بداية

رواية مقيده بالاحزان -10

رواية مقيده بالاحزان - غرام

رواية مقيده بالاحزان -10

أجتاحها شعور بقلة الحيلة, وهي ترى عمتها لا تريد أن تتزحزح عن قناعتها الشخصية بأن الدخيل هو المنقذ, أغرقت وجهها بين موجي كفيها, وهي تزفر بيأس, حين عاودت عمتها تحث الخطى نحو طريق القناعية التي شعرت أم سيف بأنها قد دنت منه, فقالت بحنان الأم الصافي, وهي تربت على ذراعي شمسة المتصلبتان من العجز المضرج بريح الغضب المنغرسين بداخلها:
- حبيتي, أنت ما تثقن بي, وبقراراتي؟ أنت هل تشكين ولو لثانية بأني برميك لمكان ما فيه مصلحتك وراحتك؟! أنا مستحيل أعمل هالشيء, لأنك أنت بنتي, بنتي.
وأخذت تهزها بعنف لتوقظ روح الابنة المدفونة بداخلها
بعد أن تولت عرش هذا الجسد روح الأمومة
فنست ذلك الجانب مع الأعوام الراحلة
ببطء سطعت عينيها من وراء حاجز كفيها
الهاربان ببطء عن وجهها
لتجد بريق الفرح قد سلبه بهوة الدمع المتراكم في عيني أم سيف
فيغرس خنجر الوجع في قلبها
فتهز رأسها بلا
وتقول بصوت هزه زلازل العبرات:
- أعرف أنك ما تريدين لي إلا كل خير.
فنكست جفنيها خجلا
لتعود البسمة تعانق شفتي أم سيف, ويتهلل به لسانها:
- عيل خلي هالأمر عليه, بروح أنا بنفسي بسأل عن حميد, وعلى أساس إلي نلاقيه عنه بنقرر, وش رايك؟
عززت قواها النافذة بتكدس الهواء في صدرها
الذي طرده من فوره
جارا معه كلماتها الباهتة الروح:
- إلي تشوفينه عمتي, إلي تشوفينه.
لتزيد أم سيف من حجم بسمتها
وتقول بنشوة الانتصار الذي بات يلوح بالأفق, وهي تجذبها إلى صدرها, المتنفس الصعداء:
- هذا الكلام الصح يا بنتي, هذا الكلام الصح, أنا حاسة بأنه حميد ريال الزين, وما بنلقى عنه إلا كل خير إن شاء الله, وبإذن الله بتم هالعرس, وبتنحل كل مشاكلك, وبتعشي حياتك مثل كل هالحريم.
لا تعلم لما عبرت ابتسامه ساخرة على شفتيها
وهي تسمع كلام عمتها الطائرة من الفرح
ومن ثم حررتها من حضنها
وقالت بحماس :
- يلا شمسه خلينا ندخل الغرفة, تلقين العيال حايسين ( قالبين ) الدنيا هناك.
وأخذت تومئ رأسها جهة باب الغرفة المغلق
لترد عليها بهز رأسها بمعنى نعم
وابتسامة منكمشة تعلو شفاهها
لتتقدم عليها أم سيف بالمسير وتدخل
أما هي فأخذت تمشي بتثاقل
فمشاعر كثيرة هجمت عليها مرة واحدة في فترة وجيزة
لم تهيؤ نفسها لهن
وصلت للباب أخيرا بعد زحف طويل
ولم تقدر أن تمنع نفسها من رفع رأسها جهته
لتقع عيناها على تلك العينان المتسعتان
واللهفة تلتهم وجهه
لتسرح بدون وعي في عالم آخر
لم يرق لنفسها الصارمة
التي قيدتها بقوانين منذ أعوام ست
بعد رحيل زوجها وأبو أولادها والأهم حبيبها
فهربت من ذلك العالم بفرار عينيها من مرآه
واندفاعها لداخل الغرفة
ليتلقفها ولديها التوأم بشغف ولهفة
وينسيانها ولو لدقائق معدودة
بئر الحيرة الذي قذفت به مجبرة
حاولت بأن تلتهم الهواء الهارب منها
وهي تفتح سحاب ياقة عباءتها المقيد لعنقها
وتحرر رأسها من غطاءه
لعل الأكسجين يتكرم عليها
فيعيد دورته في عروقها
فيغذي روحها التي تشعر بقبضتها بجسدها ترتخي بينبوع الحياة
لكن لا جدوى من محاولاتها
ما دمت قذائف الأمس
تتساقط على خلدها
فتفجر الذعر في خلاياها
كهذه الذكرى
مشت إليه بتقعص
بخنوعٍ خائف
يُرعش ساقيها
التين تشعر بإنشداد عضلاتهما
فهي تعلم يقينا بأن ما هي مقبلة عليه ضرب من الجنون
لكن ماذا تفعل ؟
أمام إصرار عمتها
التي في اليوم التالي جاءتها محملة بالأخبار
التي بانت على وجهها منفجرُ الأسارير بأنها أخبار تسر خاطرها
فدفعتها للخطوة التي لأول مرة يتفق كلُ من عقلها وقلبها على عدم المضي فيها
لكن ما الحل؟َ
ما البديل؟
وما الخيارات المتاحة لها؟
وهي ترى ابنتها مريم تذبل؟
وهي لا تقوى على فعل شيء
وكذلك
حماس عمتها
ودفعها لها بكل جوارها لاتخاذ هذه الخطوة
خاصة بأن ما سمعته عنه
كان كل خير
والجميع يثني عليه ويمتدحه
بدا لها من كلام عمتها بأنه كملاك يعيش على الأرض
أمعقول أن هناك شخص بهذه الصفات يوجد في هذا العصر الملوث بمساوئ الأخلاق؟
سألت نفسها
لتجد الجواب لأول مرة
يقف ليتصدى لسؤالها
بقوله لااااااا بأعلى صوته
في رحاب عقلها الذي لم يعد يقوى على التفكير أكثر
فقد استنفذ قواه
وهو يدوخ في دوامة الحيرة
التي لازمتها في الآونة الأخيرة
وكله بسبب هذا الشخص المسمى حميد
والذي يبعد عنها بضع خطوات
تيبست مكانها للحظة
فالتردد وصل حدة الأقصى في داخلها
ألتفتت لخلفها
وصرخت الصوت الواحد المدوية من قلبها وعقلها
تهز أركانها
فتبعث التراجع في جسدها المقود بكلمات عمتها والخوف على ضناها
لكن في جزء من الثانية
غرست تلك الصورة الأليمة
لجسد مريم الساكن سكون الموت
في عقلها المتخم بالأوجاع
فيدمي قلبها
ويسكت صرخات الاحتجاج
الصادرة من عقلها وقلبها
الذي تسارع نبضه
غرست أظافرها حيث قلبها المرتاع
يحبر صدرها على القفز والهبوط بتسارع
وأسدلت ستار جفونها
وأخذت تأخذ نفسا عميقا وتزفره بعمق أكبر
فتبعث الخدر على مشاعرها الفاتكة بها
من قمة رأسها حتى أخمص قدميها
فهذا هو الحل الأمثل لكي تنهي هذا الجحيم الذي تتقلب على جمرة
عندما شعرت بأن مشاعرها المتضاربة قد خمدت جزئيا
وضعت قناع الهدوء والسكينة
وعادت تدور نحوه
حيث كان جالسا كما قال لها بالأمس
وهذا الذي أثار علامة استفهام كبيرة في فكرها
لكن على فورها نفضت ذلك التسؤل الذي بدأ ينخر في عقلها كسوس
فهي تريد أن تريح بالها تماما
حتى تستطيع أن تفضا كليا له
لتستنبط حقيقة هذا الغريب الذي عصف دخوله بحواجزها التي كانت شامخة لسنوات
فهدها بأيام قلائل
باتت واقفة على مقربة منه
لكن هو لم يلحظها
فقد كانت شارد الذهني
حاني الظهر للأمام
ساند ذقنه الملتحي
على كفيه المتشابكان
المستندان بكوعهما على فخديه
لم تعلم كيف تبدأ الحديث
أو كيف تثير انتباه لوجودها
فما كان منها إلا أول حل مر بخلدها
فاتحن حنت
لينتفض جسده الجامد
ويفز قائما
وهو يرى صورتها تنعكس على شبكته البصرية
ويقول
وقد تملكه الخجل
فأجبره على تنكيس رأسه قبل بصره:
- السلام عليكم شمسة, كيف حالك اليوم؟
دفعت تلك الكلمات المتحشرجة في قصابتها الصوتية, فقالت:
- وعليكم السلام, أشوفك هني, أنت عايش في المستشفى؟!
أشتدد خجله من كلماتها
فزاد من أنحناء رأسه
وأخذ يفش حياءه بأنامله المندسة بين جذور شعرة الأسود الخفيف
المتعري من غطاءه الكاسي له على الدوام
والذي كان يفترش الكرسي المجاور للكرسي الجالس له
وقال بصوت دنت نبرته:
- تقدرين تقولين كذيه.
وابتسم باقتضاب
رفع عيناه جزئيا
مترقبا جوابها ألطواق لسماعة
لكن انتظاره طال
فهي توقف عن الحديث المباح
فقد اهتزت الصورة القوية التي سعت لأجل أن تتسلح بها
فجاهدت لثباتها
وهي تغذيها ببقايا قواها
عندما وجد أن وقت الانتظار طال عن حده
رفع رأسه
وعض على كلى شفتيه
ماصا بهما توتره
من القادم
ومما هو مقبل على قوله
ومن ثم قال بصوت مهزوز :
- وش قررتِ شمسه؟!
ازدردت ريقها الذي بدا لها كالسكاكين الجارحة لحنجرتها
التي أخرجت كلماتها الدامية:
- في الأول ( أحست بأن صوتها يخونها, فأهطلت عليه ما قويت عليه من قوة, لعله بتراجع عن فعله المشين لها) في الأول لازم استفسر منك عن أشياء.
أحس ببصيص أمل ينعش روحه الخائفة, فقال وابتسامة نظرة تبرق من شفاهه:
- استفسري مثل ما تريدين.
وأومأ برأسه لها بالجلوس على الكراسي المرصوصة قرب بعضها البعض , وهو يحثها بكلماته:
- تفضلي قعدي
تلفتت من حولها
وأحست بأعين المارة تلهب وجهها بالخجل
فهزت رأسها برفض
وقالت:
- أنا مرتاح كذيه.
ليقول والبسمة لم تتزحزح عن عرشها:
- على راحتك, عن أيش تريدين تستفسرين؟
لتدج الكلام مرة واحدة, فالتأخير يعني هوانها وانتصار قوى التردد عليها:
- عن البنت إلي طلقتها قبل عرسكم بأسبوع, أيش السبب؟
عادت روح الوجيعة تتلبسه
على ذكرى الحبيب
والجرم الذي أقترفه بحقها
فأضناه الألم
وقال وهو يتنهد بحرقة تلهب حروفه النابس بها:
- أعتقد أني قلت السبب لخالتي أم سيف البارحة.
لترد بجرأة غير مسبوقة منها:
- بس أنا أريد أسمعه منك.
رفع رأسه وهو يمسح وجهه
محاولا تمالك أعصابه الذابلة بجفاف حرقة النفس اللائمة لفعله الشنيع بمن سكن قلبه وتربع على عرشه
ومن ثم قال بصوت بهت لون نبرته:
- البنت ما كان يعيبها شيء, بس ما صار نصيب.
أشهرت ضوء عينيها المستجوبتان له, وقالت ودم الجرأة يسري في عروقها:
- من كلامك أفهم بأنك أنت السبب, صحيح إلي قلته؟!!
أحس بأنه على صفيح ساخن
يلهب فوأده
الملتاع
فهو منذ أن أطلق رصاصة الرحمة على ريم
لم يجرأ حتى على فتح ذلك اليوم المشئوم
لهذا أراد أن ينهي سكيب أسألتها
الضاربة للحصون التي بناها
لكي يحمي نفسه من ذكرى ريم
فقال بصبر نافذ
حد من نبرة صوته, فهرب بسببه الخجل مذعورا, وهو يمسح كفيه ببعضهما لعله يخفف من وقع انفجاره عليها :
- أيوه ... ( قلها وكأن روحة تنزع من جسده, فيتضخم هديل قلبه الجريح, فيضع كفيه الملتصقان الذين سرت بهما ارتعاشة, انتشرت في سائر كيانه الشاعر بالوجيعة لفتح الأبواب المغلقة, لتنتشر الأسرار المكتومة في الصدور ) بس أهي ... ( أخذ ينشق ما تيسر لرئتيه من أكسجين نضب بهما, وقال زافرا الكلمات السامة المضاهية للما صحبها من غاز قاتل ) بس أهي مالها ذنب, أهي ( شعر بقبضة البكاء الباردة, تجمد حرارة كلماته, فتحنحن لعله ينفض تلك القبضة بعيدا عن حنجرته , وأكمل بكلمات متسارعة الخطى, لإنهاء عذابه السقيم )
- ما سوت شيء, وأنا ... وأنا ..
شعر بسخونة تتفشى في عيناه
فحاول أن يحمي رجولته
بعدم ذرف الدمع
الذي ناضل من أجل ألا يرى الحياة
منذ قضى على الحبيبة
تجلى لها الصراع الذي هو غارق فيه
لكن لا بد من جواب
جواب يسد ريقها
ويشبع قلبها بغذاء السكينة
لهذا حثته على الحديث, بقولها:
- أنت شنو؟!!
بسؤالها هذا
تتجاوز الخطوط الحمراء
التي حتى أعز الناس إلى قلبه
نهرهم عن تخطيه
ا
ودفعهم عنه بعيدا
وتخلى عنهم
وجعلهم يكرهونه
فمستحيل
أن يسمح لهذه الغريبة
بأن تحصل على شرف تجاوزها
مستحيل
فخرج السبع الثائر الذي تغذى منذ أكثر من أسبوع طعم الوجع والمهانة والانكسار
وهو قابع وراء قضبان الصمت
لكن لا صمت بعد الآن
فغضبه
أضخم من أي قوى
في العالم أجمع
فكسر حاجز الصمت
وكشر عن أنيابه الحادة
على أول فريسة رأها أمامه
وهذه الفريسة كانت شمسة, التي زمجر بها, فهز أوصالها بكلماته :
- شمسة, أعتقد أني ما سألتك, عن ماضيك, ولا بسألك, لأني أنا أفكر بشيء وحاد, وهو ذيك المسكينة إلي بين الحياة والموت( ليشهر حد أصبعه السبابة أمامها, مشيرا إلى غرفة مريم التي لا تبعد سوى بضع أمتار عنهما ) وإلي كما يبدو بأنك أنتِ مو مهتمة بمصيرها, وعاجبنك الحالة إلي هي فيها..
لتشخص عيناها بوقع صاعقة كلماته التي كالفأس الشاطر لقلبها لقسمين
ويكمل كلامه غير آبه باللآلئ المنبثقة من محجري عيناها
والذهول الماص لوجنتيها:
- ما دام كذيه , فالأحسن أروح, وأريح راسي, إذا كان أهلها إلي من لحمها ودمها مو مهتمين ليش أنا أهتم, وأضيع حياتي أفكر بها, يلا مع السلامة, وإنسي يوم أنك عرفتيني, أو أني طلبت أيدك, عشان بس أنقذ مريم, والله شاهد على كلامي.
وأعطاها ظهره
ومشى راحلا عنها صوب المصعد
وهو لا يعلم كيف سيطرت عليه تلك القوة المتجردة من العاطفة
وهي من هول كلاماته التي كانت بمثابة شاحنة تلتطم بها
فتهشما
وتجعلها أشلاء متناثرة
ضائعة
في دوامة الألم
الشالة لجسدها بأكمله
نفخت روح الحياة في أصابعها يديها التي لم تسلم من انتفاضة سقيع الصدمة
فصدمة كانت أكبر من الوجع
بل هي تتجاوز الوجع بأميال وأميال
رفعت يديها المستسلمة تماما لارتجاف
ووضعتها على فمها المرتعش هو الآخر
بريح البكاء
الزاخة بأمطار الدمع
المنسكب بغزارة من مقلتيها
أجتاح سمعها صوت المصعد
ففزت كل خلية في جسدها المنهار تمام
لتصرخ
فتجبر لسانها الراكد
على التحرك لنسج ما عجز العقل على إرساله:
- توقف...
خللت أناملها بين خصلات شعرها المشدودة إلى جهة الخلف حيث يستضيفها مشبك الشعر في جوفه
فتكشف عن عروق جبينها البارز
كأنه يبحث عن الأكسجين الذي شح في ممراته
بسبب أزمة الجزع الكاتمة لأنفاسها
لتتلق وهي في أوج جوعها لأكسجين يعيد الحياة لجسدها الشاحب بشحوب الموتى
القذيفة الناسفة من مدفع ذكرياتها لما تبقى لها من أمل في عودة الهواء إلى مجراه الطبيعي في عروقها الجرداء
كانت منبطحة على بطنها على سريرها, ساكبة دمعها على يدها المثنية أمام عينيها
جلست على طرف السرير
ومسحت على شعرها الطويل المصبوغ بظلمة الليل الصافي المنسدل على ظهرها
وهي تقول بصوت ينبع من قلب الأم الشاعر بحزنها:
- حبيبتي فطوم, ما بيصير شيء, هو بس زواج على ورق, بنسافر وبنعالج مريم , وبعدين بطلقني, ما في أحد بي
آخذ مكان أبوك في حياتي, وأنت أكثر وحده عارفة هالشيء.
قامت من لتنصب جسدها قاعدة, ولم تدر وجسدها صوب أمها, وهي تمسح دمعها من وجنتيها, قائلة بشهيق البكاء القاص لأطراف كلماتها الناطقة بها:
- إلي أعرفه الزين بأنك عندك ألف حر وحل, غير ها الحل لسفرة.
مدت الدهشة عيناها,وهي تهجم على ابنتها بيديها, وتجبرها على الالتفات لتواجهها:
- فاطمة , أنتِ تتكلمين كأنك ما تعرفين الظروف؟!!! أنت الكبيرة الواعية, تقولين ها الكلام؟!!!!
دفعت بوجهها نحو يمناها, وهي تدفع بصواريخ كلماتها نحو قلب أمها مباشرة:
- لأني الكبيرة, فأنا أعرف أنه عندك خالي محمد, تقدرين تسافرين معاه.
لتعلو نبرة صوتها من وقع الدهشة المتعمقة بداخلها:
- فطوم , أنتِ تدرين بأن يدك ما يرضى بأني أسافر من خالك.
لفت وجهها بسرعة البرق لأمها, ورمتها برمح عينيها الناطقة بلغة الاتهام, وهي تزار قائلة:
- هذا مو سبب مقنع يمنعك من عن تسافر مع خالي, أعترف بس, وقول الحقيقة, بأنك تبين تتزوجين منه, وقاعدة تتحججين بمريم.
أنقطع نفسها للحظة
وهي تحدق ببكرها بذهول سلبها حواسها
أرادت أن تقول شيئا
لكن لم تقوى على ذلك
فالكلمات تبعثرت في عقلها
فما جهر به صوتها سوى اسم ابنتها المشبع بعصارة الذهول:
فاطمة...-
عادت تنظر إلي ميمنتها
قبل أن
تقضي على أمها
بضربة القاضية
وهي تعيد أبصارها المتجبرة
على أمها المنتهية سلفا:
- أمي من الآخر, عندك خيارين, يا أمي تخلين عن ها الزواج, أو تتخلين عني وأتزوج بأحمد.
وشمخت بثبات وأجبرت الدموع المتكدسة في جفنيها على العودة أدراجها
فغر فاه شمسة
وهي تتلقى تلك الضربة الموجعة
حيث نقطة ضعفها
وتعيدها إلى القاع من جديد
بعد أنا كادت تصل إلى قمة الراحة
وسكينة النفس
بدأت شمسه تحرك يديها بعشواءية
فأفكارها مشتتة
من قذائف الصدمة التي تنهال عليها من ابنتها
وهي تقول والصدمة تبرز عظام خديها:
- أنتِ صاحية للي تقولينه يا فاطمة؟!!
لتهز رأسها بثقة لا تهز ريح التردد بالإيجاب
سندت رأسها الذي ثقل وزنه من أرطال الصدمة المتراكمة عليه بيديها
ورفعت مقلتيها صوب فاطمة
التي لم تشفق عليها
وقالت بنبرة عدم التصديق:
- ما تخيلتك لهدرجة أنانية يا فاطمة.
لترد عليها بكل وقاحة وقد تطاير الشرر من عينيها:
- أنا الأنانية وألا أنتِ؟ إلي قاعدة تستغلين بنتك المريضة عشان مصالحك الشخصية.
ليعمي بصيرتها اللا عقل
فتجد يدها تخلف أثرها على خد فاطمة الأيسر..
مدت يدها المتراقصة على أوتار الحزن
أمام عينيها
المفتوحتان إلى أقصى حدود لهما
فتتقلص المسافات بين النفس والأخر
يتسارع نبض قلبها كأنها ركضت مآت الكيلومترات
على تلك الصفحة السوداء في حياتها
التي لم تمر عليها قد من قبل
ولو حتى تفكر بها
ليأتي صوت علا على صوت أنفاسها الكارهة لجسدها الخانق لها بقبضة الروع
وهو صوت قرع الباب القابع على يسارها
ففوجه وجهها ببطء نحوه
لم تسعفها أحبالها الصوتية على عزف نبرة السؤال
فكتفت بنظر المتسائل بدون النطق
لتتوقف اليد عن القرع بعد طول انتظار عن مجيب
فيخترق حاجز الصوت صوت رجولي متسائل:
- شمسة, أنتِ بخير؟ تأخرتِ علينا, مريم بدأت تسأل عنك.
أرادت أن تصرخ بأعلى صوتها ( ألحقنـــــــــــــــــــــي ) لكن أحبال صوتها المتيبسة لم تفتح المجال لكلماتها للمضي لمسمعه
استعانت بيديها
التين طوقتا عنقها
كنها تريد بفعلها هذا أن تدفع بالكلمات للبلوغ بساط لسانها
لكن بلا جدوى
رجع صوته الرجولي, يحرك طبلتي أذنيها, لكن عابه نبرة الخوف:
- شمسة, تراني بدأت أخاف, ردي عليه, أرجوكِ.
استسلمت لدمع الذي نطق بما عجز صوتها عن قوله
وتنظر صوب المرآة المقابلة لها مباشرة واليأس يحتل تعابير وجهها
ليعمي بصرها صورته المضيئة
والخيبة الأمل تقطر من وجهه الحزين
لتتراجع خطوتين وانتفاضة الرعب تدب في أوصالها
فتصطدم
بجدار الحمام الذي كالقمقم
فتحرر تلك الصدمة كلماتها المحبوسة
فتندفع صرخة هزت أرجاء المكان كما هزت وجدانها:
سيفففففف... لااااااااااااا ... لاااااااااااااااااااا... أنا آآآآآآآآآآآآآآسفة...آآآآآآآآآسفة.


+++ يتبع +++
* ( القيد التاسع ) *
لا اصدق إني فعلتها ,ولا اعرف هل فعلت الصواب أم العكس؟!!
يا ترى هل سوف اندم؟!!

يتبع ,,,,

👇👇👇


تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -