بداية

رواية عندما نستلذ الالم -22

رواية عندما نستلذ الالم - غرام

رواية عندما نستلذ الالم -22

مطّت شفتيها وكأنها تبتسم و دمعَة حمقاء تُمر من خلالها .. لتثَبت دائماً بأن السعادة ليست سوى حُزن
خرق القاعدة
لم تقابل أي من ذاك المدعو خالها
ولا حتى ريم .. ولا خديجة حتى ..
هل فرحوا وأخيراً لرحيلها ؟
هل هم سعداء لتحررهم منها ؟
رٌبما إذاً ليست في حاجة لتسأل عنهم بعد الآن ... أبداً
أراحت رأسها على المقعد خلفها
و السيارة تحمَلها بسوادها و بياضها
لتلقيها بعيداً .. في مَزبلة
تُقسم أنها ستصنعها بنفسها
> سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
..- حجرة ورقة مقص .. حجرة ورقة مقص
كّورت قبضَتها .. بينما فّرق هو أصابعَه
فضَحكت بخفة
..- ههههههه .. فُزت
..- لاآآ . أنا إللي فُزت .. الورقَـة تغلب الحجرة ..
عَقدت حاجبيها و الإبتسامة ما زالت معلقة على شفتيها و كّورت قبضَتها
وهي تقول
..- خطأ .. الحجر يسَحق الورقَة ..
..- زيـن .. أختلفوا العلماااء ..
اعتدلت في جلستها و عيناها تجولان في المكان
قبو متهالك .. لكَن كبيــر .. مكتوم و معبأ بالغبار و الأتربة
عدا أن هُناك فتحات تهويّـة .. قليلة قد نُسجت عليها خيوط العنكبوت ..
بينما جَلسـت هي و الطفَل ابن الست سنوات
بالقرب من الباب الحديدي المُفضَي إلى الطابق الأعلى المُتهدّم
و نسرين قد أرخَت رأسها على ذراعها و ربما نامت
أصوات همهمات خافتَة تصَدر من عُتمة القبو
و التي تضيئها بعض فوانيس زيتية قديـمَة
همّها أن تضيئ فجوة الفراغ حولها فقط ..
وتترك الأخرين غارقين في ظُلمَـة
أسندت رأسها إلى الجدار المًتشقق خلفها
و أسنانها تَلمَع إثر إبتسامَة طالتها قسَراً
لأن قلبها مضيئ- متلئلئ كما لم تشعر في حياتها من قبل .. و تخجَل من أن تبدو هكذا أمامه
فقد تصّنعَت الصَدمة .. و الزعَل
لكَن الحقيقة أن قلبها يتراقص من شدة سعادته
رغُم أنه تركها و الصغير بعدها هُنا ورحَل
شعرت أنها تود اللحاق به .. و البقاء معَه بالخارج
أو حتى تسأله أن يبقى بخير
من أجلها على الأقل
لكَن حيائها يُحسِن إليها لأول مرة في تاريخَه
و يتركها تتقَلب هُنا شوقاً .. و تبتسم
لمَحها ذلك القريب منها فقال بنبرة مُرتفعَة نوعاً ما
..- شو بكي عَم تتضّحكي ؟؟
لملمت ابتسامتها و نحّتها جانباً
وهي تقول بهدوء
..- لييش فيها شيء ؟ ؟
أتكأ عليها وهو ينظَر للباب ..
..- إِمتى بيرجعو الرجال .. أبا كرسيّ ..
حزنت من أجلَه .. فبدا جلياً .. أنه يبذل مجهود خرافي ليبقَى مُستلقي على هذه الأرض الصلبَـة
أسندته إليها وهي تُربّت على كتفِه
..- راجعــيـن .. بإذن الله راجعيــن
و كأنها كانت مع موعِد بهِم .. إذ فُتح الباب بقّوة
وهبّت نسرين بُسرعة من مكانها
و وقفت هي الأخرى خلفها
لكَن القادم .. لم يكُن أياً من رجالهم
بل مُجَرد .. جُنود
إسرائليين
>أستغفر الله العظيم
*
تماماً .. كَ أسوأ إحتمال قد تصَفه لنا عُقولنا
أستندت للجدار خلفها .. وسمحت لقدميها المسلوختين
بالإسترخاء قليلاً أمامها
عينها تتأمل تجاويف الجدار المُتأكِل أمامها
و صوت الأخرى يخترق ضجّة رهيبة قائمة
داخل فؤادها
..- بس أكــــيـــد مـــو قتل
أستغرقت بضع من الوقت لكّي تعيد ترتيب أفكارها
وهي تحاول ان تبّسط الأمر على روحها اولاً
..- لا مو قتل ..
جيّد جداً ..، دائماً هُناك ما هو أقسَى من الآمِنا
لدى أشخاص نعشق أن نقارن أنفسنا بهم
علّنا نحرر شيء من الخواء الذي يحتضَننا
...- بس أنا ... دخَلت بُتهمة .. ههههه . بلاش ما أقول تُهمة لأنني ما اٌتهمت في شيء .. أنا سلّمت نفسي بنفسي
لفّت أناملها الطويلّة محاول احتضان فكّها لكي لا تفغره من دهشَتها
وهي تُردد بذهول خرج في صوتها قسراً
..- إنتي سّلمتي نفـــسـك ..!!
و كأنها لم تَنتبه لـ تعجّب الأخرى
لتُتابع بجُهد
..- كان لازم آخِذْ جزاي ...
رٌبما هي تواسي نفسها .. أو هكذا شعرت " نور" الذاهلة
فقالت تَحُثّها
..- طّيب .. إنتي دخَلتي عشان قضية زنـ .. قصدي يعني قضّية أخلاقيّة ..
إلتفتت نحوها ببطء وشبه إبتسامة متهدلة على طرف
شفتييها
مما حثّ الأخرى على المواصَلة وهي تقترب منها
..- كان زين .. سكتّي على نفسِك .. و
قاطعَتها بحَزم مُرهق
..- لاآآآ .. أنا قٌلت كان لازم أخذ جزاي
..- أنا قصدي لو كان غصَب إلي صار لك فـ..
..- مــــوغصـــب .. مــآ كان غصــب .. كان بكيفي .. أنا رحت له برجليني .. محد منعني .. محــد وقفّني .. حتى بعد ما رجعَت .. محد أفتقدني .. وحــتى لمّا دريـــت بحملـي .. وسكَت عليــه محد حسّ فيني أو فِ تعبي ..
سكتت لأن شهقَة كبيّرة خَرجت منَها ويدها تمسَح الدموع بقسوة من على خدّيها
..- بس ... بس أنـ ـا .. قلت مادام إنها بتكون فضيحَة ف فضيحَة .. خليني أتعاقب و أنجَلد ..
حتّى ... حتّي لما دخَلت السجن .. بعد 3 أيام خّرجوني لغرفة الإدارة .. فرحت .. قلت يمكن أحد تذّكرني .. بس طلع أبوي .. أكلمه بس ما يرد عليّ
أطلَبه يسامحني .. ما يرد عليّ .. صارخت عليه إنه هو والسبب .. سكّر الخط بوجهي ..
هههههههههههههه
فجأة إخترق حديثها الأليم ضَحك
ضَحكت بهستريا .. فأمسكت بكتفيها نور
تحاول تهدئتها .. وصوت الأولى يتابع
..- هههههههههههه .. تدرين هههه .. كان متصَل ليه .. هههههههههه .. موب داري وش هي فعَلتي .. و بيعرف ينفع أطلع بكفالة أو لا ههههههههههههه.... تعرفي ليــه .. هههههههه
عشـــآن يســتر على نـفسـه .. و ما تنهزّ سمعَتـه
ثم تقّوست شفتيها بـألم قّوي .. و ملامحها تتمعّر
لعِظَم الخطيـئة !
..- وأنـــآ .. وأنـــــآ .. محـــد لــي
لكن لا .. الله فوووق و هو معـي .. عارف إنّي تُبت
و هّو بيقبلها منّي
و أنخرطَت في بُكاء مرير مُوجَع .. لسامعَـه
و ضّجت العنابر الأخرى بصداه
حتّى تعالي نحيب الآخرين لنشيجها
و بكَـت نور .. حكاية صديقتَـها
هكـذا هُم بعضُهم .. يُكّلف على نفسَه قليلاً
حينما يُقرر أن يُنجب أبناء
و يتكّلف كثيراً .. حينما يتركهُم ,
بلا تَربية !
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
،
... - لا والله .. دامك خاااايف على العيال و أمهم .. تكون هاذي سواتك .. بالله عليك إنت ما تستحي على وجهك .. تارك جوالك بيد البزر .. و إلي ترسل رسايل عوجا لأختي ..
أعتلت الدهشَة ملامحه بقّوة .. و الصدق يخَرج صادقاً
بنفسَه هذه المَرة ..
و بدون أن يتحدث
رفع هاتفه .. و عبث به قليلاً .. ثم ناوله له وهو يقول بحزم
...- ويــــن إلي تقـــــول عنّه .. خذ و فتشّ الجوال .. ما فيــــه شيء .. أكيـــد إنك فاهم السالفة غلط ..
لكَن الثقة لم تُبارح صوته وهو يجيبه
..- وافي ... أنـآ مو جاي أضاربك .. لكَن هي كلمة .. وخلال أسبوع .. وكثيرة عليك .. ورقة أختي توصَلها .. لو ظّلت البزر على ذمّتك ..
و تجاوز بعد أن دفع بإصبعيه أعلى كتفه
و غـــآدر ..
ألــقَــى " وافي " بهاتفه الممدود أمامه وهو يزفر بغضَب
..- يـــــآ ذي السالـــفة إلي موب خــالصيـن منها ..
ثم دلف " بندر " للمكان وهو يهمِس
..- وط صوتك .. صاير ما تستحي ...
أمسك بكوب الشاهي الساخَن و أخذ يشَربه بقّوة
..- بنَدر أقصر الشر .. و أنقلع من وجهي .. و لا بيجيك إلي ما يسَرك
صّر الأول على أسنانه ليكتُم غيظَه و جلس بجوار
صقِر الذي قال
..- و متى بتروح لهم .. ؟؟
..- بكُرة إن شاء الله
تدخّل بندر
..- و سحـر .. وش بتسّوي فيها ؟
..- بضَربها و أرميها من الشباك
ثم نظَر نحوه بقّوة .. جعَلت الأول يعقد حاجبيه
والأخر يكمل
..- مو هذا إلي تبونه .. هه .. المتهم برئ حتى تثبت إدانته
زفر " بندر " بغيظ
..- أعوذ بالله منّك
فتدخّل هنا صقر
..- المهم لا تخلّي السالفة معلقة ولا تعقّدها .. وشف لك حّل مرت الأولى .. إذا هي إلى منها الإزعاج طّلقها .. وتذكّر العيال إلي بينكم .. و لا أقول لك خذهم وخليهم عند
الثانيّـة ..
عقد " وافي " حاجبيه وهو يرد على الأخر بقوة
..- لاآآآ .. خلّك إنت وحلولك .. أنا بتصّرف مع دعاء
ثم إلتفت بندر نحو صقر وهو يقول
وهو يلتفت نحو صقر ويهمس له
..- أقول .. ترا بحط علم في راسك .. يمكن أمّي تقرر تروح للمزرعـة
أسّود وجهه " صقر " و أختلفت تعابيره
ليتابع الأخر
..- هي عارفَة إنها حاطّـه البنيّـة .. هناك .. بس إلي ما تعرفه .. ويـن وش حالها .؟؟؟
نظَر له بقّوة وهو يحاول أن يبدو طبيعياً
..- وش قصَدك ؟؟
..- إنت فاهم قصدي ..؟ ترا ما تعرف إنك تزوجتها ..
شَرق الأخر بشرابه .. و أخذ يسعُل بشِدة ..
و الآخران ينظران نحوه ببرود
و كُل منهك غارق بأفكاره .. ليقطعها عليهم
..- يا ذا العِلم إلي نسيته .. بتقَتل أمي لو دَرت عن سواتك .. إنت قلت لـأبوك ؟؟
حّرك " صقر " بعد بٌرهَة .. رأسه نافياً وهو يقول ببطء
..- لا .. بس أبـوي حاس يعني لو قلت له ما بيتفاجأ إن تـ
قاطعَه " بندر "
..- لاآ .. بيتفـآجأ لو عِرف من هي إلي ما خذها ... بتجَلطَه .. بس لازم ينتشَر الخبر .. و عمّي إلي هو أبوك .. خلّي إختك تقول له ..و شوي شوي ... نجلس كلنا مع أمي و نفهمها
زفر " صقر " بقوة
..- زيـن .. تكفى يا بندر .. حاول إنها ما تجي .. على الأقل في هذه الفترة .. صبا بحاجَـة لتأديب .. و إعادة تأهيل قبل ما نطَلقها للناس .. فـــآهم قصدي إنت
حّرك رأسه بالإيجاب بينما ألتزم وافي الصمت
و خرج سامحاً لهُم بالرحيـل
و ترك لأفكاره الفوضَى
على أمل أن يُرتبها بعد حين
،
في الطريق نحو المزرعَة
إنطَلق صوته حازماً في غمرة الهدوء المحيط به
..- مهوب شغَلي .. أكيـد بعد ما بصكّ الخط منّك .. بيسألك عنّي .. قولي له .. إني تزوجَت صبا
أشتدّت قبضَتها هي على هاتفها .. و عينا والدها سارحَة للبعيـد
..- ماشاء الله عليك .. إنت إلي تسّوي المصيبة وأنا إلي أوقف في وجهه المدفَع .. تدري .. منيب قايلــة له و لا شيء .. لين توعدني إنك تأخذني لها ..
لا يُريد هو أن يفعَل .. الكُل يطَلب مشاركته
وهو يتمنّى أن يستفرد بها .. حتى ولو لأيام
نطق بحزم
..- أوعدك .. بس قولي له بأسلوب هادئ .. وعادي
كأنك تفتنّين علي .. مو كأني مرسـلك .. يعني أ
قاطعَته بسُرعة
..- فااهمَـــة .. وأعرف أتصَرف
و أغلقت الخط على وجهه
ألقى هاتفه إلى جواره .. وهو يشعل سجارته الخامسَة لهذا المساء ..
و يداه تقودانه نحوها .. ليتابع
ما بدأه .. سريعاً
قبل أن يكُشف كٌل شيء

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
*
حتى في السجن الإنفرادي .. لم تكُن وحيدَة أبداً
لكَن هنا .. تعذيب من نوع مُختلف ..
تستلقي بملل في كُل مكان .. حتى تشعَر بالغثيان
من كُل ما يحدث حولها .. وقفت لساعات طويلة
أمام النافذَة تنتظَره .. و تعود بنظَرها
نحو الحبل الذي تركه أرضاً
أمسكت به .. وربطَت يديها به
ووقفت أمام المَرايا تتأمل نفسها
ابتسمت وهو تحدّث نفسها بصوت مسموع
..- لــو ربطَني .. بأقتله
مع علمها أنها أكثر ضعفاً من أن تفعَل ذلك ..
ثم داهم عقَلها صوت ..
وكأنها تتوهم خطواته الصَلبة .. و التي تُهشّم الحشائش
من تحتها
و عندما زادت إرتفع الصوت .. و سمعَت صوت الباب الخارجي
يُفتَح .. أيقنت بقدومَـه ..
عاد نظَرها بإتجاه الدولاب .. الذي أحتضناها قبلاً
تركت الحبَل و أبتعَدت بهدوء عن الباب
حينما ظَهر أمام عينيها الآن
شعرت بصوت قلبها يجلجل بصراخته داخلها
لكَن جّربت كُل الطُرق .. ولا شيء سيمنعه
شعرت به يقترب .. وعيناها عاجزة عن قرأت ما يدور في ملامحه ..
يدَه السليمَة أحاطَت بها .. و أنفها يشَتم رائحة السجائر الفاخرة التي يقتاتها ..
خارت قواها فأمسك بها بقّوة
و جّرها نحو السرير .. هو الأخر مُرتبك لأخر قطَرة
من العرق الذي راح يتساقط منه
ثبّتها على السرير .. و أبدأ في ربطَها
وهي مُستسلمَـة .. لكُل حركة يصَدرها
شيء ما أشبه ببرودة تتسرب إلى قلبها
وعيناها تشتتان النظَر في كُل ما حولها
في الجٌزء البارز من خلفيّة السرير راح يربطَها
وهو يجلس خلفها ليثبّتها بقربه
هكذآ .. يريد أن تمارس هي الحُب أيضاً ولو بتمثيلية
حتى لو قيّداها .. لينال مطَلبَه
لكَن إستسلامها .. أخافَه ..
نطَق بصوت قاسي بارد عكَس ما يُكَن في جوفَه تماماً
..- وش فيــك .. ما ترافسيـن مثل العادَة
و ما فـآجأة هو إجابتها الساخرة .. بصوتها المُحبب
..- وش وله المرافس مع .. حقيـر مثَلك
أغمض عينيه بقّوة .. مُبتلعاً الأهانـة فهو يستَحق ما هو
أكثر .. لكَن يبدو انها فطَنت انها لا تقوى
عليه .. إذاً لا حاجَة لتقييدها
لكَن لرغبَة في نفسَه
قيّدها ..
وأشعَل سجارته وهو يجَلس على الأريكَة أمامها
أمتلئت الغُرفَة بالدُخان المُلوث .. إثر ما يحَرقه
و أما هي فقد أدركت أنها تصّنعت التجاهل كثيراً
فبدأت تسعَل وهي تقول
..- كتمتني الله يأخ*** .. أنقلع من هنا ..
لا تستطيع الآن .. سوى ترقيع كرامتها
من مُنطَلق " قوة العبارة "
أما هو فلَـم يصدَره منـه سوى برود مُطلق
أسندت رأسها بتعب من وضعيتها
التي بدأت تؤلمها
وشعرت بالظَلام ينتشَر بالغُرفَـة
يبدو أن الوحش .. قرر النوم أو الرحيـل
لكَن ثُقل جثَم على السرير .. جعَل الخيار الأول هو الراجح
وإن كان ذلك حقاً .. فهو يقوم به مُبكراً
إذ أن عقارب الساعَة لم تتخطّى التاسعَـة بعد
أنفاسَـه المُلتهبَـة الساخنَـة .. تزيد من حرارة الجو حولها ..
تتمنى أن تتلاشى في هذه الظَلمَة وتختفي .. لتستيقظ تحت وقع .. المياه الباردة هُنـا
يدُه تُحّرك شعرها الطويل الراقد بجوارها ..
فيجتذبه بقّوة حيناً .. و يمسّد عليه و على رأسها في حين أخرى ..
حاوولت ترك كُل ما حلوها أصَم أخرس من هذه ا لضجّة الذي تعتمل داخلها ..
شعَرت به يهدأ .. فبدأ قلبها بالتراجع من جريانه اللاهث
إستدارت بصعوبَـة .. وهي تخشَى أن تحُرك السرير
بما قد يوقظَه
ومع إستدارتها
سقطَت دمعَة إختزنتها منذ البدايَـة .. و أطلقتها حيث لا يراها سوى خالقها
تمتمت بأذكار النوم .. وهي تدعو الله أن لا يجافيها
فعاجلها ربنا الرحيـم .. بنومَـة أخرسَت حواسَها
إستيقظَت بسبب الألم الذي طال ذراعها كُلها
قلَبت نفسها بصعوبـة .. و تنفست بصعوبَـة
فلا أحد هُنـا .. رحل وترك الباب موارياً
نظَرت للساعَـة فوجَدتها الحادية عشرة و نصف زائد عنها
لم ينم طويلاً .. لما رحَل مًبكراً إذاً
صدرت منها آه حارقَــة .. حينما حّركت إحدى قبضَتيها
فقد وثّق رباطها ..
تركت كُل هذا ..
ففي داخل هذه غرفة غارقة في العتمة
تمدد جسدها الضئيل
وأنفاسها المضَطربة جاهدت للالتقاط الهواء
سُحبْ بيضَاء تحومْ حولها
بسمفونيّة مُخيفَة وكأن ذرات الدخان
نور يضيء جوانب الشر
ليكشف هالات الألم بعمق موغر في روحها
يداها المزرقتان من قوة التقييد راحت تؤلمانها بشَدة
وكل ذلك البرد يكـآد يقتلها
فُتحَ الباب ببطْئ شديد
لينتج عنه صرير عالٍ جداً
وتتحرك قدمانْ بوهنْ نحو سريرها
ويد معروقَة تُدخَل وعاءً من الطعامْ
وتلقيه بهدوء بالقرب منها
وصوته المهتزْ يزحف نحوها
فتحشرج في حلقها تنهيَدة ملتاعة
- هذا عشاش يا بنت ... باييش غدوة ( بَ أجيك بكرا ) ،
فتحَت عيناها تراقب رحيله
ورائحة الزنجبيل
تسللت لأنفها بعُنف جعّدت على إثره ملامحها
وكأنهم بدأو بتعذيبها بشكل مختلف
هو ليس وحده المسؤول عن ما ألمّ بها .. حتّى جدتها أو من ربتها لـ كأمها ..
لا تستحق كٌل الـألم المُترع بجذل داخلها
يدها تئنّان تحت وطأة قيدها !
ابتسمت بجذل ميّت ،
..- آكل .... ويدّي ..!
إذاً .. ستنتظَر حتّى يعود الأسد لعرينَـه
ليفكّ أسرهـآ
ذلكَ البحر الممتد
من جرحِكَ البعيد
إلى دمعِ عيوني
تراهُ يبكي
في الليلِ
.مثلنا؟ *
* سوزان
مسـآء الود .. و الإعتذار
أعَلم بأنني مُتخمَـة بالأعذار .. لكَنها فترة تقييد بالإختبارات .. و التي ستتضخم أعبائها عند 15 - 6
لكّني لا أُريد جعلكُم تنتظرون ..
لذ سأتخذ منهجاً جديداً .. خططت له مسبقاً ..
بينزل كُل يوم جُزئيّة طويلــة .. عن شخصّيـة وحدة أو شخصيتيـن حسب ما يتطلب الأمر
و بعد الجُزء سأُحدد موعد الأخر و سيكون بعد أيام منه بإذن الله
و اليوم بنّزل أول هذه الأجزآء ..
كذا و أتمنى من الله أن ينال ذلك على رضاه سبحانه وتعالى
ورضاكُم
وكونوا بخيــر
ووآتنفّس رغم هذا الضيق في صدر المدينة ..!
*. . . . وآتبـسّم حتى ـآ لو مابه : عصا ا ا ا ا فير وألوان !
* بتصرف
اللذة السابعة و العشرون
وقفت وهي تجّره لـحضُنها و تستشعر بألم فزعَه
الذي تحّول لإرتجافة قّويـة سَرت إليها
لأول مرة تراهُم من هذا القُرب شيء
أقرب للسعادة جعل قلبها يسترق نفساً عندما رأته هو و أخر يقفان خَلفهُم
رأت نسرين تقف أمامهم بثبات و تسألٌهم بعربية فصَحى
..- ماذا تُريـدون منا .. هذا ملجأ للمرضى وليس ثكنة عسكرية
عينا " فيصل " تُحذرها بأن تبقى على جانب
و علّقت هي نظرها به بودّ غير ظاهر
لكَنّه تشتت حالما سمعت تلك النبرة العربية الركيكة
..- نعلم هذا .. لكن جاءناكم تُداوون .. العسكريين هنا
ثم ألتفت لمساعديه وهو يصَرخ بصوت مُرتفع
ليفهم الجميع
..- أخلوهم من هُنـآ .. و أفصلوا الأطباء منهم عن المرضى
أصوات الذعُر من النساء تنتشر في المكان
صيحات الخُوف من عواقب خروج في هذا الوقت المُتأخر مع حالة المبنى فوق .. أي مكان سيسعُهم
لكَن الناس هُناك ليسوا عاديين فالإحتلال حكاية طويلة لم تُطويها الأيام لكَنها صنعت في دواخل
الأطفال ثبات يجزع منها كبيرنا
بيد مُرتجفَة من نظرات ذلك اليهودي التي يتأملها بإشمئزاز شديد
حمَلت " عمر" ضامر الجسد بين يديها فتشبَثت ذراعاه النحيلتان بعُنقها ، و عينا الصغير تلمح والدته تقترب منهم من الخلف
تَحركت سلمى بدورها حيث الباب
ولسانها يلهج بالدعاء أن يحفظُهم من بطش هؤلاء
لكَن طرف البُندقية أوقفتها من أحدهم
إلتفتت له بعينان شبه مُغمضتان من الخوف
لتسمع صوته الذي يٌغلفه نفس كريه من هذا القُرب
..- إنتي مريــــضـة ؟؟
تلعثَمت و أرتبكت لتسمع صوته هو من على بٌعد
..- نعـــم هي مريـضَـة .. دعها تتحرك
أبعد وجهه عنها و رفعه نحو " فيصل " الذي يقف أعلى الدرج و أعطاه جانبه ليكُمل ترتيبه لهذا الأمر الذي لم يتوقعه بتاتاً
تنفس براحة حين وجدها و قد أصبحت أمامه
همس لها
..- معك أوراق الإثبات ..
حّركت رأسها سريعاً وهي تجيبه بذات الهمس
..- نرجع للمركز
هذا ما تتمنى سماع الإجابة عليه في هذه اللحظة ..
تفتقد أخوها وبشدة .. وهاهم تشّردوا قسراً
لا مأوى لهُم سوى هُناك
رأته يأخذ نفساً عميقاً وهو يدفعها أمامه بلُطف
..- روحي اللحيـن معاهم .. وبعديـن بنتفاهم
لو كان الموقف أكثر إعتيادية بالنسبة لها
لتسّمرت في مكانها بدون أن تتزحزح حتى
تحصل على جواب مُطمئن
لكَنها أبتعدت وكم هائل من الخوف يتسلّق جوفها
ليضيق بها .. و تستشعر ثقُل عمّر رغُم خفّة وزنه
لحقت بالسيدات و عيناها تتابعه من خلف كتفها
و ابتسامة مُحرجة تظهر فجأة ثم تختفي
حتى أختفت أجسادهم في الظلال يقودهم أحد المُمرضيـن
لمأوى أكثر بُعداً
عن بيت لآهيا .. وعن حُسام
تعود بأنظارها للوراء لتجد كُل ماخلفها موحش مٌظلم تعودوه
وصلو لمنزل صغير جداً وقفت صاحبته لدى الباب
دخلت و جلست عند أول زاوية تُصادفها أراحت عُمر في حُضن والدته و دمعَة تنزلق على خدّها المُتسخ
لتشٌق طريقها نحو الهبوط
إتخذت ركُن لها وعقلها يتحرك بسُرعة قصوى مُحللاً كُل تلك الأحداث التي مّرت بها
لوكانت تُدرك من أشهر قليلة سابقـة أنها ستمُر
في كُل هذا الألم و الحُزن والخوف
و الجوع أيضاً
لما تكبّدت عنائه .. لكَـن سعادتها بزواجها لا تقاوم
ابتسمت بحرج في وسط الإضائة الخافتة للمكان
وهي تسترق النظر للوجه علّ أحدهم رآها
ثم عادت لـ عالمها وعقلها يطير لتلك اللحظَـة
"
ترتدي عباءة ضيقة تكشف أكثر مما تستر و يخرج من بين فتحتها الطويلة ساقيها الدقيقين يخرجان بإغراء
واضَح مع بنطالها الـ " سكيني " التي ترتديه
ومما ساعد على بروزه أكثر هي
خطواتها السريعة المُتعجّلة و صوتها ينطَق بتوتر كبير
لـ صديقتها أمامها
..- لولو .. ياويلي .. شكله شافني
لتنطَق الأخرى على عجل وهي تنحرف يميناً
..- إنتي خبلة .. ورطّتينا مع ذا الغبي .. قلت لك لا تورينه وجهك ..
إعتصرت هاتفها وهي تبحث بسُرعة عن رقم السائق
الذي تركته بإنتظارهم أمام البوابة
لقد اختفت " صديقتها " وتركتها .. تباطأت خطواتها تبحث عنها بعينيها
لكَن صوت حديدي مُستعر من خلفها نطق
..- إنتي ما تستحين على وجهك ..
بقيت مُتصنّمة على وضعيتها و الأخر يكمَل بقوة و صرامة
..- خارجة بهالمنظَر للشارع ... وهذا وأخوك حاطك فوق راسه .. أجل لو هو مهوب معّبر لك حال .. وش كان سويتي
إزدردت ريقها حينما لاحظَت أنظار المارة لهُم
إلتفتت نص إلفتاتة
..- لو سمحــت .. مالك حُكـم عليّ .. فلا تجلس تقرقر
كثير
وأنجدها صوت الهاتف .. حيث صديقتها
تنتظرها بجوار السيارة
*
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
مررت أناملها الرقيقة على شفتيها و ذكرى مُحاولتها
حينئذ مسَح أكبر قدر من مُلمع الشفاه
و لتقليل من حجَم الكارثة التي أحدثتها
تتذكَر جيداً ليالي الخوف التي حاصرتها
فقط لكي لا تسٌقط من عيني شقيقها
لكَنها تعلّقت بالأول مع مرور الأيام
لأنه صمَت ولم يُخبره بها .. تدُرك بحاسَة أنثوية
أنه ربمُا مازال غاضب منها مع أن الحكاية قد مر عليها ما يقارب السنتين ..
و متأكدة أنه ما زال يتذكرها
رفعت عينيها لباب الحُجرة الصغيرة التي تحتويهم
لتجد صاحبة المنزل وزوجها العجوز يناولون النساء و الأطفال القليلين الذين لحقت بهم خُبزاً ليأكلوا
أيدي الجميع تتناوشه لكي ينالوا حصصهم
وصَلت لها قطَع صغيرة أنحنت و وضعتها بجانب " عمر " النائم بجوارها
و صوت إنفجار بعيد يُسبب إهتزاز ضعيف لجدران المكان

يتبع ,,,,,

👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -