بداية

رواية وش رجعك -27

رواية وِش رجعك - غرام

رواية وش رجعك -27

قال بضيق : ما ابي اشوفها .. كفاية قلبي معورني عليهم .. روحي لها انتي ..
لم أعقب على ما قاله .. وحينما أردت الدخول .. رأيتها تخرج .. وهي ترتب شالها الأبيض .. ناديتها وأنـا أتأمل بملامحها المطابقة لجميل .. لعينيها الزرقاوين .. التفت الي .. وبدى الاستغراب ظاهرا عليها قلت لها : انتي منتهى ؟
أجابتني : اي .. من انتي ؟
تبسمت : أنا بنت عم جميل ..
ابتسمت .. فبدت أجمل : هلا فيج ..
قلت لها : اهلين .. تعالي قعدي معاي ..
سكتت قليلا ثم قالت : لا .. بروح ..
سألتها : وين بتروحين ؟
قالت : مازن ينتظرني برى ..
لا أعرف ماذا أجيبها .. أشحت وجهي ناحية عادل .. ولم أره .. بحثت عن والدي وعمي .. ولم أجدهما أيضا .. أين ذهب الجميع ؟
انتبهت لها تنهض وتقول : اذا صحى اخوي .. سلمي عليه واجد ..
قلت لها بحيرة : الله يسلمج ..
مشت بهدوء .. وبهدوء أيضا اختفت عن ناظري .. كم أعجب لحالها ..
بهذا الوقت .. وأنا غارقة بالتفكير بهـا وبجميل .. سمعت صوتا صادرا من الغرفة .. دعوت أن يكون خيرا .. ولم أتوقع أن ألطــاف الله واسعة لهذه الدرجة .. فقـــد انفتح الباب .. وبعد ثوان .. خرج رجل ذا جسد هزيل يمشي بصعوبة .. كنت انظر له .. وعيناي ممتلئتين من الدمع .. ركضت ناحيته وقلت له معاتبة : جميـــل ..
لم يكن يستطيع النظر بوضوح .. كانت شفتاه تهتزان .. تهمسـان باسم شخص ما .. ومن حركتهما .. استنتجنت أنه يهمس باسمها : تبي منتهى ؟ توها قبل شوي طلعت .. اصبر .. اللحين بناديها ..
لم أخبر أحدا بأنه أفـــاق .. بل لفرط السعادة .. ركضت خارجا .. أخذت أبحث عن منتهى .. خرجت من المستشفى .. جبت ببصري المكـان .. ورأيتها .. جالسة على الرصيف .. وعينيها معلقتين بالهواء ..
صرخت بسعادة : منتهى .. جميل صحى ..
التفت لي .. وهمست : صج ؟
هززت رأسي وأنا أمد يدي لها : يلله تعالي .. كاهو يبيج ..
وضعت كفها بكفي .. وركضنا كطفلتين فرحتين تركضان لاستقبال أبوهما الذي عاد من سفر طويل ..
/
[ عـــادل ]
حينما ذهبت رنـا للقاء منتهى .. قصدنا نحن غرفة الطبيب نسأله عن حال جاسم .. وقال أن نبضات قلبه في ازدياد .. وهم ينتظرون صحوته .. حينما خرجنا .. رأينا تجمعا للمرضات آخر عند غرفته .. أسرعنا .. سألناهم .. لكن ما من أحد أجبابنا .. وبعد دقائق .. أتت رنــا .. ومعها منتهى .. وهما تركضان .. وعلمنا منهما أن جاسم أفـــاق ..
\
[ جميل – جـــاسم ]
منذ ســاعات .. أنــفاس حــارة .. لفحت وجهي .. ودقــات قلبٍ قوية .. استطعت سماعها بوضوح .. لا أعلم .. إن كنت أحـلم أم لا .. لكنني أحسست بقرب منتهى .. لا أعلم ما الذي حصل حينها .. فقط .. جاءني ألم عميق في كل أطرافي .. وتمكنت من فتح عيناي .. بحثت عن من يشاركني التنفس لكنني لم أجد أحدا معي .. بصعوبة تمكنت من خلع جهاز التنفس .. قطعت المغذي .. أبعدت الأسلاك .. وضعت كفي اليمنى على اليسرى .. فالوجع بها يقتلني .. ومشيت بصعوبة نحو الباب .. أبحث عن ذاك الزائر الذي رأيته في عالم الحلم أو الواقع ..
والآن .. الطبيب يفحصني .. يسألني وأنا لا أجيب .. يتكلم وحده .. فأنا لست أسمع ما يقول .. ففكري كله مع ما حدث قبل قليل .. أكنت أحلم ؟ فحسب ما فهمته .. أنني دخلت في غيبوبة .. ماذا تعني الغيبوبة ؟ لا أتذكر أنني نمت وقتا طويل .. فكل الذي أتذكره .. أنني لشدة وجعي وضيقي واستصغار نفسي .. قطعت أوردة كفي اليسرى المرتبطة بالقلب .. فقد وددت أن أتخلص من الألم .. وها أنا أعــود إليه ثانية ..
مهــلا .. كأنني رأيت رنــا .. وحدثتني عن منتهى .. لأقول للطبيب : أبي رنـا ..
استغرب ما قلته .. وقال غاضبا : جاوبني على اسئلتي أول ..
قلت له بضيق : بتنادي رنا ولا شلون ؟
شعرت بأنه يقول بخاطره أنني مجنون ويخشى أن أقتله " ههه " : لحظة شوي ..
مضت دقائق .. ودخلت رنا وابتسامة على ثغرها : شلونك اللحين ؟
أتضن أن بابتسامتها سأغفر لها ما فعلته بي : مو شغلج .. قولي لي .. شكنتي تقولين ؟ كأني سمعت اسم منتهى ؟
جلست على المقعد أمامي وقالت : أول شي الحمد لله على السلامة .. و ..
قلت بضيق : بتقولين ولا شلون ؟
قالت بضيق أيضا : ليش تكلمني جذي ؟
رمقتها : قومي انقلعي برى ..
نظرت إلي بصدمة : جميل !
قلت لها : أقولج انقلعي ..
نهضت : هذا جزاي ؟ انت ليش جذي ؟ أنا جاية أفرحك إن منتهى ردت البحرين وكاهي برى تنتظ ..
نهضت وابتسامة ناصعة رسمتها على مبسمي : حلفي ..
قالت بنفسها ما أسرع تغيره : ايي ..
لم أأخر لقائي بأختي أكثر .. خرجت من الغرفة .. وبحثت عنها .. رأيتها جالسة .. غارقة بهدوءها المعتاد .. كان هناك الكثير من النـاس .. وجوها أعرفها .. لكنني لم أهتم لصرخاتهم وابتساماتهم ودموعهم .. بل تأملت بأختي .. انتظرها ترفع رأسها لي .. ورفعت رأسها .. حدقت بعينيها الدامعتين .. ركضت إليها .. ضممتها إلي وأنا أشهق من كثرة البكاء : سامحيني منتهى .. سامحيني ..
كانت تبكي بشدة .. وتخبأ جسدها المرهق بين أحضاني أكثر .. لم تتكلم .. لكن دموعها التي مسحتها ملابسي .. أوصلت إليّ مقدار غبائي .. كيف أريد التخلص من هذه الدنيا .. وأنا أعلم أنها أكثر النــاس بحاجة لي ؟
بقينا على هذا الحال فترة طويلة .. بعدها .. جلسنا جلسة عتـــاب .. أنا أوبخها لرضائها بما اشترطه عمي .. وهي توبخني لانتحاري .. ثم انتبهت لأبي وأمي .. عمي وزوجته وابنته .. لعادل .. سلمت عليهم جميعا .. ثم جاءني عادل .. لم يمد كفه لمصافحتي .. بل صفعني : يالجبــان .. ما توقعتك هـ الكثر ضعيف ..
انصدمت من صفعته بداية الأمر لكنني ابتسمت في النهاية : شخبارك ؟
قال لي وهو يحضنني : بخير .. الحمد لله على السلامة ....

رفض جاسم البقاء في المستشفى .. ورفض ذهاب منتهى لمازن .. وهاهي تسكن معه في المنزل .. تشارك رنا غرفتها .. فقد مضى ثلاثة أيام على خروجه .. وثلاثة أيام على البحث المتواصل من قبل مازن ويعقوب عن منتهى ..
/
إنه الجمعة .. اليوم الذي سيعود فيه محمود لوطنه .. ففي هذه الأثنـــاء .. حيث الشمس مخبأة وجهها النوراني بين الغيوم .. وصلت محمود المطار .. برفقة أحمد وبيـــــان ..
انهوا كل الإجراءات .. ووقف ينظر لأخته .. وهي تنظر إليه .. كليهما لا يتجرءان على الوداع .. وبعد مضي دقائق .. قال لها : انتبهي لنفسج .. لا تطلعين بالليل .. ولا تطلعين بروحج .. واذا خلصتي محاضراتج انتظري صفاء وردي معاها .. هلله هلله بالدراسة .. أبي أرجع لج نهاية الكورس .. إلا احسدج على درجاتج الحلوة ..
هزت رأسها بإيجاب وقالت : اول ما توصل بيتنا .. بوس راس أمي .. واحضنها عني .. وخواتي وعلاوي بعد .. وصل لخالتي سلامي .. ولفطوم .. وقول ليعقوب يتحمل بها ..
تبسم : من عيوني يا نور عيوني .. ما اوصيج .. كلي زين .. تلحفي زين .. واذا احتجتين شي .. اتصلي مباشرة .. وأنا بحاول أساعدج .. ( دنى منها وأمسك كتفيها ) بيون خلي علاقتج بالله قوية .. اللحين انا برد وبتحسين بالغربة .. لكن .. اذا تقربتين من ربج .. ما بتحسين بها .. حطي في بالج إنه يراقبج .. ويشوف كل شي تسوينه .. الله يحميج .. ومعاج بكل مكان ..
دمعت عينيها .. فمسح دمعها بسرعة وضمها إليه : لا تخافين حبيبتي .. وخلي القران معاج بكل مكان ..
قالت له وهي تبكي : بتوحشوني ..
فأجابها : واحنا بنشتاق لج ..
قالت : اذا زرت قبر أبوي .. سلم عليه ..
تبسم وهو يبعدها عنه : يوصل .. ( رفع كفه ملوحا ) انتبهي لحالج ..
تبسمت وهي تسمح دمعها : ان شاء الله ..
أدار وجهه لأحمد .. ومد كفه : ابي اذا شفتك بعد ثلاثة اسابيع .. ما اعرفك .. أقولك من انت ؟
ضحك وهو يضم محمود : ان شاء الله .. سلم على عادل وخواتي اذا شفتهم ..
هز رأسه : تامر أمر .. ومثل ما وصيتك .. حافظ على صلاتك .. وإياني وياك تشرب لو شنو صار ..
تبسم : لا تخاف .. الي تبيه بصير ..
صافحهم ثانية .. ثم مشى عنهم .. وهم ينظرون له .. لحين اختفى بين الزحـــام ..
فالتفت أحمد لبيان .. رآها تمسح دمعها .. فقال : مشينا بيون ؟
تبسمت : يلله ..
/
[ بيـــان ]
كــان الجو باردا .. ونحن واقفين بانتظار تاكسي يأخذتا إلى المبنى الذي نسكن فيه .. وحينما اقترب منا التاكسي .. ركبنا .. هو بالأمام .. وأنا خلفه .. وأنا أنظر إلى النافذة .. توقفت السيارة .. وقال صاحب السيارة أن البنزين نفذ منها .. لم يكن المبنى بعيدا كثيرا .. فترجلنا لمواصلة بقية الطريق سيرا على الأقدام ..
ونحن نمشي قال : الجو بارد .. تصدقين .. أنا أموت في الشتـا ..
تبسمت وأنا التفت له : وأنا بعد ..
قال : اذا يلفحني الهوا .. أحس بانتعاش ..
قلت له : اييي .. حلاة الهوا بارد ..
ليقول : تبين آيسكريم ؟
ضحكت : اوك ..
ليقول : أعرف محل هني .. بذيك اللفة .. اسكريمه حلو ..
تبسمت : صار خاطري أذوقه ..
ضحك : عجل ما بشتري لج .. بس لي ..
قلت له : عندي فلوس .. بشتري لي ..
ضحكنا ونحن نمر بذاك الزقاق .. ووصلنا لمحل الآيسكريم .. سألني : تبين على شنو ؟
قلت له : في اوريو ؟ صار خاطري فيه ..
ضحك : ما اتوقع .. بس بسألهم ..
سألهم .. ولم يكن لديهم فقلت : عجل ابي فانيلا ومانجو ..
تبسم : ليش تقلديني ؟
ضحكت : انا ما قلدتك ..
ليقول : بلا .. تقرين افكاري .. ( قال للبائع ) اثنين فانيلا ومانجو ..
دقائق وأنا أأكل الآيسكريم .. سألني : شرايج ؟ حلو ؟
تبسمت : اييي .. توقعته أحلى ..
فتح عينيه بصدمة : ما عبجبج يعني ؟
ضحكت : اييي ..
رمقني : عطيني اياه باكله ..
قلت له : ما اني ..
مثل أنه سيأخذه : اتحججي مرة ثانية عليه وباخذه ..
مشينا مسافة ولم نصل بعد إلى المبنى .. جلست على الرصيف : انا تعبت ..
التفت لي : يالعجوز .. ما صارت هذي كم متر مشيناها ..
قلت له : أنا أدلي .. انت روح .. وبلحقك بعدين ..
قال لي : علشان تضيعين ؟ وتتصلين لمحمود إني خليتج بروحج ؟ لا ماما .. رجولي على رجولج ..
ضحكت عليه وأنا انهض : زين كاني مشيت ..

في هذه الأثناء .. في منزل أبو وليد .. هناك من اقتنع .. وجـــاء ليطبق ما قيل له ..
فها هو يزمجر بأعلى صوته : اسمعوا .. لكم 48 ساعة .. اذا ما شفت عيالكم جايين يعتذرون لي على أفعالهم الشينة .. يا ويلكم .. سامعيييين ..
قالت أنيسة : يا ابو وليد .. احنا ما تدخلنا بينك وبين ولادك طول ذي السنين .. اللحين في نهاية عمرنا تحملنا نتائج أفعالهم .. هذي تربيتك .. وانت معاهم تجوز ..
مشى ناحيتها والشرار يتطاير من عينيه : نعم ؟ ما سمعت .. آخر زمن صار للحريم صوت على أزواجهم .. انتي شلون تسمحين لنفسج ترادديني وترفعين صوتج ؟
قالت له : أنا ما رفعت صوتي .. أنا تكلمت معاك بهدوء .. شلون تعاقبنا بذنب عيالك ؟ هم الي غلطو ؟ جهـال .. ومع الوقت بيفهمون خطأهم وبردون لك ..
صرخ : انتو الي شجعتوهم يوقفون ضد أبوهم .. انتو الي خليتوهم يطلعون من البيت .. هم ما يكسرون لي كلمة .. بس انتو الي قويتو ظهرهم .. مثل ما قلت لكم .. لكم يومين .. تردوهم مثل ما كانو .. ويعتذرون لي ويبوسون راسي ويدي لا تروحون انتو وهم في ستين داهية ..
/
على عتبات الدرج .. كانت تقف .. وابتسامة انتصار على مبسمها .. سحقــا لكم .. سنرى .. من سينتصر أخيرا ..
==
أما في منزل أبا طارق .. كانت الأوضاع تختلف .. فطارق يتوعد بالانتقام .. ومنى ليس لديها شيء غير البكاء .. أما مازن .. فقلبه يحتضر .. يأس بالعثور عليها .. واليوم .. ذهب للمستشفى .. وقالو له بأن جميل قد خرج قبل أيام .. وها هو .. يقصد منزل أبو جميل ..
طرق الجرس .. وبعد مدة .. فتح له طلال أخو رنا الصغير الباب وهو يبتسم : من انت ؟
قال له : جميل هني ؟
قال طلال : اييي .. انت صديقه ؟
هز مازن رأسه : اييي .. تقدر تناديه ؟
ركض طلال داخل المنزل .. وجاء بعد قليل برفقة جميل .. لتلتقي نظرات مازن وجميل .. نظرات الكراهية والحقد .. قال جميل بسخرية : نعم ؟
ليقول مازن : منتهى معاك صح ؟
تبسم بانتصار : اييي .. ارتحت ؟
قال بقلة صبر : صار لي 3 ايام أدور عليها .. واللحين تقول لي بكل سهوله معاك .. روح نادها ..
قال جميل : واذا ما ناديتها .. شبصير ؟
قال مازن : مو قالو انك ميت .. شلون حييت ؟
رمقه جميل : بعد .. الله قادر على كل شي ..
قال مازن : بتناديها ولا شلون ؟
قال جميل : ما بناديها .. شبتسوي ؟
قال مازن : شبسوي ؟ تبي تعرف ؟
هز جميل رأسه ساخرا .. فنظر مازن لجميل بحدة .. ثم أمسكه من كفه الملفوفة .. صرخ جميل : يالحقير اترك يدي ..
ضحك مازن .. ورماه على جنب .. ثم دخل المنزل .. وصرخ : منتهى ..
جاء جميل وهو يركض .. حاول طرده من المنزل .. لكن مازن كان يرميه على الجدار في كل مرة .. لحين أن خارت قوى جميل .. أخذ مازن يفتح الأبواب .. لحين رأى منتهى تقف أمامه : بس مازن .. كاني جييت ..
تبسم بشوف ولوم : وينج ؟ ثلاثة أيام وأنا أدور عليج .. ثلاثة أيام ما ذقت طعم النوم والراحة ..
قالت له : أنا كنت نايمة مع أخوي .. وطلعت أدورك وما لقيتك .. وبعدها جو وقالو لي إن جاسم صحى وجييت له ..
قال بتأنيب : ليش ما اتصلتي لي ؟ تطمنيني عليج على الأقل ..
قالت له : التهيت بأخوي ونسيت ..
قال بألم : انزين يلله البسي شالج .. مشينا ..
قالت له : خلني هني شوي .. لما أخوي يصحى .. وبعدين مرني ..
قال لها : لا منتهى .. اشتتقت لج أنا ..
نكست رأسها بضيق : ما عليه مازن .. يومين .. بس يومين خلني ..
تنهد بضيق : اوك .. يومين .. وأجي لج جاهزة ..
تبسمت بامتنان : ان شاء الله ..
دنى منها .. قبل خدها .. وخرج ..
/
[ منتهى ]
كنت على وشك البكاء .. لا أرغب أن يعاملني بهذه الطريقة .. أكره أن يقابلني اساءتي بإحسان .. اتجهت لجاسم الذي يدلك يده .. وجلست بقربه : آسفة جسوم ..
قال لي بحدة : بتروحين معاه بعد يومين ؟
تبسمت له : ايي .. اللحين هو زوجي .. ولازم ..
قاطعني : ما يعتبر زوجج وانتي مغصوبة ..
قلت له : لا .. أنا رضيت .. واقتنعت بالي كتبه لي ربي ..
رمقني : وأحمد ؟ بهـ السرعة نسيتيه ؟
نكست رأسي أحاول عدم البكاء .. فمنذ مدة لم أسمع اسمه : الله كريم ..
اتجهت لغرفة رنا .. رأيتها تقرأ قرآن .. أغلقت القرآن وجلست بجانبي : ما عليه منتهى .. تحملي .. أنا شفته لما شافج .. أحسه صادق بشعوره ..
تبسمت بوجع : وهذا الي مصبرني ..
قالت لي : ما عليج من جميل .. هو مقهور منه .. لا تسمعين كلامه .. اعتبري أحمد ماضي .. حاولي تنسينه .. وتبدأين حياة جديدة ..
قلت لها والدمع بدأ بالهطول على خداي : أحـاول .. لكن مافي نتيجة .. أحمد حبه بدمي يمشي ..
ضمتني .. وأخذت أبكي .. لحين أن اتصل عادل .. واستغربت أنها أغلقته بوجهه .. فأخبرتني بقصتها مع عادل ثم قالت : لازم أعاقبه شوي .. تصدقين قبل كنت أحمل بقلبي عليه .. لكن من يوم الي طلع جميل من السجن راح كل الي بقلبي .. لأن طول هـ الفترة .. اقتنعت أي كثر هو يحبني ..
تبسمت لها : الله يوفقكم ..
[ عادل ]
نعم ؟؟ هو قال جذي ؟
قالت أم عادل وهي تبكي : اييي .. هزأنا .. والسوسة قاعدة على الدرج تضحك شمتانة ..
نهض عادل بغضب : يمه لا تصيحين .. اللحين أنا جاي له .. يضن بسكت عنه مثل ما يسكت عنه أحمد .. بوريه هـ الظالم ..
أغلق هاتفه .. فأمسكت ذراعه دعاء : عدول خذني معاك ..
قال لها : شبتسوين يعني ؟
قالت له : واهني شبسوي ؟ أميرة محد ..
قال لها : زيين بسرعة بدلي .. انطرج بالسيارة ..
ركب سيارته .. بعد دقائق أتت دعاء .. وتحركت السيارة نحو قصر أباهم ..
ترجلو مسرعين .. وفتح عادل الباب .. وصرخ : وييينك يا بو وليد ؟ مو تهدد أمي تبيني ؟ كاني جييت ؟
نهضت سارة بغضب من جانب التلفاز وهي تمسك بطنها البارز : هيي انت .. في وين قاعدين احنا ..
رمقها بقهر ومشى ناحيتها : قاعدين بصالة لعب قمار .. والي يفوز هديته انتي ..
قالت بصدمة : احترم نفسك .. وعدل اللفاضك ..
قال لها : انتي لي احترمي نفسج .. يالسبالة يالخمة يالي جاية من الشارع .. يا بنت الـ .... .. أبوي بكبره خارب .. تقلبينه علينا زيادة ليش ؟ تراني ساكت عنج واجد .. وانتي زوديتها ..
رفعت كفها لصفعه لكنه أمسك يدها وأنزلها بقوة : انتي تمدين يدج على اسيادج .. انتي مو مكانج اهني .. مكانج اسطبل الخيول تنظفينهم يـ ... صج انج ..
نزل أبو وليد بجبروته من على الدرج وهو يصرخ : انها شنو يالي ما تربيت ..
التفت لوالده وهو يضحك : حي الله بو وليد .. حي الله الشيخ الي اعترف واخيرا انه ساهي عن عياله وما رباهم ..
قال أبو وليد : اسكت وعن الكلام الفاضي .. يلله انقلع برى بيتيي ..
قال عادل : بيتك ؟ لا يا ابوي لا .. هذا بيتنا .. لا تنسى إن احنا ورثتك ..
قال أبو وليد : تتمنى موتي يالــ ...
قال لوالده : الــ .. مرتك .. وصدقني من أول ما فتحت عيوني على الدنيا تمنيت أحيى يتيم .. ولا يكون لي أب مثلك أستحي أذكر اسمه ..
أحد ما رفسه من الخلف .. التفت وإذا هو وليد : احترم نفسك ولا ترفع صوتك على ابوي ..
صحك عادل : واو .. انت من وين طالع ؟ تصدق اني احتفلت بموتك .. بسرعة الله حشرك ..
قال وليد : ما اني براد عليك .. لأنك ..
قاطعه عادل : لأنك ما تقدر ترد علي .. وأنا كلامي مو معاك .. كلامي مع أبو وليد .. أنا وجاري .. شدخلك يا حماري ؟
زاد غضب وليد .. فضربه وألقاه على الأرض .. ونهض عادل يمسح دمه ليضرب وليد .. تشاجرا طويلا .. وأنيسة وسعاد وبدرية يبكون .. أما دعاء .. فكانت تقف على جنب .. ودمعها يلمع بعينيها .. التفت لوالدها .. فرأته بجانب زوجته يبتسم .. حينما انتبهت لبطن زوجة والدها البارز .. ولقهرها لما يحصل بسببها .. ركضت نحوها .. وضربتها على بطنها .. صرخت : آآآآآي .. قتلتي ولدي يالحقيرة ..
قالت بوجع وهي تبكي : موتي .. موتي انتي وهو .. موتوا كلكم ..
أعلنت حالة الطوارئ .. ضربها والدها .. وانتبه عادل لما حدث .. توقف عن الشجـار .. أخذ اخته وخرجا من المنزل .. ضما بعضهما وارتفعت أصوات بكاءهمــا ..
==
[ محمود ]
قبل رأس أمه وكفيها : اشتقت لج يالغالية ..
احتضنت كفيه : البيت مو حلو بدونك يا وليدي .. شلونها اختك ؟ شخبارها هناك ؟
تبسم محمود : بخير .. وتسلم عليكم كلكم .. ( قبل والدته ثانية ) وهذي من عند بيون ..
دمعت عينيها : الله يحفضها ..
وجلست العائلة يتبادلون أطراف الحديث .. لحين أتت فطوم ويعقوب .. وقال ليعقوب ما وصته به بيان .. تبسم الاثنان ..
ليرن هاتف محمود .. باسم عادل .. نهض خارجا وهو يبتسم : حي الله هـ الصوت ..
وصله صوت عادل الهادئ : محمود أنا عند الباب ..
استغرب نبرة صوته : لحظة بفتح لك الباب ..
فتح الباب .. ليراه غارقا بدمه .. وهو يحتضن دعاء التي تبكي .. قال بخوف : شصاير فيكم ؟
قال عادل وعينيه محمرتين : ضيعنا أحمد .. اتصل فيه .. قوله يرجع ..
ستدمع عيناي .. صوته الحزين .. ألمني : طيب دخلو .. واللحين بتصل فيه ..
دخلا .. أخذتهما إلى المجلس .. كي لا ينحرجا من الناس .. طلبت منهما الإنتظار قليلا .. وذهبت إلى المطبخ .. أخذت بعض الثلج وعلبة الاسعافات الأولية .. ودخلت المجلس وقلبي ينتفض ..
أخذت أعقم جراح عادل .. وأنا أسأله : شلي صار ؟
قص عليّ ما حدث .. تألمت لما قاله .. قلت له : ما عليه .. حصل خير .. اللحين اتصل في اختك خلها تجي بيتنا .. لا تضل بروحها في الشقة وأنا بتصرف ..
قال لي : شلون بتتصرف ؟ أبوي بيذبحنا .. ووليد هني .. يعني راحت علينا .. واذا صار في ولده شي .. يعني احنا بنموت على يده ..
قلت له : انت اللحين اتصل لأختك .. ولا عليك من الي بصير ..
وهو يتصل .. التفت لدعاء .. فرأيتها تنكس رأسها إلى الأرض .. وهي هادئة .. دمعها على خديها .. قلت لها بصوت حنون : رفعي راسج دعاء ..
لم ترفع رأسها بل زاد هطول دمعها .. قلت لها : انزين ليش تصيحين ؟ كل شي بيتصلح ..
رفعت رأسها .. وهي تشهق .. هزتني وهي تقول : ليش احنا جذي ؟ ليش أبونا قاسي علينا ؟ ليش أمنا ما تقدر توقف في وجهه ؟ كل الناس عندهم أب يحبهم .. يعطف عليهم .. كل الي يبونه يعطيهم .. عنده أهم شي راحتهم .. ليش أبوي غير ؟
قلت لها وقلبي منهار : مسحي دموعج .. وحمدي الله .. تذكري إن مثل ما في ناس جالهم أفضل من حالكم .. في ناس حالهم أسوء .. أسوء بواجد بعد ..
==
[ أميرة ]
كنت معزومة على حفلة عيد ميلاد نجوى في أحد المطاعم .. جالسة لوحدي على الطاولة .. أضحك على ما يقوم به المهرج من حركات استهبال .. وأنا أضحك .. سمعت صوتا : سلام عليكم ..
التفت لمصدر الصوت وإذا به نافع يجلس بالمقعد الذي أمامي : هلا .. وعليكم السلام ..
ابتسم لي : توقعتج ما بتجيين ؟
تبسمت : ايي .. كنت ما بجي .. بس نجوى اصرت علي .. وما حبيت أكسر بخاطرها ..
قال لي : أنا بعد كنت ما بجي .. ما احب الحفلات الخلط .. لكن ان ما جيت .. راحت علي من اللسانها ..
ضحكت بخفة : ايي ..
والتفت للمسرح .. ورأيت نجوى تشير إلى طاولتنا .. تشير علي .. أم على نافع .. التفت له فقلت : تقصدك ولا تقصدني ؟
قال : والله ما ادري ..
لتقول بالمايكرفون : أميرة ونافع تعالوا المسرح .. اختركم علشان تلعلون ..
تبادلنا النظرات ونحن نضحك .. وأشرت لها بمعنى لا .. لكنها عبست : اميييرة والله بزعل ..
ضحكت وأنا أهز رأسي بإيجاب : بتقوم ؟
نهض : يلله قومي .. خلنا نشوف شنو اللعبة ..
أتينا .. وكانت لعبة الكراسي .. شغلو أغنية هبي بيرث دي .. ونحن ندور على الكراسي .. أنا وهو وعدة أشخاص .. وبمجرد أن تتوقف الأغنية .. نجلس بسرعة على الكراسي .. لحين أن بقي كرسي واحد .. وأنا ونافع ندور حوله ..
قال لي : أميرة خليني أفوز وبعطيج يوم احازة ..
ضحكت : ما انييي ..
قال : لكن بنشووف .. أنا الي بفوز عليج ..
قلت له : اذا فزت عليك .. عطني اجازة ..
ضحك : اوكي .. واذا فزت عليج .. شتبيين أسوي فيج ؟
ضحكت : ما بتفووز ..
وكنا ندور .. وأنا أرتب شالي .. توقفت الأغنية .. وأسرع بالجلوس على الكرسي .. رمقته بغضب وأنا أضحك .. قال لي : فزت عليييج .. شفتيين ..
ضحكت : أصلا أنا متعمدة ..
غمز لي : اييي .. اصدق ..
أعطاه المهرج الهدية ... وجلسنا أماكننا مرة أخرى .. ليقول : ها أميرة .. شتبيين اسوي فيج ؟
التفت له وأنا ابتسم : بتعطيني يوم اجازة .. لأنك كريم .. وأنا استاهل ..
قال لي : لا .. أنا بخيل .. وانتي تستاهلين ..
ضحكت : نــــافع يلله .. يوم السبت اجازة .. صحيح ؟
تبسم : لااا .. بعدين بيتعطل الشغل ..
قلت له : تراك واجد تحب الشغل ..

\
[ نـــافع ]
قلت لها : خبر قدييييم ..
قالت : انا باجر ما بجي .. سواءا عطيتني اجازة ولا لا ..
قلت لها : بقول للمدير يفنشجج لأنج ما تسوين أشغالج بوقتها .. وكل تغييبين ..
رمقتني بصدمة : أفا ..
ضحكت : انزييين .. كسرتين خاطري .. شنو بتعطييني المقابل ؟
تبسمت : اممممم .. تبي سنكرز ؟
قلت لها : يم .. شدراج اني أحبه ؟
ضحكت : الله يسلمك أحمد واجد يحبه .. مر في بالي أحمد .. فقلت لك عن السنكرز ..
قلت لها : اوكي عجل .. بس مو تجيبين واحد .. جيبي علبة ..
قالت : طماع ..
وحينما تكلمت لأجيبها .. قطع حديثي .. صوت هاتفها .. ضغطت زر الرد وهي تبتسم : هلا عادل .. شفيه صوتك ؟ صاير شي ؟ ويين ؟ بيت محمود ؟ ليش ؟ عادل شصاير ؟ دعاء فيها شي ؟ عادل تكلم ؟ أبوي ؟ ولييد جى ؟ اوكي .. مسافة الطريق وأنا جاية .. باي ..
نهضت وهي تحمل حقيبتها .. والضيق بدى على ملامحها .. قلت لها : وين ؟
رفعت رأسها إلي وهي تبتسم : مسامحة .. بس صار ظرف ضروري ومطرة أرد ..
قلت لها : اوكي .. سلمي على بيتكم ..
تبسمت : الله يسلمك .. واعتذر لنجوى نيابة عني ..
وحينما مشت .. ناديتها .. فالتفت لي : نعم ؟
مددت كفي بالهدية وأنا ابتسم : لا تنسين السنكرز .. وبكرة انتي اجازة ..
أخذت الهدية وهي مازالت تبتسم : مشكور ..
مشت .. وعيناي تشيعها .. رفعت بصري للمهرج .. وابتسامة عالقة على فمي .. وتفكيري اتجه ناحيتها .. تذكرت ما حدث قبل قليل .. قضيت وقتا ممتعا برفقتها ..
طردت هذه الأفكار من ذهني .. حاولت اشغال نفسي بما يفعله المهرج .. لكن هيهات .. فابتسامتها التصقت على ذاكرتي .. ولا تود أن تبتعد ..
==
[ دعاء ]
رفضت أم محمود أن نخرج من منزلها بعد أن أتت أميرة .. وأجبرتنا على المبيت في منزلهم .. فعادل .. نام مع محمود بغرفته .. وأنا وأميرة .. فتحت لنا غرفة بيان كي ننام فيها ..
لم يزرني النعاس .. رغم أن الوقت قد تأخر .. وعقارب الساعة تشير إلى الثانية والنصف فجرا .. كنت أنظر إلى سقف الغرفة .. وأنا أتذكر ما قاله محمود .. أتذكر عينيه اللتان امتلأتا من الذعر حينما رآنا .. لما هو هكذا ؟ لما طيب هو لهذا القدر ؟ لما يساعدنا ؟ رغم أننا لا نهمه بشي ؟ لما يحاول مواساتي ؟ رغم أنني أسأت له .. رغم أنني جرحته في الصميم !
انقلبت الجهة اليمنى .. رأيت أميرة نائمة .. فقلبت جسدي الجهة الأخرى .. أغمضت عيناي .. حاولت أن أنام .. ولكن لم أستطع .. نهضت بضيق .. سحبت شال أميرة .. ووضعته على رأسي .. وخرجت من الغرفة ..
نزلت من على الدرج .. وخرجت من المنزل .. جلست على الأرجوحة .. أسلي نفسي قليلا .. وأطرد طيف محمودا عني .. لأسمع صوتا خلفي : الجو بارد .. دخلي داخل ..
التفت لمصدر الصوت .. فكان محمودا .. يمشي ناحيتي .. أدرت وجهي للأمام وقلت : مو جايني نوم ..
لم يقف أمامي .. يل ظل بمكانه وقال : أخاف تمرضين ..
قلت له وأنا لم ألتفت له : عساني أمرض وأموت ..
بدا الغضب بنبرته : ناس تتمنى الشفاء .. وناس تتمنى ترد للدنيا لحظة علشان تعمل عمل زين .. وانتي تتمنين العكس ؟
قلت له والدمع بعيناي : أنا أعيش بس أشرب وآكل .. بدون هدف ..
قال لي : بلا .. في أهداف عندج .. بس انتي متجاهلتنها ..
التفت له : انت ليش تكلمني اوك ؟ مو أنا اسنحقرتك ؟ ليش ما تعاملني مثل ما عاملتك ؟
قلت لها : وليش ما اصير احسن منج ؟
نكست رأسي وقلت بضيق : محمود ..
قال لي : نعم ؟
قلت له : بتتصل لأحمد ؟
قال : طبعا لا .. انتو كبار .. ولازم تعتمدون على روحكم .. أحمد الي فيه مكفيه .. خلوه ينسى شوي ..
لأقول : بس احنا ما نعرف نتصرف .. عادل من ينفعل خلاص .. يخرب الدنيا .. وأنا وأميرة بنات .. شلون بنوقف بوجه أبوي ووليد ؟
فقال وهو يمشي ليقف أمامي : انتوا اعتمدوا على روحكم .. واذا زاد حجم المشكلة .. أنا موجود ..
تبسمت بخجل : شكرا محمود ..
قال لي : على شنو ؟
فأجبته : على كل شي ..
ليقول : حاضرين .. ما سويت إلا الواجب ..
نهضنا عائدين إلى داخل المنزل .. فناداني : لا تحطين بخاطرج علي على الي صار ذاك اليوم .. أنا ما كان قصدي أجرحج .. وما أدري شلون طلع الكلام الي قلته .. بس تأكدي إن كل الي قلته مو صحيح ..
قلت له وأنا ابتسم : وأنا آسفة على الي قلته .. ليت كل الناس مثلك ..
تبسم لي ابتسامته العذبة .. بادلته الإبتسام .. فقال : تصبحين على خير ..
قلت له : تلاقي خير ..
أغلقت باب الغرفة وأنا ابتسم .. كم أعشقك محمود ..
==
[ أحمد ]
سندت جسدي على الجدار : توصيين بشي ؟
قالت لي : سلامتك ..
تبسمت لها : الله يسلمج ..
لتقول : أول ما تشوف الكعبة ادع لي أتوفق .. ولصفاء بعد ..
مازلت مبتسما : ان شاء الله .. خلي بالج على دراستج ..
قالت لي : ان شاء الله .. سلم على دعوي اذا رديت ..
تبسم : يسلمج ربي ..
سكتت .. واكتفت بابتسامة .. قلت لها : يلله سكري الباب ..
ضحكت : اوصلك لتحت ..
تبسمت : يلله ..
نزلت وأنا أحمل حقيبتي .. وهي تتبعني ..
وضعت حقيبتي في سيارة الأجرة والتفت لها : مع السلامة ..
تبسمت : الله يسلمك ..
قلت لها : يلله دخلي علشان اروح ..
قالت : روح علشان اركب ..
ضحكنا معا .. أغلقت باب السيارة وقلت لها : يلله روحي ..
تبسمت : اوكي .. في حفظ الله ..
انتظرتها لحين اختفت عن ناظري .. ثم طلبت من السائق أن يتحرك .. قاصدا المطار متجها إلى لبنــــان ..
/
[ بيـــان ]
اختبأت كي لا يراني .. وبمجرد أن تحركت السيارة حتى وقفت انظر لها وهي تبتعد .. وحينما ما عدت أراها .. حركت ساقي قاصدة شقتنا .. وأنا أركب الدرج .. سمعت صوت خطوات خلفي ..
التفت للوراء .. فرأيت حسنا يركب الدرج .. جمدت أطرافي .. وأدرت وجهي للأمام .. لا أعلم لما لم أتحرك .. ولكن هذا اليوم الذي أراه بعد عودة محمود وأحمد .. بت أصغي لأصوات نبضات قلبي السريعة .. أحسست بأنه خلفي .. رأيته واقفا ينتظرني أمشي .. كي يستطيع أن يمر ..
ليس بمقدوري أن أتحرك .. أود أن أركض بسرعة .. وأختفي من ناضريه .. لكن قدماي منشلة ..!
سمعت صوته .. لا أعلم ما قاله .. وإنما التفت له وعيناي تجمع بهما الدمع .. رأيته يبتسم .. ويقول : ممكن أمر ؟
هززت رأسي بإيجاب وأنا ارتجف .. فاتسعت ابتسامته : شفيج واقفة ؟ ما تبين تركبين فوق ؟ صاير شي ؟
سأبكي .. أجــل سأبكي .. فهذا صوت حسين .. إنه حسين ..
لا يا بيــــان .. لا تضعفي .. حسين مات .. حسين مات ..
لكنني أراه الآن موجودا ..
إنه يشبهه .. استيقظي بيـــان .. لا تبكي ..
أشحت وجهي عنه .. وواصلت طريقي للشقة .. وأغلقت الباب بذعر .. سندت جسدي على الباب .. أخذت أجمع أنفاسي .. ودموعي التي تمكنت من عدم هطولها .. خرت على خداي .. كنت أبكي بدون صوت .. وأنا أمسح دمعي .. سمعت طرقا على الباب .. ارتجفت أكثر .. طللت من العين السحرية .. ورأيت صفاء واقفا خلف الباب .. ابتسمت براحة .. وفتحته : حياج ..

يتبع ,,,,,

👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -