بداية

رواية صورة للذكرى -8

رواية صورة للذكرى - غرام

رواية صورة للذكرى -8

قالها بطريقة مثيرة و هو يمد يده لها .. اخذت تمسح جرحه بمطهر .. كانت تحس به يحدق بها لكنها تجاهلت نظراته و ركزت على وضع الضماد حول اصبعه .. و بعد أن انتهت قبض على يدها و اخذ يدلك يدها بأصابعه بهدوء .. لا شعوريا رفعت عينيها حيث عينيه مسمرتان على وجهها .. و بقيا هكذا للحظة بدت كدهر .. ارتجف قلبها .. فجذبت يدها بسرعة و جلست على المائدة بهدوء ..
سكبت لفيكي مكرونة و من ثم وضعت لجيمي قليلا ..تذوق قليلا منها ثم قال معلقا
- " إنها لذيذة .. "
انه يريد ان يبدأ حديثا معها باية طريقة .. الصمت كاسحا بل كان معذبا و الجو حولهما متوترا و مشحونا .. كيف تستطيع ان تجلس مع رجل عاشت معه سنوات طويلة و لم تنتهي على وفاق و ها قد تمر عشر سنوات و كأنها عشرة دقائق و الان يجلس معها على نفس المائدة و عيناه عليها و كأن شيئا لم يحدث بينهما و الغريب بأن طفلهما الصغير معهما دون ان يعرف أي شيء عما يدور في رأسيهما ...
كان فيكي يتلفتت و ينقل نظراته بين جيمس الرجل الغريب و بين والدته العصبية على غير عادتها .. و قرر ان يكسر حاجز الصمت عندما سأل جيمس
- " هل ستأخذ سيارتك إلى الميكانيكي ؟"
ارتاح جيمي قليلا و ابتسم للصبي الذي انقذه من هذا السكوت و البرود ..
- " نعم اعتقد ذلك .. حتى استطيع ان اقود المسافة ثانية إلى واشنتون "
- " هل قدت كل هذه المسافة حقا ؟ "
رمق سارا ثم اشاح عنها بسرعة ..
- " نعم .."
- " و لم تريد ان تعود ثانية لواشنتون ؟.."
تنهد بعمق و بين حين و اخرى يلتفت إلى سارا التي تحاول ان تتجاهلة و لا تعير لحديثه اية اهمية
- " لانني اقيم هناك .. منزلي و عملي "
كان يلمح لسارا بشيء ..و استطاع هذه المرة ان يجذب انتباهها فرفعت رأسها و توقفت عن القضم محدقة فيه .. ابتسم باشراقة و لانت ملامحه الحادة ..
- " و ماذا تعمل يا جيمس ؟ "
لم يبعد عينيه عنها وهو يزيد على كلامه حتى يكسب فضول سارا ..
- " انا ادير شركتي الخاصة "
ضحك فيكي و اردف قائلا
- " لا اعرف لم اعتقدت بأنك قد تكون مدربا "
استغرب جيمي من فيكي
- " مدربا ؟!! و لم اكون مدربا ؟"
- " لا اعرف .. اعتقدت بأنك قد تكون مدرب كرة قدم في مدرسة .. انه يليق بك كثيرا "
- " ربما .. و انت هل تحب كرة القدم ؟"
- " نعم كثيرا .. اتابعها باستمرار و نذهب انا و اصدقائي لكل المباريات التي تقام "
بدا جيمس اكثر اهتمام بحديث فيكي فها هو يتعرف على ابنه الذي بدا يشبه كثيرا في ملامح وجهه و شخصيته فهو ايضا يحب كرة القدم بل كان يمارسها في ايامه عندما كان في الثانوية
- " و اي فريق تشجع ؟ ارجو ان يكون فريق النيكس ؟ "
وقف فيكي و صفق بيده بسعادة
- " بالطبع و من يكون غير النيكس .. واو "
ضرب كفه بكف جيمي الذي بدا فخورا جدا بابنه الذي يشاركه ببعض الاهتمام .. شيء ما جعله ينظر إلى سارا .. لقد تغيرت ملامح وجهها و بدت اكثر تعاطفا .. و بالوقت نفسه كانت تشعر بالغضب لاكتشاف جيمس بعض اهتمامات ابنه فهذا سيجعله يطالب به اكثر من قبل ..
- " ستقام مباراة هذا الاسبوع ما رأيك أن نذهب معا ؟ "
انزعجت سارا فجيمي لم يطلب اذنها .. لكنها ارتاحت عندما خف حماس فيكي و قال بشيء من الحزن
- " لن تجد تذاكر .. لقد حاولنا انا و اصدقائي "
ابتسم جيمي و بدا واثقا
- " لا تقلق دع الامر لي سأتدبر الامر "
- " لكن كيف ؟! "
- " لا عليك .. قلت لك سأتدبر الامر و سنذهب معا انا و انت .. و ان ارادت والدتك مرافقتنا و اختك .."
قاطعته سارا و قالت بعصبية
- " نشكرك .. لن يذهب احدا "
اقترب منها فيكي و شد يدها
- " اذا وجد جيمس تذاكر فسأذهب معه يا امي "
- " فيكي .."
غضب جيمس و قال بحدة
- " سارا .. سأجد تذاكر و سنذهب انا و ابن...."
فتحت عينيها باتساع و حدقت به بفزع .. تنبه للامر و لم يكمل ما كان ينوي قوله ( ابني ) فصحح قائلا ..
- " انا و فيكي "
وقفت حتى لا يرى صدرها الذي يعلو و يهبط بعنف .. حملت صحنها الفارغ لغسله دون ان تعلق .. ساعدها بحمل صحنه و صحن فيكي واضعا اياهما في المغسلة .. كانت تغسل الصحون متجاهلة وقوفه بالقرب منها و التحديق فيها .. و عندما خرج فيكي من المطبخ همس لها
- " اسمعيني يا سارا .. فيكي ابني و لي الحق بأن امضي معه بعض الوقت .. و الامر ينطبق على فيكتوريا .. لقد نجحت اليوم في ابعادها لكن في المرة القادمة لن تفعلي ."
استدارت لتنظر إليه و كانت تحدق به بغضب
- " انت الذي سيسمعني يا جيمس ..."
لم تستطع اكمال جملتها لان فيكي دخل المطبخ و تكلم بصوت عال
- " جيمس .. "
التفتت جيمي إلى ابنه الذي يناديه بكل راحة باسمه الاول انه سعيد بذلك لكنه سيكون اسعد اذا ناداه بأبي فلقد اشتاق لسماع هذه الكلمة و سيأتي اليوم الذي سيناديه فيه بوالدي ..
- " دعني اريك شيئا .. اتبعني "
رمق سارا بنظرة خاطفة و غادر لمطبخ مع ابنه الصغير ..
- " انظر إلى هذه الكرة .. لقد وجدتها في العلية منذ سنوات و احتفظت بها في حجرتي .. لا اعلم ماذا تفعل هذه الكرة في مخزننا و لم اشأ أن اسأل والدتي فتوبخني لتطفلي و العبث بالصناديق القديمة .."
اعتصر قلب جيمس و هو يأخذ الكرة بين يديه محدقا فيها ... و كأنه عاد ستة عشر سنة إلى الوراء ..حيث كان اللاعب الرئيسي في فريق مدرسته و كان هذا اليوم هو المباراة النهائية و كانت بين ثانوية نيوجيرسي و ثانوية اوكلاهوما .. الجمهور اعصابه مشدودة في الشوط الفاصل .. وقف جيمي على ارض الملعب و ارتفعت عيناه إلى الجمهور في المدرج يبحث عن شخص يطمان لرؤيته و بالفعل تلاقت عيناهما .. أشارت له بيدها و ارسلت له قبلة في الهواء .. رفع يده و كانه اصطاد القبلة و وضعها على شفته ثم غمز بعينه لها بامتنان .. راقبته و هو يركض و بيده الكرة وقف الجمهور معه ... و صاح الجميع عند احراز الهدف .. خلع جيمي الخوذة و صرخ عاليا و هو يحضن اصدقائه و مدرب الفريق .. قدم لهم محافظ المدينة الكأس فرفعه عاليا رافعا بذلك عيناه لتستقران في محجريها .. ترك الكأس و صعد بين الجمهور حتى يصل لها .. افسح له الجمهور المجال حتى يتسنى له ان يأخذها بين يديه و يقبلها طويلا .. مع تصفيق الجمهور و تأثرهم بتلك اللقطة الرومانسية ..
قلب الكرة بين يديه ليجد كتابة غير واضحة و لا يستطيع احدا قراءتها الا هو و سارا .. فهو من كتب عليها ( الى حبيبتي سارا ... اجمل قبلة تلقيتها منك اليوم .. و هي التي جعلتنا نحرز البطولة .. احبك .. جيمي )...


كان فيكي يمعن النظر في ملامح جيمس الذي بدا مبتسما و متألما في نفس الوقت هز يده و قال معلقا
- " ماذا يا جيمس ؟ هل عرفت ما كتب على الكرة ؟ انه غير واضح أليس كذلك "
انتبه جيمي إلى ذلك الصغير مسح على رأسه و ناوله الكرة مجددا
- " للاسف "
- " اذا لم كنت تبتسم ؟ "
- " انها مجرد ذكرى اتت في رأسي .. فلقد كنت لاعب رئيسي في فريق ثانويتنا بنيو جيرسي "
فتح فيكي عينيه و قال بسعادة
- " حقا ؟ هل ما زلت تلعب ؟ "
- " لا لم ألعب منذ فترة طويلة .. "
أنزل رأسه حسرة على حاله الذي غدا ففي السابق كان همه الوحيد هو كرة القدم و اهمل بذلك دراسته تقريبا و يتمنى ان يعود للماضي فيصحح كل خطأ بحياته إلا (سارا) الذي تعتبر أفضل شيء حدث له و الان مراده الاول و الاهم هو ان يكسب قلبها من جديد ... و على الرغم من حسرته على تلك الايام ابهجه فكرة بأن سارا قد احتفظت بتلك الكرة و لعلها احتفظت بأشيءا اخرى و هذا يعني بانها لا تزال تعيش في الماضي .. و سيسعد اذا جلسا معا لاستعادة الماضي الجميل بمره و حلاوته..
- " جيمس .. ما بك ؟ انت اليوم كثير السرحان.."
رفع رأسه و قال مبتسما
- " آسف .. ماذا قلت ؟ "
- " كنت أسألك .. لم توقفت عن اللعب ؟ "
- " لانشغالي في الاعمال .. "
- " هل ستأخذني إلى المباراة ؟ "
- " قلت لك بأني سأتدبر أمر التذاكر "
قفز و صفق بمرح ثم ضم جيمي من رقبته بقوة .. تصلب جيمي بمكانه فهذه حركة مفاجاة و هو لم يعتاد عليها .. خاصة و ان هذا الصبي الصغير هو ابنه الذي حرم منه ...و بهذه اللحظة دخلت سارا الحجرة لتجد عيون جيمس تحدقان بها و فيهما انكسار فضيع فتت قلبها الضعيف .. يا الهي كيف لي ان احرم هذا الطفل من والده ؟؟.. انه لا يعرف بأن الذي يعبطه هو والده .. و من الان هو متعلق به .. كم الامر صعب .. صعب جدا ..
ابتعد فيكي عنه فاستقام جيمس بوقفته و اقترب من سارا التي تراجعت خطوتين للخلف ... لم يكن يشعر برغبة بالبقاء بعد تلك العبطة فهو لا يريد ان يببين ضعفه لسارا فقال بصوت مجروح قليلا
- " يتوجب علي ان اذهب .."
اقترب منه فيكي و قال بخيبة أمل
- " هل ستعود إلى واشنتون يا جيمس ؟ "
ضحك جيمي فلقد اتى لتوه و قاد كل هذه المسافة ليس لان يعود بهذه البساطة
- " لا يا فيكي .. سأذهب إلى الميكانيكي "
- " و من بعدها ستعود ؟ "
التفتت لينظر إلى سارا كانت تريد ان تعرف الجواب ايضا لكنها بقيت صامتة و لم تعلق بشيء
- " لا .. سأبقى هنا ليومين او ثلاثة "
- " رائع .. هل استطيع ان آتي معك إلى الميكانيكي ؟ "
فتحت فمهما لتتكلم و أخيرا .. فلقد تعدى الامر الخطوط الحمراء .. و بسرعة قالت معلقة و مبدية انزعاجها
- " لا يا فيكي فلديك واجبات مدرسية "
انزل رأسه حزنا فربت جيمي على كتفه و قال بهدوء
- " سأراك قريبا يافيكي لا تقلق .. لقد استمتعت بوقتي معك و سنكون اصدقاء .. أيعجبك هذا ؟ "
أطلقت سارا تنهيدة انزعاج لا شعوريا فرفع جيمس عينيه و حدجها بنظرة غاضبة
- " بالطبع سنكون اصدقاء "
- " جيد اذن صافحني "
مد يده و صافحه بقوة و هو يضحك .. يالبرائته .. قال في نفسه ..
- " هل ستاتي غدا يا جيمس ؟"
نظر إلى سارا و قال في تردد
- " ربما .. اذا انهيت بعض الاعمال "
- " جيد .. انهي اعمالك بسرعة و تعال حتى أريك الملعب الذي نلعب فيه انا و أصدقائي و قد يتسنى لك الوقت لتشاركنا اللعب .. لا تقلق فهناك راشدين يلعبون أيضا "
ضحك جيمي لروح هذا الصبي المرحة أنه يشبهه تماما لكنه كان شقي أكثر من فيكي في عمره .. جذبت سارا فيكي و همست له بشيء في أذنه فبدا الصبي متضايقا فعرف جيمس بانها نهرته لكثرة حديثه و إلحاحه .. شعر بان الوقت قد حان لان يغادر فهم بالخروج لكنه وقف ليواجه سارا قائلا بهدوء
- " اشكر لك حسن ضيافتك سارا .. و آسف لاني ازعجتك اليوم و سأزعجك في الايام القادمة "
انعقد لسانها عندما رأت ابتسامة ملتوية على شفتيه انه مثير للاعصاب بطريقة سلبية و ايجابية بآن واحد .. سمعته يغلق الباب خلفه و ينطلق بسيارته .. فكرت في نفسها بان هذا اليوم عدى على خير و المخيف هو ما سيأتي بالايام المقبلة .. انها ترى من وراء كلماته الغاضمة أشياء لها ابعاد ليست مخفية كليا .. بل هي واضحة كوضوح الشمس بالنسبة لها .. لكن هيهات يا جيمس بروكس ليس انا من يتنازل بهذه السرعة و السهولة ...

-11-
كانت متلحفة بملائتها الدافئة و مسترخية على وسادتها الوثيرة أغمضت عينيها المتعبتين اللتين بقيتا ساهرتين لوقت طويل و قد أهلكهما السهر .. نامت بعمق و لأول مرة تنام بلا أحلام مزعجة و كوابيس و بلا خيال جيمس الذي رافقها طوال العشر سنوات ...
- " امي !! أمازلت نائمة ؟ "
كان صوت فيكتوريا قلقا على والدتها التي لا يتعدى وقت استياقضها عن العاشرة صباحا و الان الساعة الثانية عشر ظهرا و هي غير مستيقظة إنه لشيء غريب بالفعل .. اقتربت منها و وضعت يدها على جبين سارا ..
- " انت لست ساخنة .. هل تشعرين بتوعك ؟"
فتحت عينيها بصعوبة و قالت تطمان ابنتها القلقة
- " أنا بخير لكنني لم انم منذ فترة طويلة "
- " انها الثانية عشر !! "
توسعت حدقة عينيها فاسرعت بدفع الملاءة برجلها و قفزت واقفة ..دخلت الحمام لتغتسل بسرعة
ثم ارتدت ثيابها امام مراى فيكتوريا المستغربة من تصرفات والدتها الغريبة في الاونة الاخيرة ..
- " انت لست على طبيعتك .. خاصة في الامس .. أنه لمن الغريب ان ترسيليني على العشاء مع براد "
- " و ما الغريب في ذلك ؟ "
- " انت لا تحبذين فكرة خروجي على العشاء خاصة و ان هناك ضيف لم أقابله .. من يكون ضيفك يا امي بالامس ؟ "
توترت سارا و هي تبحث عن أجابة عن سؤال ابنتها .. انها لم تنسى .. كيف تتهرب من هذا السؤال ..
- " اخبرتك بالامس "
- " اعرف ذلك لكنني لم اقتنع "
- " هذا شأنك "
ارتدت حذاءها و نزلت الدرج بسرعة .. صرخت بهلع عندما وجدت جيمس يجلس في غرفة الجلوس و معه فيكي ينظران إلى الصور التي علقتهما سارا .. و كان فيكي يشرح قصة كل صورة اعتقاد بان جيمس لا يعرف شيئا من تلك القصص .. اقتربت منه بعصبية
- " جيمس "
رفع رأسه و قال مبتسما
- " و أخيرا استيقظتي من نومك .. "
- " ماذا تفعل هنا اليوم ايضا ؟ "
- " مساء الخير بالاول يا سارا .."
نظرت إلى فيكي الذي يحدق فيها .. كان مستغربا فضاضة والدته مع هذا الضيف ..
- " امي لقد اتى جيمس حتى يعيد لي دراجتي فلقد نسيتها بالامس في سيارته و قال بأنه يريد ان يتحدث معك "
أومأ جيمس برأسه موافقا على كلام ابنه
- " هذا صحيح يا سارا .. آسف لازعاجك .. سأذهب الان لكن هناك ما اريد قوله لك على انفراد "
انها ليست مستعدة لتحدث معه على انفراد فحاولت ان تضيع الموضوع و ترسله خارجا قبل ان تنزل فيكتوريا و تتعرف عليه !! لكنها قد تكون تعرفت عليه .. يا الهي لذلك سألتها عن ضيفها في الامس .. لا .. لا يمكن ..
- " منذ متى و انت هنا ؟"
- " قبل خمس دقائق "
أغمضت عينيها ارتياحا و عندما فتحتها وجدته يحدق فيها بافتتان .. فاضطربت و مشت امامه قائلة
- " اتبعني "
تبعها إلى الخارج و أغلقت الباب خلفها .. ثم استدارت لتواجهه فأسرعت بالتكلم حتى لا تسرح في ملامح وجهه الوسيم و تستيعيد فتح جراحها ..
- " لم أتيت فعلا يا جيمس ؟ "
- " قال لك فيكي حتى اعيد دراجته التي نسيها في دولاب سيارتي .. و كذلك للتحدث معك .. "
قاطعته قائلة
- " ليس لدي وقت للتحدث ..انا مشغولة جدا و لقد تأخرت عن عملي "
- " اذن لنتقابل على العشاء "
هي و هو معا على العشاء لا مستحيل ..
- " لا "
نظر إلها بطرف عينيه
- " و لم ؟ "
- " لدي أشغال "
- " اعتذري عنهم .. او اتركيها حتى وقت آخر ..فأنا اريد ان اتكلم معك بشأن فيكتوريا و فيكي "
- "و ماذا عنهما ؟"
- " ليس هنا المكان المناسب للتحدث عن ذلك .. "
اذن التهرب منه لن يؤدي إلى نتيجة .. فقالت بحدة و هي تنظر خلفه تبحث عن تود ..
- " اسمعني يا جيمس .. ليس هناك ما نتحدث عنه بشأن الاطفال .. لقد قابلت فيكي و اعتقد بانك قابلت فيكتوريا ايضا .."
ارادت ان تكمل لكنه قال معلقا
- " لا لم افعل .. لقد فتحت لي الباب فقط ..انها جميلة جدا فهي نسخة مصغرة منك"
قال كلمته مبتسما و هو يدقق النظر في ملامحها ارتبكت بخجل لكنها تذكرت حجم المصيبة فقالت برعب متناسية تغزله فيها
- " ماذا ؟ و هل تعرفت عليك ؟ "
طمانها قائلا
- " لا.. لا اعتقد "
تنهدت و تراجعت خطوتين للخلف
- " اووف ..جيد .. حسنا ..اذهب يا جيمس و لا تعود "
- "ليس بهذه البساطة .. اخرجي معي على العشاء "
علا صوتها قليلا لكنها سرعان ما خفضته خوفا من أن يكون أحد الاطفال يسترق السمع
- " قلت لك مستحيل الا تفهم ؟ الا تعرف كيف تتنازل ؟ "
- " للاسف لا .. انت تعرفيني جيدا يا سارا لا اتنازل بسهولة ..خاصة إن كان ذلك الشيء مهم بالنسبة لي و يخصني ..كل ما اريده هو التحدث معك كراشدين متفهمين لهذا الوضع لنجد حلا .."
- " حلا لماذا يا جيمس ؟ كل شيء واضح "
بدا نافذ الصبر لكنه مسك اعصابه و اقترب منها قليلا
- " لا يا سارا ليس كل شيء واضح ..اريد ان اتعرف اكثر على ابنائي و المشكلة بانك تحاولين منعي .. اني احترم ما تفعلينه لذلك لم اخبرهم بعد باني والدهم رغم اني استطيع ان افعل ذلك أي وقت شئت فهذا حقي و حقهم بأن يتعرفوا علي .. كل ما اريده يا سارا هو ان اتفق معك على الوقت المناسب لنخبرهم بأن والدهم هنا و هو أنا و سنفعل ذلك معا لتفادي الصدمات و الانهيارات العصبية"
لحظة صمت و هي تفكر بكلماته قد يكون فيها بعض الاشياء المنطقية لكنها ترفض ان تصدق كلامه او ان تقتنع به .. انها ليست مستعدة لهذا الامر المفاجيء ..
- "لا .. ليس الان .. و لا في وقت قريب"
قال بتعصبية رافعا صوته
- " لا تستطيعين منعي "
- " و ماذا ستفعل ؟ "
- " سارا دائما هناك حلا وسطا للامور ..لا اريد الشجار معك فنفقد أعصابنا و يجرح كل منا الاخر دعينا نتفاهم على وجبة العشاء "
قالت و هي تشد على كل حرف و بصوت عال
- " لا اريد .."
لمحت من بعيد تود ينظر ناحيتهما .. و من ثم يقترب ببطء .. انزعج جيمس عندما رآه يقترب فصر على اسنانه و قال بحدة
- " اذن يا سارا سأستخدم الحل الاخر المتطرف .. "
- " و ما هو ؟ "
- " المحاكم .. لندع القضاء يأخذ مجراه "
- " حسنا .. "
قالتها بكل ثقة فنظر إليها متعجبا بعض الشيء
- " هل هذا هو حقا ما تريدينه ؟ "
- " نعم .. "
- " لكن قد تخسرين القضية و اربح انا و بالتالي .. انت تعرفين .."
- " و قد اربح القضية ايضا "
خفت الحدة في صوته و اقترب منها اكثر حتى كاد يلمس وجنتها لكنه عدل عن ذلك عندما رآى اضطرابها و توتر عضلات وجهها فهمس قائلا حتى لا يسمعه تود الذي اقترب اكثر
- " سارا فكري جيدا و لا تعاندي .. كل ما اطلبه هو انت نتفاهم و نصل الى حلا بعيدا عن المحاكم و القضايا المعقدة .. لنحل الامور العالقة بيننا وديا .. حسنا اذا ترفضين دعوتي على العشاء دعينا نتقابل في مكان آخر .. المهم هو ان نتحدث .. اسمعي ما اريد قوله لك قد يغير من رأيك "
- " لا اريد ان اتقابل معك او اتفاهم على الاطفال و كانهم سلعة .. فلقد احدثت يا جيمس من ضرر ما يكفي .. ارجوك عد من حيث اتيت "
كلامها الجارح جعله يشتاظ غضبا فاحمر وجهه و قال بحدة
- " هل هذا آخر ما لديك قوله ؟ "
رفعت رأسها و قالت بكبرياء و ثقة
- " نعم "
حدق فيها مطولا و هو متعجب كيف يتحول العصفور البريء إلى نسر جارح .. فقال بهدوء
- " حسنا اذا وكلي محامي عنك .. "
- " سافعل لا تقلق "
- " لكني لن اتوقف عن القدوم إلى هنا لرؤية فيكي و فيكتوريا حتى يصدر الحكم "
ارادت ان تعترض لكنه اردف قائلا
- " لن اخبرهما بمن اكون فلا تقلقي .."
أنبها ضميرها و ارادت ان تضمه و تبكي على صدره لكنها استفاقت من غيبوبتها القصيرة .. اجابته بإيماءة من رأسها .. وقفا يتبادلان نظرات العتاب حتى قاطعهما صوت تود
- " سارا .. هل كل شيء على ما يرام ؟ "
كان ينظر إليها بقلق و هي محمرة بسبب الخجل و العصبية
- " نعم يا تود انا بخير "
حدج جيمس بنظرة حادة .. فاستدار جيمس و اتجه ناحية و هو يشعر بالغضب و الغيرة و قال معلنا
- " سأمر بعد غد "
انطلق بسيارته فالتفتت تنظر إلى تود و قالت له بلا نفس
- " تود .. اعذرني لقد تاخرت عن العمل .. يجب ان اذهب "
- " حسنا .. لكن ..سنتحدث لحقا "
- " نعم .. "
دخلت و أغلقت الباب خلفها استندت عليه و أحست بان هناك من يراقبها فتحت عينيها لتجد فيكي و فيكتوريا يحدقان فيها
- " ماذا ؟ لم تحدقان بي بتلك الطريقة الغريبة ؟ "
جلست على المقعد فاقترب منها فيكي و قال معاتبا إياها
- " امي لم تركت جيمس يذهب ؟ "
- " لديه أعمال و قال بأنه سيمر بعد غد "
قهقت فيكتوريا و سألت والدتها تحاول ان تستكشف منها عن هذا المدعو جيمس و من يكون
- " اذن اسمه جيمس .. اني اتسائل لم ياتي في اليوم التالي ؟ و اذا كان رجلا غريبا لم وقفت معه بالخارج تتحدثان مطولا ؟ "
أجابتها سارا بانزعاج
- " يا إلهي يا فيكتوريا كفي عن التحقيق .. لقد أتى لان أخوك الصغير نسي دراجته في دولاب سيارته .. كما إنه ليس رجلا غريبا ..."
ارادت أن تفضح الامر لكنها اردفت قائلة
- " لقد عمل معي من قبل في اللجنة .. "
لم تشعر برغبة للذهاب اليوم إلى العمل .. تحتاج للحظة انفراد بنفسها .. استقامت واقفة و صعدت حجرتها ..


لم تشعر برغبة للذهاب اليوم إلى العمل .. تحتاج للحظة انفراد بنفسها .. استقامت واقفة و صعدت حجرتها .. عندها اقتربت فيكتوريا من أخيها و سألته
- " كيف تعرفت على ذلك الرجل و كيف أحضرته إلى هنا ؟"
- " ما بك يا فيكتوريا لقد قالت لك والدتي كفي عن التحقيق "
خفضت من صوتها و شدت قبضتها على يده
- " اسمع لقد رأيت هذا الرجل من قبل ان وجهه ليس غريب اريد ان اعرف ان قابلته "
- " قالت لك بانه عمل معها من قبل ..ربما قابلتيه في مكان عمل امي.. "
- " لا.. لا اعتقد ذلك إنه مألوف .. ما اسمه الاخير ؟ "
- " لا اعرف .. انا رايته في الفندق و قدمت له عصير .. ثم قابلته على الطريق حيث توقفت سيارته لانه قاد من واشنتون إلى هنا ..."
قاطعته و قالت و كأنها أحست بشيء
- " واشنتون ؟!!"
- " نعم ..و ساعدته انا و تشاد في تغير العجلات و بعد ذلك سألني اذا كنت أعرف سارا مولر فأجبته بأنها والدتي فأحضرته إلى هنا و بدت ماما تعرفه .. طلب منها أن يستحم و يغتسل و يتناول العشاء معها .. تضايقت في باديء الامر لكنها وافقت كونه ضيفا"
- " و ماذا ايضا أكمل .."
- " و على العشاء بدت عصببية أكثر حتى إنها اسقطت زجاجة الشراب فحاول جيمس مساعدتها فجرح أصبعه فعاتبته .. أتصدقين بأن جيمس سيأخذني إلى مباراة النيكس في عطلة الاسبوع ؟ "
- " يا لك من غبي .. أكمل و بعد ذلك أخبرني عن النيكس هذا اذا وجد تذاكر "
- " قال بانه سيتدبر الامر و اخبر والدتي اذا ارادت ان تاتي معنا و انت كذلك لكنها رفضت بسرعة "
بدت متشوقة لان تعرف المزيد عن هذا الضيف المألوف الوجه
- " و ماذا ايضا ؟ "
لكنه تعب من الحديث الذي لا يأتي بنتيجة فوقف منسحبا
- " لا شيء .. تحدثنا انا و هو قليلا عن النيكس و اخبرني بأنه لعب كرة القدم فيما مضى عندما كان صبي صغير ... هيا اريد ان ذهب إلى اصدقائي "
تركته يذهب و حاولت أن تربط أفكارها اسمه جيمس و قد أتى من واشنتون و والدتي بدت متضايقة و متوترة و منزعجة من وجوده و اليوم تحدثت معه طويلا في الخارج .. من يكون يا ترى .. و لم ترفض ان تخبرني و تحاول التهرب من الاجابة .. من يكون . من يكون ..
رن جرس الباب قاطعا عليها أفكارها .. فتحته لتستقبل صديقتها
- " أهلا كلير تفضلي .. "
- " ماذا تفعلين ؟ "
- " لا شيء .. "
- " اذن لنذهب إلى السوق "
- " حسنا انتظريني في حجرتي قليلا ريثما اخبر والدتي "
صعدت معها الطابق العلوي .. طرقت باب حجرة والدتها و حاولت فتحه لكنها وجدته مقفلا استغربت فسارا لا تقفل الباب الا نادرا .. طرقته مجدا و نادت
- " امي ؟!!"
اتى صوتها مخنوقا و من بعيد
- " ماذا تريدين؟ "
زاد قلقها عندما سمعت صوت والدتها مخنوقا
- " هل انت بخير ؟!"
- " نعم .."
- " اذا لم تقفلين الباب ؟"
اجباتها سارا بانزعاج
- " ماذا تريدين الان يا فيكتوريا ؟ "
- اريد ان استأذنك للذهاب مع كلير إلى السوق و قد اتأخر قليلا "
- " اذهبي .."
يا الهي لقد رضيت بسهولة مع ان وقت الغداء اقترب كما انها لم تلقي باوامرها و تعليماتها..
- " الا تريدين قول شيء آخر ؟ "
- " لا .."
تركتها و دخلت حجرتها فسألتها كلير :
- " ماذا ألم ترضى ؟ "
- بلى .."
- " اذا ما بك انت ؟ "
- " اني مستغربة من تصرفاتها بالامس و اليوم .. اتصدقين بانها جعلتني اذهب مع براد للعشاء و كنت قد اتيت لتوي .."
- " و ما الغريب في ذلك ؟ "
- " إنها لا تحبذ فكرة خروجي على العشاء و لدينا ضيف .. هذا الضيف الغريب الذي تتهرب من سؤالي عنه و لم تدعني اتعرف عليه .. لقد قابلته اليوم صدفة و بدا مألوفا جدا اريد أن اعرف من يكون .."
كانت تبدل ثيابها و هي تتكلم فقالت لها كلير معلقة
- " من الافضل لك ان تكون والدتك تتصرف بغرابة فأنت المستفيد تستطيعين فعل ما تشائين .."
- " لكنني أشعر بالفضول فهذا الرجل الغريب قابلته من قبل و اريد ان اتذكر أين .. ان اسمه جيمس و قد اتى من واشنتون .. و ......"
تصلبت في مكانها اقتربت منها كلير و حدقت فيها ثم قهقهت ..
- " مابك ؟ فجأة توقفت عن الكلام ؟ "
لم تعلق فيكتوريا بل كانت واقفة و متصلبة في مكانها تنظر إلى نفسها في المرآة .. حاولت ان تنظر كلير أيضا لكن الامر بدا مضحكا ..
- " لم تقفين هكذا .. فيكتوريا هل هذا مقلب من مقالبك التافهة ؟ "
رفعت يدها لتغطي فمها و تكبح صرختها اقتربت أكثر من المرآة و جذبت صورة .. نظرت كلير الى فيكتوريا التي تحمل صورة رجل يحمل طفلة صغيرة .. تذكرت بأنها استقظت من النوم فوجدتها فوق رأسها و هي نائمة .. انه نفس الرجل الذي رأت صورته ببذلته الرسمية ...
- " فيكتوريا ؟ "
قالت فيكتوريا بصوت مخنوق و غير مسموع
- " انه هو .. "
- " من ؟! "
- " انه والدي ..."
- " اعرف بان هذه صورة والدك ...... لا "
و أخيرا استوعبت كلير الامر .. انه شيء مفزع بالفعل
- " يا الهي انه والدي .. ذلك الضيف الغريب والدي .. نعم .. والدي .. كيف لم أعرف منذ باديء الامر .. كل الاشياء كانت واضحة .. اسمه جيمس و يعيش في واشنتون و والدتي منزعجة من وجوده .. "
- " فيكتوريا اهدئي .. اعرف ان الامر مفزع لكن هل ستخبرين والدتك بأنك عرفت بشأنه ؟"
- " نعم لكن ليس قبل ان اعرف سبب تصرفاتها الغريبة و لم ترفض ان اقابله؟"
- " اسأليها ؟! "
- " انها منزعجة و لن ترضى التحدث معي .. سأتنتاقش معها لاحقا .. "
- " حسنا اذا هيا لنذهب "


[b]
اتصلت سارا على محامي العائلة السيد انتوني جاد و أخبرته إنها تود مقابلته في أقرب فرصة فحدد لها موعد غدا صباحا ..
و بينما هي خارجة لتقابل السيد انتوني تفاجأت بتود واقفا في الحديقة يبتسم لها فاتحا ذراعيه لها اسرعت بإلقاء نفسها بين ذراعية و احتضنته
- " أين أنت يا تود ؟ "
- " هنا .. واقف في حديقتك "
رفعت رأسها و ابتسمت له
- " أعني لم أرك منذ يومين تقريبا "
- " و الان افتقدتيني "
- " بالحقيقة نعم .. آسفة لقد انشغلت .. انت لا تعرف ما الذي حدث "
كان بصوتها شيء يدعو إلى الشك و القلق
- " ماذا تعنين ؟ هل آتى جيمس مرة أخرى ؟!"
و قبل أن تتكلم رأت رجلا يرتدي بذلة رسمية يقترب منهما سائلا اياها
- " هل أنت السيدة مولر ؟ "
- " نعم أنا هي ..كيف أخدمك ؟ "
- " تفضلي "
ناولها مغلف أبيض ثم ترك المكان و غادر .. بادلت تود النظرات قبل أن تفتحه . أخرجت منه ورقتين و قرأت محتواهما بسرعة ثم اطلقت شتيمة ..
- " ماذا الذي في الورقة يا سارا ؟ "
بدت عصبية جدا فأطلقت شتيمة أخرى و تمتمت
- " لم أعتقد بانه سيفعلها بتلك السرعة يا له من ...."
- " سارا .. "
- " آه تود أسفة .."
- " ما بك ؟ ما الذي في الورقة ؟ "
- " انها الاشياء التي شغلتني في اليومين .."
- " انني لا افهمك "
- " آسفة يا تود سنتحدث لاحقا يجب أن اذهب الان لدي موعد مع المحامي السيد انتوني جاد "
دهش منها فسارا لم توكل محامي قط في حياتها من قبل و الان يبدو الامر خطيرا و متعلقا ب ..
- " إنه زوجك السابق جيمس أليس كذلك؟؟! "
أومأت و رفعت المغلف
- " إنه أمر من المحكمة بجلسة ستنعقد غدا .. أنا لست مستعدة .. آه كم اكرهه "
ضمها إليه و قال مطمئنا إياها
- " اهدئي .. الحق معك أنت لا تقلقي .. و إن اردت شيئا يا سارا فستعرفين أين تجيديني"
- " أشكرك يا تود أنت صديق رائع .. آسفة لاني لم انتبه لغيابك و انشغلت عنك "
- " لا تقلقي أنا بنفسي لم أكن بالمدينة "
- " حقا ؟! "
أومأ و هو يبتسم فسألته
- " اذا اين كنت ؟ "
- " سارا اذهبي الان و اذا سنحت لك الفرصة اليوم سنتناول العشاء معا "
- " حسنا يناسبني ذلك .. "
- " اراك اذا لاحقا .. الى اللقاء .. تفائلي يا سارا "
بعد ساعة كانت في مكتب السيد انتوني و هو محامي العائلة منذ سنوات عمل مع والدها في العديد من القضايا و بعد ذلك استقل في مكتب خاص له و بالنسبة لها هو كوالدها الثاني فهو رجل محترم و صديق


يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -