بداية

رواية صورة للذكرى -11 البارت الاخير

رواية صورة للذكرى - غرام

رواية صورة للذكرى -11

خرجت من القاعة و وجدت أن سيارة جيمس الرينج روفر لا تزال في الخارج.. اذا هو لم يغادر .. اقتربت منه دون وعي منها و دون ان تعرف ماذا ستقول له .. نظر إليها ثم ابتسم وقفت تنظر إليه و هي تبحث عن كلمات او حتى أحرف لتقول له .. أنقذ الموقف فسألها قائلا
- " مرحبا .."
- " اهلا .."
- " كيف حالك ؟"
- " بخير "
- " و كيف حال فيكتوريا و فيكي ؟! "
- " بخير أيضا .. لا ينفك يسأل عنك و متى ستعود "
- " و بماذا تجيبنه ؟!"
سكتت ثم تنهدت و قالت و عيناها على الارض بسبب الخجل
- " هل لنا أن نتحدث مع بعض ؟"
- " بالطبع "
- " لنذهب إلى اقرب مقهى "
- " حسنا .. هل نذهب معا بسيارتي ؟؟ ام ..؟"
- " لا افضل ان نذهب بأقدامنا "
- " فكرة لا بأس بها "
جعلها تتقدمه بالمشي و سار بخطوة خلفها و على يمينها .. لم يتكلما باي شيء حتى فتح لها باب مقهى قريب من المحكمة دخلت و أخذت طاولة لشخصين تطل على الشارع العام المزدح بالمارة .. احضر لهما النادل قائمة الطعام لكنها قالت للنادل
- " فنجان قهوة لو سمحت "
- " اجعلهما اثنان "
قال جيمي ثم ابتسم لها .. أنزلت رأسها في لا تقوى على النظر إليه و هو حب حياتها يجلس أمامها و الجو فيما بينهما مشحون .. انتظرها حتى تتكلم دون أن يضغط عليها ..
- " جيمس .."
- " اتمنى أن تناديني بجيمي "
- " حسنا كما تريد .. جيمي "


- " جيمس .."
- " اتمنى أن تناديني بجيمي "
- " حسنا كما تريد .. جيمي "
ابتسم لها ابتسامة كبيرة حتى يشجعها على التكلم
- " أني اصغي لك يا سارا "
تنهدت ثم قالت بصوت مبحوح
- " انا خائفة "
- " من ماذا ؟ "
- " من ردة فعلهما "
- " لا تخشي شيء يا سارا .. هل كنت تعتقدين باني لن آتي و أبحث عنك ؟"
- " لا كنت أنتظر هذا اليوم "
- " و ماذا كنت لتفعلي ؟!"
- " نتفاهم "
- " و هل سنفعل ذلك الان ؟!"
- " جيمي .. لم الان ؟! لم ليس قبل سنوات .. ربما كان الامر ليكون أسهل اذا كانا أصغر سنا "
بدا منزعجا لكنه مع ذلك ابتسم
- " قصة طويلة .. لكني وجدتكم صدفة .. و كانت أجمل صدفة "
شكرت بنفسها النادل الذي أتى بالقهوة فينقذها من هذا الخجل و التوتر ..
- " اسمعي يا سارا .. بالحقيقة انا نادم كل الندم لكل ما اقترفته بحقك و حق الاطفال .. انت تعرفين ماذا اصابني .. لكني لا ابرر اخطائي بوفاة والدي و تدهور اموري المالية .. فالخطأ خطأ "
- " انه من الماضي و انا لا احاسبك عليه الان "
- " بلى .. انت تفعلين .. انت لا تعطيني فرصة "
- " فرصة لماذا ؟!"
- " لنا .."
- " انا و انت ؟!!"
- " نعم .. انا و انت و الاطفال "
- " لا يا جيمي لا .. انا و انت .. مستحيل .. لقد انتهينا منذ سنوات طويلة حتى قبل ان اغادر و اتركك "
- " لكني تغيرت يا سارا و عدت جيمي القديم الذي احببتيه ..."
تضايقت بل انزعجت اكثر و قالت بغضب
- " هل نحن هنا لنتحدث عنا ام عن الاطفال ؟ "
- " الاثنان .."
- " اذا انسى فكرة التفاهم .."
وقفت حتى تغادر لكنه جذبها من يدها يوقفها
- " توقفي يا سارا .. حسنا لن نتحدث عنا نحن .. بل عن فيكي و فيكتوريا "
جلست و نظرت إلى فنجانها .. قالت بعد أن هدأت قليلا
- " سنخبرهما معا .. و نتفق بأوقات تمر لاخذهما .. لكن بشرط "
- " قولي .."
- " أن لا تأتي في العيد او قبل العيد بإسبوع "
- " هل لي ان اعرف السبب ؟"
لم تنطق... فكرت بطرقة لطيفة حتى تقول له عن السبب .. لكنه قال و قد تغيرت ملامح وجهه لتصبح اكثر حدة
- " والدك ... أليس كذلك ؟!"
اومأت .. سمعته يلقي بشتيمة .. فقالت تدافع عن والدهها
- " إنه مريض يا جيمي و خبر عودتك ستؤدي بحياته "
- " لكنه سيعرف عاجلا أم آجلا ..."
- " ارجوك يا جيمي "
- " سارا اذا اخبرنا الاطفال بأني والدهم بكل تأكيد سيودون لو أن اقضي العيد معهما انه اول عيد بعد الفراق .. "
- " هذا ما اخشاه يا جيمي ارجوك كن متفهما .."
- " سارا توقفي .. والدك يجب ان يعرف .. "
- " جيمي انه لن يتحمل .."
- " انت لم تجربي ان تخبريه او حتى ان تمهدي له الطريق لان يعرف .."
- " لا لم افعل .. لانه بكل الاحوال سوف ينفجر غضبا ما ان يسمع اسمك "
- " هل يكرهني لهذا الحد بان ينهار ؟ "
- " ليس الامر كذلك .."
تضايق فقال بصوت عال
- " بالله عليك كفي عن الدفاع عنه ... متى سنخبر فيكتوريا و فيكي ؟ "
- " لا اعرف .. متى تريد ؟! "
- " اليوم .."
- " الان ؟!!!"
- " نعم ياسارا لانني احترق شوقا لان اسمع كلمة ابي .."
بلعت غصة .. يا لقسوتها .. اومات برأسها موافقة فاستقام واقفا
- " اذا هيا لنذهب "
ترك النقود على الطاولة و خرج .. تبعته إلى حيث سيارتهما مركونة في مواقف المحمكة و انطلقا بالقرب من بعض حتى المنزل ..
كان منفعلا جدا و كذلك سارا كانت متوترة و يديها تتصببان عرقا .. دخلت المنزل و دعته للدخول ثم صاحت تنادي على الاطفال لكنهما لم يكونا بالمنزل ..
- -" لابد بانهما خرجا مع أصدقائهما .. سيعودان عما قريب .."
- " سأنتظرهما .. اذا لم تمانعي "
- " لا تفضل .."
وقف في غرفة الجلوس ينتظرهما و ينظر إلى الصور المعلقة على الحائط بينما ذهبت سارا الى المطبخ تشرب ماء فلقد جف فمهما من الارتباك .. سمعته يقول معلقا بصوت عال
- " اذكر انك التقطت هذه الصورة لفيكتوريا في اول يوم لها بالمدرسة .. كانت تبكي كثيرا و لا تريد تركك .. فأختلقت لها قصة عن الطفلة الشجاعة التي تعتمد على نفسها و بعد ذلك تركت رقبك و جلست في اول مقعد و كانت تبتسم و عيناها مدمعتين ... "
شعر بوجودها تراقبه فالتفت لينظر إليها باشتياق و حنين لتلك الايام ..


دخل في تلك اللحظة فيكي و صاح بسعادة عندما راى جيمي واقفا فأسرع بضمه من رقبته والتعلق بها
- " لقد اشتقتك لك يا جيمي .. لا تعرف ماذا حدث عندما اخبرت أصدقائي عنك و عن مباراة النيكس ؟!"
نظر جيمي إلى سارا الواقفة تبتسم ثم قالت لفيكي
- " وانا لن تقبلني ؟ فانا لم ارك هذا الصباح .."
- " آه نعم آسف .."
ضم سارا بقوة و طبع مئات القبلات على عينيها و وجنتها و فمها و رقبتها .. كانت تضحك و تدفعه بعيدا عنها .. تمنى جيمي أن يكون مكان فيكي حتى يقبلها بنفس ذلك الجنون
- " يا لك من شقي .. اتركني .."
- " هذا ما تفعلينه بي كل مرة ..."
ضحكت و ركضت خلفه بأرجاء الغرفة .. كان يصرخ و هو يركض
- " جيمس ساعدني .. ابعدها عني .."
فجأة ركض و احتمى خلف جيمس و كادت سارا ان تصطدم به لكنه أوقفها من خصرها نظرت إليه مطولا و صدرها يعلو و يهبط ... قرب شفتيه من شفتيها لكنه حول المسار و طبع قبلة صغيرة و رقيقة على وجنتها ثم تركها .. انصدمت و وقفت تبادله النظرات و هي غير مصدقة بان جيمي قبلها .. لقد اشتعل مكان قبلته بالنار .. جذب فيكي يد جيمس و قال صائحا
- " لنهرب منها هيا .. "
تبع فيكي و عيناه لا تزال عليها حتى اختفى داخل المطبخ .. تلمست مكان قبلته .. آه كم هي معذبة..
بعد دقائق دخلت فيكتوريا مع صديقاتها ..
- " مرحبا امي .. "
التفتت ناحيتها و ابتسمت للفتيات .. انه ليس بالوقت المناسب ..
- " سيارة جيمس بالخارج .. اين هو ؟!"
خرج جيمس من المطبخ و نظر إليها
- " مرحبا فيكتوريا .."
- " اهلا جيمس .. حمدا لله على سلامتك "
- " شكرا .."
- " حسنا امي انا سأصعد حجرتي .. هيا "
تبادل جيمي و سارا النظرات .. ثم ابتسم و قال
- " لا بأس سنخبرهما في المرة القادمة .."
شعرت بخيبة أمله فقررت أن تحل الموضوع بنفسها .. صعدت حجرة فيكتوريا و طرقت الباب ثم دخلت
- " فيكتوريا .."
- " نعم .."
- " سنتاول اليوم العشاء مع جيمس "
- " حسنا .. "
ثم خرجت و أغلقت الباب خلفها .. تكلمت كلير
- " لابد بانها ستخبرك بالحقيقة عن والدك "
- " نعم لانها لم ترسلني مع براد .."
ضحكت الفتيات ثم علقت احداهن
- " انه وسيم جدا لا اعرف كيف تقاومه والدتك "
- " انها تنظر إليه بإعجاب و تحدق به كلما انشغل بشيء .. انها لا تزال تكن له مشاعر .. لابد انهما تشاجرا لذلك انفصلا .. "
- " اتمنى ان يعودا لبعضهما فهما يليقان ببعض كثيرا ... "
- " اوافقك .. اتمنى ان نعود اسرة صغيرة كما السابق "
قالت جيسي تلطف الجو ..
- "يصلح لان يصور إعلانات العطورات .. هل رأيته و هو عاري الصدر؟! "
- "جيسي .. انه والدي بالله عليك .."
ضحكن جميعهن .. و بعد ساعة نزلت فيكتوريا و ودعت صديقاتها ثم انضمت إلى فيكي و جيمي الذين يلعبان في ألعاب الفيديو ..
- " من هو الفائز ؟ .."
- " انا .."
قال جيمس لكن فيكي أنكر و لكزه بخفة
- " لا تكذب يا جيمس و قل الحقيقة .. "
- " الحقيقة هي ... انا هو الفائز .."
ترك فيكي اللعبة من يده و قفز فوق كتف جيمس ..
- " جيمس لا تكذب .. قل الحقيقة .. من الفائز .."
- " انا ... انا ... انااااااا..."
- " جيمس ... "
- " انا .. انا .."
وقف جيمي و حمل فيكي الذي يجلس فوق كتفه و كان يضحك و الاخر يصرخ
- " انزلني .. جيمي ... حسنا ... انت الفائز .. انت .. انزلني ..."
ضحكت فيكتوريا عندما أنزل جيمس فيكي على الارض بخفة .. صاحت سارا و قالت
- " هيا العشاء جاهز "
جعل فيكتوريا تتقدمه بالخطوات ثم تبعهم و جلس على رأس الطاولة امام سارا .. نظر إلى الاطباق امامه كانت عبارة عن سلطة خضراء و شوربة و بطاطا مهروسة .. ضحكت فيكتوريا فضحك فيكي فجيمس ...
- " لم تضحكون ؟!"
- " اعذرنا يا جيمس فوالدتي ليست طباخة ماهرة "
- " اعرف ذلك .. لكن لا بأس بها كأم أليس كذلك ؟!"
رفع كفيه ليضرب كف فيكتوريا و هم يضحكون ..
- " هي كفا عن التحدث عني و كأني لست بالجوار "
- " أنا آسف "
قال جيمي و هو يضرب كف فيكتوريا مرة أخرى .. تناولا الطعام بهدوء في باديء الامر لكن فيكي بدا الحديث عن أصدقائه و ماذا فعل اليوم و كان الحديث كله موجه نحو فيكي .. كان يشاركه جيمس الحديث و بدا منسجما جدا معه .. شعرت سارا بشيء يغمرها .. بالجو الاسري الذي افتقدته .. لم تر بحياتها فيكي يتحدث بتلك الطلاقة مع أي شخص و كذلك رات فيكتوريا تسمع لاخيها بامعان دون ان تقاطعه بل كانت توافق جيمس كلما أضاف شيئا .. الحمدلله بانهما تقبلا جيمس منذ الوهلة الاولى .. عندما انتهيا من الوجبة الخفيفة قالت سارا بهدوء و جدية
- " فيكتوريا .. فيكي .. هناك شيء يجب ان تعرفاه "
عضت على شفتيها و نظرت إلى جيمي .. كان يهز رأسه يبث فيها الشجاعة فقالت له سارا
- " انت تكلم ..انا لا استطيع .."
- " حسنا .. اسمعاني .. انا هو جيمس بروكس .. والدكما "
بتلك السرعة ... يا لها من مفاجأة ..لحظة صمت طويلة ... انتظرت سارا ان تصرخ فيكتوريا او ان تفتعل مشهدا دراميا .. او ان يكثر فيكي من كلامه ..لكن لا شيء ...فقالت سارا معلنة لعلهما لم يفهما
- " فيكتوريا .. جيمس هو والدكما "
- " اعرف "
ببساطة قالتها مع ابتسامة شيطانية ..
- " ماذا تعنين ؟"
- " لقد كنت اعرف ذلك منذ اول يوم رأيته عندما فتحت له الباب "
- " كيف ؟ و لم لم تخبريني ؟! "
- " لقد قلت لنفسي بان وجهه مألوف و حاولت ان أجمع المعلومات التي اخذتها من فيكي ثم فجاة رايت صورة امامي له .. فتذكرت من يكون "
- " و لم لم تخبريني بأنك عرفتي بامره ؟ "
- " نصحني تود بان انتظرك تخبريني بنفسك "
- " يا الهي .. تود ..."
التفتت إلى فيكي الذي توقف عن قضم طعامه و كان ينظر الي المشهد امامه باستغراب ..
- " فيكي ألن تقول شيئا ؟! "
- " لا .."
- " هل انت بخير يا بني ؟! "
سأله جيمس و هو ينظر إليه بقلق
- " لا .."
قامت فيكتوريا من مكانها و ذهبت إلى أخيها الصغير
- " فيكي .. جيمس هو والدنا .. "
- " اذا اين كان منذ قبل ؟ "
أجاب جيمس دفاعا عن نفسه
- " كانت لدينا مشاكل انا و والدتك و الان حلت امورنا "
- " اتعني بانك ستعيش معنا هنا و تكون والدنا ؟ "
- " لا .. اعني بلى ..سأكون والدكما لكني لن اعيش هنا .. فمنزلي و عملي في واشنتون"
- " لماذا ؟ "
- " بالله عليك يا فيكي توقف.."
اوقفته سارا فلم تعد تحتمل هذا الوضع .. حضنته بقوة و قبلت جبينه .. فكر فيكي قليلا ثم وقف و ابتسم
- " ساخبر اصدقائي بان لي اب .. بأن جيمس هو والدي ... ياهووووووو "
ضحك جيمس و كأن فيكي لم يكن قبل دقائق تحت تأثير الصدمة .. يا لهذا الصبي من نشاط ..اقترب من فيكتوريا و حضنها بقوة .. و همس بأذنها
- " اميرتي الصغيرة .. اشتقت لك .. و اعرف ان بداخلك اشتقتي لي ايضا مع انك لا تذكريني "
- " بلى اذكرك و اذكر كثير من الاشياء .. كرائحتك مثلا .. و لا انسى صوت ضحكتك "
عاد فيكي إلى المطبخ و قفز فوقهما يضمهما و هو يصرخ
- " لدي اب .. و ليس أي اب .. انه جيمس ...هيا لنحضن بعض كمجموعة"
كان فيكي يشير إلى سارا حتى تنضم إليهم لكنها تركت المطبخ و صعدت حجرتها .. أغلقت الباب و استندت عليه و انهالت دموعها ..
نزلت بعد فترة لتجدهم جالسين امام المدفأة و كل واحد منهما أحضر صندوق ذكرياته و أخذا يريانه صورهم و رسوماتهم و يخبرانه بقصصهم و مغامراتهم و بدا هو مستمع جيدا و مستمتعا بأحاديثهما .. رأت معنى السعادة امامها .. أصبح لهما اب .. و قد تقبلا الامر بصدر رحب و كان الامر سهلا جدا عليهما ... لكنه صعب عليها هي .. وجوده بالقرب منها ..
بعد ان رأى كل شيء و سمع قصصهم ناما على صدره و غفت عيناه بدوره .. كانت سارا تنظر إلى الصورة التي تكونت امامها .. فدمعت عيناها .. و قررت تركهم و صعدت حجرتها لتنام ...

-14-
قضى جيمس الاسبوع بأكمله برفقة ابنته و ابنه و بينما سارا مشغولة بتحضير لحفل المواهب اخذهم هو في رحلات و لحضور مسرحيات برودواي .. و كم كان الاسبوع ممتعا إلا ان اتصال الجنرال مولر وتر الجو فيما بينهم و جعله عابسا و متضايقا لانه سيقضي العيد بعيدا عن أطفاله .. أخبرهم الجنرال بان غدا صباحا سيكون في منهاتن و معه السيدة مولر و ابنه ستيف و زوجته و ذلك لحضور الحفل و قضاء العيد برفقة حفيديه و ابنته ..
كانت سارا واقفة في المسرح الكبير تتأكد من ان الامور كلها سارت على أكمل وجه عندما دخل جيمس و معه الاطفال .. لم تنتبه سارا لدخولهم لانها كانت مشغولة بإعطاء الاوامر و التعليمات للعاملين عندما قال جيمس بصوت عال حتى يحصل على انتباهها لوجودهم بالمسرح
- " رسومات رائعة .. اعجبتني الفكرة "
التفتت ناحية المصدر و اقتربت منهم و هي تبتسم
- " شكرا .. "
- " لقد بذلتي جهدا يستحق التقدير "
اكتفت بابتسامة صغيرة فهي امام حضوره تنسى الكلمات .. أخذت فيكي و ضمته
- " أين ذهبتم اليوم ؟ "
- " أخذنا جيمس .. أقصد أبي .. إلى السينما ثم تناولنا بيتزا على العشاء "
- " جيد "
- " هل ستقضي العيد معنا يا جيمس .. ابي ؟ "
سألته فيكتوريا .. انزعج جيمي فهو متشوق ليقضي العيد مع اطفاله و سارا ..لكنها طلبت منه ان يغادر قبل وصول ابيها ..تبادل مع سارا نظرات العتاب و الانزعاج ثم قال
- " هذا عائد لوالدتك .."
- " ماذا تعني ؟ "
لم تفهم فيكتوريا فقال فيكي معلقا
- " اتعني بأنك لن تقضي العيد معنا ؟ و لن نتبادل الهدايا ؟! "
حدق جيمس بسارا حتى تجيب عنه .. فارتبكت ..هي لا تعرف كيف تجيبهما .. لكنها قالت
- " لا .. لن يقضي جيمي العيد معنا ..."
و قبل ان تكمل صاح فيكي
- " و لم ؟!! انه اول عيد مع ابي .."
أضافت فيكتوريا بعصبية و سألت والدتها
- " اتمنى ان يكون هناك سببا مقنعا "
حدجته سارا بنظرة رجاء لان ينقذها من تلك الورطة لكنه بقي ساكتا فهو بنفسه لم يقتنع بالسبب و عندما لم تر أي ردة فعل منه قالت
- " لان ابي و امي و خالكم ستيف و زوجته سيأتيان بالغد لقضاء العيد معنا "
لم يعجب هذا العذر فيكتوريا التي قالت
- " و إن يكن ؟! اعتقد بانهما يعرفان ابي جيدا "
قهقه جيمس فاستفز بذلك سارا التي قالت له بعتاب
- " ساعدني هنا يا جيمي بدل أن تقف و تضحك "
- " اذا كنت سأتكلم يا سارا فسأقول الحقيقة "
- " يا الهي يا جيمي .."
ضحك لتوترها .. فقال فيكي
- " اريد ان يحضر ابي الحفل غدا ليرى فقرة مدرستنا .."
- " و انا كذلك .. "
قالت فيكتوريا ... لم تعلق سارا بل كانت تفكر ثم نظرت إلى عيون جيمي التي تحدق بها و قالت له
- " هل لي بكلمة معك ؟"
- " بكل تاكيد "
تبعها إلى زاوية بعيدا عن فيكتوريا و فيكي ..
- " جيمس .. يجب ان تختلق عذرا و تنقذني من هذا الوضع .. "
- " انا آسف فأنا اريد ان اقضي العيد معهما اكثر منهما حتى .. و بالحقيقة لم اقتنع بعذرك "
- " و ما الحل اذا برأيك ؟ "
- " الحل واضح كوضوح الشمس .. نخبر ابيك باني عدت .. "
- " و هل تعرف ماذا سيحدث له اذا عرف بأنك عدت بحياتنا ؟"
- " هل حقا عدت لحياتكم ؟ "
قالها كمزحة ظريفة اراد بها ان تلطف الجو .. لكنها لم تبتسم بل انزعجت
- " انت تعرف ما اقصد .. قصدت فيكتوريا و فيكي .."
عادت ملامح الجدية إلى وجهه و قال
- " اذا كان والدك رجلا عاقلا سيتفهم الوضع و أن من حقي و حق ابنائي ان اعود لهما و اقضي معها العيد .. يا سارا افهمي .."
ارادت ان تعترض لكنه اردف قائلا
- " اذا انا وافقتك و غادرت .. لكن كيف تضمنين ان يسكت فيكي او فيكتوريا او لم ينطقوا باسمي و رجوعي بعد ذلك الغياب ؟"
سكتت .. فلقد أصاب بقوله .. لكنها تخشى ان ينهار والدها ..
- " ساخبرهما بان عودتك سرا .. حتى يحين الوقت المناسب لاخبار ابي ..."
- " و بماذا تفسرين لهما سبب ابقاء عودتي سرا ؟ "
- " لا اعرف يا جيمي لا اعرف .. لم ترفض مساعدتي ؟ "
دنا منها اكثر و امسك كتفيها بدت صغيرة الحجم بالنسبة لعرض جسده اضطرب تنفسها و زادت دقات قلبها عندما همس
- " سارا .. انا لا ارفض مساعدتك .. لكن ارفض طريقة تفكيرك .. سيعرف والدك بحقيقة وجودي اليوم او غدا .. فليس هناك فرق .. انا اوافقك بانه سيتضايق لكنه يجب ان يفهم بأني والدهما .. كما هو والدك و له الحق فيك فأنا لي الحق بابنائي .. "
نظرت إلى عينيه .. آه كم تكره ان يصيب جيمي و يقنعها بإسلوبه و نظرات عينيه و صوته .. ماذا تفعل امام سحره .. إلا أن توافق .. هزت رأسها إيجابا .. ابتسم لها .. ثم طبع قبلة صغيرة على جبينها .. و قال
- " شكرا لك سارا لتفهمك .."
ثم تركها و ذهب ليخبر فيكتوريا و فيكي اللذان يتحريان الاجابة بنفاذ صبر .. ظلت في مكانها تذوب بسبب قبلته الصغيرة التي تركت أثرا على جبينها و قلبها و لعبت بمشاعرها .. كيف ستقاومه كيف؟؟! .. يجب ان تمنعه من تلك القبلات الصغيرة حتى تستطيع مقاومته على الاقل !!! رأتهما يقفزان فرحا و يحضنا جيمي .. صاح فيكي
- " شكرا ماما .. نحبك .."
وافقته فيكتوريا
- " نحبك كثيرا .."
عندها نظر إليها جيمس و قال غامزا
- " كثيرا ..."
يا الهي لا تصدق ماذا يفعل بها سحره .. يجعلها تريد ان تنضم إليهم و تعانقهم ثم تقبله كما كانت تفعل في السابق .. ان وجوده حولها يعذبها جدا .. انه يعرف ماذا يفعل .. يعرف كيف يسيطر على مشاعرها و هو مدرك لذلك جيدا ..
استقبلت سارا عائلتها التي اتت في الصباح الباكر و كانت المفاجأة التي اخبرها بها والدها هي صديقتها كرستين و ابنتها الصغيرة ميا ذات التسعة أعوام.. كان اللقاء فيما بينهما تسوده الدموع و الاحاديث التي شملت الماضي و القصص و الطرائف المضحكة التي كانتا تفتعلانها .. كادت كريستين تسأل سارا عن جيمي لكن سارا غيرت الموضوع اكثر من مرةحتى لا يسمع والدها اسمه فينفعل .. فيكفيه انفعال واحد و سيكون هذا المساء ..
- " اين ابي ؟ "
كان فيكي يطل من خلف الستار على الجمهور باحثا عن جيمس .. طلت فيكتوريا برأسها تبحث عنه بدورها فلم تجد إلا جديها و خالها و زوجته و كريتسن و ابنتها الصغيرة .. و كانت كراسي المسرح قد شغرت جميعها .. اذا اين جيمي ؟! و اين سيجلس ؟؟ ..
- " هيا سيحين دور الفقرة الرابعة .. استعد يا فيكي .. هذه فقرة مدرستكم .."
نادت سارا على الطلاب خلفها و كانت متوترة جدا و أعصابها مشدودة ..
- " استرخي يا سارا .. الامور تسير على احسن ما يكون .."
سارت قشعريرة بجسدها بأكمله لذبذبات الصوت الرجولي و للمسته على كتفها الذي يفترض ان يجعلها تسترخي لكنها هاجت تحت يده ..استدارت لتواجه جيمس واقفا و قد وضع يده داخل معطفه .. انتبه له فيكي فأسرع لضمه
- " كنا نبحث عنك انا و فيكتوريا .."
- " لقد ترجيت رجل الامن في الخارج فسمح لي بالدخول الى الكواليس حتى اتمنى لكم التوفيق ...."
نظرت إليه سارا بامتنان ثم دفعت ابنها مع مجموعته و قالت ..
- " شكرا لك .. هيا .. هيا .. الفقرة الرابعة .. ادخلوا "
دخلت المجموعة الرابعة و معهم فيكي .. و قاموا بمشهد تمثيلي صغير .. و فيكي أحد اقزام سانتا كلوز ( بابا نويل ) الاشقياء .. فكان المشهد كوميدي .. دنا جيمس من سارا التي كانت تبتسم و قد اغروقت عيناها بالدموع و هي ترى صغيرها يقوم بإضحاك الجمهور ..
انتهى المشهد فدخل فيكي و هو سعيد و اقترب من والديه
- " كيف كنت ؟ "
ضمته سارا و قبلته
- " رائعا .. "
قال له جيمس و هو يمسح على رأسه ..
- " انا فخور بك يا بني .. "
مرت فقرة ثم أخرى فمشهد و آخر و هكذا حتى اتى دور الفقرة الغنائية لمدرسة فيكتوريا .. دفعها جيمي برقة و قال غامزا
- " هيا ابهري الحضور بطلتك "
ضحكت له بخجل ثم دخلت مع طلاب مدرستها و أدت بمهارة الوصلة الغنائية .. و كانت هذه هي الفقرة الاخيرة و الخاتمة لحفل المواهب .. عادت فيكتوريا إلى خلف الكواليس و يدها مثلجة بسبب التوتر ..ضمها جيمس و قبل جبينها
- " كنت ساحرة .. "
- " حقا؟!! "
صفق الجمهور بقوة و وقف عندما اعلنت كلوديا اسم المشرف الرسمي على الحفل .. صفر جيمس بصوت عالي يشجعها فدخلت سارا و أخذت درع التكريم من كلوديا و ألقت كلمة صغيرة
- " اشكر جميع المشاركين في الحفل .. و المتبرعين .. و الحضور .. و بالاخص اشكر كلوديا و ابنتي فيكتوريا و ابني فيكتور ..و .."
التفتت لتنظر إلى أجمل عينين راتهما في حياتها .. هذا الوجه الي عشقته .. و تلك الروح المرحه التي احبتها و جعلتها تتعلق به ..أنت يا جيمس .. شكرا لك .. لانك كنت حب الطفولة .. و المراهقة .. و الشباب .. و اتمنى ان تكون حبي الازلي الذي سأموت معه و أدفن .. شكرا لك .. لانك هنا الان .. تنظر إلى بابتسامتك التي احبها بجنون تشجعني و تبث الروح في داخلي .. لكني لن اذكر اسمك إلا في قلبي فأرجوك اعذرني .. انت تعرف الاسباب ..
- " و شكرا .."
قبلت كلوديا فدفع جيمي فيكتوريا و فيكي إلى المسرح فاسرعا بضم والدتهما امام تصفيق الجمهور .. كان ينظر لها جيمس بفخر و اعجاب .. لا شعوريا التفتت ناحيته مرة اخرى فتلاقت عيناهما و للحظة أصبح المسرح بالنسبة لهما خاليا و هادئا .. غمز لها بعينيه فابتسمت له .. ذاب تحت تأثير هذه الابتسامة عليه و عقد العزم لان يبذل المستحيل حتى يستعيد سارا إلى حياته من جديد ..


عاد الجميع إلى المنزل قبل سارا التي لحقتهم فيما بعد مع جيمي .. و قبل أن تفتح الباب أوقفها بيده و قال بصوت هاديء
- " سارا .. لقد عشنا هذه التجربة من قبل .. أتذكرين ؟! "
- " نعم و كانت النتيجة سيئة .. "
- " ليس كما تعتقدين .. انا متفائل بعكسك .."
تنهدت ثم اومأت برأسها و قالت معلقة
- " اتمنى ان يكون تفائلك بمحله .. هيا لندخل .."
دخلت لتجد الجميع في غرفة الجلوس يتحدثون عن الحفل و يتبادلون النكات و التعليقات الضاحكة كعادتهم .. صاح ستيف
- " لنصفق لبطلة الحفلة التي شرفتنا بطلتها "
صفقوا جميعهم و هم يضحكون .. ابتسمت لهم سارا فمن الصعب ان تخفي توترها .. لذلك توقفا فسألها والدها
- " هل من خطب يا عزيزتي ؟ "
- " لا .. ابي .. هناك شخص اود ان تقابلونه .. لكن .. ارجوكم بلا انفعال .."
- " من هو يا سارا ؟! "
سألتها والدتها و قد ساورها الشك ..
دخل جيمس .. فسكت الجميع أثر المفاجأة .. انتظرت سارا ان يصرخ والدها او ان يقوم ستيف بلكم جيمي .. او أي شيء .. لكن الذي تكلم هو فيكي
- " جدي .. هذا جيمس والدي .. "
قالها بكل فخر و سعادة .. فقال جيمس بصوت هاديء و رسم ابتسامة صغيرة
- " مرحبا .."
استقام الجنرال واقفا و سار امام جيمي و دخل المطبخ .. تبعته سارا و دخلت خلفه
- " ابي ..هل انت بخير ؟! "
أمسك كتفيها و قال بعتاب
- " لم يا سارا ؟! لم تعيدين تكرار الخطا نفسه ؟ اعتقد بانك نضجت و تستطيعين الاعتماد على نفسك "
- " و مازلت يا ابي اعتمد على نفسي صدقيني .. الامر ليس كما تعتقد .."
- " و كيف تفسيرن وجود بروكس واقفا في غرفة الجلوس بمنزلك ؟ "
- " إنها قصة طويلة يا ابي "
- " و لم تنو إخباري بها حتى .. ما الذي حدث ؟ و كيف ظهر فجأة ؟ "
- " ابي جيمس هنا لرؤية ابنائه فقط .. لقد رفضت لكن لا استطيع ان ابعده اكثر عن ابنائه يا ابي فهذا من حقه و حقهما .."
- " هل هذا كل شيء .."
- " باختصار نعم .."
- " و ماذا عنك ؟ "
- " لقد انتهينا انا و جيمس منذ سنوات طويلة "
- " اذا ماذا يفعل هنا الان ؟ "
- " حتى يمضي العيد مع فيكتوريا و فيكي ... لقد ألحا علي ان يبقى والدهما معهما و لم اجد طريقة حتى ارفض .. ارجوك يا ابي لا اريدهما ان يشعرا بأنك لا تحبذ وجود ابيهما بيننا .. فقط لهذه الليلة انسى كرهك و عدائك له .. ارجوك يا ابي .."
فكر قليلا .. انتظرت سارا جوابه لفترة .. عندها أومأ موافقا.. ضمته و قبلت رأسه
- " شكرا لك يا ابي .."
كان جيمس يجلس على الكنبة و يتحدث مع ستيف و السيدة مولر التي امطرته بالاسألة الشخصية كان يجيبها باختصار حتى لا يلفت انتباه ابنائه للمشاكل التي حدثت في الماضي بينهما .. عندما دخل الجنرال مولر و معه سارا مبتسمة لجيمي ... استقام واقفا فوقف امامه الجنرال و نظر إليه مطولا بعد ذلك مد يده يصافحه .. شعرت كارلا بالسعادة لان زوجها تقبل عودة جيمس الذي صافحه بدوره ..
خرجت فيكتوريا مع براد و من ثم ستعود على العشاء و فيكي أخذ مونا للعلب بالثلج في الخارج .. اما سارا فجلست بالقرب من كريستين و تهمستا بامر عودة جيمس المفاجئة .. بينما تحدث جيمي مع ستيف عن عمله و كيف استعاد كل شيء .. توقفت سارا عن الحديث و انصتت لحوار ستيف و جيمس و كذلك فعل السيد مولر كان منصتا و يريد معرفة لم لم يبحث جيمي عن سارا و يسأل عن طفليه كل تلك السنوات ...
- " اتصل بي المحامي الذي كان مسؤول عن قضية اغتيال والدي و اخبرني بأن الفدرال قد ألقت القبض على القاتل الذي كان يعمل مع الحزب المعادي لوالدي و افكاره .. فأخبرني بان الحكومة سوف تدفع لي فدية لمقتل والدي و مكافأة له لانه كان رجل سياسيا محنكا و مخلصا لدولته .. و كان المبلغ كبيرا جدا بحيث استعدت به الشركة .. و مع السنوات استطعت ان اجعل الشركة تقف على رجليها من جديد و تدخل السوق و تكون منافس جبار لبقية المؤسسات .. و من ثم دفعت كل الديون التي على عاتقي و استعدت منزلنا .."
اغروقت عينا سارا بالدموع و هي تسمع إلى معاناة جيمي و نضاله لاستعادة حياته كل تلك السنوات و الامر الذي اثر بها كثيرا هو انه شملها في قصته حيث قال (منزلنا ) و هو المنزل الذي اشتراه لها كهدية زواجهما .. اردف قائلا
- " و بالطبع بحثت عن سارا في نيوجيرسي لكني لم اجدها و قررت ان اتوقف لفترة قصيرة ثم اكمل عملية البحث .. و شاءت الاقدار ان يكون لدي اجتماع في مانهاتن و بنفس الفندق الذي أقامت به سارا حملة التبرع بالدم و هناك تقابلنا .. و ها انا الان هنا و قد استعدت جزء من حياتي.."
نظر إلى سارا التي كانت عيناها تلمع من الدموع ..و قال في عينيه ( انت الجزء الاكبر الذي لم استعيده حتى الان يا حبي ).. استأذنت الجميع و دخلت المطبخ فتبعتها كريستين ..
- "آه يا كريستين انني اتعذب "
ضمتها صديقتها و قالت
- " انه يحبك يا سارا و يبدو عليه الندم .. اعطيه فرصة ليصحح خطأه .. اعتقد بان عشر سنوات هي عقاب لك و له .. توقفي و عودي إلى احضانه لانك تستحقين الراحة الان و كونا اسرة لولديكما"
انزلت رأسها و قد تجمعت الدموع في عينيها فحجبتها عن الرؤية و قالت بصوت مخنوق
- " ان كلامك يا كريستين هو عين الصواب .. لكن الامر ليس بتلك السهولة .. لقد ترك جيمس آثارا في جسدي و حتى الان لم اتشافى منها .. "
- " اعرف لقد اخبريتني عن الطفل الذي فقدتيه .. و عن العملية التي اجريتها .. لكن يا سارا هل نسيتي سنوات الحب الطويلة بينكما التي بدأت منذ الطفولة .. نسيتها بسبب سنتين من البأس ؟!! "
يا إلهي صحيح .. لقد عاشت مع جيمس بسعادة أكثر من التعاسة .. فخلال السنتين السوداء تلك كانت تشعر بحبه و تلمسه منه .. و ما اجمل التعاسة بقربه .. اذا لم؟ لم يا سارا تعاقبين نفسك التي حرمت منه لعشر سنوات ؟!! ..


بعد دقائق نادتهم كريستين لتناول وجبة العشاء ..جلس الجنرال على رأس الطاولة و على يمينه زوجته ثم كريستين و على اليسار جلس ستيف فزوجته فكتوريا ثم جلس جيمس و على رأسة الطاولة الاخرى جلس فيكي ..
- " اذا اين سارا ؟ "
سألت زوجة ستيف .. فاجابتها كريستين بانها ستنضم إليهم بعد قليل .. و بالفعل دخلت سارا و جلست على المقعد الفارغ امام جيمي .. نظر إليها فرأى أنفها أحمر و عيناها منتفختان فعرف بانها كانت تبكي ..ابتسم بداخله فبكاءها يعني ندمها و ندمها هو بادرة بانها تريد العودة له .. كان الجو على المائدة مشحونا و موترا للاعصاب .. فحاول ستيف ان يلطف الجو بنكاته اكثر من مرة و ما ان ينتهي الجميع من الضحك يرجع الصمت ليسود من جديد إلا من صوت قرقعة الملاعق بالصحون ..
- " وجبة لذيذة سيدة مولر ..سلمت يداك "
ابتسمت كارلا لجيمس فهي تحبه كثيرا و اعتنت به عندما كان صغيرا و حتى عندما حدث الشجار بين العائلتين أخبرت زوجها بأن ليس للصغير ذنب بأن نبعده عن صديقته سارا لكن زوجها عنيد و دائما ما يقول بأن الابن سر ابيه و في يوم من الايام سيغدو مثله ..
- " انتظر حتى تجرب الكعكة التي أعدتها زوجتي يا جيمس "
- " انني انتظر .."
ترك الجنرال المائدة ليدخن في الخارج فتبعه ابنه ستيف و فيكي الذي كان يحمله ستيف على ظهره ..بينما قامت النساء بحمل الاطباق و ترتيب المائدة .. لا يعرف جيمي ينضم إلى الرجال بالخارج حيث غير مرحب به ام يبقى و يساعد النساء .. فضل الخيار الثاني حيث شمل هذا الخيار سارا الجميلة .. فقام بحمل طبقين و دخل بهما المطبخ تبادلت كريستين و مادي زوجة ستيف النظرات متستغربتين فاقتربت منهما السيدة كارلا و همست ..
- -" إنه يحب ان يساعد في المطبخ دائما.. حتى عندما كان صغيرا ...هذا هو الرجل و ليس زوجي و ابني .. ماذا عن زوجك يا كريستين ؟!"
- " انه يفضل النوم "
ضحكن و هن يراقبن جيمس الذي دنا من سارا فتلامست ذراعه بذراعها .. حاولت تجاهل الاعاصير التي جرت بداخلها فأخذت الكعكة و خرجت بها إلى غرفة الجلوس .. انتبهت فيكتوريا لتصرف والدتها و خيبة امل ابيها الذي يحاول جذب انتباها طوال الوقت اليوم على المائدة حتى انه لم يبعد بصره عنها انها ترى الحب في عينيهما لكنها متعحبة من اصرار والدتها لصده ..
- " ابي لم لا تذهب مع جدي و خالي ستيف ؟ "
انصت النساء جميعهن لجوابه
- " أفضل المساعدة على التدخين الذي يضر بالصحة .."
ضحكت النساء لتعليقه الذي به عين الصواب ..
في غرفة الجلوس تجمع الجميع و فجأة بدأ فيكي بترنيم أغنية العيد .. ثم شاركته كريستين و ابنتها .. بعدها غنت فيكتوريا و كارلا و دخل ستيف و زوجته بالغناء معهم .. ضحك جيمي و تردد قبل ان ينضم غلى غنائهم .. كان ينظر إلى سارا و يقول لها بعينيه ان تشاركهم .. فدخلت معهم الغناء و هي تضحك .. جذبت كارلا يد زوجها و حثته على الغناء معهم فهذا تقليد العيد و اليوم هو العيد حيث عائلتهما اكتملت بعودة جيمس بالنسبة لها .. اطاعها و بدا الغناء فعلا صوتهم و ضحكهم و نسوا للحظة الشعور الغريب بحضرة جيمس بينهم ..
طغى النعاس عليهم جميعا .. غادرت كريستين و ابنتها المنزل رغم اصرار سارا للبقاء معها لكنها اخبرتها بأن زوجها ينتظرها في الفندق ..انسحب السيد مولر و زوجته إلى غرفة الضيوف و تبعهما ستيف و زوجته للنوم بحجرة فيكتوريا .. اما فيكي و فيكتوريا فقد غطى بسبات عميق بالقرب من المدفأة و كذلك فعل جيمي لقد نسي وجوده في منزل سارا فنام بسبب التعب و الرحلة الطويلة من واشنتون إلى منهاتن ..


اما سارا فكيف لها ان يغمض جفنها و معذبها ينام ببراءة امامها .. جذبها منظره الهاديء و قد استرخت ملامح وجهه الحادة ..اقتربت منه حتى تكحل عيناها بالنظر إلى وجهه الذي تعشقه .. رسمت ملامح وجهه بإصبعها الذي مررته بالهواء و تمنت ان تلمس شفتيه و تقبلهما .. تحرك قليلا فانقبض قلبها و ارتعشت .. لكنه استكان مرة أخرى و بدأ يتنفس أكثر .. لقد غط بسبات عميق هذه المرة ... أوووف .. تنهدت ارتياحا فلقد كان سيكشفها .. أسندت رأسها على ظهر الكنبة و جلست تحدق في وجهه و طريقة تنفسه و دون ان تشعر بالوقت .. نامت و تكورت في مكانها ..
احس جيمي بشيء يسقط على كتفه فاستفاق من نومه و التفتت ليجد رأس سارا قد استند على كتفه و قد تكورت فوق الكنبة و كان جسدها بارد كالثلج لان النار بدات تخمد .. فدنا منها و حاوطها بذراعيه و مال على الكنبة و أسند رأسها على صدره .. ثم أخذ الغطاء الصغير و لحفها به .. ثم أغمض عينيه مجددا لينام بارتياح و سعادة لان حبه الوحيد ينام على صدره .. لقد اعتقد بانه نام لفترة طويلة عندما استيقظ مرة أخرى نظر إلى الساعة بيده التي تشير إلى الرابعة فجرا .. ثم نظر إلى النافذة ..
- " إنها تثلج .. "
ابتسم .. ثم نظر إلى سارا النائمة بهناء على صدره .. آه كم اشتاق لقربها منه و كم حن لتلك الايام التي عاشها بسعادة مع من يحب .. تلك الجميلة النائمة .. صاحبة الرائحة العطرة .. خطر في باله أن يوقضها لتشاهد منظر تساقط الثلج معه كما كانا يفعلان بالسابق عندما يتساقط الثلج يذهب إلى منزلها في الفجر و يلقي صخرا على نافذتها ثم تنزل إلى الخارج بقميص النوم و المعطف الثقيل و يلعبان بالثلج حتى تبدأ الشمس بغزل خيوط الصباح فيتمنيان و لعل أمنياتهما تتحقق ..
- " سارا .. استيقظي يا حبي .."
اعتقدت بأنها تحلم و انها نائمة على صدر جيمي و تستنشق رائحته و بانه ناداها بحبي .. لكن لا كان الامر حقيقة عندما فتحت عينيها لتجد نفسها مائلة فوق جسده الدافيء و على الكنبة و معا تحت الغطاء الصغير.. استقامت بجلستها و ابتعدت عنه .. ارتعبت .. لكنه كان يبتسم لها .. و يشير ناحية النافذة و يقول
- " انظري .. إنها تثلج .. عيد مجيد يا حب.... يا سارا "
اقتربت من النافذة ثم ابتسمت لانعكاس صورتها الخفيفة على الزجاج اللامع .. كان حلم جميل .. قالت لنفسها .. وقف بالقرب منها و قال لها هامسا
- " تمني يا سارا لعل أمنياتنا تتحقق .."
تمنت في قلبها أن تعود إلى أحضانه و تنعم في ليالي النوم الهانئة بالقرب من جسده الدافيء و في الصباح تستيقظ على قبلاته ...
- " هل تمنيت ؟! "
أومأت برأسها دون ان تلتفت إليه .. لكنه مسكها من يدها و ادارها لتواجهه .. نظر إلى عينيها .. لمس وجنتها الباردة بإبهامه الدافيء .. فانتشر الدفء بجسدها كله .. رفع ذقنها ثم قرب شفتيه و قبلها .. لم تقاومه .. فهذه أمنيتها .. و إنها تتحقق ..
عندما أبعد شفتيه كانت مغمضة العينين تستمع بآخر اللحظات .. و كانت تحت تأثير سحره .. ضمها إلى صدره و قال بصوت يائس
- " آه يا حبي كم اشتقت لك .."
ألقت برأسها على صدره و دون وعي منها كانت دموعها تنهر على قميصه .. رفع رأسها
- " لم هذه الدموع ؟"
مسح دمعة سقطت لتوها على خدها .. لم تجيب سؤاله .. بل اكتفت بأن احتضنته بقوة و دفنت رأسها بصدره و بكت .. ربت على رأسها و قبله بحنان
- " اششش .. انا هنا يا سارا .. ارجوك توقفي عن البكاء "
ابتعدت عنه و أخذت منديلا و مسحت به دموعها .. جلس على ركبته امامها و اخذ يدها بيده و اجبرها على النظر في عينيه
- " قولي بأنك لازلت تحبيني يا سارا ؟! "
اشاحت بنظرها عنه فهي لن تستطيع ان تنكر .. ضغط على يدها
- " انت تحبيني .. للاسف مهما حاولت ان تخبئي فعيناك تفضحانك .. اعرف بأنك تمنيتي مثل امنيتي .. و تحقق جزء منها .. فأعطني فرصة يا سارا لاحقق الجزء الاخر و نعيد حياتنا كما السابق... تزوجيني يا سارا .. "
آلمتها كلماتها فسارت بعيدا عنه .. لكنه تبعها و امسك يدها و اجبرها للنظر إلى وجهه مرة آخرى
- " مهما حاولت الابتعاد عني يا سارا سأقترب منك حتى تقبلين الزواج مني "
تكلمت و أخيرا لكن صوتها كان مخنوقا
- " لا يا جيمس .. مستحيل .."
- " و ما هو المستحيل يا سارا ؟! انا و انت نحب بعضنا .. لقد واجهنا الاعاصير و الفياضانات و نستطيع ان نواجه الزلازل .. اعطيني فرصة يا سارا و لن اخذلك ابدا .. اعرف باني جرحتك و اعترف بخطئي و اني نادم اشد الندم لاني تركتك تذهبين في اول مرة مع اني كنت استطيع اللحاق بك و ايقافك .. لكني وافقت على الطلاق لاني احبك و لاني اريد الافضل لك و لطفلي .. لاني لا اريد ان اعيشكما في ذلك البؤس .. بل كان خير لكما ان تغادرا للعيش في منزل حيث الامان و الراحة متوفران بدل من تلك المزربة الحقيرة التي وضعتك فيها .. كرهت نفسي لاني فعلت بك ذلك .. و اقسمت بعد ان غادرتي ان استعيد كل شيء خسرته.. و ها انا هنا يا سارا واقف امامك و قد استعدت أغلب الاشياء الثمينة.. الا انت .. سارا ..اثمن شيء بحياتي .. انا احبك .... و اعرف بانك تكنين لي نفس المشاعر .. و لك الحق بأن ترفضيني بعد كل الالم الذي سببته لك .. لكن اتمنى ان تعطيني فرصة لاثبت لك باني تغيرت و تعلمت من اخطائي ... و ادركت باني لا استطيع العيش من دونك "
جذبها بخطابه و اقنعها كثيرا .. انها تحبه .. بل تعشقه .. اذا لم كل هذا الكبرياء و العناد ؟!! انها تعذبه و تعذب نفسها .. وقفت تنظر إلى عينيه التي لمست فيهما الصدق .. و فكرت بعقلها و قلبها هذه المرة ... ان هذا الرجل هو حب حياتها .. و لقد واجهة التحديات التي اعترضت طريق حبهما كثيرا.. و وقفت بوجه والدها من أجله ..
نزل امامها و وقف على ركبتيه و أخذ يدها و قال بصوت كله رجاء
- " سارا .. اني اطلب منك للمرة الثانية .. اعطيني فرصة لاعبر لك عن حبي بطريقتي .. و اعدك باني لن اجرحك او أؤذيك مرة اخرى .. ابدا .. سارا هل تقبلين الزواج مني ؟! "
هيا قولي نعم .. نعم لاني احبك .. نعم لانك اب اطفالي .. نعم لانك حب الطفولة و المراهقة .. نعم لاني عشت معك اجمل مغامرة .. نعم لانك عيشتني بسعادة كالاميرات .. و بسعادة الفقيرات .. لقد ذقت معك كل حلو و مر .. فماذا تبقى لارفضك ..
وقف طويلا ينتظر اجابتها .. حتى آلمت ركبته ... لكنه ضغط على نفسه و صبر .. لن ييأس .. فلا حب مع اليأس ..
و أخيرا فتحت فمها لتنطق .. لكنها عدلت عن ذلك .. و بدل من أن تنطق .. هزت رأسها و أومأت
لم يصدق .. فعاد و طرح سؤاله من جديد ..
- " هل قبلتي الزواج مني يا سارا ؟ "
اومأت و قد انهمرت دموعها فاختلط ضحكها مع بكاءها و هي تقول
- " نعم .."
- " يا الهي .. لا اصدق .."
حملها بين يديه و قبلها بكل شغف .. تعلقت برقبته و بادلته حرارة القبلات .. كانت الدنيا بالكاد تسع فرحته و سعادتها التي لا توصف ..
انزلها على الارض ثم أخرج من معطفه علبة مخملية و اخرج منها الخاتم الذي تركته قبل ان تغادر أي قبل عشر سنوات .. وضعت يدها على فمها و هي تنظر إلى ذلك الخاتم الذي ارتدته من قبل يلمع و يبرق أمامها .. اخذ يدها و البسها إياه ثم طبع قبلة على يدها .. ضمته بقوة و قالت
- " احبك يا جيمي .. "
- " و اخيرا نطقت بها .. كنت سأموت و انا انتظرها منك .. بالله عليك أعيدها "
- " احبك .. احبك .. احبك .."
ظلا لفترة متعانقين و بدأت خيوط الصباح بالظهور .. قال لها جيمي و هو ينزلها على الارض
- " لنوقظ الاطفال و نخبرهما بأنها تثلج حبا و سعادة .."
وافقت و اقتربت من فيكتوريا لايقاظها
- " استيقظي يا عزيزتي .. انها تثلج .. سيكون وقتا جيدا لفتح الهدايا .."
بينما اوقظ جيمس فيكي من نومه
- " فيكي ..بني .. ألا تريد فتح الهدية التي احضرتها لك ..او ما رأيك أن نلعب الثلج في الخارج .. لانها تثلج .. عيد مجيد .."


_ تــــــــمــــــــــت _
قـــــــــــــــــــــــــــراءة ممتعة
ودي وحبي
المــــــلاك & Angel 1118


تجميع زهور حسين

تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -