رواية ملامح الحزن العتيق -32
قالت سارة بألم : زهرة حبيبتي ليه مو فرحانه زي اصحابك .
وقفت زهرة وكيس هديتها في يدها قالت بتأتأة : د د دزاكِ الله ك ك كيل ( جزاكِ الله خير ) .. انا ابقى ماما فاطمة تزيب لي هدية عسان هي تحبني . ( انا ابغى ماما فاطمه تجيب لي هدية .... )
حضنتها سارة بقوة وربتت على كتفها قالت والدموع فاضت وأغرقت صدرها : ياعمري هذي ارسلتها عليك ماما فاطمة ..
رفعت نفسها من عليها وطالعتها بنظرات جامده قالت : ك ك ك كليها ت ت تزيبها هيَّ . ( خليها تجيبها هي )
: هي الحين تعبانه شوية ماتقدر تيجي عندكم بس قالت ياسارة خذي هذي الهدية اديها زهرة وخليها تلعب فيها وتفرح وتنبسط مع اصحابها .
وقف عبدالله طفل الثمان سنوات وحده ويتم قال بلهجة حجازية بحته : انا كمان ماابغى هدي الهدية .. انا ماآخد هدايا من احد الا من ماما فاطمه .
ابتسمت له سارة من بين دموعها قالت : عبدالله حبيبي هذي من ماما فاطمه هي قالت لي انك تحب تصيد السمك واشترت لك السنارة والسمكات وكمان الكورة . وشووووف مسدس الموية اللي انت تطلبه كل مرة ..
نزلت دموعه وحط يده على عيونه قال : بس انا ابغاها تيجي بنفسها .. هيَّا وعدتني ماتتأخر علي ودحين ليها سنه ماجات .. ابغى اقولها حاجة مهمه .
انسحب بسرعه من المكان وراح يجري ودخل الغرفه وقفل بقوة ..
والكورة والسمكات وسنارتها ومسدس الموية والواح الشكولاته كلها على الأرض ..
وكأنه يقول ماما فاطمه اهم من هذا كله ..
غيابها شهرين كأنه سنه عنه ..!
ماقدرت سارة تلحقه ..
هي اضعف من هالمواقف
مابقى عندها مساحة لاضافة حزن جديد ..
ممتلئة بالحزن والوجع حد الطفح والفيضان ..!
قالت زهرة بملامح جامده وخالية من اي تعابير وهي تتأمل وجه سارة الباكي : اااانتي ت ت تبكين عس عس عسااان ( عشاان ) تبغي ماما فاطمه تدمك ( تضمك ) وتزيب ( تجيب ) لك دانينو وعصير منجا .
انتفضت سارة وحاولت تتكلم ببقايا قوة انتهكها الحزن اليوم على ارض الدار : لا ياعمري ماابكي .. بس اذا انتي تحبين ماما فاطمة خذي الهدية والعبي فيها زي فاطمة وسلوى ورهف .. شوفي .. !
خرجت العروسة المصنوعه من القطن والقماش وكملت : مرررة حلوة تشبهك .. خذي نيميها في حضنك .. غني لها دوها يادوها .
تأملتها زهرة ببرود ومدت يدها واخذتها قالت : ك ك كلي ماما تيزي بسرررررعه قو قو قو قولي زهرة تبغاك زي عبدالله .
هزت سارة راسها ورجعت لامها اللي تمسح دموعها وهي تسمع الحوارات الصغيرة بأصواتها وعقليات اصحابها وكبيرة بمعانيها وإنسانيتها ..
نفسها ترتمي في حضن امها حتى تلمها من الشتات والحزن والألم والذكريات بس تراجعت خشية انها تؤلم الأطفال وهم يفتقدون للحضن والأم وهم يطالعونها ..
قالت لامها : يمه يالله خلينا نمشي .
قالت امها : ادعي لصاحبتك يمكن هالوقت ساعة استجابة ..
وجهت سارة بيدينها للسماء وابتهلت للي يراقبهم باللي في قلبها
لفاطمه وزميلاتها ونفسها ..!
***
في السيارة ..
قال عماد لشادن اللي تحس بالبرد يتغلغل لعظمها ..
: ليه ماجبتي لك شي ثقيل ..؟
: ماكنت عارفه ان البرد عندكم كذا ..!
: ايه متعوده على جو جده في عز الشتا حر ..
: يازين جو جده هالأيام .. طالعت في جوالها قالت : اوووه الحمد لله الشبكه فُل ..
: بتكلمين خويتك ..؟
: لابخليها اذا وصلنا بس نفسي ادق على سارة آخذ اخبارها ..
قال عماد : اشووووا انك ذكرتيني .. وش رايك في سارة ..؟
التفتت عليه وسحبت غطا عيونها لورا قالت : من أي ناحية ..؟
: زوجة لشخص يهمك ..؟
قالت بابتسامه : اذا قصدك على نايف تراها اكبر منه ونايف يعتبرها اخته وهي كمان تعتبره اخوها .
: لا لا مو نايف ..
عقدت حواجبها قالت : غير نايف ويهمني .. لايكون بتزوجها احد من عماني ..؟
ابتسم قال بمحاولة لاستفزازها : لا بتزوجها انا .. ابو مشاري رجال وينشري واخوها والنعم وامها يقولون فيها خير وراعية دين .
تدري انه يمزح ويحاول يستفزها ..!
قالت ببرود : بس سارة ماراح توافق عليك ..!
اتستعت ابتسامته قال : افاااا ليه ماتوافق ولا عشان انتي صديقتها ماتبي تاخذ زوجك .
: لا مو عشان كذا ..! بس هي تدري اني ماراح اتنازل عن حقوقي لأي مخلوق في الدنيا حتى لو لها هي اعز الناس .
انطفت الابتسامه بالتدريج من ملامحه قال بجديه : الموضوع اللي تقصدينه لازم نتكلم فيه بجديه بس مو الحين ..
طالعت في الطريق بجنبها قالت : لا الحين ولا بعدين ياعماد .. اذا اشتكيت لك ساعتها يحق لك تكلمني فيه .. انا راضيه بعيشتي كذا الا اذا انت ....
قاطعها : اتركينا من هالموضوع الحين .. قولي لي بنت ابو مشاري تصلح نخطبها لفهد ولد خالي ناصر .
فتحت عيونها مو مصدقه قالت : لااااا عماد عن جد تتكلم . ..؟
: والله اكلمك جد .. خالي من امس وهو كل شوي يسألني من اللي خطبتها لفهد وانا اقول بعدين اعلمك ... والصراحة ابو مشاري ونعم الرجال .. وبنته اذا هي صديقتك اكيد انها تناسبه .. التفت عليها وكمل : ولا وش رايك ..؟
: سارة مافيه منها .. بس اخاف ماتوافق .. خاصة ان لها تجربة قبل ..
: البركة فيك انتي .. اقنعيها ..!
: لا ياعماد .. انا مااعرف فهد ومااقدر اقنع سارة في احد مااعرفه ومن باب انه قريبي . خاصة ان سارة نفسيتها تعبانه بعد الحادث ووفاة زميلاتها وطلاقها ..
: فهد انا اضمنه لك .. رجال وينحط على اليمنى ... سكت شوي وكمل : تصدقين محد يناسب فهد غيرها ويمكن هي مايناسبها غير فهد .. ظروفهم متشابهه ويمكن يعينون بعض على الحزن ..
وصل عماد المزرعه المسورة بسور عالي وفتح له العامل السوداني وهو يرحب فيه .. ودخل بسيارته ..
شهقت شادن من منظر المزرعه وشكلها ..
الشتا قاسي على اشجارها الكبيرة رغم انها لازالت تحتفظ بلونها الأخضر ورونقها الا انها ذابله من البرودة القارسة في منطقة جبلية ومرتفعه عن سطح البحر كالطايف ..!
قالت شادن وهي تطالع في زاوية المزرعه بعيد عن الأشجار وفي اتجاه النياق الكثيرة : يممممممه تخوف ..
طالعها عماد وهو يبتسم : العصر اطلعي انتي والبنات وتفرجوا عليها كلها بس لاتبعدون تراها كبيرة فوق 2 كيلو .
قالت وهي تناظر المكان وتتفحصه : مرة متحمسه اتمشى فيها ...
قال عماد : ادخلي من هنا .. وانا برجع للعيال ...
مسكها بيدها قال : سالفة خطبة فهد لاتقولينها لاحد لين اكلم فهد وخالي .
: حاضر ..
نزلت وتوجهت للباب اللي أشر عليه عماد ودخلت البيت الكبير اللي يتوسط المزرعه ..!
في البيت الشعبي المهتريء ..!
نورة وامها وابوها والعنود في الصالة قدام الدفاية اللي تشتعل بالغاز ..!
قالت نورة وهي تقرب يدينها من شعلة الدفاية : يبه الله يرضى عليك اصبروا عليها اقل شي لين تتقبل الموضوع .
رد ابوها وهو يشرب فنجال القهوة دفعه وحده : مهيب متقبلته لين تروح لبيت رجلها وتعرفه زين .
كانت العنود مشغولة بكاسة الحليب اللي اضافت لها سكر وشربتها كلها وتحاول توصل بقايا السكر اللزجة في قاع البيالة لفمها بتروي وانتظار ..
قالت نورة : العنود وش هالحركات .. قومي هاتي لتس ملعقه وطلعي السكر جبتي لي المرض بحركتس هذي ..!
رد ابوها : خفي على اختس يانورة تراها صغيرة وجاهلة وانا ابوتس .
قالت العنود والكاسة على فمها : نورة اشوا من بنتك المجنونة اليوم بغت تذبحني يوم قلت ان عماد عطاني عشرين ريال .
قال ابوها : عنود وانا ابوتس نوف ماتبيتس تاخذين فلوس من احد ليا بغيتي فلوس روحي لها وهي تعطيتس .
ردت العنود : مهب قصدها يايبه .. هي عشانها تحسب عماد يبي يخطب...
صرخت نورة بصوت عالي تسكتها : عنود وترااااااااب .. اتركي البياله وطسي اغسلي وجهتس وارمي في الزباله على طريقتس .
قالت امها بحده : بنت انا ماقلت اخفضي صوتس لايسمعتس احد برا .. فضحتوني بخلق ربي كل من مر من عند بيتنا الا ويسمع اصواتكم ..!
ردت نورة والشرر يتطاير من عيونها خوف ان العنود تفضح اختها قدام ابوها ثم يهون مسفر معه ..
: يبه ترى العنود ماتحترم نوف وقليلة ادب ... ونوف هالايام ماتستحمل شي .
قال ابوها وهو يعدل جلسته ويلتفت على العنود : والله ان سمعت انتس ماتحترمين خواتس اني لاوديتس مسفر .
طيرت العنود عيونها وهبدت على صدرها بيدها قالت : والله ثم والله لاحترمهن بس لاتوديني مسفر المجنون .
: ها اعقلي واسمعي كلام خواتس .
هزت راسها ونورة تتنفس الصعداء بارتياح لأنها انقذت الموقف في آخر لحظة من لسان العنود ..
***
تحت شجرة الطلح اللي نبتت عشوائياً في وسط المزرعه الكبيرة وأصرت ام ناصر انها ماتجتث من جذورها .. لأنها مثل ماتقول " غارسها ربي في ارضنا "
كان فهد واقف ومعلق الذبيحه في احد اغصانها العريضه ويسلخ بعصبيه ووجه مكفهر وغاضب ..
قال لعماد بطفش : ايه وش عليك جايني شبعان نوم وماشي على كيف كيفك محد صبحك قبل اذان الفجر وكرفك في الذبح والدم ..
نزل عماد نظارته السودا وتنحى عن الدم لايلمس ملابسه : وش فيها الاخلاق اليوم قافله عسى ماشر ..؟
: وراها ماتقفل وعجوزك تمشينا على كيفها ..! حلفت الا تذبح الذبيحه في البيت والسوداني مايلمسها ولايسلخها مدري شاكة انه مهب مسلم ولا مهب معجبها ولا مدري وش سالفتها ..
: اعوذ بالله منك انا كم مرة قلت لك لاتقول عجوز استح على وجهك ياخي ولا تتكلم عن جدتك بالكلام هذا .
: توكل على الله بس خلني انجز شغلي .
لبس عماد نظارته قال : اخوانك وينهم عنك مايخدمونك اذا انت تعبان .
: بندر جاني قبل شوي وارسلته يجيب لنا اغراض ناقصتنا .. وخالد التيس مافيه فايده غير مناقر خواته .. وخالك الخبل ذا منتهي ماخلا مكان في المزرعه ماراح له وهو يسحب ذي العجوز معه يقال لهم مشتاقين لبعض ثم آخرتها راح يقابلها وترك ابوي وعمي في المجلس وهم متعنين وجايين عشانه .
ضحك عماد منه وهز راسه بيأس وهو يقول : لاحول ولاقوة الا بالله .. هذا وانا جايك ابي اعلمك بالبنت اللي بخطبها لك .. ماتستاهل من يجوزك وهذا كلامك .
تأفف فهد بملل قال : جاني الثاني .. اقول روح منيب ناقصك خلني اخلص من هالجهاد واروح انام لي لو ثلاث ساعات ...
قال عماد : وخالي اللي وهقتني معه وش اقول له ..؟
: قول له فهد عيّا مايبي العرس .
: عيّا ها ...؟ اجل بكرة اذا قالك خالي تعال اعرس على بنت فلان ولا مدري من لااشوفك تنخاني وتقول تكفي ياابو مشعل .. ترى مالي شغل فيك ...
سكت فهد وهو يقطع اوصال الذبيحه المعلقه في الشجرة بحرفنه وخبرة .. قال عماد وهو يلتفت له من بعيد : اسمع ترى ان سألني خالي بقول اني خطبت لك من ابومشاري وانت ماوافقت .
طاحت السكين من يد فهد وهو يسترجع كلمة عماد اللي كمل مسيره ويربطها بالصورة والشكل اللي ماغابوا عنه ..!
مشى ورى عماد وترك الذبيحه معلقه وراه قال بصوت عالي يمزج الحيرة والتردد بعدم التصديق : تعال تعال .. عماد .. اصبر ..!
وقف عماد قال : هلا .. وراك تركت ذبيحتك وجيت ..؟
: ها... ؟ بنادي خالد يكملها ماباقي شي ..!
دخل عماد المجلس وسلم على خاله ناصر وفواز وجلس بينهم ونايف متغطي بالبطانية وجالس في زاوية المجلس ..
قال ناصر وهو يطالع في فهد : انا ابو فهد .. انت ورى ماغسلت يدينك وبدلت ملابسك عن الدم ..!
رد فهد وهو يطالع في خالد : بروح اغسل الحين .. خالد قوم روح كمل الذبيحه مابقي منها شي .
ارتعص خالد قال وهو يطالع في ابوه : يبه انا مااعرف اسلخ زين .
صرخ فهد بعصبيه : قوم اذلف مامنك فايده .. يالله ولااسمع منك كلمة وحده .
قال ناصر : قوم اسمع كلام اخوك ياخالد .
وقف خالد بعصبيه وطلع من دون مايتكلم قال فهد لنايف : نايف بالله قوم طلع لي ملابس نظيفه من الشنطه .. وجيبها لي عند الحمام بتروش الله يعين على هالبرد .
قال فواز وهو متلحف بفروته ومتلثم : لاتروش في البرد يلتهب صدرك من جديد .
: بتروش غصب .. مااقدر اصبر على هالقرف .
وقف نايف وراح لشنطة فهد وطلع ملابسه اللي يحتاجها ووداها عند الحمام ..
سند عماد بظهره على المسندة قال : العامل ماجاب لكم حليب نياق ..؟
رد ناصر : الا جابه لنا من بدري .. هذا هو قدامك في البراد اللي على يمينك .
قرب عماد من الحليب وصب له كاسة وهو يتذكر كلام الدكتور اللي نصحه بحليب النياق لأن فيه دراسه جديدة اثبتت فاعليته في مقاومات التهاب الكبدي ......!
دخل نايف قال : انا بنتظر بندر برا .. عن اذنكم .
قال فواز باستغراب : وش السالفه ..؟ وراه متخربط ..؟ قبل شوي وش زينه ..!
رد ناصر : وش يرده لايتفرقع وينهبل ويتخربط وخويه فهيدان .. الله يعين على هالولد .. التفت على عماد وكمل : الا على الطاري ياعماد .. انت مانويت تعطيني علمٍ(ن) اكيد .. ؟
ربت عماد على فخذ خاله بهدوء قال : العلم الاكيد ياخالي اني بغيت بنت ابو مشاري لولدك وهو والله ماادري عنه شكله ماوافق عليها .
قال فواز : والله والنعم .. قابلته قبل ايام في المدينه عز الله رجال وولده رجال . ووراه مايوافق ولا بس عبط ..؟
قال ناصر : بنته اللي صار عليها حادث في رمضان . ؟
سرد لهم عماد اخبارها واصاباتها ونفسيتها وكلام شادن عنها ووشلون صحت .. وهم مصغين له باهتمام ..
دخل فهد وهو يسمعه يقول : انا شايفها تناسب فهد وهو يناسبها ....
قاطعه فهد قال : شلها من راسك انا ماابيها ..
عقد فواز حواجبه قال : وبس ماتبيها ..؟ هذا اللي عندك .. كل ماقلنا اعرس قلت ماابي .
شال فهد منشفته من فوق شعره الرطب ولبس قميصه ولف شماغه على راسه ..
قال عماد : طيب ليه معترض على بنت ابو مشاري ..؟
تمدد فهد في فراشه قال : مطلقه وماابيها ولحد يكلمني في السالفه هذي مرة ثانية .. والعرس برضيكم واعرس بس اللي اختارها انا لحد يختار لي عشان ماافشلكم ..
هز ابوه راسه بأسى وهو يرد : لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ..
***
بعد الغدا وحزة العصرية ..!
كانت جالسة مع امها والبنات وهي في قمة سعادتها
اللي وصلت له مع عماد يعتبر خطوة كبيرة وناجحه ..!
قالت فوزية في شادن وهي تغمز لها : اشوف الوجه مشرق اليوم بزيادة .. كل هذا عشان السيد عماد رجع ..؟
طالعتها ليلى بعقدة حواجبها وهي توها صاحية من النوم قالت : رجع من وين ..؟
ردت منال بحده : من وين يعني .. اكيد من شغله ..!
صبت شادن فنجال قهوة وخلعت البلوفر حقها لأن الغرفة فيها دفاية كهربائية وبثت الدفى في المكان ..!
قالت : منال مدي عليّ شنطتي الصغيرة وراك ولاعليك امر .
مدت منال شنطتها وفتحتها شادن ..
سوت لها ميك اب خفيف وكحلت عيونها وحددت شفايفها ولونتها بروج لحمي من شانيل ..!
سمعت صوته يناديها واخذت عطرها بخت عليها بختين وفتحت شعرها وخرجت له ..
وصلته وهي تمشي بهدوء قالت : هلا عماد ..
مد عليها شماغه وعقاله وهو ساكت ويحاول يتجاهل شكلها ..
قالت بدلع : وين احطها ..؟
رد عليها وهو يرفع حاجبه ويقلدها : وين احطها ..
تكلم بجديه : حطيها بأي مكان المهم لااخربط بينها وبين شمغ العيال ..
اتسعت ابتسامتها قالت : ترى شفت غرفتك وحرمتها على البنات ..
طلعت المفتاح من جيب بنطلونها قالت : خلاص صارت لي .
اكتسى وجهه حرارة واعتلته قشعريرة وحس بارتباك قال : خذيها حلال عليك .. وروحي جيبي لي قهوة بشرب لي فنجال مع جدتي واحمد هنا .
هزت راسها بتمشي ورجعت قالت : بتتقهوى هنا .. ليه ماتروح للمجلس عند عماني ..؟
: وليه مااتقهوى هنا مع جدتي واحمد ..؟
: بصراحه .. البيت هنا كله حريم وماني مستعده اتهاوش مع وحده منهم اذا شفتها ..
رفع حواجبه باستغراب قال : لاوالله ..؟ كل هذي غيرة ..؟
ردت بسرعه ووجها يشتعل حمرة خجل : ماتبغاني اغار عليك ..؟
امتدت يده بسرعه ومسك يدها قال : تعالي .. وش سالفة حركات الدلع هذي ..
طالعت وراها بتشوف اذا احد منتبه لها ولا لا قالت بضحكه : والله مو دلع بس مبسوطه .
سحبها بيدها لحد ماوصل باب الغرفه حقته القريبة من قسم الرجال قال : افتحي الباب .. بسرعه لحد يشوفك .
طلعت المفتاح من جيبها وسحبه منها وفتح ودخلها قدامه ودخل ..
سكر الباب بالمفتاح قال بلهجة آمرة : اجلسي .
جلست وهي متوترة ومرتبكه وخايفه من اللي بيقوله ..
قال : شادن انتي تستفزيني ببرودك هذا .. ولا ماعندك احساس ..؟ ولا ناوية تنتقمين مني بطريقة خبيثة .
فزت ورفعت يدها تسكته قالت : عماد اش هالكلام .. ليه تقول كذا ..
اخذ يدينها ولثمها بلهفه قال : ماابيك تضيعين عمرك معي .. وماابي اضيع معك اكثر من كذا ..؟
ابتسمت له بتودد ورعشة الخجل والارتباك تسري بجسدها وتوترها اكثر قالت : عماد لاتقول كذا الله يخليك ... اش رايك نطلع نتمشى بالمزرعه .
هز راسه قال : يالله طالما ان خوالي والعيال نايمين البسي عبايتك ..!
ردت : حتى داخل كلهم ناموا الا البنات .
قال وهو يطلع من الغرفه : بمر على جدتي ووليدها آخر العنقود من يوم جا وهو لاصق فيها ..
ضحكت قالت : بجيب عبايتي وجوالي .. لحظة بس .
راحت لمجلس الحريم وقابلت منال وهي خارجة من المطبخ وتناديها : شادن ... شدونه .
وقفت لها غصب قالت : هلا .
مدت عليها كاسة عصير قالت : امسكي بالله بلف شعري بهذلني .. كملت منال وهي تلف شعرها الطويل .. : اش رايك نروح نتمشى حنان نامت وخلتني مع مرة عمي اللي تجيب المرض وعمتي فوزية عليها طولة بال عمري ماشفت مثلها . ياربي ماادري كيف تتحملها .
قالت شادن : ماعليه منال خليها مرة ثانية الحين بطلع انا وعماد .
زمت منال شفايفها ولفت للمرايه تطالع بشكلها وتزبط الخصلة الكثيفه اللي نزلتها على كتفها ..
تسمرت بمكانها وارتجفت يدها وصوت ليلى وهي تتكلم يخترقها لحد العظم ..
هزها وقلب لها حياتها رأساً على عقب ..!
السعادة اللي عاشتها قبل شوي صحتها منها ليلى على كابوس مرير ..
وقفت على الباب وليلى تتكلم وفوزية تكذبها وتوبخها وتدافع ..
وطاحت الكاسة من يدها وتحول الزجاج لشظايا اختلطت بالعصير ..!
وقفت فوزية وشافتها فاتحه عيونها وفمها بذهول ..
وانطلقت شادن تجري لغرفة عماد ..
قفلت الباب قبل توصلها فوزية ..
قالت فوزية : شادن افتحي الله يخليك لاتقلبينها مشكله ترى ماعندها سالفه ..
فصلٌ سادس عشر
~~ صرخة شعور ~~
في قسم الرجال ..
حزة العصرية ...
اجواء الطايف في فصل الشتاء ..
غيم وبرد ..
وبرده صقيع ..
واقف على باب المجلس اللي يطل على المزرعه مباشرة ولابس دقلة ثقيلة ( الدقلة جاكيت طويل لأسفل الثوب وأقمشته متعدده اما ثقيله او خفيفه ) ومتلثم بشماغه ..! ومدخل يده في جيبه .. بين كل فترة وفترة يضم على المنديل اللي لفه بعناية وحرص عليه ..!
وطلع يمشي في المزرعه بيختلي بنفسه وبالمنديل واللي فيه ..
ماعتاد على الأجواء الباردة لأن جده شتاها ربيع وباقي فصولها حرارة ورطوبة ..!
من الظهر ماقدر يتكلم ولايركز وتفكيره منشغل بشي واحد ..
طلع المنديل وفتحه بحذر بعد ماحس بالأمان ان ماحوله عيون تشوفه ..
وتأمل اللي بداخله دقايق كادت تطول لولا صوت عمه اللي قصرها وهو يناديه ..
قال : نايف وانا عمك تعال ارقد مع العيال .. تراهم بيسهرون ويقعدون يشوون ويلعبون للصبح بس الصلاة ياوليدي لاتفوتك .. ترى الصلاة على المؤمنين كتاباً موقوتاً لابد نصليها على وقتها ..
اعاد نايف المنديل بسرعه لجيبه وهو مرتبك وكأنه جاني ومرتكب له منكر وخايف احد يكتشفه قال : هلا عمي .. ها .. مافيني نوم .. بجلس معك .. الا عمي فواز نام ..؟
رد ناصر وهو يمشي وفي يده عصا ورامي نظره لآخر المزرعه الكبيرة ويتشوف للنياق اللي طلعت تاكل من العلف المنثور قدام شبكها ..
قال : ايه رقد ومابقي غير انت .. وحتى عماد واحمد يمديهم رقدوا عند امي بس روح وانا عمك وارقد مع العيال .
: ماني نايم ومخليك لوحدك .. بجلس معك .
: لايابوي ماعليك مني انا رجال ارقد بعد صلاة العشا واقوم مع صلاة الفجر .. وانتم شباب وسعوا صدوركم واسهروا واستانسوا المهم لاتلتهون عن صلاتكم وانا عمك ..
حاول نايف يعترض بأنه مافيه نوم وان وده يجلس معه بس ناصر حسم الموضوع بـ : والله لتدخل وترقد مع العيال ولاتهتم لي .. انا بروح اشوف النياق والحلال واعود اقعد مع عجوزي داخل البيت .
لبى نايف حلفان عمه ودخل للمجلس والثاني توجه للنياق اللي شوفها بالنسبه له يشرح الصدر ويسره ..!
***
دخل غرفة جدته القريبة من غرفته ..
احمد منسدح ومسند راسه على التكاية ومغطي وجهه بشماغه وشكله نايم ..
وام ناصر متمدده في فراشها وتسبح وتذكر الله بصوت واطي والتعب ماخذ منها مأخذ ..
شافت عماد يدخل قبل لاتغفى عينها قالت بصوت مرتخي من تأثير النوم اللي بدت بوادره تتسلل لجفونها وتكسل جسمها : هلا ياوليدي ادخل وتسان ( كان ) ودك تاخذ لك غفوة انسدح عند احمد ...
رد عليها : لا ماعندي نوم .. كلكم صاحين بدري الا انا ومرتي .
قالت ام ناصر بصوت اوضح : ياوليدي مرتك مافكت يدها من يوم جات يمديها رقدت من زود التعب وانت اخذ لك غطة مع الخلق اللي رقدت .
جلس بجنب جدته والتفت على احمد قال : ماعندي نوم هالوقت بس هذا ورى مايروح لاخوانه يومه مقابلتس من يوم جا .. حتى الغدا بالقوة جا يتغدى عندنا .
تنهدت ام ناصر بحب واطمئنان قالت : الله لايحر قلبي عليه .. خله يقعد عندي اشبع منه ويشبع مني .
ضحك عماد بصوت واطي قال : اجل هذا يشبع .. الله يعافيه بس لو يسمع كلامي ويتزوج يوم الدكاترة يقولون ماعنده مشاكل ويجيه عيال يشغلونه عنتس كان ابرك له .
هزت ام ناصر راسها باستسلام قالت : والله ماخليت عنه شي ... خص انه مهوب مرتاح مع مرته ويقول ان مايمر يوم الا وهو متهاوشٍ معها .
: هههههههههههههههه راعية الكبتشينو هذي ....
قطع كلامه على صوت فوزية وهي تنادي شادن بلهفه وفز بسرعه ..
..
كانت فوزية تدق الباب وتنادي : شادن افتحي يابنت الحلال .. انتي من عقلك تصدقين هالمهبولة .. شااادن والله هذاني احلف لك انها تكذب وماعندها سالفه، شااااادن افتحي خليني افهمك ، شاااااااادن ، شاااادن .. اسمعيني بس .. انا اعرف ليلى واعرف عماد .. ليلى نذله وعماد مستحيل يغلط على احد مو عليك انتي زوجته وبنت خاله ....
وقف ورى فوزية قال بصوته الثقيل والحاد والآمر : فوزية .. ! وش فيه ..؟
رمقته فوزية بنظرة عتب قالت : ماادري عنها اسألها وتقول لك ..
انسحبت فوزية من المكان بحضوره
ورجعت لليلى الجالسة بكل غرور وبرود ولؤم وهي تتصفح جوالها وترسل منه مسجات وتستقبل والابتسامه على شفاهها كل ماوردت لجوالها رساله ..!
قالت فوزية بعصبيه وانفعال وحواجبها معقوده : انتي ماتخافين ربك ، ماتستحين على وجهك ، صدق انك قليلة ادب كيف تتبلين على الرجال وتقولين عنه هالكلام .
عضت على شفتها السفلى بمحاوله منها انها تخفي ابتسامتها اللي صنعتها الرسالة اللي وصلتها ..
قالت : وانا وش قلت ..؟ ماقلت الا اللي سمعته ..!
: كذابه وستين كذابه ..
قالت منال اللي دخلت بعد فوزية : عمتي وش فيه ..؟
غمضت فوزية عيونها وفتحتها قالت : مافيه شي ..! الا اختك وينها ماشفتها من بعد الغدا .
: حنان نايمه مع امي وخالتي ام نايف وحليمه ... عمتي بالله تقولين لي وش فيه ... وشادن ليه رمت كاسة العصير من يدها وراحت تجري ..
طالعت فوزية في ليلى قالت : شادن سمعت العله هذي وهي تتكلم عليها هي وعماد .
وقفت ليلى قالت : حدك عاد يافوزية تراك تلطشين بالكلام من يوم جيت انا ماقلت الا الصدق .
طالعت منال فيها بنص عين قالت : حقتس وماجاتس نصه .. لاتحسبين حنان ماقالت لي عن جوالتس وخرابيطتس الوسخه .
رفعت ليلى راسها قالت : اصحي ياماما الناس طلعت من الحفر اللي انتم عايشين فيها ووصلت القمر وانتي واختك قلبتوا الدنيا على راسي عشان شي تافه .
التفت فوزية على منال قالت : وش شايفه حنان ..؟
انفتح شعر منال الطويل بحركة سريعه ماقدرت تسيطر عليه بسرعه قالت بتأفف وملل من شعرها وليلى : خليها هي تقول لتس ياعمتي انا انزه لساني عن وسخ حرمة اخوتس .
عضت فوزية على شفتها السفلى قالت : الله يفشلتس هذا ومالتس الا يومين قلبتي الدنيا ..
قالت منال بهمس : عمتي روحي لعماد يناديتس .
طلعت فوزية من غير ماتتكلم وشافته على باب البيت قالت : مافتَحَت ..؟
قال عماد وهو يعدل فروته على جسمه ويلف شاله الصوف على راسه : البسي لتس شي ثقيل واطلعي معي برا علميني وش صار لها ..!
كررت فوزية سؤالها باهتمام : هي مافتحت لك ..؟
: لا .
قالت فوزية وهي تحاول تهرب من عماد ومواجهته اذا سألها عن شادن : ماعليه عماد مااقدر اطلع فصولي تعبان وبيصحى وماعنده احد ..
: زين .. وش اللي صاير ..؟ قبل شوي وش زينها ورايحة من عندي تجيب عبايتها كنا بنطلع انا وياها ..؟
: اذا طلعت اسألها وتكفى لاتدخلني بينكم خذ من راسها لراسك .
هز راسه بحيرة واعطاها ظهره طالع برا البيت وهو يتمتم : يصير خير ان شاء الله .
وده يروح يشوفها ويلمس جروحها
ورغبته بالهروب تحفزه انه يركب سيارته ويمشي لجده ويلتهي بشغله وشركته وارقامه وحساباته ..
بس وجود احمد وتجمع اهله في المزرعه يعيقه عن البعد ..
وسبب ثاني واضح ويحاول يبعده ويتجاهله..
هو انها صارت في حياته شيء اساسي صعب يستغني عنه ..
توجه لخاله في آخر المزرعه وهو يلف الشال على وجهه عن الهواء البارد اللي يلسعه فيه ..!
***
دخلت عليها امها بزبدية صغيرة فيها خبز بر مقطع لقطع صغيرة ومفروك باللبن والسمن ..كوجبة مشبعه ومريحة لمعدتها اللي آخر عهد لها بالأكل قبل يومين وكان حبة شابورة مع كاسة حليب ماكملتها ..
جلست ام نوف بجنب نوف بعد صلت المغرب وتمددت على فراشها
قالت الام بلهجة حانية : يمه نوف .. قومي يابنيتي اكلي لتس لقمةٍ(ن) حارة ..
وصلت الريحة الشهية لأنفها وحست ان معدتها تحثها على الأقتراب والأكل ..
بس العدائية الغريبة تجاه رغباتها وقفت بينها وبين الأكل وريحته ..
قالت بعناد وعصبيه : ماابيه ولاتغصبيني على شي مانيب ماكله .
ردت امها بتعب : يانوف اكلي ترى عنادتس مهوب نافعتس واللي صار صار وابوتس يقول ان ماتحسنت حالتها تراني خليتها تعرس في العيد .
حطت يدها على صدرها ونبضات قلبها تزيد وهي تتخيل حمود وتتذكر شكله ..
قالت : والله ما آخذه لو اذبح عمري انا علمتكم وانتوا غصبتوني عليه . .. وترى ذنبي في رقبة ابوي .
نزلت دموعها سيل وسيرة الزواج تتراءى قدامها واقع ..
" ماابيه .. ماابيه .. ياربي اخذني قبل آخذه .."
سحبت بطانيتها واندست فيها وغاصت بمخاوفها وهلعها وتخيلاتها المؤرقة ..
قامت امها وهي تردد "لاحول ولاقوة الا بالله " بيأس وخوف وقلق ورجا وترجي ..
وطلعت لزوجها تبي تشكي له حال بنتهم بكرهم واول فرحتهم لعل وعسى انه يتحرك ويشوف لبنته صرفه وحل وعلاج . .
قابلتها نورة وهي طالعه من عند نوف قالت : ها يمه وشلونها مااكلت ..؟
هزت امها راسها بيأس وقلة حيلة قالت : لاوالله عيت .. ادخلي ادخلي شوفي وجهها اصفر ولا يتهيّا لي .
قالت نورة بمرار : شفته يمه اصفر وعيونها تروع .. ان مااكلت خلي ابوي يوديها لمستشفى قبل لاتموت عندنا من الجفاف و الجوع ..
هبدت امها على صدرها وتعدتها بخطوات واسعه لابوها ..
كان جالس يتقهوى والعنود تسولف عليه وهو يسمع لها باصغاء ..
: يبه انت ليش موب مثل عماد يوم بيته وش كبببببببببره وفيه العاب وفيه درج وكله قزاز المرايا وش كثرها والطاولات في كل مكان والمطبخ مثل اللي نشوفه في التلفزيون .
: يابنيتي عماد رجالٍ درس وتوظف ورزقه ربي وعنده فلوس مهب مثلي ...
قاطعته ببراءه : حتى انت عندك فلوس .. انا شايفةٍ(ن) في صندوقك الحديد مية ريال وخمسينين ..
كانت تحرك اصابعها بحماس وكأنها وصلت لأعلى الارقام وهي تقول مية ..
ضحك ابوها منها قال : وانتي وش خلاتس تفتشين صندوقي ......
قاطعته ام نوف وهي تحث خطاها لجلسته في زاوية الصالة الدافيه واللي تحيد عن الباب والهواء البارد ..
قالت : ابو نوف ترى بنتك اهلكت عمرها بعمرها .. لها ثلاث ايام مادخل بطنها الزاد .. الدبرة وش وانا اشوفها تهلك قدام عيني .
نزل لافي فنجاله وتنهد بصوت عالي وذكر الله : لا اله الا الله .. هي وراها تسوي فينا هالسواة .
: نورة تقول لازم نوديها مستشفى ولا تراها تبي تموت من الجوع والجفاف .
عدل جلسته قال : دواها مهب عند الدكاترة .. دواها عند مسفر ولا خليت حمود ياخذها الاسبوع الجاي ويعالجها بمعرفته .
انطلقت العنود تجري مثل البرق بدون ماينتبه لها احد ودخلت على نوف المتغطية ببطانيتها ونورة عندها تحاول تبثها شيء من التفاؤل بالنصايح والتذكير ..
قالت العنود بلهفة .. : نورة نورة .. ابوي يقول بودي نوف لمسفر ولا خليت حمود ياخذها الاسبوع الجاي .
صفقت بيدينها وسط ذهول نورة وكملت : ياويلي مااشتريت لي فستان لعرس نوف .. مايمدينا ... بس باخذ من عند شهد فستانها الكبير الابيض اللي فيه ورده كبيرة على صدره .. هي تقول وسيع عليّ وماابيه .....
رفعت نوف بطانيتها قالت بصوت ضعيف : نورة طلعيها ولا تراني ذبحتها ثم ذبحت عمري بعدها .
قالت نورة : اطلعي يالعنود ولا ترى ابوي بيوديتس لمسفر ..!
طلعت العنود بنفس سرعتها اللي دخلت بها وقامت نوف وجلست ..
نظرها شارد وعيونها زايغه وهي منهكه وتعبانه قالت بهمس : كل شي يهون مع مسفر يانورة ..
قطعت كلامها والدموع تنزل من عيونها قالت نورة : ماتبين مسفر ..؟ هاقومي واجلسي مع امي وابوي اللي قطعتي قلوبهم عليتس .. واكلي وخافي ربتس تراتس تذبحين نفستس وهذا مايجوز .
هزت راسها بلا قالت : اذا طلقني العله هذا اقوم واسوي اللي يبونه .
ردت نورة بحده : واذا طلقتس ..؟ وش بتسوين من بيتقدم لتس اصلاً ولا تبين تقعدين عاله على امي وابوي طول عمرتس وتحيلين بيننا وبين الزواج .
تاهت نظراتها في الغرفة ..
محد فاهمها ..
انا خلاص ماابغى شي اسمه زواج
حتى عماد لو تقدم لي ماراح اوافق عليه
طابت النفس منه
وعفته يوم عيا يخلي فهد ياخذني ودف حمود عليّ عشان يفتك هو ولد خاله منيّ ..!
مايبيني حتى لولد خاله .. آآآآه .
وقفت وهي تحس بدوخه والأرض تحوم بها والغرفه تظلم في وجهها ..
قالت نورة وهي تشوفها تاخذ عبايتها وطرحتها : بسم الله الرحمن الرحيم .. وين بتروحين ..؟
همست ببرود : بروح اتوضأ واطلع امشي في الحوش .
: تمشين بعبايتس ..؟
: بردانه وماابي اللحاف ومااقدر البس شي ثقيل .
هزت نورة اكتافها بشك وهي تراقبها الين اختفت من امامها ..
عدت من عند امها وابوها اللي لازال محور حديثهم زواجها هو بت فيه وانتهى امره وهي تحاول فيه يتريث وينتظر لين تتعافى وتظهر من حالتها ...!
لمحتها العنود ووقفت وراحت تمشي وراها على اطراف اصابعها اللي اعتادت الأرض وآلفتها ..
طلعت نوف مع الباب وصكته بقوة من دون ماتشوف العنود او تنتبه لها ..
ورجعت العنود تجري لنورة قالت : نورة نوف وين راحت ..؟
فتحت نورة كتاب لاتحزن لعايض القرني اللي استعارته من وحده من زميلاتها .. قالت : للحمام وتبي تتمشى في الحوش .
: لاااااا نوف طلعت برا .
سكرت نورة الكتاب بقوة وفتحت عيونها قالت : قولي والله ..
حطت العنود اصبعها على حلقها بالعرض قالت : الله يقص رقبتي كان كذبت .
فزت نورة وراحت تتأكد مالقت لها اثر لابالحمام ولا بالحوش .. وراحت لابوها تجري قالت : يبه نوف طلعت برا ..
عدت من عندهم واخذت عبايتها ولفت طرحتها على راسها وانطلقت تجري بالشبشب حقت البيت .. وامها وابوها وراها ..
قال ابوها بصوت عالي : اصبري يانورة يمكن انها عند بيت عمتس .
اشرت نورة بيدها وهي تقول : يبه نوف تعبانه بالمرة .. بلحقها واشوف وين راحت .
الوقت بعد المغرب ..
والليل بدا يخيم ..
والنور شبه معدوم في طرقات القرية الا من ضوء القمر والنجوم ..
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك