رواية ملامح الحزن العتيق -45
هزت راسها سارة قالت : خليني بس اغسل وارجع لك ..
راحت غسلت وجهها ورجعت سلمت نفسها لسناء للمرة الثانية عشان المكياج ..
وكأن الارتياح بدا يلامس شغاف قلبها بعد اسبوع وأكثر من الارهاق النفسي والدمع والندم ..
***
في سيارة ثانية ..
سواد لونها مثل سواد نظرة صاحبها للدنيا وللحياة ..
ومثل سواد الجسم المتكوم على بعضه على المقعد الجانبي حياء وحرج في ليلة عمر ..!
ومثل سواد الطريق الصامت مثله ..
هو اسكته قلة حماسه لحياته الجديده واحباطه من التجربة الأولى ..
وهي اسكتها الخجل والحيا ولاشيء غيرهم ..
التفت لها ..
كتلة سواد ..
موباين منها شي ..
حتى قدميها المزينه بنقشات الحنا اصرت انها تخفيها بشُرَّاب اسود تحت الجزمة البيضا المطرزة ..
ويدينها متواريه خلف قفازات سودا وعباية الراس الواسعه مغطيتها من راسها لجزمتها ..
قال احمد بمحاولة منه بثها شيء من الاطمئنان وكسر جو الصمت : مها ..
همست بـهلا ماسمعها ..
اعاد مرة ثانية بصوت ارفع : مهاااا .
التفتت عليه وصدت بمجرد لهيئته قريبه منها قالت : سم .
ابتسم لصوتها الناعم الهادي قال : سم الله عدوتس .. اكشفي عن عيونتس ترى مابه احد في الطريق .
ماردت عليه من الحيا ..
قال مرة ثانية : ماسمعتيني وش قلت ..؟
همست بضيق : الا سمعت بس ماتعودت ارفع عن عيوني ..
غمض عيونه وهو يتذكر ليلى يوم اخذها من الديرة ..
واول مشوار اخذها فيه للطايف ..
كانت متغطيه وبعدها بأيام صارت تلبس النقاب وتضيق فتحته وبالتدريج توسعها ..
في البداية تخاف تطلع بمكياج بعدين صار امر عادي بعد اول تجربه ..
اخيراً على اللثمة وكل مرة تنزل فيها وتكشف عن عيونها المتخمه بالكحل وحواجبها المنمقه ومصففه بعنايه وتنزل لزوايا خدودها الملونه بالأحمر ..
ويمكن لو تمادت واستمرت معاه رمت اللثمة وبعدها ليتها تتحجب بس ..
كمل طريقه بصمت .. هالبنت مالها ذنب بليلى وفعايلها بس الحذر هالمرة واجب .. وثقته اللي اعطاها ليلى لابد يقتلها مع أي حواء ثانية ..
وصل المطار ونزلت معه بسوادها ساترها وحاميها ..
المكان غريب عليها ..
ومع غرابته مافكرت انها تحاول تستكشفه بقدر مافكرت انها تستر فستانها الابيض البسيط وتلم عبايتها عليها ..
رن جوالها هدية عماد لها وكانت نغمته دعاء للشيخ عبدالرحمن السديس ..
طلعته من شنطتها وشافت رقم فوزية اللي سجله لها عماد ردت عليها والخجل يخنق صوتها ويربكه : هلا والله ..
: هلا بك ياعروسنا .. وش اخباركم ..
ردت بحيا واضح : الحمد لله ..
حست فوزية باحراجها قالت : وينكم الحين احمد ادق عليه مقفل جواله ..؟
اكتفت مها باجابة مختصرة : في المطار .
: زين اذا وصلتوا طمنونا عليكم .. ومبروك مرة ثانية ..
سكتت مها وفوزية تقول بحرج من حرجها : يالله ماابي اطول عليك .. مع السلامه .
: بحفظ الله .
قفلت من فوزية وطالعت في مكانها لوحدها ..
ماحولها الا ناس غُرب واجانب ..
سمت بالرحمن وثبتت قلبها بذكرها واتكالها عليه ..
شافته جاي يمشي من بعيد بوجه جامد ماله علاقة بالفرح المفترض على اسم ليلته ..
حمدت ربها وشكرته على انه رحمها من انتظاره والقلق ..
قال احمد وسط ضجيج المطار والاعلان عن الرحله : يالله مشينا ..
مد يده على يدها الصغيرة وشافها مستحيه وخجلانه وآثر انه مايزيدها ومشى قبلها وهي وراه تكرر المعوذات ودعاء السفر بقلبها ..
واقفه قدام المراية ..
وجهها باهت وذبلان ومفتقد حيوية الأنثى ونضارة المرأة ..
ليه وجهي باهت ..!
ليه مو مشرق مثل وجه شادن اللي كانت نادراً تحط مكياج ونص اليوم تقضيه في شمس المدرسة ..
ليه فوزية اكثر حيويه واسعد مني وانا مافيه وسيلة تسليه الا قدرت احصل عليها ..
ليه احمد تركني بسهوله ولاهو اللي طلقني ولاهو اللي تفاهم معاي ..
ليه تزوج ..؟؟
انثنت على المغسلة وغسلت وجهها ورجعت تطالع في المراية ..
نفسها تبكي وتعبر بس البكا يرفض يساعدها ويخفف عن همها ..
الليلة احمد عريس
وعروسه صغيرة ..
ويقولون ملتزمه ..
آآآآه ..
ملتزمه ..
واحمد بيشوف الفرق بيني وبينها
تذكرت كلام امها عن وحده من قريباتها في الديرة ..
مرة احمد ملتزمة وراعية بيت يقولون محد ينافسها بالطبخ وتسوي حلى كل(ن) يمدحه ..
يعني الفرق واسع وشاسع ..
بكرة بتعامله مثل شادن اللي طار في اكلها وقهوتها وحلاها وسنعها ..
وبيشوفها تصلي ..
تأوهت اكثر وغسلت وجهها مرتين وثلاث وعشر ..
ودي ابكي ..
ودي اصرخ واقول انا وحده خاينة لربها ولزوجها
اقول تراني ضيعت حياتي بيدي وفعايلي ..
اقول تراني قتلت كلمة يبه من لسان طفل وحرمت احمد سماعها ..
اقول تراني كلمت شباب واستغليت الانترنت لأهواء نفسي ونسيت ربي وقوانينه ..
وآآآآه اقول اني دخلت مواقع ساقطه كنت اجلس فيها بالساعات واهمل زوجي بسببها واترك المواقع اللي تفيد وتذكري وتنصح ..
طلعت من الحمام ومرت من عند امها في الصاله ودخلت غرفتها وصوت امها يتخلل مسامعها
قلت لتس اهتمي فيه وراعيه وحياتس مهب حياة .. وياما نصحتتس وهذي النتيجه ياليلى .. شفتي الحرمه ليا اهملت رجلها وحرمته من العيال وشلون تصير رخيصه ..
سدت اذانيها بأصابعها وهزت راسها رافضة سماع كلام امها اللي تعيد وتزيد فيه من اول ماسمعت بخطبة احمد ..
تغطت بلحافها وسط هاله من الحزن .. والحسافه والندم
وليه وليه وليه اسئلة مرت على ذهنها بلحظة صحوة وتأنيب ضمير ..!
بس فاااات الوقت وانتهى وقت العتب واللوم وماعاد ينفعها ندم ..
***
رجع لبيته بعد ليلة متعبه ..
كل حفلة زواج متعبة سواء كانت مختصرة ولا كبيرة ..
المهم نهايتها فرح وانجاز ..
توجه لغرفة جدته وكأن البيت ضاق عليه وماعاد به متنفس الا هالغرفه ..
طل عليها يشوفها صاحيه ولا نايمه ...
شافها منسدحه ومتلحفه ... ومشى على اصابعه وبخفه قاصد آخر الغرفه ..
قالت وهي بين الغفوة والصحوة وبصوت يهاديه النوم ويغازله : ياوليدي ريح عمرك انت من صباح الله ماقعدت .
عرف انها صاحية وتأوه بتعب ورمى شماغه وطاقيته وفتح ازارير ثوبه وتمدد على الارض ..
قال : الله يستر عليهم ويوفقهم .. توني ارتحت من سنين يوم احمد اخذ له حرمة(ن) سنعه .
ردت ام ناصر بصوت ذبلان : الله يرزقك انت واحمد بالضنى اللي يقر عيني .
سكت عماد بغية عدم ازعاجها وساد المكان وحشة صمت غريبه ..
امتد شماغه وغطى فيه وجهه وغمض عيونه ..
يتخيلها تكلمه وتسأله وتقهويه وتحوف البيت ..
كل هاجسه " بس لوكانت فيه "
استغفر ربه وتعوذ من الشيطان وهو يتمنى ويتخيل بــ لو
رفع شماغه عن وجهه واخذ تلفونه ..
فتح الرسايل وكتب منقاد لمشاعره وشوقه ..
( إلى متى من دون تفكير أناديـــــــك
أحسبك عندي وأنت يابعد ممشــاك
لو صار شوفك صعب ماني بناسيك
ولو حال دونك يأس لا يمكن أنساك
لو عشت طول العمر بالروح بفديك
يالغالي اللي غالي الروح تفـــــداك )
ضغط ارسال ورمى جواله بجنبه ورجع تمدد على ظهره وغطى وجهه بشماغه باهمال ..
وكانت دقايق قليله وداهم النوم فيها عينه على طيفها ..
***
جالسه مع سارة اللي بدا شكلها مرتاح وماتفكر الا وشلون تواجهه ..
بس كل شي يهون المهم انه ماطلع مثل ماتوقعت ..
قالت لامها اللي تبخرها : يمه اهم شي شنطتي الصغيرة ماتحطونها في سيارة مشاري ..
ردت امها : الحين انا ماادري انتم بتروحون لفندق ولا لشقتكم ولا كيف ..!
التفتت سارة على شادن وهي منغمسه بعقلها وقلبها في مسج وصلها على جوالها ما كأنها معاهم قالت : شدون عمري انتي اللي تقدرين تعرفين من نايف او عماد ..
عقبت ام مشاري : ايوه صحيح ياشادن تقدرين تدقين على نايف ..
ماحست بكلامهم ولا التفتت عليهم قالت سارة بعصبيه وتوتر : شااادن .. هذا وقت غزلكم ..؟ ردي علينا .
رفعت راسها وفتحت فمها وهي تبتسم لام مشاري وسارة الموجهين انظارهم عليها قالت : هاااا ...؟ اش قلتوا ترى ماسمعتكم .
ردت عليها ام مشاري وهي تحاول تنفش فستان سارة البسيط من تحت : نقول اتصلي على زوجك ولا نايف اسأليهم فهد وين بيروح اذا اخذ عروسه .. سارة يمه والله فستانك هذا ماكأنه حق عروس .. الله يهديك بس انتي واختيارك .. شوفي كيف من تحت ..
طالعت سارة في اسفل فستانها قالت : يمه اش اسوي تعرفين نفسيتي كانت تعبانه لمن اخترته ... بعدين مافيه لازفه ولا معازيم كثير ولاشي من بيشوفه يعني .. حتى تصوير مافيه .
ضحكت شادن وهي تحط جوالها على اذنها للمرة الثانية وتحاول تكلم نايف قالت : الحين العروس تمشي والحفله لسه دوبها تبدا فهد هذا عليه حركات ..ركزت مع نايف اللي فتح خطه قالت : ايوه نايف هلا بك .... وينكم .....
بالله ........ يالله مع السلامه .
قفلت منهم قالت : خلاااااص واقفين عند البوابه ..
وصلتهم ريهام بسرعه وهي تتعثر بكعبها العالي قالت : خالتي مشاري له ساعه يحاول يدق علينا جوالاتنا مو معانا .. الحين دق على امي يقول انهم دخلوا البيت .
جلست سارة على الكرسي بخوف ..
قالت : ياويلي مسرعهم .. والله مااقدر اروح ..
ردت امها وهي تمسح على راسها : يمه لاتقولين ياويلي مية مرة قلت لك ويل وادي في جهنم .. بعدين ليه ماتقدرين .. تحصني واستعيني بالله وخليك بنتي القوية اللي ترضى بقسمة ربها ..
" ماتدرين يايمه وش انا مهببه معه .."
قالته سارة في نفسها وهي توقف لريهام اللي مسكت عبايتها وهي تقول : يالله تكفين مشاري مرة معصب عشان محد رد عليه لايعصب اكثر اذا تأخرتي .
طالعت شادن في سارة قالت : يالله يازوجة ولد عمي توكلي على الله وانزلي .. صحيح تذكرت ..! ترى حنان تسلم عليك وتقول لك مبروك وتقول لك ان زواجك بيتسجل في التاريخ على يدها .
ابتسمت سارة والربكه مأثرة عليها قالت : يوووه انا فين وانتوا فين .. ياربي تيسر لي بس .
ضمتها امها وعيونها تغرق بدموع الفرح ممزوجه بدموع الفراق ..
قالت : الله يوفقك ويسعدك ياعمري .. بكرة تكلميني تطمنيني عليك .. لاتنسي .. ترى قلبي بدا من الحين ينشغل عليك ..
قرصتها شادن بخفه قالت بمرح وهي تغالب الدموع : ياعمري ياسارة راح افقدك فهد بياخذك منا .. ابتسمت بغصه وكملت : بس اهم شي انا نقدر نطب عليكم بأي وقت بدون مانستحي منكم .
شدت سارة على يد شادن قالت بهمس : شادن ادعي لي ماادري كيف بتعدي ليلتي .. شكله زعلان مني كثير ..
ضمت شادن على يدها قالت : ياعمري فهد رجال وصدقيني راح يتفهم الموضوع اهم شي تكلمينه بهدوء وبدون تهور وحتى لو كان زعلان حاولي تراضينه بشتى الطرق اهم شي لاتعاندين زوجك ياسارة واكسبيه ترى فهد رجال وعلى قولة نايف ينشري .
ابتسمت سارة وهزت راسها قالت : ذكرتيني بكلام أبوي ومشاري عنه بس عصبي ياشادن ...
سكتت على صوت امها اللي رجعت لهم وقالت : يالله يالله ابوك يقول تنزل الحين الرجال مستعجل ومارضى يدخل .
: نزل مع المصعد وعلى البوابه ولاتقولون لاحد اني خارجه ..
اخذت امها عبايتها ولبستها قالت : اجل يالله البسي عبايتك هنا ..
لبست سارة بسرعه وريهام تكلم مشاري وتقول له : خلاااص والله بتخرج الحين حتى شوفها لابسه عبايتها بس انت هدِّ نفسك لاتعصب ..
قفلت جوالها وزمت شفايفها قالت : مشاري معصب يقول العريس طفش وابوي عصب .
عقدت سارة حواجبها قالت : هذا والساعه للحين ماجات 12 .. والله حنان صادقه المفروض يتسجل زواجي في التاريخ ..
طلعت تمشي مع امها وتوجهت للمصعد وخفقات قلبها مرتبكه ومتفاوته بين القوة والسرعه وبطء النبض ..
***
***
متلثم بشماغه وواقف عند سيارته ويرتب شنط سارة اللي طلعها مشاري في سيارته وكأن الصمت تحول لجبل جاثم على لسانه وصدره ..!
قال نايف وهو يترجل من سيارته : وش رايك تروح معاي للبيت تاخذ لك فنجال قهوة وتروق الين الساعه تجي اثنين ثلاثه بعدين تاخذ عروسك .. ياخي حسسها انها عروس ..
سفه نايف ومافكر يرد عليه .. واصغى لمشاري وهو ينوب عنه في الاجابة : لا خله على كيفه اصلاً انا منبه على اختي ان فهد ماراح يخالف عادات ديرته والعريس يكون مع عروسه الساعه 11 ولا 12 بالكثير .
سكر شنطة السيارة بقوة ونفض يدينه عن الغبار اللي انتثر عليها من الطريق وهو جاي من الديرة قال ابو مشاري : فهد عسى ماشر ياولدي .. تعبان ..؟
فك فهد لثمة شماغه ونسفه باهمال على عقاله قال : مايجيك الشر ان شاء الله بس تعرف العرس وتعبه .
رفع نايف حاجبه باستهبال قال بصوت واطي : يقولون انك ماصحيت الا قبل العصر وابومشعل وبندر هم اللي كرفوا لين هلكوا .
التفت عليه فهد قال بلهجة حاده وصوت واطي : ورى ماتسري لبيتك انت ترى الحرمه بتطلع الحين ثم لااشوف ظلك عندي .
ضحك نايف باستهبال قال : اشوا ان مافيه شمس وماراح يطلع لي ظل .
: تستهبل انت ووجهك ..؟
قرب منه نايف قال : الله يلوم من لام عمتي فوزيةفيك .. اجل فيه عريس عاقد حواجبه .. ياخي والله لو انه عرسي كان تلاقيني ارقص من الفرح .
وصلهم صوت ابومشاري قبل مايتعنى فهد ويرد وهو يقول : وصلت العروس ..
تحرك نايف بسرعه واشر لفهد وقال : يالله مبروك واشوفك على خير ..
انسحب من المكان بسرعه من دون مايلتفت او يسمع رد فهد ..
صد فهد ثواني والقهر ينهش في قلبه اكثر من كل الايام اللي مضت عليه وهو يتآكل وجع ..!
سمع ام مشاري تكلمه وتوجه لها ولأول مرة يسلم على راسها قالت بصوت مخنوق : سارة امانتك يافهد ..
رد عليها بصوته القوي الواثق : في الحفظ والصون ان شاء الله .
مسك ابومشاري يده قال : هذي تراها قلبي اللي بين اضلاعي سلمتك اياها امانه يافهد .. ترى ماعندي اغلا منها في الدنيا كلها .
ربت على يد ابومشاري بيده الثانيه وهو يقول بلهجة مطمئنة : مااخذتها ان شاء الله الا وانا ناوي اصونها ياعمي .
تسحبت سارة مع مشاري وامها وركبت السيارة وفهد يكلم ابومشاري ..
قال مشاري : اما انا يافهد ماراح اوصيك عليها .. بوصيها هي عليك ..
تكلم بلهجة جاده وهو يحط يده في يد فهد ويقول : انا عارف انك رجال ومحد يستاهل اختي غيرك .. بس تحملها شوي واصبر عليها .
تنفس فهد بعمق لعله يطفيء من وهج النار المشتعله بين حناياه ..
وربت على كتف مشاري بدون كلام ..
ثم اعطاهم ظهره متوجه للسيارة وهو يقول : يالله .. اسلم عليكم ..
***
دخل بيته بعد مانزل خالد ..
لو انها هنا ..!
رددها كثير ومن قبل مايوصل البيت
ورددها بعمق ومعنى اقوى لمن فتح بابه ..
شاف جدته واحمد جالسين في الصاله ..
قال احمد بصوت عالي : لاتقول انك ماجبت شادن ترى من يوم راحت لاقهوة(ن) سنعه ولاعيشة(ن) سنعه ..
ردت ام ناصر برجا وخوف : لا مهب مخلي بنيتي مايجيبها لي .. هو خابرني من يوم جتني وانا مااقدر اصبر عنها ..
وخيب آمالهم بكلمته بعد ماسلم على جبين جدته .. وعلى احمد ..
قال وهو يجلس ويتكي بتعب : لاوالله ماجبتها .. خليتها تقعد مع مرة فهد تقول انها ماتقدر تروح لحالها للسوق .. وهذيك امها مقابلة ابومشاري ماتقدر تخليه ..
جاته الحجه ووصله العذر بفعل الاقدار ..
التفت عليه احمد اللي كلمه وعرف منه عن مرض ابو مشاري : ها وشلون ابومشاري الحين .. عساه احسن .
قال عماد : أي الحمد لله احسن .. تعرض لنوبة سكر ووداه فهد والحمد لله مابه العافيه .
قالت ام ناصر اللي افتقدت شادن من ايام وهمها متى ترجع لها .. : ها علمني متى بتجيب مرتك ..؟
رد عليها عماد : متى ماكتب الله .
اجابته زادت خوفها خوف ..
وقلبها ماتطمن عليها وهذا حاله معها ..!
صب عماد له فنجال قهوة ورشف منه قال : انا اشهد ان مابعد قهوة شادن قهوة ..
رد احمد : عز الله صدقت .. انا وامي ذبحنا الجوع عقبها ..
ابتسم عماد وهو ياخذ له حبة تمرة ويدسها في فمه قال : يارجال ماذبحك وانت مع ليلى اللي ماتعرف تسوي حتى بيالة الشاهي ..
استغفر ربه واحمد يمد نظره للبعيد رغم اصطدامه بالأثاث اللي حوله الا انه تجاهلها وتجاوزها ورحل لآخر مدى وعقله يتوه وين يرسى ..؟ عند مين ..؟ ومتى ..؟
***
عدت الايام ..
كلاً ملتهي بنفسه وشايل همه ومحتفظ به ..
احمد يزفر ومكتئب ومتشائم من العرس والحرمه في حياته من جديد ..
سايرهم في موضوع الزواج لمجرد الانتقام وتنفيذ لرغبة امه ومايبي يرد عطية عماد واختياره له ...
ويمكن لأنه يبي له عيال ..
ومافيه احسن من ابومشعل يكون خالٍ(ن) لعياله ..
فهد بصمته الدفين على اللي شافه وسمعه ..
ومستقبل حياته محفوف بالشك وياليته أي شك ..
شكوكها في اكره الأمور وأسوأها لله والناس وله هو تحديداً ..
تشك انه ممن يهز عرش الرحمن وياشين الابتلاء والظلم ..
مرت ايامه خاليه من اي حماس ..
والفرح بقلبه منطفي من قبل الفرح ..
وعماد .. بيته في ناظره مهجور ..
رغم صوت جدته يملاه ووجودها في حياته جنة وسعاده ..
الا ان الدور اللي فوق بالنسبه له موحش ومهجور .. ومايقربه الا اذا كان مضطر ومحتاج ..
وشادن تحسب الأيام وتعدها مترقبه ويدها على قلبها ..
والعروس المتهورة الظالمه خايفه من اللقاء وصعوبة الموقف ..
وشلون وكيف اسئله تدور في راسها بالاضافه لخطط حاولت جاهدة تتبع اسلمها وأفضلها ..
والعروس الصغيرة .. خايفه من القادم ومن التجربة الجديدة عليها واللي ماكان لها الوقت الكافي انها تفكر وتتقبلها بهدوء .. لكن قوة ايمانها بربها وثقتها في اللي عينه ماتغفل عنها قوية .. معتزمه انها ترضيه اولاً وأخيراً في نفسها وزوجها وهو ماراح يخيبها ..
ونوف نسجت احلامها مع كائن جديد بدا يتخلق بأحشائها ..
تعد الساعات وتشوف بطنها يكبر ثم تحس بحركته ثم تشوفه في حضنها ..
وحمود يترقب ابوته وطفل يحمل اسمه ويكون ولد نوف ..
نوف الحبيبة والقريبه ..
ويسعى جاهد انه يسعدها بكل اللي يقدر عليه وعسى الله يقدره ويساعده ..
،،،
ومرت الايام ..
والليلة زواج ..
او بالأحرى زواجين ..
اسمه فرح وماهو فرح ..
فهد مكتئب ويتحجج بالصداع والتعب ..
واحمد حزين ويتحجج بفراق امه واحبابه وسفرته الليله ..
الجو هادي .. والمناسبة مختصرة ..
في مجلس الرجال في بيت عماد كان اجتماع هادي وبسيط للجيران والأقارب ..
وفي بيت ام فهد جمعة حريم ..
قدروا بطريقتهم يسلون انفسهم ويخلقون جو زواج من رقص وأهازيج طقاقه عبر سماعات الاستريو اللي تبرعت فيه فوزية لليلة ماتحصل باستمرار مثل هذي ..
وفي الجو الصاخب وزحمة حريم الجيران واطفالهن ..
صرخت فوزية في منال الواقفه عند باب المطبخ وصوت المطربه حاجب بقية الاصوات عنها ..
التفتت لعمتها اللي تعابير وجهها باين انها غاضبه ..
قالت : هلا عمتي وش بغيتي تراني مااسمعتس ..؟
ردت فوزية بانفعال قالت : روحي جيبي المبخرة والعود اعطيها بندر واقف برا ..
فتحت منال عيونها قالت : الحين ..؟
: ايه الحين احمد بياخذ حرمته ويطلع للمطار وفهد بيمشي لجده .
طالعت منال في ساعتها قالت : بسم الله مسرعهم تو العشا مااذن ..
قالت فوزية : ياشاطرة رحلة احمد بعد ثلاث ساعات يادوب يوصل المطار .. وفهد اربع ساعات ونص ويكون في جده متى تبينه يسري لحرمته نص الليل عشان ياخذها الصبح ..
مرت من عندهم حنان وهي تهتز على صوت ( موضي الطقاقة ) قالت بضحكه : قسم بالله عرس فهد وعمي المفروض يسجلونه في التاريخ انه اغرب عرس في الدنيا .. اجل العرسان يروحون بعد المغرب ولا فهد ياربي لك الحمد بس عرسه في ديره وحرمته في ديره ..
ضحكت منال وهي تعطيهم ظهرها وتقول : عسى عبدالله ياخذتس ليلة عرسكم لامريكا ..قولي آمين ياعمتي ..
ضحكت فوزية ورفعت يدينها للسما وهي تقول : آآآمين واشوفها تلبس تنورة بدال الفستان عشان ماتطيح في المطار ..
قالت حنان بغيض : اخ بس لو انتي موب عمتي كان وريتتس شغلتس .. الاشهد وينها بطلع حرتي منتس فيها ..
ضحكت فوزية قالت : اليوم شهد ساحبه على عماد ولاتشوفه شي .. طول اليوم لازقه في احمد عشانه معرس ..
ضحكت حنان قالت : هههههههههههههه خير ان شاء الله واذا معرس وش تبي منه هي وجهها ..؟
دقتها فوزية بطرف اصابعها وهي تطالع في جوالها قالت : المعرس الصغير يتصل .
حطت جوالها على اذنها ورفعت صوتها بـ: الو ..
رد فهد : هلا فوزية .. افصلي وحدة من السماعات فضحتونا في العالم .
قالت فوزية : كل الناس تدري ان عندنا عرس .
رد عليها بحزم : افصلي وحدة ولاجيت وفصلتهم كلها وقعدتن بدون رقص .
عقدت فوزية حواجبها قالت : خلاص خلاص بنفصل وحده .. ماشي انت الحين ..؟
: ايه ماشي .. نادي لي امي وجدتي علميهم انا في مجلس الرجال بعد عشر دقايق .
: طيب ..
قاطعها قبل تنهي كلامها بـ : مع السلامه ..
وقفل منها بسرعه وهي تطالع في حنان قالت : روحي افصلي سلك وحده من السماعات ونادي له امك وامي انا بروح اسنعه اللي مايستحي على وجهه ويقفل في وجهي ..
شهقت فوزية قالت : ياويلي فهد لايجي ومنال عند نايف ..
راحت بسرعه للمجلس وحنان تتبعها بنظرات ذهول ممزوجه بخوف لو احد يدري عن فعلة عمتها ..!
***
خلاص برجع لايجي احد الله يخليك ...
قالته منال وهي ترتجف ويد نايف تضم على يدها بقوة ..
قال لها بحنان : اخليك تروحين وتوعديني انك تكلميني الليلة ..!
: لا مااقدر اكلمك .. ابوي لو يدري ذبحني ...؟
زم نايف شفايفه على بعض قال : عمي هذا شكلي باخذه عندي يومين واسوي له غسيل مخ .. اجل يقول لي .. قلد نايف صوت عمه ولهجته وكمل : انتظر لين تاخذها لبيتك ثم هرجها ليل ونهار ..
شد على يد منال اللي تحاول تفلتها منه ودموعها تملا عيونها قال : منال تبكين ..؟ افاااا .. من جد ماعندي ذوق .. خلاص انا آسف ولاعاد تكلميني ياشيخه ولاتجلسين معاي .. خلاص روحي اذا السالفة فيها دموع ..
هزت راسها والدموع تبلل خدودها قالت بغصة : بس لاتزعل مني اذا ماكلمتك .
: ماني زعلان والله وماراح اجبرك على شي ماتبغينه ... انا اصلاً واحد غثيث ..
مسحت دمعها وانسحبت من قدامه بلا رد وقبل ماتطلع قال لها : منال .. بنتقابل في الصيف ن شاء الله .
كملت طريقها لداخل البيت واخذ نايف المبخرة اللي يتصاعد منها الدخان المختلط بريحة العود الازرق .. وقبل مايطلع شاف فوزية تدخل عليه ..
قالت : وش سويت في البنت انت ..؟
قال نايف : ماسويت لها شي بس خجولة بزيادة بغت تموت من الحيا ..
سكتت فوزية وهي تشوف فهد يدخل وينادي بـ ياولد ..
قال نايف : ادخل مافيه الا عمتي فوزية .. همس نايف لفوزية : اشوا انك جيتي لايفتح معاي محضر تحقيق .
قال فهد : وين امي وجدتي موب قلت لتس خليهم يجون .
عقدت فوزية حواجبها قالت : هذا شكل معرس بالله ..؟ ليه الاخلاق قافلة ..؟ وش منغص عليك يافهيدان ..؟
رمقها بنظره وبقلبه .. اشياء واجد يافوزية
اولها فاقد(ن) سعود
وتاليها الحرمة اللي انا بروح لها وبتصير زوجتي وام عيالي تحسبني ... استغفر الله بس ..
غمض عيونه ونفخ بقوة قال بانفعال : الحين انا قاعد انتظر ومحد يمي ..
قال نايف بهدوء : تراني ماشي معك .
وبنفس الانفعال : وين تمشي ..؟ اقعد مهب لازم تروح .
رد نايف : يارجال امي وشادن ماعندهم احد ولازم امشي .
سكت وهو يسمع صوت ام ناصر اللي تذكر الله وترجوه انه يبارك لهم في زواجهم وفرحها مختلط بحرنها على فراق احمد اللي حان ..
تقدم فهد وسلم على راس جدته وطلع نايف بعد ماسلم على ام فهد من بعيد وسألها عن حالها واحوالها ..
سلم فهد على امه اللي دعت له وباركت له واستودعهم الله ولحق بولد عمه ..
ركب سيارته وتوكل على الله ونايف يسلم على عمانه ويودعهم .. وتحرك باتجاه الطريق اللي يودي خارج القرية ولها ..!
***
العروس الباكية ..
ابكت شادن وذكرتها بحالها ليلة زواجها وشكلها يقول انها تخفي عنها سر ودفين ..
رمت الكوافيرة قلم الكحل من يدها قالت : مابيصير هيك .. وراي تلات عرايس ولهلا ماإدرت كمل لك .. يابنتي خلاص هونيها وبتهون .
اخذت شادن منديل ومسحت دموع سارة اللي نفرت الحكل من عينها وهي تقول : سارة اش اللي صاير ..؟ فهد قال لك شي ..؟ سارة لازم اعرف ولازم تقولين لي ..!
هزت سارة راسها بلا .. وهي تضم على يد شادن بيدها الذبلانه ..
قالت شادن : طيب انتي هدي اعصابك والله ياسارة ان عماد بنفسه يضمن فهد وانا اثق في عماد بعدين ..
قاطعتها سارة منفجرة : اسكتي ياشادن اسكتي لاتكملين ..
صكت وجهها بيدين اظافرها منمقة ومرتبه ومطليه بلون فضي يشبه لون فستانها اللي اختارته مع امها غصب عنها ..!
تكرهه حد الحقد ..
تكرهه اكثر من خالد الخاين لربه ثم لها ولاهلها ..
وتكره اسمه وطاريه وقرب ابوها منه واعجابه فيه .
وتكره الليله لأنها بتجمعها فيه ...
وتكره الدنيا اللي فيها امثاله وامثال خالد ..
دخلت ريهام زوجة مشاري بفستانها السواريه بلونه السماوي وتصميمه الناعم واللي ماتكلفت فيه وبمكياجها الهادي وهي تقول : سارة في ولد من جيرانكم اسمه عدنان واخته معاه جاي يقول بيشوفك ..
سكتت ريهام واشرت لشادن بهمس : اش فيها ...؟
زفرت الكوافيرة وهي تشوف كل تعبها راح بسبب دموع سارة وبكاها ..
قالت : ياسارة ياألبي مابيصير هيك ..؟ ورايا كمان عروستين بدّون شغل وتعب .. الله يرضى عليكي اهدي شوي ..
قالت شادن : ماعليه سناء اعذريها اول مرة تبعد عن اهلها ..
: ولك أي والله فاهمه بس كمان تمسك حالها شوي هي مو صغيره ..
ابتسمت لها شادن ورفعت يدينها بمعنى ان مافي يدها شي ..
والتفتت لعدنان الواقف يطالع في سارة برهبه وخوف وهو لابس ثوب ابيض مطرز وشعره الطويل مقصوص لرقم ثلاثه
قالت شادن بمحاولة منها تشتيت تركيزه عن سارة اللي تنتحب بقهر : ماشاء الله عليك ياعدنان تعال حبيبي تعال .. اش هذي الحركات ثوووب وكمان محلق شعرك وصاير كبير .. شكلك الليلة بتطلع احلى من العريس ..
لمس عدنان شعره الخفيف قال ببراءته المعهودة وابتسامته متسعه : ايوه عارف عشان خلاص صرت رجال .. عمو فهد قال لي اذا حلقت شعرك حتصير رجال .. وكمان قال لي اللي يطول شعرو ويلبس ملابس عريانه الناس حتقول عنو بنت مو رجال .
فجأة سكتت ..
ورفعت يدينها من على وجهها ..
هااااا ..؟؟؟ اش قااااال ...؟؟؟
اللي سمعته حقيقه ولا خيال ووهم ..؟
يعني لمن شافه قال له خلك رجال بدل مايقول ....
آآآآه وش اللي يصير لي
وش اللخبطه اللي انا فيها ..؟؟
قالت بألم ممزوج بأمل : عدنان تعال .
تقدم منها خطوتين وهو متردد قال : خالتو سارة لساتك زعلانه مني ..؟؟
هزت راسها بلا وحواجبها معقودة قالت : لاياعمري مو زعلانه .. انت زعلان مني ..
: لا مو زعلان اصلاً انا احبك وجبت لك هدية ورده من بيتنا وكمان جبت لعمو فهد ..
ابتسمت بشفايف ترتعش قالت : طيب حبيبي فهد اش قال لك هذاك اليوم .
سرد لها عدنان بسرعه اللي قاله فهد ..
وكلامه يخترقها زي السهم ..
دمل جرح وفتح ثاني ..
لازم اصير رجال والملابس حقتي مو كويسه ومااخلي شعري زي شعر البنات حتى الأولاد الكبار مايحسبوني بنت ويضربوني اذا خرجت في الشارع .. كمان قال لي لازم البس ثوب ولا بنطلون وقميص طويل ..
شوفي خالتو سارة خليت بابا يشتري لي ثوب عشان لمن يجي عمو فهد يشوفني رجال ... وهو كمان وعدني يجيب لي غُترة وعُقال ...
ضربت على وجهها وانهارت من جديد وحضنت عدنان .. اللي فجأة سكت عن سرد الكلام بسبب حركتها ..
قالت شادن : بنت سارة .. وش فيك انتي ..؟
وقفت ريهام واخذت عدنان بيده بعد ماسحبته من بين يدين سارة وهي تقول : يالله عدنان روح جهز وردة عمو فهد لأنو جاي بعد شوي .
طلع عدنان وعيونه تطالع في سارة المنهارة وتردد : ياولي من ربي ياويلي من ربي .. ظلمت الرجال وظلمت نفسي .. ياويلك ياسارة .. ياويلك كيف بيسامحك ..
شدت شادن يدينها من على وجهها وسط ذهول ريهام اللي رجعت وتراقب سارة بعيون تحتجز دموعها
يتبع ,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك