تحديدا .. والدمع بدأ يلمع بعيناه .. ثم همس : شنو هذا ؟
مهلا .. لا .. أيعقل أنني نسيت ؟
رفعت كفاي .. وتحسست عيناي .. صرخت عليه : اطلع برى ..
قال لي وهو يحاول ابتلاع غصته : لـيش ؟ ليش منتهى ؟
صرخت عليه وأنا على وشك البكاء : اطلـــــــع برى ..
أخرجته .. وأغلقت الباب .. سندت جسدي على الباب .. وتجدد عويلي .. تجدد فقدي .. تجدد شعوري بالضيـــــاع ..
==
احتضنتني أمي .. وأخذت أبكي .. وأخرج كل ما بقلبي .. فمنذ ليلة الأمس .. وأنا أحبس هذا الدمع .. منذ ليلة الأمس .. وأنا أحاول التصبر .. وعدم السخط .. والقبول بقراري وهو عدم ذرف دمعة واحدة على ماضٍ ذهب وولى .. لكنني الآن بكيت في أحضانها لسبب مختلف .. أجل .. انها العاشرة صباحا .. وبعد ساعة ونصف .. سأكون في الطائرة بعيدة عن أمي .. ولن أراها قرابة الشهر .. فلأتزود منها الآن ..
ابتعدت عنها .. ومسحت الدمع الملطخ وجههي .. وأخذت توصيني وتوصي محمودا علي .. بعدها بدأ الوداع على أمل اللقاء بين محمود ووالدتي .. وأنا ذهبت لصغيرتين الجالستين على الأرجوحة .. أنتبهوا .. فنحن في منزل جدتي لأن أمي ستسكن هنا لحين عودتنا ..
وصلت لهما .. وفتحت ذراعي : من تبيني أدورها قبل ؟
ركضت لي زهور : أنا ..
تبسمت .. ورفعتها من على الأرض .. ضممتها إلي .. وأخذت أدور بها .. ورأسي يدور .. فلم أكل شيئا منذ الأمس .. أساسا .. أنا لا أشعر بالجــوع .. فكلام تلك المسماة ضيــاء أفقدني شهيتي ..
وأنزلتها على الأرض .. جلست بجانبها .. قبلت خديها : زهور الحلوة بتطاوع الماما وما بتعاندها صح ؟
هزت رأسها وهي تمسك بكفاي : بتشترين لي هدايا ؟
قلت لها : ايي .. كم هدية تبين أشتري لج ؟
مدت كفيها : هـ الكثر ..
ضممتها لي ثانية .. وقبلت وجنتيها المتوردان : تامرين امر يالحلوة ..
ورفعت بصري لمروة : والقمر ما بتجي تسلم علي ؟
أشاحت بوجهها عني : القمر عليج زعلان اليوم ..
ضحكت بخفة .. مروة .. رغم أنها توأم زهور .. إلا أن تفكيرها وعقليتها أكبر من زهور بكثير .. وتبدو أكبر منها سننا .. رغم أنهما متشابهتان بكل شيء .. ويصعب التفريق بينهما .. تقدمت نحوها .. رفعتها من على الأرجوحة .. رفعت رأسها إلي : ليش زعلانة مني ؟
قالت لي وهي على وشك البكاء : خذوني معاكم ..
قبلت خدها : وتخلين الماما بروحها ؟
قالت : ناخذ معانا الماما ..
قلت لها : قلنا لها .. وقالت ما تبي تروح ..
سكتت ولم تقل شيئا .. قبلتها ثانية : رضيتي علي ؟
قالت لي : اذا درتيني واااجد .. لين ما اقولج بس .. برضى عليج ..
ضحكت .. وقلت لها : انزيين ..
أمسكتها بإحكام .. وأخذت أدورها .. وأدورها .. لحين أن شعرت بالدوار : مروي تعبت .. أوقف ؟
صرخت : لا .. ترى ما ارضى عليج ..
درتها أكثر .. وأنا أشعر بالدوار أكثر .. جلست على الأرض .. وبقيت هي جالسة بأحضاني .. أخذت تبكي لأنني توفقت .. وأنا أحاول اسكاتها .. كنت أتنفس بسرعة .. لحين رأيت فطوم قادمة نحوي .. وعلى فمها ابتسامة .. خديتها متوردين .. بادلتها الابتسام .. ورفعت بصري إلى أبعد من فطوم .. حيث كان واقفا مع أحمد ويعقوب ومحمود وجدتي وأمي .. كان ينظر نحوي .. تجاهلت نظراته .. وقلت لفطوم : صبـــاح الورد للورد ..
==
جلس الجميع بمقاعدهم في الطائرة .. وكان أحمد بجانب محمود .. وبعد أحمد ومحمود بمقعدين .. توجد بالوسط بيان وفطوم .. وعمار وعماد .. لكن عماد .. بدل مكانه وجلس قرب علي الذي كرسيه خلفهم مباشرة ..
وأقلعت الطائرة .. وباقلاعها .. كان محمود وأحمد يتبادلان الحديث عن المشفى والدكتور الذي سيستلم معالجة محمود .. وأخذ أحمد يحدث محمود عن أميرة .. والسكوت الذي يلازمها منذ طلاقها ..
أما بيان وفطوم .. فمنذ أن أقلعت الطائرة .. وهما تتهامسان كي لا يسمع عمار ما تقولان .. ثم تضحكان .. فقد اعترفتا بأن كليهما لم تناما ليلة أمس .. أخبرت فطوم بيان بما حدث لها مع يعقوب .. ونظراته المميتة لفؤادها الصغير اليوم وهو يودعها بالمطار .. أما بيان فقالت لها بعضا من ما قلته ضياء .. وتحفضت بالجزء الآخر .. ولفرط سعادة فطوم لم تنتبه بأن " السالفة " ينقصها بعض الكلام .. ونصحتها بعدم الاكتراث لما قالته ..
أما عمار .. فهو يغط بالنوم .. بعد أن تعمق بتفكيره كثيرا .. وكان محور تفكيره .. تلك .. الصغيـــرة بيان .. التي لا يعلم كيف ومتى توغلت لجـــوف القــلب ..
وشيء مختلف .. ما يحدث بين علي وعماد .. اللذان ما إن حطت قدميهما الطائرة .. لم يجلسا إلا حين اقلاعها .. ويدوران في ارجائها .. يمازحان الركاب .. ويطفشونهم بأسئلتهم " السخيفة " ..
فلأعرض لكم شيئا مما يحدث ..
اقتربا من سيدتين أجنبتين .. وقال عماد : هــاي ..
تبسمت له التي تجلس بجانب النافذة وقالتا معا : هاي ..
فقال علي : how are you ?
تبسمتا وقالتا : fine ..
ليقول عماد لعلي : قول لهم نبي نتعرف عليهم ..
ضحك علي : ما اعرف وش يقولون بس بحاول .. احم احم .. friend me ?
ضحكت السيدة الشقراء وقالت : whats ?
سحب عماد علي : سووري ..
ومشيا وهم يضحكان : يالغبي ما تعرف تصف كلمتين ورى بعض ؟
قال علي : مشكل كان قلت لها انت .. تعرف اني ما اعرف انجليزي ..
==
ركنت سيارتي بجانب البناية التي تقبع فيها .. وعيناي معلقتين بالنافذة أنتظر خروجها أو دخولها .. مرت ساعات .. وأنا لم أتزحزح من مكاني .. فبعد يومين سنسافر أنا وأميرة ودعاء إلى ايطاليا .. وأرغب بالحديث معها .. مضت ساعة أخرى .. ولم أرها .. وبتهور .. ضغطت على اسمها المخزن بهاتفي باسم " فتاة أحلامي " وضغطت على زر الاتصال .. لم تجب .. فكررت الاتصال بها ثانية وعاشرة .. لحين أن أرسلت لها مسجا ..
/
كنت واقفة أمام النافذة .. منذ ساعتين وأنا واقفة مكاني .. أنظر إليه وهو في سيارته الحمراء وعينيه معلقتين في باب المبنى .. فقد كنت كعادتي أطل من النافذة حينما رأيت سيارة جيب حمراء واقفة بالقرب من البناية .. ويتضح أنها كلفت صاحبها الكثير .. لحين أن تأكدت أنه هو .. عندما ترجل .. وركل باب السيارة .. ثم دخل ثانية .. وأخذ يعبث بهاتفه المحمول .. لا أعلم لما ركضت لأخذ جوالي .. وكأنني على علم بأنه سيتصل لي .. وفعلا .. اتصل مرارا .. ولم أجب عليه .. لحين أن أرسل مسجا كان مضمونه " احلف بربي .. اذا ما طلعتي من بيتكم .. أو بس فتحتي الدريشة وخليتيني أشوفج .. بتهور .. وبركب لج شقتكم .. وقولي اني ما قلت "
مجنون .. ولا أستبعد هذا عنه .. وبجنون .. فتحت النافذة .. بعد أن ارتديت شالا ورديا .. ووجهت نظري عليه .. رأيته يرفع رأسه لي .. يلوح بذراعه .. بل .. يصرخ ..
\
كنت متأكدا من أن هذا ينفع معها .. وأنها ستطيع أوامري وستطل من النافذة .. رأيتها تقف أمام النافذة .. وعينيها مصوبتان نحوي .. وابتسامتها الساحرة لاصقة على ثغرها .. ما أجملها فتاة أحلامي .. بعينيها البنيتان الصغيرتان .. أنفها الصغير .. وفمها الصغير أيضا .. وكأنها خلقت كما أتمنى .. فقد خلقها الله لي .. وستكون لي .. يوما ما .. هذا ما صرخت به : الله خلقها لي ..
رأيت ابتسامتها تتسع .. ثم تلاشت تلك الابتسامة .. وأخذت تشير لي بأن أبتعد ..
التفت للخلف .. حيث عينيها معلقتين .. ورأيت رجلا .. في العشرين من عمره .. يترجل من سيارته ... ويقترب مني ..
/
أغلقت النافذة .. وغطيتها بالستارة .. وبدأ نبضي يطرب .. ويدق قلبي بسرعة جنونية .. فهذا ابن عمي .. جميل .. وجاء لزيارة والدي كما يفعل في كل ليلة .. يا الله .. ساعدني .. متأكدة أنا من أن الليلة لن تمر بخير .. تلطف علي يا ربي .. واقشع غمام السوء عني ..
\
صرخ بي : شنو تسوي هني ؟
رمقته بحقد .. فقد أخاف رنا : انت الي شنو تسوي هني ..
ضحك .. وأثار اشمئزازي بصوت ضحكاته المرتفعة : شكلك ماخذ في نفسك مقلب .. ( أمسكني من بلوزتي الحمراء ) مرة ثانية اذا شفتك واقف هـ المكان .. وتطالع في ( أشار على نافذة رنا ) عيونك بطزها .. فاهم ..
حررت نفسي من قبضته وزاد غضبي : وانت من علشان تقولي هـ الكلام ؟ انت من علشان تهددني ؟
صرخ بي ثانية : أنا من ؟ أنا ولد عمها يالكلب .. تحسبني ما شفتك وانت تطالع فيها وهي راضية وعاجبها ؟ اياني وياك تقرب منها ولا بتشوف شي ما صار ولا ستوى ..
وكأن أحدا ضربني بعصاة ممتلئة بالمسامير : انت ولد عمها ؟ ما قالت لي ..
قال بين أسنانه : واللحين عرفت .. يلله انقلع ..
رمقته بغضب : أنا تقولي انقلع ؟ شكلك ما عرفت من أكون ؟
قال بنفس النبرة : ما يهمني .. يالله انقلع .. لا تفقدني اعصابي وتخليني أسوي شي اندم عليه ..
ضحكت بحرقة : مسوي فيها تغار عليها ؟ مسوي نفسك محترم وما ترضى بالغلط ؟ وينك عنها يوم طردهم أبوي من البيت ؟ وينك عنها يوم طاح أبوها بالمستشفى وما لقو مكان يروحون له ؟ ولا اللحين توك منتبه لنفسك ولد عمها ولازم تحميها من أمثالي ؟
صفعني .. ورأيت الدم يسيل من أنفي .. وقال : قلت لك انقلع ..
همست له : أنا بروح اللحين .. بس يكون بعلمك .. يا ويلك اذا أذيتها .. يا ويلك إذا قلت لأبوها شي .. تدري ليش ؟ لأن وقتها بتعرف من يكون عادل ولد أبو وليــــــد ..
[ جميل : 19 سنة ]
==
نزلنا من الطائرة .. بعد أن أنهينا كافة الاجراءات .. وما إن حطت قدمي أرض المطار .. حتى شعرت بوغزة بقلبي .. شعرت بأن شيئا ما يحدث لمنتهى الآن .. ماذا يحدث لكِ يا منتهى ؟ أيـــن أنتِ ؟ وأي أقدار ستجمعني بكِ ثانية ؟!
رفعت بصري لمحمود القادم نحوي وهو يجر العربة التي بها الحقائب .. وعمار وفطوم وبيان بجانبه .. أما علي وعماد .. فهما شيء خاص .. كانا يركضان .. وهما يدفعان العربة الثانية .. ورغما عن وجعي .. ضحكت على منظرهما .. وشعرت بأن هذه الرحلة ستكون ممتعة دام أن مثل هؤلاء معنا ..
/
الحـال معي يشبه حـال أحمد .. رغم أنني متضايق بعض الشيء .. والمشاعر الجديدة تربكني وتقيدني بمراقبة حركاتي ونظراتي .. إلا أن فترة لنقاهة .. والضحك على خبال عماد وعلي .. كفيلة بالشعور بأن أوقاتا رائعة سنقضيها برفقتهم ..
\
وصلنا إلى خارج المطار .. فرفعت عيناي للسماء .. وضغطت على كف بيان التي تحتضن كفي : بيون .. طالعي السما .. تهبل ..
لتقول : بس تهبل .. إلا تطير العقل ..
كانت السماء ملونة باللونين الأزرق والأصفر .. يبدو أنها اقتربت ساعة الغروب .. لأني لم أرها .. بل رأيت مكانها .. بدر خجول .. مختبأ بين الغيوم البيضاء .. ما أجملها السماء هكـذا .. صافية .. ليت قلوبنا .. صافية كصفائها ..
/
أحذت أتأمل بالمكان حولي .. وعيناي تكادان أن تنطبقا لفرط الارهاق .. فمنذ الأمس لم تغفو عيناي .. والشعور بأن قدماي ما عدتا تحتملان حملي مسيطر علي .. لكنني عاهدت نفسي بأن أستمتع بكل لحظة .. لذلك .. أخرجت الكاميرا من حقيبتي .. وبدأت بالتصوير .. فقد وعدت الصغيرتان أن أريهما كل شيء .. لذلك .. صورت فطوم وهي تتأمل السماء .. محمود وأحمد وعمار وهم واقفين أمام الشارع يتحدثون مع سائق التاكسي .. وعماد وعلي اللذان لا يكفان عن الضحك .. وصورت المطار .. ثم اتجهت بقدمي لهم جانب التاكسي .. أطلب من أحدهم أن يلتقط لنا صورة أنا وفطوم .. والتفت لي عمار .. وددت ضربه حينما التقت عيناه بعيناي .. لكنني أجهل سبب رسمي لابتسامة على فمي .. ومد يدي له بالكاميرا : ممكن تصورنا أنا وفطوم ؟
تبسم لي : اوكي ..
أخذ الكاميرا .. واتجهت لفطوم : بسج .. السما بتخلص كثر ما تطالعينها .. طالعي الكاميرا .. بصورنا عمار ..
\
أغلقت باب السيارة الذي بجانبي وطلب منه أحمد الذي يجلس في الأمام بجانبه أن يتحرك .. وتحركنا قاصدين الفندق الذي سنقيم فيه .. سندت رأسي على النافذة .. وغططت في النوم ..
استيقضت على صوت عماد الذي يهزني : محمود .. باعد راسك .. ما اشوف شي .. وية هـ الراس ..
قلت له : الساعة كم ..
ضحك علي : محمود .. احنا بالسيارة .. مو في البيت ..
استرجعت ما حدث .. وأبعدت رأسي عن النافذة .. لتقول بيان : ما في سيارة أكبر من هـ السيارة .. واجد زحمة قاعدين على بعض ..
لتقول فطوم : اييي .. حتى مو عارفين نتنفس عدل ..
فقال عمار : بسكم انتي وياها .. لو حصلنا سيارة أكبر كان ما ركبنا في هذي ..
وقال عماد : انت خلك في تصويرك .. لا تخرب لنا الشريط بهـ الصوت ..
ليقول عمار : بالكاميرا على راسك اللحين ..
ضحكت بخفة .. وأغمضت عيناي ثانية .. كيف سأنام ثانية وهم لا يكفون عن الكلام !
==
أحتسي كوب الشاي .. وعيناي تتصفحان الجريدة .. وحين سمعت صوت طرق الباب .. قلت : ادخل ..
ليطل حسين علي وهو يبتسم ابتسامته المعهودة : صبـاح الخير أبو جاسم ..
تبسمت له بصعوبة : صباح النور ..
قال لي وهو يضع الخريطة على الطاولة : هذي آخر خريطة رسمها محمود .. أمس كملها .. وجى لك براويك اياها .. لكن كنت تكوك طالع .. وقالي أجيبها لك اليوم ..
قلت له : وليش ما جابها لي اليوم بنفسه ؟
تبسمت له : اليوم هو سافر ..
قلت بضيق : زين .. خلها وبشوفها بعد شوي ..
وقف : اخليك اللحين .. تامر على شي ؟
قلت له : ايي .. ناد لي مازن الله يخليك ..
تبسم لي : ان شاء الله .. عن اذنك
قلت له : اذنك معاك ..
وما إن أغلق الباب .. حتى فتحت الخريطة .. شيء ما يشدني إلى ما يرسمه هذا المحمود .. أشعر وكأنه يقرأ أفكاري .. يفهم ما أريد أن يكون في الخريطة من دون أن أقول .. ووجهه يشبه شخص أعرفه .. كم أود لقاءه ثانية لأسله عن والده ..
أغلقت الخريطة بضيق .. واحتسيت شربة أخرى من الكوب .. وأنا أستذكر ما رأيته بلأمس .. لا تستغربوا .. فقد رأيت عينيها .. عينيها الزرقاوين التي تخفيهما بالعدسات .. تخفيهما عني .. رأيتهما بلأمس .. ليستجد الوجــع .. وأختنق بعذاب الضميــــــر ..
==
ربي .. أنت أعلم بحاجتي إليك .. فلا تحرمني من عطاءك يا كريم ..
,
.
؟
نهاية الجـزء الرابـع عشـر ..

[ 15 ]
لا ضيـــر في قضـاء بعض الراحة ..
لا ضيــر بقليل من النســيان ..
لا ضيــــر ببعض الهدوء ..
لا ضيــر بالتجـــاهل ..
فــلديك أيها الزمـــان ..
الكثيــر من الوقت ..
والكثيــر من الليالي ..
بإمكانك مجازاتي لاحقــا ..
والآن ..
دعني .. وحدي ..
أتنفس بحريـــة ..
بدون قيود ..
المشـــــــاعـــر ..
احترت بما أفتتح هذا الجزء .. وأي من أبطال الرواية سأترك له مجال الحديث عن مشاعره وكيف قضى وقته .. كثيرون هم أبطالي .. كثيرون هم من سمحت لهم بالتحدث .. لكنني أتمنى أن أمسك مكبر الصوت .. وأخبركم عنهم تارة واحدة .. فكلهم يتزاحمون على هذه المساحة البيضاء ..
عذرا .. أطلت الحديث عليكم .. وكلكم تودون معرفة ما يجري الآن لهم .. أستميحكم عذرا لأنني أهمل بعضا من شخصياتي قليلا .. ولكن .. الوقت .. والأسطر القادمة كفيلة بأن تحدثكم عما يشغل لبكم الآن ..
والآن .. أترككم مع المســـافرين ..
رفعت كفي .. وغطيت بها عيناي .. ياه .. من أشغل المصباح هنا ؟ صرخت بارهاق : زهووور .. مروة .. تعالو سكروا الشمسية لا جييت لكم وضربتكم ضرب ..
لم يجبني أحدهم .. أغمضت عيناي .. ونهضت من على السرير لإغلاق الضوء .. لكن ما إن لامست قدمي برودة الأرض .. حتى رفعتها وجسدي كله يرتعش .. واجبرت على فتح عيناي .. لأرى المكان مختلف .. غرفة بنية الجدران .. محتوياتها بنية أيضا .. تحتوي سريرين .. وكنبة متوسطة الحجم .. أمامها طاولة .. وعليها تلفاز ..
أدرت بصري .. لأرى نافذة .. كبيرة الحجم .. تقدمت نحوها .. أبعدت الستار .. لأرى منظرا لم يخطر بذهني أنني سأراه .. كانت الشمس نجمة حفل السماء .. والغيم الأبيض المتعانق كانو ضيوف تلك الحفلة .. مباني شاهقة الارتفاع .. ترتفع إلى عنان السماء .. تحاول لمس نقاء الغيم .. وشوارع مزدحمة من المارة والسيارات ..
تحمست للنزول .. لذلك .. دخلت الحمام بسرعة كبيرة .. استحممت .. وتوضأت .. ألقيت نظرة على الساعة من هاتفي .. فرأيتها الثامنة صباحا .. كيف ؟ اوه .. كم الفرق بالتوقيت بين البحرين وألمانيا ؟ لا أضنه كثيرا .. ربما ساعتين إلى ثلاث ساعات .. لذلك .. اتجهت لحقيبتي .. أخرجت منها مصلاتي .. فرشتها على الأرضية الخشبية الباردة .. ارتديت احرامي الأصفر الفاتح .. وصليت صلاة الصبح قضاءا .. وما إن فرغت من الصلاة .. تناولت المسباح .. وبدأت بتسبيح .. سجدت سجدة الشكر .. استغفرت لأنني صليتها قضاءا ..
ثم اتجهت لفطوم وأيقضتها : فطووم قومي .. طلعت الشمس ..
رفعت رأسها بصعوبة : ليش ما قعدتيني .. اللحين بصير يومي نحس .. بصلي قضاء ..
قلت لها بضيق وأنا أجلس على طرف السرير : يعني لو قعدت قبل ما بقعدج ؟
حكت عينيها : عطيني تلفوني بشوف الساعة كم ..
قلت لها بطفش : بتوقيت البحرين اللحين ثمان وشوي .. بس هني الساعة كم ما ادري .. لأن ما أعرف كم الفرق بالتوقيت ..
حكت رأسها الآن : ايي صح .. ( ونهضت ) بروح اسبح .. وبنشوف بعدين شنو نسوي ..
ألقيت بجسدي على السرير : انزين سرعي ..
لم تجبني .. بل فتحت الحقيبة أخرجت لها ملابس .. ودخلت الحمام ..
==

[ يعقـــوب ]

قلبت جسدي الناحية الأخرى .. يا الله لما لم تتصل ؟ ولما تتصل ؟ أنا الغبي لم أقل لها تتصل بي حينما تصل .. افف .. أنا متأكد من أنها الآن نائمة .. لا .. لا بد أنها مستمتعة بوقتها الآن .. ربما تتناول الفطور .. ربما أنها توا مستيقضة من النوم .. أأتصل لها ؟ لالا .. ماذا ستقول ؟ يا الله ماذا أفعل ؟
نهضت من على سريري .. وخرجت من الغرفة وأنا أحمل هاتفي .. خرجت من المنزل .. وجلست في فناء الحوش .. ساند جسدي على جذع شجرة .. أغمضت عيناي .. يبدو أنني غفوت قليلا .. لأنني أفقت مفزوعا على صوت رنين الهاتف ..
ضغطت زر الرد وأنا لم أقرأ اسم المتصل : فطوم ؟ هذي انتي ..
وصلني صوته الضاحك : ايوة .. شلونك حبيبي ؟
حككت لحيتي وقلت بضيق : هذا انت ..
قال لي : ايوة .. مازن بلحمه وعضمه ..
قلت له : شنو تبي متصل من صباح الله خير؟
وصلتني صوت ضحكاته : وفطوم شنو تبي تتصل هـ الوقت ؟
قلت له : لا حول الله .. اخلص .. شنو تبي ؟
وصلني صوته ولكنه الآن مختلف مكتسٍ بعض الجدية : للحين زعلان مني ؟
قلت له بضيق : ليش ؟ يهمك ؟
قال لي : اكيد .. مو انت صديقي الأول والأخير ..
ضحكت بسخرية : ودام أنا صديقك مثل ما تقول .. ليش ما تترك البنت في حالها مثل ما قلت لك ؟
قال لي بصوت أجهده التعب : لو أفهم فيك من اليوم لين يوم القيامة ما بتفهم .. تدري ليش ؟ لأنك ما تحس بالي أحس فيه .. لو كانت تعنيك مثل ما تعنيني أنا .. كان ما قلت هـ الكلام .. لو كنت تعتبرها الهوا الي تتنفسه والماي الي تموت اذا ما شربته .. كان حسيت أي كثر صعب ومستحيل تتخذ مثل هـ القرار ..
نهضت من مكاني .. واتجهت إلى الحوض الصغير المملوء بالماء .. غسلت وجهي منه مرتين .. وقلت له : خلصت كلامك ؟
قال لي بضيق : شفت شلون ؟ هذا وانت صديقي ومليت لما شكيت لك الحال .. شلون هي ؟ وهي تعتبرني عدوها اللذوذ وخاطف حبيبها منها ..
قلت له وأنا أصرخ : لأنك غبي .. وما تفهم .. أنا أول مرة أشوف واحد يحب .. ويموت بالي يحبها .. ما يقدر يعيش من دونها .. وما تهمه سعادتها ...
قاطعني : شلون ما تهمني سعادتها .. أنا أدفع لها عمري علشان تبتسم لي ..
قلت له : اذا تهمك سعادتها مثل ما تقول .. ليش ما تتركها في حالها .. ليش اذا تعرف وين هـ الأحمد تاخذه لها أو تاخذها له .. انت أكثر واحد تعرف أي كثر بتطير من الفرح اذا شافته .. لا .. بتكبر بعيونها بعد .. وبتسوي خير في حياتك انك رجعت البسمة لوحدة يتيمة ما شافت السعادة إلا مع هـ المخلوق ..
قال لي : تأكد .. اني أتمنى أسوي هـ الشي .. لكن .. لو أقوم بهـ العمل .. راح يكون بعده ان خبر موتي انتشر .. تأكد اني ما بقدر أعيش ثانية وحدة بعدها .. أنا أعيش أتنفس هواها .. افهم .. منتهى هي الحياة والموت بالنسبة لي ..
سكت عنه .. الحوار مع هذا الإنسان عقيم .. دام أنه متمسك برأيه .. محال .. محال .. محال أن يتغير !
==
[ فطــــوم ]
ضغطت على زر اغلاق باب المصعد وقلت لبيان : الصراحة .. أنا خايفة نضيع ..
قالت لي : وين نضيع ؟ احنا ما بنطلع من الفندق .. بنقعد نفطر .. ولا تبينا ننطرهم لين ما يفكرون يصحون من النوم ؟
وما إن حركت فمي للرد عليها .. حتى توقف المصعد فقلت : اففف .. من اللحين الي بيركب بعد ؟
لتقول لي : شرايج نجود الباب ونسكره عن يدخل أحد ..
أعجبتني الفكرة نحتاج لبعض من الجنون ^^ لكنه سرعـان ما فتح .. وهم أحدهم بالدخول ..
كنا واقفتين بجانب الأزرار .. ولم نترك له مجالا ليضغط على الزر الذي يرديه .. وما إن وصل المصعد إلى الطابق الأرضي .. حتى ترجلنا .. وخرج خلفنا ..
لتقول لي بيان : خنقة .. الواحد ما ياخذ راحته في هـ الدنيا يعني ؟ في كل مكان العرب منتشرين ..
ضحكت : شناوية تسوين مثلا ؟

يتبع ,,,,,

👇👇👇
تعليقات