بداية

رواية صورة للذكرى -2

رواية صورة للذكرى - غرام

رواية صورة للذكرى -2

أومأت برأسها إيجابا و فكرت قليلا .. جيد.. بهذا ستكون قريبة منه و تستمتع بتدريسه و قد تستطيع بذلك ان تقوم ببعض المقالب كما كان يفعل بها في السابق .. حان الان دورها لان تنتقم و تتسلى قليلا .. ابتسم عندما لمح الرضا في عينيها
- " حسنا يا جيمي.. مجرد دروس.. لا أكثر "
قال بحماس
- " نعم نعم كل يوم رياضيات فقط لا غير.. أعدك .. ليس هناك إذلال او انتقام كما تزعمين"
-
لم تستطع ان تسمع هذا التعليق الظريف دون أن تضحك .. يا الهي كم فرح و رقص قلبه عندما سمع ضحكاتها الرقيقة انها جميلة حتى و هي عنيفة معه و تضربه كما فعلت قبل دقائق و الان هي بكامل جمالها و أنوثتها بوضع يدها على فمها تضحك بسرور .. يتمنى ان تضربه أكثر و أقوى حتى يصدق بأنه في الواقع ..
ابتعدت عنه مع زميلاتها و هي لا تزال تبتسم .. و قبل أن تخرج من الباب شيئا ما جعلها تلتفت الى الوراء حيث يقف بمكانه و لم يتحرك فاصطدمت عيناهما ببعض قدم لها أروع ابتسامة و أصدقها فاستدارت بوجهها خجلا منه منذ تلك اللحظة أحست بأنها تحب و تعشق بكل روحها ...
سألتها صديقتها كريستين مستغربة وقوفها معه في الردهة بعد تلك الاشاعات الذي قيلت بشأنهما
- " ماذا أراد منك جيمي ؟"
- " يريدني أن أعطيه بعض الدروس في الرياضيات "
- " و لم أنت ؟ "
- " يقول بأني الأفضل "
- " و هل تصدقينه ؟ "
- " لا أعرف لكني سأجازف.. لن يضرني شيء لأن أجرب حظي معه "
- " أنت مجنونة بحبه "
- " غير صحيح "
- " أثبتي لي عكس ذلك .. "
- " لن أفعل أي شيء .. لأن ليس هناك شيء .. كفي عن ذلك يا كريستين "
- " حسنا كما تريدين

-3-
في اليوم التالي في صف الرياضيات صاح المدرس كعادته بصوته العالي باسم جيمس فسكت الطلاب جميعهم لفضولهم بمعرفة ما يريد قوله المدرس لأشهر طالب في المدرسة ..
- " جيمس بروكس "
- " ماذا هناك يا أستاذ؟"
- " هل بحثت عن مدرس خصوصي ؟"
لا شعوريا التفتت جيمي ليرى تعابير وجه سارا الباسم ثم قال بكل فخر مع ابتسامة واسعة
- " نعم .. "
- " جيد اذا اتوقع نتائج أفضل في الاختبار النهائي "
- " لا تشك في ذلك يا استاذ .. فمدرسي لا يعلى عليه"
غمز لها فأنزلت رأسها خجلا ...
و اتى اليوم الذي تنتظر فيه قدومه الى منزلها لإعطائه الدروس الخصوصية في الرياضيات .. كانت قد ارتدت فستان أنيق جدا لتلهفها لرؤيته فهي تريد أن تبدو له أجمل أمرأة رآها في حياته .. نظرت على النافذة أكثر من مرة ثم إلى الساعة و أعادت النظر إلى النافذة مرة أخرى .. فجيمي لم يزورهما منذ سنوات طويلة كما أن والدته لم تأت أيضا من قبل و لا تعرف هي السبب .. كانت والدتها تنظر إليها و هي تنظر إلى الساعة ثم إلى النافذة فاقتربت منها تسألها
- " من تنتظرين ؟ "
اجابتها بسعادة غامرة
- " جيمي .. جيمس بروكس.."
- " حقا ؟! "
قالت بدهشة ممزوجة بالعصبية .. لكن ذلك لم يخفف من حماس سارا
- " نعم .. سأعطيه دروس في الرياضيات .. هل من خطب ؟"
انزعجت السيدة كارلا و قالت بعصبية
- " لن يرضى والدك بذلك "
- " و لم ؟ اننا ندرس فقط لا غير "
- " لا اعلم .. لكنه قد يغضب اذا عرف بأن أي احد من عائلة بروكس دخل منزلنا "
استغربت سارا كلام والدتها فقالت بسخرية
- " شيء جديد .. و ما الضير من ذلك ؟ ان والدته صديقة مقربة لك و دائما ما كانت تزورك في المنزل .. أليست هي من عائلة بروكس أيضا ؟!!"
- " كان هذا في السابق قبل الحادثة التي جرت بين والدك و ماثيو بروكس "
- " حسنا اذا لا داعي لان يعرف ابي "
- " ارجوك يا سارا.. لا نريد المزيد من المشاكل "
- " امي .. ابي هو من يحدث المشاكل .. انت تقولين بان شيء حدث بينه و بين ماثيو بروكس ... فما دخلي أنا بمشاكلكم .."
- " سارا .."
نادت عليها بغضب عندما خرجت سارا من البيت غاضبة و معها كتبها بيدها سارت مشيا في الطريق مبتعدة عن والدتها والمنزل .. و الغضب يتصاعد الى رأسها.. لمحت سيارته في الطريق فأشارت له لان يتوقف..لزم المكابح ليوقف سيارته و ينظر اليها باستغراب مع ابتسامة عذبة رجت قلبها الصغير
- " ماذا يا سارا هل اعدلت عن فكرة الدروس ؟ "
- " لا لكننا لن ندرس في المنزل ... لنذهب الى مكان أخر "
- " كما تريدين .. هيا اصعدي "
ارتبكت عندما فتحت الباب و جلست بالقرب منه كانت رائحته العطرة تضرب بأنفها ..و كأنه قد تحمم بزجاجة العطر .. بدى عليها الحزن و هي جالسة بالقرب منه بلا حراك احس بتوترها و تصلبها مما جعله يشعر بانه يتقدم خطوات لا بأس بها بالتقرب منها .. لكن حزنها يقبع في هذا التقرب الذي لن يحصل .. فهي لطالما انتظرت هذا اليوم .. انها تحبه و هذا حب الطفولة الذي يصعب عليها ... شعرت بنظراته من طرف عينه بين حين و اخرى .. (انها جميلة) قال في سره فهي بالفعل تبدو ساحرة خاصة بفستانها عاري الكتفين و القصير الذي يظهر جمال ساقها الممشوقة و شعرها البني الذي استرسل على كتفها الناعم و عينيها على الرغم من الحزن الباد عليها الا انها خلابة برموشها التي تسبب له الارق في الليل ..
توقف عند الحديقة العامة التي تطل على البحيرة الصغيرة جلس امامها على طاولة خشبية تتصل فيها المقاعد الخشبية الطويلة .. فتحت الكتاب الذي حملته معها ثم رفعت بصرها اليه لتصطدم عينيها بعينيه التي ترمقانها مع ابتسامة رضا على وجهه اضطربت فانزلت عينيها و قالت بجدية
- " هل نبدأ يا جيمي ؟ "
- " نعم نعم بالطبع "
شرحت مطولا دون ان ينتبه للدرس بل سرح فيها ..في عينيها.. و جمال وجهها ..و عذوبة صوتها و حركاتها مع انسيابية القلم بين أصابعها .. تمنى ان يكون مكان هذا القلم حتى يسرح بين أناملها الرقيقة ... انزعجت لانه لم يبعد عينيه عنها و لانها لم تعد تستطيع التركيز بالشرح فهو يشتت انتباها فنظرت اليه بحدة
- " جيمي ... هل أنت معي ؟ "
قال و هو هائم بالنظر إلى وجهها و كأنه مسحور ..
- " نعم معك "
- " ماذا كنت اقول ؟ "
بحركة سريعة منه القى نظرة على آخر الصفحة ثم ابتسم لها
- " كنت تتكلمين عن الكسر العشري في أخر المسألة .."
لقد فلت هذه المرة منها و لم يشأ ان يراها منزعجة على الرغم من انها بدت مثيرة بالنسبة لها لكنه ركز معها هذه المرة لفترة وجيزة ثم عاد الى سرحانه مجددا ... مرت الساعة بسرعة و كأنها دقيقة .. حملت الكتاب و وقفت
- " انتهى درس اليوم .. اراك بعد غد "
شعر بخيبة امل لانتهاء الوقت و لانه لن يمضي معها ساعة اخرى في الغد
- " لكن .. لم ؟ "
- " لدي مشروع علمي يجب ان اسلمه "
- " سأساعدك اذا اردت "
- " شكرا لك .. كريستين تقوم بمساعدتي "
خيبة امل ثانية أنزل عينيه ثم ابتسم لها
- " لا تتردي في الاتصال بي ان احتجت شيئا "
- " سأفعل .. شكرا لك ..هل نذهب الآن ؟ "
- " بالتأكيد "
أشارت له بالتوقف عند المكان الذي وجدته فيه قبل أن تصعد على السيارة .. التفتت إليها يسألها
- " لم لا اوصلك عند المنزل ؟ "
فكرت في شيء عقلاني او منطقي لسؤاله
- " لانني اشعر برغبة في تحريك ساقي قليلا "
- " أ ترديني ان ارافقك ؟"
- " لا .. لا داعي .. شكرا لك"
خيبة امل ثالثة .. يا لكثرة الخيبات التي ستتلقيها يا جيمي بعد أن تعرف سبب رفضها لمرافقتك
- " حسنا كما تريدين .. "
فتحت الباب لتنزل لكنه ناد باسمها و كم احبت اسمها على لسانه
- " سارا .. "
التفتت اليه تترقب ما يريد قوله فهي خائفة من ان يمر والدها و يجدها بصحبته
- " اشكرك لاعطائي ساعة من وقتك .. سأتعبك معي هذا الاسبوع .."
ابتسمت و كم بدت بريئة
- " لا وجوب للشكر .. انها مراجعة لي ايضا .."
- " جيدا اذا اراك بعد غد "
- " الى اللقاء "
مشت بخطوات كبيرة بينما بقي هو في مكانه ينظر اليها حتى فتحت باب المنزل و دخلت .. اعتصر قلبها ألما لمرور الوقت بسرعة فهي أحبت صحبته و اندماجه القليل مع الدرس و نظراته لها التي تشعرها بأنوثتها .. تمنت ان تبدأ علاقتهما بالوفاق لكنها لن تستطيع ما دامت البداية تلاقي معارضة ... لم أحبت الشخص الغير مناسب ؟!
استيقظت على صوت المنبه الذي يوقظها كل يوم حتى تقوم بواجباتها كأم و استاذة في جامعة مانهاتن.. لذلك تفيق مع اول خيوط الفجر تجهز الافطار لفيكتوريا و فيكي و من ثم تتجه الى حجرتيهما لتوقظهما
- " حبيبي فيكي هيا استيقظ "
شاح بوجهه عنها واضعا الوسادة فوق رأسه يحجب النور عن عينيه لكنها جرت الوسادة و اخذت تدغدغ خاصرته كان يصرخ و يضحك و بعدها استسلم
- " ها انا استيقظ اذهبي الان .. ابتعدي عني .. ماما.. توقفي ... اسيقظت كليا .. كليا .."\
كم تهوى ان تجعله يغضب و من ثم تجعله يبتسم لها بإذعان .. انه يشبه والده بتصرفاته و شكله فكلما تحاول ان تنسى صورة جيمي ياتي فيكتور ليذكرها به فيشتعل الحزن بصدرها من جديد .. طيلة العشر سنوات لم تتمكن من نسيانه ...
دخلت حجرة فيكتوريا لتجدها نائمة كالطفلة البريئة .. قبلت وجنتها برقة و همست في اذنيها
- " استيقظي يا حبيبتي .. يوم جديد حافل امامك "
فتحت عينيها بتثاقل و ابتسمت بصعوبة
- " صباح الخير .."
و كم تحب رقة فيكتوريا التي تذكرها بطفولتها و مراهقتها .. انها تعيش قصة حب كما عاشت هي مع جيمي عندما كانا صغارا و تلك الصور التي قلبتها بالامس زادت لوعت الفراق .. و كل شيء لايزال يذكرها به حتى عندما تتذكر نفسها تشمله بالذكرى ...
و في المطبخ جلست معهم لتناول الافطار عندما قالت فيكتوريا باعتراض
- " امي .. ماذا اخبرتك اخر مرة عن استيقاظك في الصباح الباكر .. خاصة و انت في اجازة للراحة "
- " لكنني مرتاحة يا حلوتي لا عليك "
- " قلت لك باني اضع منبه كل يوم لي و لفيكي "
- "و تمنعيني من متعة ايقاظكما كل صباح و التبسم بوجهكما ؟ "
- "لا احد يمنعك .. لكن ليس في فترة اجازتك .. عندما تعودين للعمل يمكنك ايقاضنا "
- " لا استطيع ان انام .. لقد اعتدت على هذا الايقاع "
- " لكن .."
قاطعتها و هي تقبل رأسها
- " لا تكثري الحديث يا فيكتوريا .. هيا انهي طبقك.. سابدل ثيابي لاخذكما الى المدرسة "
توقف فيكي عن الاكل و ناد والدته قبل ان تصعد الدرج
- " سأذهب بدراجتي مع أصدقائي .. ماما "
- " و انا كذلك .. سيمر براد ليأخذني "
عادت الى المطبخ و في وجهها خيبة امل فهي تحب ان تصطحبهما بنفسها كما تفعل على الاغلب لكن مادام يسعد ذلك ابناءها فسيسعدها بالطبع
- " هل لبراد رخصة قيادة ؟ "
- " بالطبع يا امي .. انني انتظر عيد ميلادي حتى اخرج رخصتي "
- " لا لن تفعلي .. ليس قبل دخولك الجامعة "
- " جدي لن يمانع .."
- " لا علي من جدك .. انا والدتك "
- " اه لقد نسيت .. لكنك انت من اخبرتيني بأنك اختي الكبيرة "
- " فقط في الاماكن العامة .. لكن ليس بالمنزل "
لا تستطيع كبح ضحكة لتعليق فيكتوريا .. فهي تفعل ذلك بالحقيقة ..
صوت بوق سيارة براد في الخارج نبهت فيكتوريا لانهاء ما تبقى من طبقها ثم اسرعت و قبلت والدتها و جذبت من يدها علبة الغداء
- " يجب ان تتوقفي عن اعداد الغداء لي ..."
- " ل.."
- " االى اللقاء ماما "
خرجت و قفزت داخل السيارة المستانغ المكشوفة .. و ذلك الفتى الذي ابتسم بإفتتان عندما رأى فتاته تقفز بسيارته الرياضية .. سعدت سارا لهذا المنظر البريء الذي يجب ان يبقى على براءته و ان لا يخطآن مثلها .. صاحت بهم تودعهم
- " لا تسرع يا براد .. و لا تتأخري بالعودة .. إلى اللقاء .."
استدارت ناحية فيكي
- " و أنت يا شقي الم تتاخر عن المدرسة "
- " لا .."
- " هيا اسرع .."
- " اعرف يا ماما باننا نعيش في عصر السرعة بالأخص انت .. لكنني ضد هذا المبدأ .. ارى من الحكمة يا امي العزيزة هو التريث و اخذ متسع الوقت للراحة و من ثم الذهاب الى أي مكان وقتما نشاء "
لا تعرف هل تضحك ام تصرخ بوجهه لكنها قررت ان ... تركض خلفه و تقبله كالمعتاد .. و الشيء الذي يزعجه كثيرا لكنه يبهجها .. فتح الباب و خرج لكنها تبعته الى الخارج ناسية بانها ترتدي قميص نوم خفيف فوقه كمشير مفتوح و أخف منه
- " فيكي .. فيكتور ماثيو بروكس .. توقف "
رجع الى الخلف بإذعان فلقد نادته باسمه الكامل و عندما تناديه باسمه الاوسط فإن ذلك يعني انذارا خطير .. تناول كيس الغداء من يدها
- " لا تعدي لي الغداء .. لن آكله و سيرجع الى البراد حيث يجب ان يكون "
- " بل ستأكله و إلا أكلتك و أقبلك الآن إمام أصدقائك "
- " حسنا حسنا كل شيء إلا ذلك الشيء "
يقصد التقبيل الذي يعتبره أكثر الأمور إحراجا بالنسبة له .. قاد دراجته منطلقا مع اصدقائة الى المدرسة ..وقفت ترقبهم حتى تواروا عن انظارها عندها استدارت لتدخل المنزل لكن الصوت خلفها اوقفها في مكانها بلا حراك
- " صباح جميل ... "
- " صباح جميل ... "
استدرات لتنظر اليه بإحراج فملابسها و منظرها غير ملائم لان يقابلها جارها تود الذي يعتبر اشهر رجل في المنطقة و أوسمهم و نقطة ضعفه النساء الجميلات .. التي تعتبر سارا احداهن في نظره
تصاعد الدم الى وجنتيها و هي تجيبه بسرعة حتى تنهي من هذا الاحراج فتدخل الى المنزل
- " صباح الخير تود .. "
أشاحت عنه و فتحت الباب مجددا لكنه خلل يده عبر فتحة الباب قبل ان تغلقه كان ينظر اليها و ابتسامة افتتان على وجهه و عيناه الواسعتين تلمعان بإعجاب
- " اتساءل اين الشمس اليوم ؟ "
استغربت سؤاله فهل هذا نوع جديد من الغزل ؟!
- " ها ؟!!"
- " لابد انها غارت منك ... و على الرغم من انها غائبة إلا ان نورك اشرق اليوم .. و صدقيني انني افضلك على الشمس "
اجبرها كلامه المعسول على الابتسام و القهقهة ..
- " من اين تاتي بهذا الكلام يا تود ؟ "
- " انها الحقيقة "
- " على اية حال اشكرك .. يتوجب علي ان اذهب .. "
- " توقفي يا سارا و دعينا نتحدث قليلا "
- " لكن .."
- " حسنا اقبلي دعوتي على العشاء و اتركك تذهبين الان .. ارى انه من الافضل لك خاصة و ان وجهك قد تقلب الى اللون الاحمر "
تعليقه الاخير زاد تورد خديها فهي واقفة امامه شبه عارية بقميص نوم خفيف يغطيه كمشير اخف منه مفتوح .. و لا شعوريا لفت جسدها به تحاول ان تخفي ما استطاعت من جسدها خاصة و ان نظراته تلتهمها

-4-
- " اخبرتك برأيي مرار يا تود .. و انت تعرف ذلك جيدا "
- " لا تكبري الامور .. كل ما اريده هو ساعة او ساعتين من وقتك "
- " تود ..انا لا استطيع .. الابناء ...."
- " يستطيعون ان يأتيا معنا .. هيا يا سارا اقبلي دعوتي هذه المرة .. لن تندمي .. اوعدك بأنني لن أتصرف بطريقة غير مناسبة .. مجرد جاران يتناولون العشاء"
إن تود معروف بالمنطقة فهو قد خرج مع كل النساء هنا تقريبا و كان يتركهن في اليوم التالي بعد خروجه معهن .. فهو دون خوان .. ارادت ان تعتذر منه بطريقة لبقة لكنه لم يترك لها المجال...
- " لا اعرف ماذا اقول لك ؟ "
- " قولي بأنك موافقة .. أعطني فرصة لأبرهن لك عكس الإشاعات التي تطلق علي "
- " لكنها إشاعات تصدق احيانا"
- " لا تحكمي علي من الإشاعات يا سارا.. ماذا قلت ؟!"
- " حسنا .. موافقة "
اشرق وجهه بابتسامة كبيرة جمعت الخطوط حول عينيه .. انه فعلا وسيم جدا لا عجب بأنه زير نساء ...
- " سأصطحبك اذا غدا في التاسعة.. "
- " جيد يناسبني ذلك .. هل استطيع ان اذهب الان ؟"
- " اتريدين الافلات مني بهذه السرعة ؟ "
- " لا لم اقصد ذلك "
- " اعرف ما قصدتي .. اسمح لك بالذهاب .. لكن لا تخرجي بتلك الثياب مرة اخرى.. حتى لا تذوبي الرجال .. اظهري رحمة من قبلك "
عاد التورد الى وجنتيها دفعته برقة الى الخلف
- " آسفة لانني سأغلق الباب .. الى اللقاء "
اغلقت الباب و بقي هو واقفا يحدق فيه لفترة ثم ابتعد الى حيث سيارته و انطلق بها .. انه رجل رائع على عكس الاشاعات .. كما ان له وسامة و رجولة طاغية متمركزة في ملامح وجهه الحادة و جسده الرياضي العريض الذي يجعل النساء تتهافت عليه من كل الاجناب .. نقطة ضعفة النساء .. يلاحقهن .. به مرض عضال اسمة ( الحسناوات ) ... كل يوم له امرأة .. و من ذلك الكلام ..
هي لا تريد ان تعطيه المجال لان يتمتع بها في يوم ثم يتركها في اليوم التالي خاصة و انها لا تريد ان تخسر الجيرة بينهما فهو جار رائع على الرغم من نظراته الفاحصة لها .. و بالاضافة الى ذلك هي لم تخرج في مواعيد مع رجال في السابق الا جيمس فهو الرجل الوحيد الذي خرجت معه و هو الرجل الوحيد الذي كسب حبها فهي لا تتوقع ان تبدأ قصة حب مع شخص آخر بينما حبها أزلي لجيمس بروكس و مهما حاولت لن تستطيع ان تسيطر على هذا الحب الذي لايزال يلاحقها طيلة العشر سنوات .. لذلك سيكون من الصعب عليها ان ترتاح في موعد مع تود فال الذي لم يكف عن طلب الخروج معها .. لقد اعتمد كل الطرق الملتوية لان يصل الى مراده و ها قد حصل عليه ..
دخلت المنزل و قامت بترتيبه و تنظيفه ثم صعدت الى حجرة فيكي و فيكتوريا و قامت بتنظيفهما و تغير الملاءات ... و بعد ساعتين و نصف كانت قد أنهت كل شيء فاتجهت الى الحمام حتى تستحم و تستعيد نشاطها من جديد ..
وقفت أمام المرآة تنظر الى الجرح الملفوف بشاش أبيض تأملته و قد ملأت الحسرة صدرها فتنهدت بعمق ..رأته و قد تلطخ بدمها الاحمر هذا كله بسبب الحركة الزائدة التي قامت بها اليوم و قد نهاها الطبيب عن أي مجهود بدني و كل ما فعلته هي مخالفة اوامر الطبيب و اوامر فيكتوريا ..
جلست في حوض الاستحمام البارد لتنتعش قليلا و توقف الدم عن الخروج بعدها غيرت الضمادة ثم ارتدت جينز و قميص أبيض ضيق يلتصق بجسدها ليظهر نحافة خصرها و رشاقتها فتحت اول ثلاث أزرار ثم ربطت شعرها البني المبلل بهيئة ذيل الحصان ليعطيها منظر الفتاة الصغيرة .. و اردت قرطين فضيين صغيرين لكنهما يبرقان كلما تحركت .. اكملت لباسها العملي الانيق بحذاء بلا كعب يناسب مظهرها .. و كعادتها حجبت جمال عينيها الواسعتين بنظارة سوداء لكنها مع ذلك لم تتردد بوضع احمر شفاه له فاتح كلون شفتيها لكنه اضفى عليها لمعانا مثير ..
دخلت المطبخ و كتبت ملاحظة صغيرة ( قد اتاخر .. الغداء في الفرن .. احبكما ) علقتها على البراد ثم اخذت مفاتيح السيارة و انطلقت بها ..
ركنت سيارتها ثم ترجلت منها بخفة .. صعدت الدرجات و هي تعي بأن العيون تتلافت حولها منهما المتعجب و منه المفتتن بجمالها .. و هذا ما جعلها تصمد و تصر على ان تبقى شابة مدى الحياة ..
اقتربت منها احدى الفتيات التي يبدو عليهن المثابرة و الاستكانة ..
- " بروفيسور مولر .. هل عدت الى العمل ؟ "
ابتسمت لها قائلة
- " ليس بعد .."
- " اتمنى ان تعودي في اقرب وقت .."
- " و انا كذلك .. اشكرك "
ابتعدت عنها و هي تلوح لها بيدها و ابتسامة مشرقة على وجهها ..تأمل بعد ان وقفت امام الباب الذي كتب عليه ( مكتب المدير مايكل كهان ) ان يقبل بعرضها .. قبل ان تمد يدها لتطرق الباب التفتت ما ان سمعت صوت المنادي خلفها
- " سارا مولر .. بروفيسور .. "
- " سيد كهان .. مرحبا .. كنت .."
- " تفضلي سيدة مولر "
فتح لها باب المكتب لتدخل جلس امامها ينظر اليها بابتسامة
- " كيف حالك يا سارا؟ "
- " على احسن ما يرام يا سيدي كما ترى "
- " ارى بانك فقدت وزنا .. فهل هذا يدل على انك على ما يرام ؟"
- " بالطبع .. "
- " لم انت هنا يا سارا ؟ "
فركت يدها بالاخرى فهي دائما تتوتر امام هذا الرجل الأصلع دون ان تعرف السبب فهو له شخصية غريبة جدا و صعب الارضاء و حاد الطبع
- " كنت اود .. اعني .. اتمنى ان .. اريد ان اعود الى العمل "
لم تتغير ملامح وجهه بل حك رأسه الخالي من الشعر و كانه يفكر بقضية يصعب حلها
- " اين التقرير الطبي الذي يسمح بعودتك الى العمل ؟ "
اخفت خيبة املها بابتسامة مصطنعة
- " ليس لدي تقرير طبي سيد كهان .. لكني أؤكد لك بأني استطيع ان ازاول عملي بشكل طبيعي و على أحسن وجه "
- " آسف يا سارا .. انت تعرفين القوانين هنا جيدا "
- " لكن..."
- " اسف مرة اخرى اعذريني لا استطيع مساعدتك .. احضري لي تقريرا طبي يسمح لك بالعودة الى العمل و سأقبل بأسرع وقت .. انا اهتم بتلك الامور و هي من الاساسيات هذا قانون الجامعة بل انه قانون جميع الجهات .. اعتقد بانك تعرفين ذلك جيدا "
- " حسنا سيد كهان دعني اعمل ليومين لاثبت لك بأني فعلا بخير و ان لم يعجبك الامر تستطيع ان توقفني عن العمل "
- " سارا هل ينبغي لي ان اعيد كلامي مجددا "
- " لا يا سيدي .. اقبل عرضي "
- " اسف "
- " لا مجال في تغير رأيك ؟ "
- " ابدا .. انت اكثر واحدة تعرف بأني لا اغير رأيي خاصة فيما يتعلق بهذه المواضيع "
- " ابدا ابدا .."
- " لا محالة .. "
خيبة امل حادة لكنها مع ذلك وقفت و صافحت السيدة كهان بكل كبرياء
- " حسنا سيد كهان .. سأعود قريبا مع التقرير الطبي الذي تريده "
- "هذا جيد .. فرصة سعيدة لان اقابلك مجددا "
- " و انا كذلك "
- " اراك قريبا اذا "
- " كن متأكدا .. الى اللقاء "
خرجت من مكتبة و في رأسها فكرة اخرى و امل آخر .. فانطلقت بسيارتها و هي تفكر بخطاب تلقيه قد يغير من أراء مرؤسيها .. ترجلت من سيارتها و سارت بخطى واثقة تعيد الخطاب الذي اعدته قبل قليل في السيارة .. ابتسم لها المارون بالقرب منها و حياها آخرون .. جذبت أنظارهم بأناقتها المعتادة و تصفيفة شعرها .. ملأت أرجاء الممرات برائحتها العطرة فأذابت بذلك قلوب الرجال ..و سارت غير مكترثة بنظراتهم حتى توقفت عند الباب الكبير وطرقت بتهذيب ثم فتحته و ألقت نظرة على المرآة السمراء الجالسة خلف المكتب تتحدث على الهاتف و تكتب أشياء على الاوراق التي امامها .. رفعت بصرها الى حيث تقف سارا و ابتسمت و اشارت لها بالدخول و ما هي الا لحظات حتى أغلقت السماعة و نظرت اليها
- " اهلا سارا.. ما الذي جاء بك الى هنا ؟"
نسيت الخطاب الذي اعدته و ألقت بقنبلتها و رجائها
- " الملل .. كلوديا ساعديني لا استطيع البقاء بالمنزل دون عمل اقوم به .. صدقيني سأجن"
- " لكن يا سارا لم يمر اسبوعان على العملية التي اجريتها .. "
- " انني على احسن حال كما ترين "
- " بالفعل أراك قوية ..على الرغم من انك تبدين ضعيفة.. لكن ذلك لا يمنع ان تأخذي قسط من الراحة .. هذه أوامر الطبيب و هو ادرى "
- " أعرف ذلك .. لكن عودتي للعمل لن تؤثر .. بل انها افضل من ان ابقى في المنزل و اقوم بالترتيب و التنظيف في كل مرة اشعر بها بالضجر خاصة و ان الاطفال لا اراهما الا وقت العشاء ففي اغلب الاوقات اكون وحدي و لا شيء يسليني غير العمل .."
تنهدت كلوديا و اخذت تلعب بخصلات شعرها الاسود الطويل و هي تفكر فهي بالفعل تحتاج الى سارا خاصة مع تكدس الاعمال عليها
- " حسنا موافقة .."
صفقت سارا بيدها سعيدة بموافقتها عانقت صديقتها بقوة كادت تكسر ضلوعها
- " لكن .. سارا .."
- " ماذا يا عزيزتي ؟ "
ابتعدت عنها و هي تعدل من هندامها
- " عمل مكتب فقط لا غير .. أي لن تتحركي كثيرا .."
- " يناسبني ذلك "
- " حسنا اذا اهلا بعودتك عزيزتي الى العمل "
- " اه كم احبك "
قبلت صديقتها و خرجت الى حيث باقي الموظفين يعملون بانشغال تام وقفت و تكلمت بأعلى صوت لديها
- " لقد عدت .. الان سيبدأ العمل الحقيقي يا اصدقاء .."
ترك الجميع ما بيدهم و اقتربوا من سارا يهنئونها بعودتها محدثين جلبة عارمة تعبر عن فرحتهم بالعمل معها مجددا فهي مثابرة و تحب العمل الذي تقوم به فهي منسقة و مستشارة لكلوديا رئيسة المنظمة النسائية لمساعدة الفقراء و المحتاجين .. لقد تطوعت للعمل معهم لانها كانت بحاجة الى العمل خاصة بعد الضغوطات التي تعرضت لها و هذا لانها تريد الاعتماد على نفسها دون الحاجة الى نقود والدها الذي اصر لان يساعدها في كل الامور بالاخص في تكملة دراستها الجامعية و حصولها على الماجستير و الدكتوراة في مادة الاحصاء حيث اصبح عملها الاول و الذي تعتمد عليه في حياتها و مع ذلك لم تترك وظيفتها كمنسقة عامة للمنظمة النسائية فبفضلها اصبح لها هدف للعيش و اكمال مسيرتها و كما استطاعت ان تنسق الاعمال في المنظمة استطاعت ان تنسق حياتها بين المنزل و الجامعة و المنظمة .. وبغضون سنتين ترقت و اصبحت الساعد الايمن لكلوديا و اصبحت من افضل صديقاتها و هذا بجهدها المتواصل .. بل انها تقوم بكل شيء بنفسها الامر الذي يريح به الآخرون خاصة كلوديا التي تعتمد عليها اعتماد كلي و هذا ما جعل المنظمة النسائية تكبر و يذيع صيتها في انحاء الولايات كلها..
-5-
قررت بعد هذا اليوم السعيد ان تصطحب فيكي و فيكتوريا لتناول وجبة الغداء في الخارج يحتفلون بعودة والدتهم الى العمل في اللجنة النسائية الذي لطالما احبته على الرغم من انه لا يدخل لها الكثير و لا يساعد في سداد الفواتير لكنه يبقى عمل انساني تسعد بمكافآته المعنوية و الذي تعتبره افضل بكثير من المادة
نزلت من السيارة و وقفت تنتظر فيكي عندما اقترب منها احد الاباء
- " مرحبا سيدة مولر كيف حالك ؟ "
- " اهلا .. انا بخير .."
- " لابد انك لم تتعرفي علي .. انا والد نورا صديقة ابنك فيكي "
- " مرحبا .. تشرفت بمعرفتك.. كيف عرفت بأنني والدة فيكي ؟! "
- " كما قلت لك انت لم تتعرفي علي .. لكني سأوفر عليك العناء .. انا هنري بيلد صديق جيمي في الثانوية "
توترت ما ان ذكر اسم جيمي وضعت يدها على فمها فهذا شيء اخر غير الصور يذكرها بزوجها و عشيقها .. ابعدت الفكرة المشئومة من رأسها و ابتسمت بسعادة لان هذا الرجل كان يوم ما زميل لها في الثانوية
- " نعم نعم تذكرتك .. كيف حالك ؟ "
- " بخير شكرا لسؤالك .. كيف حال جيمي ؟ لم اسمع عنه منذ فترة طويلة لقد قابلته اخر مرة في احدى المعارض و ذلك قبل سنوات .. و اخبرني بأنه متزوج منك و له طفلان و اليوم تصبح ابنتي الصغيرة زميلة لابنكما "
اضطرب كيانها كله فكل ما ارادت ان تبعد جيمي عن رأسها لا تستطيع لان كل شيء حولها يذكرها به اغمضت عينيها حتى لا تنزل دمعتها فينتبه هذا الرجل لمعاناتها تمنت ان يسحب الكلام الذي قاله حتى يوفر عليها حزنها
و بالفعل اتى فيكي في الوقت المناسب لان يقطع عليهما حديثهما اقترب من والدته و جذب يدها بهدوء
- " امي ماذا تفعلين هنا ؟ "
فتحت عينيها و نظرت له باشتياق كأنها لم تقابله منذ سنوات و ليس هذا الصباح
- " جئت لاصطحبك يا عزيزي "
- " لكني اتيت بالدراجة هذا الصباح الا تذكرين ؟ "
- " اعرف ذلك .. لكننا لن نذهب الى المنزل ؟ "
- " الى اين اذا؟ "
- " اسرع باحضار دراجتك و لنذهب .. "
ركض مسرع لاحضار دراجته فالتفتت هي ناحية هنري رأته يقبل فتاته الصغير فاقتربت منها و مسحت على شعرها
- " اهلا نورا كيف حالك ؟ "
- " بخير "
عاد فيكي بدراجته فحملتها سارا بصعوبة لكن هنري اتى بالوقت المناسب ليضع الدراجة في دولاب السيارة
- " شكرا لك هنري .. و صدفة سعيدة "
صافحها و هو يبتسم
- " و انا ايضا سعدت بمقابلتك ثانية .. اوصلي سلامي الى جيمي "
يا الهي مرة ثالثة ينطق اسمه فيعتصر قلبها ركبت السيارة و ودعته ..لوح لها بيده و هو يراها تبتعد ..
توقفت عند مدرسة فيكتوريا التي كانت تقف ملتصقة ببراد تتحدث معه عندما رأت والدتها شعرت بالامتعاض و ابتعدت عن براد ..
- " انتظر براد هذه امي "
- " ماذا تفعل هنا ؟"
- " لا اعرف .. انتظرني.."
اقتربت من نافذة والدتها و هي تنظر اليها بعصبية بينما سارا كانت مبتسمة و سعيدة
- " هيا اركبي يا عزيزتي "
- " امي .. سأعود مع براد .. اخبرتك بذلك صباح هذا اليوم "
- " نعم اتذكر جيدا.. و اسفة لذك "
- " لا افهمك.. لم تقومي بهذا ؟ "
- " لانني اريد ان اخذكما الى مكان ما "
- " الى اين ؟ "
- " اصعدي الان و ستعرفين ذلك لاحقا .."
- " انتظري ريثما اخبر براد "
- " سأنتظر .. هيا اسرعي "
رأتها تحدث براد و في عينيها خجل لكنها رأت ردة فعله هو الابتسام لسارا و لوح لها بيدها عندها صعدت فيكتوريا الى السيارة و هي تودع براد و كأنها لا تود فراقه .. فهمت سارا ذلك جيدا فهي بيوم من الايام كانت تعاني من داء الحب الذي دوخها ..
توقفت عند احد المطاعم الكبيرة الفاخرة التي تحبها فيكتوريا جدا فابتهجت لانهم سيتناولون وجبة لذيذة في مطعم رائع..
جلسوا على طاولة تطل على منظر خلاب لمنهاتن .. التفتت فيكتوريا الى سارا و نظرت اليها باستغراب
- " لابد انك تحملين اخبار رائعة ؟"
- " و لم انت متأكدة من ذلك ؟"
- " لان المكان جميل جدا "
- " انا دائما اصطحبكما الى اروع الاماكن .. ما رأيك يا فيكي ؟"
- " سأوافق فيكتوريا هذه المرة "
- " انكما قاسيان جدا .. حسنا ساخبركما .. احضرتكما هنا لنحتفل بعودتي الى العمل في اللجنة "
ضربت فيكتوريا على المائدة غير مصدقة كلام والدتها
- " امي بالله عليك لم يمر عليك اسبوعان "

يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -