رواية يا خالتي اريد امي -1
رواية : ياخالتي أريد أمي ..
للكاتب خالد الغامدي ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
يا خالتي أريد أمي ......
الفصل الأول
هذه هي الحياة ، يولد الإنسان ، ثم يكبر ، ثم يشب ، ثم يتزوج وينجب ، وتستمر التربية إلى أن يموت الإنسان ، فهذا أحمد بن محمد ، عاش في قرية صغيرة ، عاش بين أحضان والديه ، وفي منزل أبيه ، تربى مع أهله وأحبابه ، وبين زملاءه وأصحابه ، هاهو يكبر أمام ناظري والديه ، إلى أن شب وأصبح يعتمد عليه ، سافر مع أصحابه ، بعدما ودع أهله وأحبابه ، يبحث عن رزقه ، يبحث عن وظيفة له ، لقي وظيفته التي تناسبه ، وظيفة في فرع من شركة تجارية كبيرة ، في مدينة كبيرة ، تبعد عن قريتهم من مائة وخمسين إلى مائتين كيلو متر تقريبا ، دخلها بسيط ، باشر فيها ، وتشبث بها ، وبعد مرور عام من الزمن .
اتصل عليه والده وقال له ولدي أريد أن أفرح بك ، لابد لك من الزواج ،
أحمد : ولكن يا أبي دعني أكون نفسي ، وآخذ وقتا كافيا في وظيفتي .
والده : دعك من الكلام الغير مفيد ،
أحمد : حسنا يا أبي ،
والده : إذن يا بني على بركة الله ، عليك أن تأخذ إجازة بعد ثلاثة أشهر .
أخذوا في الترتيبات ، وأعدوا التجهيزات ، خطبوا له ابنة عمه ، التي من لحمه ودمه ، تلك اليتيمة ، تلك الوحيدة ، تلك التي لم يتزوج والدها بعد وفاة أمها ، من أجل تربيتها ، إنها مريم ابنة عمه سعيد ، فهي وحيدة أبيها ، من تطبخ له ، من تعطيه الدواء ، من تهتم به ، حددوا موعد الزفاف ، وأخذ في شراء الخراف ، ويأتي الوقت الحاسم ، ويأتي موعد الزواج ، فرح أحمد ، ولا أحد منه في ذلك اليوم أسعد ، وبعد أن زفت عروسته ، وأخذ زوجته ، وذهب إلى عش الزوجية ، قضوا ذلك اليوم في سعادة وهناء ، جلسوا في القرية ثلاثة أيام ، ثم سافروا بعدها إلى المدينة التي بها وظيفة أحمد ، استقروا في شقة بسيطة هنالك ، أجارها معقول بالنسبة إليهم ، 10.000 ريال تقريبا ، وبعد شهرين تقريبا ، تحمل تلك الفتاة ، زادت السعادة ، واكتملت الفرحة ، يا لسعادة أحمد ، ويا لفرحة أحمد ، تمر الأيام والشهور ، ويبدأ العد التنازلي ، تأتي موعد الولادة ، يخرج ذلك الطفل يبكي ، والكل حوله ضاحك وفيه يحكي ، يا لجمال ثغره ، يا لجمال عينه ، يا لجمال شكله ، يخرج الأم والأب حاملين طفلاً وليداً ، حاملين ضيفاً جديداً ، حاملين البهجة معهم ، حاملين من سيضحكهم ، إنه خالد ، من سيتكرر اسمه ، من سيكثر بكائه وضحكه ، عندها زاره والده وأمه ، وفرحوا معهم ، وعندما أرادوا الرحيل في اليوم التالي ، عزموا على الذهاب بعد أن صلوا صلاة الفجر ، وعند الرحيل وبينما أحمد يودع عائلته
قال له والده : الآن يا بني أصبحت أبا ، الآن أصبحت لديك عائلة ، فإذا غادرنا هذه الدنيا فهذه عائلتك ، لا تفرط فيها ،
قال أحمد : أطال الله في عمرك يا والدي ، لا حاجة أن تقول هذا الكلام ،
والده : لا يا بني لابد أن تسمع هذا الكلام مني عاجلا أو آجلا ، ذهبوا بعد الوداع متجهين إلى منزلهم ، وبعدما رحلوا ، إذا باتصال يأتي في الساعة العاشرة صباحا من رقم أبيه ، رد أحمد بتلهف وشوق ، هل وصلتم ، ولكن الصوت غريب ، ثم قال من معي ، أجاب المتصل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل الثاني :
أنا محمد ابن خالك ،
أحمد : لماذا هاتف أبي معك ، وهو في دهشة وذهول ،
محمد : تمالك أعصابك ، فقد وقع حادث لأحبابك ،
أحمد : ماذا تقول ! هل أنت جاد ، لا مستحيل ، قل غير هذا أرجوك ، قل غيره ، محمد : لكن هذا هو الواقع ، والحق أبويك فقد نقلوا إلى المستشفى العام بقريتنا ، أحمد : وهل هم بخير؟
محمد : إن شاء الله ، ولكن الحق بهم ،
أخذ أحمد زوجته وابنه ، واتجه مباشرة إلى قريتهم ، وصلوا إلى هناك مع أذان صلاة العصر ، ذهبوا إلى المستشفى مباشرة ، كل أقاربه مجتمعون ، وأمام المستشفى يبكون ، ذهب مسرعا سائلا : أقاربه
أحمد : أين أبي ؟ أين أمي ؟ ما بالكم تبكون ؟ إنهم بخير أليس كذلك ؟ ولا أحد يرد عليه ، تركهم وذهب مسرعا إلى الطوارئ وهو يصيح : أبي ، أمي ، سأل الممرضة هناك ، وأخبروه بغرفة والديه ، وعندما وصل ، كان ملك الموت قبله قد وصل ، وأخذ أرواحهم ورحل ، نظر إلى أبيه وأمه وقد غطى الطبيب على وجهيهما بشرشف أبيض ، بدأت تقل خطواته إلى والديه ، وأصبحت رجليه لا تستطيع أن تحمله ، يمشي قليلا ثم يسقط ، ثم يقوم ويمشي مرتكزا بيديه على الحائط ، وصل إلى أبيه ، ورفع اللحاف عن وجه أبيه وأمه ، وبدأ يبكي ، ويزيد في البكاء ، أبي هل أنت كما يقولون ميت ، أم أنت نائم يا أبي ، نعم أنت نائم ، ولكن استيقظ فأنا ابنك أحمد ، أمي استيقظي أرجوك ، أبي قم أرجوك ، أمي أرجوك انظري إلي ، أمي أتيت بحبيبك ، أمي أتيت بخالد ، يتنقل في الغرفة بين أمه وأبيه ، ولم يصدق من حواليه ، دخل محمد ابن خاله ،
محمد : أحمد اتق الله ، واصبر فهذا مصير كل حي ، إن العين لتدمع ، وإن القلب ليحزن ، ولكن ما نقول إلا ما يرضي ربنا إنا لله وإنا إليه راجعون ،
أحمد : ولكنهم لم يموتان ، والآن سيستيقظان ،
محمد : اهدأ يا أحمد أرجوك ،
أحمد : لا لا لم يموتان ، أمي وأبي الحبيبان ،
محمد : أين إيمانك يا أحمد ، اصبر واحتسب ،
أحمد : إنا لله وإنا إليه راجعون ، أكمل محمد إجراءات الخروج من المستشفى ، والغسيل والدفن ، وبعد صلاة المغرب ، أخذ الأمام ينادي : الصلاة على الميت والميتة يرحمكم الله ، صلى عليهم جماعة المسجد ومن بينهم ابنهم ، يدعو لهم ويبكي ، وقلبه يتقطع ويدمي ، وبعد أن فرغوا من الصلاة ، أخذ هو وأقاربه يحملون والديه ، إلى مقرهم الأخير ، إلى القبر ، حملوهم في سيارة كبيرة ، ودموعه تسيل على خديه ، حزين ويبكي على فراق والديه ، وصلوا إلى المقبرة ، اتجهوا نحو تلك الحفرتين المتجاورتين ، حيث سيوضع فيهما والديه الحبيبين ، عندما وضعوا والده ، وأنزلوه ووضعوه في لحده ، وأخذوا يحثون التراب عليه ، وأحمد من بينهم ، وهو يبكي بكاء شديدا ، وانتقلوا إلى أمه ، وانكب أحمد يبكي عليها ويصيح ، والكل يذكره بالله ، أخذوها من بين أحضانه ، وهو متمسك بها ، يجذب كفنها وأقاربه ينتزعونه من بين يديه ، وأنزلوها إلى قبرها ، حينما وليدها ودعها ، أخذ يصيح بصوت عال ، أحقا مات أبي ، أحقا رحلت أمي ، أحقا رحل الكوكبان ، أحقا مات الحبيبان ، وحينما انتهوا من دفنهما ، قام أحمد يدعوا لهما ، ومن ثم انصرف وودعهما ، ذهب إلى منزلهما ، من أجل أن يستقبل عزاهما ، وفي قرابة الساعة الثانية عشرة تقريبا ، انصرف الجميع ، ولم يبق إلى هو وزوجته وولده ، أخذ يجول في البيت ، يتذكر يوم أن كان صغيرا ، وأمه وأبيه يلهون معه ، يطعمونه ، يسقونه ، إذا مرض يهلعون ، وإذا تعافى يفرحون ، يضحكون لضحكاته ، ويحزنون على بكائه وصيحاته ، لهما في كل زاوية ذكرى ، ولهما في كل البيت مرأى ، يفتح غرفتهما ويبكي على فراقهما ، أبي أمي لماذا تركتموني وحيدا ، لماذا تخليتم عني ، لم ذهبتم بهذه السرعة ،
زوجته تقول له مريم : هذا قضاء الله وقدره ،
أحمد : في الصباح كانا معنا ، كانا فرحين بولدنا ، لماذا غادروا بهذه السرعة ،
زوجته مريم : هذا أمر الله ، اصبر واحتسب وادع الله أن يجعل مثواهم الجنة ، يكفف أحمد دموعه ، ويذهب إلى فراشه ليرتاح قليلا ، ولكن صورة أبيه وأمه لا تفارقه لحظة واحدة ، وبينما تعرض الصور على مخيلته ، ويبحر في أفكاره ، إلى أن داهمه النوم ، ونام ولم يشعر إلى في الصباح ، عندما توافد الأقارب من أجل تكملة العزاء ، ويمر هذان اليومان ، وهو مرهق تعبان ، ويجلس في منزل والديه بعد العزاء أربعة أيام ، قبل أن يغلق منزلهما وينسى بالتمام ، غادروا بعد هذه الأيام ، وأقفل ذلك المنزل مع تلك الذكريات ، وينسى ما كان فيه من لحظات ، ويذهب أحمد إلى شقته ، وبعد أن وصل إلى مستقره ، وبعد يومين تقريبا ، إذا بطارق يطرق الباب ، يفتح أحمد الباب ، من هو يا ترى ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل الثالث :
وإذا به عمه غرم الله ، أهلا بالعم غرم الله ، وبعدما نشد أحمد عمه عن الحال ، أخذ عمه بطرح الموضوع الذي جاء من أجله ، وقال
عمه غرم الله : أحمد أعلم أنك حزين على فراق أبويك ، وأنا أتيت لأجل موضوع أخرته إلى الآن ، وهو أن والدك رحمه الله قد استدان مني مبلغا من المال من أجل زواجك ، إنه مبلغ قدره 20.000 ألف ريال ،
أحمد : ماذا تقول يا عم ؟
عمه غرم الله : هذا الصحيح يا بني وأنا أريد المبلغ خلال الشهرين القادمين ،
أحمد : حسنا يا عم ، سأحاول قدر المستطاع أن أوفر لك المبلغ ،
عمه غرم الله : إذا إلى اللقاء يا بني ،
أحمد : استرح معنا يا عم ،
عمه غرم الله : لا يا بني لدي أشغال وإنما أتيت أخبرك بهذا الموضوع ،
أحمد : إذا إلى اللقاء يا عم ، أصبح في هم ، وأصابه الغم ، فها قد بدأت تزداد المسؤوليات ، وبدأت تكثر على أحمد الطلبات ، لم يكف أجار بيته ، ومصروف أهله ، الآن يحمل ديون أبيه ، كان يشكي إلى زوجته ، وهي تواسيه وتصبره دون أن تقدم له الحلول ، يكبر خالد ، وأبوه يلهوا معه ، بدأ يمشي قليلا ، وأبوه فرحا مسرورا ، يفرح ويخفي في قلبه الأحزان ، ويبتسم ويخفي في صدره الأكدار ، كان لديه صديق في العمل ، إنه سعد ومقرب إلى قلبه من بقية زملائه ، أخذ يحكي له أحواله شيئا فشيئا ، وطلب منه سلفا مقداره عشرة آلاف ريال ، وافق وأعطاه المبلغ ، كان سعد دائما يقول لأحمد : أنت استعجلت في تكوين الأسرة ، واستعجلت في إنجاب ولد ،
أحمد : إذا ما العمل ، وما هي الطريقة ، أصبح الآن لدي ديون ، والكل يطالبني بجنون ، أبي رحل وتركني أحمل عنه ديونه ، وزادت مسئوليات ولدي خالد ،
سعد : لا بأس يا أخي ولا تيأس وإذا أردت أي شيء فأنا مستعد ،
أحمد: شكرا يا سعد ففضائلك علي بعد الله كثيرة ،
سعد : أنا أخوك يا أحمد فلا تقل هذا الكلام ، فأخذ أحمد كل بعد فترة يستدين من سعد ، ويستلف من البنوك ، كثرت عليه الديون ، فأصبح مهموما ، دائما عبوس الوجه ، لا يريد أحدا أن يكلمه ، لا زوجته ، ولم يعد يهتم بابنه ، ولكن الأيام أخذت تنسيه شيئا فشيئا ، فهو يتأرجح بين الضحك والبكاء ، وبين الهم والفرج ، وتمر الأيام ، وتجري الشهور والأعوام ، وبعد 7 سنين من هذه الأخوة ، من هذه الصداقة ، بعد أن كبر خالد ، وهو في أول سنة من الدراسة ، ازدادت المسئولية كثيرا ، وفي ذات يوم من الأيام ، عندما كان أحمد يشكي لسعد همومه كالعادة ، إذا بسعد يحكي هم أخته التي تقدمت في العمر وهي لم تتزوج إلى الآن طرأت عليه فكرة وقال : عندي لك حل ؟
أحمد : وما هو ؟
سعد : عندي أخت معلمة ، إذا أردت أن تتزوجها ، منها تفرحها وتسعدها بالزواج وهي تساعدك بما تستطيع ،
أحمد : ماذا تقول أتزوج مرة أخرى ؟ هل جننت ؟ لم أستطع أن أقوم بمصروف واحدة ، وتريدين أن أخذ الثانية ؟
سعد : اسمع لا ترد الآن فكر ورد لي بعد يومين ،
أحمد : أتزوج على حبيبتي غير معقول ! وذهب إلى البيت ، وقال لزوجته ، ما أنت فاعلة لو تزوجت عليك ، قالت : بالله ما ترى أني فاعلة ، سأدعو لك بالتوفيق ولكن لن أبقى معك ولكن أنت لن تستطيع الزواج وأنت بحالتك هذه ، فبالله عليك هل طرأت عليك هذه الفكرة ، أحمد : لا ، لا وإنما أمازحك يا أم خالد ، وبعد يومين أتى إلى سعد وقال له : اعذرني يا أخي لا أستطيع الزواج ،
سعد : إذا براحتك ، ولكن أنت الآن ترفس النعمة بقدمك ، فلديها شقة واسعة ، ستريحك من الاجار ،
أحمد : فز من مكانه ، وقال لا أريد لأن زوجتي لن تبقى معي ، لا أريد هذه وصية أبي ، هل تريد أن تهدم بيتي ،
سعد : أنا لا أريد أن أهدم بيتك ، ولكن أنت ستهدمه بنفسك ، زواجك هذا ليس فيه مضرة لزوجتك ، وإنما لمصلحتك ومصلحتها ، ولو كان أبوك حيا لوافق على هذا الأمر ، وإذا زوجتك تحبك ستفعل كل شيء من أجلك ،
أحمد : لا أريد يا أخي ،
عندها انقلب سعد ، ذلك الصديق الودود ، إلى عدو لدود ، وقال اسمع أريد أن تنساني إلى الأبد ، ورد إلي مالي الذي استلفته مني خلال هذا الأسبوع ،
أحمد : ماذا ، ماذا تقول يا سعد ،
سعد : هذا كلامي الأخير ، انتهى كل شيء بيننا ،
صدم أحمد لهول هذا الموقف ، أخذ يحدث نفسه ، يا الله ما هذه المصيبة التي لم تخطر على البال ، لقد استلفت منه مبلغا كبيرا ، كيف أؤمنه في هذه الفترة الوجيزة ، ذهب إلى البيت مصدوما من هول ما سمع ، ولم يصدق ما حدث ، أخذت زوجته تنادي يا أبا خالد ، هلم إلى الغداء ، وهو لا يريد أي غذاء ، أتت إلى غرفة النوم وهو نائم ، تركته ينام ، وأغلقت عليه الباب ، استيقظ لصلاة العصر ، صلى وعاد البيت ، وعاد إلى غرفته ، وعندما أذن لصلاة المغرب ، انطلق إلى الصلاة ، وبعدها عاد إلى أهله ، أخذ يتكلم معهم ، ويلعب مع ابنه ، ليزيل بعضا من همه ، وصلى العشاء وأتى يريد العشاء ، قد أنهكه الجوع ، أكل ونام ، وفي اليوم التالي ، لم يذهب إلى الدوام ،
وزوجته تسأله : هل أنت على ما يرام ،
أحمد : قال نعم ، ولكن أريد أن ارتاح قليلا ، أخذ يفكر في الأمر ، ويبحث فيه من شتى زواياه ، وبنهاية اليوم ، توصل إلى القرار ، وعزم على الإقدام عليه بكل إصرار ، وسأل زوجته قائلا : لو فعلت أي شيء لمصلحتنا هل ستغضبين مني ؟ قالت : لا ، ولماذا أغضب ، عندها اطمئن قلبه ، وارتاح قليلا ، وفي اليوم التالي ، ذهب إلى الدوام ، وأخذ يبحث عن سعد ، وجده على المكتب ، يتصنع الحزن ، سلم عليه أحمد ، ولم يرد السلام ، ما بالك يا صديقي ، هل أنت غاضب مني ، وهو لا يريد الكلام ، إذا براحتك ، ولكن لو طلبت زيارتكم اليوم هل ستستقبلني أم لا ؟ فز سعد من مكانه
سعد : هل أنت جاد ؟
أحمد : نعم ،
سعد :إذا وافقت على الأمر الذي طلبته منك ،
أحمد : نعم ،
هنا عادت المياه إلى مجاريها ، وبنهاية الدوام همس سعد إلى أحمد وقال : لا تتأخر نحن بانتظارك بعد صلاة المغرب مباشرة ، إن شاء الله ، بدأ العد التنازلي ، قبل صلاة المغرب أخذ أحمد يجهز نفسه ، لبس أجمل الملابس ، وتعطر وتبخر ،
قالت له زوجته : يا الله كأنك عريس ،
أحمد : أنا عريسك أنت فقط ، لن يشاركني فيك أحد ، هل تريدين شيئا ،
زوجته : نريد سلامتك ،
أحمد : إلى اللقاء ، وصل البيت ، أخذ سعد ووالده وأخوه سالم ( مدرس بإحدى المدارس الابتدائية بالمنطقة ) ، يرحبون بأحمد ، بعد الترحيب ، أخذ أحمد في الكلام مع والد الفتاة من أجل خطبتها ، وافق والدها واتفقوا على الصداق وكل ما يلزم الزواج ، ولكن أحمد كان عنده شرط أن يتزوج في السر ، رفض الوالد بشدة ، ولكن أحمد قال ليس بالسر الذي تعتقد وإنما أهلها فقط ، أي خالاتها وعماتها فقط ، وافق الوالد ، وافق أبو سعد على زواج ابنته سلمى ، فرح أحمد وذهب إلى البيت وهو في غاية السعادة ، ولما وصل إلى المنزل كان في استقباله ابنه خالد ، وهو يقول بكلماته التي تخرج مثل الشهد ،
خالد : بابا بابا أريدك أن تشرح لي هذا الدرس ، علمه ذلك الدرس ، وأمه جالسة بجواره ، وبعد أن أكمل تعليم ابنه أخذ يتحدث معهم ويتسامر ويلعب معهم ، وفي اليوم التالي
سعد : هل أنت مستعد للملكة ،
أحمد : نعم ، قال ما رأيك بيوم الخميس المقبل ، قال أنا موافق على ذلك ، إذا على بركة الله ، سأخبر والدي وأختي بالأمر ثم اتصل عليك ، اتفقا إذا سأنتظر اتصالك ، وبعد العصر ، إذا باتصال يأتي من سعد ، السلام عليكم ، وعليكم السلام ،أختي والوالد وافقوا على يوم الخميس ، إذا على بركة الله ، أخذ يستعد خلال ذلك الأسبوع ، وفي عرض الأسبوع ، أصبح يؤنبه ضميره ، يا الله هل هذا القرار صائبا أم لا ، ماذا أقول لتلك المسكينة ، ماذا أقول لأم خالد ، أي عذر أقول لها ، ولكن لم أفعل مضرة بها ، وإنما من أجل مصلحتنا ، لا لا لم أخطأ ، ويوم الأربعاء ، أتى بوجه غير الذي عليه دائما ، وجه منير ومشرق ، مهندم اللحية والشعر ، سألته زوجته مريم : ما هذا الجمال ، هل لديك موعد مهم غدا ،
أحمد : نعم ،
سلمى : وما هو يا ترى ؟
أحمد : اجتماع مع زميلي وحبيبي ورفيق دربي سعد ،
مريم : وفقك الله يا زوجي ،
أحمد : أنا ذاهب لأنام وأرتاح هل تريدين مني شيئا ،
مريم : لا نوم العافية يا قلبي ،
أحمد : إذا تصبحين على خير ،
مريم :وأنت من أهل الخير ،
نام أحمد وهو قرير العين فرحان ، وفي الصباح استيقظ مبكرا ، قامت زوجته وأعدته له الإفطار ،
مريم : هل نمت جيدا بالأمس ،
أحمد : نعم ، وأشعر بأني في سعادة لا توصف ،
مريم : جعل الله السعادة لا تفارق مبسمك ،
أحمد : آمين وأنتي كذلك ، وبعد العصر ذهب إلى اجتماعه مع سعد ، وهو في الحقيقة ليس مع سعد وإنما مع أخت سعد ، مع سلمى ، عقد لهم الشيخ ، ودخل عليها ، ولم يكن يتوقها بالصورة التي في باله ، ولم تكن مثل الصورة التي رسمها في خياله ، ليست بذاك القدر من الجمال ، كان يتوقع أنها أجمل من زوجته الأولى ، ولكن قال لعلها جميلة الروح ، أخذت يتحدث معها ويقول : لم أر لك مثيل في هذا الكون ، أنت أجمل من رأت عيني ، أنت القمر ، أنت الملاك ، أنت الجمال ، وغير هذا من الكلام ، وهي تشاركه أحاسيسه ، إلا أن أذن للمغرب ، عاد إلى المجلس ، وأخذوا في تحديد الزواج ، واتفقوا أن يكون بين الفصلين من تلك السنة ، أخذ يرتب أموره ، ويستعد لهذا اليوم ، أخذ إجازة من عمله لمدة شهر ( شهر العسل ) ، وفي آخر يوم من ذلك الفصل وبداية إجازته ، وقبل زواجه بيوم ، أتى ابنه ، فرحا مبسوطا بشهادته ، بأول شهادة يحصل عليها في حياته ، فيها أجمل وأعلى الدرجات ، مبروك يا بني ، هذا ما قال لابنه الوحيد ، لفلذة كبده ، أنا في عجلة من أمري يا بني ، لا بد أن أسافر ، ولكن إذا أتيت سآتي لك بهدية جميلة ، ذهب بهم إلى عمه سعيد ، والد زوجته وكان مريضا في تلك الأيام ، طلب منه أحمد أن يوصله إلى المستشفى ولكنه رفض ، إذا براحتك يا عم ، ودع زوجته وابنه وعمه ، ثم انطلق إلى سفرته التي تبعد بضع كيلومترات ، سافر إلى بيته ليجهز فيه حاله من أجل زواجه ، ويأتي اليوم التالي ، يوم الخميس ، يوم زواجه الذي حضره زملائه وأحبابه وأهل زوجته ، وبعدما انتهى الزواج أخذ زوجته إلى فندق كبير ، مكثوا فيه يومين ، وبعد يومين سافروا إلى شهر العسل ، وشهر المرح ، إلى أجمل الديار ، وفي اليوم التالي ، وبعد صلاة العصر اشتد على أبيها المرض إلا أن أغمي عليه ، يا الله ما الذي أفعله ، ذهبت مسرعة تطرق بيت الجيران إلى أن أتت بيت أم مهند ، وأخبرتها بالخبر وما كان من أم مهند إلى أن أخبرتها ابنها مهند صاحب الثمانية عشرة سنة ، نقله إلى المستشفى ، نقلوه إلى العناية ، وأخذوا يجرون معه الفحوصات ، وعندما خرج الطبيب من العناية ،
مهند : هل حالة عمي في خطر أيها الطبيب ؟
الطبيب : ادع له أن يقوم بالسلامة .
مهند : ما الذي لديه ؟
الطبيب : قل ما الذي ليس لديه ؟
مهند : أخبرني هل هناك فائدة من علاجه ؟
الطبيب : لا أظن ، لأنه مصاب بالسرطان .
مهند : ماذا ، ما الذي تقوله .
الطبيب : نعم ، وإن هي إلا ساعات وسيفارق هذه الحياة .
مهند : إنا لله وإنا إليه راجعون .
الطبيب : اصبر واحتسب هذا قضاء الله وقدره .
يتبع ,,,
👇👇👇

اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك