بداية

رواية عندما نستلذ الالم -14

رواية عندما نستلذ الالم - غرام

رواية عندما نستلذ الالم -14

لكَن ألم كهذا يبدو أكثر لطافَة من أن يأتي
ليفرض .. مكانه ويمارس حقوقه كزوج حقيقي لها
أبتلعت أفكارها بصعوبَة
وهي تقترب من الباب ,
فتحته ببطء .. وأخذت الأواني .. ثم أغلقت بسرعة
أزاحت الغطاء عنها ..
فزمّت أنفها من رائحَة الزنجبيل العتيق
الذي داهم أنفها ثم كأنه أزكمها ..
تذّوقته ، لذيذ ..
أو ربما مُختلف عن ما إعتادت أكُله منذ سنة و شهور
بدأت في أكله بنهم .. وهي تهمس لنفسها
..- هوّ لذيذ .. بس تارسه زنجبيل .. لكن طبخه مو سيء أبد
أنهته ثم ازاحته جانباً وهي تشعر بحرارة الزنجبيل
تشتعل في داخلها .. خرجت تبحث عن مياه
فلم تجد سوى عُلبه صغيرة ..
عادت لحجرتها سريعاً .. وهي تقول
...- ميسون راحت بدون ما تقول إذا ما فيه شيء في المطبخ أو
هه .. من متى الاهتمام يا صبا ؟
عقَدت حاجبيها وهي تتابع الحديث مع نفسها
..- بس وش من متى الاهتمام .. لازم أهتم .. مو خلاص بعيش هنا .. ندى ماعاد بتجيني .. و ميسون ولدت .. يعني خلاص بكون لحالي
.. لازم أتكلم وأثبت حضوري
ابتسامة سخريَة طالت شفتيها وهي تلاحظ بجلاء
تغيّرها .. لم تعد صبا القديمَة أبداً ..
أصبحت شخص لا يشبهها تماما ,
هكذا صنعها السجنَ ..
و الآن ستشكَلها الوحدَة كما تريد
حزنٌ بكثافةِ حاجبيْنِ مَعْقُودَيْنِ
عينان مغمضتان على غصّة
نصف إبتسّامة
طوق ذرآع
أقواس بـِ أقطابها أقاوم
جاذبية فوّهة سوداء
انكسرت مرة
انكسرت مرتين
كل موت يتكرر
كل الطرق تؤدي إلي ذات الألم *
* سوزان بتصرّف
*

قّوست شفتيها بألم وهي تتأمل ملامحه المعرضَة
عنها بقوة ..و صوته الصارم يقول
..- كلمَة وما أبغى أثنّيها يا ندى .. لو تعديتي عتبة الباب ياويلك ..
حاولت أن تبدو أكثر ليناً أمام إعتراضَه
..- طيب أنا نفسي أفهم ..؟ ليش لا
نظَر لها بقّوة بدآ لها وكأنها اخترقتها
..- كذا .. بس كذا .. أنا ناقص صقر عشان تكلمينها إنتي ..
هو رجّال و قلنا معليش عيبه معاه .. لكَن إنتي بنّية وعيب تبيتين في غير بيت أهلك ..
..- بس يا بوي هذا بيت خالتي .. يعني كأنه بيت أمي الله يرحمها .. و بنتها صديقتي .. مريضَة و انآ جالسة معاها
..- ليش وبنتها ما عندها أهل يعتنون فيها ..
زفرت بتعب وهي تحاول أن تبدو أكثر هدوءاً
لتستدرجه صوتها الذي بدأ يلين
...- إلا يبا .. عندها .. بس تدري منيرة في بيت زوجها .. وأمها حرمة عجوز ما تقدر ع الدرج
نهضَ وهو يضَرب بعصاه الطويلة أمامه
كعلامَة لإنهاء الحديث
..- أجل خليها تنزل لها .. و خرجه يا ندى لغير الدوام ما فيه
و رحَل
هكذا اعتادته يراقب كُل تحركاتها
لذا كانت أيامها مع صبا .. مُترعة بالقلق و التوجس
لقد جعله صقر مًفرط في الحذر أكثر من ذي قبل
يشك فيه حتى النخاع
لكَن الأول يصر على أن يجعَل الأمر طي الكتمان
و المشكَلة أنها هُزمت في النهايَة
فلا طاقَة لها للحديث مع الأول و إقناعه
و الأخر مثله تماماً
ليس في يديها شيء ..
سوى أنها تركت يدها تحتضَن رأسها تواسيها وشفتيها
تنطَق بهمس
..- محد راح فيها .. غيرك يا صبآ ... الله يقويك
خرجت الدعوة الأخيرة صادقة
من قلبها .. !
رغُم كُل ذلك التغير الذي طرأ على صديقتها
إلا أنها تؤمن بإخلاص أنها ما زالت تحمل في داخلها ذات القلب المترع بالدلال ..
ذاته القلب الذكي المثقف المتوقد بالحماس
كانت تحذرها من اندفاعها في كُل الأمور
لكَن الأولى كانت تخرج من تحذيراتها بتهكمات قليلة
تُنهي بها الموضوع
أما الآن فلن تساعدها تلك القسوة واللا مُبالاة المرسومة
على ملامحها أن تواجه صقر !
فهو سيدهما .. لكَن شيء ما أقضّ مضجعها طويلاً ..
كثيراً ما يراودها شعور .. يحوي صقر بين جنباته
وأخشَى ما تخشاه
أن يكون ظّنها صحيحاً
نظَرت للأعلى وهي تفكَر
..- وش تسوين اللحين يا صبا .. قابلِك ولا ما بعد شافِك !
و ليس لها سوى أن تتخيل و تنتظر
لكَن رغبة غريبَة دافعها . . " جرأة قوية " !
جعلتها تلتقط هاتفها ,
لتحادثه .. أنتظَر الرنين ، ،
الذي تواصَل طويلاً ثم انقطع
عضّت شفتيها بألم حين حلّق خيالها لتلك النقطَة
لأول مرة تتصَل و لا تلقى جواباً
نهضَت وأخذت تذرع في الغرفة ذهاباً و إياباً
ثم توقفت تراقب شاشَة هاتفها
وهي تهمس بصَدق :
..- يالله إنك تستر
*
..- أوقف زين يا ولد
وضَعت ملابسه العلوية جانباًَ
فأحتضَن جسده الصغير بكفيه
وهو يهمس بِ
..- برررد
ابتسمت له وهي تعود بملابس أخرى
..- هاذي جزاة إلي يوسخ ملابسَه .. يالله أرفع يدّك
رفع ذراعيه للأعلى
فاتسعت عيناها بصدمة حين وقعت على ذلك الشيء
في جانب بطَنه الأيمن
لمسته بإصابع مرتجفة وهي تقول بألم
..- مين سوا فيك كذا يا ماما ؟
نظَر إلى ما أشارت إليه وهو يقول بسعادَة
..- إيوآ هاذي أبله سحر .. عضّتني ... وانا بـكيت .. و و بعدييين ها ..
نظَر لأخيه الذي دخَل للحجرة وبين يده أكوام من الحلوى
..- معااااااااااااذ أبا أبا معاك
أمسكت بإحدى ذراعيه بقوة وهي تنظُر لوجهه و بصوت أقرب للصراخ قالت
..- كـــمّل .. شافها بابا ؟
حّرك رأسه بخوف وهو يقول
..- إيوة .. و خاصمها وهي صاحت ..
وابتسم ،
أتمّت ترتيبه و قلبها في داخلها يرتجف ..
لم يشفي غليلها مجرد صراخ
هذا ما كانت تخشاه و حدث
دلفت سمية للغرفة وهي تقول بصوت خافت
..- يالله ، تراهم جَو ..
كلمَة خاطئة في توقيت خاطئ بالنسبة للأولى على الأقل
اتسعت عينا سمية وهي تحدق في وجه أختها
..- دعااء .. ليش وجهك أحمر كذا .. ؟ وش صار ؟!
كانت لا تعي ما تقوله أختها بجوارها ..
وإنما أكتفت بالتحديق في وجه صغيرها
الذي راح يتمّلص من بين يديها القويتين
ثم بدأ بتحريك ذراعيه بقوة يرجو أن تبتعد عنه
اقتربت منهم سمية وهي تمسك بذراع أختها
..- دعااء ... خلّي الولد !
وحررته .. !
أخطأت منذ البداية .. و لكَن ما الذي يعنيه هذا
نظَرت لأختها وهي عاجزة عن التفكير في أي
شيء سوا غضب يأكل قلبها
..- شفتي ..؟
بخوف أجابتها
..- وشو ؟
بصوت ذاهل
..- عاضته .. عاضه براء ببطنه ..
شهقَت سمية بصدمة !
بينما حّل الظلام فجأة في عيني دعاء
نهضَت وهي تخرج سريعاً
تلحق بخطاها سمية التي راحت تهمس لها برجاء
..- دعااء تكفين .. لا تسوين مصيبة اللحين .. أمه وأخته مالهم دخل .. فكري بعيالك ومصيرهم
لم تُجِبها وإنما كملت طريقها للأسفل
دلفت للمكان وهي تسلم على الموجودين ببرود رغم كُل ذلك الغضب المشتعل في عينيها
بينما تراقب والدتها ملامحها باستغراب
جلست حيث أشارت لها الأخيرة
و زوجة عمها تتكلم برزانة
..- شلونك يا دعاء ؟ و شلون عيالك ..؟ و الله إني مفتقدتهم ومفتقدة حسّهم بالبيت عندي ..
اكتفت بالصمت .. لكَي تكمل أم حسن بدبلوماسية
..- يا بنتي الطلاق مهوب زين .. ولا هو حل لخلافتنا و كل زوجين بينهم مشاكل ... فلو شد الحبل إرخي إنتي ، والعكس .. كذا بيصير توازن
زادت ضربات قلبها مع كُل كلمة تنطق بها
هل سيطلقها ؟ .. هل فكّر بأن يفعل ؟ هل سيتداعى الأمر إلى هذا الحد ؟!
..- و ترى وافي زوجك .. وله الحق يرجعك بالقوة لو يبي .. بس حنا ما نبي هالشيء يصير .. إنتي إرجعي وهو ما بيغيب عن عياله ..
عقدت حاجبيها وهي تقول
..- وشلون .. و مرته ؟
حّركت الأولى رأسها بتوتر
..- إيه ... بتسكن معكم ..
اتسعت عيناها بصدمة
..- وشــــو !
,
أكملت سريعاً
..- شوفي .. أنا جاية أردّك لبيتك .. بس هو قال إن هذا شرطه لو ما تبين تر . . .
قاطعتها
..- لو ما أبا ارجع بأجلس هنا .. وصَل كلامه يا عمتي .. وشكراً على كل شيء
حّركت رأسها بتوتر وهي تقول لها بيأس
..- يابنتي تراني مانيب مرسولة من طرفه .. ولا هو بعاجبني حاله .. ما خذن وحده أستغفر الله مدري وش أقول .. ولا حنا عارفين أهلها ولا وش هم .. وإلي شفناه في زواجهم من مصخرة كفّتنا .. يرضيك لا تطلّقتِي يعيشون عيالك .. مع وحدة مثلها ؟
نعم , آخر ما كنت تود سمعه الآن
هو حديثهم عن أبنائها
نهضت وهي تزفر بغضب ،
..- إذا هذا كُل إلي عندك .. فعلمن يوصله ويتعداه.. خليه يطّلقني .. وعيالي يشيلهم من راسه ..
صعدت تجرجر أذيال حُبٍ أنتحر أمام عيناها منذ لحظات ،
تتذكر الآن كُل اللقاءات
وفي كُل مرة ترمق نظرة مختلفة في عيناه
لكَن ما إن يستدير تقسم
إن ملامحه تتحول كـ ملامح شيطان
تُمعن في إغضابها .. و إستفزاز كُل شعور بالود داخلها
وقفت أمام النافذة كما أعتادت أن تفعل دائماً
تتأمل الحُرية من خلف قٌضبانها
تنظَر طفليها بالأسفل يلعبون بصمت رغُم كُل المرح البادي على وجوههم
هكذا تتمنى .. أن تتحول كُل الصور في عقلها كتلك الصورة
التي تراها عبرَ النافذة
ملونة - مرحَة .. لكَن بصمت !
طرقات الباب تعالت خلفها
و بدون أن تحرك عينيها حتى .. أجابت
..- أدخلي ..!
فُتح الباب وأغلق .. و صوت مُختلف يتسلل لأذنيها
..- حتى لو أنا
اتسعت عيناها وهي ترمق ملامحها المحببة إلي نفسها
..- أوه .. أهلاً وعد .. تفضَلي ،
ثم وبنظَرة خجل سريعة على الحجرة
..- سامحيني الغرفة مكركبـ
قاطعتها وهي تقترب منها
..- خليها مثل ما هي .. عادي
ابتسمت لها .. ثم وقفت بجوارها
..- أكيد دايماً توقفين هنا ؟
بقيت صامتة هادئَة بعكُس تلك الثورة المتأججة داخلها ،
عينيها توقفت عند نقطَة معينة أمامها ..
ثم عاد صوت الأخرى يهمس برجاء
..- دعاء .. في شيء لازم تعرفينه .. وافي واضح عليه قدام الكُل .. إنه موب مرتاح في زواجه .. واضَح إنه كارهها !
لم تجبها أيضاً .. بقيت تتأمل ذات النقطَة التي
راحت تتأملها منذ البداية
..- يتركها بالساعات لوحدها بالبيت و ما يرجع إلا تالي الليل عشان ينام وبس .. فاهمَة .. هي بنفسها اتصلت علي ذاك اليوم تبكي وتقول لي هالكلام .. تقول لو ما يبيني يطلقني .. وإلي لازم تعرفينه إن إلي تزوجها صغيرة توها 17 ... كُل هالكلام لازم يكون عندك .. عشان تعرفين إن وافي يبيك وشاريك .. أكيد بتقولين لي ليش ما خذها ..بقولك أكيد فيه موضوع بينكم وهو بيقهرك .. عشان كذا تهور وسواها .. و أمي تحاول تعرف منه المشكلة عشان نحلها لكَن هو عيّا يقول شيء .. و بعدين ترا
قاطعتها بحزم
..- من جابكم يا وعد ؟
عقدت حاجبيها بإستغراب لسؤالها
..- السواق .. ليش ؟
أشارات بأصابعها الطويلة و بسخرية
..- وش جاب سيارته هنا أجل ؟
نظَرت لحيث أشارت فاتسعت عيناها بصدمة
..- وافــــي
وبسرعة قالت
..- جوالك معك ؟
أجابتها بتوتر
..- إيه
..- طلعيه ودقي عليه .. بسرعة
فعَلت ما أمرتها به وهي تتأمل ملامحها الحازمة بخوف
وقلبها يلهج " يارب ماتصير مصيبة ... يارب "
وعندما وصَل إليها صوته
..- وافي ..
أخذت الهاتف من بين يديها وهي تقول له بذات الحزم
..- أدخل المقلط الخارجي أنا اللحين نازلة لك
.
.

كل ما غفا !
و احترقت وسادْته ..
رتّل حزن ,
يومين هذي عادْته
لين الصبااااح
يا خافقي قمنا !
قمنا نعلم هالعصافير - الجراح
وشلون لا نمنا ؟
ثم خان شباك الغياب احبابنا
خذهم بعييييييد
و صرنا ندوّر كل صبح اسرابنا !
عيد غيّابك سعيد
عيد غيّابي سعيد
ما دامهم اسرى - بنا !
أطيِح, لكنْ لايجيّ ف بالِك إنّي -فشَلت’
شِف إل مطَر! لامِنْ طا ا ا ح ,
....................هَالدنيّا تعِيشششششً!


اللذة الثامنة عشرة

على سفح الجبَل جلس و نار صغيرة
تتراقص أمامه , فتعكس على ملامحه الجامدة
تفصيل سوداء قاتمة بقتامة أفكاره
أخترق المشهد صوت هادئ محذر يقول
..- بس تراهم موب هينين وأنا أخوك .. ولزوم تنتبه
ألتفت له بعد بضع ثواني
..- لا تخاف يا خالد .. لا تنسى إني كُنت منهم بيوم .. وكاشفهم وكاشف ألاعيبهم
عقد الأول حاجبيه وهو ينهض وينفض ثوبه
..- حتى لو .. على العموم حنّا بنتواجد في الموعد وعلى اتفاقنا ..
يالله أترخص أنا ..
ثم هبطَ الجبل من طريق سالك نحو الأسفل ... حتى ابتلعته الظُلمة هناك ..
تتحرك فيه رغبة مشتعلة ، بأن ينهض و يركض نحو المزرعة
ثم يخترق حجرتها و يهشّمها سحقاً .. بين أضلاعه
يرقد في داخله شعور .., لم يتذوقه قبلاً
و لا يدري أي عمى ذلك الذي يقوده
ليتحسس طريقه نحوها دائماً .. وبلا شعور
شوق يداعب قلبه الفظّ بقسوة لم يعهدها على نفسه
لا يدري لم ينفق الكثير من المال ، لإصلاح هذه القرية الخربة , في نظره
من باب الصدقة فقط .. رُبما - بل و لا يخفي إنه يفعلها من أجلها
لم يعتاد على أن يُسدي معْروفاً لأحد
لكنه سيعتبرها تكفير , لذنبه الأكبر
التقطت إذنه صوت احتكاك قدم شخص ما بالحصى خلفه
لكَنه لم يلتفت فقد توقع حضوره
و بصوت بارد قال
..- تأخرت ..!
انطلقت ضحكة صغيرة مزعجة من ذلك الشخص الذي ألتف
حوله وجلس حيث كان خالد منذ برهة
..- ذكي يا بو الذياب .. بس العسكري ما راح بسرعة .. ولا أنا من أول هنا
صمت هو بينما استمرت عينا صقر تحدق في النار
ليكمل الأخر بصوت استفزازي حاد
..- وش إلي تبيه منّـآ ؟
وبذات الجمود أجابه
..- أبيكم تخرجون من هنا ..
كشّر الأخر عن أنيابه و قال
..- هذا مكانّا من الأول .. وحط في بالك إننا ما ندري وش إلي تخطط له
لم يتلقَى إجابة فأكمل بذات الحِدة
..- شف يا صقر .. الزعيم ماقدر يجي هالمرة .. لكَنه متوعد لك .. إحمد ربك إنه خلاك تروح عنّا بدون لا يلاحقك بكل مكان .. و ممكن يقتلك .. أكفي نفسك الشر و أختفي أحسن لك ..
نظر إليه مباشرة و ملامح الاشمئزاز تلوح على ملامحه
..- مانيب جبان يا جربوع .. وش يدريكم أصلاً إذا كنت تبت أو لا لآء .. وترآ مثل ما تشوف الشرطة حولكم هنا .. و بإشارة منّي أبيدكم .. لكَني ما أبي أتهور .. قفله هو يحمد ربه إني ساكت له
صمت عن المُتابعو وهو يعقد حاجبيه
فقد أستعجل قول ذلك كثيراً ..
نهضَ و قد استحالت عينا الأخر لـ شرر من شدة الغضب
..- لا تستفزني .. إنت عارف وش يعني انتقال لمقر جديد .. بالنسبة لعصابة مخدرات فيها مبتدئين ..
أجابه بصوت متهكم وهو يبتعد عن حلقة الضوء مكملاً ما بدأه خطأً
..- مبتدئين .. هاذي قوية في حقكم .. إنتم أغبياء .. ولا بتتقدمون خطوة الأمام .. مدام ذاك الأعمى زعيمكم
حّرك الأخر رأسه بازدراء وهو يقول
..- صقر تراك تجني على نفسك ..
لاحظ حركت يده السريعة , فرفع صقر يده وهو يهزها أمامه ببرود
..- لا تحاول تطلع شيء .. ترا المكان مراقب ..
رأى انعقاد حاجبيه وهو ينهض ليبتعد عنه
ويغرق في الظلام
وأصوات خطاه تبتعد شيئاً فشيئاً عن محيطه
أقترب من النار وأطفئها ..فعمّت ظلمة القاتمة في الأرجاء
انحنى وهو يلتقط قطعة فحم و يرسم بها أشكالاً - بدت كعبث أطفال ..
ثم نهض وابتعد .. و هو يتذكر موعده مع خالد غداً
اتجه نحو القرية وضوء البدر والوليد يستطَع بضَعف كَاشفاً له الطريق حيث سيارته ..
لكن ذراع حديدة أحاطَت رقبته بقوة
و أخرى غرزت شيئاً حاداً في خاصرته
و أخرى قيدت قدميه
ليتهاوى عقله بلا إدراك في عُمق غيبوبة
صُنعت له .., و جنى فيها على نفسه
*
كانت تجلس وحيدَة حينما تداعبت شفتيها ابتسامة لم تلبث أن تتحول
لقهقهة عاليـة مسحَت على إثرها دمعَة انزلقت من عينيها لفرح
..- هههههههههههه .. لا مو قادرة ههههههههههههههههه .. أحسَن أحسن هههههههههههههههههههههههه
زجَرتها الأخرى وهي تلوي شفتيها بغضب
..- صكّي فمّك يا نوووووور .. ولا قسماً
استلقت الأخرى على بطَنها وهي تحاول أن تتماسك
..- ههههههههههه ..بس ههه إلي يشوف شكلك هههههههه
مالت إلى الخلف وهي تزفر بعصبية مفرطَة
..- وش أسوي كله من مرجانوووه الخايسة .. بس أنا أوريها
جلست و مازالت بشفتيها
..- طيب مافي شيء يحوج كُل هالعصبية ..
استحال وجهها للأحمرار وهي تحّرك يدها في الهواء وكأنها تضرب أحداً
..- أقول لك بغت تمسكني و تأخذني إنفرادي ..
أشارت بإصبعها وهي تخبئ ابتسامتها باستماتة :
..- حتى لو .. ولو مَرضتي اللحين وش بتسوين
حّركت ملابسها المببلة جداً
..- طُززززين .. أحسن من إني أجلس لوحدي ..
دقائق مَرت استلقت كُل منها على جانب
بينما بدأت الأخرى في الارتجاف فعلاً
نظَرت نور نحوها وهي تهمس لها
..- نّوير شفايفك زرقَن ..
ثم نهضَت لتبحث لها عن ملابس بين أكوامها
ابتسمت نوير بسخرية
..- وش تسوين .. لا يكون تدورين لي ملابس من مقاسك .. إلي مدري ألبسها ولا أسويها طرحَة
..- هههههههههههههههه .. لا إنتي مو دبة لـ هالدرجة
..- تسلمين على الذوق
ابتسمت لها ، ثم عادت من حيث أتت فكُل ما لديها صغير حداً على حجم نوّير الضخم بعض الشيء ..
مّرت ساعة وأخرى
والأولى تحاول أن تتجاهل أنين صديقتها
لكَن البرد أشدت عليها فما بالها بها هيّ
المبللة حتى آخر قطعة ..
فتوجهت لباب الزنزانة أمسكت به بشَدة وهي تحاول أن تصرخ بأعلى صوتها , صرخة عشوائية بلا معنى
و ابتسمت حين لمحت تلك الاستجابة السريعة
تقدّمت منها حارسَة جديد لم تراها من قبل
قالت لها برجاء
..- أدخلي وشوفي نوير.. ملابسها مغرقة ماي و ماعندنا غيار لها
ردت عليها بهدوء يشبه حدّت تقاسيمها
..- وليش ما عندها غيارات
فكذبت
...- راحو الغسيل .. وهي تبللت وهي تغسّل حمام .. أخاف تمرض
راقبت ملامحها لدقائق بعدها
عادت من حيث أتت
لم ينبأ وجهها عن أي استجابة لسيل المشاعر التي رسمتها
نور على وجهها .. لذا
لم تصَنع في قلبها أمل بعودتها
عادت لصديقتها
احتضنتها وهي تشعَر بل البلل يطالها
ثم همست في إذنها
..- تدفّي كذا .. مع إني بردَانة ..
لم تعَلق الأخرى فعادت لتقول
..- نويّر وش فيك
فتحت الغطاء عن وجهها لتجده استحال - أبيضاً شاحباً
وهي تبتسم لها صعوبَة عبرت
..- ترا مايليق عليك
عقدت حاجبيها
..- وشو ؟
بسخرية
..- الحنان الزايد هذا
إلتفتت نور نحو باب العنبر حين سمعت أحدهم يهمس بإسمها
.. -هلا .. فيه أحد يناديني
كان الصوت قادم من ظلمة العنبر المقابل لهم
إقتربت من الباب وهي تقول
..- ميـن .. شدون !
..- إيه أنا .. وش فيها نوير ؟
..- راحت لقسم القتل .. وبغت تكشفها زنوبة
..- إيييه .. وشفيها مبللة كذآ ..
عضّت على شفتيها لتكبح إبتسامتها
..- كانت متخبية صوب حزانات المـآء .. ففكرت تبلل نفسها عشان ما تشك زينب إنها كانت تبي تروح لذاك القسم
..- إيييييه .. عشان كذا جوآ وشالوا غياراتها
حّركت رأسها بالإيجاب وهي تجيبها
..- إيه عقاب .. تقول عشان تنتبه ما تسويها مرة ثانية ..
..- تسوي وش .. ؟
ضَحكة قصيرة إنطلقت منها وهي تستدير لترى عينا نويّر التي تشتعلان غضباً فأجابتها
..- تحججت إنها بتغسل ملابسها يوم بللت نفسها فـ
..- إيييييييه .. فهمت فهمت .. والله إنك ذكية يا نوير
تكّلم صوت أجش من عنبر شادن
..- بس وش ذا العذر .. ما فتشلت يوم قالته
رفعَت نوير رأسها بإعياء وهي تقول
..- إيه الله يوريني فيك يا جوز الهند .. وأسكتن تعال يا نور هنا
نفذت طلبها سريعاً .. وهي تدرك كم تكره نوير هذه الأولى
بعدها سمعن أصوات في المرر هُنـآ
ثم فُتح باب السجن لتدخل .. إحدى الحراسات تحمل معها بدلة بيضاء م رتبة بعناية
أقلقتها بلا مُبالاة على " نور " وهي تقول
..- خذي .. و بدون إزعاج إنتي وهي
حّركت نور رأسها بسعادة
..- الله يعطيك العافية .. شكراً .. شكراً
ثم خرجت .. ألتفتت نحو صديقتها
وهي تساعدها على الجلوس
..- يالله نويّــر .. ألبسيه .. عشان تدفين وتنزل حرارتك
يالله ..
تركتها حتى انتهت من إرداء ملابسها الجافة
و بينما أبعدت هي المبللة عنهما في ركُن العنبر
ثم عادت لها وهي تقول بهدوء ..
..- نامي .. يالله حبيبتي عـشـ ..
قاطعتها الأخرى وهي تدفعها بعيداً عنها
.. -أقول أنقلعي بس ..
..- هههههههههههههههههه .. وش أسويلك يوم إنك خبلة من الدرجة الأولى ..
>
<
نظرت نحوها الأولى ببراءة
..- أنا الخبلة
فاتسعت ابتسامتها
..- لا رجسة ..
ابتسمت لها وهي تقول بهدوء
..- تصدقين ..؟
..- وشو ؟
..- أفتقد رجسَة ...
..- تتوقعين أفرجوا عنها ...
..- ما أظن قضيتها .. قتل مو مثلنا
..- إييه الله يعينها
..- بكرة بدورها بالمصلى
وبخبث سألتها نور
..- لا ليش مو اللحين
حَركت رأسها بذعر نافية

يتبع ,,,,,

👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -