• بارت من

    رواية يا خالتي اريد امي -3

    رواية يا خالتي اريد امي - غرام

    رواية يا خالتي اريد امي -3

    أحمد : إنها حبيبتي وأم ولدي إنها أم خالد ، واآسفاه على ما فعلت بحالي .
    سلمى : أهدأ واذكر الله الأمور سوف تصلح بإذن الله .
    أحمد : كيف وأنا لا أعلم إلى أين ذهبت ، كيف تأكل ، كيف تطعم ولديها ، من يصرف عليها ، هل هي صحيحة أم سقيمة ، هل هي شابعة أم جائعة ؟ لا أعلم . آه ما الذي فعلت بحالي .
    لا بد أن أذهب إلى البيت ، ربما عادت إلى شقتنا ، لن تتركني ليس لها إلا أنا بعد الله .
    ذهب إلى شقته بعد صلاة المغرب ، فتح الباب ، وأخذ يقول :
    أحمد : مريم ، أين أنت ؟ يا أم خالد ها قد أتيت ، يا خالد ، أتيت بهديتك ، خلودي أين أنت ، أعلم أنكم هنا ولا تريدون الجواب ، يا أم خالد ، يفتح الباب تلو الباب ولا أحد ، وبعدما انتهى من التفتيش في جميع أرجاء المنزل عندها أيقن أنها رحلت وأخذ يجهش بالبكاء ويتذكر أيامه معها ، ولكن كما يقال ( جنت على نفسها براقش). أخذت سلمى تتصل عليه وهو لا يجيب عليها ، أذن لصلاة العشاء وذهب إلى المسجد الذي في قريته الذي كان يرتاده في الماضي ، ذهب للصلاة ، وبعدما صلى العشاء ، نظروا إليه جماعة المسجد نظر أسف على ما فعل مع عمه أبو زوجته ، فالكل لديه الخبر بما فعل ، وهو لا يعلم لماذا هذه النظرات وبعدما أدى الصلاة والسنة ، كان لديه صديق في ذاك المسجد ، يتحدث معه ، سأله ما بال الجماعة ينظرون إلي هكذا ، أخبره بأنهم قد علموا خبره وقصته ، ضاق صدره وتمنى أن ابتلعته الأرض ولم يحدث له ما حدث .
    عاد إلى البيت في قرابة الساعة الحادية عشر ليلا بعدما أخذ ما يحتاجه من أغراض مهمة من شقته ، وفي اليوم التالي ذهب إلى صاحب العمارة وسلم شقته ، حينها ودع شقته ، وودع ذكرياته ، وودع مسجده الذي كان به يصلي ، وعاد ليعيش مع سلمى إلا أن يلقى الحبيبة الأولى .
    وفي السبت داوم مبكرا من أجل أن يرى فلذة كبده ، وقرة عينه ، وثمرة فؤاده ، وحبيبه خالد ، وقف بعيدا من المدرسة ، ورآه من بعيد وهو يمشي على قدميه حاملا حقيبته بيده ، تحرك مشاعر أبو خالد ، وهم أن يذهب مسرعا ليحضن ولده ،
    نزل من سيارته مسرعا ذهب قليلا ثم توقف وقال : سألقاه بعد الدوام ، ثم ذهب إلى دوامه وخرج مبكرا من هناك وذهب إلى مدرسة خالد ، وانتظره إلى أن خرج ، ثم تبعه بسيارته بكل لهف وشوق ، يريد أن يرى أين يقيمون ، وذهب خلفه إلى أن وصل خالد إلى البيت ، ثم نزل أحمد كم سيارته ، وطرق عليهم الباب ، قامت أم خالد إلى الباب .
    مريم : من عند الباب ؟
    أحمد : أنا أحمد .
    مريم : من أحمد؟
    أحمد : أنا أحمد أبو خالد ... زوجك .
    مريم : وما الذي تريده ، لم يعد لديك أهل هنا .
    أحمد : افتح الباب أريد أن أتحدث معك قليلا ، ومعي هدية خالد التي وعدتها بها .
    مريم : لا أستطيع أن افتح الباب .
    أحمد : افتحي الباب أرجوك .
    فتح مريم الباب .
    أحمد : السلام عليكم .
    مريم : لو لم يكن الجواب على السلام واجبا ، لما رديت عليك .
    أحمد : لماذا ... ما الذي فعلته أنا ؟
    مريم : لم تفعل شيئا ؟
    أحمد : ألأني تزوجت عليك ؟
    مريم : أنت تعرف لماذا .
    أحمد : أنا لم أتزوج عليك إلا لأني أحبك ، ومن أجلك تزوجت .
    مريم : كيف لأنك تحبني تزوجت علي .
    أحمد : أنا تزوجت من أجلك ومن أجل ابننا خالد ، فلذلك دعينا نعود كما كنا ، من أجل ابننا ، وسأفعل أي شيء لتعودي إلي .
    مريم : أي شيء ؟
    أحمد : نعم ، أي شيء .
    مريم : إذا طلق زوجتك ، أنا لا أريد أن يشاركني أحد .
    أحمد : ماذا ... ما الذي تقولينه .
    مريم : ألم تقل أنك ستفعل أي شيء ، هذا ما أريده .
    أحمد : ولكن لا أستطيع .
    مريم : لماذا هل تحبها أكثر مني .
    أحمد : إنها ليست مسألة حب .
    مريم : إذا مسألة ماذا ؟
    أحمد : لأنها ...... لأنها ......
    مريم : لأنها ماذا ؟
    أحمد : لأنها ... حامل ( وهو كاذب فيما يقول )
    صعقت عندها مريم ، وقالت
    مريم : إذا اذهب إلى زوجتك ، ولا تفكر في ثانية .
    أحمد : ولكن أريد ابني .
    استدعت حينها خالد وقالت له .
    مريم : خالد من تريد أنا أو أبوك .
    أحمد : إن أردت تعال معي وسآتي بك إلى هنا كل ثلاثة أيام .
    خالد هو الفصل في هذه المسألة ، فكر خالد مليا ثم قال
    خالد : أريد ...... أريد ...
    أحمد : أنا أليس كذلك ؟
    خالد : بصراحة يا أبي أخاف أن تتركني كما تركت أمي ، فأنا أريد أمي لأنها لم تتخلى عني .
    حينها خرج أحمد من المنزل حزينا ، وعاد خائبا إلى سيارته ، وعاد إلى بيته مهموما حزينا ، قابلته سلمى وقالت : هل تريد الغداء ؟

    أحمد : لا أريد شيئا اتركني لحالي ، كفاية ما حدث لي بسببك .

    سلمى : وما الذي فعلته لك ؟
    أحمد : ليت أني لم أعرفك ، ولم أعرف عائلتك ؟
    سلمى : لماذا ما الذي حدث ؟
    أحمد : ضاعت زوجتي ، والآن رحل ابني عني .
    عندها سلمى لم تنطق بأي كلمة ، لأنها عرفت بأن مصابه عظيم ، وتركته ليهدأ وينام ويرتاح مما به .الفصـل الخامس:
    وأصبح الأب كل يوم يذهب إلى مدرسة ابنه في الصباح وفي المساء من أجل أن يرى ابنه ، وينظر إلى فلذة كبده .
    انتهت الدراسة ، وبدأت الإجازة الصيفية ، وقبل بداية الموسم الجديد بقرابة شهر ، ولدت أم خالد ، وأتت بولد ، سمته سعيد ، باسم والدها ، زارتها أم مهند وابنها مهند ، الذين كانوا يقضون لها حوائجها ، ويصرفون عليها ، وعلم أبو خالد بأنه قد أتاه مولد جديد .
    مهند قد أنهى المرحلة الثانوية ، وسجل في كلية الهندسة تبعد عن مدينتهم قرابة ال200 كيلو تقريبا ، وأرادا أن يغادرا هو ووالدته ، ولكن لا بد أن يخبروا جارتهم ، وبعدما خرجت أم خالد من المستشفى هي وسعيد ، ذهبت أم مهند إليها في البيت وأخبرتها بأنهما يريدان الرحيل هي وولدها من أجل كليته ، وحزنت أم خالد ، كيف لها ألا تحزن وهم من ساعدوها ، وهم من كانوا يقضون عنها حوائجها ، كيف لها ألا تحزن وهم من كانوا يؤنسوها ، ولكن ماذا بيدها أن تفعل ، وسألت أم خالد قائلة
    أم خالد : ومتى الرحيل ؟
    أم مهند : غدا بإذن الله بعد صلاة الفجر .
    أم خالد : أدعوا الله لكم بالتوفيق والسداد ، وهل ستمكثون هناك إلى الأبد ، أم تعودا إلينا , .
    أم مهند : سوف نعود في أيام الإجازات بإذن الله .
    وعندها احتضنتها أم خالد بكل حرارة وألم ، وأعطت أم مهند أم خالد بعضا من المال ، مساعدة لها ، كي تقضي به بعض أغراضها . وسلمت على خالد وسعيد ثم رحلت .
    وفي اليوم التالي غادروا إلى بلدهم الجديد .
    استخدمت المال الذي أعطتها أم مهند ، بكل اقتصاد لمدة وجيزة ، من حليب لولدها وما يحتاج إليه الطفل الرضيع ، ومن ملابس وأغراض مدرسية لابنها الآخر ، ومع بداية الدراسة انقضى جميع المال الذي كان لديها ، وقالت لابد أن ابحث عن عمل ، داوم ابنها الأسبوع الأول من الدراسة وهو لا يملك لا ريالا ولا رغيف خبز حتى ، أخذت تبحث عن عمل لها لكي تطعم صغارها ، تطرق باب الجيران كل يوم في الصباح ، جارا تلو الجار ، وكل يردها ، وتعود في الظهر وهي لم تجد شيئا ، تزداد الحالة سوءا ، فهم لا يأكلون سوى رغيف خبز يابس له يوم أو يومان ، وبعد ثلاثة أيام من البحث ، انقضى ما كان في المنزل ، وجلسوا يوما كاملا من دون أية طعام ، صغيرها يبكي ، وخالد هناك على الجوع منطوي ، يا الله ما العمل ؟ عندها وفي الصباح بعدما داوم ابنها ، أخذت تبحث عن محل تبحث لها عن طعام ، وبينما هي ماشية على قدميها رأت محلا للملحمة ، ذهبت إلى هناك ، وجلست بقربه ، وكلما قطع الجزار لحما ، وتساقط بعضه ، رفعت ما يتساقط ولمته في كيس وأخذته إلى المنزل ، لتعد لابنها الطعام ولكي تتغذى هي من أجل أن يدر حليبها على صغيرها ، وخالد في ذلك اليوم ينظر إلى الأطفال وهم يأكلون ويفطرون وهو له يوم لم يأكل أي شيء ، ينظر إليهم فبعضه يبقى من خبزه نصفه ويرميه ، تبادرت إلى ذهنه فكرة ، أن يلم ما رموه ، ويذهب به إلى أمه وأخيه ، وفي الحصة التي بعد الفسحة ، استأذن خالد من المعلم ، يريد دورات المياه ، وأذن له المعلم ، وهو يريد الذهاب ليلم ما رماه زملائه من الطعام ، ويرمي الكيس من فوق سور المدرسة من الجهة الذي يذهب منها إلى بيته ، وعند المغادرة يمر عليه ويأخذه ، ولما ذهب به إلى البيت سألته أمه
    أم خالد : من أتيت بهذا ؟
    خالد ، من المدرسة .
    أم خالد : ألم أقل لك لا تسأل أحدا شيئا حتى ولو كان شيئا قليلا ، نموت ولا نسأل الناس شيئا .
    خالد : أمي ... أنا لم أسأل أحد شيئا ، ولكن رأيت زملائي يأكلون بعض الخبز ويرمون الباقي ، فأخذت الباقي الذي رموه ، ألا يحق لي أن آكل كما يأكلون ، هم يرمون نصف الخبز وأنا لا أجد ما أكل أليس هذا حراما يا أمي .
    عندها بكت أمه واحتضنته وقالت ( حسبي الله عليك يا أحمد أنت من أوصلتنا إلى هذه الحالة )
    استمروا على هذه الحالة ، الأم تأتي ببقايا اللحم ، والابن يأتي ببقايا الخبز ، هكذا كان قوتهم ( يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ) .
    وتمر الأيام وراء الأيام ، وقبل نهاية الموسم الدراسي من السنة الثانية الابتدائية لخالد ، كان هناك حفلا للمتميزين في جميع المراحل ، وكان خالد من بينهم ، وطلبوا منهم إحضار أولياء أمورهم ، وفي اليوم التالي ، وقبل بداية الحفل ، أتى كل طالب متميز بأبيه ، إلا خالد لم يأت بأحد ، هناك سأله المرشد :
    المرشد : خالد ، أين أبيك ؟
    خالد : لم أخبره .
    المرشد : ولماذا ؟

    خالد : لأن ..... لأن ... (أتت هذه الفكرة في رأسه) لأن أبي ماااات .

    صعق المرشد من هول ما سمع ، وأخذ يضم خالد إلى صدره ويحاول أن ينسيه حزنه ، وأخذ بيده إلى الحفل ، وأجلسه بقربه ، ليندمج مع زملائه ، ظنا منه أن هذا الطفل كما قال بأنه يتيم .
    انتهى الحفل ، وسلمت الجوائز ، وذهب خالد إلى البيت فرحا بجائزته وتفوقه ، وفرحت أمه لفرحه ، وأخبرها بما حدث معه ، وأنه أخبر معلمه بأن أبيه مات ،
    سألته أمه
    أم خالد : لماذا قلت هذا يا بني .
    خالد : ولكن يا أمي هذه هي الحقيقة .
    أم خالد : كيف هذي هي الحقيقة ؟
    خالد : أماه ... أين أبي الذين تتحدثين عنه ، أين هو كي يعطيني المصروف ، أين هو ليوصلني إلى المدرسة ، أين هو ليذهب بي إلى المنتزهات ، أمي .. أسمع زملائي يتكلمون ويحترمون آباءهم وأنا لا أستطيع أن أذكر فيه ميزة واحدة ، سألوني عن أبي فماذا أقول لهم ، أبي مفارق أمي ولا يريدنا ، أم أمي لا تريد أبي ، أم ماذا أقول ، أنا لن أقول أبي لا يريدنا ولا نحن نريد أبي سأقول أبي مات لأنه مات بالنسبة إلي ، مات بالنسبة إلي . وأخذ يبكي فاحتضنته أمه وهي كذلك تبكي وقالت أم خالد : نعم إن أبوك مات بالنسبة إلينا جميعا .
    ولم يبقى إلا أسبوعان لنهاية الموسم الدراسي ، وحدث ما لم يكن في حسبان خالد ، لقد أتى أبو خالد إلا المدرسة ، وذهب إلى المرشد، وسأله عن مستواه ، وأخبره بأنه متفوق في دراسته ، وسأل المرشد قائلا :
    المرشد : أهلا .. أهلا لابد أنك عم الفتى أو خاله .
    أبو خالد : لا ، أنا والده .
    عندها صعق المرشد من هول ما سمع ،
    المرشد : ماذا تقول ؟
    أبو خالد : أنا والده .. لماذا ألم تصدق .
    المرشد : بلى .. ولكن خالد أخبرني بأنك متوفى .
    أبو خالد : ماذا ! ابني هل قال هذا ...
    المرشد : نعم والله أخبرني قبل أسبوع من الآن بأنك متوفى وحزن كل من في المدرسة عليه ، لكن هل أنت منفصل عن أمه .
    أبو خالد : لا ، لم يحدث هذا .
    المرشد : هل أنت تقطن معهم ؟
    أبو خالد : أزورهم يوما تلو يوم لأني متزوج أخرى .
    استغرب المرشد من موقف خالد ، ولماذا كذب عليهم بشأن أبيه ، ولم يعلم بأن الزيارة التي يذكرها أبو خالد هي من بعيد لبعيد ، وهو في سيارته ، ينظر إلى البيت ثم يعود .
    أيقن أبو خالد أنه لم يبق لديه القبول لدى ابنه ، وغادر المدرسة وقد ازداد حزنا وألما ، وازداد حسرة وندامة على ما بدر منه .
    عندها أيقن المرشد بأن خالد يكذب ، فغير تصرفه معه ، من الحنان والرفق إلى العنف ، ومن اللين إلى الشدة ، وازداد كراهية لخالد ، وهو لا يعلم ما القصة ، ولماذا قال هذا ، واعتبره يكذب في جميع أموره .
    وفي يوم من الأيام مرض خالد مرضا شديدا ، واشتد عليه المرض ، أخذت أمه تبحث عن أحد ليوصله إلى المستشفى ، ولم تجد ، فتركت صغيرها عند جارتها ، وشالت ابنها خالد وذهبت به إلى المستشفى الذي يبعد عن المنزل قرابة كيلو واحد تركض و تركض إلى أن وصلت ، وعندما وصلت إلى المستشفى ، تدخل الأطباء ، وأسعفوه وقال الطبيب
    الطبيب : هل أنت والدته ؟
    مريم : نعم .
    الطبيب : لو تأخرت قليلا لفقدت ابنك .
    مريم : وهل حالته الآن مستقرة .
    الطبيب : إن شاء الله ، ولكن لا بد أن يمكث عندنا يوم أو يومين .
    مريم : لابد .
    الطبيب : نعم لا بد ، ولماذا ؟
    مريم : لأن والده غير موجود حاليا ، وأنا أريد أن أرافق معه ولكن لدي طفل صغير لم يبلغ الستة أشهر فإذا لم يكن هناك مانع أن أتي بطفلي وأجلس مع خالد ؟
    راعى الطبيب حالتها ووافق على ذلك .
    وعادت مريم إلى البيت مشيا ، وأخذت طفلها من عند جارتها وشكرت لها ما صنعت ، وأخذت بعضا من الملابس وذهبت إلى المستشفى مشيا كذلك .
    باتا في المستشفى يومين ، وفي اليوم الثالث أتى الطبيب وكشف عن حالته وأخبر والدته بأنه بحالة جيدة ، وقال الطبيب
    الطبيب : أريد أن أسأل سؤال ؟
    أم خالد : تفضل .
    الطبيب : خلال اليومين الماضيين لم يزركم أحد ، هل والد الفتى حي أم لا ؟
    أم خالد : لا . إنه متوفى .
    الطبيب : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ولكن هل لديه أعمام ، أم لا ؟
    أم خالد : لا يوجد لديه لا أعمام أو أخوال .
    الطبيب : ولكن من يعولكم .
    أم خالد : هناك أناس يفعلون الخير لنا .
    الطبيب : إذن هل لديكم من يوصلكم إلى المنزل أم لا ؟
    أم خالد : نعم هناك من سيوصلنا .
    الطبيب : إذن اهتمي بخالد .
    أم خالد : إن شاء الله ، ولكن هل حالته مستقرة .
    الطبيب : نعم .
    أم خالد : هل بإمكانه غدا أن يذهب إلى المدرسة .
    الطبيب : نعم بإمكانه ، ولكن خذي هذه الورقة واصرفيها من الصيدلية .
    أخذت أم خالد الورقة وصرفت العلاج ثم ذهبت إلى المنزل مشيا من دون أن يقلهم أحد ، والطبيب يراقبها وعلم بأن لا أحد سيقلها ولكن ما الذي يفعله فليس له أن يجبرها على أن يوصلها ، وعادت العفيفة إلى بيتها مع طفليها ، وتركتهم في المنزل ثم ذهبت إلى مكانها العادة ، أتدرون أين ....؟
    إنه مكان الملحمة لتلتقط بعض اللحم الساقط لتعد لأطفالها الطعام ، وعندما رآها صاحب الملحمة تأتي يوميا ، أشفق عليها ، ومن له ألا يشفق عليها إذا رآها بهذه الحالة ، فليتك تنظر يا أبا خالد ما حل بأهلك ، وأعطاها صاحب الملحمة قطعة نظيفة من اللحم ، أخذتها وشكرته على ما فعل ثم عادت إلى المنزل وأعدت لصغارها الطعام .

    وفي اليوم التالي

     ذهب خالد إلى المدرسة ، وفي الطابور الصباحي قام أحد المعلمين وهو الذي أخبره خالد بأن أباه مات وهو المرشد الطلابي في المدرسة ، وأخذ الميكرفون ثم أخذ يتحدث عن السرقات التي حدثت في المدرسة خلال الأيام الماضية وأنها بدأت تكثر وتنتشر في المدرسة وخصوصا في الصف الثاني الابتدائي ، أي في فصل خالد ، وأخذ يتوعد بأن من فعل ذلك سوف يعاقب عقابا عسيرا ، ثم انصرف الطلاب إلى الفصول ، وكالعادة وبعد الفسحة استأذن خالد من المعلم ، ثم ذهب يلم الخبز ، ولما ذهب ليرميه من أعلى الجدار رآه المرشد ، ثم صعق عليه وناداه ، فلما أتى خالد وهو خائفا من أن يعرف المرشد حالته وتغضب عليه أمه ، ولما سألته عن الذي رماه ، قال لا شيء ،
    المرشد : أنا رأيتك ترمي بكيس من أعلى الجدار ؟
    خالد : إنه كيس لا يوجد به شيء .
    المرشد : بل رأيته معبأ ؟
    خالد : لا أدري ما الذي به .
    المرشد : مسك أحمد من ثوبه وقال : إلا متى ستكذب علي أيه الكاذب ، الآن عرفت لماذا تغيبت قي اليومين الماضيين ، حتى تخفي جريمتك ، أيها السارق .
    خالد : أنا لم أسرق شيئا ، وإنما تغيبت لأني كنت نائما في المستشفى .
    المرشد : اذهب وآت لي بالكيس .
    خالد : لا ادري أن رميته .
    أخذ المرشد بتلابيب خالد وذهب به إلى خارج المدرسة ، وخالد يصيح ، لا يريد لأي أحد أن يعلم ، ويحاول الهروب من يدي المرشد ، ولكن المرشد محكم القبضة على خالد ، وذهب به إلى موقع الكيس ، وأخذه المرشد ثم عاد إلى المدرسة ، وذهب به إلى مكتبه ،
    المرشد : اتصل على أبيك وأخبره أن يأتي .
    خالد : ولكن أبي مات .
    المرشد : أيها الكاذب الحقير ، لقد أتى أبوك بعدما أخبرتني بأنه متوفى .
    خالد : ماذا .... ماذا تقول ؟
    المرشد : نعم أيه الكاذب .
    عندها بكى خالد وقال أرجوك لا يدري أبي بما حدث أرجوك .
    حينها أشفق المرشد وقال
    المرشد : إذا لماذا تسرق يا بني ؟
    خالد : أنا لم أسرق .
    المرشد بكل عصبية أخذ الكيس وقال إذا ما هذا ونثر ما في الكيس .
    ولما رأى المرشد الخبز وقد تساقط هنا وهناك بهت من شدة ما رأى ، ونظر إلى خالد وقد أغمض عينيه ، وصاح بشدة : لا ، قد كشف أمري .
    عندها سقط المرشد يبكي وأخذ يحضن خالد .
    خالد : أرجوك لا تخبر زملائي ، أرجوك يا أستاذي .
    المرشد : ولكن يا بني أين أبوك ؟
    خالد : أبي تزوج ونسينا ، وأمي الآن لا تريده .
    المرشد : ولكن لماذا لم تخبرني بقصتك لكنت أنا لك الأب وأعطيتك ما تريد .
    خالد : أمي أخذت علي عهدا أن لا أخبر أحدا بحالتي ، ولا أطلب الناس شيئا ، ولكن ما الذي أفعله إذا لم يوجد عندنا خبز ، وأخي لا يجد ما يأكل .
    المرشد : إذا من كان يأتي لكم بأغراض الطعام ؟
    خالد : لا أحد ، أمي تذهب إلى محل الملحمة وتأخذ اللحم المتساقط ، وتأتي به ، وأنا آتي بالخبز الذي يرمى ، ونتغذى به .
    حينها بكى المرشد بكاء مريرا ، وقال .
    المرشد : كيف تذهب إلى البيت ؟
    خالد : اذهب مشيا على الأقدام .
    المرشد : اليوم سوف تذهب معي ، ومن الآن أنا مثل أبوك أي شيء تريده فاطلبه مني ، وأي شيء ينقص عليكم فأخبرني .
    خالد : ولكن أمي سوف تغضب .
    المرشد : لا عليك ، أنا سأكلمها .
    والأم هناك هي وطفلها عند الملحمة ، وبينما هناك إذا أتى شخص من الأشخاص ليشتري لحما ، فرآها تلتقط ما يسقط من اللحم ، وسأل عنها صاحب الملحمة وأخبره بأنها تأتي إلى هنا يوميا ، وتفعل مثل هذا الفعل ، وأشفق عليها ، وقال لصاحب الملحمة ، بأن يعطيها كل اثنين وخميس كيلو من اللحم في حياتي وبعد مماتي ، وعندما ذهب ، استدعى الجزار الأم
    الجزار : خذي هذا الكيلو اللحم ، وتعالي إل هنا كل يوم اثنين وخميس لتأخذي مثلها.
    أم خالد : شكرا لك ، ولكن هذا كثير .
    الجزار : إنه ليس من عندي إنه مع الشخص الذي رحل الآن ولم يطلب منك إلا الدعاء .
    أخذت تدعي أم خالد له ، ثم أخذت اللحم وانصرفت .
    وفي نهاية الدوام ذهب خالد مع المرشد ، وبينما هم في الطريق مر على متجر هناك وأخذ ما يحتاج إليه المنزل من أرز وبر وطحين وزيت وغيرها من الأغراض ، ولما وصلا إلى البيت ، أنزل المرشد الأغراض إلى منزل خالد ، ووضعها عند الباب ، وأم خالد هناك
    المرشد : هذه يا أختي أغراض بسيطة للمنزل .
    أم خالد : شكرا لك ولكن لدينا ما يكفي من الطعام .
    المرشد : لقد عرفت قصتكم ، وخالد أخبرني أنك لن تقبلي ولكن أنا من أصر على ذلك ، فلذلك يا أختي لا تحرميني من الأجر ، وغدا سآتي صباحا لأقل خالد إلى المدرسة ، ومصروفه علي .
    أم خالد : لا دعه يمشي فالمدرسة قريبة من هنا ، ويكفي أنه سيفطر هنا ، لماذا تكلف على نفسك .

    يتبع ,,,

    👇👇👇


    تعليقات