بداية

رواية مقيده بالاحزان -7

رواية مقيده بالاحزان - غرام

رواية مقيده بالاحزان -7

صفعته صفحة البارحة
وذكرى مريم المقاتلة
ووعده لها
نظر نحو ساعة يده
ليجدها الساعة 12 ظهراً
فاتسعت حدقت عيناها
وقال:
- تأخرت عليها...
____
قامت من مجلسها
والدهشة تغضن وجهها
والصرخة تنبع من فمها:
- وشششششششششششششششششششششش ( ماذا ) ؟!!!!! وش هالكلام ؟!!
لتتبعها أم سيف بناظريها المصبغان بالتعجب, وقالت :
- وش فيك شمسة وقفتي كذيه؟ قدي وخلينا نتكلم .
وأشارت لها بالجلوس
لترد عليها وقد بدأت تهرب الدهشة أمام مسكت الغضب المقبلة على وجهها:
- وش نتكلم فيه عمتي؟! هذا صالح ما أعرف وش فيه, ين ( جن ) شكله, كيف يطلب يد فاطمة لولده, بعدها فاطمة ياهل, سمح لي عمتي, هالموضوع منتهي.
عندما يأست من أن تجلس بقربها
استسلمت للأمر الواقع
ووقفت هي الأخرى
وقد بانت الدهشة على عيناها:
- وش هالكلام؟!! وأنا إلي قلت بتفرحين بهالخبر.
لتهجم عليها شمسة بعينان متسعتان:
- كيف أفرح عمتي؟!! كيف؟!! البنت بعدها صغيرة على العرس, وبعدين أحمد ما عنده شخصية, ما يصلح, وألا أبوه الزطي ( البخيل ) إلي تحسين أن روحه بتطلع منه إذا دفع درهم واحد, الموضوع ما يباله ( يحتاج ) حتى تفكير, الموضوع منتهي من البداية.
لتقول أم سيف:
- أفهم من كلامك إنك معترضة على صالح وولده؟
لترد من فورها بنفي قاطع:
- لا مو بس هذا عمتي, مثل ما قلت لك, فطوم ياهل ( طفلة) , وبعدها ما خلصت دراستها.
لتقاطعها أم سيف مدافعة:
- هناك بنات وايد بعمر فاطمة يعرسن, وأما بخصوص الدراسة, يمكنها تكمل دراستها عادي, ما أحس فيه مشكلة بهالموضوع.
نظرت بنصف عيناها نحو عمتها وهي تقول:
- أفهم من كلامك يا عمتي بإنك موافقة على هالعرس؟
لترد عليها:
- والله من ناحيتي يا شمسة فأنا موافقة, أولها وأخرتها البنت بتعرس, ليش نقطع نصيبها؟!!!
وبعدين شوف البنات الحين, كلهن دارسات ومتعلمات , لكن ما أحد معبرنهن, وقاعدات في بيوت أهلن بايرات,تبين شوري( وأمسكت بيدها ) وافقي وخلي البنت تعرس, ما تعرفين متى بيي نصيبها الثاني, الحين غاد ( أصبح ) الحرم أكثر من الريال.
وأنهت كلامها بغمزة.
قوست حاجبيها للأعلى مستغربتا من رأي عمتها, لكنها ما لبثت أن صممت على أن تتمسك برأيها, فلا تريد أن ترمي ابنتها في عالم أكبر منها بكثير
وقالت:
- عمتي أنا أحترم رأيك, وأقدره, بس أنا أشوف بأنه فاطمة بعدها صغيرة على العرس وعوار الراس, وعشان كذيه, وبعد إذنك, أنا بروح لصالح بنفسي وأقوله هالرد بأنه فاطمة مو مستعدة للعرس.
زفرت بقلة حيلة قبل أن تقول بخنوع المجبرين:
- إلي يريحك, هذه بنتك, والقرار الأول والأخير لك.
وضعت يدها على ذراع عمتها وهي تخط الخوف من أن تكون قد فرضت قرارها على عمتها على عيناها:
- عمتي لا يكون زعلتي, بس صدقيني عمتي, حتى لو وفقت وعرست فاطمة, وش يضمننا بأنها بعد كمن يوم ما ترد لنا ( ترجع ) تريد الطلاق, إنتِ مو غريبة عن علوم صالح, إنت تعرفين إنه مسيطر على ولده, وقاعد يسيره على كيفه.
وضعت يدها على يد شمسة الساكنة على ذراعها, وقالت وهي تهز رأسها مؤيدة لكلامها:
- أعرف حببتي, أعرف, وأنا والله مو زعلانه, أمكن أنت تشوفين شيء أنا ما أشوفه, فروحي كلمي صالح, أنهي هالموضوع.
وأيدت كلاماتها بابتسامة تطوق شفاها.
لتخط هي الأخرى ابتسامة ارتياح قبل أن تقول:
- مشكورة عمتي, إذا ممكن تقعدين عند مريوم عمتي, و أنا بروح نص ساعة أكلمة صالح وأخلص هالموضوع وبرجع.
لتزيد من حيز بسمتها
وهي تقول:
- روحي ولا تخافي على مريوم.
لتقول شمسة وهي تهم بارتداء عباءتها:
- يلا عيل عمتي, بروح ومو مطولة, وإذا ما عليك أمر, حاول تشوفي مريم بن لحظة والثانية في الحمام.
هزت رأسها بمعنى نعم
وقالت والبسمة تأبى الرحيل عنه شفتيها:
- روحي ولا تحاتين.
همت شمسة برحيل, وفي داخلها ريح غضب عاتية على المسمى بصالح
فتحت الباب على عجل
لتلتطم عيناها بصدر عريض
يكسوه البياض
رفعت رأسها والصدمة تكتم أنفاسها فهي لا تبعد عنه إلا شبر أو أقل
لتشبك عيناها بعينان ناعستان منغمستان في لونين عسلي
ارتبكت لوهلة
فالموقف لا تحسد عليه
لهذا لم تبعد عيناها عن عيناها الملتهمتان لهما
لثواني
حين صحت على صوت لذكرى لليلة البارحة
وفعله الخالي من الحياء والذي بتكرر للمرة الثانية
كما يبدوا بأن اللعبة قد أعجبته
ويريد تكرارها
هنا تحولت أنفاسها الخجلة
إلى أنفاس ملتهبة
تكاد تصهر وجهها
المتفاجئ هو الأخر
والذي بدأ الارتباك ينفث برده خلال أوصاله
فقالت وهي تسحب عيناها بقوة الغضب بعيدا عن عينيه
وتزمجر به بغضب يشوه عيناها:
- إنت ما تستحي, ياي حتى هني بعد, عشان تسوي ألاعيب الوسخه.
نظر لها بذهول المظلوم
وقال وهو يلملم كلماته المتناثرة على لسانه:
- أختي... إنت فاهم الموضوع غلط... أنا..
لتبتر كلمته بضيق يخنق كلماتها النابسة بها:
- لا أنا فاهمتك صح, والدليل إنك وبكل وقاحة ياي هني, أنت ما تستحي, حتى في المستشفيات قاعدين تعملون هالحركات البايخه.
هنا تحول ارتباكه, إلى غضب يقطب حاجبيه, ويحرك نبرة صوته:
- أختي علين هني وبس, لازم الأول تسمعي كلام الشخص, قبل أن تحكمي عليه.
وقذف عليها بنظرة هزت أركانها كلها
لتجف الكلمات في حلقها
جاءها العون من عند عمتها
لتحررها من نظراته الحارقة
:
- من هناك شمسة؟!!!
نظرت لخلفها, وهي بالكاد تدس الهواء في صدرها
وقالت, وهي لا تعلم ما الذي سوف تقوله, فخرجت الكلمات بلا هدى من حنجرتها:
- عمتي.. أنا..
ليقاطعها بكلماته المتحمسة المندفعة من جوفه من ورائها:
- السلام عليكم خالتي, أنا اسمي حميد, ييت ( جئت) أشوف مريم, تراني وعدتها أيبلها هدية ( وأشار نحو الصندوق الكبير الذي يتأبط ذراعه اليسرى, والذي اكتسى بلون بناتي ) إذا رسمت لي اللوحة إلي طلبتها منها.
تكاد تجزم يقينا بأن صدره المفتول, يلامس كتفها, فيصبها بلمسة كهربائية تعطب جسدها
لهذا لم تجد سوى لغة العيون الصارخة له مجيدا
لتقع الأعين من جديد في بئر أحدهما الآخر العميق
ليقابل عيناها الزاجرة
بعيناه المتسائلة
لتهلل أم سيف مرحبة به
وتنهي هذا الحديث العقيم بين عينيهما
:- يا مرحبا الساع, يا مرحبا, أقرب, أقرب.
لشرع الابتسامة على شفاهه المحاطتين بذقن وشنب أشعثين
فلم يعد يكترث بطلته بعد دنو موعد الرحيل من عالم الأحياء
وقال ملبيا لنداء أم سيف:
- يا مرحبا بيك خالتي.
ومن ثم عاد يسلط مجهر عيناها نحو شمسة, وقال بسخرية لنصره الكاسح لها:
- ممكن أختي أعدي.
لتتسع حدقت عينيها, وهي تدرك بأنها لا تزال واقفة بالقرب منه
فلتهم وجهها الخجل
معززا برعشة الارتباك
ولم يخلو الأمر من البغيضة
استوعبت
بعد أن فتحت له الطريق للدخول
مغزى تلك الابتسامة الساخرة
فهو ينتقم منها على الذي جرى بالأمس


لهذا بدأ الدم يغلي في عروقها
على هذا الشخص الغريب
التي لا تعرف لماذا خلع أبواب حياتها المغلقة
كانت في أوج غضبها
عندما نادتها أم سيف:
- شمسة .. شمسة ..
وأخرجتها من لهيب الغضب الذي يكاد يحرقها
لترد عليها:
- نعم عمتي.
لترد عليها والضحكة تكحل عيناها المحاطتان بالبرقع:
- روحي ( اذهبي ) شوفي مريم, تلقينها ( تجدينها ) خلصت تسبيح, الريال مستعجل ويريد يشوفها.
وبالخطأ نظرت نحوه لتجد تلك الابتسامة الساخرة تشع من شفتيه لتعمي بصرها
فتزيد من حمم غضبها المندفعة بداخلها
وتقول بخنوع المستسلم رغما عنه:
- حاضر عمتي.
ومن ثم تشيح ببصرها بعيدا عن عيناه التين كما يبدو تطوقان لرصد هزيمتها النكراء
وذهبت نحو الحمام
وصبت جام غضبها على مقبض الباب الحمام المسكين
الذي لا ذنب له إلا أنه كان في الوقت والمكان الخاطئين لحظتها
الذي يكاد يتهشم بين أصابعها
دخلت ولهجم عليها صوت الصمت
على غير العادة
ففي المرات الماضية
كانت تصرخ عليها مريم مانعة إياها الدخول بصوتها الطفولي
خطت وقد بدأ الغضب يتبخر أمام حرارة الخوف المتقد من قلبها النابض بعنف على غير عادته الهادئة
ففكرة سوداوية تتفشى في عقلها
مرتعشة الخطى تقدمة شمسة نحو حوض الحمام الراكد على غير ما عرفته عليه عندما كان يستقبل مريم المرحة في جوفه
فتجعله شعلة من النشاط
أخيرا وصلت للحظة الحسم
وقتل الشك باليقين
وقد بات صوت قلبها المرتاع يخرم أذنيها
تمددت تلك العينان المصدومتان ل
لصورة المفجعة التي تنعكس على الشبكية
وزلزلت تلك الصرخة المفجوعة أركان فمها الصارخ بوجع الأم :
- لااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا مريــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم....
ليقف كل ٌ من أم سيف وحميد من مجلسهما الأرضي
وينظران بجزع نحو بعضهما البعض
قبل أن يهرولا بدون تفكير نحو الحمام
ليكون السباق في الوصول حميد
الذي سأل من فوره, بصوت مرتاع:
- وش إلي صار؟!!!
ليجيبه صوت أنفاسها المتعالية
مصحوبا بصمت الشفتين المرتعشتان
كانت موليته ظهرها
فلم يتمكن من رؤية معالم الصدمة التي تكتسح قسمات وجهها
لم يكرر سؤاله
فقد وجد بأن لا فائدة منه
فهرع هو بنفسه
ليرى ذلك الجسد الضئيل
منغمس في مياه المسبح
التي خنقت أنفاسها
وقيدت حركتها
وخيلت لناظرين لها بأن روحها قد فارقتها
لم يكن هناك وقت لصدمة ولا حتى لتحريك العقل
فهب من فوره بدون تفكير منه
لينتشل ذلك الجسد مسلوب الحركة
من براثم المسبح القاتل له
وركض وهو يصرخ بأم سيف الواقفة والخوف يعتصر عيناها بأن تبتعد عن طريقه, فهي تسد الممر عليه
فاستجابة أم سيف على فورها
ليركض نحو السرير ذو اللون الناصع
ويضعها عليه
ويبدأ بإنعاشها بأنفاسه الحية
ويكبس على ذلك الصدر الساكن برهبة الموت لعله يعيده لعالم الأحياء
نظر نحو أم سيف وصرخ بها:
- أم سيف روحي شوفي دكتور وألا ممرضة, بسرعة.
لتهرع من فورها أم سيف لتنفذ أمره, فهي قد توقف عقلها الأخرى عن العمل,و أصبحت مقوده بكلمات الغير.
فلاحظ وهو في خضم محاولاته المستمرة في أعادت الروح لجسد مريم الخاوي من علامات الحياة
عدم اكتساءه جسدها الهزيل بثوب
فأخذ يبحث كالمجنون عن ما يغطي جسدها العاري
لكن لم يجد إلا تلك المرأة
التي لا تزال تقف على حالها
بسكون رهبة الخوف
وصقيع الصدمة الذي يجمد خلاياها
فصرخ بها آمرا:
- شمسة يبي شيء نغطي به مريم.
لم يرد عليه إلا صدى صوته
فعاود يصرخ بصوت أعلى طبقة من سابقه:
- شمســـــــــــــــــــــــــــــــــــه .. يلا بسرعة يبي ( أحظري ) شيء نغطي به مريم.
لتهب عليه ريح الصمت من نحوها
فما كان منه وهو في عالم اللا عقل
والخوف الذي ينهش بكل خلية بداخلة
إلا أن توجه نحوها بخطى واسعة
لم تشعر به وهي يدنو منا بخطى تهز الأرض
فهي لا تسمع إلا صوت الضمير المعذب لها
وهو يضربها بعصا الملامة
(( إنت السبب, أنت إلي كان لازم ما توافقينها على أن تتسبح بنفسها, أنت إلي قتلتيها , إنت السبب, إنت ))
لتتحرك تلك الشفتين التين قيدتهما الصدمة
وتردد كمن غسل دماغه, ببحت الوجع الطاعن لنفسها اللوامة :
- أنا السبب, أنا قتلتها, أنا السبب, أنا...
لتدوي صدى صفعة جلجلت ذلك الصوت اللائم
وجعلته يخنع لصوته المهيب
وتعود لصحوت الوعي
وهي تنظر لجلادها
بعيون الحيرة
كان يقول شيئا
لكن لم تدرك معناه
فهي لا تزال منغمسة ببحر الحيرة بعد أن جرتها الصفعة من سجن الصدمة المظلم
فما وجد لنفسه خيارا وهو يرى سكونها المستفز له
إلا أن خنق ذراعيها بقبضتيه القويتان
وعاود يزمجر بها بأعلى نبرة يمتلكها حبله الصوتي:
- شمسة أصحي, مريم ما بتموت, ما بتموتــــــــــــــــــــــــــــــــ, أصحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي ... أصحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي ..
كأن علامات اليقظة بانت على خطوط وجهها
فقالت وهي تقفز بناظريها في أرجاء الحمام:
- وين مريم؟؟؟
بصوت خنقته العبرات المرتاعة
حررها من قيود يديه الحديديتان, وصوب سبابته نحو السرير حيث يتمدد جسدها الصائم عن الحركة عليه
وقال محاولا مده بأمل هو نفسه يفتقده:
- لا تخافين مريم بتصحى, أنت بس روحي يبي ( أحضري ) شيء تلبسه قبل لا يي ( يحضر ) الدكتور وألا الممرضة , يلا بسرعة.
قال كلمته الأخيرة وهو يغضن حاجبيه برجاء
تتبعت بعينيها سبابه الممتد نحو ضناها المستسلم للصمت وهي التي لم تعتد من مريم إلا الضوضاء
بلعبها وشقاوتها
لم تكون يوما تحب الهدوء
كان لا بد بأن تهز المنزل بضحكاتها
ومزاحها
وحركتها الدائمة التي لا تكل ولا تمل منها
عكس الآن
وما ينعكس على مقلتيها
البدن الصامت
والجفون المغلقة
والشفتان الملتصقتان ببعضهما
عادت أنفاسها الصارخة تصم رئتيها
وهي تضع كلى يديها على فمها
الناطق بلغة الدمع
الذي ألهب جفنيها
أستشعر وجعها
فلجئ للغة الرجاء, فلا وقت لسكب الألم الآن, فوقف أمامها مباشرة حاجبا عنها مصدر حزنها, وقال:
-شمسة أرجوك, مو وقته هذا الحين أبدا, مريم بترجع لنا, لا تستسلمي, أرجوكِ, يلا روحي يبي لها شيء نغطيها به, أرجوك, تحركي, ما عندنا وقت, أرجوك, إذا كنت صدق تريدين مريم ترجع تعيش, لازم ما تستسلمين الحين, يلا روحي, يلا, لازم نرجعها لنا, لازم, يلا.
ببصيص أمل باهت مدته كلماته بداخلها تمسكت به ببراثم الأم المقاتلة رغم قنوطها للروح الاستسلام
وذهبت حيث دولاب الملابس القابع قرب شباك الغرفة, وهي تجاهد من أجل ألا ترى فلذت كبده
فتخور قواها الهشة
أما هو فعاود محاولاته اليائس لإيقاظ تلك الرئتين النائمة
حين مدت نحوه يدها المحملة بثوب يتزين برسوم كرتونية محببة لقلب ابنتها الخانع للموت لحظتها
رفع رأسه نحو صاحبت اليد
ليجدها وهي مشيحة ببصرها بعيدا عن سيوف الألم القاتلة لروحها
والخوف المائل لرعب يعتصر ملامح وجهها
لتكتمل لوحة الوجع بفكها الأسف المرتعش لقصف الدمع المنسكب بغزارة من عيناها المغمضتان
وهي تجاهد بفعلها هذا إيقافه بالقضم على شفتها السفلى
تنهد بحزن سكن قلبه منذ بد هذه المأساة التي لا تريد أن تنتهي بسلام
وأمسك بثوب
وهو مدرك صعوبة الأمر عليها
وأخذ يغطي ذلك الجسد المتيبس
الذي أشتد بياضه
ما إن انتهى من كسوها
حتى جاء موج من الدكاترة والممرضات
يغرق الغرفة الصغيرة
أخذت تتلقفها أياديهم الواحد تلو الأخر
وحميد وشمسة تم أبعادهم بالقوة خارج الغرفة
ليقعا تحت رحمة الانتظار الصامت
والعاصف بصدريهما بالرعب من القادم المظلم
والذي لا يبشر بخير يسر القلوب المنكوبة


++ يتبع قريبا إن شاء الله ++
عذرا على قصر الجزء
لكن أعدكم بجزء يعوض عن التأخير وعن قصر هذا الجزء في الأيام القليلة القادمة
أتمنى ومن كل قلبي أن ينال هذا القيد استحسانكم
أختكم
وجـــــــــ الكلمات ـــــــــــــــع

*(( القيد السابع ))*

عصرت الهاتف النقال
الذي كادت أوصاله تتهشم بين أصابعها المشدودة بحبال الضيق
وقالت والغضب يقطب حاجبيها:
- وش هالولد, ليش مغلق تلفونه؟ يريد يموتني ناقصة عمر.
وضعت كفها على ظهر أمها المختنقة من دخان الغضب
وأخذت تربت على ظهرها لعل فعلها يهدأ من ثوران قلبها, وقالت:
- أمي هدي ولا تحرقين أعصابك, خلاص يا أمي حميد بيروح ( يذهب ) وما بيرجع, أفهميها, هو قال لي هالكلام بنفسه البارحة, فلا تتعبن نفسك.
انتفضت من تحت يدها, وقالت وهي تطلق نظرة تصميم نحو هند:
- لا والله ما برتاح علين ( حتى ) أكلمه, وأفهم وش صار له, ليش تغير؟!! هذه مو تصرفات ولدي حميد, ولدي ( وتغضنه عضلات وجهها, لتشكل الحزن الأموي المتوجع ) ولدي حميد ما يسوي ( يعمل ) كذيه, أنا أمه, أنا ربيته, أنا أكثر واحد يعرفه في هالدنيا, ولدي ( غصت الكلمات في حلقها المرتعش ببرود الدمع الذي لم يكذب خبرا ونسل من مقلتيها الممزوجة بعصارة الحزن ) ولدي... ولدي حميد ما يعمل الشينة أبد, أبد, وما يتركنا أبد أبد ... أنا ربيته ... أنا ربيته ... ( وأخذت تضرب على صدرها بكفها وهي تردد بحرقة تنسكب على هيأت كلمات من فمها ) أنا ربته يا هند, أنا ...
أغمضت هند عيناها التي أحرقها النظر إلى أمها الباكية, فحمت مقلتيها من لهيب الألم, بإسدال ستارهما, وبقضم شفتها السفلى, لكي تمتص الدمع الذي ينسل داخل جوفها, وقالت بعد صراع مع كلمات جافة, وهي تدنو نحو أمها, لتجلس بالقرب منها, وتقيدها بذراعيها, الساحبتين لأمها نحو صدرها:
- أمي الله يخليك لا تبكين, ترا حميد ما يستاهل دموعك الغالية, ما يستاهلها, إنسيه, هذا مو حميد إلي نعرفه, أنسيه يا أمي, إنسيه.
وغرستها أكثر لصدرها
لكن أمها نفرت من صدرها
ودفعته بعيدا عنها
وقالت بصوت زاجر يتخلله شيء من الدهشة المرسومة على تجاعيد وجهها الذي أخذت الأعوام نضارته الفتية:
- أنتِ ينيتي؟!! كيف تريد مني أن أنسى ضنايه, مستحيل, هذا وحيدي حميد, ما أقدر أنساها, ولا بنساه علين آخر عمري, بس بس ( وأشاحت بعيناها المكبلتان بأثقال الحزن الفارز لدموع جهة الأرض, وقالت بانكسار الحيرة ) بس ما أعرف وش إلي صار له, ما أعرف ؟!!
ومن ثم عادت تسلط ضوء عيناها لهند
وهي تسأل بشغف المشتاق لجواب يشفي قلبها المعتل بالأوجاع:
- هند قول لي, وش صار لولدي؟!! ليش تغير كذيه, قول لي؟!!! ريحيني, ريحيني .
وأغدقت عيناها السخيتان بالمزيد من الدموع
التي جعلت هند تتصلب بمكانها
فهي كذلك تبحث عن جواب لهذا السؤال الذي لا يكل ولا يمل يدور في عقلها بحثا عن جواب يهدأ نفسها المتألمة لحيرة أدمته بخناجرها
___
ما أن وقع بصرها على من يقرع الباب من العين السحرية, حتى بوزت بضيق, وقالت:
- أفففففف, وش يابها هذه الحين؟ ما يخلون ( يدعون ) أحد يرتاح أبد.
وأخيرا بعد صرخات لا تريد أن تصمت من جرس الباب, فتحت وأنهت معاناته
وقالت وهي تضع قناع الفرحة الغامرة على وجهها:
- يا مرحبا بعمتي.
لترد عليها بجفاف الضيق المتعلق بمحياها:
- أهلا .. أهلا.
فسألت حتى تقتل هذا الحديث وهو في المهد, فهي لا تطيق حتى النظر لها:
- وين ولدي؟

يتبع ,,,,

👇👇👇



تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -