بداية

رواية وش رجعك -29

رواية وِش رجعك - غرام

رواية وش رجعك -29

أغلقت هاتفي ودخلت داخل المنزل .. بدلت ملابسي .. وتوجهت لأمي الجالسة مع أخواتها في الصالة .. قبلت رأسها .. وأمسكت يديها .. قلت بتوسل : يمه ادعي لي من قلبج ..
تبسمت بحنان : الله يوفقك يوليدي .. شفيه وجهك منخطف لونه ؟
قلت لها : ادعي لي يمه .. واذا رديت أقولج ..
قبلت رأسها مرة أخرى وخرجت مسرعا حينما ضاءت شاشة هاتفي بإسم عادل .. لكن عمار سحبني من ذراعي : شصاير ؟ وين بتروح ؟
قلت له : أنا بروح .. بس اذا احتجت لمساعدة .. بدق عليك .. تعالي عند بيت أحمد .. بس من ورى .. بحيث إن محد يشوفك ..
قال لي : بجي معاك من اللحين ..
قلت له وأنا ابتسم : اللحين روح لأميرة في شقة عادل وخذها معاك في السيارة انطرونا .. أخاف يصير شي ووليد يروح لها ..
ركبت السيارة .. وتحركنا نحو القصر الكبير .. وأنا طول الطريق .. أذكر الله .. وأدعوه أن يساعدنا على تحرير دعاء .. أوقف عادل السيارة بعيدا عن منزله .. وتسللنا خلف المنزل .. لأن أبو وليد لم يكتفي بحارس أو اثنين .. وكأنه مستعد لمجيئنا ..
رفعت عادل على كتفي .. وجلس على جدار المنزل .. سحب يدي .. وتمكنا من الدخول .. مشينا بحذر بين الأشجـار .. لحين أن اقتربنا من المسبح .. هناك .. سمعت صوت الكلب .. ارتبكت : عدول سكت كلبكم ..
ارتبك هو الآخر وهو ينظر لبيت الكلاب المفتوح بابه : فتحو الباب لهم .. محمود ما أقدر أسكته .. عندنا خمسة .. وكل واحد بمكان اللحين .. انتبه لا ينتبه لنا ..
مشينا بحذر أكبر .. متسللين إلى البوابة الخلفية للمنزل .. وعندما اقتربنا من الباب .. ارتفع صوت نباح الكلب .. وانتبه لنا حارس من الحراس .. أطلق طلق ناري .. ارتبكت من الخوف .. وقلت لعادل : مسدسات بعد ؟ ولا بيت وزير ..
ضحك عادل : الي أعرفه إن أبوي عنده مسدس بس بخزنته .. هايلين ما ادري شسالفتهم .. ما كانو ببيتنا من قبل ..
دخلت داخل المنزل .. وهو يلتفت يمينا ويسارا ليدخل .. لكن أحد الحراس .. ضربه بعصا على رأسه .. وجره بعيدا .. كنت سأنقذه .. لكن عادل وهو يتوجع أشار لي بأن أدخل .. فعادل قادر على أن يحمي نفسه .. عكس دعاء .. الفتاة الضعيفة ..!
اختبأت بالمخزن .. وأنا أسمع صوت أبو وليد .. يبدو أنه علم بأمر دخولنا .. ويضن أن عادل وحده من دخل .. وهم مشغولين بأمر عادل .. خرجت من المخزن .. وصعدت الدرج كـاللصوص .. بسرعة كبيرة .. رأيت عادل يبتسم لي وهو يصرخ على والده .. وقفت محتارا .. وأنا انظر لعدد الأبواب .. أين تكون هي ؟
رأتني خادمة .. وكانت ستشي بي .. لكنني غطيت فمها .. وسحبتها بعيدا عن الدرج .. همست لها : وين دعاء ؟
قالت بخوف : ما في يعرف .. انت في روح .. بابا في يقتل انت ..
تبسمت .. لم أعتد أن أخيف أحدا ما .. أخرجت من محفضتي عشرة دنانير : هذي حقج .. بس قولي لي .. وين دعاء ؟
أخذت الدنانير وقالت بخوف وهي تشير إلى أحد الأبواب : هني ..
تركتها وهرولت ناحية الباب .. حاولت فتحه لكنه محكم الإغلاق .. رأيت النافذة .. الحمد لله أن هناك نافذة للمخزن داخل المنزل .. أدرت وجهي أبحث عن شيء أكسر به النافذة .. رأيت تحفة .. سحبتها .. وسميت باسم الله .. وأنا أرميها على النافذة ..
وانكسرت النافذة .. دخلت منها .. والدم خرج من كفاي وذراعي الأيمن .. بسبب الزجاج المكسر .. لكن هذا لا يهمني .. كل ما يهمني هو أن أنقذ دعاء .. رأيتها مستلقية على الأرض .. وهي تهمس : من ؟ أحمد ؟
ركضت ناحيتها .. رفعت رأسها ووضعته على قدمي .. وأنا أنظر إلى وجهها المليء بالجروح .. قلت بوجع : دعاء انتي بخير ؟
همست : محمود ..
تبسمت : ايي .. محمود الي يعتذر لج .. وربي ما توقعت إن بصير لج جذي .. كنت متوقع إن وليد بجي ..
قاطعتني وهي تضغط على كفي : محمود لا تكمل .. بس طلعني من هني .. جسمي كله يألمني .. ما عدت أحس بشي من كثر الوجع ..
قلت لها والدمع لمع بعيناي : بطلعج يا بعد كل هلي .. تحملي شوي ..
قالت : محمود طلع القزاز من يدي أول .. بموت منها .. ما أقدر أتحمل أكثر ..
تناولت يدها .. ورأيتها غارقة بالدم .. كيف أخرج قطع الزجاج : من الي سوى فيج جذي ؟
قالت : ومن غير أبوي ؟
قلت لها : أخاف يألمج اذا شلتهم ..
قالت : ما عليه .. بصبر .. أدري فيك بتحاول قد ما تقدر ما تألمني واجد ..
أغمضت عيناي أقوي قلبي .. فتحتهما وأنا أصلي على محمد وآله .. رفعت ذراعها .. فسمعت صوت تأوها .. سحبت القطعة الأولى .. ورأيت دمعها يسيل .. الثانية والثالثة .. قلت لها : تحسين في بعد ؟
قالت وهي تبكي : لا .. اللحين طلعني من هني .. بختنق من هـ المكان ..
رفعت كفي ومسحت دمعها وأنا لا أشعر بما أفعله : خلاص حبيبتي .. لا تصيحين .. اللحين بنطلع ..
قالت لي : حبيبتك ؟
تبسمت بوجع : ايي حبيبتي .. بس مو وقته اللحين ..
خلعت جاكيتي .. قطعت منه قطعة .. وربطتها على ذراعها .. وألبستها إياه .. فقالت : اقطع منه ولف يدينك بعد ..
قلت لها : ما يهم .. أهم شي انتي ..
نهضت .. ورأيت نافذة أخرى تطل على خارج المنزل .. فتحتها .. وبحثت عن حبل .. والحمد لله عثرت على حبل .. ربطته بالنافذة .. ورميته .. ثم التفت لها : تقدرين تقومين ؟
قالت : ما ادري .. بجرب ..
قلت لها وأنا أساعدها على النهوض : حتى لو يألمج .. خلنا نحاول نسرع ..
أجلستها على النافذة .. وساعدتها على الخروج : تمسكي بالحبل عدل ..
قالت : اوك ..
قلت لها : نزلي شوي شوي .. ولا تطالعين تحت ..
بعد فترة .. وصلت إلى الأسفل .. وسندت جسدها على الجدار .. تبعتها .. وقطعت الحبل حينما انتهيت وحملته معي .. ساعدتها على النهوض .. ونحن نمشي بهدوء وحذر .. كي لا يرانا أحد الحراس .. وصلنا نحو الأشجار .. سندتها على الجدار .. وأخرجت هاتفي واتصلت لعمار : الو ؟ ويينك فيه ؟
قال عمار : مثل ما اتفقنا .. ورى البيت ..
قلت له : كاني بنفس المكان .. برفع لك دعاء وخذها للسيارة اوكي ؟
قال : اوك .. يلله بسرعة ..
مددت الحبل على الجدار .. ورميته للخارج : عمار جود الحبل عدل ..
قال : كاني جودته ..
التفت لدعاء : يلله اركبي ..
قالت بتعب : انت أول ..
قلت لها : ما في وقت دعاء .. بسرعة ركبي ..
تمسكت بالحبل .. وصعدت لحين أن جلست على الجدار .. وأنا أراقبها بخوف .. رأيت عينيها تنظران إلى شيء خلفي .. التفت للخلف .. ورأيت حارسا يقترب منها صرخت عليها : دعاء يلله بسرعة ..
قالت لي : ما بروح .. ما بخليييك بروحك ..
قلت لها بغضب : موب على كيفج .. ( صرخت على عمار ) عمار نزلها ..
طاعني عمار .. وأصبحت خارج المنزل .. التفت للحارس .. فرأيته يركض نحوي وهو يشير إلي .. بسرعة كبيرة صعدت على الجدار .. وأنا أنظر إلى الكلب الذي يقف تحتي وهو ينبح .. سميت بسم الله .. والتفت للطريق .. ولأن بعض الخوف تملكني .. لم أنتبه .. فسقطت على الأرض ..
ظهري .. كتفاي .. قدماي .. أشعر بأنني أتكسر من الوجع .. مشيت بصعوبة نحو السيارة .. فتحت الباب الأمامي .. وتحركنا بسرعة ..
==

[ عمـــار ]

أنظر من المرآة الأمامية إلى أميرة ودعاء اللتان تضمان بعضهما وهما تبكيان .. أرغب بمواساتهما .. ولكن .. جرأتي لا تساعدني .. فماذا سأقول لهما مثلا ؟!
التفت لمحمود .. فرأيته يدلك جسده وهو يتألم .. سألته بخوف : تبي نروح المستشفى ؟
قال لي : لا .. طيحة بسيطة ..
قلت بذات الخوف : بس شكلك تتألم ..
تبسم وهو يغمز لي : بذلت طاقة واجد .. وأنت عارف شنو أقصد ..
تبسمت له بشفقة : للحين ما راح هـ الفايروس ؟
قال : والله ما ادري شقولك .. مرة كأني حصان .. ومرة أتعب .. خلها على ربك ..
كنت سأتكلم .. لكن رنين هاتف محمود سبقني .. أجاب بسرعة : هلا عدول ؟ شصار لك ؟ وينك فيه ؟ درو إن دعاء محد ؟ بجون بيتنا ؟ وين نروح عجل ؟ اوك .. حصل خير .. لا لا تخاف .. أميرة ودعاء بعيونا .. انت حاول تطلع .. ما بيقدرون يسوون لك شي الحراس إذا درو إنك ولده .. اوك .. تحمل بحالك .. بحفظ الله ..
قالت أميرة ودعاء بصوت واحد : شصار ؟
التفت لهم وهو ابتسم : ما صار شي .. بس هم درو إنج محد .. واللحين بجوون بيتنا .. لأن لما سألو عادل .. قال لهم إن أحمد رد من السفر وأخذ دعاء وأميرة .. بس هم مو مصدقين .. فبجي وليد بيتنا .. لأنه شاك إنكم معاي ..
سألته : واللحين وين نروح ؟
ليقول : بنلف في الشوارع .. وبعد كم ساعة نرد البيت ..
فقلت له : وليش الشوارع وبيتنا موجود ؟ الليلة بتباتون في البيت .. وانت ترد بيتكم وكأنك ما تدري بشي .. عن لا يشكون ..
قال : بس ..
قاطعته : اششش .. ما ابي أسمع شي ( التفت لأميرة ودعاء ) ترى فطوم بتستانس بكم ..
ابتسمتا بحزن .. وسألهم محمود : شرايكم ؟
قالت أميرة : ما نثقل عليكم ؟
قلت لها : شهـ الكلام ؟ في أحد يثقل من هله ؟
تبسمت أميرة : مشكورين ..
قلت لها : ترى أزعل هاا .. على شنو تشكرينا ؟ بس رديها إذا احتجت لمساعدة ..
ضحكت : تامر أمر ..
[ محمود ]
خالتي بس .. تعبتي نفسج ..
قالت وهي ما تزال تدلكني بالزيت : استح على وجهك .. اذا ما دلكتك أدلك من ؟
قال عماد : وأنا ولدج ؟ وين رحت ؟
رمقته خالتي بغضب : ومحمود بعد ولدي ..
تبسمت لها بمحبة : الله يخليج ويحفضج لنا ..
خرجت فطوم وهي مبتسمة : ماما أبي لحفة زيادة ..
دلتها خالتي مكانهم .. ثم قالت لعمار الذي وصل توا بالعشاء : قوم انت واخوك رتبو في الصحون ..
فتح عماد عينيه بصدمة : ماما .. احنا نرتبه ؟ عجل فطوم شنو شغلتها ؟
قالت : بتقعد مع ضيوفها .. يلله بدون صوت .. تحرك انت وياه ..
قال عمار وهو يدخل المطبخ : بس لا تقولين بعدين قصر .. ولدج هذا درام .. أضمن لج بيبلعه نصه ..
ضحكت عليهم .. وقلت لخالتي : خالة بس ..
التفت إلي وكأنها تنتظر منذ أن وصلنا أن تختلي بي : محمود قولي بصراحة .. ما تعورت ؟
قبلت رأسها : كان يألمني شوي .. ولما دلكتيني راح الألم ..
لتقول : الحمد لله .. كسرت خاطري الصغيرة .. شنو سمها ؟
تبسمت : دعاء ..
لتقول : ايي .. دعاء .. هذا مو أبو .. ذبحها الله يذبحه .. يوليدي بخليك وبروح أداويها ..
ربت على كفيها : خالة انتبهي لها .. خليهم بعيونج .. أنا بمشي البيت اللحين ..
ابتسمت لي : ما توصي حريص .. ومثل ما وصيتك .. لا تشغل بال أمك ..
هززت رأسي بإيجاب : ان شاء الله ..
قبلت رأسها مرة ثانية .. وسلمت على عادل وعماد .. وخرجت من منزل خالتي قاصدا بيتنا ..
ولأن سيارتي ليست معي .. مشيت راجلا نحو المنزل .. كان الهواء باردا .. وبعض قطرات المطر .. تهطل بهدوء .. من دون برق أو رعـد .. وكأنها تحاول أن تهدأ فزع قلوبنا ..
رفعت رأسي إلى السماء .. وأنا أضع كفاي بجيبي بنطالي .. أتذكر كل ما حدث اليوم .. أشعر بحيرة .. بضيــاع .. حاولت أن أنسى أفكاري المجنونة بالتفكير ببيان .. اشتقت لصوتها .. سأتصل لها الليلة .. أسألها عن أخبارها ..
وأنا أدخل البيت .. رأيت سيارة مرسيدس سوداء تقف عند مدخل المنزل .. وحينما رآني سائقها .. ترجل .. ولم يكن سوى وليد .. تبسمت له باستهزاء : توه منور الفريق ..
رمقني بنفس نظراتي : من وين جاي ؟
قلت له بسخرية : بأي صفة تسألني ؟ أبوي وأنا ما أدري ؟
ضحك ساخرا : بسم الله علي منك .. تصدق إني أفكر أبدل اسم ولدي .. خايف عليه يطلع مثلك ..
تبسمت : والله ؟ تصدق أحسن .. أخاف أكره اسمي بسببه ..
رمقني ثانية : من وين جاي ؟
قلت له بابتسامة صادقة : الجو حلو .. الهوا بارد .. ومطر يطيح .. قلت أتمشى شوي .. أنظف رئتيني بهـ الهوا ..
ليقول : وتبي تقنعني إنك مو ورى سالفة دعاء ؟
ما زلت مبتسما : يعني أفهم من كلامك إنها خلاص ما عادت في بيتكم ؟ يعني أحمد قدر يطلعها ؟
ليقول : أحمد مسافر ..
قلت له : والمسافر ما يرجع ؟
فقال : يعني عندك علم بالموضوع ..
لأقول : اكييد .. أمس أحمد رجع .. وكان في شقة عادل .. عاد لما تأخرت دعاء .. قالت له أميرة انك جيتها .. وتوقع إنها في بيتكم .. وراح هو وعادل بيتكم يجيبونها ..
ليقول : وانت ليش تقول لي هـ الكلام ؟ تبي تستفزني مثلا ؟
هززت رأسي بإيجاب : تقدر تقول ..
رفع كفه لصفعي .. لكنني سبقته وركلت قدمه وأنا أدخل إلى البيت : لا تمد يدك .. لأنها اذا انكسرت .. تأكد إني السبب ..
ليصرخ : وربي بتندم .. وقول وليد ما قال ..
قلت له بابتسامة باهتة : بنشوف ..
دخلت المنزل .. وقبلت رأس والدتي .. سألتها عن علي والتوأمان .. فقالت بأنهم نائمون .. نظرت إلى الساعة .. فكانت الثانية عشر والنصف فجرا ..
سألتني سبب تأخري .. سكت حائرا .. فقد وصتني خالتي أن لا أقول لها شيئا .. لكنني أرغب بأن أفصح لها عما بقلبي .. فاكتفيت بالصمت .. وهي فهمت أنني لا أود إخبارها .. وضعت رأسي على قدمها : يمه .. لا تزعلين مني .. ما ودي أضايقج ..
مسحت بكفها الحانية على رأسي : وأنا أقدر أزعل منك يا نور عيوني ؟
قلت لها وأنا أغمض عيناي : الله يخليج لنا ..
فقالت : ويحفضك من كل سوء بحق محمد وآله ..
بعبارتها هذه تذكرت تهديدات وليد .. فهمست لها : يمه ..
قالت لي : عيون أمك .. خير يوليدي ؟
فتحت عيناي .. وبحركة سريعة .. ضممتها .. فقد كان قلبي يدق بسرعة .. وشعور بالاختناق يلازمني .. أرغب بالبكاء .. فبكيت في أحضانها .. ارتفع صوتي بالبكاء وهي تمسح على ظهري ورأسي .. كعادتها أمي .. لا تسألني عن سبب ضيقتي .. وإنما تجعل من حضنها وسادة لأحزاني .. ومن كفيها .. منديلا .. تمسح به دمعي ..
مسحت دموعي : ارتحت يمه ؟
قلت لها وأنا منكس رأسي : ايي .. واجد ..
سألتني : يلله قوم نام .. الوقت تأخر .. وبكرة عليك دوام ..
قلت لها وأنا أنهض : ادعي لي يمه .. من قلبج ..
تبسمت : الله يحرسك .. ويعطيك على قد نيتك ..
قبلت كفيها .. ودخلت إلى غرفتي .. بدلت ملابسي .. جددت وضوئي .. صليت ركعتين .. ثم فتحت القرآن .. قرأت سورة الواقعة .. قبلت القرآن .. ووضعته فوق الرف .. سجدت له .. وناجيت ربي ..
بعد دقائق .. رفعت رأسي .. مسحت دمعي .. وتناولت هاتفي لأتصل لبيان .. لكنها سبقتني .. فهاتفي كان يرن باسمها ..
==
[ بيــان ]
حينما أجابني : هلا بلي توني بتصل فيها ..
قلت له بسرعة : محمود والي يسلمك كلمني من غرفتي ..
قال لي : تامرين أمر .. كم بيونة دفوشة عندنا ..
قلت لها وأنا ابتسم .. فقد اشتقت له : وحدة بس .. وزين تتحملونها ..
وصلني صوت ضحكه : افا .. ما نتحملها ؟ بيونة بين رموشنا نخليها ..
ضحكت عليه : بسك هرار .. قولي .. شخباره أخوي الكبير الي وحشني كبر الدنيا ؟
قال لي : بخير اختي الصغيرونة الي وحشتني شوية بس ..
ضحكت : بس شوي .. مالت علي الي اشتقت لك واجد ..
قال وهو يضحك : وأنا أكثر من الوااجد مرات واااجد ..
تبسمت : في غرفتي انت اللحين ؟
قال لي : طبعا .. وأنا أقدر أرد لوردتي طلب ؟
قلت له : يسلمو .. أقدر شعورك النبيل ..
ضحك : في وين قاعدين احنا ؟ بالمسن ؟
قلت له وأنا أضحك : تخربطت معلوماتي .. إلا ما قلت لي .. شخبارها أمي ؟ وعلاوي ؟ زهور و ..
قاطعني : كلنا بخير .. ونسلم عليج ..
قلت له والعبرة تخنقي : سلم على أمي واااجد .. محمود تحمل بأمي ..
ليقول : وأنا احتاج وصاياج يعني ؟
فقلت له : اكييد لا .. بس ما ادري ليش اليوم أنا مضايقة .. قلت يمكن صاير ..
قاطعني : ما صاير إلا كل خير .. لا تفاولين علينا يلله ..
تبسمت وأنا أحاول أن أصدق ما يقول : ان شاء الله .. محمود .. انت منبطح على سريري صح ؟
ضحك : وشلون عرفتين ؟
قلت له : لأن شنو بتسوي بالغرفة ؟ أدري فيك ما تفتش بغرفة بنات .. والدريشة من حلاتها عاد .. ما تطل على شي عدل ..
ضحك : هههههههههه .. حمدي ربج .. لا أخلي علاوي ينام بغرفتج وانتي تاخذين غرفته ..
قلت له : لا .. كل شي ولا غرفته .. هو خلى فيها شي صاحي ؟ حتى الجدران أبدع فيها ..
ضحك فترة طويلة .. حتى شعرت بأن دموعه سقطت من كثرة الضحك .. موقنة أنا أنها ليست دموع ضحكه المتواصل .. فرغم أن غرفة علي لا تنظف إطلاقا .. وحتى جدرانها .. خربش عليها .. وهو يزعم بأنه رسام .. ويرسم ملاكميه المفضلين .. إلا أنها لا تستحق أن يضحك عليها بهذا القدر .. سألته بهدوء : منبطح بالعكس صحيح ؟ راسك على للحاف .. ورجايلك على الموسدة ..
قال : شنو تبين توصلين له ؟
قلت له : محمود انت مو طبيعي .. شفيك ؟ انت ما تسوي جذي إلا اذا ضايق خلقك ..
فقال بهدوء : الحيرة خانقتني بيون ..
سألته بخوف : حبيتها ؟
قال لي بنفس الهدوء : من زمان وأنا أحبها .. لكن ما كنت أبي اعترف لا لها ولا لنفسي .. لكن غصب عني اعترفت .. بيون قولي لي .. شسوي ..
قلت له بشفقة على حاله : محمود شوف قلبك شنو يقول .. وامشي وراه ..
ليقول : مجنون أنا ؟ انتي تعرفين شنو بتكون النتيجة ؟
قلت له : بلا .. أدري .. بس احنا ما نعرف شنو الله مخبي لنا .. ليش تيأس ؟ وما تعطي نفسك فرصة ؟
قال لي : أقولج شي ؟
قلت له : اسمعك ..
فقال : الأوضاع اللحين تغيرت .. صرت أبيها خوف عليها .. حرص على سلامتها .. أميرة كبيرة .. وتفكر بعقلها .. غيرها هي .. طايشة .. وتهورها بوديها بداهية ..
قلت له : مع اني ما ادري شنو صاير بالضبط .. بس أقولك .. فكر زين .. وشوف قلبك شنو يقرر .. رقم أحمد مخزن بتلفونك .. تقدر تدق عليه .. وتطلبها منه .. أحمد بقدر شعورك وموقفك .. وما بقولك لا ..
ليقول : وأبوها ؟
قلت : ما عليك منه .. هي مو هامتنه بشي .. ورفضه لك .. ماله مبرر غير عقليته المريضة ..
سكت قليلا ثم قال : بييان ..
قلت له : نعم ؟
قال : توعديني تتحملين بحالج ؟ وتنتبهين لدراستج ؟ تتغلبين على خوفج ؟
أفهم ما يقصده من هذا الكلام .. قلت له والدمع تجمع بعيناي : ما بصير فيك شي .. الله معاك ويحفضك .. لا تقول لي هـ الكلام ..
قال بإصرار : وعديني بيون ..
سال دمعي على خداي : أوعدك محمود أكون مثل ما تبي ..
قال : مثل ما الله يبيج تكونين ..
قلت له : محمود تكفى .. انتبه لنفسك .. ولا تخوفني عليك .. ترى مالنا غيرك ..
ليقول : الله لكم .. ومعاكم ..
قلت له : محمود انت ما تتصور أي كثر معزتك بقلبي .. محمود انت أبوي .. تفهم يعني شنو ابوي ..
قال لي وصوته قد تغير .. يبدو أنه يبكي : فاهمج يعيوني .. انتي لا تخافين .. وخلي أملج بالله قوي .. انتي بس ادعي لي ..
قلت له : بدعي لك محمود من كل قلبي .. كم محمود يخوفنا عليه عندنا ؟
ضحك : يحق لي ولا ما يحق لي بيونة ؟
تبسمت وأنا أمسح دمعي : يحق لك يالمغرور ..
==
في هذه الليلة .. أبطالنا .. لم يغفو لهم عين .. فلنذهب لأحمد المستلقي على رخام المسجد الحرام .. وهو يتأمل بالكعبة ..
أحــاول عدم التفكير بمنتهى .. أحاول طرد منتهى من أفكاري .. لكن اسمها يرفض ذالك .. وإنما يصر على البقاء .. في هذه الأثناء .. رن هاتفي بنغمة مسج .. أخرجته من جيبي .. وفتحته .. فكان من محمود .. جلست وأنا أقرأ المسج .. الذي كان مكتوبا فيه ..
" تعبت من التفكير .. واستسلمت لك أخيرا .. اذا انت صاحي .. سو لي مسكول "
تبسمت .. يبدو أنه ضائق صدره كحالي .. فاتصلت له وأنا أنظر إلى الكعبة .. وصلني صوته : صباح الخير ..
تبسمت له : صباح النور .. بكرة ما عليك دوام ؟ الساعة ثنتين وشوي اللحين ..
قال لي : بلا .. بس ما جايني نوم ..
قلت له : تكلم .. أسمعك ..
فقال : من وين تبيني أبدأ ؟
قلت له : من لما صارت الأزمة ..
ضحك : أي أزمة الله يهداك ؟
قلت له : يعني لما تعقدت المشكلة واطريت تطرش لي المسج ..
فقال : اول شي .. سوري لأني ما خبرتك من البداية .. لكني ما خبرتك لسببين .. الأول .. أبي أخوانك يعتمدون على نفسهم شوي .. والثاني .. ما أبي أشغل بالك وانت مسافر علشان ترتاح ..
قلت له بخوف : الي صاير يتعلق بأخواني ؟
ليقول : ايي .. اسمع ..
كنت صامتا .. أسمع ما يقول .. من دون أن أعلق على شيء .. لحين أن أنهى حديثه .. كانت ردة فعلي : بكرة أنا بالبحرين ..
قاطعني : وأنا أقولك لا ترجع ..
قلت له بنفاذ صبر : وشلون ما أرجع ؟ وصلت فيهم المواصيل شوي ويذبحون اختي .. وما أرجع ؟
ليقول : والله ما ادري شقولك أحمد .. أنا بكبري محتار .. بس في شي واحد متأكد منه وما اعرف شلون أقوله ..
قلت له بضيق : قول .. اسمعك ..
فرد بصوت حزين : اختك .. أنا أبي أخطبها منك ..
لم أستوعب ما قاله : أي خت ؟
أجابني : دعاء ..
أمهلوني لحظات .. أحلل ما قاله .. محمود .. يخطب دعاء .. أين دعاء من محمود : ليش ؟
ليقول : لا تتوقع إني أبي أخطبها شفقة أو من هـ القبيل .. انت موجود تحميهم .. وعادل هم بعد موجود .. لكن .. اختك يا أحمد اسطونت قلبي .. وأنا أقولها لك .. ما أبي أخونك .. وانت عارفني زين .. اذا قلت لي لا .. بنسى وانسى .. وبحاول أتناسى مشاعري ناحيتها .. وان قلت ..
قاطعته وأنا ابتسم : وأخيرا جربت الحب يمحمود ؟
وصلني صوت تنهيدته : ليتني ما جربته .. تعبان يا أحمد ..
قلت له : انت عارف رايي .. وتدري اني موافق .. وعارف جواب أبوي والا هو الرفض .. أنا أقولك .. بما أني المسؤل عنها وعن أميرة .. مبروك .. بكرة .. تروح المحكمة وتاخذ معاك عادل .. وتملجون .. ولا تقول لي اسألها .. لأنها ما خلت أحد في البيت إلا وقالت له إنها تحبك .. بس ما كنت متوقع إنك بتحبها ..
ليقول : أنا بعد ما توقعت .. تصدق أحمد .. عذرتك اللحين لما تقط نفسك بالبحر ..
ابتسمت على هذه الذكرى : شفت شلون الحب ما يجي بالساهل ؟ شفت شلون قبل ما تتخذ أي قرار بسم الحب لازم تضحي بأشياء واجد ؟ أنا أدري فيك .. خايف من نتيجة هـ القرار .. بس بقولك شي محمود .. الله معاك .. وأنا وعادل معاك .. ولا يمكن نسمح لأبوي أو وليد يدوسون لك بطرف .. إنت يا ما عطيتنا وكلمة شكرا ما توفي حقك .. وجى اليوم الي نرد لك الجميل .. بوقفتنا معاك ..
ليقول : ما بينا شكر وجميل وقبيح ..
ضحكنا معا .. ثم قلت له بهدوء : محمود .. دام الفرصة اللحين بيدك .. لا تضيعها .. ما أضمن لك شنو بصير بعد باجر .. بكرة من الصبح خذها وملجوا .. أخاف وليد يلقاهم وما يصير الي تبيه .. ( بوجع قلت ) محمود لا تتأخر .. واستغل الوقت .. ما أبي يصير لك الي صار لي .. ما أبي تحس بالعذاب الي أمر فيه ..
ليقول : الله يساعدك يا خوي ..
فقلت له بصدق : ما وصييك عليها .. حافظ عليها مثل ما تحافظ على بيان ..
ليقول : ما توصي حريص .. بسببها صرت بطل فلم هندي .. ولا من متى أنا أتسلق جدران وأكسر درايش وأربط حبلة ؟
ضحكنا ثم قلت له : الله يخليكم لبعض ..
==
[ دعاء ]
حــل الصبــاح .. لكن شروق الشمس اليوم .. كان مختلفا .. فلم أراها ساطعة في السماء .. وإنما دل على وجودها ضياءها الذي بدد الظلمة ..
أجــل .. فالجو غائم اليوم .. وغيوم سوداء .. يبدو أنها ستمطر .. فبلأمس لم يتوقف هطول المطر .. لكن كان خفيفا .. وها أنا قد خرجت برفقة محمود .. وليس محمود فحسب .. بل عـادل معنا أيضا .. الذي رفض اخبارنا بكيفية تمكنه من الهروب .. وأميرة التي فرحت لي من كل أعماقها ..
أما محمود .. فكان برفقته الكثير .. أغلبية أفراد عائلته قد حضروا .. وهم يباركون له الآن ..!
فقال عمار بصوت مرتفع : يلله شباب .. شياب .. على بيت أبوي العود .. مسوين حفلة صغيرة لملجة محمود بإشرافي .. احم احم ..
ضحكنا عليه .. وتحرك الجميع نحو منزل الجدة .. لكن محمود جاءني وهو مبتسم : نروح نشتري الدبل ؟
قلت له بخجل : بكيفك ..
كنت سأغلق باب السيارة حينما ركبت .. لكنه أغلقه لي .. وهو يبتسم بسعادة .. وكل منا غرق ببحر أفكاره حينما تحركت السيارة .. فأنا .. أفكر بكيفية تحقيق حلمي المستحيل بهذه السرعة .. فقد اتصل لي أحمد فجرا .. وسألني إن كنت موافقة على محمود .. أجبته بأنه يكذب علي .. لكنني انصدمت حينما أيقنت أنه جادا في سؤاله .. وافقت من دون أي تفكير .. ليصدمني ثانية بأن أجهز نفسي فمحمود سيأتي لإصطحابي للمحكمة في الساعة الثامنة صباحا ..
وصلنا محل المجهورات .. ترجلنا .. وحينما انتهينا من اختيار الدبل .. قال لي محمود وهو يمد مفتاح السيارة : جودي السويج .. وفتحي السيارة .. دقايق بس بخلص شغلة وبجي ..
هززت رأسي بإنصياع .. وقصدت السيارة .. وأنا أفكر بالشيء المهم بالنسبة له لدرجة أنه لم يستطع تأجيله !
بعد دقائق .. عاد وبيده كيس .. وضعه بالخلف .. والتفت لي : تأخرت ؟
تبسمت له : لا ..
حرك السيارة .. وهو يقول : شرايج نروح مكان حلو ؟
قلت له : وحفلة عمار ؟
ضحك : احنا المعاريس .. لازم نوصل متأخرين .. صح ؟
ضحكت عليه وقلت : اوك .. خذني لهـ المكان .. حمستني ..
ابتسم لي .. وبعد ربع ساعة .. وصلنا إلى المكان الذي يتكلم عنه .. فلم يكن إلا البحر ..
\
[ محمود ]
ترجلت من السيارة وأنا أخذ الكيس .. ومشيت ناحيتها .. أمسكت كفها .. ونحن نمشي قاصدين الشاطئ .. جلسنا على الرمل الناعم .. والتفت لها : هذا البحر .. تقريبا كل يوم نجيه أنا وأحمد .. لأن رمله بالماي .. مافي حجارة ولا شي تبعد الموج عنا .. ( أشرت لها على القارب ) شفتين هذا الطراد .. هذا اسمه " الأمل " هذا مال أخوج .. واذا نجي .. لازم نفر فيه كم لفة ..
تبسمت إلي : خلنا نركبه اللحين ..
قلت لها وأنا ابتسم : اللحين في واجد هوا .. وشكله بطيح مطر .. أخاف عليج ..
وضعت رأسها على كتفي : تصدق محمود .. للحين مو مصدقة .. إنك لي .. وأنا لك ..
رفعت ذراعي .. وأحطت بها ظهرها وأنا ابتسم بفرح : علشان تعرفين .. إن ما في شي على الله صعب ..
سكتنا قليلا .. حوالي عدة ثواني .. ثم قلت لها : ما تبينا نلبس الدبل ؟
تبسمت : يلله ..
لأقول : أول شي غمضي عيونج ..
لتقول : أول مرة أسمع اذا أحد بلبس الثاني الدبلة يغمض عيونه ..
تبسمت : أنا وانتي غير .. يلله غمضي عيونج ..
أغمضت عينيها .. فتحت الكيس بسرعة .. وأخرجت منه الشال الأبيض الذي اشتريه توا .. وضعته على رأسها .. ولففته بإحكام .. ثم قلت لها وأنا ما أزال ابتسم : فتحي عيونج ..
فتحت عينيها .. وبكفيها تتحسس الشال .. نظرت إلي .. وعينيها دامعتين : شكرا محمود ..
رفعت كفي وأنا أمسح دمعها : ما بتسأليني ليش ؟
هزت رأسها برفض : ليش أسألك وأنا عارفة إنك تبي الستر لي ..
اتسعت ابتسامتي : انزين اللحين المفاجئة الثانية ..
ضحكت : شنو ؟
أخرجت علبة الدبل .. وأمسكت كفها لألبسها الدبلة .. لكنها سحبت كفها .. وأمسكت كفي : أنا أول بلبسك ..
تبسمت : ليش ؟
لتقول : بس صار بخاطري ..
ضحكنا معا .. وأدخلت الحلق باصبعي .. ثم ألبستها .. واحتضنت كلا فيها : الله يقدرني أسعدج دعوي ..
ابتسمت إلي .. ورمت رأسها بإحضاني : أحبك محمود ..
أخذت تبكي بإحضاني .. وأنا عيناي تحدقان بموج البحر .. ورعشة السماء .. وحينما أقول رعشة السماء .. أقصد انتفاض بدنها بسبب الرعد والبرق ..
قلت لها : بتقومين .. كاهو المطر طاح ..
رفعت رأسها إلى السماء : اييي .. شرايك نلعب شوي بالمطر وبعدين نروح ..
ابتسمت بشقاوة : اوكي .. انتي ركضي .. وأنا بصيدج ..
كنا نركض .. وكأننا أطفالا .. قـد غسل المطر قلبينا .. وطهرهما من كـل الهموم .. كنا نركض .. وذهني شارد بالدعاء .. فيا رب البرق والرعــد .. يا رب المطر .. ارحمنا برحمتك الواسعة ..
دخلنا السيارة ونحن نرتجف : اذا مرضت كل منج ..
ضحكت : ما بتمرض دامك معاي ..
قلت لها وأنا أضحك : فديتج والله ..
وصلنا منزل جدتي .. ودخلنا ملابسنا مبللة قليلا .. فضحك الجميع علينا .. لكن كل هذا لا يهم .. المهم .. أن هذا اليوم .. ستظل أحداثه ملتصقة بالذاكرة مدى الحيـــاة !
فلأخبركم بالتفصيل قليلا عن ما حدث عندما دخلنا .. اتجهت أولا لجدتي .. وقبلت رأسها وكفيها .. وباركت لي من كل قلبها .. ثم لوالدتي .. التي استقبلتني كما يقولون بالأحضان .. وهلت دموعها فرحا بي .. ثم ضمت دعاء .. وكأنها تشعرها بأنها من اليوم أصبحت أما لها ..
كانت الصالة مزدحمة .. والجميع يباركون لي .. وخالتي أم عمار بين الحين والآخر تضرب نغزاتا لي .. أما عمار فلم يكف لسانه عني ..
أما الحاضرين فكانو " أمي وأبنائها ^^ " .. خالتي أم عمار .. وكل بناتها .. خالتي أم يعقوب .. ويعقوب وميثم وزوجته أيضا .. وخالي .. وزوجته وبنتهم ليلى ..
كما أن عادل أحضر خطيبته رنا .. وجميل جاء أيضا .. لكن الذي كان بنغص علي سعادتي .. هو عدم وجود أحمد وبـيان ..
وأنا واقف بجانب دعاء لنقطع الكعكة .. أمسكنا السكين .. فرن هاتفي .. أخرجته من جيبي فكان رقما غريبا : نعم ؟
كان رجلا المتصل : سلام عليكم .. أخ محمود صحيح ؟
ابتسمت : وعليكم السلام .. اي نعم .. من معاي ؟
فقال الرجل : والله أنا واقف عند سيارتك وبيدي أمانة .. اذا تقدر تجي تاخذها ..
استغربت : أمانة ؟ من منو ؟
ليقول : اذا شفتها بتعرف ..
قلت له : اوك .. دقايق وأنا جاي ..
أغلقت الهاتف وقلت لهم : اروح للرجال ولا نقطع الكيكة قبل ..
الجميع أصر على أن نقطع الكعكة .. وفعلا .. سميت باسم الله .. وأمسكنا السكين مرة أخرى .. وقطعنا الكعكة .. صفق الجميع .. وباركو لنا ثانية .. ثم قال عماد : محمود أتحداك تبوسها جدامنا ..
قلت له : ههاها .. ضحكتني وأنا أبي أضحك اقلب وجهك ..
ليقول علي : وأخيرا جابو راسك يالمغرور وفضى لنا الجو ..
قلت له : أنا بخليك بحرتك وغيرتك علي .. وبروح للرجال ..
وقبل أن أخرج التفت لأمي : يمه .. تحملي بزوجتي ..
تبسمت أمي : في عيوني دعاء ..
لوحت لهم .. وخرجت وأنا مبتسم .. فتحت الباب .. وقصدت سيارتي .. لكنني لم أرى أحدا .. وأنا أرفع هاتفي لأتصل له .. شعرت بشخص يقف خلفي .. وقبل أن التفت للوراء .. رأيت يدا بها منديل أبيض .. أمام وجهي .. ووضع على أنفي .. فغبت سريعا عن الوعي .....!

أما في بيت الجدة .. مرت نصف ساعة .. ومحمود لم يأتي بعد .. وحينما سمع صوت الجرس .. قال عمار : اكاهو جى .. بروح له أنا ..
خرج عمار يفتح الباب .. وانصدم حينما رأى أحمد أمامه .. ضمه بفرح .. ورحب به .. وهما يدخلان .. سمعا صوت الجرس ثانية .. قال عمار : هذا محمود .. ادخل حياك ..
لكن أحمد قال له : انت ادخل .. وأنا الي بفتح له الباب ..
رمقه عمار : انزين يلله .. انطرك هني ..
فقال أحمد : يا أخي شفيك .. أنا وحشني صديقي وأبي أوقف معاه دقايق من دون طرف ثالث ممكن ؟
ليقول : انزيييين .. انزييين .. فهمنا ..
ضحكت عليه .. وأنا أفتح الباب كنت مبتسما .. مشتاقا لرؤية محمود .. لكن .. حينما رأيت الشخص الواقف خلف الباب .. تجمدت أطرافي .. ولم أرفع إلا بصعوبة عيني عنها .. حينما رأيت مازنا قادما نحو الباب .. حينما رآني .. مد يده لمصافحتي : سلام عليكم ..
رمقته باحتقار .. ودخلت داخل المنزل .. وأنا أشعر بضيق الدنيا كلها .. ألا ينفع البعد عنها ؟!
أما جهة الباب .. فرفعت منتهى عينيها بحزن عن أحمد .. وقالت لمازن : خلنا نطلع ..

يتبع ,,,,,

👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -