• بارت من

    رواية يا خالتي اريد امي -4

    رواية يا خالتي اريد امي - غرام

    رواية يا خالتي اريد امي -4

    المرشد : هذه يا أختي أغراض بسيطة للمنزل .
    أم خالد : شكرا لك ولكن لدينا ما يكفي من الطعام .
    المرشد : لقد عرفت قصتكم ، وخالد أخبرني أنك لن تقبلي ولكن أنا من أصر على ذلك ، فلذلك يا أختي لا تحرميني من الأجر ، وغدا سآتي صباحا لأقل خالد إلى المدرسة ، ومصروفه علي .
    أم خالد : لا دعه يمشي فالمدرسة قريبة من هنا ، ويكفي أنه سيفطر هنا ، لماذا تكلف على نفسك .
    المرشد : أريده أن يكون ابني ، لأني ليس لدي أبناء ، فأنا متزوج من عشر سنين .
    أم خالد : الله يرزقك الذرية الصالحة ، وأن يعطيك على قدر نيتك ، إذا ما دام الأمر هكذا فلا بأس .
    المرشد : ولكن قبل أن أذهب لدي شرط .
    أم خالد : وما هو ؟
    المرشد : أنك لا تعاقبي خالد لأنه أخبرني .
    أم خالد : إني لن أعاتبه ، ولن أعاقبه فهو لم يفعل ذلك عن قصد .
    المرشد : حسنا إذا إلى اللقاء ، وأي شيء تريدونه هذا رقمي وخالد عندي في المدرسة .
    أم خالد : حسنا إذا إلى اللقاء .
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
    تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    الفصـل السادس:

    وبعد الصبر ، وبعد التعب ، وبعد النصب ، يأتي الفرج من الله ، لم يسألوا أحدا غير الله سبحانه ، فرزقهم من حيث لا يحتسبون ، فهذا كان حالهم عندما تركهم أحمد ، ولكن هو في عيشة هنية ، وعيشة مرضية ، لا يذهب إلى الدوام إلى بعد الإفطار ، ولا يعود إلا وغداءه جاهز ، ثلاث وجبات يوميا ، وزوجته وابنيه كانوا لا يجدون وجبة واحدة في اليوم ، ولكن بعث الله إليهم من يهتم بهم ، فما بعد الصبر إلا الفرج ، فلله الحمد على كل حال ، فدوام الحال من المحال ، وهذا كما يحكى ويقال .
    تمر الأيام والسنين ، ، وتنتهي السنة الثانية والثالثة ، والرابعة ، وبدأت الأيام تنسي أحمد أهله ، وبدأ يخف من الذهاب إلى المدرسة ، إلى أن ترك الذهاب إلى هناك بالكلية ، وعندما أنهى المرحلة الابتدائية ، كل هذه السنوات كان من يصرف عليهم ويهتم بهم ، إنه المرشد ، أخذ شهادة مهند ، وسجله في المرحلة المتوسطة ، وعندما قبل خالد ، وبينما هم عائدون إلى البيت ، إذا بخالد يلتفت إلى المعلم ويقول .
    خالد : أستاذي ، هل أقول لك شيئا ؟
    المرشد : تفضل يا بني .
    خالد : أريد أن أناديك باسم لطالما كنت أريد أن أردده على لساني ، اسم غالي على قلبي وليس أي أحد يستحقه ، ولكن هل توافق عليه .
    المرشد : سأوافق على أي لقب أو اسم تطلقه علي .
    خالد : هل أناديك بـ.... بـ ....
    المرشد : بماذا يا بني .
    خالد : بأبي .
    المرشد : لم يتمالك المرشد نفسه فنزلت الدمعة على خديه ، وكيف له أن لا تسقط وهو له ما يقارب الخمس عشرة سنة وهو لم ينادى بهذا الاسم ، فحق له والله أن يبكي .
    عندما رأى خالد الدمعة على خدي معلميه قال
    خالد : إذا لم ترض بهذا اللقب فلن أقوله لك مرة أخرى .
    المرشد : لا والله إنه ليشرفني أن تقول لي هذا ، ولي الشرف أن تكون ابني ، فمن لا يفخر بابن مثلك .
    ومن هذه اللحظة ، بدأ ينادي خالد المرشد بأبي ، وأطلق على المرشد من حينها بكنية ( أبو خالد ) وعند تخرج خالد من الابتدائية ، هناك شاب تخرج من المرحلة الجامعية ، أتدرون من هو إنه مهند ، وتعين مهند في نفس المدينة التي كان يعيش بها ، وعاد إلى مسقط رأسه ، وأصبح مهندسا في شركة كبيرة ، وفرحت أم خالد لما رأت أم مهند وعرفت بأنها لن ترحل مرة أخرى .
    أصبح خالد في السنة الثانية المتوسطة ، وسجل أخوه سعيد في نفس الابتدائية التي درس بها ، وكان يوصله معلمه الذي تكفل به وأصبح مثل أبيه ، وبعد نهاية الاختبارات من الفصل الدراسي لهذه السنة ، وفي يوم أخذ الشهادة ، مرض المعلم وأراد خالد أن يذهب إلى المدرسة مشيا على الأقدام ، ولكن أمه رفضت ذلك ، ولكنه أصر على الذهاب ، ذهب وأمه في قلق عليه ، وأخذ الشهادة وكالعادة إنه الأول على الفصل ، وهو عائد إلى أمه فرحا مبسوطا ، وبينما هو يمشي على الرصيف ، وهو يركض فرحا ، إذا أتت إليه سيارة مسرعة ، سيارة أحد الشباب الطائش ، هناك كانت المصيبة ، هناك وقعت الكارثة ، صدم خالد ، ومن قوة الصدمة ، ارتفع خالد إلى الأعلى ثم سقط على الأرض ، وأمه في البيت هنالك سقطت على الأرض ، لأنها أحست بضناها ، وكيف لها أن لا تحس بقطعة من جسدها ، هرب ذلك السائق ، واجتمع الناس على ذلك الطفل البريء ، والدماء تملأ الأرصفة ، وامتلأت شهادته بالدماء ، اتصل أم خالد بمهند وقالت
    أم خالد : السلام عليكم يا مهند .
    مهند : وعليكم السلام يا خالة ، آمري ماذا تريدين .
    أم خالد : أريدك أن تذهب لخالد ، ذهب إلى المدرسة ليأخذ الشهادة ولكنه لم يعد .
    مهند : حسنا يا خالة سأذهب إليه .
    ذهب مهند إلى المدرسة ، وهاهو يقترب من موقع الحدث ، إذ رأى التجمعات ، والصيحات والويلات ، ركن السيارة وذهب إلى هناك ، سأل أحد الشباب هناك ، ما الذي حدث قال له
    الشاب : طفل هناك مصدوم .
    مهند : وأين الذي صدمه ؟
    الشاب : لقد هرب .
    مهند : كم للحادث وقت من وقوعه .
    الشاب : نصف ساعة تقريبا .
    مهند : هل عرفتم الطفل ؟
    الشاب : يقولون إنه من المتوسطة هذه .
    هناك ترك مهند الشاب وذهب مسرعا يخترق الصف تلو الصف ، رأى ذلك الطفل ، إنه خالد ، نعم إنه خالد ، صاح صيحة قوية ، خاااااالد .
    انكب عليه يبكي ، ويقول أنا مهند يا خالد ، وأخذ مهند ينادي من بجواره هل اتصلتم بالإسعاف ، ويجاوبونه بنعم ، التفت خالد إلى مهند وأعطاه الشهادة التي انقلبت إلى اللون الأحمر من كثر الدماء ، ودخل خالد في غيبوبة ، أتى الإسعاف ، أخذوا خالد إلى الإسعاف ، وذهب مهند معه ، وأم خالد في البيت تنتظر ضناها ، لقد تأخر عليها ابنها ، ومهند لم يطمئنها ، وصل إلى المستشفى أدخلوه إلى غرفة العمليات ، ومهند خلف الباب ينتظر ، اتصل على المعلم ، وأخبره بما حدث ، وأتى إليهم مسرعا ، وأم خالد قلبها على نار ، تريد من يطمئنها على مهند وابنها ، ولكن الكل مشغول ، وبعد أذان الظهر ، اتصلت أم خالد على مهند، لم يجب في المرة الأولى وهي تعاود الاتصال وفي المرة الثالثة أجاب عليها ،
    أم خالد : أين أنتم يا بني ؟
    مهند : نحن لا زلنا في المدرسة لأن الشهادات تأخرت .
    أم خالد : مستحيل أنكم في المدرسة .
    مهند : ولماذا يا خالة ؟
    أم خالد : لأن قلبي ليس مطمئن إلى كلامك .
    مهند : اطمئني يا خالة فنحن كما قلت لا زلنا بالمدرسة .
    وفي هذه الأثناء يخرج الطبيب ، ويقول من هو ولي أمر الطفل ، قال مهند : أنا ، وقال المعلم : أنا ، ونسي مهند أن يغلق السماعة ، وأم خالد تسمع ما يدور بينهم .
    مهند : أخبرنا يا دكتور هل حالة خالد في خطر ( والأم تسمع ما يدور ، اضطرب قلبها من هول ما سمعت )
    الطبيب : نحن عملنا الذي علينا ، والباقي على ربنا .
    المعلم : هل سنفقده يا دكتور ؟
    الطبيب : لا أعلم ، ولكن سيبقى في العناية المركزة إلى أن يفيق .
    وإذا بصيحة سمعها الطبيب ، ومهند والمعلم الحبيب ، من أين مصدرها يا ترى ، ومن أين خرج هذا الصوت ، وينظر مهند إلى هاتفه وإذا به لم يغلق السماعة ، فقال
    مهند : ألو ، يا خالة .
    أم خالد : لماذا يا مهند كذبت علي ، لماذا يا مهند لم تخبرني لألحق بضناي ، لماذا يا مهند لم تخبرني من قبل .
    مهند : يا خالتي أردت إخبارك ولكن لا حقا ، يا خالتي خفت على صحتك ، يا خالتي أردت أن أحمل بعضا من العبء عنك .
    أم خالد : ولكن أين أنتم الآن ، وبأي مستشفى ، وكيف ابني ؟ .
    مهند : سأمر عليك الآن وآخذك معي .
    ذهب مهند إلى أم خالد وأخذها معه ، وأخذ أمه كذلك ، وخالته تصيح من البكاء ، وهو يهدئها ويقول يا خالتي لا تخافي إنه بخير إن شاء الله ، يا خالتي هدئي من روعك ، كيف لي أن أهدأ وهذا ابني ، كيف لي أن أهدأ أو أن ترك البكاء وحياتي كلها بكاء وألم ، عمي وعمتي ماتا ، وأبي مات ، وزوجي تركني ، وابني الآن ربما يموت ، وأم مهند تقول لا تخافي بإذن الله سيشفى ويعود كما كان بإذن الله .
    وصلوا إلى المستشفى وأم خالد تذهب مسرعة إلى العناية ، وترى ابنها من خلف الزجاج ، وتبكي وتقول :
    أم خالد : بني ، هل سترحل وتتركني ، بني ، هل ستموت وتزيد حزني ، بني ، هل ستتركني وينفطر عليك قلبي ، لن ترحل أليس كذلك ، ألم تقل لي يوما بأنك ستعيش معي إلى الأبد ، ألم تقل لي يوما لا تحزني يا أمي أنا موجود ، قل لي بأنك لن تتركني ، ليس لي بعد الله إلا أنت ، وهي تبكي وتزيد في البكاء ، وفجأة إذا بالجرس يطرق لقد انتهت الزيارة .
    قال مهند هيا يا خالة ، لقد انتهت الزيارة ، وسنعود له غدا إن شاء الله ،
    أم خالد : لن أذهب ولن أتحرك من هنا ، كيف لي أن أنام وخالد هنا ، كيف لي أن أنام وخالد ليس بقربي ، قل لي بربك كيف لي أن أنام .
    مهند : يا خالتي لن يتركونك تبقين بقربه .
    أم خالد : وحتى لو طردت سأبقى في الخارج بجانب الباب ، على الأقل يبقى خالد بقربي ، وحتى لو أراد شيئا أعطيه .
    ذهب مهند إلى المدير يريد أن يستأذنه في أن تبقى أم خالد هنا ، ومن حسن حظه أن وجد أحد زملائه هو المدير المناوب في تلك الليلة ، أخبره مهند بالوضع ، رفض المدير في البداية ، ولكن مهند أصر عليه حتى وافق .
    ذهب مهند وأمه ومعلمه وسعيد من المستشفى وبقيت هي عند ابنها ، جلست هناك بقرب الباب ، وهي تدعو الله ، وتبكي وتصر في الدعاء ، وعند الساعة الواحدة ليلا ، طلبت مريم من إحدى الممرضات سجادة للصلاة ، أعطوها السجادة وسألت عن القبلة ثم اتجهت إليها ، فأخذت تصلي تلك الليلة كاملة ، وتلح في الدعاء لربها ، حتى أذن لصلاة الفجر ، وجلست تدعوا الله حتى الشروق ، وعند الساعة الثامنة ، دخل الطبيب للكشف على حالة خالد ، وعند خروجهم ، استوقفتهم الأم الحنون ، وقالت
    مريم : بشرني يا دكتور هل حالة ابني في تحسن ؟
    الطبيب : لا أدري نحن عملنا الذي علينا ، والباقي على الله .
    مريم : هل سأفقده يا دكتور.
    الطبيب : لا أعلم يا أختي ، ولكن ادعي الله له . 
    عندها بكت بكاء مريرا ، وأخذت تلهج بالدعاء يا رب لطفا بابني ، يا رب من لي سواك فادعوه ، ومن لي غيرك فارجوه ، يا رب اشف ابني ، اللهم اشفه ، اللهم منّ عليه بالشفاء ، وارفع عنه كل بلاء ، وادفع عنه كل ضراء ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا رب العالمين.
    ويمر اليوم تلو اليوم ، والأسبوع تلو الآخر ، وخالد تحت العناية ، وموصل بالأالفصـل السابع:
    جهزة ، وينتظر لطف الله وفرجه ، وأمه قي حالة يرثى لها ، لا تأكل كما يأكل الناس ، ولا تنام كما ينامون ، كلما قيل لها يا خالة كلي ، أو اشربي ، ترد قائلة ، كيف لي أن آكل وابني جائع ، وكيف لي أن أشرب وابني عطشان ، وكيف لي أن أذوق طعم النوم وابني يعاني الآلام ، أبني استيقظ أرجوك ، أبني رد علي أرجوك ، أبني انظر إلي أرجوك ، أبني لم أترك يوما الدعاء ، ولم أمل أطلب الله وأرجوه رجاء ، أن يمن عليك بالشفاء ، فاستيقظ فيكفيني بكاء .
    وفي يوم من الأيام ، وبعد شهر من دخوله المستشفى ، وبينما أمه تنظر إليه من خلف الزجاج ، إذا به بدأ بالحركة ، ذهلت أمه وقالت ، لقد تحرك ، نعم والله لقد تحرك جسده ، وبدأ شيئا فشيئا يفتح عيناه ، فرحت أمه حتى كادت أن تكسر الزجاج لتدخل عليه ، أخذت تجري في المستشفى ، وهي تبحث عن الطبيب المسئول ، وهي تصيح بأعلى صوتها ، ابني استيقظ ، أيا دكتور ابني فاق ، أيا أطباء تعالوا وانظروا إلى ابني وأنتم يا رفاق ، أسرع الأطباء إلى خالد ، ودخلوا عليه ، وعملوا له الفحوص اللازمة ، ثم خرجوا ، استوقفتهم أم خالد ، وقالت
    مريم : ما به يا دكتور ؟
    الطبيب : لا شيء يا خالة ، ابنك في أحسن حال ، ولتكن لديك فكرة وهي أن ابنك من الحالات النادرة التي تقاوم هذه الإصابات ، فما ينجو منها إلا القليل .
    مريم : ومتى سألامسه ، ومتى أستطيع أن أقبله .
    الطبيب : قريبا يا خالتي إن شاء الله .
    مريم : لماذا ليس الآن ؟؟؟
    الطبيب : ممنوع يا خالتي الدخول إليه في غرفة العناية ، ولكن سيخرج غدا منها أو بعد غد وبعدها قبليه على راحتك .
    ذهبت أمه إلى المنزل في تلك الليلة لترتاح فهي لم تريح أعصابها من ذو دخول ابنها إلى المستشفى ، وفي اليوم التالي عادت إلى المستشفى ، وبينما هي ذاهبة إلى العناية ، ترى الأطباء مجتمعين عند غرفة خالد ، دهشت من هذا المنظر ، وخافت على ابنها من بعد أن اطمأنت عليه ، وأخذت تجري بالمستشفى إلى أن وصلت إلى غرفة خالد ، وهي تقول للأطباء ماذا بكم ؟ وما خطبكم ؟
    الطبيب المسئول : لا شيء يا خالة وإنما ابنك لا يستطيع الحركة .

    مريم : ماذا ؟ ما الذي تقوله يا دكتور ؟

    الطبيب : هذا ما حدث يا خالة ، ولكن لا بد له فترة من الزمن حتى يستطيع الوقوف عليها والحركة .
    مريم : حزنت أم خالد أيما حزن ولكنها في نفس الوقت فرحة بأنها لم تفقد ضناها .
    خرج خالد إلى غرف التنويم ، وجلس هناك بضعة من الأيام ، وبعد أسبوع عاد إلى منزله ، وعاد إلى مستقره ، عاد إليه بعد شهور من الزمن ولكن ليس كما خرج منه ، فقد خرج منه يمشي على رجليه ، والآن يعود إلى هناك وهو على كرسي متحرك ، وتمر الأيام ، وبعد أسبوع من خروج خالد من المستشفى ، وفي يوم من الأيام ، وبعد صلاة العصر ، إذا بطارق يطرق الباب ، من يا ترى ، فتح سعيد الباب ، وإذا بشخص غريب ، لم يره سعيد من قبل ، شخص عابس كئيب .
    سعيد : من أنت ؟
    أبو خالد : أين مريم ؟ ومن أنت ؟
    سعيد : إنها بالداخل ، وأنا سعيد .
    أبو خالد : أنت ولدها ؟
    سعيد : نعم ، ومن أنت ؟
    أبو خالد : اذهب ونادها لي .
    وإذا بخالد أتى من الخلف ، على ذاك الكرسي المتحرك ، وهو يقول :
    خالد : سعيد ، من على الباب ؟
    سعيد : لا أدري رجل يريد أمي .
    وصل خالد إلى الباب ، وإذا به ذهل مما رأى ، صاح يقول أبي !!!
    سعيد : أبي ، كيف يكون أبي ، أبي مات ، وإذا كان أبي حقيقة فأين هو كل هذا السنين .
    أبو خالد : أريد أمك ، أين هي ؟
    أدخل خالد والده إلى الصالة ، وأتت مريم ، وهي تقول ما الذي تريد بعد كل ها السنين .
    أبو خالد : أنت كل هذه السنين في سعادة مع ابنيك ، وأنا أتجرع المرارة والأسى ، زوجتي لا تنجب ، وأنا لما علمت أن لديك ابنين أتيت لآخذ سعيد .
    أم خالد : ألم تخبرني سابقا بأن امرأتك حامل ؟
    أبو خالد : كنت أكذب عليك ..
    أم خالد : وإلى أين ستأخذ سعيد ؟
    أبو خالد : سأذهب به معي إلى خالته .
    أم خالد : لا أرجوك ، لا تفرق بيني وبين ابني ، أرجوك لا تحرمني منه .
    أبو خالد : هل ترين أن أجيب رجاءك وأنت لم تفكري بي كل هذه السنين التي مضت .
    أم خالد : أرجوك لا تفعل .
    أتى خالد من الخلف ، أبي ، إن كنت عازما على الأمر ، فخذني أنا ولا تأخذ سعيد ، أرجوك يا أبي اترك سعيدا مع والدتي ، فأنا كما ترى لا أستطيع الحركة ، واترك سعيدا حتى يقضي لأمي حاجاتها ، أرجوك يا أبي .
    أبو خالد : وماذا أريد بابن معاق ؟
    خالد : دهش خالد من هول ما سمع ، وأخذته الدهشة ، وتوقفت الكلمات ، ثم انحدرت الدمعات ، وسقطت على خده العبرات ، ولما رأى سعيد الدمعات على خالد ، ذهب إلى أبيه يضربه ويقول :
    سعيد : أنت المعاق ، وليس أخي ، أنت المعاق ،
    ثم أخذه أبوه ، يسحبه ويقول :
    أبو خالد : هيا تعال معي .
    سعيد : لا ، أريد أمي ، أنا لا أعرفك ،
    عندها اشتعلت العاطفة لدى الأم الحنون ، وذهبت مسرعة تشد بملابس سعيد ، وتتوسل إلى زوجها أن يتركه ، وزوجها يشده من الجهة الأخرى ، وبينهم ذاك الطفل يبكي ويقول :
    سعيد : أريد أمي فأنا لا أعرفك .
    أبو خالد : أنا والدك ،
    سعيد : والدي مات ، لا أريدك ، أريد أمي .
    أم خالد : أرجوك اتركه هنا ، تعال كل يوم لتراهما ، أرجوك دعه ، أرجوك دعه .
    أبو خالد : لن أتركه ، سآخذه معي .
    ثم سحب أحمد ابنه سعيد ، وسقطت الأم على الأرض وهي تبكي وتصيح ، لا ، سعيد ، أرجوك يا أحمد اتركه ، أرجووووووك ، وخالد في الخلف يبكي ، فهو لم يستطع الكلام مع والده بعد أن قال له تلك الكلمة التي هزت مشاعره ، وألجمته عن الكلام ، وذهب أحمد منتصرا بعد أن أخذ ابنه سعيد .
    وأخذ يجر سعيد وهو يتشبث بأي شيء أمامه ، وهو لا يريد الذهاب معه ، وأركبه في السيارة ، وهو يبكي ويصيح ، أخذ أحمد شخص سعيد ، ولكن قلبه ووجدانه هناك في البيت عند أمه وأخيه ، تحرك أحمد بالسيارة ، وسعيد ينظر إلى المنزل الذي أخذ منه بالقوة ، وأمه أمام الباب تبكي ، ولم يترك نظره إلى أن توارى البيت عن العين .
    جلس سعيد في صمت ، يدور بداخله عدة تساؤلات ، هل هذا أبي كما يزعم ؟ إلى أن يذهب بي ؟ هل سأحرم من أمي وأخي إلى الأبد ؟
    وفجأة وعند بيت فخم ، أوقف أحمد السيارة ، ثم نزل منها ، وأغلق باب السيارة ، وسعيد لا يزال بالداخل ، ثم صاح عليه أحمد
    أحمد : اخرج من السيارة ، قد وصلنا .
    نزل سعيد من السيارة ، وأخذ يمشي خلف والده ، لا يدري إلى أين تسوقه الخطى ، لا يدري إلى أين يذهب ، لا يدري من سيقابله ، هل يقابله شخص حنون يحتويه ، أم شخص غليظ شديد مثل أبيه .
    وعندما وصلا إلى الباب ، وفتح أبو خالد الباب ، وإذا بتلك المرأة تستقبلهما ، تسأل قائلة :
    سلمى : من هذا يا أحمد ؟
    أحمد : إنه ابني سعيد .
    سلمى : هل أتى لزيارتنا أم سيمكث عندنا أياما قليلة ؟
    أحمد : لا ، بل سيبقى هنا أبدا .
    سلمى : وهل أمه راضية على هذا الأمر ؟
    أحمد : لا ، وإنما أنا من حقي أن آخذه فهو ابني .
    سلمى : لماذا أحرمته من حضن أمه ؟ ألم تفكر فيها ، ألم تفكر فيه .
    أحمد : أنت عقيم كما تعلمين ، وأنا أريد لي ابني يحمل اسمي ، ويساعدني عند كبري .
    أحمد : اسمعي لا أريد كثير من الكلام والنقاش ، هذا الولد سيتربى معنا ، خذيه الآن إلى غرفته .
    أخذته سلمى تقوده إلى غرفته ، وهو لا يريد ، إنما أمه وخالد يريد ، أوصلته إلى غرفته ، وأخذت تبتسم وتقول
    سلمى : هذه غرفتك ، وإن احتجت شيئا فأنا في خدمتك .
    وبينما أرادت الخروج من عند سعيد ولما وصلت إلى الباب ، نطق سعيد بقوله
    سعيد : أريد أمي ؟ لماذا تريدون أن تحرموني من أمي ؟ من أنتم ؟ أنا لا أعرف أحدا منكم ، من أين أتيتم ، لماذا تريدون أن تأخذي دور أمي ؟ لماذا ..... لماذا ؟
    وأخذ في البكاء ، وأتيت إليه سلمى ، وتقول
    سلمى : هذا والدك ، وأنا سأحاول معه أن يعيدك إلى أمك ، أنا أشعر بك يا بني ، سآتي لك بماء .

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
    تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    الفصـل الثامن:

    ذهبت سلمى وأتت له بالماء ، وأخذت تلاطفه بالكلام حتى يتناسى همه ، وأخذ ذلك الطفل البريء يبتسم ، ويضحك ويداعب تلك المرأة التي احتوته بحنانها ، واحتضنته بالبسمة والمداعبة ، وقالت :
    سلمى : سأذهب لأعد العشاء لك ولأبيك .
    وبعد العشاء ، وعندما عاد إلى غرفته ، أخذ ينظر حواليه ، أخذ يبكي ويفتقد من كان ينام معه في الغرفة ، أخذ يتذكر خالد ، من كان يسليه ، من كان ينام معه ، من كان يلعب معه ، ما بين ليلة وضحاها يتغير حال ذلك الطفل المسكين ، وعندما استلقى على فراشه ، يذكر حبيبته ، يذكر غاليته ، يذكر والدته ، من كانت تضع عليه الغطاء ، من كانت تسكته عند البكاء ، أين هي ...
    وبينما هو يتذكر ويبكي ، إذ دخلت عليه خالته سلمى ، أخذ يكفف دموعه ، وأتت إليه لتنظر هل هو نائم أولا ..
    سلمى : لماذا أنت لم تنم ؟
    ويجيبه بسؤال قد أتعبه ..
    سعيد : يا خالتي ... أريد أمي ؟
    يا خالتي ... أريد من كانت تهتم بي ؟
    يا خالتي ... أريد من كانت تغطيني ؟
    يا خالتي ... أريد من كانت توقظني ؟
    يا خالتي ... أريد أمي ؟ يا خالتي .... أريد أمي ؟

    يتبع ,,,

    👇👇👇


    تعليقات