بداية

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -69

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي - غرام

رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -69

سلطان بسخرية لاذعة على نفسِه : متضايق من الجو الحار
بوسعود رمقه بنظراتِ مستحقرة وأنصرف ليذهب للمستشفى وقبل أن ينصرف ألتفت عليه : بأي مستشفى ؟
سلطان : مستشفى الـ**
نظر للدرَج , أصعد ؟ لا تستحق حتى أن ينظر الشخص إليها , أنحنى بظهره ليمسح وجهه بكفوفه الجافَّة , رأى أقدام عائشة
رفع عينه لها
عايشة بعفوية : ماما جوهرة مافي يفته*يفتح* باب
سلطان : طيب ؟
عايشة لم تفهمه : بابا أبدالرهمان يجي وأنا يقول حق هوا بس مافيه يجي
سلطان : من اليوم ورايح لا تصعدين فوق وقولي للكل ! ولا أشوف ولا وحدة فيكم تصعد بالدرج , أخذي الأصنصير وللدور الثالث بس ! أما الدور الثاني لحد يجيه مفهوم ولا ماهو مفهوم
عايشة وأرتعبت فعلا ورددت مفهوم أكثر من 3 مرات من شدة خوفها من سلطان . . وأنصرفت بخطوات سريعة.
ركضُوا بشدَّة , أستهلكُوا كل قوَّاهُم بالركضْ ,
عبير : أوووف مابغت تمِّر هالساعات
رتيل من شدة تعبها رمت نفسها بحمام السباحة الذي كان من المفترض أن يكون ذُو ماءٍ بارد ولكن مع حرارة الشمس أصبح ساخن
رتيل وتشتهي البُكاء الآن : أبي مسااااج
عبير : أنا بدخل آخذ لي شاور وأنام وأنتي قومي المويا حارة
رتيل تُغمض عيناها : حارة ولا باردة أهم شي أحس براحة
عبير : طيب قومي عشان مايجي أبوي ويعصب
رتيل : عبدالعزيز مايرجع الحين
عبير : دارية أنه مايرجع الحين بس لو جاء أبوي بيعصب
رتيل : طيب الحين أطلع
عبير ودخلتْ للداخل مُجهدَة تبحث عن الراحة.
رتيل خرجت من هذا الحوض وملابسها مُلتصقة بجسدها حتى يُخيِّل لكل من رآها أنها لا ترتدي شيئًا.
ذهبت للمغسلة القريبة منها والموضوعة من أجل الحديقة المنزلية , مسحت كفوفها من الماء و قدميها حتى لا توسِّخ البيتْ.
هو الآخر يدخُل ومستغرب بشدة عدم وجود سيارة بوسعود أيضًا ولا سيارة سائِقه , هُناك شيء يحدُثْ , أكاد أجزم بأنهم يخططون لشيء , تأفأف من الطين المتبلل الذي باغت أقدامه.
رتيل تجمَّدت في مكانها , ألتصقت بالجدار حتى لا يراها والمرآة تعكس ملامح عبدالعزيزْ.
عبدالعزيز بحلطمة : أستغفر الله بس .. دخل بيته وهو ينزع جزمته في القرب من البابْ , بدأ بفتح أزارير قميصه العسكرِيْ وعيناه على الشُباك ينظر لللاشيء . . حتى أصبح ينظر إليها وهي تسير بخطوات سريعة للباب الخلفِيْ.
عبدالعزيز وعيناه مازالت تُراقبها ولا تكاد ترمُشْ .. أقترب من الشُباك ولم ينتبه للطاولة حتى كاد يسقُط عليها , تأوَّه مُبعِدًا النظر وجسده عن الشُباك : آآححح .. عض شفته من ألم ضربة الطاولة في ركبتِه ,
وتمتم : حوبتها ماراحت بعيد.
,
ينظُر لأرضٍ طاهِرة ستُرفرف عيناه بها من اجل غادة وبتمتمة : الحمدلله
الرجُل الذي من المركز : راضي عنه ؟
ناصر : إيه ومكانه حلو
الرجُل : طبعًا زي ماأتفقنا بنترك هالمساحة مواقف سيارات والباقي المسجد
ناصر : أبد ما عندي أي إنتقاد على طريقة التصميم
الآخر : الله يكتب لك فيه الأجر ويعطيك على قد نيتك
ناصر : آمين جزاك الله خِير .. أنصرف الرجُل تاركًا ناصر بهذه الأرض البيضاء
وضع هاتفه الآيفون على الأرض ليُشير إلى القبلة , صلَّى ركعتين عليها , تحدَّث بسجوده لله عن غادة , تحدَّث عن عميقِ حُزنه لله , الله يعرفُ جيدًا كم من الحُب لك يا طاهرة.
سلَّم و هو جالِسًا على التُربة الحارَّة.
كُنت صالِحًا جدًا لحُبِك , كنت أُريد هذا الصلاح ينتهي بفرَح تحت سقف حُبنا وَ يجمعُنا , لم يجمعنا هذا السقفْ ؟ لكن قتلنا ؟ قتلني كيف أنَّهُ وسَّع بي قائمة أحلامي , في أول حلمٍ كتبته كان أنتِ , وثاني حلم أن يجمعنا الله وثالث حلم ان يرزقنا الله بأطفالٍ يشبهُون والدتهُمْ و . . . كل أحلامي التي كتبتها في قلبي كانت لأجلك و معك وفيك .. وفي ليلةٍ كنت اعدُّ الأيام لاجلها قتلني هذا السقفْ الذي رفعتهُ بفعلِ حُبي لك , بعثَر أمنياتيْ و أحلامي , لم أضعفْ بحياتي كضُعفي أمامك الآن , أنا أشعُر بأنَّ حُبنا يسمعنا الآن , أنا أشعُر بأن قلبك هُنا .. أتركي هذا العالم يبصقنِي بالجنون , لم يُنصف مُجتمعنا الشرقي الحُب يومًا فـ كيف يُنصف الجنون الآن ؟
عيناه تتأمل إتساع المكان وكيف يضيق به بذكرى " غادة " , أخافُ يوم لا ظلَّ إلا ظله أخاف أن يقف بيننا الجنةُ والنارْ , أخشى عليك و على نفسي .. هذه الدُنيا رديئة جدًا لذلك لم يكُن طُهرك ليجتمع معِيْ , لكن الجنَّة هي البقاء.
وعدٌ لن اتخلى عنه , وعدٌ لأجلك ..سأحاول بكل ما بيْ من قوَّة أن أفعل الخير بـ نيتيْنْ , نيّةُ الأجرُ لي حتى أفوز برضاه و نيةُ لأجلك حتى يجمعني الله بكْ.
,
تدفن رأسها بالمخدة وهي تبكِي بشدة , تتألم ولا أحد ينصتُ لها , قلبها يتآكل , شيءٌ من الحنين يأكله , يلتهم ماتبقَّى به.
مسكت رأسها تُريد أن ينتهي الألم , تضغط عليه من الجانبيْن , ألتفت للباب الذي يُفتَحْ.
وبصوتٍ مُثقل بالحُزنْ : يممه
والدتها : وش فيك جالسة هنا ؟ قومي خلينا نطلع وتغيرين جو
رؤى و تشكُ بوجودها الآن أمامها , تنظر إليها بضياع
والدتها رفعت حاجبها : رؤى وش فيك ؟
رؤى بهمس : يُمــه
والدتها : إيه أمك ! رؤى حبيبتي وش صاير لك ؟
رُؤى ولا تصدُق صوتها , مازالت نظراتها تُبيِّن صدمتها بوجودها
والدتها ودبَّ بها الخوف , أقتربت منها : رؤى حبيبتي طالعيني
رؤى وعينيها على الباب
والدتها : رؤى طالعيني
رؤى رمشت و دمعةٌ هاربة تلصق بخدِها
والدتها تضع كفوفها على رأس رؤى : فيك شيء ؟
رؤى أغمضت عينيها : مين أنا ؟
والدتها : شكلك مانمتي من أمس و جالسة تهذين
رؤى مازالت مُغمضة عينها وفي حوار الذات التي تجهله : مانمت
والدتها : رؤى
رؤى : مين أناا
والدتها : بسم الله عليك .. قومي رؤى لا تعورين قلبي عليك
رؤى تفتح عينيها على والدتها : يمممه
والدتها بقلة صبر : إيه أمك .. يالله يارؤى وش صاير لك ؟
رؤى : أشتقت لك
والدتها و لُجِمَت
رؤى ببكاء : وينك ؟ جلست كثير أنتظرك
أم رؤى مازالت مصدُومَة و تيقَّنت بأن رؤى ليست في كامل وعيْها.
رؤى وتتقطَّع ألمًا : ليه تركتيني ؟ ناديتك كثير ومارديتي .. يمه
أم رؤى وقد علمت بأن اللاوعي يُسيطر عليها : أنا هنا معاك ياروح أمك
رؤى أغمضت عينيها وهي تقترب من حضن والدتها , وضعت رأسها على صدرِ والدتها وتبكِي بوجَع : أشتقت لك كثيييرْ
يُتبع
يُفتِّش بالأوراق ويفتح بمواقِع النتْ , علّ خبرُ عن طلاب يسقُط إسمها سهوًا أو خبرٌ عن والِدها , أشياء كثيرة يبحث عنها بلا هويَّة , يحتاج إسم فقط كي تتصل هذه الأشياء في بعضها ويعرفْ من صاحبها ؟ يحتاج فقط أن يعرف من هي رؤى ؟
تنهَّد و أعيُنه بدأت بمدِّ ذراعِ التعبْ من تسليطها لضوءِ شاشة اللابْ توبْ.
مرةً أُخرى يدخلْ لبعثاتٍ لباريسْ , يقرأ الأسماء واحِدًا تلو الآخر , ولا ينذكُر إسمها.
سرحت ذاكرته بعيدًا , أم رؤى تلفُظ بلسانها " غـ. .. رؤى ؟ "
يكاد ينهار عقله من كمية التناقُضات التي يعيش عليها , أحيانًا أرى التناقُضاتْ تتغنَّجُ أمامِي حتى أنجذبُ نحوها فأصدقها لأن لم يكُن من حولِي صادقًا حينها.
يقرأ الأسماء مرةً أُخرى بإسمٍ يبدأ بحرف الغينْ .. غيداء سالم .. غيداء مسفر .. غيداء عبدالإله .. غلا خالد .. أين أنتِ يا رؤى منهم ؟
مسك رأسه يحاول التفكير بإتزان , عينه على الاوراق التي أتت بها أم رؤى في أوَّل يومْ رأى بها رؤى.
رؤى بنت مقرن بن ثامر السليمان , كتب إسم " مقرن بن ثامر السليمان " في مُحرِّك البحثْ.
لم يرى خبرًا له , يحاول الربط الآن .. مقرن منذ متى متزوج ؟
رؤى عُمرها الآن 26 هذا يعني أنَّ مقرن متزوج على الأغلب منذ 27 سنَة إذا قلنا أنه الحمل أتى بعد زواجه بعدة شهور و 9 شهور أخرى ..
نظر للأوراق مرةً أخرى " عُمر والدتها : 39 "
وليد فتَّح عيناه بعدم تصديق , وبنبرةٍ يُصبِّر بها حاله : لحظة لحظة ..
هذا يعني أنه عُمر والدتها عند ولادتها 13 سنَة .. لسنا في الجاهلية حتى أصدق هذه الخرافات كيف تزوَّجت بهذا السن ؟
يحاول أن يُجمِّع قوّاه حتى يُفكِّر ويربط مرةً أخرى , هذه ليست والدتها ؟ كيف تتجرأ بأن تنسب نفسها لرؤى ! الآن فهمت سبب هذه التصرفاتْ.
أغلق حاسُوبه وهو يتصِل على رؤى : يالله يارؤى ردِّي
في جهةٍ أخرى رؤى في إغماءة على صدرِ والدتها.
تنظُر هذه الأم لشاشة الهاتفْ التي تُضيء , أبتعدت قليلا ووضعت رأس رؤى على السرير وأتجهت لهاتفها لتقرأ " وليد "
تنهَّدتْ وأغلقت الهاتف و أخرجت منه الشريحة.
وليد يُعيد الإتصال ليأتيه " مغلق " , ضرب بقدمِه الأرض غاضبًا كل شيء يُشعره بأن هذه المرأة لا تُريد الخير لرؤى.
مدد إجازته حتى هذا اليوم فقط من أجل رؤى , والآن يُحبط من أجلِ تلك المرأة.
لن تأخُذ رؤى منِّي بأكاذيبها.
,
ساعات الظُهر الأخيرةْ
جالس بقربه عند رأسه , قرأ عليه القليل مما يحفظ من القرآن , يدعُو له بقلبه ولم يسكَن قلبه لثانية من ترديد الدُعاء , مرَّت ساعةٌ أخرى وهو بمثل موضِعه.
ألتفت للباب الذي يُفتح و نظر لسلطانْ.
سلطان بهمس : ماصحى ؟
بوسعود هز رأسه بالنفيْ
مع هذا الهمس بدأ يفتح عيناه التي ينتشرُ أسفلها من السوادِ هالاتْ
بوسعود وعينه لا ترمش من على أخيه
عبدالمحسنْ وحنجرتِه تفتقر للماء ويتوجَّعُ مع بلعه للريقْ
بوسعود فهم أنه يحتاج لماء , أخذ الكأس وملأه لربعه حتى لايشربه دفعةٍ واحِدة , أشربه الماء دُون إندفاعْ.
ما إن ألتفت عبدالمحسن ونظر لسلطان وكأنه يسمع لكلمات الجوهرة التي تطعنه مرةً أُخرى
سلطان و عينه تحكي و عين عبدالمحسن تُجيب.
بوسعود الغير فاهِم بأحاديث العيُون : الحمدلله على سلامتك طهور إن شاء الله
سلطان : ماتشوف شر
بوسعُود نظر لهاتفه الذي يضجّ : دقايق بس .. وخرجْ
سلطان أقترب وجلس بجانبه
عبدالمحسن ببحة صوتِه المُتعب : وين الجوهرة ؟
سلطان بصمت لم يُجيبه
عبدالمحسن وصوته يتقطع بتقطُّع كلماته : ضـ .. ضربـ.... لم يستطع أن يُكمل لأن صوته يضيقُ أكثر
سلطان فهمه تماما ومازال صامت يكتفي بالنظر إليه
عبدالمحسن : سلطان
سلطان يُقاطعه : لاتتتكلم وتتعب صوتك , أرتاح
عبدالمحسن : ماأبي إلا أنك تطلقها
سلطان ورجَع لصمتِه
دخل بوسعود بإبتسامة : هذا ريان .. جلس ليُردف : وش منّه تعبت ؟
عبدالمحسن هذه المرة هو من ألتزم الصمتْ
سلطان ويبتسم : مايدري أنه كبر والسفر بالسيارة ماعاد ينفع له
بوسعود : ماترجع الدمام الا بطياره لا تتعب نفسك أكثر بعد
عبدالمحسن : عطني الجوال
بوسعود : تبي تطمنهم ؟ لاتشيل هم انا كلمتهم
عبدالمحسن : أبي تركي
بوسعود ويضغط على زر الإتصال بتُركِي , أتاه الهاتف مغلق : مغلق
عبدالمحسن أكتفى بتنهيدة كادت تُعيده لإغماءةٍ أخرى , بتقطُّع صوتِه المُتعب وقلبه الأكثر ألما بما حدثْ.
سلطان وقفْ ويبدُو ان البراكين لم تهدأ بعد : أنا أستأذن
بوسعود : خذني معك فيه شغل كثير لازم نحكي فيه .. تآمرني على شي
عبدالمحسن هز رأسه بالرفض
بوسعود أنحنى ليُقبِّل جبين أخيه بتقدير وَ محبَّة : ماتشوف شر .. وخرَج مُتبِعًا سلطان
بوسعود : ماراح تقولي وش صاير لك ؟ منت على بعضك أبد
وهُما يخرجَان من المصعَد متوجهين للخروج من المستشفى
بوسعود مع صمت سلطان بدأ يدبّ في داخله القلق : يخص الشغل ؟ الجوهرة ؟ مين بالضبط !
سلطان بصوتِه الحاد : ريِّح نفسك وتطمن
بوسعود : طيِّب زي ماتبي .. تَرى أخترت من اللي راح يروحون للجزائِر
سلطان : أنا بكون مشرف هناك
بوسعود توقف في مكانه مصعوق : نععععععععععم !!
سلطان ألتفت عليه : وش فيك ؟ أنا ودِّي أدرِّب
بوسعود : 4 شهور ! كيف تترك الشغل فيه أشياء أهم
سلطان : وفيه مسؤولين يقدرون يمسكون الشغل وأنت منهم ! ماراح يضِّركم
بوسعود بشك : أنت تبي تبعِّد وبس ؟
سلطان : باقي لها فترة تونا بدري عليها بس تتم ساعتها بنكون مخلصين أغلب أشغالنا
بوسعود : بس كمبدأ أنت مسؤول عن أشياء أهم ماينفع تروح تدرِّب طلاب فيه اللي أحسن منك يدربون أما أنت لأ
سلطان رفع حاجبه : بتمنعني يعني ؟
بوسعود بحدة أكثر : عندي صلاحيات تخليني أقدر أمنعك وماراح تقدر تعترض
سلطان بصمتْ ينظر إليه و الآن بدأ غضب آخر يتولَّد به بفعل بوسعود
بوسعود : سلطان أنت عارف وش قاعد يصير ؟ الجوهي للحين مسبب لنا أزمة وخطره بدا يزداد ماينفع تروح كذا
سلطان : طيب عبدالعزيز بيروح بعد ؟ وش تفرق إذا هو أصلا أساس علاقتنا بالجوهي
بوسعود : عبدالعزيز غير ! إحنا من أول ماجاء وإحنا متفقين أننا نرسله للتدريب وخططنا لهالشي من زمان
سلطان : طيب وأنا أبي أدربه
بوسعود بعد صمت لثواني ليستنتج : مستحيل ياسلطان تدربه إذا إثنينتكم ماتتقبلون بعض كيف تدربَّه ؟ تبي تزيد حقده أكثر !
سلطان بغضب : ومين قال بزيد حقده !! يخي حرام أدرِّب !
بوسعود : أنا ماني فاهم تصرفاتك
سلطان : وأنا قلت لك أبي أكون من المشرفين هناك كذا بروح إستجمام وش رايك يعني ؟
بوسعود إبتسم من سخرية سلطان : طيب إستجمام أختار وقت مناسب
سلطان : لا أنا أبي مع الفترة اللي بيروح فيها عبدالعزيز !! إذا فيه قانون يمنعني قولي أخاف أنا جاهل بالقوانين بعد
بوسعود : أنت معصب من مين بالضبط
سلطان بعصبية كبيرة تجعل كل الداخلين للمستشفى يلتفتون إليه : يخي ماني معصب من أحد أنا كذا طقَّت بمزاجي بروح
بوسعود : طيب أدخل السيارة نتفاهم لا وصلنا .. وركب السيارة وهو من قاد لأنه يعرف سلطان في وقت عصبيته رُبما ينسى شي إسمه " مرور ".
,
رُغم التعب لم يأتيها النومْ , تنظُر لسقف غرفتها وشعرها المبلل يُبلل سريرها .. أشتاقت له .. يالله يا قلبي لاأُريد ان أضعف بإشتياقي له , مسكت هاتفها لتسترجع نشوة الفرَح عند قراءتها له , تُعيد قراءة رسائِله وكأنها للمرة الأولى , عيناها لا تكفُّ عن إلتهام الأحرفْ , حفظت كل كلمة و كل فتحه و كسرة و أيضًا سكونْ , تبتسم بسخرية على حالها كيف أنَّه وصَل لدرجةٍ أن تتعلق كـ تعلقها الآن به , باغتها بـ رسالة ظهرت فجأة بشاشتها لتضغط على عرضها " أشتاقُك "
وكأنها كانت بحاجة لسبب حتى تبكِي , بحاجة لكلمة تربتُ على كتفِها وتقُول لها : صبرًا .. بحاجة أن تُناقِض نفسها كما يُناقض مُجتمعنا نفسهُ بالحُبْ , نحنُ بحاجة مُلحِّة بأن نناقض أنفسنا.
كتبت له " عاطفتِي مُشبعة بغيرك "
لم تستغرق كثيرًا حتى أتته رسالةً مِنه " بغيرك ؟ يعني بغير قلبي فأكيد تقصدين عيني "
فتحت عينيها بدهشة , وَ قلبها على أشكالِه المُتناقِضة يقَع , " كيف عينك و انا ما شفتها ؟ "
أجابها وكأنه ينتظرها ومُجهِّز الرد " قلبك يعرفها "
" أحاول ألفظها بإعتدال , أنـا م ا أ ب ي ك "
أجابها " أحاول أن أقولها دُون أن ينقطع نفسي بشدَّة وقعُك على قلبي , أنا أ ح ب ك "
وعينا عبير شلالُ من الدمع , أصابعها تخشى الرَد , يُسكتها دائِمًا بطريقة مُستفزة لعقلها الذي يُقاوِم هذا الحُب.
كيف لشخصٍ أن يحُب شخصُ مجهول ؟ لا يعرفُ عنه شيء سوَى صوته ؟ رُبما أصواتِنا هي الأشدُ صدقًا في هذه الحياة
سأتجاهله . حاولي يا أنا أن تتجاهليه مرةً أُخرى.
,
يبدُو مشوشًا يحاول أن يفتح الموضوع دُون أن يجرح يُوسف بشيء , يعلم أنَّ يوسف صاحِب غيرة شديدة و أنني لو لفظت إسمها سيغضب وجدًا , كيف أقول له.
منصور : يوسف
يُوسف ألتفت عليه دُون أن ينطق حرفًا
منصور : بس بسألك كيف أمورك ؟
يُوسف وفهم مايقصد : تمام
منصور : مرتاح ؟
يُوسف : ليه تسألني ؟
منصور : بس بتطمن عليك
يوسف أبتسم : وش فيها الماما ؟
منصور ضحك ليُردف : صدق بتطمن
يوسف : طيب تطمن مرتاح ولله الحمد
منصُور : وش صار على سفرتك ؟
يوسف : هذا أنا أنتظر إذا ماجت قبل رمضان بضطر أكنسلها
والدهُم الذي في الزاوية الأخرى من المجلس , كان منشغل بالجريدة , طواها ووضعها على الطاولة : صب لي قهوة
يُوسف ولأنه الأصغر وقفْ ومدَّ الفنجان لوالده : سم
والده : سمّ الله عدوك ..
يوسف وجلس بجانبه ولحقه منصور ليجلس بالقرب من والده
منصُور : يبه ماكلمت المحامي ؟
والده : كلمته وقالي مانقدر دام تقفلت القضية
يوسف الغير فاهم : وش صاير ؟
والده : نبي نشوف مين قتَل أخو زوجتك بس قالي أنه مكتوب بالقضية أنه منصور معترف و أنتهت بالعفو
منصور : بس أنا ماأعترفت ولا قلت شي بس هالمحامي الغبي تصرَّف من كيفه
يُوسف بجديَّة : ليه تفتح هالمواضيع ؟ يخي فكنا يرحم الله والديك
منصور : بس أنا أبي أعرف مين اللي قتله ؟
يوسف : يخي وش تبي تدخل نفسك بمشاكل ثانية ! خلاص أنتهت القضية وقضينا
منصور : بس فيه ناس ماهم مصدقين مايصير نظلمهم
يُوسف وفهم مقصده جيدًا وبحدة : وش قصدك ؟
منصور : أنت فاهم قصدي كويِّس
يوسف : لا أنا غبي وعقلي صغير وماأفهم بالألغاز هذي
منصُور ويعرف بأنه يُريد أن ينطق إسمها ولكن مستحيل أن يفعلها , وبنبرة هادئة : وأنا عارف أنك فاهم
بومنصور : تذابحوا قدامي هذا اللي ناقص بعد !
يُوسف تنهَّد وألتزم الصمتْ
بومنصور : خلوا العالم عايشة ومرتاحة لاتجلسون تنبشون بالقديم
يُوسف : علَّمه أنا وش دخلني
منصور : لأني عارف أنك منت مرتاح
يوسف بسخرية على منصور : على فكرة بالتحليل النفسي أنت زيروو
منصور أبتسم : واضح من العصبية أنك مرتاح
يوسف : لا إن شاء الله بكرا بجي وأجلس عندك وألطم وأبكي وأقول *يُقلِّد صوت والدته* والله ألحق عليّ ياخوي قلبي بيتقطع ماذاق طعم الراحة
بومنصور وأنفجر ضحكًا : هههههه صدرك شمالي الله لايضرك
يوسف بإبتسامة لوالده ولأجل أن يُزيل الشك من صدرِ منصور : على أهل زوجتي
منصُور ولن يُكذِّب إذنه أبدًا حين سمع كلام مُهرة و ردِّ فعل يوسف.
,
صدرُها لايهدأ من إرتفاعه وهبوطه , بها من القهر الكثير , توَّد لو تنفجِر على يوسف بكل الكلمات البذيئة التي تحفظها والتي لا تحفظها كـ أن تقرأ عليه كل شيء سيء في الحياة و تنسبه له , عقلها ضجِر من كثرة التفكير , في أولِ محاولةٍ فعلتها بأن تخدعُ قلبه سقطتْ بـِ شرِّ قلبها.
أخذت نفسًا عميقًا علَّها تُريِح شيئًا من حقدِها , تكرهه و تكره أخيه و زوجته و تكره شقيقاته و تكرههم جميعًا بلا إستثناء.
,
بعد محاولاتٍ بائسة وقفتْ , لبسها بأكمله مُتقطِّع من ضربه .. نزعته ورمته جانبًا وهي عاقدةُ الحاجبين كارِهة لما حدثْ.
لبست أول مالمستهُ يداها في الدولابْ , بيجاما قُطنية بأكمامٍ طويلة , رُغم الحر هي تشعرُ ببرودة أطرافها أو رُبما الوحدة تُشعرها بالبردْ.
رفعت شعرها وتركت خصلة لتربُط بها بقية خصلاتها على شكل ذيل حصانْ , ومع كل خطوةٍ تخطوها تشعرُ بألمِ ظهرها .. أتجهت للحمام وغسَّلت وجهها نظرت إليه .. ليست هي أبدًا , ملامُحها تُشبه المُجرمين المُتعذبين , أسفلُ شفتِها جرح و جرحٌ آخر على جبينها , وجهها ممتلىء بالجرُوح الحمراء و الأخرى البنفسجية , وملامحٌ بيضاء مُصفَّرة .. ضربها سلطان ولم يُبقي لها شيئًا يضجُّ بالحياة على جسدِها أو يحملُ على الاقلِ لونًا طبيعيًا.
أغمضت عينيها لتتسلل دمعةٍ على خدِها , مسحتها بسُرعة وخرجت , نظرت للحزام الساقط على الأرض بالقُرب من جهة الحمام , لم تمنع نفسها من البكاء .. بكت وهي تراه كيف أنَّ تلك القطعة الحديدية البارزة بنهاية الحزام قطَّعت جسدَها , من يداوي جروحي الآن ؟ كل من قال له القلب داويني .. جرحني أكثَرْ من سابقه.
جلست والغُرفة تكتسيها الفوضى , كل شيءٍ في غير محله , كان سلطان جنونيًا في ليلة الأمس .. حطَّم كل شيء أمامه أفرغ كل مافي داخله و حتى بعد هذا لم يهدأ أبدًا.
تذكرت هاتفها , فتحت الدرج الذي بجانبها وأخرجته , أنهالت عليها الإتصالات الفائتة , تجاهلتها تماما ولكن لم تستطع تجاهل رسالةٍ رأتها " دوِّري على غيري عشان تحطين عليه ذنبك , شوفي مع مين مضيعة نفسك "
كاد يقف قلبها , لم تُصدِّق أبدًا ضميره الميِّت , يرسُل لها هذه الرسالة مع علمه تماما بأنه هو من ضيَّعها ؟
بكت بإنهيار هو لم يرسل إليّ إلا لأجل أن يراها سلطان و ينخدِع به , مسحتها برُعبْ و قلبها يئِّن , لن يتراجع مُجددًا , 7 سنوات يسعى لأن يُمدِّدها بأهوائِه .. يا تُركِي رفقًا بيْ والله كُلما حاولت أنّ أصفحُ عنك و أتجاوز عن ذنبِك كلما حاولت أن أتذكرُ حسنَة أنك عمِّي و كنت أخي

يتبع ,,,,
👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -