بداية

رواية بين الامل والالم اسطورة -18

رواية بين الامل والالم - غرام

رواية بين الامل والالم اسطورة -18

تكونين معي شفافة وصادقة وتحكي لي كل شيء ..صمتت لحظة وأكملت بحنان.. بس قبل أي شيء أبي أسألك توافقين تكونين صديقتي ؟
هزت أمل رأسها بإيجاب وهي تبتسم لها : إيه موافقة دكتوره.
د/ ريم بفرحة : حلو بس قبل نتفق على أننا نبعد الألقاب خلاص ..أجابتها أمل بهزه فقالت الأخرى سائلة .. طيب تبين تتمددين على الكرسي ولا تجلسين مقابلة .
أمل بهدوء : لا أجلس هنا .. وهي تشير لمقعدها ..
د/ريم : طيب .. سألتها .. أول شيء إيش المشكلة ؟
أمل بتوتر أجابت : اغتـــــصـــااب .
فتحت الدكتورة عينيها بذعر وتماسكت كي لا تخيفها وسألت متأثرة : كيف ومتى حصل هالشيء ؟
أجابة أمل بحزن : قبل أربع سنوات أما كيف فــ...... وسردت لها أمل أحداث تلك الليلة وتبعاتها وكيف أثرت عليها وعندما أنتهت من كلامها بادرتها الدكتورة قائلة : الله يكون فعونك والعلاج بسيط بس أهمه وأساسه العزيمة والإصرار والإنتظام وبإذن راح تنحل ولازم تكوني واثقه بربك أول شيء ثم بنفسك وهذا شيء أساسي ها أتفقنا ، أمل الجلسة الجاية أبيك تجيني وهمتك فوووق عشان نبدأ أول مراحل العلاج ..سألتها.. إتفقنا ؟
أمل بحماس : اتفقنا .
خرجت أمل من مكتب الدكتورة وهي مرتاحة بسبب حديث الدكتورة ومواساتها لها وتشجيعها لأمل ، توجهت لمكتب طارق ودخلت بعد أن أذن لها بالدخول سلمت ورد عليها ثم قالت بهدوء : طارق خلصت الجلسة أبي أروح .
طارق ببرود : لحظة أتصل على البيت يرسلون لك السواق والخدامة ..وأمسك بالهاتف وكلم أمه وطلب منها إرسال السائق لأمل وسمعته أمل يعتذر بأن لديه العديد من الأشغال التي تعيقه عن توصيلها وأغلق الخط وقال لها بذات البرود .. الحين تجي السيارة انزلي إنتظريها فالإستقبال تحت .
هزت أمل رأسها إيجاباً ووقفت وقالت وهي مغادرة : مع السلامة .
خرجت واستقلت المصعد وضغطت زر الطابق الأول وتحرك المصعد خلال ثواني وفتح الباب وكانت سارحة ولم تنتبه أنها اتخذت الرواق المعاكس للاستقبال وسارت ولم تنتبه حتى صادفها باب فتحته ولفحتها البرودة الصادرة منه ونبهتها لماهية المكان وتوضحت الرؤية عندما فتحت الباب ورأت المكتب المواجه له وباب آخر مفتوح رأت من خلاله ثلاجـــــات المــــــوتى فدمعت عينيها عندما تذكرت آخر مرة رأت ولدها في ذات المكان ، مسحت دمعتيها فسالت ومسحتها مرة أخرى وهي تقف بانكسار وحزن أثقل كاهلها وجرح فؤادها من هذه الذكرى الصـــــعبة المـــــوجعة حد الإنكســـــااااار و التشتــــــــت ..
***
أصعب مواقف هالزمان يوم تجي نفس المكان
يوم توادع من تحب عينك تنادي بالحنان
تبدا تفكر في الحياة و احلى ليالي الذكريات
كيف ابتدت لحظة غلا كيف انتهت بيدا الممات
لا يالوادع لايالوادع لا لاتجينا باندفاع
عاشر وخلك با شتياق وابدا غلاتك باحتراق
لكن يجي يوم تكون مدفوع بيدين الفراق
لا يا الوداع لا يالوداع لا لا تجينا بندفاع
حكم القدر حق يصير واهوا البداية والاخير
عاشر اخو دنيا وشوف كيف النهايه والمصير
لايالوداع لايالوداع لايالوداع لا لا تجينا بندفاع
*المنشد / إبراهيم السعيد *
***
استدارت عائدة تسير بتثاقل وأغلقت الباب خلفها ومضت حتى وصلت للسيارة وهي لا تشعر بشيء سوى الألـــــم وتحركت السيارة .
****
مضت الأيام برتابة ..
وودع رمضان ..
وأطل العيد ..
في الأيام الماضية كانت أمل منتظمة على الجلسات مع الدكتورة وقد توطدت علاقتها بها وقد عللا هي وطارق للعائلة ذهابها للمستشفى بسبب الصداع الملازم لها وتعبها المستمر وأخفيا عن الجميع السبب الحقيقي وكذلك في الأيام الماضية تمكن والدها من معرفة المكان الذي أخفت فيه سلمى الأوراق وجلبها من مكانها واودعها أمل حتى يتمكن بطريقة ما أن يجبر سلمى على التنازل ، أما علاقة أمل بطارق فكان عنوانها الهدوء فمع تقدمها بالعلاج أصبحت أكثر هدوء وحتى الحوار بينهما لم يعد مقطوعاً كما في السابق ، أما شادن فقد أعلنت موافقتها وتم زف الخبر لعبد الرحمن الذي طلب أن تتم الخطوبة الرسمية ثالث أيام العيد .
(فجر يوم العيد)
كانت أمل وشادن ساهرتان تتسامران بعد أن جهزتا مستلزمات العيد وبعد القليل من الأحاديث تفرقتا قبيل أذان الفجر دلفت أمل لجناحها وتمددت على الكنبة الطويلة وراحت تسبح في بحار خيالها تذكرت جلسات علاجها مع د/ ريم وما نصحتها به من التثقف والإطلاع على قصص من مروا بمثل حالتها وكيف تعدوا منها وكذلك نصحتها بالمشاركة في النوادي التثقيفية والخيرية فعندما أخبرتها بصعوبة ذلك عليها اقترحت عليها المشاركة في المنتديات الثقافية والدينية والتي من شأنها أن ترفع من ثقتها بنفسها وتعزز الجانب الديني لديها وتذكرت حوارها مع الدكتورة بعد انتهاء الجلسة الرابعة وقد توطت العلاقة بينهما فأصبحا كأختين عندها سألتها أمل قائلة : ريم أنتي متزوجة ولا لا ؟
ردت ريم بشيء من المرارة : لا أرملة ..وتسائلت .. ليش تسألين ؟
أمل بتبرير : لا بس ولا مرة تكلمتي عن حياتك الشخصية ..وأكملت بنبرة إعتذار.. آآآسفة إني تطفلت .
ريم بتأنيب : أمل ليش تعتذرين ما فيها شيء إذا سألتي وحياتي موب سر كل اللي حولي يعرفون هذا الشيء ..وأكملت بتوضيح..وعشان تعرفين أكثر عندي بنت وولد توأم عمرهم سبع سنين ..وأخفضت نظرها بحزن..
انتبهت أمل لنظرة الحزن المتجلية في عيني ريم وسألتها : ريم ليش أحسك حزينه قولي إيش فيك ؟
دمعت عينا ريم ومسحتها وهي تقول بنبرة متصنعة للتماسك والهدوء : تزوجت لما كان عمري ثمنطعش سنه يعني تقريباً مثلك كانت حياتي مع يوسف هاديه كنا متفاهمين بس بعد سنه بدت مشكلة إني ما حملت راجعنا عند دكاتره كثير لكن كلهم قالوا ما فينا شيء سلمنا أمرنا لله لكن ما تركنا الدعاء والعلاج لكن أمر الله ولا إعتراض مرت سنه ثانية وثالثة ورابعة وفالسنه الخامسة خلاص صارت نفسياتنا دمار لكن مازال شوي أمل فينا رحنا دكتورة وقالت ما فيه حل إلا الأنابيب سويناها والحمد لله نجحت وحملت ياااا الله ما تتخلين قد إيش فرح يوسف بحملي صار شوي يضحك وشوي يسكت موب مصدق و أنا كنت أطالع فيه مبسوطة بعدين خرج يفرح أمه وأهله وكان مسرع بالسيارة يبي يوصل ويفرحهم معه ما يدري أنه حزّنهم وبكاهم عليه صارت الدنيا سودا بعيني على أني كنت وقتها طبيبة نفسية لكن تمنيت أن أحد لحظتها يطببني كنت تعبانه وموته أثر فيني بقوة وما قدرت أتماسك إلا لما ولدت بالتوم حسيت بالحزن راح وولا والحمد لله على كل حال والحين عيالي دايم يسألون عن أبوهم وكنت أصرفهم والحين بدو يستوعبون ويسألوا أكثر آآآآهـ اليتم صعب صعب موووووت ..ومسحت عينيها الدامعتين وتنهدت ثم استغفرت بهمس وأكملت .. بس الحمد لله أبوي موب مقصر معاهم بشيء ويحبهم كثير .
تأثرت أمل بقصتها ودمعت عينها ثم مسحتها وهي تقول بمواساه : الله يرحمه ..وتسائلت.. هو ما عنده أخوان ؟
ريم بهدوء أجابت : لا بس عنده ثلاث أخوات كبار وهو الولد الوحيد بينهم .
أمل باعتذار وهي تنظر لعيني ريم الحزينة : ريم سامحيني هيجت أحزانك وذكرتك بها .
ريم بتسامح : لا والله بالعكس هو دايم فبالي وعمري ما نسيته أصلاً كيف بنساه وعيالي نسخة منه .
أمل بحماس سألتها : عندك صور لهم ؟..هزت ريم رأسها بإيجاب وهي مبتسمة لها فأكملت أمل .. هاتي أشوفها .
نهضت ريم متوجهة لمكتبها ففتحت أحد الأدراج وأخرجت الصورة ومدتها لأمل التي أمسكت بها ونظرت لمن فيها بحب وحنان وقالت : ما شاء الله يهبلون الله يحفظهم لك .
ريم : آمين .
**
شعرت بهزات خفيفة لكتفها ففتحت عينيها ونظرت لطارق القريب منها والذي ما إن رأها فتحت عينيها ابتعد أما أمل فخفق قلبها من رؤيته بهذا القرب فنهضت بسرعة وجلست وهي تنظر له متسائلة .
قال طارق بهدوء وكأنه يجيب على سؤالها : أذن الفجر وما شفتك تحركتي فقلت أقومك تصلين .
نظرت له باستغراب وقالت مذهولة : أذن !! غريبة ما سمعته أنا صاحية .
نظر لها بغرابه وهز كتفيه بأن لا شأن له بها وغادر الجناح .
نهضت وهي تستعيذ بالله من الشيطان ودخلت غرفتها لتتوضأ وتصلي الفجر وتستعد للعيد .
*****
لبست لباسها المكون من قطعتين وابتسمت عندما لاحت ذكرى ذلك اليوم حين تناقشت مع شادن في اختيار اللون وبعد نقاش دام عدت دقائق استقرت أمل على الطقم ذو اللون الأسود بتنورة كاروهات باللون الأسود والبيح وخطوط رفيعة باللون الأحمر أما شادن فاستقرت على طقم مماثل ولكن باللون الليلكي وبتنورة كاروهات باللون الليلكي والبيج وخطوط رفيعة من اللون الزهري الزاهي واشترت كل منهما الملحقات المناسبة له .
زينت وجهها بالقليل من البودرة وأضافت لجفنيها مسحة من الظلال بلون البيج الضارب للذهبي واكتحلت بالأسود وكثفته وبرمت رموشها بماسكرا سوداء أكملت جمال عينيها وحددت حاجبيها بإتقان وأضافت القليل من الإضاءة النصف لامعة تحتها و أكملت بعدت ضربات من البلاشر الأحمر ذو اللون الزاهي وختمت بأحمر شفاه سائل باللون الأحمر الزاهي أضفى رونقاً وجمال لشفتيها الصغيرتين وأكتملت لوحة بديعة من صنع البارئ ، لبست عقد باللون الأحمر يتدلى إلى منصف صدرها وتبعته بحلقين بذات اللون وخاتم صغير وأساور باللون الأحمر والبيج والأسود وساعة ارتدتها في معصمها الأيسر فاكتملت زينتها وتطلعت لشكلها بالمرآة لتتأكد من عدم نسيانها لأمر ما فأمسكت بهاتفها والذي كسته أيضاً باكسسوار أحمر واتصلت على شادن وبعد رنتين ردت قائلة : أهلين .
أمل ببشاشة : السلام عليكم .
شادن : وعليكم السلام ، هلا والله .
أمل : هلا فيك ، أخبارك .
شادن : تمام وأنتي ؟
أمل : الحمد لله ..سألتها.. ها خلصتي ؟
شادن : شوي وأخلص ..سألت..أنتي خلصتي ؟
أمل : تقريباً بس بسألك صلوا الناس .
شادن : أظن والرجال شوي ويجون ..واستفهمت باستغراب .. ليش تسألين ؟
أمل بستعجال : عشان أصلي ..وقالت بعجلة قبل أن تغلق السماعة .. يلا راح أصلي وأنزل عشان نعيد أقابلك تحت مع السلامة ..وأغلقت السماعة حينما سمعت رد شادن ..
لبست جلال الصلاة وصلت ركعتي العيد وعندما أكملت وقفت أمام المرآة لتفتح لفافات شعرها وعندما أكملت عملها جمعت نصف شعرها المتموج بمساكة حمراء متوسطة وتركت الباقي منسدلا بروعة أما من الأمام فرفعت نصفه اليمين بمساكة صغيرة مشابهة للتي في الخلف وأسدلت الطرف الآخر كخصلات متدرجة على وجهها ثم لبست بعجاله صندالها المتوسط الطول ذو اللون الأحمر وأخيراً أمسكت بعطرها وتعطرت بسرعة ثم خرجت بعد نظرة أخيرة في المرآة وسارت بعجل ولم تنتبه من سرعتها لطارق المنتصب أمام الباب فاصتدمت بصدره العريض فانتبهت بسرعة وارتدت ولكن أحست بشيء يمسك بيدها فنظرت لها فرأت أنه كان ممسك بيدها وينظر لها بعينين لامعتين فرفعت رأسها بعيون راجية بأن يطلق سراح يدها فقد بدأ الخوف يتمكن منها فحركت يدها الأسيرة ولكنه لم يغير من وضعه فقالت متوسلة وهي تنظر لعينيه : طارق فك يدي .
انتبه طارق لنفسه فأطلق أسر يدها ولكن لم تتغير نظراته لها بل بدا وكأنه يحرقها بنظراته فتكلم ولكن بنبرة غريبة عليها : أمل ما ودك تعيدي علي ؟
أمل بتوتر وقد ارتجف فكها وقالت بصوت راجف : إيه بعيد ..وأقرنت كلامها بمد يمينها المرتجفة والتي أصبحت باردة كالثلج من التوتر فالتقطها بيمينه القوية والتي احتوت يدها بحنان وقوة وفاجأها بجره لها وقبلها على خديها وجبينها وهو يقول بصوت عميق : كل سنه وإنتي طيبة .
ابتعدت عنه بسرعة وهي ترتجف كورقة وردت عليه برجفة وبصوت هامس : وانت بخير ..فابتعد عن الباب فخرجت بسرعة من الجناح و كأنها هاربة من خطر ما فسمعت خلفها إيقاع ضحكاته فعلمت أنه يضحك من هروبها فاغتاضت منه ولكن تلاشى غيضها عندما صادفت شادن فابتسمت لها بفرح وقالت ببهجة وهي تحتضنها : كل عام وأنتي بخير .
فردت شادن وهي تشد احتضانها : وانت بخير يا عمري .
فسمعتا صوت طارق يقول وهو يقترب ليبعدهما عن بعضهما : خلاص أتركيها كسرتيها .
ابتعدت شادن و صفرت بمكر وحماسة وهي تقول : أووووووهـ الأخ يغار ..والتفتت لأمل التي كسى وجنتيها حمرة لم تخفيها الأصباغ وقالت بذات المكر .. هنيالك أموووول طارق يغااااار عليك حتى مني هههههههه..فضحكت بمرح بينما ازداد احمرار وجنتي أمل أما طارق فكان ينظر لهما بغموض فقطع ضحكاتها وهو يتقدمهم على الدرج لينزل وهو يقول بأمر : يلا أنزلوا عيدوا على أمي وأبوي ..ونزل بسرعة فلحقت به الفتاتان بصمت وهدوء وسارتا حتى وصلا لمكان جلوس العائلة فبدأتا بالمعايدة وجلستا وقد جلست أمل بمقابل طارق ولكنها أجلست شذى في حضنها وأخذت تتحدث معها لتبعد ارتباكها من نظرات طارق المنصبة عليها وكانت تتحدث مع أبو طارق وأم طارق اللذان كانا يمتدحانها بجزل مما أثار خجلها وغيرة شادن التي كانت تعترض بغيرة مصطنعة : يعني المدح اليوم كله لأمل وأنا ما لي شيء طيب على الأقل جاملوني ..فنظرت لهما بحزن مصطنع فضحك الجميع عليها ..
رد والدها بمكر : لا أنتي راح نترك مدحك على عبد الرحمن أكيد ما راح يقصر..فألجمها الخجل عن الرد على والدها فاحمرت وجنتاها وطأطأت رأسها خجلاً فضحك الجميع على حياءها الغريب عن طباعها ..
فقال طارق وهو يغالب الضحك : أول مرة أشوف شادن تحمر من الخجل ..فضحك وتبعه الجميع فلم يشعر إلا بوسادة صغيرة اصتدمت بوجهه فأمسكها وردها على شادن وهو مستغرق بالضحك إلى أن صرخت بهم شادن قائلة : خلاص مانيب مستحية مره ثانية عشان ماتضحكون علي .
فتوقف الجميع عن الضحك فلم تبقى سوي ابتسامات مبتهجة .
بعدها تفرق الجميع فأم طارق ذهبت لتستقبل جاراتها وأبو طارق أُخبر أن هناك رجال أتوه فنهض طارق ليلحق والده فأوقفته أمل بتردد : طارق أممممم ممكن توديني لبيت أبوي ؟
هز طارق رأسها بإيجاب قال وهو يسير خارجاً : ألحقيني أنتظرك بالسيارة .
******
عادت من منزل والدها عند العاشرة بعد أن أعدت له فطوره وهي تتسائل أين تذهب سلمى كل هذا الوقت وهي تعلم أن سلمى علاقتها بجيرانها تكاد تكون منقطعة وليس لها أقارب سوى أمها التي ربما لا تعلم شيئاً عنها وتاهت تبحث عن إجابة وعندما لم تتوصل لإجابة تساؤلاتها قالت تحدث نفسها "مصير المتخبي يظهر" .
خُتم هذا اليوم برحلة لأحد المنتزهات استمتع بها الجميع وعادوا في وقت متأخر وقد أنهكهم التعب ونام الجميع مباشرة حتى يستعدوا للغد والذي سيتم به التجهيز لاستقبال أهل عبد الرحمن الذين سيأتون في ثالث أيام العيد .
***
يوم الخطوبة ..
بعد صلاة العشاء..
حضرت عائلة عبد الرحمن وتمت مراسيم الخطوبة ورحب بهم الجميع وأحضروا بصحبتهم العديد الهدايا وقدموها للعروس وأهلها وجاءت وقت النظرة الشرعية وطلب طارق من عبد الرحمن أن يتبعه للمجلس الآخر وفي هذه الأثناء اتصل على أمه طالباً منها أن تنادي شادن حتى تأتي للنظرة فنهضت أم طارق وأمسكت بمعصم شادن التي تجلس بحياء وخجل واضح فأوقفتها وسارت معها لخارج المجلس وقالت لها هامسة : روحي أمسحي مكياجك والبسي طرحة على راسك طارق ينتظرك عشان يشوفك عبد الرحمن .
ارتجفت شادن من التوتر وقالت بخجل : يما لازم هالنظره أنا خايفه .
أم طارق تقنعها بحنان ورقة : يا حبيبتي ما يصير وهذا حقه لازم يشوفك وهذي سنه الرسول صلى الله عليه وسلم .
شادن بهمس : عليه الصلاة والسلام ..وهزت رأسها بإيجاب وقالت بهمس .. خلاص الحين بروح بس نادي لي أمل .
ابتسمت أم طارق لها بحنان وفرحة وهي تقبل خديها : ألف مبروك ياعمري ..وسارت عائدة لمجلس النساء وهي تقول.. الحين أنادي لك أمل بس روحي غسلي وجهك يلا الرجال يتنظر ..احمرت شادن من الخجل ولكن لم تراها أمها لأنها دخلت للمجلس وماهي إلا لحظات حتى ظهرت أمل التي ابتسمت لها ..
أمل بابتسامه محبه : ها أشوف الوجه محمر إيش صار ؟
شادن ردت لها بابتسامة مرتبكة : ما صار شيء بس يبي يشوفني إيش أسوي الحين ؟
قالت أمل مطمئنة لها : لا تخافين أمشي جناحك بسرعة .
اسرعت الفتاتان للجناح وأمسكت بمناديل المكياج ومسحته فلم تبقي سوى القليل من الكحل وأضافت القليل من ملمع الشفائف بلا لون ونظرت للبسها المكون من تنورة جينز طويلة تكاد تلامس الأرض وبلوزة باللون السماوي برسومات عشوائية بعدة ألوان وذات أكمام طويلة حتى رسغها والتفت لأمل التي تقف بجوارها وسألتها : أمل لبسي تمام ؟
هزت أمل رأسها بإيجاب وقالت : إيه أهم شيء يكون ساتر يلا إلبسي طرحة بسرعة ولفيها مزبوط .
أمسكت شادن بحجاب أسود لفته ولم يظهر إلا وجهها وقد عكس السواد على بشرتها وزادها توهجاً ولم تضيف أي رائحة عطرية لأنه لا يجوز فهو رجل أجنبي عنها وعندما تأكدت من شكلها سارت مع أمل للخارج وهما صامتتان حتى وصلتا للباب الخارجي المطل على مجالس الرجال فقالت أمل مشجعة : يلا حبيبتي روحي الرجال من زمان ينتظر .
ارتعش جسد شادن من الخوف والتوتر وقالت بربكة واضحة : أمل خايفة .
قالت أمل تطمئنها بابتسامة هادئة : ما له داعي الخوف أكيد طارق راح يكون معك يلا أنا بتصل عليه يجي لك .
**
في مجلس الرجال ..
سمع طارق نغمة هاتفه ورفعه فوجد أن المتصلة أمل فكساه الجمود ولاحظ ذلك عبد الرحمن وسأله : خير طارق عسى ما شر ؟
طارق بهدوء وبذات الجمود : لا ما فيه شيء بس الأهل داقين لحظة ..ورفع الهاتف لأذنه وهو يقول .. هلا ... خلاص الحين جاي ..وأغلق السماعة ونهض وهو يستأذن وخرج من المجلس وبعد لحظات عاد وهو برفقة شادن التي كادت تذوب من الخجل وانعكس عليها بإحمرار كسى وجنتيها فأضاف عليها هالة من الجمال والبراءة وعندما نظر لها عبد الرحمن همس يذكر الله عليها فوقف وهو ينظر بإمعان فأحست بنظراته المصوبة عليها فطأطأت رأسها أكثر وعندما سمعا طارق يحثهما على الجلوس جلس هو مكانه أما شادن فجلست بجانب طارق والذي كان مواجه لعبد الرحمن وغرق المكان بصمت دام لحظات لا يقطعه سوى نظرات عبد الرحمن لشادن المنحرجة من الوضع حتى تكلم عبد الرحمن بتوتر حاول يخفيه : كيفك شادن .
تلعثمت شادن فلم تعلم أنها ستتكلم معه حاولت أن تتجاهل ولكن تشجعت وقالت هامسة : الحمد لله .
فرد يحاول أن يضفي المرح : وأنا الحمد لله بخير .
ابتسم طارق مخفياً ضحكه عليه بعد أن شعر بخيبة صديقة الذي أراد أن يلفت انتباه شادن فلم يستطيع وقال بجدية مصطنعة : شادن ارفعي راسك عشان تشوفيه يمكن ما يعجبك وترفضينه ..فلم تستجب له شادن بل نظرت له بطرف عينها بحنق وهي ا زالت مطأطأة الرأس فضحك طارق بمرح على شادن وكذلك على الغضب الذي رسم على وجه عبد الرحمن فقال بمرح وهو يضحك .. هههههه خلاص شادن روحي الظاهر عجبتك الجلسة معنا ..وضحك من النظرة التي حدجته بها شادن والغيض الذي رسم على محيا صديقه ..
هههههههههههه .
فوقفت تريد أن تغادر فاستوقفها عبد الرحمن وهو يقول : لحظة شادن ..أخرج كيس صغير كان بجانبه ووضعه على الطاولة الزجاجية التي أمامها وقال بهدوء .. أتمنى تقبلين هالهدية البسيطة .
فقال طارق يعترض بهزل : لا والله لا خذ رقمها أحسن ..نظر له الإثنان بغضب فضحك بقوة عليهما..
وخرجت شادن وهي غاضبة من المجلس وهي تسمع ضحكات طارق وسمعت صوت عبد الرحمن الذي يؤنبه بقهر وهو يقول : حراااااام علييييك أحرجت البنت وليه خليتها ترووح لسا ما شفتها كويس .
ضحكت هي الأخرى بخجل وهرولت باتجاه باب المنزل وهي تبتسم بخجل .
بعد نصف ساعة غادر أهل عبد الرحمن وقد وقفت أم طارق وأمل وشهد أمام الباب لتوديعهم بذات الحفاوة التي اُستقبلوا بها .
وقد اتفقوا على أن يكون العقد قبل الزواج بأسبوع الزواج في عطلة عيد الأضحى أي بعد شهران .


(٢)
*******
مضت عدت أيام هادئة لم يتخللها سوى عودة أمل لمتابعة الجلسات النفسية وقد زاد من توطد العلاقة بينها وبين د/ريم .
بعد أقل من أسبوع من اليوم ستبدأ السنة الدراسية والتي ستلتحق أمل فيها بمقاعد الدراسة من جديد بعد غياب أكثر من سنتان واليوم بالتحديد ستذهب برفقة شادن إلى السوق والمكتبة لجلب المستلزمات المدرسية .
***

بعد العصر ..

كانت أمل في جناحها تستعد لتخرج مع شادن للسوق ، سمعت رنين الإنتركوم فرفعت السماعة فإذا بها شادن تستعجلها للخروج فالسائق وزوجته في انتظارهما فأجابتها أمل أنها ستنزل حالاً وأغلقت السماعة واستدارت بفزع عندما سمعت صوت طارق يسألها : على وين العزم إن شاءالله .
أمل بتوتر فقد تذكرت للتو أنها لم تستأذن منه فقالت بخفوت : رايحين السوق .
طارق بستهزاء : ومن مين استأذنتي ياهانم ؟
توترت أمل وظهر على صوتها المرتجف : نـ .. ـسـيـ..ـيــت ما .. أقـ..ـول لـك .
نظر لها بغموض : عادي روحي ..وسألها ..مين راح يوديكم ؟
نهضت من الكنبة وهي تجيب : السايق وزوجته .
هز رأسه بإيجاب وسار بصمت لغرفة النوم أما أمل اتجهت للباب لتخرج لشادن التي لن تتركها بسلام بسبب تأخرها عليها وعندما ركبت بجوارها لم تدعها حتى لتقفل الباب وانهالت عليها بالشتم والسب المازح ولم يكن من أمل سوى أن تضحك بخفوت على شادن التي وكأنها تشتعل من قهرها وزادت إشتعالاً عندما سمعت ضحكت أمل وضربتها على كتفها بحنق ففلتت ضحكت أمل وكتمتها بسرعة وتبعتها ضحكة شادن هي الاخرى ونسيتا ما حدث بعد ذلك وهما تتحدثان .
أكملتا التبضع على أذان المغرب فذهبتا لتصليا في مصلى النساء وعندما انهتا الصلاة اتصلت شادن على السائق فأتى ثم عادتا للمنزل وقد أنهكهما التعب وتمددتا في الصالة بإرهاق وحولهما أكياس المشتريات .
بعد لحظات دخلا أم طارق وزوجها ونظرا للفتاتين فتنبهتا لهما فستوت أمل جالسة وهي تبتسم بخجل أما شادن فبقيت كما هي لم تتحرك أخذ الوالدان يسألانهما عن سير تسوقهما وأخبراهما عما اشترتاه وجلسوا كذلك حتى أتى طارق وأكملوا جلستهم بأحاديث ممتعة لكن أمل لم تكن لتستمتع وهي تشعر بنظرات طارق لها والتي أشعرتها بالضيق وهي تتسائل في نفسها "إيش فيه هذا يطالع فيني كذا ياا ربيييي شككني بنفسي الظاهر بقوم أحسن من أني أكون متوترة ويلاحظون علي هذا الشيء" فنهضت وهي مبتسمة بتوتر قائلة : عن أذنكم بروح أصلي العشاء وأرفع أغراضي .
أذن لها الجميع وسارت بعد أن حملت أكياسها متجهة للمصعد وتبعتها شادن على الفور وركبتا معاً ثم أفترقتا كل واحدة لجناحها .
******
مرت الأيام التي تليها رتيبة هادئة بدأت فيها الدراسة وأنتظمت أمل بها وتعرفت على العديد من الصداقات المميزة وانظمت لجماعة المصلى وكانت تهتم كثيراً بالإشتراك بالأنشطة الدعوية مما جذب الكثير من الفتيات الاتي تجاوبن معها بسبب أسلوبها الدعوي المميز الذي أكتسبته من معلمتها الحبيبة (أم نهى) وأستمرت تحاول لفت إنتباه الفتيات اللاتي غيرن من هيئتهن بما يسمى (البويه و الإيمو) وكانت تحاول بمساعدة صديقاتها بأن يوزعوا نشرات لتصحيح مفاهيم هؤلاء الفئة وقد أحرزت بعض التقدم وبمزيد من الجهد ستنجح بإذن الله .
أما بقيت يومها كانت تذهب للجلسات النفسية بعد العصر وكذلك تذهب لوالدها مرة كل ثلاثة أيام ولم يحدث أي شيء مميز في هذه الأيام سوى إخبار والدها لها بأن سلمى وقعت تنازلها عن المنزل ونقل لملكيته وعندما سألته كيف حدث هذا لم يجبها بل لاذ بالصمت مما عزز شكاً لديها أن هناك سراً كبير خلف هذا الأمر وما أكد ذلك كثرة تواجد سلمى في المنزل ولكنها لم تستبين منه بشيء بل أعزت للزمن بإظهار المستور ، و في الإجازات الاسبوعية كانت تذهب برفقة شادن و شهد للسوق لشراء مستلزمات زواج شادن والذي قد قرب موعده .
أما علاقة أمل بطارق فأصبحت بتحسن مستمر مع تقدمها في العلاج فقد زال الخوف والتردد وحلت الثقة في نفسها وأصبحت تجلس مع طارق بثقة وتتناقش معه في أمور كثيرة مما زاد التفاهم بينهما وزاد طرداً في مشاعرها جهة طارق الذي كان قلبها ينبض خوفاً منه أما الآن فينبض على نحو آخر عند رؤيته أو سماع صوته فقط .
*********
بعد شهرين ...
عادت من المستشفى برفقة طارق التي تبرع اليوم بتوصيلها وقد كانت تسير بهم السيارة بهدوء على غير العادة وكل واحد مستغرق بأفكاره فقد كانت أمل تتذكر كلمات ريم لها قبل أن تغادر والتي ما زالت ترن برأسها وهي تنظر للأمام حتى أنها لم تنتبه لتوقف السيارة إلا عندما سألها طارق بقلق لمسته : أمل خير صار شيء اليوم عند الدكتورة ؟
انتبهت له من سرحانها ولاحظت أنه توقف عند المنزل فرفعت غطائها والتفتت له وهي تبتسم بتصنع : لا أبد مافيه شيء بالعكس الأمور ماشية تمام الحمد لله .
رد لها طارق بابتسامة : الحمد لله ..وسألها .. بقي شيء ما جهزتيه للملكة والزواج؟
أمل بهدوء : لا خلاص جهزت كل شيء الحمد لله ..وسألته.. ليش ؟
رد بهدوء : عشان إذا تبيني أوصلك السوق تكملينها .
قالت بامتنان : مشكور وما تقصر ..صمتت برهه وسألته .. راح ترجع المستشفى ؟
رد بذات الهدوء : إيه الحين رايح .
أمسكت أمل بمقبض الباب وهي تقول : أجل ما راح أأخرك ..نزلت من السيارة وقالت قبل أن تغلق الباب .. مع السلامة .
واستدارت متجهه للمنزل بعد أن سمعت رده عليها وسار باتجاه البوابة الخارجة وهي بالإتجاه المعاكس .
دخلت غرفتها ووضعت العباءة على المشجب وتمددت على السرير وهي تفكر بما قالته ريم وعاد يتردد في ذهنها ما قالته (أمل أنتي تقريباً خلصتي العلاج فوقت قياسي ماشاء الله عليك بصراحة أول مرة تجي عندي وحدة بعزيمتك وإصرارك وإيمانك بأن الله راح يساعدك وعشان كذا الحين يا أمل تقدرين تعيشين حياتك بدون خوف أو توتر أو أي إضطرابات وإذا حسيتي بأي شيء جوالي وعيادتي مفتوحة لك ومتى ما احتجتي أي شيء أو تستشيري عن أي أمر قلبي يسمعك قبل أذني أما الحين الباقي عليك أنتي أبيك تشتركين بمنتديات وتتفاعلين مع المجتمع وكمان أبيك تثقفين نفسك كثير وتبعدين عنك أي محبطات أو مثبطات لعزيمتك وبكذا أقولك أن اليوم آخر جلسة معي ) لحظتها أحست أمل بمشاعر مختلطة بين الفرح والحزن فقد فرحت كثيراً بأمر شفائها وأحزنها فراق ريم التي عدتها أكثر من أخت وقبل أن تودعها تبادلتا أرقام الهواتف والعناوين على أمل أن تلتقيا قريباً وقد دعتها أمل لحظور زفاف شادن فوعدتها بأنها ستلبي الدعوة وبرفقة إبنيها وافترقتا .
نهضت أمل وهي تستعيذ بالله من الشيطان وقد سمعت صوت أذان العشاء فأخذت تردد معه ثم نهضت لتصلي .
*****
اليوم التالي ..
ملكة شادن وعبد الرحمن ..
أتت الكوافيرة للمشغل الملحق بالمنزل بعد المغرب وبدأت بتزيين شادن التي كانت متوترة وخائفة وكانتا أمل وشهد تضحكان عليها وهي تصرخ عليهما أن يصمتا ولكنهما لا تستجيبان لها وعندما انتهت المزينة من عملها كان العشاء يؤذن فصلت شادن ولبست فستانها البسيط واللذي باللون التركوازي القاتم والذي عكس على بشرتها وزادها رونقاً وكان مكياجها ناعم يندمج به الزهري والتركواز وأحمر شفاه زهري لامع فأصبحت رائعة بحق أما شهد وأمل فلبستا فساتين ناعمة جداً ووضعتا لمسات المكياج لنفسيهما لأن الحفل بسيط ويقتصر على الأهل والجيران ورغم ذلك أصبحتا نجمتين وتميزت أمل بفستانها العودي والذي أبرز بياض بشرتها بتألق وجمال .
بعد صلاة العشاء تم العقد على خير واستمر الحفل البسيط والفخم بنظام إلى أن أعلنت أم طارق للحظور بالتوجه للبوفيه بينما كانت أمل وشهد تتأكدا من زينة شادن التي أُدخلت لمجلس آخر حتى يدخل عبد الرحمن عندها وكانت في أوج توترها وقد بردت أطرافها فقالت أمل تحاول تهدأتها ببتسامة مطمئنة : شدو حياتي خفي شوي على نفسك بلاش هالخوف كله .
فقالت شهد مؤيدة : صادقة أمل كذا راح تضري نفسك وتتلفي أعصابك هي أول شيء تتوتري وبعدها عادي راح تتأقلمين معه يلا حياتي أبي أشوف إبتسامة كرست ..وابتسمت لها بحب ..
أخذت شادن عدت أنفاس حتى تضبط أعصابها وأغمضت عينيها بمحاولة لإبعاد التوتر عنها وعندما أمسكت زمام أمرها فتحت عينيها وابتسمت بامتنان و قالت لهما : شكراً بنات .
وقبل أن تجيبا صاح هاتف شهد فالتفتوا لها وهي ترد بهدوء : هلا طارق ..خفق قلب أمل لسماع أسمه وقد تملكها الشوق لرؤيته فهي لم تره اليوم وسمعت شهد وهي تقول .. خلاص قل له يدخل أحنا راح نخرج الحين .. مع السلامه ..التفتت لأمل وهي تقول .. أمل يلا نخرج عبد الرحمن راح يدخل .. و التفتت لشادن بابتسامة .. ها شدو زي ما اتفقنا ..وابتسمت لها الفتاتان متمنيتان لها التوفيق وخرجتا ولم تمضي سوى نصف دقيقة حتى دخل شخصان رفعت رأسها ورأت أنهما طارق وعبد الرحمن فأخفضت رأسها حياء وخجلاً ألقى الرجلان التحية فردت عليهما بهمس ربما لم يسمعاه تقدم طارق أولا فقبل جبينها وقال بفرحة : مبروك شادن .
ردت بذات الهمس : الله يبارك فيك .
ابتعد طارق وتقدم عبد الرحمن المشدوه من جمال ورقة عروسه قبلها على جبينها وابتعد وهو يقول بصوت أجش هامس : مبروك ياعمري .
كست الحمرة خدي شادن من الخجل بسبب صوته وكلمة "عمري" التي تفوه بها فردت عليه بهمس وربما أقل من الهمس : الله يبارك فيك .
جلس بذات الكنبة التي تجلس عليها وهو يبتسم بفرح بادره طارق يقول ببهجة : ألف مبروك لكم وعقبال الزواج .
رد عبد الرحمن بسعادة : الله يبارك فيك ..وأكمل بمزاح .. ويلا ما ودك تفارقنا .
طارق بعبوس مصطنع : أفاااا تطردني وأنت متزوج أختي طيييب أنا أقول للوالد يلغي الزواج لين تعقل ..واستدار وهو يبتسم وخرج وهو يقول بغضب مصطنع.. الحين تشوف .
استدارت شادن تقول بلوم خارج عن إرادتها : ليش زعلته يلا روح راضه .
ضحك عبد الرحمن بقوة : هههههههه ..فنظر لشادن التي تتطلع له بحنق وضيق فتمالك نفسه وقال بذوبان .. أموووووت أنا على الحنونه ..خجلت شادن منه وطأطأت رأسها بخجل فأكمل وهو يرفع رأسها ويبتسم .. يا عمري أصلاً هو ما زعل بس كان يمزح أنا أعرف حركاته .
زاد خجل على شادن بسبب نظراته لها فأبعدت يده برفق وأخفضت رأسها فصاح بهزل : لااااا حرااام عليك تحرميني أشوف هالجمااااال .
ابتسمت وهي خجلى من حركاته المرحة وأسلوبه الرائع وبعد دقائق بدأت بالتأقلم وانخرطت معه بالحديث حتى كادت تنسى خجلها منه إلى أن أتت أم طارق لتسلم عليه وأتت بعدها المصورة التي التقطت لهم عدت صور ثم تبادلا الأرقام ومد لها بكيس صغير وفخم وهو يودعها فأخذته منه ثم خرج .
****
تمددت على كنب الصالة بتعب وإنهاك من حفل اليوم فقبل نصف ساعة غادرت آخر المدعوات ثم تلتها مغادرة شهد فذهبت هي لشادن بغرفتها وأخذت أخبارها وأرتها هدية عبد الرحمن المكونة من صندوق صغير مغلف بطرقة رائعة فتحته وكان يحتوي على علبة أخذت نصف حيز الصندوق به طقم من الذهب الأبيض ناعم وجميل وعلبة أخرى بها عطر مسجل بماركة عالمية وساعة بألماسات تتلألأ بروعة وفوقها كرت به كلمات رقيقة مهداة لعروسة ، ثم جلست تحكي لها شادن عما حدث بينهما ثم باركت لها أمل مرة أخرى وودعتها لأنها متعبة .
انتبهت أمل لحركة مزلاج الباب فجلست بعجل وظهر من خلف الباب طارق الذي نظر لها مباشرة مأخوذاً بجمالها فتقدم وهو يلقي التحية فردت عليه بخجل وقلبها ينبض بعنف من مشاعرها للماثل أمامها فوقفت بسرعة عندما تقدم لها وأصبحت عينيه ترتكز عليها ولم يزيحها وكأنه غرق بها ولا يستطيع النجاة منها ثم تقدم خطوة فخطوة حتى وصل إليها وأصبح محاذياً لها فسألها بنبرة غريبة وعينيه تلمعان : ليش ما قلتي لي أنك خلصتي الجلسات ؟
تلعثمت أمل وأغمضت عينيها التي كانت أسيرة لعينيه وقالت مبرره بعد أن تحمحمت : أحم .. أحم ..نسيت عشان انشغلنا وو... ..وصمتت ولم تجد أي كلام مناسب وقد كانت مطأطأة رأسها فأحست بسبابته تحت ذقنها ورفع رأسها ففتحت عينيها فرأت كلام كثير يجول بعينيه ولكنه لم يتكلم إلا بعد لحظات خالتها دهور ..
طارق بصوت أجش هاااادئ : أمل اليوم أنتي جنــــــااان .
*******
خرجت من الحمام (كُرمتم) وهي ترتدي بجاما حريرية باللون الأصفر وعليها كتابات باللغة الصينية بالعودي ولفت شعرها بمنشفة حال خروجها اصطدمت عينيها بعينين تنظران لها بتمعن أكتست خديها بحمرة الخجل وأخفضت عينيها وهي تبتسم له وذهبت لمرآة التسريحة لتجفف شعرها فسمعته يقول : أمل ماقصيتي شعرك من قبل ؟
ردت عليه أمل وهي تستدير لتواجهه فوجدته أمامها مباشرة فتساءلت كيف أتى بهذه السرعة فأجابته بخجل وتوتر : لا ما قصيته قبل بس كل نص شهر أقص حوافه .
طارق بهدوء وأمر : أها ، لا تفكرين تخلينه قصير أبد طيب .
هزت أمل رأسها بطاعة وقالت : طيب ..فانصرف ذاهباً ليتوضأ استعداداً لصلاة الفجر ..
عاد طارق من صلاة الفجر وطلب من أمل إعداد الفطور فسألته مستغربة : ليش أنت موب صايم اليوم ؟
نظر لها بغرابه : صوم ؟ ..وضرب رأسه براحت يمينه متذكراً وهو يقول .. أوووف كيف نسيت صيام العشر ..نظر لأمل بامتنان وقال برقة .. جزاك الله خير على أنك ذكرتني أصوم .
أمل بهدوء : وإياك ..وسألته.. ما أكلت أو شربت شيء ؟
أجابها وهو يخلع ثوبه ويسير باتجاه السرير : لا ما أخذت شيء ، بنام شوي لما يجي وقت الدوام ..وأكمل آمراً برقة .. يلا تعالي نامي .
أطاعته أمل وهي خجلى .
*****
مضى أسبوع والأوضاع بين طارق وأمل مستقرة وقد أنسجما معا بشكل رائع فانعكس ذلك عليهما فأصبح طارق ىبدو أكثر راحة وسعادة و على أمل التي كانت مشرقة الوجه وعينيها تتلألأن من سعادتها وراحتها وقد لاحظ الجميع التغير الذي حصل لهما ، أما شادن فأنهت استعدادها خلال الأيام الماضية لإنتقالها للحياة الزوجية والتي ستبدأ رحلتها اليوم وقد توطدت علاقتها بعبد الرحمن حيث كانت المكالمات الهاتفية بينهما مستمرة حتى آخر الليل .
****
زواج شادن وعبد الرحمن ...
مضى الزواج كما هو مرتب له وكان قمة بالفخامة والترتيب وما ميزه خلوه من المعازف والغناء الفاحش فأصبح أكثر هدوء وراحة ، كانت شادن كالبدر في تمامة في جمالها الآسر وطلتها الرائعة ، أما أمل فبدت كالنجمة متلألئة تلتف الرقاب لمرورها كانت متميزه بحق بفستانها الزهري الرائع ومكياجها البسيط والذي جعل إطلالتها أجمل .
زُفت شادن بعد إنتهاء الحفل إلى سيارة عبد الرحمن المزينه بالمعجون والأزهار والشرائط الملونة المتوقفة أمام بوابة القصر ركبت بهدوء إلى جانبه في الخلف أما من يقود السيارة فكان أخو عبد الرحمن الأصغر الذي حياها وبارك لها باقتضاب فردت عليك كذلك باقتضاب وسارت السيارة لمدة عشر دقائق ثم توقفت أمام فندق خرج عبد الرحمن واستدار لبابها وفتحه ثم ساعدها على النزول وسارا معا للوبي الفندق استلم بطاقة الجناح من موظف الإستقبال وسارا بصمت واستقلا المصعد حتى وصلا للطابق المقصود أمسك بيدها وسار بها لجناحهما فتح الباب ودخلا ثم أغلقا الباب بعدهما >>طقيت الباب عليهم فتح لي عبد الرحمن وكشر فوجهي استحيت منه قال : تبين مين ؟
قلت : أبي شادن .
تأفف وهو يدخل ونادى شادن اللي خرجت لي بعد ثواني وهي تقول : خير إيش تبين ؟
قلت لها بمكر : أبي أدخل عندكم أبي أشوف أكشن .
استحت شادن وقالت : لا ما فيه أكشن، تبين تعرفين وين الأكشن ..هزيت راسي بمعنى إيه قربت وهمست لي فأدني بمكر.. روحي لأمل وطارق أكيد عندهم أكشن .
طالعت فيها بمكر وقلت : خلاص بروح عندهم .
قالت بسرعة وهي تقفل الباب : طيب مع السلامة .
رحت لطارق وأمل ولقيت الباب مقفل الظاهر إني تأخرت يلا خيرها بغيرها >>خخخخخ >> بســ أمـ(g)ـل ــمة
********

في صباح اليوم التالي ..

استيقضت أمل فنظرت لموضع طارق فرأته فارغ فرفعت بصرها للساعة ورأت أنها تجاوزت العاشرة صباحاً فنهضت بعجل ودخلت الحمام (كُرمتم) ونظفت أسنانها وتحممت بعجل وتوضأت وخرجت وفرشت سجادتها وشرعت بصلاة الضحى ..
بعد أن أكملت صلاتها لبست ونزلت حيث مكان إجتماع العائلة فوجدتهم يتبادلون الحديث بهدوء وقد لاحظت عليهم بعض الحزن على فراق شادن التي كانت تملأ المكان بهجه سلمت وجلست بهدوءكما هو الحال واستمرت الجلسة حتى سمعوا الأذان الأول للجمعة فنهضوا حتى يستعدوا للصلاة وقد سارا طارق وأمل لجناحهما وعندما دخلا بادرت أمل تقول بهدوء يشوبة بعض الحزن : أهلك واضح عليهم أنهم يفتقدون شادن .
التفت لها ورأت في عينيه لمعة الدموع وقال بصوت خشن يبعد فيه أثر لمشاعره :أيه مره حزينين على فراقها وأمي كانت تبكي بس أنا وأبوي حاولنا فيها لما سكتت ..صمت لحظه وأكمل .. هذي شادن ملح البيت .
ردت أمل بمرح تحاول به إبعاد الحزن المخيم عليه : أفااا إذا شادن ملح أنا إيش أصير .
نظر لها طارق وهو يستعد لدخول الحمام (كُرمتم) و يبتسم بغموض : أنتي السكر والحلا كله ..وأغلق الباب خلفه تاركها مصدومة بل متجمدة من الصدمة ولم تنتبه من صدمتها إلا عندما توقف صوت إندفاع الماء فتحركت وهي تكاد تذوب من الخجل وعندما خرج لم تنظر لعيني طارق بل كانت تعطيه ملابسه وتعطره وهي لا تنظر لعينيه أبداً حتى سمعت ضحكته فنظرت له بغرابه ومازال وجهها يكسوه إحمرار الخجل فازدا ضحكه وقال وهو يدافع الضحك : أنتبهي لا تموتين من الحيا كل هذا الخجل عشان كلمه خلاص هههههه يا كلمة ردي مكانك ههههههااي .
نظرت له بغضب وهي تضع يمينها على خصرها وتهتز باصطناع وهي تقاوم البسمة التي رسمت رغم عنها على شفاتها وقالت بدلع لائق : لاااا والله .
ابتسم بغموض وأقترب منها وهو يقول : قسم بالله إنك طفله وأحلى طفله كمان .

يتبع ,,,,

👇👇👇


تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -