بارت من

رواية يا خالتي اريد امي -5 البارت الاخير

رواية يا خالتي اريد امي - غرام

رواية يا خالتي اريد امي -5

وبينما هو يتذكر ويبكي ، إذ دخلت عليه خالته سلمى ، أخذ يكفف دموعه ، وأتت إليه لتنظر هل هو نائم أولا ..
سلمى : لماذا أنت لم تنم ؟
ويجيبه بسؤال قد أتعبه ..
سعيد : يا خالتي ... أريد أمي ؟
يا خالتي ... أريد من كانت تهتم بي ؟
يا خالتي ... أريد من كانت تغطيني ؟
يا خالتي ... أريد من كانت توقظني ؟
يا خالتي ... أريد أمي ؟ يا خالتي .... أريد أمي ؟
وعاد إلى البكاء ، وأبكى خالته ، واحتضنته وهي تقول ستعود إليها إن شاء الله ، حسبي الله ونعم الوكيل على من كان السبب .
فكيف لهذا الطفل البريء أن ينسى أمه ، فهو ينام على ذكراها ، ويستيقظ على طيفها ، وهي لم تغب من خياله ، ولم تمح من ذاكرته ، ولن ينساها من حياته ، فهي والدته .
وتمر الأيام وقبل بداية العام الدراسي الجديد ، ذهب والده ونقله من مدرسته إلى مدرسة أخرى ، وذاك الطفل يتحين بدء الدراسة لأنه يتوقع أن يرى أخيه بانتظاره عند باب المدرسة .
ومع بداية الدراسة ، استيقظ سعيد وهو مستبشر بقدوم المدرسة ، وركب مع والده ، وهو في شوق أن يرى أخيه ، وإذا بوالده يتجه إلى مدرسة أخرى ، ولما وصل إلى هناك قال
أبو سعيد : هذه هي مدرستك يا سعيد .
سعيد : ماذا !!!!! أنت مخطئ يا أبي فمدرستي ليست بهذه .
أبو سعيد : لقد نقلتك إلى هذه المدرسة .
صدم سعيد من هول ما سمع ، وزادت كراهيته لأبيه .
وفي ذاك اليوم من هو متحمس ومتشوق لهذا اليوم ، إنه خالد ، فهو هناك على الباب ينتظر قدوم أخيه بفارغ الصبر ، يريد أن يراه ويطمئن عليه ، هل هو بخير ، أم يشتكي من علة ما ؟ ولكن لم ير أحدا ، ذهب خالد إلى مدرسته متكدر الخاطر ، متغير الوجه ...
وفي اليوم التالي يعود إلى المدرسة ، ولم ير أخيه سعيد ، وعاد خائبا .
وفي اليوم الثالث كذلك يفعل مثل ما فعل في اليومين الماضيين ، ولم ير أخيه ، حينها دخل إلى المدرسة ، وسئل المدير
خالد : السلام عليكم ؟
المدير : وعليكم السلام ...
خالد : أن لم أر سعيد بن أحمد في اليومين الماضيين .
المدير : وما علاقتك به ، ولماذا تسأل عنه ؟
خالد : إنه أخي .
اندهش المدير وقال : أخوك ولا تعلم عنه شيئا .
خالد : إنه قصة طويلة ولكن أين هو ؟
المدير : لقد نقله والدك إلى مدرسة أخرى .
تغيرت ملامح خالد ، وأصبح حزينا مما سمع ثم قال : إلى أين نقل ؟
المدير : لا أعلم .
خالد : شكرا لك يا أستاذ ، وآسف على الأخذ من وقتك .
المدير : لا بأس .
عاد خالد إلى المنزل حزينا مما سمع ، طرق الباب ، وفتحت له والدته المهمومة ، والدته الحزينة ، والدته الكسيرة ، وهي تقول
مريم : ماذا بك ؟ لماذا لم تذهب إلى المدرسة ؟
عندها بكى خالد وقال
خالد : معلمي انتقل إلى مدينة أخرى وأنا أذهب يوميا إلى مدرسة سعيد التي بجوارنا ، أذهب إلى هناك على هذا الكرسي المتحرك ، أذهب إلى هناك لكي أرى أخي وبالتالي ، وبعد هذه الأيام يتضح الأمر بأنه نقل أخي ، قلي لي لماذا يعاملنا بهذه القسوة ، لماذا يحرمنا من أخي ؟ لماذا ... لماذا يا أمي ؟
مريم : ألم تذهب إلى مدرستك ؟؟
خالد : لا ، ذهبت إلى مدرسة سعيد ولكني عدت خائبا .
بكت مريم وقالت : حسبنا الله ونعم الوكيل ، إنا لله وإنا إليه راجعون .
اصبر يا بني ففي يوم سيعود بإذن الله ، ولا تنس دعاء الله في كل صلاة أن يعود لنا سعيد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفصـل التاسع:

وتمضي الشهور والأعوام ، وعندما بلغ سعيد المرحلة الثانوية ، وبينما هو في المرحلة الثانية منها ، وبعدما عاد من المدرسة ، وجلس مع أبيه وخالته على مائدة الغداء ، إذا باتصال يأتي لوالده ، لم يجب في المرة الأولى ..
وفي المرة الثانية قالت له سلمى
سلمى : أجب على الهاتف .
أحمد : لا أريد إنه السكرتير الخاص .
سلمى : لا بد أن هناك أمر ضروري يريد أن يطلعك عليه .
أحمد : إذا اتصل مرة أخرى سأجيب .
ثم اتصل مرة أخرى ، حينها أجاب أحمد
أحمد : نعم .
السكرتير : السلام عليكم .
أحمد : وعليكم السلام .
السكرتير : أنا آسف على الاتصال الآن ، وإنما الأمر ضروري جدا .
أحمد : وما الأمر الذي دعاك للاتصال الآن .
السكرتير : أرجو أن تتمالك أعصابك ، وأن تسيطر على نفسك .
فز أحمد من مكانه وقال
أحمد : ما الأمر ، إنك تخيفني .
السكرتير : لقد ... لقد ...
أحمد : لقد ماذا ، أجب ما الأمر .
السكرتير : لقد خسرت كل أسهمك ، ولم يبق لديك شيء .
أحمد : ماذا .... ما الذي تقوله ... هل أنت متأكد من الأمر ؟
السكرتير : نعم أنا متأكد ، وأنت مطالب بتسديد القروض التي أخذتها من البنك .
أحمد : لا ... أنت مخطأ ... أنت مخطأ ، ثم سقط مغشيا عليه من هول ما سمع ، وصاحت سلمى ، وفز سعيد من مكانه ، أخذوا يقلبونه يمينا وشمالا وهو لا يتحرك، رفعه سعيد وخالته ، وذهبوا به إلى المستشفى ، كشف عليه الأطباء وأدخلوه إلى العناية الخاصة ، وأخبروا سعيدا بأن والده في غيبوبة .
أخذ الطبيب يسأل سعيد ما الذي أصاب والده .
سعيد : لا أعلم ، أتاه اتصال من سكرتيره الخاص ، وأخذ يقول هل أنت متأكد مما تقول ، وقال أنت مخطأ أنت مخطأ ثم سقط مغشيا عليه .
الطبيب : اتصل الآن على السكرتير واسأله ماذا أخبر والدك ..
أجرى سعيد الاتصال بالسكرتير ، وأخبره بأن والده قد خسر في الأسهم ، وأنه الآن لا يملك أي شيء ، بل عليه قروض لا بد من تسديدها في الوقت الحالي .
وأخبر سعيد الطبيب بما حدث ، عندها تكشفت الأمور للطبيب ، وقال لسعيد ، والدك الآن في غيبوبة من صدمة الأمر الذي قيل له ، ولا ندري متى يستيقظ منها ، وأخبره بأننا سنهتم به بمشيئة الله تعالى ...
وبعد شهرين من الغيبوبة ، فاق أحمد منها ، ولكن حالته الصحية في تدهور ، أخرج إلى غرفة التنويم ، وعندما زاره سعيد وخالته ، وبعد أن اطمأنوا عليه ، وعندما أراد الذهاب قال أحمد لسعيد
أحمد : سامحني يا بني على ما فعلته معك .
لقد حرك جرح سعيد ، لقد أدمى جرح سعيد بعدما كاد أن يلتئم ، وما كان من سعيد إلا أن قال .
سعيد : كيف تريدني أن أسامحك وأنت من حرمني من أغلى شيء في الكون ، كيف لي أن أعفو عنك وأنت حرمتني من أمي ، كيف لي أن أنسى ما فعلته بي ، كيف لي أن أسامحك وأنا أنام على ذكرى أمي ، وأصحو على طيفها ، كيف لي أن أسامحك وأنت حرمتني الحنان في وقت أنا كنت محتاجا إليه ، كيف لي أنا أسامحك وأنت منذ أخذتني لم تجلس معي كما يجلس الأب مع ابنه ، كيف لي أن أسامحك وأنت لم تقبلني ولم تضمني يوما ، قلي بربك كيف أسامحك ؟
ثم انصرف سعيد وهو يتذكر أمه وأخيه ويبكي ، وتبعته خالته ، وعندما وصلا إلى المنزل ارتمى في حضن خالته وهو يبكي ويقول
سعيد : والله يا خالتي لا أستطيع أن أسامحه ، فذكرى أمي وأخي لا تزال محفورة في ذاكرتي
سلمى : أنا أعلم ما تشكو يا بني ، وأعذرك فأنت تتألم من داخلك ، ولكن حاول أن تعفو عنه فقد قال تعالى : " فمن عفا وأصلح فأجره على الله "
سعيد : لا أستطيع أن أسامحه فقد حرمني من حضن أمي ، وقد حرمني من رؤية أخي...
سلمى : لقد شعر بغلطته وهو يريد السماح منك .
سعيد : وأنا لا أريد أن أسامحه بل أريد أن يتجرع المرارة التي تجرعتها على يديه .
وبينما هما في الحديث إذا بالهاتف يرن أجاب سعيد
سعيد : نعم .
المتصل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
سعيد : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
المتصل : هل هذا منزل أحمد بن محمد ؟
سعيد : نعم . من أنت ؟
المتصل : أنا الطبيب المسئول عن أبيك .
سعيد : أهلا دكتور ، ما الخبر ؟
المتصل : أريدك أن تأتي حالا إلى المستشفى .
سعيد : ولماذا ؟ هل الأمر ضروري.
المتصل : نعم . والدك يحتضر ، تعال حالا .
سعيد : سآتي إن شاء الله .
ذهب سعيد مسرعا إلى المستشفى ، وما أن وصل إلى هناك ، إلا أن والده قد فارق الحياة ، وأتى وإذا بهم قد وضعوا الغطاء على وجهه ، ولما دخل إلى هناك قام أحد الأطباء الذين كانوا متواجدين حال احتضاره بإعطاء سعيد ورقة مكتوب بها وصية والده .
فتح سعيد الورقة ، وأخذ يقرأ ما بها ، وإذا مكتوب فيها :
" أطلب منك السماح يا بني على ما فعلته معك ، وأنا لن أرتاح بقبري ما لم تسامحني : وأرجوك أن تبحث عن والدتك وأن تطلب منها أن تسامحني هي وخالد ، أرجوكم سامحوني "
عندها دمعت عينا سعيد ، وقال : سامحك الله يا والدي ،سامحك الله يا والدي .
وبعدها أقاموا العزاء لمدة ثلاثة أيام ، وقامت سلمى بسداد ما كان على أبي خالد من ديون ، من هنا انفكت القيود عن سعيد ، وفي اليوم التالي من انتهاء العزاء أخذ سيارته وذهب مسرعا ، يا ترى إلى أين يتوجه ؟ وإلى أين يسير ؟ وإلى أين ينطلق ؟ أتدرون إلى أين !!
ذهب مسرعا إلى المكان الذي لا يزال مرسوما في خياله ، ذهب إلى منزل أخيه ووالدته ، ذهب ليلتق أمه وأخيه ، ذهب إلى من حرم منهم منذ الصغر ، وصل إلى المنزل البسيط ، وصل وكله شوق وحنين إلى من بداخله ، طرق الباب ، انتظر قليلا ولم يجبه أحد ، وفي المرة التالية يطرق الباب وإذا بصوت يرد عليه
صاحب المنزل : انتظر قليلا .
استبشر سعيد بذاك الصوت ، وبدأ يرسم في مخيلته شكلا لذاك الصوت ، ويعتقد بأنه خالد .
فُتح الباب ومن بخلفه عجوز قد تجاوز الستين من عمره .
العجوز : نعم يا بني من تريد .
سعيد : من أنت يا عم ، ولماذا أنت هنا ؟
ضحك العجوز وقال : بل من أنت : أنا ساكن هنا من زمن بعيد ، منذ ما يقارب سبعة أعوام ، والآن تسأل من أنا .
سعيد : والذين كانوا هنا أين ذهبوا ؟ وإلى أين انتقلوا ؟
العجوز : لا أعلم ، فأنا أتيت إلى هنا من قبل أحد فاعلي الخير ولم أعلم من كان قبلي .
سعيد : شكرا لك يا عم ، وأنا آسف على الإزعاج .
العجوز : ولكن لم تخبرني من أنت . وعن من تبحث ؟
سعيد : أنا قصتي يا عم طويلة لا أريد أن أشغلك بها ولكن أعتذر مرة أخرى عن الإزعاج ، إلى اللقاء يا عم .
العجوز : إلى اللقاء .
عاد سعيد عابس الوجه ، متكدر الخاطر ، خائب المنال ، عاد إلى خالته ، واستسلم للأمر الواقع ، وأنه لن يرى أمه وأخيه مرة أخرى .
وبعد فترة من الزمن ، وعندما أصبح سعيد مدرسا بإحدى المدارس الابتدائية في نفس المدينة ، قرر الزواج ، وأخذت خالته تبحث له عن فتاة جميلة ، فتاة خلوقة طيبة ، وجدت تلك الفتاة ، إنها فتاة في المرحلة الأخيرة من الدراسة الجامعية ، إنها منى ، ابنة جيرانهم ، أخبرت الخالة سعيد بالأمر واستشارته هل هو موافق عليها أن لا .
سعيد : يا خالتي أنت الآن بمثابة أمي وافعلي ما تريدين فأنا أجزم بأنك لن تختاري إلا ما يناسبني .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفصـل العــاشر والأخــير..

تزوج سعيد من منى ، وبعد أسبوع من الزواج ، قرروا الذهاب إلى شهر العسل ، انطلقوا مع أذان صلاة العصر ، وبينما هم في الطريق إذ مر سعيد بجانب منزلهم القديم ، يتذكر أيام طفولته ، ويتذكر أمه وخالد الذين لن ينساهم أبدا ، ذهب من أمام المنزل ، وبعد مسافة قريبة جدا لا تتجاوز الخمسة كيلو متر ، أقيمت الصلاة ، ووقف بجانب مسجد هناك ، أوقف سيارته ثم نزل منها ، ونزلت معه منى ، أدخل زوجته إلى مصلى النساء ، ثم عاد ليدخل من باب المسجد ، وهناك شاب معاق يريد الطلوع من عتبة باب المسجد ولكنه لم يستطع ، رآه سعيد وذرفت عيناه ، أتدرون لماذا ، لأنه ذكر خالد ، ذهب سعيد مسرعا ليساعده في الدخول إلى المسجد ، أدخله سعيد إلى المسجد ، وشكره ذلك الشاب المعاق على ما فعله معه ، وبعد الفراغ من الصلاة ، أخذ سعيد ينظر إلى ذلك الشاب المعاق ويتذكر أخاه ، يتذكر حبيبه ، يتذكر أنيسه ، خرج سعيد من المسجد ، وعاد إلى سيارته ، وقد زاده الشوق والحنين إلى أمه وأخيه ، وبعد أن صعدت زوجته ، حرك سيارته ، وبدون أي شعور عاد أدراجه إلى منزلهم القديم ، وزوجته سارحة في خيالها ، وهناك أمرقد شغل تفكيرها ، وفجأة إذا بسعيد يقول
سعيد : إلى أين نحن ذاهبون ؟
زوجته : لا أعلم .
سعيد : ولماذا لم تتكلمي أنني أخطأت في الطريق .
زوجته : لم أكن منتبهة فقد شغلني أمر.
سعيد : وما ذاك الأمر يا ترى ؟
زوجته : لقد رأيت في المسجد مسنة قد أصابها الهم والحزن ما الله به عليم أطلت النظر فيها ، وإذا بامرأة بجانبي تقول لي : هل رأيت تلك المرأة ، إنها ترتاد المسجد منذ 15 عام تقريبا ، تدعو وتتضرع ، وتبكي ومن المرارة تتجرع ، لو تذهبي إليها وتسأليها ما الذي حدث لها ، ستشرح لك قصتها .
ذهبت إليها وسألتها ما بك يا خالة ، وما الذي أصابك ، عندها بكت ، أو تدري ما قالت ؟
سعيد : وماذا قالت ؟ !!
زوجته : قالت لي :
المسنة : سأروي لك قصتي باختصار ، كنت متزوجة ، وأنجبت من زوجي ابنا سميته خالد ، ثم سافر وتزوج علي ، وتركته ، وذهبت إلى شقة أخرى ، وتركنا بعدها وكنت حاملا ، وأنجبت بعدها سعيد ، وتمر الأعوام ، ويحصل حادث لابني خالد أصبح بعدها معاق ، وبعد مرور من الزمن ، أتى أبو خالد ، وأخذ مني سعيد ، وحرمني منه إلى الآن ، فأنا الآن لي 15 عاما لم أرى ابني ، ولا أعلم عنه شيئا ، هل هو فرحان أم حزين ، هل هو بصحة وعافية أم مريض ، وأنا لم أيئس من وجوده ، وأنا أدعو الله دوما أن أعلم عنه أي شيء لكي أرتاح ، أريد أن أعلم عنه هل مطمئن ، هل هو بخير هذا ما أريده .
منى : أليست قصة أليمة ( والتفت إلى سعيد ) يا ........
دهشت مما رأت ، لقد ذرفت عيناي سعيد ، وعاد أدراجه مسرعا إلى ذلك المسجد ، وزوجته تقول : أنا أعلم أنها قصة أليمة ، ولكن ماذا بأيدينا أن نعمل ، ما لنا إلى ندعو الله لها أن يعيد إليها ابنها .
وصاح سعيد بأعلى صوته ، أنا ابنها ، إنها أمي يا منى ، إنها من حرمني أبي عنها ، إنها أمي وليست كما تظنين أن أمي سلمى ، وبدأ يبكي كالطفل الصغير ، وبدأت زوجته تبكي معه ، وصلوا إلى المسجد وانتظروا إلى صلاة المغرب ، نزلوا إلى المسجد وبعد الصلاة ، خرج سعيد مسرعا وخرجت زوجته وهو يقول
سعيد : هل رأيتها ؟
منى : لا إنها لم تأت .
ضاق سعيد مما سمع ، لا بأس ستأتي العشاء ، أُذن لصلاة العشاء وأتوا إلى المسجد مسرعين لعلهم أن يجدوا من يبحثوا عنه .
ومثل صلاة المغرب لم يجدوا المرأة المسنة
سعيد : اذهبي واسألي أحدا ربما يعرف أين منزلها .
عادت منى إلى المسجد واستوقفت امرأة في المسجد وسألته هل تعرف امرأة اسمها مريم ( أم خالد )
المرأة : نعم أعرفها ، ووصفتها بمنزلها .
شكرت منى المرأة ثم عادت إلى سعيد لتخبره بمكان أمه ، ذهب مسرعا إلى المنزل وهو لا يبعد عن المسجد ، وطرقوا الباب ولكن للأسف لم يجدوا أحد ، مكثوا طويلا هناك ولكنهم لم يجدوا أحدا .
عادوا كالعادة خائبين ، وقالوا ربما أخطأت المرأة في وصف بيتها ، وأن هذا ليس منزل والدتي .
استأجروا شقة في نفس الحي ، وناموا هناك ، وفي اليوم التالي وعند أذان العصر انطلقوا هناك إلى المسجد ، وصلوا ولكنهم لم يجدوا المرأة ، وقالت منى
منى : هيا نذهب إلى المنزل الذي وصفتنا إياه المرأة .
سعيد : لا أحد هناك ، وإنما سنعود كالعادة خائبين .
منى : فلنحاول هذه المرة علنا نجد أحدا يرشدنا إن كنا مخطئين .
سعيد : إذا فلنذهب على بركة الله .
عندها ساروا متجهين إلى المنزل ، طرقوا الباب ، وإذا بمن في الداخل يقول انتظروا قليلا .
فُتح الباب ، وإذا بالشاب المعاق الذي ساعده سعيد في الدخول إلى المسجد ، إذا بسعيد يقول
سعيد : خالد بن محمد ؟
خالد : نعم أنا هو . من أنت .
عندها بكى سعيد وانكب إلى أحضان خالد وهو يبكي ويصيح أنا أخوك سعيد .
ذهل خالد من هول ما سمع ، وسمعته والدته وتركت ما بيدها وأتت مسرعة .
مريم : سعيد ، ابني ، واحتضنته بشدة وبكت ، وهو يزيد في البكاء ، وقام خالد يعتمد على الكرسي إلى أن قام على رجليه ، ومشى على قدميه ليشارك أمه وأخيه الفرحة والاحتضان ، دهشت أمه مما رأت ، خالد يمشي بعد هذه السنين ، احتضنت الأم ولديها ، وبكت بكاء مريرا ، نعم ، لطالما بكت حزنا وألما ، واليوم تبكي بكاء الفرح ، ومنى بالباب تبكي مما ترى ، وبعد العناق من بعد الفراق ، وبعد تبادل القبلات ، وبعد الفرحة رأت أمه من بالباب وسألت سعيد
مريم : من هذه يا بني ؟
سعيد : إنها زوجتي يا أمي .
سلمت عليها مريم ، وأدخلتها إلى الداخل . وخالد أخذ أخيه وذهب به إلى المجلس ، وعندما جلسوا في ذاك المجلس أخذ خالد يسأل أخاه في أثناء دخول والدته
خالد : كيف حال من حرمك منا ، استصعب أن يقول أبي
سعيد : لقد مات منذ مدة ، وكتب وصيته يطلب منكم السماح .
خالد : لن أسامحه ... وأسكتته والدته بقولها : بني طلب منك السماح والآن هو ميت فسامحه الله . عندها سكت خالد ولم ينطق بكلمة .
سعيد : أخبرني يا خالد ، كيف أكملت الدراسة وأنت بهذه الحالة ؟
خالد : في المتوسطة كنت أذهب مشيا ، لأن المدرسة بقربنا ، أما في الثانوية ، فقد كان يوصلني مهند إلى المدرسة ، ويأتي بي ، وتركت الدراسة بعد الثانوية ، واشتغلت في شركة مع مهند ، والحمد لله على كل حال . وأنت يا سعيد ؟
سعيد : أنا أكملت الدراسة الجامعية وأصبحت مدرسا في هذه المدينة .
وبعد تبادل الأحاديث والأخبار قال سعيد .
سعيد : أتدرون من ينقصنا في هذه الجمعة الطيبة ، وفي هذا المجلس الطيب ؟
مريم وخالد : من ؟
سعيد : إنها أمي الثانية ، إنها أمي سلمى ، من ربتني وعطفت علي .
مريم : لا أريد أن أراها .
سعيد : أماه أرجوك ، فلو تعلمي ما فعلته لي لسامحتها وأحببتها .
مريم : وما الذي فعلته ؟
سعيد : من أشفقت علي عندما أخذني أبي ، من تضمني عندما يضربني أبي ، من كانت تحاول في أبي أن يعيدني إليك ، من كانت بدورها هي من تبحث عنك .
مريم : هل كانت تفعل ذلك حقا يا بني .
سعيد : نعم كانت تفعل ذلك ولم تكن راضية على فعل أبي بك وبي .
مريم : إذا لا بأس يا بني .
ذهب سعيد وأتى بها ، وبعد أن جلسوا يومين ، انتقلوا إلى منزل سلمى ، وعاشوا عندها في منزلها الذين يتكون من طابقين ، وأعطت كل واحد منهم شقة ليعيش بها ، وتزوج خالد ، وأصبح لسعيد ولد سماه سامي ، وابنة اسمها لمى ، وخالد لديه ابنة اسمها لمار ، وعاشوا بعدها في سعادة وهناء ......
وأخـــيراً..
أشكر كل من تابع ، وكل من زودني بالملاحظات ، ولن أقول أبدعت في هذه الرواية لأنها لم تخلو من الأخطاء ، ولأنها الرواية الأولى ، وأرجو أن تكون قد نالت إعجابكم ....
تحيات الكاتب ... عبد الله الغامدي ..


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


تجميع : ♫ معزوفة حنين ♫ ..


تعليقات