رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي -97
ناصر : احيانا أحسك تدوِّر وش يضايقك وتسويه ؟ .. ليه تحاول تستفز كل اللي حولك وتخسرهم .. كل هالأشياء تقهرك وتسويهاعبدالعزيز تنهَّد : عاد الله أكبر اللي الفرحة مقطعتني بدون هالأشياء !!
ناصر : وتجيب أثير هنا ليه ؟ تبي تقهرها بعد ؟
عبدالعزيز بحدة : وأنا قلت بجيبها أعذبها !
ناصر : كلامي معاك ضايع ماراح يتغير شي من تفكيرك اللي بيوم وليلة تغيَّر !
عبدالعزيز ضحك بسُخرية تثقب قلبه بحُزن : هههه إيه وش بيتغيَّر يعني ؟
ناصر : قبل فترة تقولي أنك ماتطيق حياة هالبنت وفجأة تبيها
عبدالعزيز : طيب كلهم يتغيرون وأنا أقدر أغيرها
ناصر بحنق : تعذب نفسك والله !! .. وبوسعود ما يدري أنك تعرف مين زوجتك ؟
عبدالعزيز : لآ يدري
ناصر : قلت له ؟
عبدالعزيز : قبل كم يوم شافني مع بنته وتكلم
ناصِر تنهَّد : وهي عرفت ؟
عبدالعزيز : لآ للحين ماتدري
ناصر : أستغفر الله .. اللي تسوونه مايجوز .. لآ البنت تدري و الحين بتتزوج عليها وهي ماتدري بعد !! عيب قبل مايكون مايجوز !!
عبدالعزيز : أصلاً أكتشفت أنه زواجي من رتيل غلط في غلط .. والله ندمان قد شعر راسي.
في جهةٍ تبعدُ عدةِ خطوات منه ، شدَّت على قبضة البابِ و أطرافها ترتعش لا تتزن ، " زواجي من رتيل " !! عقلها جفّ ويبِس ، توقفت عن التفكير كما توقف قلبها عن النبض بطبيعية أكثر ، كل شيء في جسدِها يرتعش و يصمُت للصدمة التي يراها.
عبدالعزيز يُكمل : أنا ماأنفع لها ولا هي تنفع ليْ ، وحتى أثير .. بس على الأقل أثير ممكن أتعايش معها وأتكيف مع أطباعها ! أما بنت عبدالرحمن هي تحت امر أبوها دايم يعني أنا أتوقع لو تزوجت بنته الكبيرة مستحيل بينسحب من حياتها ومن قراراتها !! أحس محاصرهم من كل جهة و يضلون تحت ظله و أطباعهم نفس أطباعه .. يعني مررة تحس منغلقين على بعض وشخصياتهم تصلح لفترة مؤقتة بعدها تزهق لأنهم يرجعون لأبوهم و شغله .. مع أنهم مالهم علاقة في شغله الا أني أحس أنهم داخلين في شغله .... الزبدة أني أنتظر اليوم اللي أترك فيه هالحياة بكل اللي فيها و أبدأ حياة ثانية من جديد مافيها لا بوسعود ولا بنته ولا أحد من هالرياض !!!
بلعت ريقها بصعُوبة و الغصَّات تتراكم في صدرِها ، دوَار يلفُ رأسها و عيناها لا ترى بوضوح ، كل شيء يبدُو مُبهمًا ضبابيًا يصعبُ على عقلها التركيز في كُل هذه الكلماتِ القاسية صاحبة السطوة على قلبها ، آخرُ من أتوقع في حياتي أن يرخصني لأحد هو أبي ! آخرُ من ينسلخُ من قلبي هو أبي .. كيف يوافق على عبدالعزيز حتى لو على حساب بنته ؟ ألهذه الدرجة وصل عبدالعزيز مكانة في قلب أبي تعتليني و ترخصني أيضًا ؟ كان يقترب مني وهو يعلم تمامًا بأنني حلالٌ عليه و أنا التي أصابنِي الأرق و أكتئبتُ في حُجرةٍ سوداء حتى صعدني الإنهيارُ بسهولةٍ أمام إستسلامِي و هو في جهةٍ كان ينام مُرتاح البال و الضمير لأنه لا يعصي الله ، يالله بأيّ ذنب أُعاقب حتى أتعذب كل هذا العذاب ؟ لِمَ أنا دائِمًا على الهامش حتى في مصيري يحكمُون عليه دُون أن يشاوروني .. " على الأقل يخبروني " ، لا أفهم أحدًا ولا أفهم حتى كيف أنني إبنته إن كان يقبل بتعذيبي دُون أن يتحشرجُ به ضمير ؟ لا أفهم أبدًا ما يحدُث في حياتنا و أفهم تمامًا كيف أنَّ عزيز صدق في قوله " رخيصة " مادام أبي يفعل بي هكذا إذن لا لوم على عبدالعزيز و البقية.
تجمعت الدمُوع بها و الغضبُ ينحصر في زوايـا عينيْها ، لا عُذر سيقنعني ولا قلبٌ سيغفر لأحدٍ مادام لا أحد يلتفتُ إلى قلبي ، و إن أمتلىء حُبه في قلبي والله لن أسمح بأن يتلاعبْ بي هكذا و لن أُعاود ثقتي بمن مُفترض علي أن أُناديه " يبه " ، هو أصبح أبْ عبدالعزيز و يُدلله حتى في سبيل التضحية بإبنته وبقلبها ! ، لم يعُد أبي ولم أعُد إبنته.
تراجعت للخلف وهي لا تعلمُ بأيّ إتجاهٍ تذهب ، كل الأفكار تتشابك في بعضها البعض وتُفقدها وعيْها ، أصطدمت بالطاولة الصغيرة ليسقط هاتفُ المنزل من عليْها ، تُريد ان تصعد لغُرفتها ولكنها مُشتتة ، تفقدُ وعيْها بإستسلامٍ من أعصابها التالفة ، أنا أختنق.
سقطت على الأرض و أرتطم رأسها بقوَّة على حافةِ الطاولـة العريضة المُرتبطة بمرآةٍ طُوليـة ، و لا أنفاسٌ تُسمع.
خرجت من المطبخ الخادِمة التي تُغطي رأسها بقطعةِ قُماشٍ بيضاء تأخذُ شكل المُثلث و بين يديْها كأسُ عصير الأناناس ، سقَط على الأرض ليتناثر زُجاجه و تبتلُ الأرضية الرُخامية بالعصير عندما أخرجت شهقة من منظرِ رتيل ، كانت الدماء تخرجُ من مؤخرةِ رأسها إثر إرتطامها على الطاولة الحادَّة ومن ثُم على الأرض.
ساندِي صعدت بخطواتٍ سريعة للأعلى لترى ضي و عبدالرحمن في الصالة العلوية غارقين في الأحاديث ،
عبدالرحمن مُعطيًا ظهره للباب و ضي التي تُقابله أنتبهت لتصاعدُ أنفاسِ الخادمة ، عبدالرحمن ألتفت بعد نظراتِ زوجته المُريبة : خير ؟
ساندي وفي صدمةٍ تجعلها تُردد إسم رتيل فقط.
عبدالرحمن بخطواتٍ سريعة تسبقُ الريح ، نزل لتتسع محاجره من الدماء ، أنحنى لها وهو يضع أصابعه أسفَل أنفها و تصادمُ أنفاسها في أصبعه جلب له بعض الراحة ، بحدة و ربكة : جيبي عباتها بسرعة
ساندي ركضت لغُرفة رتيل لتُخرج عباءِتها و تُسلمها لعبدالرحمن ، حملها بين ذراعيْه وتوجَّه لسيارته.
ضي في مُنتصف الدرج مُتجمِّدة تمامًا و الرجفة تُصيب قلبها من أن يحصلُ سوءً لرتيل ، بلا شعُور أنهمرت دمُوعها على بشرتها الصافيـة ولم تستوعب بعد دهشتها بما رأت. ليلةُ عيد تُعزي فرحها.
،
تفكيرُها لا يهدأ ، الأرقُ بدأ يُصيبها من الآن ، أقتربت ليلةُ زفافها ومن الآن بل منذُ أول لحظةٍ أخبروها عن ريَّان وقلبها يُقيم عرسٌ صاخبٌ لا يمُّل ، شعرت بأن قلبها يتسع في كُل مرَّة تُفكر فيها بـ ريان و تُحبه دُون حتى أن تراه وتسمعُ صوته ، تمتلىء حُبٌ أبيض من الرجُل التي ستختلط به وتُشاركه حاضره و مُستقبله ، رُبما ليس حُبًا ولكن شغفًا وجنُونًا وإعجابًا وميلاً وكل الأشياء الجميلة تُقيم في قلبي وتنحني بإتجاهِ ضوءٍ يُدعى " ريَّان " ، لايهمُها أمر وسامتِه فهو أخ الجوهرة و أفنان التي تعرفهم جيدًا و تعرفُ أيضًا إبنتيْ عمه فهي واثقة تمامًا بأنه لن يكُن سيئًا وإن لم يكُن جميلاً بالتأكيد سيكُن جذابًا بما يكفِي ، الأهم أنه سيكُون زوجٌ حنُون و يحتويني. قلبي لايكف عن نسج كنزاتٍ من الحُب و الجمال تسقطُ عليها الأزهار و تزهرُ بالألوان. يالله يا ريان كُل هذا وأنا لم أسمعك و أراك ، أشعُر أن قلبي سيتوقف إن رأيتك إن كان يتسارعُ في نبضه بمُجرد التفكير بك. أنت خلف كل إبتسامةٍ مُفاجئة تُباغت شفتي.
هيفاء أستلقت على الأرضْ وأسفلُ رأسها " خُدادية " الأريكة ، بضجر : ماطفشتي ؟ مافيه شي ينشاف بالتلفزيون وماهو جايني النوم !
ريم بإبتسامة حالمية : بكرا العيد
هيفاء : الحمدلله والشكر !! أنا أكلمك بإيش وأنتِ تكلميني بإيش .. *بخبث أردفت* تفكرين في صاحب الحظ السعيد هههههه
دخل يُوسف و بجانبه منصور : صاحيين ماشاء الله
منصور : أنا بروح أنام لآتنسى تصحيني على صلاة العيد
يوسف : طيب .. جلس بجانبهم مُتنهدًا : يوم دخلت سكتوا ! أعوذ بالله من سوالف الحريم اللي فوق 18 سنة
هيفاء ضحكت لتُردف : والله ماكنا نسولف بس أقولها طفشت
ريم بنبرة طفولية شغوفة : شفت عبود ؟ يجنن ماشاء الله
يوسف وش يجنن !! أنتظري كم شهر لين تبان ملامحه وعاد أحكم لكم هو مزيون ولا بيطلع شين نفس أبوه
هيفاء : عيونه كوبي من منصور وخشمه خشم منصور بعد .. بس شفايفه لأ
يُوسف تقوَّست شفتيْه بتناحة : أمدى !! أقول البزر منخفسة عيونه و ماله خشم اللهم فتحتين ماتدرين وش محلها من الإعراب أستغفرالله بس أنا جاملت منصور قلت مزيون الله لايضره وبغى يآكلني بعد يقولي قول ماشاء الله .. على وش ياحظي !!
ريم : هههه حرام عليك هو لأن وزنه يخوِّف مررة نتفة أنتظره يكمل شهرين وبتشوف بس واضح مآخذ من منصور أكثر من نجلا
يُوسف مسح وجهه بكفُوفِه مُرهقًا وبإبتسامة : بس والله شعور حلو الله يديم فرحته ،
هيفاء : آمين ، صدق ماقلت لنا وش سويت في حايل ؟
يُوسف : يهبلون سوالفهم تونِّس ماتملين منها
هيفاء : شفت كل أهلها ؟
يوسف : والله مدري يعني شفت خوالها الكبار و عيالهم مدري عاد إذا فيه أحد ماكان موجود
هيفاء : يازين لهجتهم . . صديقتي أيام الثانوية من حايل
يُوسف بإبتسامة : لا متأثرين مرة بأهل الرياض مدري شكلهم كانوا ساكنين هنا بس مهرة وأمها ماتقولين من حايل بس عيالهم الشباب عليهم رزة ماشاء الله .. بخطبك لواحد منهم
هيفاء : هههه على حسب الوسامة
يُوسف : شوفي خششهم عادية بس الله معطيهم خشوم قسم بالله تشوفين خشمك عندهم وتتفلين بوجهك
ريم : أصلاً مُهرة بعد خشمها حلو ،
يُوسف : إحنا ماورثنا من بعض الا خشوم عوجا
هيفاء : تكلم عن نفسك حبيبي خشمي وش زينه
يُوسف : يالله ليلة عيد وماأبغى أمصخرك على ذا الخشم النتفة
ريم : طيب متى بترجعها ولا خلاص ؟
يُوسف بهدُوء : بخليها تكيِّف عند اهلها وإذا بغت ترجع تعرف رقمي
ريم : من جدك !! أكيد ماراح تتصل عليك وتقولك تعالي .. أصلاً ماينفع .. لازم أنت تتصل
يُوسف : وليه ماينفع !!
ريم : أنت وش يعرفك بالحريم ؟ أي حرمة مكانها مستحيل تفكر هي اللي تتصل لازم الرجَّال
يوسف بضحكة : خلينا من هالموضوع عندي لكم خبر حلو
هيفاء بحماس : بتسافر وتآخذني ؟
يوسف : حطي في بالك لو سافرت أخاوي لي كلب ولا آخذك معي
هيفاء تُجمِّع كفوفها لتُشير إليه : مااقول الا مالت
يُوسف بتجاهل لها : المهم مهرة حامل
ريم شهقت بفرحة : صدددق !! مبروووووووووووووك
يوسف : الله يبارك فيك
هيفاء فتحت فمِها غير مُصدقة
يُوسف بسُخرية لهيفاء : الله يبارك فيك
يُتبع
،
في غُرفتهم المعتمة لولا ضوءُ الأبجُورة الصفراء الخافتة ، على السرير مُتربعة وفي حُضنها جهازُ الآيباد : ماأرتحت لها
حصة : بالعكس وش زينها البنت تهبِّل حتى واضح ماهي راعية سوالف وتطلع حكي منشغلة بنفسها
العنُود : ماتعجبني هالنوعية
حصة : انتِ وش يعجبك أصلاً ؟ نامي الله يرحم لي والديك
العنُود : يمه أجلسي معي شوي بسولف لك
حصة : إذا سوالف تغثني والله النوم أولى
العنُود بضحكة : تعرفين ماجد صح ؟ اللي معاي بالجامعة ؟
حصة : إيه وش فيه ؟
العنُود بإبتسامة شغوفة : راح يجي يخطبني ..
حصة أستعدلت لتجلس على السرير ومحاجرها مُتسعة : نععععععععععععععم !!
العنُود تغيرت ملامحها السعيدة للدهشة من ردة فعل والدتها المُتفتحة في نظرها : وش فيك ؟
حصة بحدة : هالموضوع يتسكَّر ولا أبي أسمعه مرة ثانية
العنُود بهدُوء : ليه ؟ أنا أشوفه شخص فيه كل الصفات اللي أبيها ليه أرفضه ؟
حصة : مايصلح لك وبس
العنُود : أقنعيني طيب بالأسباب وبسكِر الموضوع
حصة : هذولي الناس يتزوجونك فترة وبعدها يطلقون .. شفتي أبوه طلق أمه بعد عشرة عُمر .. عندهم الطلاق سهل وكل شيء يحلونه بفلوسهم .. وهالفئة من الناس مستحيل أوافق أنك تختلطين معهم
العنُود : بالعكس أنا أشوف أني أأمن مستقبلي وممكن يوفِر لي الحياة بكل متطلباتها ومنها الفلوس
حصة : يعني أنتِ بتتزوجينه عشان فلوسه ؟ ليه إحنا ناقصين ؟
العنود : بصراحة أيه .. يعني أحب وأحب طيب وبعدين ؟ أتزوج واحد سيارته من عشر سنوات وبيته متكسِّر يالله يصرف على نفسه !! أنا أحب أتزوج بعقل والحب تاركته للمراهقات ، وعقلي موافق على ماجد
حصة : العنود لا تنرفزيني .. هذا ماجد مايصلح لك وأنتهينا ولا سلطان راح يوافق عليه
العنود بغضب أشتَّد من ذكر " سلطان " : وش دخل سلطان فيني ، ماجد إذا جاء راح يخطبني من أبوي وإذا أبوي وافق ماله حق يتدخل ..
حصة : بس أنا ماني موافقة !!
العنود : هذي حياتي يمه أرضيك بكل شي بس حياتي خط أحمر
حصة رفعت حاجبها : يعني رايي ماهو مهم ؟
العنود : أنتِ قلتيها ! رايك ؟ يعني ممكن أتقبله وممكن أرفضه ماهو قرارك !!
حصة بغضب : إلا قراري وهالموضوع منتهي !! زواج من هاللي إسمه ماجد مافيه ! .. هذا اللي ناقص بعد وأصلاً هم ساكنين في دبي
العنُود : إيه طيب ؟ وش فيها دبي ؟
حصة : تبين تعيشين بعيد عني ؟
العنُود : يمه قلت لك هذي حياتي بنهاية الأمر أنا راح أبعد إذا مو اليوم بكرا !
،
تنزع عباءتها و تنفث على نفسها مرارًا متعوِّذة منهم : أعوذ بالله وش هالناس !! ليتك كنتي موجودة يمه وسمعتيهم .. أقرفوني
والدتها : عساتس ماقلتي لهم أنتس حامل ؟
مُهرة : بدون لا أقولهم البزر وضحى سألتني
والدتها : هذي بزر !! الا عقرب من تحت لتحت ، الله يزوجها ويفكنا منها !! تراها حسود أنتبهي
مُهرة : ليت بنات خالتي مزنة كانوا موجودات حبي لهم والله بدون لا أحكي يسكتونهم
والدتها : و عسى مرت خالتس مسفر العوباء ماتكلمت ؟
مُهرة : إلأا هي اللي مستلمتني *تُقلد صوتها* من الأصول أنك تنتظرين سنة على وفاة فهد !
والدتها : ماعليتس منهن منقهرات
مُهرة بضحكة : أصلاً بيَّنت لهم أني ميتة على يوسف
والدتها : ورآه ناوية على شي ؟
مُهرة توتَّرت : أكيد يمه يعني إحنا مانصلح لبعض وبعدين كيف تقبلين أتزوج واحد أخوه قتل أخوي ؟
والدتها بحدة : أقول أنثبري مافيه طلاق ولا عاد أسمعتس تجيبين طاريه لا قدامي ولا قدام يوسف وإن سمعت أنتس جايبته قدامه ماتلومين الا نفسك .. أنتِ الحين حامل والله يثبته لتس ومافيه أحسن من يوسف أبو و زوج لتس
مُهرة بغضب : يمه لا تخليني أدعي الحين عليه وعلى هاللي في بطني !! يوسف اليوم ولا بكرا راح يطلقني .. ماراح أعيش مع ناس قتلوا أخوي
والدتها : أسكتي لحد يسمعتس ويحسب أنتس متزوجة واحد قاتل !!!
مُهرة تنهَّدت لتستلقي على السرير القريب من سرير والدتها : يمه الله يخليك الموضوع بيني وبين يوسف منتهي وأنا مابغيت أخبرك بنفس الوقت عشان ماأزعلك بس إحنا أتفقنا وأنا جاية الحين ومالي رجعة له
والدتها ضربت صدرها بقوة مدهُوشة : وشهو ؟ من بكرا تتصلين عليه وتخلينه يجيتس هذا اللي ناقص بعد تبين تهدمين بيتتس بإيدتس وتشمتين حريم خوالتس فينا
مُهرة بحنق : ماراح أتصل ولا تخليني أدخل خالي محمد بالسالفة وتعرفين أنه مايرفض لي طلب
والدتها :والله لا أقِّص رجلتس قص .. لو وصل العلم عند خوالتس الثانيين تعرفين وش بيسوون ؟ ماله داعي أقولتس أنتِ عارفة وخابرة
مُهرة خنقتها عبرتُها وغطت نفسها بالفراش ودفنت وجهها في وسادتِها لتنسابْ دمُوعها بهدُوء وصمت ، تعرفُ جيدًا كيف يتكوَّن عقل خوالها و بما يُفكرون وطريقة تفكيرهم ، و حتى إن تطلقت من يُوسف سيجبرُونها على الزواج من إحدى أبنائهم. لا حل أستطيع أن أهربُ منه إلا " خالي محمد " هو وحده الأكثر تفتُحًا و الأكثرُ رحمةً عليها.
،
رائِحةُ المستشفى لوحدِها تُثير المعدة غثيانًا وتُمرِض المُعافى ، خرَج من جهةِ الطوارىء المُنعزلة عن بقية أقسام المُستشفى ، صمتُها يُثير في داخله ألفْ علامة شك و يعقدُ حاجبيْه بتعجُب ، قادَ السيارة متوجِهًا للبيت و أذانُ الفجرِ يقترب وقته.
، - جالِسة في الأمام بجانبِ والدها التي تكُن له غضبًا شديدًا ، مازالت تشعُر ببعض الألم في رأسها بعد أن تم خياطتُه بعدةِ غُرز وقطعةٌ بيضاء تلفُ رأسها لا تشبه أبدًا تفكيرها السوداوي في هذه اللحظة ، نظرت لساعةِ سيارتِهم لتندهش من الساعة الثالثة فجرًا وهي تتذكرُ أنها كانت مع ضي في الساعة العاشرة أو رُبما الحادية عشر.
والدها : رتول حبيبتي
لم تُجيبه ، تشعُر بقهرٍ فظيع يجعلها تصمت عنه.
والدها : قولي لي بس وش فيك ؟ ريحيني !! كيف طحتِ ؟ ماهو معقول على الأرض ويخيطون رآسك !!
رتيل بصوتٍ جاهدت ان يخرج متزن : طحت على الطاولة
والدها بضيق : الفترة الأخيرة صايرة تداومين بالمستشفى !! أنتبهي الله يخلي لي شبابك.
رتيل أكتفت بتنهيدة أثارت قلب والدها المهمُوم.
،
" الله أكبر .. الله أكبر " أخذ نفسًا عميقًا وهو مُستلقي على السرير لم يأتِه النوم ، أتجه للحمام و توضأ ليرتدِي ثوبه دُون أن يلبس شماغه ، ترك شعره القصير مُبعثرًا و جذابًا على حدِ عينه المُعجبة بشعره. وضع هاتفه على " الصامت " و سقطت عيناه على سواكه ليأخذه متوجِهًا لمسجِد الحيْ الذي يبعدُ عدة خطواتٍ منهم ، دائِمًا إن دخله يشعُر بأناسٍ من كوكب آخر ، صامتُون هادِئون ، نظراتِهم مُريبة مُربكة ، قبل أن يتجاوز سُور المسجِد ألتفت و رفع حاجبه مُستغرِبًا من سيارة بوسعود التي مرَّت ، أطال النظر حتى دخلت السيارة القصر و رآها على جمب ليكشفْ عن الأنثى التي يكسيها سوادُ الحشمة !! " رتيل أم عبير .. مهما تكُن مالذي يجعلهما يخرجان في مثل هذا الوقت !!!!! "
دخل المسجد و تفكيره مشوَّش مُنشغل.
،
وضع رأسه على شباكِ الطائِرة لينظُر للسُحب التي تُزاحم السماء والقريبة جدًا من عينيْه ، مُرهقة عيناه من النظر لغير غادة ، مُرهقة جدًا هذه العينان إن نظرتْ للأشياء و من يُضيئها غائبٌ تحت التُراب ، ما بيننا الآن مسافاتٌ شاسعة مُؤذيـة مُؤرقة. مابيننا حياةٌ طويلة يا غادة.
تنهَّد أمام المُضيفة المُبتسمة برقة " ماذا توَّد أن تشرب ؟ "
ناصر " شكرا لا شيء " .. أنزل كُرسيه ليُجاهد نفسه أن ينام و يبتعد عن خيالاتِ غادة.
جلس بجانِبه في الدرجةِ الأولى رجُل ثلاثيني ذو بشرةٍ شقراء.
ناصِر أستعدل في كُرسيْه فالنوم فعليًا لن يأتي ، أردف : مرحبا
الرجُل بإنكليزيةٍ رقيقة : أهلاً .. رأيتك نائمًا ولم أشأ أن أُضايقك
ناصر : كنت أحاول ولم أستطع للأسف
: يجب أن تُفرغ ذهنك و سيأتيك النوم
ناصر : منذُ ساعتيْن و أنا أحاول النوم ولا عقلٌ ينعس
: العقل يستجيبُ لأوامرنا إن رغبنا فعليًا بذلك
ناصر بإبتسامة دافئة : يبدُو أنني أعصي عقلي
: تعرف شيئًا ؟ في كل مرةٍ ينشغلُ عقلي في شيءٌ مضى ويُتعبني ، أقرأ كتابٌ مُمِل إلى أن أنام ، كل الأشياء الرمادية لها جانبٌ مُضيء و حتى الكُتب السيئة لها جانب جيِّد.
ناصر : و الموت ؟ له جانب مُضيء !
: الذكريات الجميلة هي من تُضيئنا .. أيُوجد أفضل من الذكريات ؟ وإن كانت مُوجعة هي من تُريح القلب في الغياب.
ناصر : الذكرياتْ موتٌ بطيء ننزلق به
: من فقدت ؟
ناصر : زوجتي
بضيق : منذُ متى ؟
ناصر : منذُ عام ، في ليلة زفافنا
: أووه !! أعتذر لذلك
ناصر أبتسم بوجَع : لا بأس ، سنعتاد.
: يجب أن تُفكر بأنَّ حُبها هو من تحيَا الآن لأجله رُغم موتها ، لذلك كُن ممتنًا دائِمًا أنك أحببتها
ناصر و كأنَّ الوجعُ يتشكَل به أو رُبما حاجته للحديث تجعله يحزن أو رُبما لأنه عيد و قلبه مُتعب من أنه عيدٌ لا يضمُ غادة : لم أسخط يومًا من حُبها وهي من كانت خلف كل إبتساماتي و ضحكاتي.
،
أزاحت السماء عن خِمارها لتتوهَّجُ شمسها و السُحب تتراكضُ لدِفئها ، أضاءت دُوفيل و اليومُ مُرادفٌ للفرحة ، أتَى العيدُ مُدهِشًا يتشكلُ على هيئة ضحكة تُبهج قلوب الأطفال والكبار.
أفاقت مُبكِرًا لتُحضِر الفطور ، لا تشعُر بأنه يومًا مُختلف عن بقية الأيام ، العيدُ يأتِي كيومٍ عادي ، لأن لا أحد بجانبي ، لا أُمٍ ولا أب أقبل جباههم و ألفظُ " عيدكم مبارك " ، لا أحد أُعايده و أُبارك له لأشعُر ببهجةِ العيد. و رُغم كل هذا لستُ في منطقةٍ تضجُّ بالعرب حتى ألمحُ العيد في ملامحهم و أسعَد.
قاطع تشابُك تفكيرها المُكتئب الجرس ، خرجت من المطبخ التحضيري وهي تلفُ حجابها على عجل ، فتحت الباب لتتسع إبتسامتها و لا ترى سوى جسدِها وملامِحه تُغطيها بالونـة كبيرة على شكلِ قطعةٍ نقدية من فئة 500 ريال – بانت بها صُورة الملك عبدالعزيز رحمه الله –
وليد بإبتسامة : عيدك مبارك
رؤى : من العايدين والفايزين ... أبتعدت حتى يدخل ، .. الله جايب فطاير
وليد يضع الضفائر الفرنسية من العجين عل الطاولة ويجلس مُبتسمًا : طيب تعالي بوريك عيديتك
رؤى ضحكت لتُردف : مين قدي اليوم
وليد بإبتسامة : توِّك ماشفتي شي
رؤى : وين بتوديني بعد ؟
وليد : بنروح منطقة ثانية بعدين أحكي لك عنها راح تحسين بالعيد وجماله
رؤى أبتسمت وهي تجلس وأمامها علبة من الكرتون متوسِط الحجم طُولي ذو لونٍ زهري باهت و فوقه شريطة بيضاء ، فتحتها بخجل و الفرحة تغمرُ عيناها ، أتسعت إبتسامتها عندما رأت غلافُ الكتاب " أبراجُ المملكة مُصممة بطريقة الكولاج " ، أبعدته لترى علبةُ صغيرة ذات اللون التركوازي من ماركةِ تيفاني ، فتحتها لترى عقدًا كاملاً من الألماس : مررة كثير يا وليد
وليد : كل شيء يرخص لك
رؤى بحرج كبير : لآلآ جد مررة كثير تراني ماأعرف أعبر
وليد ضحك ليُردف : الكتاب راح تكتبين فيه كل شيء يضايقك بوقتها وبعدها تقطعين الورقة وبالزبالة وبينتهي هاللي مضايقك
رؤى بإبتسامة عميقة و عيناها تُرفرف بالدمع : جد مشكوور
وليد : طيب فيه شي ثاني
رؤى أنتبهت للـ " ريال " ، ضحكت : كلفت على نفسك
وليد : جبنا لك ريحة السعودية
فتحت الريال الملتوي حول نفسه ، كُتِب عليه " أعيادك سعيدة "
رؤى تزاحمت بها السعادة حتى بكت ، وليد يمدُ لها المناديل البيضاء : ماأتفقنا كذا ؟ وبعدين الخبز راح يبرد وما فطرنا !
رؤى وقفت وعيناها ممتنة لوجُود وليد بجانبها : 5 دقايق بس و يكون جاهز الفطور .....
،
بعد بُكاء متواصِل جفَّت دمُوعها ، وحدتها في هذا العيد أجبرتها على تنحِي سعادتها لتبكِي ، الغُربة مُزعجة إن أتت أيامُ العيد و الفرح ولم تجد من يُشاركها هذا العيد ، تمنَّت لو أنها بالشرقية الآن وترى والدتها و والدها و تُهنئهم بالعيد. رُغم أنها سمعت أصواتِهم و باركت لهم بالعيد إلا أنها مُتلهفة لملامِحهم و مُشتاقة جدًا.
منذُ ان رحلت ضي وهي تُحاول أن تقنع سمية بأني تأتي لها وتُشاركها الشقة وبعد أيام من محاولاتِ أفنان أتت قبل يومين وسكنت معها.
سميـة تخرج من المطبخ بكُوبِ الحليب : خلصتي من البكي ؟ يختي أنبسطي بس ناقصين هم وحزن !!
أفنان بحزن : هذا اول عيد أكون بعيدة عنهم
سُمية المعتادة على الغربة : تتعودين ، المهم وش تبينا نسوي اليوم ؟
أفنان : وش نسوي بعد ؟ بننثبر هنا !
سُمية : يا كآبتك يا أفنان ، لا ياحبيبتي ترى باريس بتنفجر من العرب وكلهم يحتلفون بالعيد ، خلنا نروح نتمشى وننبسط ونعيش جو العيد
أفنان أنتبهت للظرف الأبيض الذي ينزلق من تحت الباب : شوفي وش جاء
سُمية تركت الكوب على الطاولة و اخذت الظرف ، لتقرأ على ظهره " سُميـة و أفنان " : شكلها دعوة لنا
أفنان توجهت لها لتقرأ معها ، فتحتها سُمية وكانت فعلاً دعوة لحضُور حفلة العيد.
سمية : زين جانا العيد لعندنا
أفنان : لآ وشو ؟ مستحيل أروح ! يعني أكيد حفلة مختلطة وأنا صراحة أخاف وماأحب
سمية : وش فيك ؟ يعني حفلة العيد أكيد الشباب اللي معانا مسوينها .. ومين قال بتختلطين معهم !! عادي إحنا بنجلس بروحنا وننبسط
أفنان : لآ يمه سمية أخاف من هالحفلات وممكن فيها سكر وشرب ومدري وشو
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك