رواية يا خالتي اريد امي -3
أحمد : إنها حبيبتي وأم ولدي إنها أم خالد ، واآسفاه على ما فعلت بحالي .
سلمى : أهدأ واذكر الله الأمور سوف تصلح بإذن الله .
أحمد : كيف وأنا لا أعلم إلى أين ذهبت ، كيف تأكل ، كيف تطعم ولديها ، من يصرف عليها ، هل هي صحيحة أم سقيمة ، هل هي شابعة أم جائعة ؟ لا أعلم . آه ما الذي فعلت بحالي .
لا بد أن أذهب إلى البيت ، ربما عادت إلى شقتنا ، لن تتركني ليس لها إلا أنا بعد الله .
ذهب إلى شقته بعد صلاة المغرب ، فتح الباب ، وأخذ يقول :
أحمد : مريم ، أين أنت ؟ يا أم خالد ها قد أتيت ، يا خالد ، أتيت بهديتك ، خلودي أين أنت ، أعلم أنكم هنا ولا تريدون الجواب ، يا أم خالد ، يفتح الباب تلو الباب ولا أحد ، وبعدما انتهى من التفتيش في جميع أرجاء المنزل عندها أيقن أنها رحلت وأخذ يجهش بالبكاء ويتذكر أيامه معها ، ولكن كما يقال ( جنت على نفسها براقش). أخذت سلمى تتصل عليه وهو لا يجيب عليها ، أذن لصلاة العشاء وذهب إلى المسجد الذي في قريته الذي كان يرتاده في الماضي ، ذهب للصلاة ، وبعدما صلى العشاء ، نظروا إليه جماعة المسجد نظر أسف على ما فعل مع عمه أبو زوجته ، فالكل لديه الخبر بما فعل ، وهو لا يعلم لماذا هذه النظرات وبعدما أدى الصلاة والسنة ، كان لديه صديق في ذاك المسجد ، يتحدث معه ، سأله ما بال الجماعة ينظرون إلي هكذا ، أخبره بأنهم قد علموا خبره وقصته ، ضاق صدره وتمنى أن ابتلعته الأرض ولم يحدث له ما حدث .
عاد إلى البيت في قرابة الساعة الحادية عشر ليلا بعدما أخذ ما يحتاجه من أغراض مهمة من شقته ، وفي اليوم التالي ذهب إلى صاحب العمارة وسلم شقته ، حينها ودع شقته ، وودع ذكرياته ، وودع مسجده الذي كان به يصلي ، وعاد ليعيش مع سلمى إلا أن يلقى الحبيبة الأولى .
وفي السبت داوم مبكرا من أجل أن يرى فلذة كبده ، وقرة عينه ، وثمرة فؤاده ، وحبيبه خالد ، وقف بعيدا من المدرسة ، ورآه من بعيد وهو يمشي على قدميه حاملا حقيبته بيده ، تحرك مشاعر أبو خالد ، وهم أن يذهب مسرعا ليحضن ولده ،
نزل من سيارته مسرعا ذهب قليلا ثم توقف وقال : سألقاه بعد الدوام ، ثم ذهب إلى دوامه وخرج مبكرا من هناك وذهب إلى مدرسة خالد ، وانتظره إلى أن خرج ، ثم تبعه بسيارته بكل لهف وشوق ، يريد أن يرى أين يقيمون ، وذهب خلفه إلى أن وصل خالد إلى البيت ، ثم نزل أحمد كم سيارته ، وطرق عليهم الباب ، قامت أم خالد إلى الباب .
مريم : من عند الباب ؟
أحمد : أنا أحمد .
مريم : من أحمد؟
أحمد : أنا أحمد أبو خالد ... زوجك .
مريم : وما الذي تريده ، لم يعد لديك أهل هنا .
أحمد : افتح الباب أريد أن أتحدث معك قليلا ، ومعي هدية خالد التي وعدتها بها .
مريم : لا أستطيع أن افتح الباب .
أحمد : افتحي الباب أرجوك .
فتح مريم الباب .
أحمد : السلام عليكم .
مريم : لو لم يكن الجواب على السلام واجبا ، لما رديت عليك .
أحمد : لماذا ... ما الذي فعلته أنا ؟
مريم : لم تفعل شيئا ؟
أحمد : ألأني تزوجت عليك ؟
مريم : أنت تعرف لماذا .
أحمد : أنا لم أتزوج عليك إلا لأني أحبك ، ومن أجلك تزوجت .
مريم : كيف لأنك تحبني تزوجت علي .
أحمد : أنا تزوجت من أجلك ومن أجل ابننا خالد ، فلذلك دعينا نعود كما كنا ، من أجل ابننا ، وسأفعل أي شيء لتعودي إلي .
مريم : أي شيء ؟
أحمد : نعم ، أي شيء .
مريم : إذا طلق زوجتك ، أنا لا أريد أن يشاركني أحد .
أحمد : ماذا ... ما الذي تقولينه .
مريم : ألم تقل أنك ستفعل أي شيء ، هذا ما أريده .
أحمد : ولكن لا أستطيع .
مريم : لماذا هل تحبها أكثر مني .
أحمد : إنها ليست مسألة حب .
مريم : إذا مسألة ماذا ؟
أحمد : لأنها ...... لأنها ......
مريم : لأنها ماذا ؟
أحمد : لأنها ... حامل ( وهو كاذب فيما يقول )
صعقت عندها مريم ، وقالت
مريم : إذا اذهب إلى زوجتك ، ولا تفكر في ثانية .
أحمد : ولكن أريد ابني .
استدعت حينها خالد وقالت له .
مريم : خالد من تريد أنا أو أبوك .
أحمد : إن أردت تعال معي وسآتي بك إلى هنا كل ثلاثة أيام .
خالد هو الفصل في هذه المسألة ، فكر خالد مليا ثم قال
خالد : أريد ...... أريد ...
أحمد : أنا أليس كذلك ؟
خالد : بصراحة يا أبي أخاف أن تتركني كما تركت أمي ، فأنا أريد أمي لأنها لم تتخلى عني .
حينها خرج أحمد من المنزل حزينا ، وعاد خائبا إلى سيارته ، وعاد إلى بيته مهموما حزينا ، قابلته سلمى وقالت : هل تريد الغداء ؟
أحمد : لا أريد شيئا اتركني لحالي ، كفاية ما حدث لي بسببك .
سلمى : وما الذي فعلته لك ؟
أحمد : ليت أني لم أعرفك ، ولم أعرف عائلتك ؟
سلمى : لماذا ما الذي حدث ؟
أحمد : ضاعت زوجتي ، والآن رحل ابني عني .
عندها سلمى لم تنطق بأي كلمة ، لأنها عرفت بأن مصابه عظيم ، وتركته ليهدأ وينام ويرتاح مما به .الفصـل الخامس:
وأصبح الأب كل يوم يذهب إلى مدرسة ابنه في الصباح وفي المساء من أجل أن يرى ابنه ، وينظر إلى فلذة كبده .
انتهت الدراسة ، وبدأت الإجازة الصيفية ، وقبل بداية الموسم الجديد بقرابة شهر ، ولدت أم خالد ، وأتت بولد ، سمته سعيد ، باسم والدها ، زارتها أم مهند وابنها مهند ، الذين كانوا يقضون لها حوائجها ، ويصرفون عليها ، وعلم أبو خالد بأنه قد أتاه مولد جديد .
مهند قد أنهى المرحلة الثانوية ، وسجل في كلية الهندسة تبعد عن مدينتهم قرابة ال200 كيلو تقريبا ، وأرادا أن يغادرا هو ووالدته ، ولكن لا بد أن يخبروا جارتهم ، وبعدما خرجت أم خالد من المستشفى هي وسعيد ، ذهبت أم مهند إليها في البيت وأخبرتها بأنهما يريدان الرحيل هي وولدها من أجل كليته ، وحزنت أم خالد ، كيف لها ألا تحزن وهم من ساعدوها ، وهم من كانوا يقضون عنها حوائجها ، كيف لها ألا تحزن وهم من كانوا يؤنسوها ، ولكن ماذا بيدها أن تفعل ، وسألت أم خالد قائلة
أم خالد : ومتى الرحيل ؟
أم مهند : غدا بإذن الله بعد صلاة الفجر .
أم خالد : أدعوا الله لكم بالتوفيق والسداد ، وهل ستمكثون هناك إلى الأبد ، أم تعودا إلينا , .
أم مهند : سوف نعود في أيام الإجازات بإذن الله .
وعندها احتضنتها أم خالد بكل حرارة وألم ، وأعطت أم مهند أم خالد بعضا من المال ، مساعدة لها ، كي تقضي به بعض أغراضها . وسلمت على خالد وسعيد ثم رحلت .
وفي اليوم التالي غادروا إلى بلدهم الجديد .
استخدمت المال الذي أعطتها أم مهند ، بكل اقتصاد لمدة وجيزة ، من حليب لولدها وما يحتاج إليه الطفل الرضيع ، ومن ملابس وأغراض مدرسية لابنها الآخر ، ومع بداية الدراسة انقضى جميع المال الذي كان لديها ، وقالت لابد أن ابحث عن عمل ، داوم ابنها الأسبوع الأول من الدراسة وهو لا يملك لا ريالا ولا رغيف خبز حتى ، أخذت تبحث عن عمل لها لكي تطعم صغارها ، تطرق باب الجيران كل يوم في الصباح ، جارا تلو الجار ، وكل يردها ، وتعود في الظهر وهي لم تجد شيئا ، تزداد الحالة سوءا ، فهم لا يأكلون سوى رغيف خبز يابس له يوم أو يومان ، وبعد ثلاثة أيام من البحث ، انقضى ما كان في المنزل ، وجلسوا يوما كاملا من دون أية طعام ، صغيرها يبكي ، وخالد هناك على الجوع منطوي ، يا الله ما العمل ؟ عندها وفي الصباح بعدما داوم ابنها ، أخذت تبحث عن محل تبحث لها عن طعام ، وبينما هي ماشية على قدميها رأت محلا للملحمة ، ذهبت إلى هناك ، وجلست بقربه ، وكلما قطع الجزار لحما ، وتساقط بعضه ، رفعت ما يتساقط ولمته في كيس وأخذته إلى المنزل ، لتعد لابنها الطعام ولكي تتغذى هي من أجل أن يدر حليبها على صغيرها ، وخالد في ذلك اليوم ينظر إلى الأطفال وهم يأكلون ويفطرون وهو له يوم لم يأكل أي شيء ، ينظر إليهم فبعضه يبقى من خبزه نصفه ويرميه ، تبادرت إلى ذهنه فكرة ، أن يلم ما رموه ، ويذهب به إلى أمه وأخيه ، وفي الحصة التي بعد الفسحة ، استأذن خالد من المعلم ، يريد دورات المياه ، وأذن له المعلم ، وهو يريد الذهاب ليلم ما رماه زملائه من الطعام ، ويرمي الكيس من فوق سور المدرسة من الجهة الذي يذهب منها إلى بيته ، وعند المغادرة يمر عليه ويأخذه ، ولما ذهب به إلى البيت سألته أمه
أم خالد : من أتيت بهذا ؟
خالد ، من المدرسة .
أم خالد : ألم أقل لك لا تسأل أحدا شيئا حتى ولو كان شيئا قليلا ، نموت ولا نسأل الناس شيئا .
خالد : أمي ... أنا لم أسأل أحد شيئا ، ولكن رأيت زملائي يأكلون بعض الخبز ويرمون الباقي ، فأخذت الباقي الذي رموه ، ألا يحق لي أن آكل كما يأكلون ، هم يرمون نصف الخبز وأنا لا أجد ما أكل أليس هذا حراما يا أمي .
عندها بكت أمه واحتضنته وقالت ( حسبي الله عليك يا أحمد أنت من أوصلتنا إلى هذه الحالة )
استمروا على هذه الحالة ، الأم تأتي ببقايا اللحم ، والابن يأتي ببقايا الخبز ، هكذا كان قوتهم ( يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ) .
وتمر الأيام وراء الأيام ، وقبل نهاية الموسم الدراسي من السنة الثانية الابتدائية لخالد ، كان هناك حفلا للمتميزين في جميع المراحل ، وكان خالد من بينهم ، وطلبوا منهم إحضار أولياء أمورهم ، وفي اليوم التالي ، وقبل بداية الحفل ، أتى كل طالب متميز بأبيه ، إلا خالد لم يأت بأحد ، هناك سأله المرشد :
المرشد : خالد ، أين أبيك ؟
خالد : لم أخبره .
المرشد : ولماذا ؟
خالد : لأن ..... لأن ... (أتت هذه الفكرة في رأسه) لأن أبي ماااات .
صعق المرشد من هول ما سمع ، وأخذ يضم خالد إلى صدره ويحاول أن ينسيه حزنه ، وأخذ بيده إلى الحفل ، وأجلسه بقربه ، ليندمج مع زملائه ، ظنا منه أن هذا الطفل كما قال بأنه يتيم .
انتهى الحفل ، وسلمت الجوائز ، وذهب خالد إلى البيت فرحا بجائزته وتفوقه ، وفرحت أمه لفرحه ، وأخبرها بما حدث معه ، وأنه أخبر معلمه بأن أبيه مات ،
سألته أمه
أم خالد : لماذا قلت هذا يا بني .
خالد : ولكن يا أمي هذه هي الحقيقة .
أم خالد : كيف هذي هي الحقيقة ؟
خالد : أماه ... أين أبي الذين تتحدثين عنه ، أين هو كي يعطيني المصروف ، أين هو ليوصلني إلى المدرسة ، أين هو ليذهب بي إلى المنتزهات ، أمي .. أسمع زملائي يتكلمون ويحترمون آباءهم وأنا لا أستطيع أن أذكر فيه ميزة واحدة ، سألوني عن أبي فماذا أقول لهم ، أبي مفارق أمي ولا يريدنا ، أم أمي لا تريد أبي ، أم ماذا أقول ، أنا لن أقول أبي لا يريدنا ولا نحن نريد أبي سأقول أبي مات لأنه مات بالنسبة إلي ، مات بالنسبة إلي . وأخذ يبكي فاحتضنته أمه وهي كذلك تبكي وقالت أم خالد : نعم إن أبوك مات بالنسبة إلينا جميعا .
ولم يبقى إلا أسبوعان لنهاية الموسم الدراسي ، وحدث ما لم يكن في حسبان خالد ، لقد أتى أبو خالد إلا المدرسة ، وذهب إلى المرشد، وسأله عن مستواه ، وأخبره بأنه متفوق في دراسته ، وسأل المرشد قائلا :
المرشد : أهلا .. أهلا لابد أنك عم الفتى أو خاله .
أبو خالد : لا ، أنا والده .
عندها صعق المرشد من هول ما سمع ،
المرشد : ماذا تقول ؟
أبو خالد : أنا والده .. لماذا ألم تصدق .
المرشد : بلى .. ولكن خالد أخبرني بأنك متوفى .
أبو خالد : ماذا ! ابني هل قال هذا ...
المرشد : نعم والله أخبرني قبل أسبوع من الآن بأنك متوفى وحزن كل من في المدرسة عليه ، لكن هل أنت منفصل عن أمه .
أبو خالد : لا ، لم يحدث هذا .
المرشد : هل أنت تقطن معهم ؟
أبو خالد : أزورهم يوما تلو يوم لأني متزوج أخرى .
استغرب المرشد من موقف خالد ، ولماذا كذب عليهم بشأن أبيه ، ولم يعلم بأن الزيارة التي يذكرها أبو خالد هي من بعيد لبعيد ، وهو في سيارته ، ينظر إلى البيت ثم يعود .
أيقن أبو خالد أنه لم يبق لديه القبول لدى ابنه ، وغادر المدرسة وقد ازداد حزنا وألما ، وازداد حسرة وندامة على ما بدر منه .
عندها أيقن المرشد بأن خالد يكذب ، فغير تصرفه معه ، من الحنان والرفق إلى العنف ، ومن اللين إلى الشدة ، وازداد كراهية لخالد ، وهو لا يعلم ما القصة ، ولماذا قال هذا ، واعتبره يكذب في جميع أموره .
وفي يوم من الأيام مرض خالد مرضا شديدا ، واشتد عليه المرض ، أخذت أمه تبحث عن أحد ليوصله إلى المستشفى ، ولم تجد ، فتركت صغيرها عند جارتها ، وشالت ابنها خالد وذهبت به إلى المستشفى الذي يبعد عن المنزل قرابة كيلو واحد تركض و تركض إلى أن وصلت ، وعندما وصلت إلى المستشفى ، تدخل الأطباء ، وأسعفوه وقال الطبيب
الطبيب : هل أنت والدته ؟
مريم : نعم .
الطبيب : لو تأخرت قليلا لفقدت ابنك .
مريم : وهل حالته الآن مستقرة .
الطبيب : إن شاء الله ، ولكن لا بد أن يمكث عندنا يوم أو يومين .
مريم : لابد .
الطبيب : نعم لا بد ، ولماذا ؟
مريم : لأن والده غير موجود حاليا ، وأنا أريد أن أرافق معه ولكن لدي طفل صغير لم يبلغ الستة أشهر فإذا لم يكن هناك مانع أن أتي بطفلي وأجلس مع خالد ؟
راعى الطبيب حالتها ووافق على ذلك .
وعادت مريم إلى البيت مشيا ، وأخذت طفلها من عند جارتها وشكرت لها ما صنعت ، وأخذت بعضا من الملابس وذهبت إلى المستشفى مشيا كذلك .
باتا في المستشفى يومين ، وفي اليوم الثالث أتى الطبيب وكشف عن حالته وأخبر والدته بأنه بحالة جيدة ، وقال الطبيب
الطبيب : أريد أن أسأل سؤال ؟
أم خالد : تفضل .
الطبيب : خلال اليومين الماضيين لم يزركم أحد ، هل والد الفتى حي أم لا ؟
أم خالد : لا . إنه متوفى .
الطبيب : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ولكن هل لديه أعمام ، أم لا ؟
أم خالد : لا يوجد لديه لا أعمام أو أخوال .
الطبيب : ولكن من يعولكم .
أم خالد : هناك أناس يفعلون الخير لنا .
الطبيب : إذن هل لديكم من يوصلكم إلى المنزل أم لا ؟
أم خالد : نعم هناك من سيوصلنا .
الطبيب : إذن اهتمي بخالد .
أم خالد : إن شاء الله ، ولكن هل حالته مستقرة .
الطبيب : نعم .
أم خالد : هل بإمكانه غدا أن يذهب إلى المدرسة .
الطبيب : نعم بإمكانه ، ولكن خذي هذه الورقة واصرفيها من الصيدلية .
أخذت أم خالد الورقة وصرفت العلاج ثم ذهبت إلى المنزل مشيا من دون أن يقلهم أحد ، والطبيب يراقبها وعلم بأن لا أحد سيقلها ولكن ما الذي يفعله فليس له أن يجبرها على أن يوصلها ، وعادت العفيفة إلى بيتها مع طفليها ، وتركتهم في المنزل ثم ذهبت إلى مكانها العادة ، أتدرون أين ....؟
إنه مكان الملحمة لتلتقط بعض اللحم الساقط لتعد لأطفالها الطعام ، وعندما رآها صاحب الملحمة تأتي يوميا ، أشفق عليها ، ومن له ألا يشفق عليها إذا رآها بهذه الحالة ، فليتك تنظر يا أبا خالد ما حل بأهلك ، وأعطاها صاحب الملحمة قطعة نظيفة من اللحم ، أخذتها وشكرته على ما فعل ثم عادت إلى المنزل وأعدت لصغارها الطعام .
وفي اليوم التالي
ذهب خالد إلى المدرسة ، وفي الطابور الصباحي قام أحد المعلمين وهو الذي أخبره خالد بأن أباه مات وهو المرشد الطلابي في المدرسة ، وأخذ الميكرفون ثم أخذ يتحدث عن السرقات التي حدثت في المدرسة خلال الأيام الماضية وأنها بدأت تكثر وتنتشر في المدرسة وخصوصا في الصف الثاني الابتدائي ، أي في فصل خالد ، وأخذ يتوعد بأن من فعل ذلك سوف يعاقب عقابا عسيرا ، ثم انصرف الطلاب إلى الفصول ، وكالعادة وبعد الفسحة استأذن خالد من المعلم ، ثم ذهب يلم الخبز ، ولما ذهب ليرميه من أعلى الجدار رآه المرشد ، ثم صعق عليه وناداه ، فلما أتى خالد وهو خائفا من أن يعرف المرشد حالته وتغضب عليه أمه ، ولما سألته عن الذي رماه ، قال لا شيء ،
المرشد : أنا رأيتك ترمي بكيس من أعلى الجدار ؟
خالد : إنه كيس لا يوجد به شيء .
المرشد : بل رأيته معبأ ؟
خالد : لا أدري ما الذي به .
المرشد : مسك أحمد من ثوبه وقال : إلا متى ستكذب علي أيه الكاذب ، الآن عرفت لماذا تغيبت قي اليومين الماضيين ، حتى تخفي جريمتك ، أيها السارق .
خالد : أنا لم أسرق شيئا ، وإنما تغيبت لأني كنت نائما في المستشفى .
المرشد : اذهب وآت لي بالكيس .
خالد : لا ادري أن رميته .
أخذ المرشد بتلابيب خالد وذهب به إلى خارج المدرسة ، وخالد يصيح ، لا يريد لأي أحد أن يعلم ، ويحاول الهروب من يدي المرشد ، ولكن المرشد محكم القبضة على خالد ، وذهب به إلى موقع الكيس ، وأخذه المرشد ثم عاد إلى المدرسة ، وذهب به إلى مكتبه ،
المرشد : اتصل على أبيك وأخبره أن يأتي .
خالد : ولكن أبي مات .
المرشد : أيها الكاذب الحقير ، لقد أتى أبوك بعدما أخبرتني بأنه متوفى .
خالد : ماذا .... ماذا تقول ؟
المرشد : نعم أيه الكاذب .
عندها بكى خالد وقال أرجوك لا يدري أبي بما حدث أرجوك .
حينها أشفق المرشد وقال
المرشد : إذا لماذا تسرق يا بني ؟
خالد : أنا لم أسرق .
المرشد بكل عصبية أخذ الكيس وقال إذا ما هذا ونثر ما في الكيس .
ولما رأى المرشد الخبز وقد تساقط هنا وهناك بهت من شدة ما رأى ، ونظر إلى خالد وقد أغمض عينيه ، وصاح بشدة : لا ، قد كشف أمري .
عندها سقط المرشد يبكي وأخذ يحضن خالد .
خالد : أرجوك لا تخبر زملائي ، أرجوك يا أستاذي .
المرشد : ولكن يا بني أين أبوك ؟
خالد : أبي تزوج ونسينا ، وأمي الآن لا تريده .
المرشد : ولكن لماذا لم تخبرني بقصتك لكنت أنا لك الأب وأعطيتك ما تريد .
خالد : أمي أخذت علي عهدا أن لا أخبر أحدا بحالتي ، ولا أطلب الناس شيئا ، ولكن ما الذي أفعله إذا لم يوجد عندنا خبز ، وأخي لا يجد ما يأكل .
المرشد : إذا من كان يأتي لكم بأغراض الطعام ؟
خالد : لا أحد ، أمي تذهب إلى محل الملحمة وتأخذ اللحم المتساقط ، وتأتي به ، وأنا آتي بالخبز الذي يرمى ، ونتغذى به .
حينها بكى المرشد بكاء مريرا ، وقال .
المرشد : كيف تذهب إلى البيت ؟
خالد : اذهب مشيا على الأقدام .
المرشد : اليوم سوف تذهب معي ، ومن الآن أنا مثل أبوك أي شيء تريده فاطلبه مني ، وأي شيء ينقص عليكم فأخبرني .
خالد : ولكن أمي سوف تغضب .
المرشد : لا عليك ، أنا سأكلمها .
والأم هناك هي وطفلها عند الملحمة ، وبينما هناك إذا أتى شخص من الأشخاص ليشتري لحما ، فرآها تلتقط ما يسقط من اللحم ، وسأل عنها صاحب الملحمة وأخبره بأنها تأتي إلى هنا يوميا ، وتفعل مثل هذا الفعل ، وأشفق عليها ، وقال لصاحب الملحمة ، بأن يعطيها كل اثنين وخميس كيلو من اللحم في حياتي وبعد مماتي ، وعندما ذهب ، استدعى الجزار الأم
الجزار : خذي هذا الكيلو اللحم ، وتعالي إل هنا كل يوم اثنين وخميس لتأخذي مثلها.
أم خالد : شكرا لك ، ولكن هذا كثير .
الجزار : إنه ليس من عندي إنه مع الشخص الذي رحل الآن ولم يطلب منك إلا الدعاء .
أخذت تدعي أم خالد له ، ثم أخذت اللحم وانصرفت .
وفي نهاية الدوام ذهب خالد مع المرشد ، وبينما هم في الطريق مر على متجر هناك وأخذ ما يحتاج إليه المنزل من أرز وبر وطحين وزيت وغيرها من الأغراض ، ولما وصلا إلى البيت ، أنزل المرشد الأغراض إلى منزل خالد ، ووضعها عند الباب ، وأم خالد هناك
المرشد : هذه يا أختي أغراض بسيطة للمنزل .
أم خالد : شكرا لك ولكن لدينا ما يكفي من الطعام .
المرشد : لقد عرفت قصتكم ، وخالد أخبرني أنك لن تقبلي ولكن أنا من أصر على ذلك ، فلذلك يا أختي لا تحرميني من الأجر ، وغدا سآتي صباحا لأقل خالد إلى المدرسة ، ومصروفه علي .
أم خالد : لا دعه يمشي فالمدرسة قريبة من هنا ، ويكفي أنه سيفطر هنا ، لماذا تكلف على نفسك .
يتبع ,,,
👇👇👇

اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك