بداية

رواية بين طيات الورق -12

رواية بين طيات الورق - غرام

رواية بين طيات الورق -12

قالت تلهث: أوووووف تعبت... ليش نزلت؟! مو أحسن رفضت أنزل مع سلمى ونشوى...
لجين: ويفوتك إلي شفتيه؟!
وجلست جنبها وهي تلهث: بس والله تعببببب... ليتني طفلة ويشيلوني مثل مزون...
: ما طلبتي شيء... فديتك أنا بشيلك...
لفتنا لورانا وحصلنا جلند واقف يناظر لجين بكل جرأة...
وقفت لجين وصرخت: أيا قليل الأدب... صدق ما تستحي...
من الصباح والواحد منهم يتجاهل الثاني وما كان هذا صعب بس إلحين... شكل جلند بنيته أشياء وأشياء... أحس هالإنسان غامض وخاصة إني تلقيت منه نظرات غريبة بأول لقاءنا... ولازلت أجهل سبب هالنظرات إلي توقفت فجأة... والغموض الثاني هو معاملته للجين بهالطريقة...
قال يبتسم بشرانيه: والله ساكت لأنك مو محرم لي... بس صدقيني أول ما ينكتب كتابنا بردها لك...
أحمر وجه لجين وصرخت وهي تركض لفوق: اكرهك... اكرهك...
ضحك بصوت عالي وهو يقول: حاسبي لا تطيحين... ما أبي عروس مكسرة...
هدى ناظرته بنص عين وهي تلوي أذنه بلطف: جلند... تعال... تعال...أنت شو سالفتك معها؟! أمس رفضت تتكلم واليوم غصب عنك بتتكلم...
قال جلند يبعد عنها: ما في أي سالفة... ياللاااا أهلنا أطلعوا قبلنا...
قالت هدى بعصبية: جلند... لا تغير الموضوع... أمس طريقتك لما خطبتها كانت غلط... واليوم بعد طريقتك لما كلمتها غلط...
ابتسم جلند بشرود: أي غلط يا هدى؟! أنا ما سويت شيء غلط...
هدى بعصبية: وأنت ما عندك كرامة لما رفضتك قدام الكل؟! كيف ترضى...
عض جلند على شفايفه وهمس يقاطعها: أيوه أنجرحت بالصميم... بس والله حلفت أردها لها... صدقيني ما راح تكون لغيري...
ضربت هدى كتفه بكل حزن: جلند... والله لما رجعت من السفر صرت ما أفهمك... شو أنت ناوي عليه؟!
ابتسم بحزن وهو يقول: على أشياء واشياء... ولا تحاولي مو مخبرك...
ولف تاركنا...
تنهدت هدى وهي تقول: والله ومو عارفه شو صاير بهالجيل...
ولفت لي تقول بعصبية: ياللااا الخنساء خلنا نطلع... لا حول ولا قوة إلا بالله...
ومشيت وراها ونسينا تعب السلالم وكل منا غارق بأفكاره... ليش جلند يعامل لجين بهالطريقة؟! معقولة يحبها ويبيها مثل ما يقول لنفسه؟! أو لأنه رفضته لما خطبها قدام الكل؟! أو لسبب بالماضي؟!كل هالأفكار تتصارع براسي لهالإثنين إلي أثاروا إهتمامي...
كنت بآخر درجة لما طلعتها وأنا ألهث... وقفت أخذ نفس طويل... وأنقطع بكل قساوة لما شفت نشوى واقفة تكلم وليد... شهقت... لااااا... وبعد يكلمها تحت الشجرة... عصبت... ودخنت... وما حسيت إلا وأنا أمشي بكل سرعة لوين ما واقفين...
سمعتها تقول بكل مياعة ودموع التماسيح أربع أربع: أدري... أردي... من يوم تزوجت نسيت إن عندك بنت عمه... حتى وظيفة تتوسط فيها لي رفضت... وأدري إنها ساحرتك ومتعذب من هالخرساء... دوم كنا لبعض... دوم أسمنا مقرون لبعض... وإلحين... بسبب هالإنسانة الخرسا تركتني...
كفاااية... لهنا وكفاية... وقبل لا أشوف ردة فعل وليد صرخت بكل شراسة... وما حسيت إلا وأنا أضرب الأرض بقوة... كتفت يدي وهم يلفون لي...
ناظرني وليد مستغرب... ومتردد لثواني...
قال لنشوى: روحي ولي يعافيك لأمك... وما عندي واسطات أتوسطها لك...
وما أنتظرتها تروح... لفيت أنا بشراسة وجريت للسيارة... دخلتها وسكرت الباب بكل قوة أنسمع صداه...
عمي خالد أنتفض ولف لي: بسم الله الرحمن الرحيم... شو فيك يا بنتي؟!
وما رديت لأني كنت بأقصى عصبيتي... وشفت وليد وقتها جاي... وبدينا نرجع أدراجنا لمسقط...رفضت أرفع عيوني لوليد وتميت بهالصورة لحد ما نزلنا بمطعم وتغدينا...
.

.
حسيت بيد تمسكني بعد ما غسلت يدي... أصلا ما أكلت حاجة كله ناظرت الأكل شاردة ومالي نفس فيه...
قالي: الخنساء تعالي... أبي أتفاهم معاك...
أشرت: لا... أتركني ما في تفاهم بينا... روح للي تحبك وهايمة فيك... وبلاش تبتلش فيني أنا الخرسا الساحرة...
عصب وخاصة إنا كنا بمكان عام...
وقاطعنا وقتها علاء يقول: وليد... عمي خالد يبيك...
ناظرني لحظة وقال: هذا المكان ما ينفع نتكلم فيه... بس بنتفاهم لما نوصل البيت...
وبالفعل لما وصلنا للبيت على المغرب... طلعت ركض للجناح... وبعصبية قفلت باب الغرفة الحمرا.... وصرت أدور على الغرفة مثل المجنونة... لا... لا... اكرهه.. وأكره نشوى... بس أنا مو المفروض أبين له إني أغار من نشوى هذي... أغار؟!... شو هالتفكير يالخنساء؟! تغارين؟! تغارين؟!... إذا أنا أغار يعني هذا إني أحب وليد... أحبه؟!... لا... لا... الغيرة مو معناها إني أحبه... معناها إن وليد زوجي... ملكي أنا... مو لنشوى...
سمعت صوت طرق عالباب...
وصوت وليد: الخنساء أفتحي...
هزيت راسي رافضة كأنه يشوفني...
وسمعت للمرة الثانية صوته جاني معصب: الخنساء أفتحي الباب...
ورفضت أفتحه وأرتميت على السرير... وبعد فترة ما سمعت صوته... رحت أفتح دولابي ومن بين الملابس خرجت صندوق الموبايل إلي إشتراه لي وليد... صرت أفتح الموبايل خطوة خطوة مثل ما علمتني إياه هدى... وحاولت أعبيه عالكهرباء... حتى إني توهقت كم مرة... بس عموماً قدرت أفتحه... جلست على الأرض جلسة القرفصاء... وأنا منكبه على الموبايل... رحت الصندوق الوارد وبديت أكتب بكل بطء... يمكن لعشرين دقيقة أكتب هالرسالة (بنام... ما أبي غدا)... ولأني حافظه رقم وليد فرسلت له... فرحت بكل غباء لما راحت الرسالة... تمام يا وليد... أنا مو لعبة بين يديك... رميت الموبايل على جنب... وأرتميت على السرير...
سمعت صوت موسيقى لفيت للموبايل وشفت رسالة وصلت... كانت من وليد...
وليد: (أفتحي الباب).
كتبت:( لا)..
وليد: (أفتحي الباب يالخنساء وإلا بكسره).
كتبت: (ما يهمني... ما بفتحه).
وليد: (بخليك إلحين وأروح أجيب جدتي... لكن قسم بالله إذا رجعت وما لقيتك فاتحة الباب بكسره... وفسري وقتها لأبوي شو السبب).
ما سمعت تهديده وما أهتميت... وسمعت صوت باب الجناح يتسكر بكل قوة...
.

.
بعد عشر دقايق حسيت بالعطش قمت أفتح الباب وأنا متأكدة إن وليد مو راجع إلحين... طلعت للمطبخ وأخذت لي كوب ماي... وبهالوقت سمعت رنين الموبايل... رفعت يدي لكن ما كان موبايلي... تنبهت الصوت جاي من الصالة... وشفت موبايل وليد... غريب نسى موبايله... مسكت موبايله ومن فضولي صرت أفرفر فيه... فتحت الصندوق الوارد بفضول وأنا أجلس على الكنبة... ودخلت لأول رسالة كانت من فلان والثانية فلان... والثالثة كانت من رقم مسجل بأسم "عمتي سلمى"... وكانت رسالة شوق وورد وخرابيط وفالنهاية بين قوسين واضحين "نشوى"... أرتجفت يدي ونزلت لكل الرسايل إلي مسجلة برقم عمتي... وكلها رسايل شوق وورد... وشفت رسالة برقم غريب وأنا أنزل للرسايل القديمة... كانت مسجلة بتاريخ يوم زواجنا... لا وبعد الساعة 3 الفجر... لا... لا... هذي زودتها... صدق إنها ما تستحي... كانوا رسايل مسلسلة من هالقبيل... (أدري مغصوب تتزوج الخرساء... أتركها وأنا تحت أمرك)... (أدري مو مرتاح... صدقني مصيرنا لبعض)... (مصيرنا لبعض يا وليد... أنا ما أنتظرت هالسنوات كلها علشان بالنهاية تتزوج هالخرساء الساحرة)... (الشفقة هي الكلمة الوحيدة إلي تعزيني لأنك إلحين مو لي... بس صدقني مردك لي)...
طاح الموبايل من يدي... وتميت ساكنه بدون حراك... خرسا... وشفقة... هي الكلمتين إلي أنطبعت بتفكيري... وبكل ألم نزلت دمعة يتيمة لخدي... وتبعتها دموع صامته...
فترة تميت أحاول أقاوم بكاي... رجعت أمسح دموعي بكل شجاعة... ومسكت بالموبايل وأنا أدور حوالين نفسي أفكر بطريقة أرد الصاع صاعين لوليد... وقتها سمعت صوت الباب ينفتح...
وقف وليد وهو يناظرني من العتبة: إلحين بنتفاهم...
أشرت بعصبية: ما في تفاهم...
جاني يقول: الخنساء أسمعيني...
أرتعشت من العصبية وأنا أأشر: لا... لا... ما أبي أسمع ولا كلمة...
وغطيت أذني بيدي وأنا أهز راسي بالرفض... نزل يدي بسهولة...
وقال بعصبية: ما ينفع كذا الخنساء هذي مو طريقة تــــ...
سحبت يدي وضربته على صدره من غيظي...
وأشرت بقهر: تبي ترتاح أقولها لك... أبوي ما بيتقلب بقبره إذا رميتني أو طلقتني...
مسك يدي الثنتين وقيدهم وهو يسأل معصب: شو هالكلام؟! الخنساء...
تلويت بين يديه وأنا أقاومه... تركني لحظات يشوف إشاراتي...
أشرت بكره: تبيها روح لها... روح وريحها...وإلا أنا مو لعبة بينكم...
همس بعصبية: شو فيك؟! ليش كذا إنقلبتي مرة وحدة؟! كل هذا علشان إلي صار بـ "سيق"...
قاطعته وأنا أصرخ... وأشرت: أيوه... وعلشان الكذب إلي لفقته... تأكد بس أنا مو لعبة تحركها بيدك وترميها متى ما مليت منها...
صرخ: الخنساء... بلااا هالكلام الفاضي... السالفة أكبر من هذي...
أشرت بألم وأنا أتمسخر عليه وأضحك بقهر: أيوه أكبر... تحب أذكرك؟ تحب؟!... "أدري مغصوب تتزوج هالخرسا... أدري مو مرتاح... مردك تكون لي... أنا ما أنتظرت كل هالسنوات علشان تتزوج هالخرساء..." الكلام قريته كله بموبايلك... ولا تحاول تنكر... لا تحاول...
شفته تقرب مني ورجعت لوراي أأشر: روح لها وريحها... شكلها متعذبة من بعدك عنها... وأرتااااح أنا مو محتاجة لشفقة منك... مو محتاجة...
قيدي يدي وهو يصرخ مردد: شفقة؟!
رميت بيده وأشرت: أيوه شفقة... شفقة... وأدري أنا بهالشيء... أدري مغصوب بسبب وصية أبوي... أدري فيك تخجل لأنك متزوج من خرساء... أدري...
وكملت بكل حقد وكره: طلقني وريح إلي معذبها حبك... نشوى الكريهة الهايمة بحبك...
خطفني يضغط بيده على زندي... تلويت بين يديه وأنا أقاومه بشراسه...
صرخ يقول: الخنساء إياني وإياك تقولين هالكلام مرة ثانية... فاهمة؟!
هزيت راسي بلا... أيوه ما يرضى عليها... وتركني حتى يشوف إشاراتي... وأستغليت الفرصة ولفيت بهرب منه وما حسيت وإلا هو رامني على الكنبة... صرخت بغيظ...
وأشرت: بينت حقيقتك الكريهه... إنسان نذل واطـــ...
وما حسيت إلا بالصفعة على وجهي... صرخت وشهقت بألم... ناظرته من بركة دموعي متسمر بوقفته يناظرني... دفنت وجهي على الكنبة وأنا أبكي... شاهقت بصوت مسموع... حسيت فيه قريب مني... مسك وجهي بين يديه وأجبرني أناظره...
همس: الخنساء... أنا آسف... بس إنتي أجبرتيني...
شاهقت وأشرت: خلاااص... خلاااص أنت مو مجبور تعيش مع خرسا... طلقني وأرتاح... وروح تزوج إلي تحبها...
مسك يدي يقاطعني: ومن قال إني مجبور أعيش معك... هذا الشيء ما جا إلا برضاي... أنا بإقتناع وافقت عليك... وبإقتناع إتفقنا نبدا صفحة جديدة...
أشرت بوجع: عيييل ليش رسايلها موجودة بموبايلك؟! ليش؟!
جلسني جنبه وقال: أمسحي دموعك وناظريني... خلني أفهمك...
أشرت بنحيب: شو تفهمني عليه؟!

تنهد يقول بتعب: لما كنت توني بأوائل العشرينات... كانت عمتي دوم تعلقني ببنتها... ودوم تذكر بجمعات أهلنا إنها من نصيبي... أنا ما تكلمت بحكم إني قلت نزوة وبتنساها مع الأيام... نشوى ضعيفة ومهزوزة الشخصية وهي تابع وظل لأمها... كسرت خاطري حتى أرد عليها ومع مرور السنوات حاولت قدر ما أقدر أبتعد عن عمتي وبنتها... رسايلها هذي ما كانت إلا محاولة منها بس أنا أصدها بسكوتي... أدري المواجهة ما راح تنفع... وحتى إذا كلمت محمد... لأن المشاكل إلي بينهم تكفي...
أشرت أسأل: وليش ما مسحت هالرسايل؟!
مد يده يمسح دمعات تعلقت على خدي وضحك: وإنتي حارتنك هالرسايل؟!
نزلت وجهي ورجعت أرفعه أغير الموضوع: يعني ما تزوجتني شفقة؟!
همس: لا... أكيد لا...
ورجعت أقول: أمسح هالرسايل من موبايلك...
ضحك وهو يبوس جبيني: ما يصير خاطرك إلا طيب وبعدين هالرقم ما أستخدمه كثير...
أشرت بألم: وليش كنت تسمع لنشوى بالجبل؟! وحتى إنك ما دافعت عني...
ابتسم وهو يقول: وأنتي أعطيتيني فرصة أتكلم؟!
تنهدت بوجع وأشرت: وليد أنا... أنا خايفة...
ناظرني لحظة... لحظتين وسأل: شو إلي يخوفك؟!
أشرت وأنا أحس بالألم: خايفة من شو مصيري معك... خايفة يجي يوم وأنصدم... وأنصدم من...
نزلت يدي بكل ضعف... ضمني له وهو يهمس: إذا ما مديتي يدك لي ما بنقدر نغير من حياتنا... ثقي فيني وهذا هو إلي أطلبه منك... ثقي فيني يالخنساء...
هزيت راسي وأنا أسلم له مفاتيح قلبي... أمد يدي له بكل ثقة حتى يغير من حياتي... يغيرها للأحسن والأحسن...
الأربعاء...
21-11-2007...
الساعة 2 الظهر...
تركتني هدى عند باب البيت ورجعت لبيتها.. مشيت بكل رجفة للجناح والظرف الأصفر بين يدي... وبصورة آلية بدلت لبستي ولبست بنطلون ماسك وقميص أصفر شاحب فضفاض... وتركت شعري إلي طال لخصري مسدول بكل حرية... وأرتميت على السرير... رجعت أمسك الظرف الأصفر بين يدي... أرتعشت يدي وأنا أرجع أناظر إلي بداخل الظرف... خوف أنرصد بقلبي... خوف غير طبيعي حسيته يحوم حواليني...
أخاف أقول له يعصب... يشمئز... يتذمر... أو يصارخ علي... عذبت تفكيري لحظات بشكل وليد المعصب... ورجعت أهز راسي... لا... لا... ما راح يعصب... ليش أنا أستبق الأحداث؟! بخبره ووقتها بشوف شو بيكون ردة فعله... بس أخاف... أخاف يرفضه... أخاف أنصدم بردة فعله... بس لا... هو من طريقة معاملته لي الأسابيع الفايته يبين إنه مرتاح معي... عشنا أيام براحة تامة وبدون ما يتدخل أي فرد براحتنا... فترة عشناها أنا ووليد كل منا يحاول يرضي الثاني... يسعده... ويرسم البسمة بشفاته... وكان هذا قمة الأستقرار إلي كتبت لنا... صحيح هو يحاول يبين لي شو كثر أنا مرغوبة بس أبقى خايفة من ردة فعله هذي...
سمعت صوت باب الجناح ينفتح... تجرعت ريقي ووقفت مرتعشة... ناظرت الظرف لحظة... ولما حسيت بخذلان شجاعتي رميته بالدولاب... وطلعت لوليد إلي كان عند باب الغرفة...
ابتسم لما شافني... وباس خدي وهو يقول: هااا كيف فرفرتي أنتي وهدى بالسوق؟!
وناظر وراي يتوقع يشوف الأكياس... ناظرني مستغرب لأنه ما شافها...
أشرت بتردد: ما عجبني شيء...
ضحك وهو يرمي كاب العمل: صدق حريم... ذوقكم مرة صعب...
ابتسمت أتناسى موضوع الظرف وأنا أأشر: رجع عمي خالد؟!
طلعت لبسة له وأنا أسمعه يقول: أيوه رجع بس يقول ما يبي أكل... مو عاجبتني صحته هالأيام...
أشرت بقلق: ولا أنا... كله لما أسئله يرد علي تعبان وما يبي أكل... ولما يآكل يآخذ الشيء البسيط...
قال وليد: ببدل وبطلع أشوفه... وبغصبه نروح المستشفى...
أشرت: تمام بنزل لجدتي وبجهز الأكل بغرفة الطعام... لحد ما تقنع عمي يتغدا معنا...
نزلت لجدتي بغرفتها وهي تسبح بمسباحها... بست راسها وجلست أسمع سوالفها... وطلعت بعد دقايق أجهز الأكل... أشرت للخدامة تجيب العصير لحد ما أطلع لعمي خالد... أكيد وليد عنده إلحين... وأنا بالسلالم سمعت صوت صرخة عظيمة... انتفضت بخوف وركضت وأنا ما أدري ليش أحس إن هالصوت جا من غرفة عمي خالد... زادت دقات قلبي وأنا أدخل للغرفة...
شفت وليد مايل على عمي... ركضت لهم وجلست عند السرير...
أشرت: وليد... شو فيه عمي؟!
حسيت بوليد يرتجف وهو يحاول يتسمح صوت دقات قلب عمي... وتجاهل سؤالي...
فاجأني لما صرخ: أركضي للجناح وجيبي مفتاح سيارتي... يلاااا بسرعة...
وقفت بسرعة وأنا أحس بالربكة... من ربكتي طلعت السلالم ركض وأنا أحس بخوف على عمي... دخلت الجناح وأخذت مفاتيح وليد ونزلت بسرعة حتى كنت بطيح... بس مسكت بالدرابزين وصرت ألهث... ورجعت أركض لعمي... وكان وليد وهو والبواب يشيلون عمي للباب...
صرخ وليد: افتحي الباب...
جاتنا جدتي وشهقت تضرب صدرها: اللهم بسترك يا رب... وش فيه أبوك يا ولدي؟!
تجاهلنا جدتي وركضت أفتح الباب... وفتحت السيارة ولما حسيت بوليد يحاول يطلع...
أشرت: أنتظرني... بروح معك...
صرخ بعصبية وهو يناظر أبوه: لا... أجلسي مع جدتي...
وما أنتظرني أبعد عن السيارة وطلع... رجعت بخوف لوراي... ومن صدمة الموقف طحت على ركبتي أبكي... رجعت بعدها لجدتي وهي تلطم خدودها وتبكي...
تقول بخوف: اللهم أسألك العافية لولدي... أسألك العافية لولدي... ما ادري وش صار لأولادي حتى يمرضون مرة وحدة؟!... لا حول ولا قوة إلا بالله عليه العظيم... برحمتك يا رب...
جلست جنبها وما حسيت إلا وأنا أبكي وأسند جبيني على ركبتها... حسيت بالألم بكل جسمي... بالألم ببطني وظهري... فكرة وحدة تخلخلت بتفكيري... وهي إلي تجاوب على سؤال جدتي... أحس إني مسؤولة عن إلي يصير لعمي ووليد... من يوم جيت لهالبيت والألم والحزن يلاحقنا...
.

.
ما جانا أي خبر من وليد... مرت تقريباً ساعتين وما في أي إتصال من وليد... بالأخير قمت أدور على الموبايل وأتصلت بهدى تكلمها جدتي...
سمعت جدتي تقول وهي تبكي: إلحقوا فيهم يا بنتي... خلي سيف يلحق فيهم... ما ندري عن إلي صار لهم...
وبعد دقايق جاتنا هدى تدخل البيت وهي تدعي: اللهم أجعله خير... السلا م عليكم...
أشرت لها: وعليك السلام... منو جابك؟!
قالت: سيف وصلني قبل لا يتبع وليد بالمستشفى... شو صار؟!
أشرت بكل خوف ورعشة بلي صار...
جلست تقول تطمنا: لا تخافوا إن شاء الله ما فيه إلا العافية...
وقفت وطلبت رقم وأتصلت تقول: أيوه جلند هذا إلي صار... ألحق بوليد وسيف... ما ندري شو صار لهم... بس الله يخليك طمنا عليهم...
جلسنا على الكنب وكل وحدة تناظر الثانية وتطمنها... مرت دقايق مثل الساعات علينا... حسيت بدموعي تحرق عيوني...
سمعنا صوت من ورانا... لفتنا وقفزت أحسبه وليد أو جلند أو أحد يطمنا على عمي خالد... لكنها كانت لجين واقفة عند الباب ودموعها ماليه خدودها...
همست وهي تنتحب: شو... صار... لخالي خالد؟!
رحت لها بعد ما آلمتني حالتها... حضنتها ومشيت بها للكنبة وجلستها عليها... وأنا بنفسي أحس بخفقان قلبي طبول...
قالت هدى: من جابك؟!
همست وهو تبكي: أبوي... قلت له يوصلني هنا بعد ما رفض ياخذني معه للمستشفى... هدى... خبريني شو فيه عمي خالد...؟!
قالت هدى: والله مدري... مدري... هذا إحنا قلقانين وما ندري عن شيء... خلنا ننتظر إتصال من واحد من الرجال...
وتمينا جالسين حتى العصر... رحت أصلي ورجعت متسمرة جالسة عند التلفون أنتظر إتصال من جلند... حسيت بألم حاد بجسمي... وقفت وصرت أمشي بعصبية بالصالة...
أشرت لهدى: أتصلي مرة بجلند...
جربت هدى بدون كلام وكان يعطيها خارج الخدمة...
ومرت نص ساعة لما سمعنا صوت موبايل هدى يرن... كان جلند... تجمعنا حواليين الموبايل بعد ما عملته هدى على الصوت المسموع ((خخخ أقصد سبيكر))...
قال جلند: الحمد لله... أطمنكم ما فيه إلا العافيه... إغمى عليه بسبب إنخفاض بالضغط ونقص السكر...
أنتفضت وأنا أتذكر عمي يرفض يآكل بالأيام الأخيرة... أكيد السكر بينزل عنده...
قالت هدى: وهو إلحين بخير؟! مستوعب؟!
جلند: أيوه بخير... أستوعب قبل دقايق بس رجع ينام...
أشرت لهدى تسأل عن وليد...
قالت هدى: ووين وليد إلحين؟!
قال جلند: مع الدكتور... أنا بسكر إلحين... أسمعوا أرتاحوا ولا تحاتوا... عمي ما فيه إلا العافية...
تنهدت وأنا أجلس على الكنب وأرتمي عليها بتعب... تقلصت عضلاتي من الألم...
جاتني هدى وهي تهمس: الخنساء... قومي إرتاحي باين عليك تعبانة... قلتي لوليد...
لفت للجين إلي كانت جالسة مع الجدة وكل وحدة تطمن الثانية...
كملت هدى: خبرتيه عن الجنين؟!
غمضت عيوني وتنهدت... أشرت: لا... ما ناسبنا الوقت...
قالت هدى: تمام... أطلعي إرتاحي... واستخدمي المصعد... فاهمة؟!
هزيت راسي وأنا أمشي بكل تعب للمصعد... وأحس بجسمي متكسر... تعباااانة بشكل ما يوصف...
أرتميت على السرير ولفيت الفرش علي وأنا أبكي... مدري ليش أحس إني المذنوبة... مدري ليش أحس إني سبب كل إلي يصير لعمي ووليد...
الخميس...
22-11-2007...
مادريت الوقت كم كان... بس حسيت بحركة خفيفة على جنبي... رفعت راسي شوي... وشفت وليد جالس على حافة السرير... كان شارد يناظر لبعيد... قمت وتحركت علشان يحس فيني... رغم إني أحس إن آلآمي خفت إلا إن شدة أعصابي زادت بشرود وليد... لف لي وناظرني شوي ورجع يتنهد...
قربت منه وأشرت: وليد... كيف عمي إلحين؟! شو أخباره؟!
همس: بخير الحمد لله... أزمة وعدت...
سألت أأشر: رجعته معك؟!
هز راسه بلا وهو يقول: نوموه بالمستشفى... جلند معاه...
أشرت: الساعة كم إلحين؟!
قال: 3 الفجر...
مسح على شعره وفتح الدرج وهو يقول: أحس بالصداع... وين الأدول؟!
أشرت: بالدولاب على يمينك... بروح أجيب لك ماي...
وكنت أصب الماي وأنا توني أستوعب إلي قلته... أرتجفت يدي وأنسكب الماي بيدي والأرض وأنا تسمرت بمكاني... تذكرت إني رميت الظرف الأصفر بالدولاب... رحت أجري للغرفة... وبالفعل إلي توقعته صار... وليد واقف وبين يديه الظرف مفتوح... ظرف إثبات إني حامل...
.

.
رفع راسه وهمس يقول مو مصدق: شو هذا؟!
زادت دقات قلبي... ومثل الطبول صارت... أرتعش جسمي بخوف... وأنكمشت على نفسي خايفة من ردت فعل وليد...
سألني مرة بصوت أعلى: شو هذا؟!
تجرعت ريقي وأشرت: إلي تشوفه... تحاليل سويتها بالمستشفى أمس وطلعت نتايج الحمل إيجابية...
ساد صمت ثقيل وسأل بعدها بعصبية: ومتى كنتي ناوية تخبريني بهالحمل؟!
فركت يدي الثنتين وأنا أناظر هالعصبية فوجهه...
أشرت بضعف: كنت بخبرك لكن...
ونزلت يدي بألم... رمى الظرف بعصبية وطاحت الأوراق...
انتفضت من صراخه: متى كنتي ناوية تقولي لي إنك يا مدام حامل؟!... لما تجهضين بسبب ركضك بين السلالم روحة ورجعه؟!
أرتعشت شفايفي... وحسيت بقلبي مدموم... ما همه إذا أنا حامل بولده أو إني مريضة... أو إني لا سمح الله أحتضر... كل إلي همه هو إني خبيت عنه هالخبر...
أشرت بألم: كنت بخبرك بس خانتني شجاعتي...
مشى لي يصارخ: خانتك شجاعتك؟!
وأرتجفت من الألم... مسحت على يدي وبعدت عنه... وأنا أحاول أجمع قوتي...
أشرت: وبعدين إلي صار أمس لعمي ما أعطاني فرصة أخبرك فيها...
همس بفحيح وعينه تلمع: الوقت ما كان لك عذر... خبر مثل هذا ما يتخبى علي...
وصرخ فجأة وهو متوتر: وأمس... أمس كانت طلعتك مع هدى لهالغرض...صح؟!
آلمني صراخه... وهزيت راسي بعنف وأشرت: أيوه صح... صح...صح...
ورجعت أشرت بعصبية: تبي تقولها ومو قادر؟! قولها وريح نفسك... قولها بصريح العبارة ما أبي ولد منك...
ونزلت راسي وصرخت بوجع وأنا أرفعه وكل إلي كنت كابتته طلعته: أدري... أدري تخجل يكون لولدك أم خرساء... أدري مغصوب علي... أدري إني وصية عمك مو أكثر... أدري والله أدري إني ما كنت بيوم لك ولا في أمل أكون... أدري إني عايشة أمني نفسي فيك وأنت مو لي... فطلقني... طلقني وريحني... ريحني... ريحني...
فاضت عبراتي... و دمعت عيني وأنا أشوف وجه أنقلب للدهشة والتوتر... ركضت أهرب منه... لفيت أطلع من الغرفة... أحاول أداوي جروحي بوحدتي... ليش كنت أضحك على نفسي؟! أمني نفسي بأشياء ما كانت لي ولا راح تكون لي؟!... هذي هي الصدمة إلي كنت أتوقعها وبكل بساطة جاتني تدمر كل أحلامي... أحلامي إلي مازلت أقيم أساسها....
لحق فيني وأنا أحاول أطلع من الجناح... مسك خصري وشدني ورجع يسكر الباب بكل قوة...
: آآآآآآآآآآآآآآه... أممممممم... آآآآآه...

تميت أصارخ وأتلوى بين يديه... أرفض أناظره... وكل هذا خوفي من نظرة الإنتصار بعيونه... وبعد المجهود إلي بذلته تعبت وسكنت مثل كل مرة أواجه فيها وليد... أقر لنفسي إني استسلمت... وكفاية صراخ وشهقات... رجعت أذرف دموعي وأبكي...
لفني له وألتقت أعينا... ما أدري شو التعابير إلي أرتسمت على وجهه... وهذا بسبب دموعي إلي أعمت رؤيتي... بديت بالنحيب المجنون... وبعدها شاهقت بكل ألم... أنكمشت بين يديه وأنا أبكي بحضنه... خلاص ما يبني ليش يعلقني فيه؟! ليش يعطيني مع الأمل موعد ويخلفه؟! ليش يحقق لي سعادة هي بالأصل مذبوحة؟! ليش؟! ليـــش؟!
.
.
ما أدري إذا كنت أحلم أو إني بواقع ممزوج بالخيال...
بس تغيرت الأحداث من الألم والضياع... لشيء مختلف ما عرفته... أحاسيس عذبة حاوطت المكان...
زاد تشبثه فيني...ضغط على راسي... ومسح على شعري...
همس بصوت حنون: الخنساء... أرفعي راسك فوق... وأرسمي بسمة تداعب شفاتك... وكفكفي دموعك... أنا مو قايل إني ما أبي هالدموع؟! مو قايل إنا بنبدا بصفحة بيضا ونسطر حروفها بأنفسنا؟! وهذا هو أول سطر نكتبه... حبك لي شهادة أعتز فيها... حبك لي هو كل أمنياتي... حبك لي زرع أسمى من معاني الأمل بقلبي... حبك لي هو منطلق فرحتنا... الخنساء... وولدنا أو بنتنا هم بداية أحرف سعادتنا... وأنا أقولها لك وكل خفوقي تصرخ... أنا مو خجلان إنه يكون لولدي أم مثلك... عمرها الإعاقة ما كانت عائق بالنسبة لي...
رفع وجهي بين يديه وأجبرني أحط عيني بعينه... سكنت وجمدت أسمع بقية همسه المشجون:
أعترف...
إنك أنكتبتي بين نبضات قلبي وخفوقه...
وسكنتي فيها وما في أحد قدر يقربها...
..
إنرسمت أحزانك وضحكاتك بعيوني...
بكل همسات ضحكاتك تروين سعادتي...
وبكل أحزانك وبكائك تألمين شيء بداخلي...
..
تراقصت أحرف أسمك على شفاتي...
داعبت نظراتك شغاف قلبي...
..
أعترف...
إنك ملكتيني يالخنساء...
ملكتي كل خفوقي و نبضاتي...
الخنساء... إنتي لي..مثل ما أنا لك...
{{نهاية الفصل التاسع....
قراءة ممتعة أتمناها لكم}}

الفصل العاشر

لا تغمضي عين السنا


أشعلت بي جمرة غلا في غيابك..تقسم شرف ما تنطفي وإنت غايب
الشمس شمسك وآخر الليل بابك..وأنا ما بين الشمس والليل ذايب
خذني سما خذني سطر في كتابك..إطعن ضلوعي بس نبقى حبايب
"مـ ــنــ ــقـــ ــو ل"
.
.
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -