بداية

رواية بين الامل والالم اسطورة -13

رواية بين الامل والالم - غرام

رواية بين الامل والالم اسطورة -13

النافذة وتفكر كيف ستمضي حياتها مع طارق وهي بهذا الخوف المسيطر عليها وكيف ستشعر بالأمان
وهي ستكون بجوار رجل نظرت إليه بزاوية عينها ورأت البرود على وجهه وقد لاحظت أن عينيه بدت
بالنعاس فخافت من أن يحصل لهم مكروه فحاولت التكلم ولكنها لم تجرؤ على ذلك فتململت في مقعدها
حتى ينتبه ويصحصح من نعاسه فكان لها ذلك فقد التفت لها متسائلاً ببرود : إيش فيك تبين الحمام " تكرمون"ولا شيء .
هزت أمل رأسها نفياً وأكملت بتردد وخوف : لا بس شفتك نعسان قلت أنبهك .
طارق وقد التفت للطريق ببرود : أها لا ما نيب نعسان ..صمت لثواني ثم تساءل ببرود جليدي.. انتي أول مرة تعتمري ؟
لم تتوقع أمل أن يسألها هذا السؤال فليس لديها الإجابة الآن فإجابته هي قصة حياتها وهي لن تحكي له قصتها فينبذها أكثر مما هو نابذها الآن ولكن قالت بتردد : إيه أول مره .
طارق بتعجب : ليش ؟؟ مكة موب بعيدة عن جدة كلها ساعة أو أقل .
تنهدت أمل بهم فبسؤاله الأول طعنها وبالآخر أوغل في الطعن ولكن داست على جراحها دون أن يعلم ,
وأجابت عليه بعد أن استغفرت : لأن أبوي دايم مريض وما كنا نعرف السبب لكن عرفته قريب ..قطعت
كلامها وصمتت للحظة وأكملت بهدوء .. وبعدين تزوجت سعود و ـــ ..قطعت كلامها الغصة التي وقفت في
بلعومها فمنعتها من الكلام ولكن بلعتها بمرارة وأكملت بحزن.. وبعدها طلقني وبعدها ..صمتت مرة أخرى
للحظات فقد تذكرت أنها لا تريد إخباره بما حدث لها في حياتها ولكن أكملت بغموض .. ربيت ولدي الين صار عليه الحادث وتعرف الباقي أنت .
طارق بهدوء ونبره غريبة تخللت صوته : الله يرحمه .
ساد الصمت من جديد على السيارة ولكن قطعه طارق بتساؤله : تبين نروح على طول الحرم ولا نريح
شوي وننزل أشيائنا ونروح .
أمل بفرح عارم وشوق من ذكر كلمت الحرم ولكن ردت بهدوء وتردد : لا نبي الحرم مانيب تعبانه .
طارق ببرود : طيب ..صمت للحظة ثم أكمل بذات البرود .. بس كلي لك شيء ما تغديتي كويس وكمان ما أكلتي الدونات ولعلمك راح تمشين كثير وبتتعبين لو ما أكلتي فأحسن كلي عشان ما أبتلش فيكِ
استغربت أمل كيف عرف أنها لم تتناول الكثير من الغداء ففهمت أنه كان يراها ولكنها تضايقت من كلمته
وأحست أنها حمل ثقيل عليه فردت بهدوء : إن شاء الله ما أتعب من المشي أنا متعودة أمشي كثير كنت
امشي منــ ..صمتت وأنبت نفسها على انفلات لسانها فكادت تخبره أنها كانت تسير بالشوارع بلا حامي
لها وأكملت بعد أن تنبهت .. وأنا ما نيب جوعانة الحين.
نظر لها طارق بغموض وشك من تقطيع كلامها ورد ببرود وإصرار : وأنا قلت تاكلين يعني تاكلين .
أمل بغضب وبصوت منخفض : يعني غصب هو ما أبي .
طارق غضب هو الآخر ونظر لها بنظرات نارية و تكلم ببرود : إيه غصب زي ما غصبت نفسي إني
أتزوجك .
شهقت أمل بعنف فقد شعرت بوخز مؤلم في جسدها من الذل الذي كساها به زوجها وردت بحزن وصوت
متقطع من الألم والقهر : بس أنا ما قلت لك اجبر نفسك أنا قلت إذا تقدر .
طارق ببرود : لا انتي ترجيتيني عشان أوافق فغصبت نفسي اني أوافق لأن موب من طبعي أرد أحد يطلبني .
تكلمت أمل بألم بعد أن تمكن منها الإحباط وامتلأ قلبها من الكم الهائل من الذل الموجه لها من زوجها وقد
خنقت العبرات صوتها : ياليتك رديتني ولا ذليتني ..وأجهشت في بكاء مر كمرارة طعم الذل الذي تجرعته
استمر بكائها لثواني ولم يكن يسمع في السيارة سوى شهقاتها فكفكت دموعها وكتمت عبراتها فيكفي ذل
فتكلمت بصوت مبحوح من أثر البكاء وبهدوء تساءلت.. قربنا نوصل ولا لا ؟؟
طارق بثقل وهدوء : شوي ونوصل ..صمت لحظة وأكمل .. ممكن الحين تاكلين الدونات عشان ما تتعبين
من الطواف والسعي .
أسكتت أمل اعتراضها فلم تعد تقوى على المشادة في الكلام فسمعت نصيحته وقالت بهدوء : طيب ..مدت يدها لتتناول قطعتها وأدخلتها تحت غطائها وقضمت منها ثم أنزلتها ومدت يدها لكوب الكوفي الذي أصبح
أقرب للبرودة ولكن شربته واستمرت تأكل بهدوء وتحاول أن تتجنب نظرات طارق التي يلقيها من فترة
لأخرى وعندما أكملت قطعتها قالت بهمس .. الحمد لله .. ومدت يدها وأمسكت بمنديل وجرته ومسحت
يديها وفمها ورفعت رأسها وانتبهت أنهم دخلوا مكة فالتفتت للنافذة تنظر للأبنية والجبال وكل شيء وهي
مبتسمة وقلبها يرفرف بفرح ولم تمضي سوى دقائق حتى أوقف السيارة في مكان مظلم فسألته ببراءة
وفرحة : وصلنا .
نظر لها طارق باستهزاء وهو يتلفت في المكان : ليش تشوفين الحرم هنا .
ألجمت نبرة الاستهزاء في صوته فضولها فصمتت وهي تنظر له يسير ليوقف إحدى سيارات الأجرة بعد
أن أغلق الباب عليها ولم تمضي سوى دقائق حتى عاد وفتح بابها وقال بأمر : يلا الرجال ينتظرنا ودنا منها وفتح درج السياره ليخرج منه ما يحتاجه من أوراق أما أمل فعندما اقترب خافت وتراجعت حتى
لزقت بمقعد السيارة وأصبح قلبها يرتجف بخوف وتكلم طارق باستهزاء وهو مازال يبحث : لا تلزقين
بالمقعد بعدين ما نقدر نفكك منه تراني ما نيب ماكلك ..صمت يبحث وأمل بنفس حالها من الخوف والتوتر
وسألها بجدية .. معك جوال ؟؟
أمل بتوتر وخوف ظهر على صوتها : لا وما أعرف له .
طارق بقهر بعد أن توقف من البحث وانتصب واقفاً : لا موب عذر انك ما تعرفين لازم يكون معك جوال
فرضاً ضعتي لا سمح الله كيف أحصلك .
أمل باقتناع وببراءة : أها طيب علمني .
نظر لها طارق بسخرية : امشي بس قال أعلمك هذا وقته إذا وصلنا علمتك كيف تدقين علي ..وأكمل
بسخرية .. بنت فقر .
بلعت أمل الإهانه وسارت خلفه بصمت وركبت خلف مقعده وهي ترتجف بخوف فهي وحيدة بصحبة
رجلين ولكن حاولت أن تشغل نفسها بالأذكار وتحاول أن تتذكر شروط وواجبات العمرة وكذلك السنن
المستحبة فيها فهذه عمرتها الأولى فستبذل جهدها أن يتقبلها الله منها ولم تمضي سوى عشر دقائق حتى
رأت أنوار الحرم تتلألأ في ناظريها فابتهجت وأحست كان روحها تحلق من شدة فرحها وقد أمسكت بعروة
الباب حتى تفتحه حال وصولهما ويتسنى لها استنشاق هواء الحرم وما أن توقفت السيارة حتى فتحت
الباب وخرجت من السيارة فالتفت لها طارق بنظرة حارقة وقال بغضب بارد : انتظري ايش الخفه هذي؟؟
كسرت عينيها فلم تقوى تحمل النظر له وقد أجفلها غضبه فتوقفت عن الحركة والمسير حتى حاسب صاحب السيارة وتقدم لها وقال ببرود آمر : امشي .
سارت أمل بمحاذاته ولكنه ولطوله وسرعته تقدمها بخطوات فخافت أن يسبقها فتتوه عنه فهرولت حتى
أصبحت بمحاذاته فقالت بتردد : بتعلمني على الجوال .
توقف طارق عن المسير فجأة وقد توسطا التوسعة والتفت لها وقد توقفت هي الأخرى فقال لها ببرود وقد
مد لها بجهاز جوال : شوفي هذا رقمي واضغطي الزر الأخضر إذا تبين تدقين والزر الأحمر إذا خلصتي
المكالمة .
هزت أمل رأسها بتفهم وقد مدت يدها لتأخذ الجوال وقد وضعته بحقيبتها : طيب ..وسار وسارت خلفه
حتى وقفا عن أحدى الأبواب فخلعا نعليهما "كرمتم"وامسك بيدها وسارا للداخل.. خافت أمل توترت من مسكه ليديها وحاولت الفكاك منها وقد أحست بالدوار والصداع يراودها ولكن عندما لم تحصل على نتيجة
من المحاولة حاولت أن تشغل نفسها بأي أمر آخر فالتفتت لتنظر للناس القائمين والراكعين والساجدين
وكذلك منهم النائمين اغرورقت عيناها من التأثر وأحست باختناق من فيض المشاعر المتأججة في
صدرها ثم نظرت للأمام ورأت الكعبة المشرفة فلم تتمالك نفسها وشهقت ثم بكت بفرحة وقالت بفرح
وانفعال للرجل الواقف جوارها : طارق موب مصدقة إني أشوف الكعبة قدامي ..ورفعت رأسها للسماء
وهي تبكي وتضحك معاً وقالت بشكر .. يارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك الحمد لله
..ثم هوت على الأرض تشكر الله في سجدة طويلة أمام نظرات طارق الحائرة والمتعجبة والمتأثرة ..
نهضت أمل قالت بصوت مبحوح من البكاء والفرحة : هيا ندخل مشتاقة أشوفها من قريب .
طارق بهدوء : يلا .
طافا حول الكعبة بهدوء ظاهري ولكن كانت هناك طاقة من الفرحة تحف أمل من كل الجهات وكأنها تحلق
عاليا من فرط فرحتها وأخذت تردد الأدعية والأذكار وتبكي ولكن البسمة ما تزال منحوتة على ثغرها
والفرحة تلتف حولها وبعد أن كملا الطواف صليا خلف مقام إبراهيم ثم سارا باتجاه المسعى وقطعا
الأشواط بدون أي حوار بينهما فانشغل طارق بالدعاء و أمل بقراءة القرآن حتى وصلا إلى الشوط
السادس ولم يتبقى عليهما سوى شوط واحد ولكن تلفتت أمل تبحث عن طارق فلم تجده فخافت وضغطت
على ركبتيها لتخفف الألم فيهما فهي قد توقفت و انحنت لتضغط عليها وعندما رفعت عينيها ولم تجده
بجانبها فسارت لتبحث عنه وهي متعبه ومرهقة ولكن مازالت تشعر بلذة وفرحة رغم الخوف الذي يتخلل
شعورها فسارت وسارت فانتبهت أنه سينتهي الشوط وهي لم تستغله فقالت لنفسها "الحين بركز فالدعاء
ولما أخلص أدق على طارق " فأخذت تسير بعرجه من الألم في قدميها وركبتيها فشكرت طارق في سرها
أنه أجبرها تأكل وإلا لسقطت من الجوع والتعب فأخذت تدعوا أن يجمع الله بينها وبين طارق وتوقفت عند
ماء زمزم وشربت بعد أن دعت وابتهلت لله فتضلعت من زمزم وسارت وقد أحست بأنها قد استعادت
نشاطها (التضـــلـع من ماء زمزم معناه شدة الارتواء منه، ومعناه أن تشرب وتشرب وتكثر من الشرب
منه وأصله أن يشرب حتى يمتلئ جوفه ويصل إلى أضلاعه ) وأكملت مسيرها حتى وصلت إلى المروة
فرفعت الجوال لتكلم طارق فلمحته واقف وكأنه ينتظر أحداً فسارت بسرعة جهته وقالت عندما وصلت إليه
وهي تلهث : طارق .
فالتفت لها وقال بغضب مكبوت : وينك ليش ما تردين على الجوال ؟؟
أمل بتعجب : ما سمعت الجوال دق .
طارق مد يد وقال : هاته أشوف ..فأمسكه ونظر إله قال بهدوء .. الجوال على الصامت والله مشكلة
الناس إللي ما يعرفوا للجوالات .
صمتت أمل على الإهانه للمرة الألف وتساءلت بهدوء : وين أقص شعري؟؟
طارق بتساؤل : معك مقص ؟؟
هزت أمل رأسها بإيجاب فأمسك يدها وجرها إلى زاوية لا أحد بها ..
توترت أمل من مسكته وعاودها الخوف الذي لم تشعر به طوال العمرة فقد كان عقلها مشغول بأمر آخر
غير مسكت طارق لها أما الآن فلا وهي خائفة أن يصيبها الدوار أو ترجع فتماسكت وجرت يدها منه
فتركها وتوقفا في الزاوية وقال لها ببرود : طلعي طرف شعرك عشان أقصه لك .
أدخلت أمل يدها لداخل العباءة ثم الحجاب لتحل لفافة شعرها الذي جعلتك كضفيرة وصلت لأسفل أردافها
أمسكت بضفيرتها أخرجت طرفها من فتحت العباءة العلوية فأمسكه طارق وقاس بأنملة إصبعه وقص عليها
فأدخلت شعرها وأخذت ما قصه ولفته بمنديل ووضعته في حقيبتها وسألت طارق : وين تحل إحرامك .
طارق ببرود : باخرج أحلق عند الحلاقين برا .
أمل بتردد وخوف : وين أروح أنا ؟؟ تخليني وحدي هنا ؟؟
طارق نظر لها باستهزاء : لا أكيد ما بخليك وحدك بدخل بك معي عند الحلاق ويش رايك موب أحسن ..
وقلبت نبرة صوته للجد.. الحمد لله هنا أمان اجلسي فمصلى النساء وأحل إحرامي وأجيك .
هزت أمل رأسها بانصياع بعد أن كال عليها من الإهانات اللاذعة فسارا إلى مصلى النساء فغادر وتركها .
نظرت أمل لساعتها وقد أصبحت الساعة الواحدة ليلاً فوقفت لتصلي .
******
عندما عاد طارق من الحلاق وجدها متوسدة حقيبتها والمكان فارغ حولها وتغط في نوم عميق نظر
لساعته فوجدها قد قارب الثالثة فقد تأخر بسبب الزحام وقف ليصلي الوتر ثم افترش الأرض ونام
بمحاذاتها ولم تشعر به أمل .
*****
فتحت أمل عينيها عندما سمعت الأذان وشهقت بخفة عندما وجدت طارق نائم بالقرب منها وجلست
بسرعة فأحس طارق وفتح عينيه ونظر لها للحظة ثم جلس هو الآخر فرددا مع الإمام الأذان ونهض بعدها
وقال لأمل بصوت خشن بسبب النوم : بعد الصلاة نروح الفندق .
أمل برجاء : لا خلنا نجلس لبعد ما نصلي الضحى الله يخليك .
طارق بهدوء : خلاص طيب بس قومي تبين الحمام "كرمتم" عشان تجددين وضوئك .
نهضت أمل هي الأخرى وقالت بهدوء : إيه أبيه .
**********
عند الساعة الثامنة والنصف دخلا إلى الجناح الذي استأجره طارق والمكون من غرفة نوم وصالة وحمام
"كرمتم" ومطبخ تحضيري صغير .. جلست أمل بعد أن خلعت عباءتها وحجابها ووضعتها جانباً و
استرخت على المقعد بهدوء وقد لاحظت دخول طارق إلى غرفة النوم فانتظرت حوالي نصف ساعة ولم
يخرج فعلمت أنه نام أما هي فقد أغمضت عينيها من شدة الإرهاق ونامت كذلك .
***
فتحت عينيها على صوت الأذان من الحرم المكي لصلاة الظهر فحاوت النهوض وصدرت منها أنة خفيفة
من الألم بسبب النوم على الكنبة بالإضافة إلى التعب من العمرة ولكن أزاحت الكسل وحاولت مرة أخرى
ونهضت وسارت خطوة فأحست بألم في كامل جسمها وبالأخص ساقيها ولكنها سارت على مضض
وتقدمت إلى حقيبتها الموضوعة عن الباب والتي لم يكلف طارق نفسه ليدخلها مع حقيبته إلى الغرفة
وقالت محدثة نفسها "مافيه إلا تفسير واحد لشيء هذا وهو إنه ما يبيني معه فالغرفة ما يدري إني أنا ما
أبي يكون مكان يجمعني به هه" جرتها بوهن حتى زاوية الصالة وفتحتها وأخرجت لها جلابية مغربية
باللون السكري ومطرزة بخيوط القيطان البيج وسارت ودخلت وألقت نظرة على السرير فلم تجد طارق
عليها وتقدمت خطوة فسمعت باب الحمام "تكرمون" يفتح ورفعت رأسها فوجدت طارق يخرج وهو يلبس
روب الحمام الذي يصل إلى ركبتيه أخفضت بصرها وتنحت عنه وقالت بهدوء : السلام عليكم .
رد هو الآخر بهدوء : وعليكم السلام ..وسأل برسمية .. تبين شيء ؟
أمل بهدوء تحته بركان من الخوف والتوتر الذي حاولت إخفاءه بجدارة : لا بس أبي الحمام "تكرمون"
لو سمحت .
طارق باستهزاء : ولو تكرمين إذا ما سمحت لزززووووجتي ..شدد على الكلمة.. أسمح لمين .
خافت أمل من كلامه وابتعدت قليلاً وقالت بخوف وتوتر : طيب بعد بدخل .
ابتسم طارق بخبث وقد لاحظ الخوف الذي تملكها وتنحى جانباً وسارت أمل مسرعة بجانبه ولكنه كان
أسرع منها وعاد لمكانه فاصطدمت به دون أن تنتبه وقد أغمضت عينيها من قوة الاصطدام ثم فتحتها
بسرعة عندما اجتاحتها رائحة الشامبو الصابون ورفعت رأسها و تفاجأت من قرب طارق منها فارتجف
جسمها وابتعدت عنه بعنف إلى خارج الغرفة وهي ترتجف وقد أصابها الدوار فجلست على إحدى المقاعد
وانحنت واضعة كوعيها على فخذيها ومخفضة رأسها على يديها وقد بللت دموعها كفيها واستمرت كذلك حتى سمعت صوت الإقامة فنهضت وهي تستغفر ومسحت عينيها وخديها من الدموع ورفعت رأسها
باتجاه غرفة النوم وتفـــــــــاجأت فقد كان طارق ينظر لها بنظرة غريبة وهو يتكئ على حافة الباب
أخفضت بصرها وأخذت ملابسها وسارت وهي خائفة أن يفعل فعلته السابقة فقالت بخوف وبصوت
مبحوح وهي تبعد عن الباب ما يقارب المترين : ممكن تبعد ؟؟
نظر لها بغرابة من خوفها الغريب وتنحى عنها وسار باتجاه الباب وقال ببرود : أنا رايح أصلي تبين
شيء معين للغداء .
أمل بفزع وبسرعة : لا لا تروح انتظرني بروح أصلي معك .
طارق ببرود : لا ما يمديني انتي سمعتي الإقامة ولازم ألحق على الصلاة .
أمل بترجي : الله يخليك انتظر بس دقيقتين أتوضى وألبس عبايتي وأجي .
طارق بتذمر : أقول أنا مانيب فاضي لك بروح أصلي وأجيب سيارتي ..وخرج وأغلق الباب خلفه ..
دمعت عينا أمل من الذل والقهر الذي تواجهه من هذا الشخص البارد ومسحت عيناها وسارت لتستحم
وتصلي الظهر وقد سيطر عليها الإحباط من تعامل طارق معها .
****
ختمت صلاتها بركتي السنة ورتبت سجادتها وجلال الصلاة ووضعته في حقيبتها وعقدت العزم ألا تترك
لطارق أي فرصة في جعلها لا تصلي في الحرم , حملت حقيبتها الصغيرة ودلفت إلى غرفة النوم ووقفت
أمام التسريحة وفلت ظفيرة شعرها سرحته بهدوء ورفعته بمساكة بتسريحة شينيون بسيطة وأنزلت بعض
الخصلات على جبينها ووضعت القليل من المرطب الزهري على شفتيها وخطت عينيها بالقليل من الكحل
الأسود العربي فأضفى عليها مزيداً من البراءة .
سمعت فتح الباب فخرجت بسرعة وسارة باتجاه الصالة ووجدت طارق وهو يحمل بين يديه أكياساً بها
أواني قصديرية وآخر به مشروبات غازية .
تقدم وهو يلقي التحية : السلام عليكم .
رفعت أمل رأسها عن الأكياس وردت بهدوء : وعليكم السلام ..تقدمت منه وقالت بهدوء وهي تمد يدها ..
هات الأكياس عشان أحضرها .
انتظرت للحظات ولم يمدها فرفعت رأسها مستغربة عدم تجاوبه وقالت بخوف عندما رأته ينظر لها بنظرة
غريبة وهي تتراجع للخلف : فيه شيء ليش تطالع فني كذا إيش تبي ..وانتبهت أنها اصطدمت بالكنبة
فتوقفت عندما رأته ينظر له بنظرة أخرى فقد تبدلت نظرته إلى نظرة غضب وقد اشتعلت عيناه شرراً..
طارق بغضب : خيـــــــــــــر شايفه وحش قدامك ولا مجروب وبعد إيش أبي منك هـــــــــا إيش أبي وأنا
قلتها من قبل أنا أنــــــــــــــــــقرف منك ولا تظني أنك ..ونظر لها بمعنى إذا تزينتي .. لا غــــلطااااااااااانه
انتي مـــــا تحركين فيني شـــــــــعره وأقولها لك من الحين لا تتعبين نفسك وتتزينين على الفاضي لأني ما
راح ألتفت لك ولا نظرة ســـــــــمعتي ..واستدار عنها وسار باتجاه التلفاز أشعله بهدوء وبرود وكأنه لم
يكن غاضب قبل لحظات , وترك خلفه إنسانه محطـــــــــــــــمه ممزقــــــــــه غريقــــــــــــــة في بحر من
الـــــــــــذل والألـــــــــــــــــم إنسانه دامعة العين محطمة الفؤاد مجروحة الكرامة مطعونة الأنوثة ..
مسحت أمل عينيها بيدين ترتجفان وسارت باتجاه غرفة النوم دخلتها وأغلقت الباب خلفها و انفجرت
تبكي بألم وذل واستمرت على هذا الحال لما يقارب النصف ساعة حتى هاجمها الصداع وانتفخت عينيها
فجلست ومسحت عينيها وسارت للحمام "كرمتم" وغسلت وجهها الوردي من البكاء وجففته ومسحت
عينيها من الكحل وكذلك شفتيها ونظرت لوجهها الخالي من أي شيء وقالت لنفسها مشجعة "أمل كفاية
ذل لا تتركيه يذلك ويبكيك أبد أبــــــد ولا تخليه يشوف دموعك وإذا قالك كلمة لا تردي عليه لا تتركيه
يتحكم بحياتك وبخلي نفسي باردة قدامه واستخدم أسلوب البرود مثله عساه يخف من إهاناته لي ويبعد
شره عني آآآه والخوف منه هو المشكلة كلها والله لو موب الخوف اللي فيني كان عرفت أتصرف معاه
لكن آآآآآآه مالي غير إني أدعي ربي يرفع هالخوف عني يااااااااارب " وتقدمت إلى الباب وفتحته وسارت
باتجاهه ووجدت الأكل كما هو موضوع على الطاولة وطارق جالس يشاهد التلفاز كما تركته تقدمت من
الأكياس وفتحتها وأخرجت السفرة وفرشتها على الطاولة الكبيرة ووضعت المياه الغازية وحملت الأواني
القصديرية للمطبخ وحضرتها بأواني التحضير وجلبت الملاعق والأشواك وحضرتها بطريقة مرتبة
وجلست وقالت بهدوء وبصوت مبحوح : طارق يلا الغداء .
نظر لها طارق ببرود وتقدم بصمت للطاولة وسميا بالله وأكلا بهدوء وبرود.
****
سمعت النداء الأخير للرحلة فتقدم منها طارق وقال ببرود وصوت خشن آمر : يلا امشي .
انقادت أمل لأمره وسارت بمحاذاته باتجاه الطائرة وصعدا ثم جلسا بمقعدهما وكانت هي في الداخل وهو
على الطرف سمت بالله وشرعت بقول دعاء السفر حتى انتبهت للصوت الذي يذكر بربط الحزام حتى تقلع
الطائرة انتبهت لطارق ورأته كيف يربط حزامه وفعلت مثله وهي تردد الاستغفار والتسبيح حتى ينجلي
الخوف الذي سكن صدرها وخفضت رأسها وأغمضت عينيها حتى لا تشعر بوقت الإقلاع ولكن هيهات فلم
تمضي سوى لحظات حتى أحست بالخوف من الإقلاع ورفعت رأسها بذعر والتفتت لطارق المسترخي
على المقعد وكأن شيئاً لم يكن ضغطت على يديها وأغمضت عينيها حتى شعرت بأن كل شيء زال
وتنفست براحة واسترخت على المقعد وسرحت في خيالها تتذكر ما جرى لها بقية اليوم فهي لم تترك له
مجال لتركها في الجناح بل ذهبت باقي الصلوات حتى أتاها بعد العشاء ليصطحبها للمطار ..
***
بعد مضي حوالي ثماني ساعات ..
فتحت أمل عينيها من غفوتها لنداء التذكير بربط الحزام مرة أخرى فعلمت أنها ستتكرر المأساة من جديد
ربطت حزامها وتوكلت على الله ..
مضت أحداث كثيرة بعد ذلك منها إنهاء الإجراءات والذهاب بالسيارة إلى الفندق في طريق طويل وأخيراً
دلفت إلى الجناح الذي حجزه طارق وقد تقدمها له ورأت الجناح مكون من رواق صغير في طرفيه الحمام
"كرمتم" والمطبخ ويتوسطه باب مفتوح دخلت من خلاله وذهــــــــــــلــــــــت مما رأت ..
*******************
سألت قلبي يوماًً
أي الألم أكثر استبداداً ؟؟
قال : الحزن
فهو يتمكن وينشر جبروته بتسلط
وسألته , و أيه خطراً ؟؟
قال : الخوف
فهو إذا استقر في مكان رحل منه الأمان
فلا أمان , لا استقرار وبعدها
يحل الخطر
وقلت له : سؤال أخير وأرحل .
قال لي : هات ما عندك .
قلت : ما قمة الألم ؟؟
فقال : الــــــــذل
فهو متسيد ومتسلط
يتحكم بلا رادع
يتأمر بلا رافض
يجرح ولا يداوي
يقتل ولا يبالي
يحجب شمس الأمل
فيسود الظلام
فصمت لحظة
تبعته آهة أدمته
قلت له ما بك يا قلبي مم تشكوا ؟؟
وقال بصوت كسير
أشكو من الــــــــــذل
******************************
نهايــــــــــــــــ الجزء الرابع عشر ـــــــــــــــــــــة
******************************

&< ~^(( الجزء الخامس عشر))^~ >&

~[( نقطة على سطور الأمل )]~
فتحت عينيها متفاجأة مما رأت ليس بسبب فخامة الغرفة ودقة تصميمها ولا بسبب الامتزاج الرائع من
اللونين الكريمي واللون البني المحروق والمطعم بالإكسسوارات الذهبية فكل هذا لم يلفت انتباهها بل
أذهلها أن الغرفة مكونة من سريرين مفردين متقابلان وارتجف قلبها ونبض بعنف من خوفها من الفكرة
التي طرأت عليها وحدثت نفسها "ياااا الله يعني بنام معه بغرفة وحدة لا ياربي ما أبي ما أبي " ورفعت
بصرها إليه وقد كان مسترخي ويشاهد التلفاز ولكنه التفت لها وكأنه أحس بأنها تنظر جهته فوقعت
عينيها في عينيه فأخفضت بصرها على الفور ولكنه تمكن من رؤية التساؤل والخوف الذي سكنها وأجاب
على سؤالها .
طارق ببرود : طلبت جناح بغرفتين و ما حصلت إلا هذي الغرفة راح أسألهم بكرة إن شاء الله تكون
متوفرة .
هزت أمل رأسها بهدوء ظاهري وخوف تفجر في حناياها من فكرة أنها ستنام في ذات الغرفة وقالت
لنفسها "وأنا أقول ليش تضايق لما كان يحجز لأنه ما حصل غرفتين معناته حتى هو ما يبي نفس الغرفة
يارب تعين والله أحس أني بموت من الخوف " وسارت وجلست على السرير الآخر وقد كانت ترتدي
عباءتها أما حجابها فكان ملفوف بإهمال ويظهر منه جزء من شعرها أخفضت رأسها وجلست بصمت
لمدة طويلة حتى شعرت أنها مقيدة ولا تستطيع أن تتحرك بحرية وانتبهت لصوت إغلاق التلفاز تبعه
إغلاق الباب ورفعت رأسها ولم تجد طارق فتنفست الصعداء وهتفت بهمس : الحمد لله راح ..ونهضت
وخلعت عباءتها ورتبتها في الخزانة وتقدمت إلى حقيبتها وفتحتها وأفرغت محتوياتها ورتبتها في
الخزانة وكذلك أفرغت حقيبة طارق وأخرجت لها جلابية بيت قطنية بنصف كم وباللون الفوشي ورسوم
بيضاء ناعمة وجلست تنتظر خروج طارق من الحمام "كرمتم" ولم تنتظر طويلاً إذ خرج بعد دقائق
معدودة وهو يلبس روب الحمام فنهضت حال دخوله الغرفة وتقدمت إلى الباب كي تستحم هي الأخرى
ولكنه سمعته يحادثها فالتفتت له ..
طارق ببرود واستهزاء : اللي أعرفه أن الزوجة تجهز لزوجها ملابسه ولا يا ست أمل ما تعلمتي من
زواجك الأول هذا الشيء إذا ما كنتي تعرفينه فاتعلمي انك تجهزي ملابسي لما أكون في الحمام وكمان
ملابس الدوام كل يوم تكويها و تجهزيها فهمتي يا هانم ولا لا؟؟
تألمت أمل من نبرة السخرية في كلامه وزاد ألمها تذكيره لها بزواجها الأول الذي هو سبب كل جراحها
التالية فانتبهت لسؤاله مرة أخرى وهو يقول (فهمتــــــــــي) فردت بإشارة من رأسها وهمسه بأنها (
فهمــــــــــت) وسارت وخارج الغرفة ودخلت الحمام " كرمتم " و انسابت دموعها وكتمت شهقاتها حتى
لا تظهر فتُفضح .
***********
في المساء
صلت العشاء وجلست لتكمل أذكارها وبعد نصف ساعة دخل طارق الذي خرج من صلاة العصر ولم يرجع
ألقى التحية وتمدد على سريره وقال بعد مدة .
طارق بهدوء يسأل أمل : تبين نتعشى هنا ولا برا ؟؟
أمل بعد تردد وخوف قال بصوت قوي قليلاً حتى لا يظهر خوفها : براحتك بس برا أفضل .
طارق بهدوء : طيب قومي تجهزي .
نهضت أمل بسرعة وهي فرحة بالخروج وأخذت لها لباس وهمت بالخروج ولكنه سمعت طارق يقول
بسخرية : أوف كل هذي شفاحة على الطلعة لو كنت أدري كان مشيتك من أول ما جينا .
توقفت أمل واستدارت له ونظرت له بنظرة ملؤها الألم واستدارت وهي تقول بألم : لا موب فرحه
بالخرجة بس مليت من الجلسة في البيت وحدي وأكملت تحدث نفسها "وعلى الأقل استأنس بالناس
ويروح عني هالخوف شوي " .
****
دخلا إلى الكابينة المكشوفة من جهة البحر أما الجهات الأخرى مغلقة وكان المنظر رائع عندما انعكست
الأنوار على البحر والهواء بارد ومنعش كانت تستمتع بالهواء وتملأ رأتها منه وقطع تأملاتها
واستمتاعها صوت طارق فالتفتت له حتى تنتبه لما يقول .
طارق بهدوء : أمل تقدرين تخلعين النقاب وحجابك إذا تبين ما فيه أحد يشوفك من هنا .
خلعت أمل نقابها وأرخت حجابها ولم تنزله بل جعلته على رأسها و أخفضت رأسها تنظر للطاولة ولم
ترفع رأسها إلا عندما سمعت طارق يتحدث إليها .
طارق بتساؤل : أمل أنتي درستي لأي صف ؟
أمل بهدوء : كملت أولى ثانوي .
طارق بهدوء : أها ..وتساءل .. طيب ما تبين تكملين دراستك .
هزت أمل رأسها بإيجاب وأكملت : أنا كنت بكملها من قبل بس كل أوراقي واثباتاتي ما كانت معي شيء
منها وكمان ..قالت بغصة .. إبراهيم ما كان عندي أحد يمسكه لي .
طارق بهدوء : أممم الله يرحمه ..وأكمل بتساؤل .. طيب كيف كنتي بدراستك؟؟
أمل بحماس خفيف : الحمد لله كنت متفوقة ..وتساءلت هي الأخرى.. وأنت كيف كنت في دراستك ؟؟
طارق بهدوء : أنا أخذت المركز الثاني على المملكة .
أمل بحماس وقد حمسها موضوع الدراسة : ما شاء الله أنا كنت دايماً أقول لزميلاتي أنا أبي أكون الأولى
على المملكة لكن ..وقد عادت نبرة الحزن لصوتها .. ما كل ما يتمنى المرء يدركه .
طارق بتشجيع : من قالك إنك ما تقدرين لا تحطين هالشيء ببالك خلي حلمك يدعمك ويشحن طاقتك ولا
تخلين اليأس يسيطر عليك سجلي في المدرسة واجتهدي راح تنجحين وتحققين حلمك ..وسألها بحماس..
إيش كان حلمك لما كنتي صغيرة ؟؟
أمل بحالميه وبراءة : دايما لما كنا صغار كنت أقول أبي أكون دكتورة عيون لأن ولد جيراننا ..وأكملت
بحزن .. كانت عيونه حمراء دايما وبعدين صارت كل فتره يقول أنه بدا ينزل نظره لما جاء يوم ومعه
أخوه الكبير ووقف عندي وكنت أشوفه حزين مره قال لي أمل أنا ما صرت أشوف خلاص أنا ما أقدر
أشوفك وابتسم بحزن وقال لكني الحمد لله شفتك من يوم كان عمرك يوم ولعبتك بيديني لين كبرتي ادعي
لي أمول أنه يرجع بصري , ذاك اليوم بكيت وقلت له لا أنت تشوفني صح فهد ومسكت يدينه وقلت نزل
عينك وطالع فيني لأنه كان طويل وأنا كنت صغيره وجلس عندي وقال أنا أطالع فيك لكن ما أشوف شيء
أدعيلي أمل أدعي أنتي صغير دعوتك مثل دعاء الملائكة لحظتها ما فهمت كل كلامه لكن إللي فهمته إني
أدعي له ورفعت يديني وقلت "يارب خلي فهد يشوف مره ثانية عشان يلعبني" وضحك على دعوتي
وراح بعد ما قالي شطوره أمولتي كل يوم إدعيلي كثير خلاص ..ونزلت دموع أمل لهذه الذكرى فهي لم
تنسى فهد الذي طالما كان لها الأخ والأب وكان أحن شخص عليها .. وناديت عليه بصوت عالي إذا كبرت
بصير دكتورة وأعالجك عشان تشوف ابتسم لي وراح ..رفعت أمل بعد أن مسحت عينيها وقالت بهدوء ..
ومن ذاك اليوم وهذا حلمي حتى لما راح إللي عشانه .
طارق بنظره غريبة ونبرة غامضة تساءل : وين راح ؟؟ يعني تعالج ؟؟
أمل بحزن : لا مــــات في نفس اليوم بحادث سيارة هو وأبوه كان راح يوديه المستشفى ومات وهو ما
يشوف .
طارق بذات الغموض والنظرات سألها : كم كان عمره يوم مات ؟؟
أمل بحزن دون أن تنتبه لنظراته : يمكن كان تسع طعش أو عشرين وأنا كنت تقريباً ثمان سنوات.
طارق بهدوء : الله يرحمه والله يهنيه الرسول يقول "من فقد حبيبتاه فله الجنة " أو كما قال .
أمل : عليه الصلاة والسلام .
ران الصمت للحظات وقطعه طارق وهو يسأل
طارق بصراحة : أمل بسألك وبصراحة أبيك تجاوبيني ..هزت رأسها وهي خائفة من السؤال الذي
سيطرحه وأكمل طارق بتساؤل .. ليش إنتي إنسانه كئيبة كل شوي تبكين وعلى أي شيء دموعك تنزل ؟؟
تنهدت أمل بحزن وردت باقتضاب : من اللي شفته في الدنيا .
طارق بتساؤل : وش شفتي ؟؟
وقطع حديثهما الطرق على الكبينة ينبه بصول العشاء فحمدت أمل ربها في سرها أنه قطع الحديث الذي
كان سيرهقها إجابته ودعت للنادل بكل خير .
************
فتحت عينيها ونظرت للسقف للحظات وتذكرت الرعب الذي عاشته في الليلة الماضية وأدارت رأسها
للسرير المجاور ورأت جسد طارق الطويل والممشوق ممتداً على طول السرير وهو نائم بعمق وعادت بها
أفكارها لما حدث فعندما عادا من المطعم عند ما يقارب الساعة الواحدة فجراً بعد أن تمشيا على البحر
قليلاً وتكلما في مواضيع كثيرة ثم عرج بها على إحدى محلات المثلجات واستمتعا بطعمها ثم استقلا
السيارة للعودة وفي هذه اللحظة بدأ الخوف يتصاعد في قلبها عندما تذكرت الجناح الذي يقطنا به , دلفا
إلى الجناح وفور دخولهما خلع طارق قميصه وبقي بالبنطلون الجينز الذي يرتديه والتقط بجاما من
الخزانة ودخل الحمام "كرمتم" أما أمل فأحست بالخجل واحمر وجهها فأخفضت عينيها وجلست على
سريرها حتى يخرج كي تستطيع التحرك وعندما غاب عنها خلعت عباءتها واسترخت قليلاً تنتظر خروجه
وعندما خرج دخلت هي على إثره ثم خرجت وهي ترتدي بجاما طويلة الأكمام وواسعة وترتدي فوقها
روب طويل لفته جيداً على خصرها النحيل دلفت للغرفة ووجدت طارق مستلقي على سريره ويشاهد
التلفاز تحركت ببطء وخوف ودوار يلف رأسها بعنف ولكنها تمالك نفسها حتى جلست على سريرها
واخفضت بصرها وهي تشد على يديها حتى لا تظهر رجفتها وجلست على ذلك مده وحتى أحست بنعاس
شديد ولكن لا لن لم تنام فهي خــــــــــائفة من كل شيء خائفة من الرجل الذي يشاركها الغرفة وخائفة من
الماضي والحاضر وكـــــل شـــيء ولم تنتبه أنها ترتجف وقد ظهر عليها وقطع أفكارها صوت طارق
يقول بسخرية لاذعة : خير مدام أمل إيش فيك ترتجفين تــــــــطمني تر أن بشر موب وحش قدامك .
أمل باستنكار كاذب وقد ظهرت الرجفة في صوتها وكلامها : أأ ..أنا موب خــ .. ــايفه بس بر ..بردانه .
ضحك طارق بقوة وبسخرية ورد ببرود : مررره واضح أنك موب خايفه حتى كلامك يرتجف مثلك بعدين
وين البرد والغرفة دافية وبرودتها معتدلة ..وأكمل بسخرية .. وأضن مع لبسك هذا ..وأشار إلى لباسها
بسببابته بسخريه واحتقار وأكمل .. ما أضن راح تحسين بالبرد ..ونهض وأكمل ببروده المعتاد.. وعشان
أريحك من البرد ..أمسك بالريموت كنترول وأغلق المكيف وعاد ليتمدد على سريره وهو يكمل .. وهذا
المكيف وطفيناه عسى تخف الرجفه اللي فيك ..واستدار موليها ظهره وتغطى بلحافه وهو يقول بهدوء ..
تصبحين على خير .
أحست أمل بالذل والقهر للطريقة التي يعاملها بها وكأنها ارتكبت في حقه جرماً وتساقطت دموعها بهدوء
على خديها النديين فمسحتها وما لبثت أن عادت من جديد حتى انهمرت متتالية وهي تكتم صوت شهقاتها
فهي في هذه اللحظة لم يكن الخوف هو من سيطر عليها بل الذل والقهر والوحدة والألم , تمددت على
سريرها ودفنت وجهها في وسادتها علها تؤنس وحدة دموعها وتشاركها في موكب أحزانها , ظلت طول
الليل لم تنم حتى بعد أن نام طارق وهي التي خططت بأن تنام بعد أن ينام ولكن هيهات وقلبها قد لعب
بمهارة في ساحة صدرها وقد سدد الخوف أهدافه في شباك حياتها , سمعت أذان الفجر ونهضت لتتوضأ
قبل أن يستيقظ طارق وعندما دخلت الغرفة وجدته نائماً ولكن لن تدع الصلاة تفوته وستلقي الخوف بعيداً
عنها فهذه الصـــــــلاة وليس غيرها ..
الله أكـــــــــــــــبر الله أكـــــــــــــــبر
انتبهت من سيل أفكارها على صوت أذان الظهر أخذت تردد معه وما إن أكملت الأذكار حتى تقدمت من
النائم على السرير الآخر وقالت بصوت واثق ومسموع : طــــــــــارق قوم أذن الظهر .
************

بعد أربعة أيام ...

أمل "فالأيام الماضية بديت أتأقلم على حياتي مع طارق وما صرت أخاف كثير وصرنا نسولف ونخرج
بس موب كل الأيام يعني مرات يخرجني ومرات يطنش ويخرج وحده وما أشوفه إلا آخر الليل لكن حسيت
حياتي هادية شوي بس لما يجي الليل أخاف ولا أنام لا لما أتأكد أنه نام , أكثر من مره سأل الرسبشن عن
جناح بغرفتين وما حصل واستسلم وما عاد سأل الحين هو نايم ..تطلعت لساعة معصمها.. صارت
الساعة وحده ونص أبي أنام بكره ورانا سوق لأن بعد بكره و إللي يكون الخميس راح نسافر للسعودية
يالبا ترابها واحشتني موووووت هي وأهلها والله يعيننا على السفر وتعبه , بس حاجه تلعب فقلبي اليوم
طارق موب عوايده يطالعني كثير ومرات أحسه مرتبك بس أووف والله خايفه الله يستر إيش فبالك يا طارق لازم الحين أنام تأخر الوقت ..وأغمضت عينيها لتنام.."

يتبع ,,,,

👇👇👇


تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -