رواية بعد الغياب -64

رواية بعد الغياب - غرام

رواية بعد الغياب -64

جواهر حاولت إنها تتماسك وبذلت جهد قاتل حاد مضني مهلك مستنزف للتماسك وهي ترد على عبد العزيز: أنا متأكدة إنه عبدالله عايش..
مثل ما أنا قاعدة أسمعك الحين..
يمكن يكون مصاب.. أو أي شيء ثاني...
بس أكيد أنه حي..
أنا حاسة بأنفاسه.. مثل ماكنت حاسة بأنفاس عيالي قبل..
وعبدالله بالذات اليوم حاسة أنفاسه تتردد في روحي
صدقني أنه عايش..
وعقب كملت بقوة عشان عبدالله.. وعشان تكون في مكان عبدالله
وهي تتسلح بروح عبدالله اللي حاسة إنها تناجيها:
بلغ عنه هناك..دور له.. لو مالقيته خلال يومين.. احجز وأرجع فورا..
إذا عبدالله مفقود.. أنت لازم تكون معنا هنا..
جواهر طول عمرها كانت متسلحة رغما عنها بقوتها لكن اليوم قوتها كانت متجلية باقتدار
عبدالعزيز وهو مستغرب من القوة الغير طبيعية اللي نزلت عليها: إن شاء الله جواهر إن شاء الله...


سالم حس بجسم منيرة وهي تنهار جنبه ويدها تترك يده..
سالم برك جنبها وهو يتحسس لحد ماوصل وجهها ويطبطب على خدها بيده السليمة ويهتف بخوف ورعب وقلق وحنان: منيرة.. منيرة..
منيرة تكفين ردي علي.. منيرة سامحيني.. تكفين سامحيني.. أنا ما أدري أشلون سويت فيس كذا..
منيرة ردي علي..
لكن منيرة طولت وهي مغمى عليها
وسالم مايدري وش يسوي..
يعرف أنه فيه خدامة جات مع منيرة من بيت أهلها..
بس مايعرف اسمها يناديها..
ورجوله مابعد تساعده يركض ينزل بسرعة.. عدا العقبة الأكبر أنه مايشوف شيء
ولا يقدر يترك منيرة هنا بروحها..
للمرة الثانية يحس بالعجز يخنق روحه عشان منيرة..
القهر بيذبحه.. بيذبحه..
رجع يمسح على خد منيرة وشعرها والضربة اللي بعدها متضخمة في رأسها.. كل شيء يؤلمه حتى النخاع.. حتى النخاع..
ناداها بحنان: منيرة.. منيرة.. منيرة..
بدت منيرة تستعيد وعيها ..
أول ماشافت سالم بارك جنبها أنكبت على فخذه تبكي.. ودفنت وجهها في حضنه ماتبي تشوف شيء..
سالم كان يمسح على شعرها بحنان: منيرة..
أنا أسف.. سامحيني..
قومي ننزل تحت..
منيرة قامت من فخذه رمت نفسها على صدره بدون اهتمام بيده المجبسة.. وهي مستمرة في البكاء..
سالم حضنها بيد وحدة وهو يقول: خلاص يا بنت الحلال أنا قلت لس: أنا أسف..
منيرة ماردت عليه بكلمة، مسكت يده وقامت وهي منزلة عينها في الأرض.. وبدت تنزل فيه..
سالم كان يكلمها ويسألها كل شوي: أنتي بخير؟؟
بس هي ماكانت ترد عليه بكلمة..
سالم بدأ يتوتر من صمتها.. الصوت هو الوسيلة الوحيدة للتواصل بينهم وخصوصا أنه مايقدر يشوفها ولا يعرف أشلون حالتها من شكلها..
منيرة وصلت بسالم للصالة اللي تحت.. وجلسته على الكنبة..
سالم يناديها بس هي ماترد عليه..: منيرة حرام عليس.. ردي علي.. خلعتي قلبي..
منيرة حاسة إن الكلمات ميتة على لسانها.. تبي تتكلم لكن الرعب غير المحدود اللي هي حسته وهي فوق
جمد الكلمات على لسانها..
حاولت تتكلم.. وحاولت
وحاولت
وحاولت
بس بدون فايدة..
منيرة جات وجلست جنبه ومسكت كفه..
سالم حضن يدها وهو يقول: وش فيس ماتردين علي؟؟
منيرة مسكت أصابعه بحزن قاتل أغتال روحها
وحطتها على شفايفها.. وسوت بأصابعه حركة الصمت ..
مع ملمس أصابعه لشفايفها..
ووصول ماتريد قوله له.. إنها ماتقدر تتكلم..
حس إن قلبه تحطم
لألف قطعه..
مليون شظية..
مليارات الذرات المتطايرة..
(وش سويت فيها.. وش سويت فيها؟؟!!)
#أنفاس_قطر#

بعد الغياب/ الجزء الرابع والثمانون
#أنفاس_قطر#

مر يومين اثنين على الأحداث الأخيرة
ونحن الآن في اليوم الثالث

جواهر نفسيتها أشبه بحطام انساني بعد أن كسر نفسها بعنف قاتل مر موجع فقدان عبدالله الغامض..
ولكنها من الخارج تتسلح بقوة مذهلة من أجل أبنائها الذين لم يعلموا بعد باختفاء والدهم..
كانت تتسلح بهذه القوة أكثر وأكثر استعدادا لمعرفتهم بالخبر
الذي تعلم أنه سيكون وقعه مفجع عليهم
وعلى نوف خصوصا..
عبدالعزيز سيصل اليوم.. بعد أن بلغ الشرطة العراقية..وبعد أن بحث مطولا وهو وفاضل ونصّار وعدد كبير من الناس الذين تطوعوا للبحث من أجل فاضل بحثا عن عبدالله اللي أختفى تماما..
فاضل استبعد تماما فرضية الخطف.. بعد أن مر يومين دون ان يتلقوا أي أتصال..
عبدالعزيز ترك جواز سفر عبدالله في الخارجية العراقية على أمل العثور على عبدالله ورغبته في العودة.. بما أنه لا توجد حتى الآن سفارة قطرية في بغداد..
كما أنه كلف شركة أمن عراقية بالبحث.. وطلب من فاضل التنسيق معهم..
وفاضل وعده بمتابعة البحث عن عبدالله وأخباره بأي مستجدات..

منيرة مازالت صامتة..
الأمر الذي أذاب قلب سالم تماما.. وجعله يعتصم بالصمت اغلب الوقت.. وإحساس مر بالذنب يخنق روحه..
سارة أضطرت أن تأتي للاقامة معهم.. فكيف يمكن التواصل بين ضرير وبكماء؟؟
الفصل الدراسي الثاني على وشك البدء .. سالم وسارة يحملون هم دراسة منيرة.. وكيف ستعود للدراسة وهي على هذه الحال..
محمد وخالد على وشك امتحان مافاتهم..
دانة تتلهف لانهاء خالد لامتحاناته حتى تنفذ مخططها..
ويقتلها شوقها لسعود المتباعد في عوالمه القاسية..
ديمة بدأت بالتعود على الأجواء الأنثوية.. والزمالة البناتية.. والتمتع بصحبة البنات وحكاياتهن اللطيفة في مدرستها الجديدة...
في حين بدأت أمها تكثر من البقاء معها في البيت.. وتركز عملياتها ومراجعات مرضاها في الوقت الذي تكون فيه ديمة في المدرسة..
عبدالعزيز يفتقد وجود ديمة بشدة وبصمت.. دون أن ينتبه للعينين اللتين كانتا تراقبانه دائما بكراهية شديدة..
ماجد ودلال سافرا للتو بعد أن تاخرت الفيزا.. يستمتعان بشهر عسلهما في سيدني بأستراليا..
المكان الذي اختاره ماجد لأنه يحضى الآن بصيف جميل
لأن أستراليا في نصف الكرة الجنوبي..
في اختلاف عن جو أوربا الغارق في الصقيع في هذا الوقت من العام..
ولأنه أراد لدلال مكان مختلف عن الأماكن المعتادة التي أعتاد الجميع الذهاب لها..
الجازي تعاني من نفسية سيئة بعد سفر سعود.. دون أن تعلم أو تشعر بالقلب الذائب من أجلها..
مها وفاطمة متأثرتان جدا بما حدث لمنيرة.. زاراها كل يوم خلال الايام الماضية.. حاولا دفعها للكلام.. لكن دون فائدة
منيرة كانت تحاول أن تتكلم.. لكن الكلمات كانت تموت على طرف لسانها..
نورة مازالت معتصمة بصمتها الاختياري حزنا على غياب عبدالعزيز الذي لم تعلم بسلامته بعد..

بعد صلاة العشاء
جواهر جالسة في صالة الاستقبال الرئيسية في بيتها تنتظر وصول عبدالعزيز اللي على وشك الوصول..
أعصابها متوترة.. وقلبها ينزف حزن وألم مر..
اختفاء عبدالله خرب عليها فرحتها برجوع عبدالعزيز..
كانت حابة تستقبل عبدالعزيز بروحها.. بدون عيالها
عشان تفرغ شوي من انفعالها معه.. قبل تناديهم..
بعد دقايق كان عبدالعزيز يدخل
بعد أن وصله راشد اللي فرح كثير لرجعته واستقبله في المطار هو وعدد من أصحابهم المشتركين
وصله لبيت جواهر وراح.. وقلبه يغتاله شعور رقيق
لوجود المخلوقة الرقيقة اللي سبت قلبه قريب منه..
جواهر نطت واقفة.. وهي تتبادل مع توأم روحها نظرات صامتة.. عميقة.. مشبعة بالتأثر..
كالعادة: ماكانوا بحاجة للكلام عشان كل واحد منهم يعرف اللي في قلب الثاني وعقله..
جواهر رمت نفسها على صدر عبدالعزيز اللي حضنها بعنف.. وهو يقول بحزن وألم: سامحيني ياقلبي... سامحيني...
عبدالله جاء ينقذني وأنا ضيعته..
جواهر حطت يدها على فم عبدالعزيز وهي تقول بتأثر: لا تقول كذا فديتك.. أنت عارف أن هذا قدر مكتوب..
وأنا متأكدة أنه ما مثل الله سبحانه أكرمني بشوفتك وأنت داخل مع هذا الباب.. أنه بيكرمني بشوفة عبدالله داخل مع نفس الباب إن شاء الله..
عبدالعزيز بإيمان: إن شاء الله إن شاء الله.. اللهم أني أسألك فرجك عاجلا غير آجل..
جواهر بذات الإيمان: اللهم آمين
وعقب كملت بصوت مرهق: بأروح أنادي لك عبدالعزيز ونوف يسلمون عليك
وعلى فكرة هم مايدورون عن شيء لاعن اللي صار لك ولا عن اختفاء أبوهم.. أبي لين أهيء لهم الخبر..
عبدالعزيز بتعب: مافيه داعي تنادينهم أنا بأطلع لهم.. وعقب بأنام.. ميت من التعب..

سالم أصبحت نفسيته في الحضيض مع انتهاء اليوم الثالث لحالة البكم اللي صابت منيرة..
كل يوم كان يأمل نفسه أنه اليوم بيسمع صوتها..
(يعني انحرمت شوفتها.. والحين حتى صوتها انحرم منه!!)
سارة كانت قاعدة تتفرج على التلفزيون في الصالة..
سالم قاعد على السرير
ومنيرة كانت متمددة على الكنبة تبي تنام..
سالم ناداها بصوت خافت: منيرة
منيرة نطت وجات عنده
سالم بحنان: منيرة أشرايس تروحين لبيت أبوس؟؟ أنتي ماشفتي من وراي إلا المصايب..
منيرة مسكت يديه وحطتها على خدودها وهزت رأسها علامة الرفض.. كانت طريقة غريبة للتواصل لكنها الطريقة اللي هداها بالها لها..
سالم بألم: حبيبتي تكفين.. تكفين لو لي خاطر عندس.. تكفين روحي لبيت أبوس..
حشرجة تلاها صوت أنثوي مبحوح: سالم أنت قلت حبيبتي؟؟
سالم نط واقف وهو يقول بفرحة مجنونة: منيرة أنتي تكلمتي؟؟ تكلمتي..
ثم قعد يصارخ بصوت عالي: سارة.. ياسارة تعالي بسرعة.. منيرة تكلمت..
سارة اقتحمت عليهم الغرفة مثل مدرعة وهي تقول بنفس مقطوع: منيرة تكلمت.. صدق.. صدق..
ونطت جنب منيرة وهي تقول: الحمدلله على سلامتس ياقلبي..
لكن منيرة ماردت عليها.. سارة استغربت
ألتفتت على سالم: سالم أنت متأكد أنها تكلمت..
سالم بجدية: أكيد متأكد..
سارة وجهت كلامها لمنيرة بحنان: حبيبتي أنتي تكلمتي؟؟
منيرة هزت رأسها بعيارة علامة لا..
سارة توجه كلامها لسالم باستغراب: شكلك ياسالم تخيلت أن منيرة تكلمت.. منيرة بروحها تقول إنها ماتكلمت..
سالم بحرة وعصبية: منور خلي حركات البزارين عنس..
سارة بغضب: سالم ما أسمح لك.. البنية جاها ماكفاها.. وأنا لحد الحين ماعاتبتك على الحركة السخيفة اللي أنت سويتها فيها..
زين أنها ما أستخفت بعد..
أقول لك البنية مرعوبة من الطابق الثاني.. تروح تطلعها فوق وانت عارف أنها ميتة خوف
ياقساوة قلبك...
سالم بحزن: أنا ماكنت متوقع أنها بتسويها وتطلع فوق والله العظيم..
أنا كنت أبيها تخاف وتهون وتطلع من عندي وترجع لبيتها..
سارة بغضب: أنا مالي دخل بينك وبين مرتك.. أنتو اثنين مجانين..
سارة قالت كلامها وطلعت من عندهم..
سالم بغضب يوجه كلامه لمنيرة: ممكن أعرف سبب الحركة السخيفة اللي أنتي سويتيها؟؟
منيرة بهدوء: أنا قلت لك أنت وش قلت..ماقلت لك ناد لي سارة..
سالم بحرة: ماقلت شيء..
منيرة سكتت وماردت عليه..
سالم بغضب: منيرة منيرة..
بس بدون رد...
سالم بغضب أكبر: منيرة وصمخ.. ردي علي..
منيرة بذات الهدوء: أنت مهوب تقول روحي لبيت هلس.. اعتبرني رحت لبيت هلي وريحتك مني..
سالم بعصبية قعد على السرير وقال بغضب: أحسن.. أذلفي ولا تسمعيني صوتس.. فكة منس من غثاس...
منيرة توجهت للكنبة وتمددت عليها
وسالم يغلي من الغضب..


ثاني يوم..
عبدالعزيز وجواهر في بيت خالهم أبو فهد..
أبو فهد وعياله كانوا في استقبال عبدالعزيز
أبوفهد كانت سعادته عميقة برجعة عبدالعزيز..
يتبع ,,,,
👇👇👇
تعليقات