بداية

رواية صورة للذكرى -10

رواية صورة للذكرى - غرام

رواية صورة للذكرى -10

ركض بعيدا فقررت ان تدخل لايقاظهما و الذهاب لتناول الفطائر المحلاة التي يحبها فيكي ..
و بعد ساعتين كانوا يتناولون الفطائر اللذيذة مع القطر كانت سارا و فيكتوريا يتناقشان عن الحفل و الدعوات
- " ماذا سيكون الشعار ؟ "
- " لا اعرف لم أقرر بعد "
- " و متى ستقومين بطبع الدعوات ؟ "
- " عندما ننتهي منهم .. يجب ان نعمل على انهاءهم اليوم .. حتى يتسنى لي اراسلهم إلى المدارس و الجهات الاخرى التي قد تشارك في هذا الحفل "
- " لديك اسبوع "
- " نعم بالكاد يكفي .. فهناك تجهيز ديكورات المسرح و حتى يتسنى للمشاركين ان يبعثوا طلب المشاركة و بالتالي تريتب الفقرات .. و من تلك الامور "
- " اه صحيح بالكاد يكفي "
كان فيكي ساكتا طوال الوقت مستمتعا بالفطائر اللذيذة .. فجأة تذكر شيئا ففتح فاه و نطق
- " ألم يتصل جيمس ؟ "
انتبهت سارا لاسم جيمس فالتفتت على فيكي
- " لا لم يتصل .."
اوما برأسه و قد شعر بخيبة أمل فغدا ستقام المباراة ..
في الطريق بقي فيكي ساكتا و بدا متضايقا جدا .. ارادت سارا ان تفاجئه في الغد لذلك لم تخبره بأن جيمس حصل على التذاكر .. رأت الرينج روفر لجيمي مركونة .. فقالت لفيكي المشغول بالنظر إلى اللعبة التي بين يديه
- " انظر من هنا "
رفع رأسه لينظر من النافذه فصاح بصوت عال عندما راى جيمي يخرج من السيارة
- " جيمس "
و بسرعة ترجل من السيارة و ركض ناحية جيمي .. حضنه بقوة
- " أهلا فيكي .. كيف حالك ؟ "
- " بخير .. هيا اخبرني .. هل حصلت على التذاكر ؟ "
وقفت سارا و فيكتوريا ينظران إليهما .. الاب و ابنه
- " ماذا تعتقد انت ؟ "
- " هيا اخبرني ارجوك .. حصلت عليهم أليس كذلك ؟"
اخرج من معطفه تذكرتين و قال بمكر
- " و ماذا تعتقد من والدك ؟!!"
قالها لا شعوريا .. ثم سكت فجاة و أخذ يتبادل النظرات مع سارا التي وقفت مصدومة .. كان قلبها يضرب بقوة في صدرها التفتت ناحية فيكتوريا التي اصطنعت بانها تتحدث بالهاتف و كأنها لم تسمع ما قاله جيمس .. و كذلك فيكي لم ينتبه فقد كان مشغول بالنظر إلى التذاكر .. لذلك اطمأنت سارا و اقتربت منه و الغضب يتطاير من عينيها .. ابتعد عن فيكي و اقترب منها بدوره .. قالت بحدة و بصوت مخفوت حتى لا تسمعهما فيكتوريا
- " بماذا تفكر يا جيمس ؟! "
- " انتظري .. لا تسبقي الاحداث صديقيني لم أقصد أن ...."
- " يا إلهي يا جيمي لقد اخبرتني بانك ستخبرهما معي في ذلك اليوم .. "
- " قلتها لا شعوريا صدقيني لم أقصد .."
- " أنت عديم المسؤولية .. كعادتك ..."
تركته و دخلت المنزل .. ضرب الهواء بقبضته و شتم نفسه
- " تبا لغباءك "
تذكر وجود فيكتوريا و فيكي معه بالخارج .. اقترب خطوتين من فيكتوريا لكنها كانت تبتعد و هي تتحدث بالهاتف مع الهواء .. لكن فيكي اسرع و ضم جيمي من وسطه
- " شكرا لك يا جيمس .. انها في اول صف من الشرفة المطلة .. أفضل مكان لطالما حلمت أن أجلس فيه "
- " جيد .. سأمر لأخذك غدا في السادسة "
- " سأنتظرك "
دخل فيكي و هو سعيد راكضا حتى يخبر والدته و يريها التذاكر .. فبقيت فيكتوريا بالخارج .. اقترب منها جيمي و قال بصوت مبحوح ..
- " مرحبا "
تجاهلته .. لكنه ظل واقفا ينتظر أن تنهي مكالمتها .. كانت سارا تنظر إليه من خلال النافذة و يدها على قلبها ..
- " اتمنى ان لا يتصرف بغباء "
- " من هو ؟!"
انتبهت لصوت فيكي فاستدارت
- " لا احد .. الطير "
- " حسنا انظري إلى التذكرتين انها في اول صف و على الشرفة .. أفضل مكان "
- " آه جيد "
- " ان جيمس رائع .. سيأخذني غدا في السادسة ... يا هووووو "
اخذ الهاتف حتى يتصل بأصدقائه و يخبرهم .. فعادت سارا لمراقبة جيمي الذي يحاول ان يتجاذب اطراف الحديث مع فيكتوريا التي أغلقت سماعة الهاتف للتو و أجابته
- " مرحبا بك .. جيمس أليس كذلك ؟!"
- " نعم .. لقد قابلتيني من قبل "
- " لا أذكر .."
كان يقصد في ذلك اليوم عندما فتحت له الباب .. لكنها كانت تقصد عندما كانت صغيرة و لقد كذبت
- " أنت تشبهين والدتك كثيرا "
- " تستطيع ان تقول ذلك .. لانني لم أقابل والدي حتى أحكم "
سكت لبرهة و كأنه شعر بأنها تعرف من يكون .. فقرر أن يجاريها بالحديث
- " و أين والدك ؟"
رفعت كتفيها و قالت بلا اكتراث
- " في مكان ما .. ليس ببعيد .. كل ما أعرفه أنه في الولايات المتحدة "
اوما برأسه .. احس بشيء من العدائية تجاهه من قبلها
- " ألم تقابليه من قبل ؟ ألا تذكرين شكله ؟ "
- " لا .. إلى ماذا تلمح يا سيد ؟! لم تسألني عن والدي ؟ هل تعرفه ؟ "
- " لا لا اعرفه ..آسف لم أقصد ازعاجك .. يجب أن أذهب .. "
استدار ليذهب فلوحت له بيدها و قالت بمكر
- " إلى اللقاء .. جيمس .."
انطلق بسيارته فوقفت فيكتوريا بمكانها منزعجة فهذا أول حوار مع والدها و كان حوار جافا لم تظن في يوم ما بانها ستقابل والدها و تتجاذب معه أطراف الحديث بتلك الطريقة فكانت تحلم مرار بأنها قابلت والدها و انها تتفاخر به أما زميلاتها .. لكن الحقيقة مختلفة جدا عن الاحلام و التخيلات..
سألتها سارا بسرعة عندما دخلت المنزل
- " رأيتك تتحدثين إلى جيمس "
- " نعم .. قال لي بأني أشبهك كثيرا "
- " و ماذا قلت له ؟ "
- " لا شيء .. قلت له هذا صحيح لاني لم اقابل والدي "
فتحت سارا عينها باتساع و بدت منشدة أكثر لان تعرف ماذا قال لها
- " و بماذا أجابك ؟ "
- " لا شيء.. امطرني بأسألة غريبة عن والدي و ان كنت قابلته .."
- " نعم و ماذا قلت له ؟ "
- " امي .. ما بك ؟ قلت له لا اذكر شكل والدي و لم اقابله .. هذا كل ما في الامر "
- " ألم يقل لك شيئا آخر ؟ "
- " لا .. ودعني و ذهب "
تنهدت سارا ارتياحا فالحمد لله بانه لم يتصرف بغباء ..لكن فيكتوريا هي التي تصنعت الغباء ..
تركتها سارا بسرعة حتى لا تبدأ معها فيكتوريا تحقيقا آخر .. أحضرت ورقة و قلما و نادت على فيكتوريا حتى تساعدها بتصميم بطاقات الدعوة و الاعلانات ...
و في ساعة متأخرة انتهيتا من كل شيء ..


في الصباح ذهبت سارا مع كلوديا لرؤية المسرح و تنقشتا حول الديكورات لفترة طويلة حتى قررتا أن تكون الديكورات رسومات للأطفال تتعلق بموضوع ( الامل ) رحبت كلوديا بالفكرة و اخبرت سارا أن تبدأ بإنجازها .. و بعد ذلك اتجهتا لطبع الدعوات التي أحبتها كلوديا كثيرا و قالت بان فيكتوريا كوالدتها.. فنانة ماهرة ..
بعد أن تاكدت سارا بان كل الدعوات أرسلت و أن الاعلانات علقت .. عادت إلى المنزل في الساعة السادسة وصلت قبل وصول جيمي .. الذي طرق الباب ففتحته هي ..
- " مساء الخير "
- " تفضل "
دعته للدخول ريثما تنادي فيكي لكنه أوقفها
- " سارا .. انتظري اريد التحدث معك "
نظرت إليه كان هادئا و جديا
- " اسمعي .. ما حدث بالامس كان خطأ غير مقصود .. اقسم لك "
- " لا بأس يا جيمس "
نظر إليها و قال مبتسما بافتتان إلى مظهرها البسيط بفستانها الابيض و شعرها البني المسدول على كتفها
- " أفضل ان تناديني بجيمي .."
تورد خديها خجلا فنظراته توترها و كذلك نبرة صوته و رائحة عطره .. بل وجوده في العالم بأسره يجعلها مظطربة ..
- " من الافضل ان انادي فيكي حتى لا تتأخرا "
صعدت الطابق العلوي و دون أن يبعد بصره عنها .. تنهد بحسرة ... و بينما هو واقف ينتظر في الردهة دخل تود و صاح عاليا
- " سارا هل انت هنا ؟ لقد رأيت سيارت..."
انتبه لوجود جيمي واقفا بالردهة و ينظر إليه باشمئزاز .. مد تود يده يصافحه
- " مرحبا أنا تود .. أنت جيمس أليس كذلك ؟ "
تردد جيمي قبل أن يمد يده ليصافحه فهذا الرجل هو منافسه على قلب سارا .. لكنه قرر ان يعمل من عدوه صديقه .. فصافحه
- " نعم أنا جيمس .. "
- " ماذا تفعل هنا اذا ؟! "
- " آخذ ابني فيكي لحضور مباراة كرة القدم "
- " آه صحيح أخبرتني سارا "
نزلت سارا و برفقتها فيكي الذي نزل بسرعة و صافح جيمي
- " مرحبا جيمس"
ثم استدار و ألقى التحية على تود
- " أهلا تود .. هذا جيمس .."
- " نعم أعرفه جيدا "
انزعج جيمس من كلمة تود ( اعرفه جيدا ) و كيف يعرفني .؟؟ أيعني بان سارا تتحدث كثيرا عني ؟! ماذا يقصد ؟!! نظر إلى سارا و حدجها بنظرة حادة
- " هيا فيكي لنذهب "
اقتربت سارا من ابنها و ساعدته على ارتداء معطفه
- " كن ولدا مهذبا "
قبلته ثم استقامت واقفة و نظرت إلى جيمي الذي يحدق فيها
- " لا تتأخرا في العودة .. اعتني به جيدا "
لم يرد عليها بل اكتفى بان ألقى نظرة باردة ثم خرج من الباب ... ظلت سارا واقفة تنظر إلى الباب و قلبها متألما .. ربت تود على كتفها و قال بهدوء
- " كل شيء على ما يرام ..لا تقلقي انه والده و سيعتني به جيدا"
- " هل رأيت كيف ألقى علي نظرة باردة كالثلج ؟ "
- " لا عليك "
استدارت تنظر إلى تود ثم سألته
- " لم أنت متأنق ؟!"
- " سأذهب اليوم "
- " لا .. لقد قلت في الاسبوع القادم "
- " اعرف لكني لم أجد حجزا غير اليوم .. المطارات مزدحمة جدا و من الصعب ان تجدي حجوزات في موسم العيد "
- " سأشتاق لك .. لا تتأخر في العودة يا تود فلقد اعتدت على جاري العزيز"
- " و انا كذلك .. سأشتاق لك .."
ضمته فقبل وجنتيها و قال قبل ان يغادر
- " اعتني بنفسك .. ساتصل بك يوم العيد و سأرسل الهدايا لاحقا "
- " سانتظر مكالمتك و الهدايا اذا "
- " وداعا "
خرج و مع خروجه رن جرس الهاتف فالتقطته سارا و اذا به والدها
- " مرحبا يا اميرتي "
- " ابي .. كيف حالك .. انني مشتاقة لك "
- " و انا كذلك .. لقد اخبرتني والدتك عن الحفل كما اخبرتني بانك قلتي ان اعد فقرة للحفل و ضحكتما .. هل هذا صحيح ؟"
ضحكت سارا و اجابته
- " نعم .. آسفة .. اذا ماذا هل ستشرفاني بزيارتكما ؟ "
- " لا .."
شعرت بخيبة أمل فتوقفت عن الضحك لكنه أردف قائلا بسرعة
- " ليس انا و امك فقط بل ايضا ستيف و زوجته الحامل "
ابتهجت و قفزت بمكانها
- " حقا .. زوجة ستيف حامل .. يا الهي خبر رائع .. "
- " و هناك مفاجاة أخرى "
- " ما هي اخبرني يا ابي ؟"
- " لا و إلا لن تكون مفاجأة "
- " اه يا ابي ستجعلني انتظر "
- " تعلمي الصبر .. هل الامور تسير على ما يرام ؟ "
- " نعم "
كذبت .. فهي لم تشأ أن تخبره بامر جيمس و تتمنى ان يغادر جيمي قبل ان ياتي والدها
- " جيدا اذا .. اراك بعد اسبوع "
- " سأنتظركم بفارغ الصبر و بالاخص مفاجاتك "
- " والدتك تسلم عليك و تقول لك قبلي حفيديها "
- " سأفعل .. إلى اللقاء يا ابي "
سعدت لان الامور تسير على ما يرام و ستكون افضل لو ان جيمس غادر .. و اذا لم يفعل ؟!! ماذا سيحدث ؟!! هل سينهار والدها ؟! يا الهي .. كيف تقول اذا ان الامور تسير بشكل طبيعي .. يجب ان ابعد هذه الافكار السوداء من رأسي ..
دخلت فيكتوريا المنزل و رأت والدتها تاخذ غرفة الجلوس ذاهبا و إيابا و كانت قلقة
- " مابك يا امي ؟!"
- " لا شيء .. لقد تأخر فيكي بالعودة "
- " انها الثامنة و النصف .. المبارة في منتصفها .. قد يصلان في العاشرة او الحادية عشر اذ لم يكن الشارع مزدحما .. "
- " اه الوقت يسير ببطء جدا ..."
- " اهدئي .. يبدو ان جيمس يحب فيكي و سيعتني به جيدا لا تقلقي "
قالت بسرها ( بالطبع فهذا واجبه كأب ..) تنهدت و استلقت على الكنبة
- " ألن نقوم بتزين الشجرة ؟"
- " ليس قبل ان يعود اخوك "
- " اذا دعينا نرتب الزينة و نفكها .. اه اين تود حتى يساعدنا بتعليق الزينة في الخارج فهو الذي سيصعد على السطح "
- " لقد غادر تود و لن يعود إلى بعد العيد "
- " اذا من سيعلقها ؟! "
- " انا "
- " هل جننت يا امي ؟! "
ضحكتا و اتجهتا إلى المخزن في المرآب للبحث في الصناديق عن الزينة جلستا على الارض تفكا الزينة المتشابكة ببعضها و تلقيا الاخرى التالفة ..
- " لم اتصور هذا العمل شاق و ياخذ وقتا طويلا "
- " لان فيكي هو من وضعها بتلك الطريقة فجعلها متشابكة "
و على نطق اسم فيكي دخل و هو يصفر و يصرخ بمرح و يركض بالمرآب و هو مسكا يدا زرقاء كبيرة تشير إلى علامة النصر
- " فاز النيكس .... فاز النيكس ... وااااااو .."
دخل المرآب جيمي و ألقى نظرة على سارا و فيكتوريا الجالستان على الارض و هما يحاولان بإجهاد فك الزينة المتشابكة
- " هل استمتعت بوقتك ؟ "
- " ما رأيك يا امي ؟ بالطبع لقد فاز النيكس و كنت اجلس في الشرفة ... وااااااو "
ضحكت سارا فاستقامت واقفة و اقتربت من جيمي
- " شكرا لك "
- " بل انت شكرا لك لانك سمحتي لي بأخذه "
اومأت برأسها و ابتسمت له فبادلها الابتسامه و قلبه يتفتت ..كانا يتبادلان نظرات الاعجاب و الافتتان عندما صاحت فيكتوريا قائلة
- " هيا يا فيكي ساعدنا بفك الزينة التي عقدت فتحها "
- " انا ؟ "
- " نعم انت "
- " لا لم أفعل ؟ "
- " بلى .. أنت من ضبها آخر مرة "
- " لا ..."
- " بلى ..."
قاطعا على سارا و جيمي اللحظة التي دارت بينهما و الشرارة المتطايرة فاستدارت سارا و نهرتهما
- " كفا عن الشجار .. هيا يا فيكي ساعد اختك بينما احمل الشجرة إلى الداخل "
تركت جيمي واقفا ينظر إلى عائلته الصغيرة و هم يستعدون للعيد .. و تذكر فيما مضى عندما كان يذهب مع والده لقطع شجرة العيد و يقوم بتزينها مع والدته و سارا مع والدتها عندما كانا في المرحلة الاعدادية قبل ان تبدأ المشاكل .. قطع حبل ذكرياته منظر سارا و هي تجر الشجرة الثقيلة فأسرع بحملها بنفسه ...
- " آه ... ستؤلم ظهرك يا جيمس"
- " جيمي .. ناديني بجيمي .. أين أضعها؟؟ "
- " في غرفة الجلوس "
دخل غرفة الجلوس فتبعته و قالت له بأن يضعها بين النافذة و المدفأة .. و ضعها بصعوبة ثم نفض الاوراق عن كتفه ... قهقهت سارا و هي تنظر إليه .. فابتسم سائلا
- " لم تضحكين ؟ .."
اشارت على رأسها و قالت
- " هناك ورقة على رأسك "
- " اين ؟ هنا ؟"
وضع يده على رأسه يبحث عن تلك الورقة التي أضحكت سارا
- " لا .."
اقتربت منه و وضعت يدها في شعره و جذبت الورقة الصغيرة ... اشتعل نارا في مكانه مثل ذلك الخشب المشتعل في المدفأة .. أنزلت عينيها فاصطدمت بعينيه اللامعتين .. توقفت عن التنفس لثانيتين فلقد بدا وسيما جدا فجأة خاصة بعد أن لمست شعره الناعم الذي لطالما أحبت أن تخلل أصابعها فيه عندما يضع رأسه على فخذيها فتاخذ هي باللعب في خصلات شعره حتى ينام كالطفل في حجر امه .. دنا منها قليلا و قرب شفتيه محاولا تقبيلها بدت منجذبة له و كادت ان تلامس شفتيه لكن فيكتوريا و فيكي دخلا غرفة الجلوس و هما يتشاجران و بيدهما الزينة ...
- " امي انا افضل ان نمزج اللون الابيض مع الاصفر "
- " لا الاحمر هو لون العيد "
تراجعت خطوات للخلف و اشاحت ببصرها عن جيمي .. كان صدرها يعلو و يهبط بتوتر و احراج..
- " ماذا تقولين يا امي ؟ "
سألتها فيكتوريا .. لكنها توقفت عندما رأت جيمي منزعجا و والدتها متوترة و خديها متوردين .. لكن فيكي كعادته لم ينتبه إلى احد فسأل جيمي
- " ما رأك يا جيمس ألا توافقني بأن اللون الاحمر هو أفضل للزينة ؟ "
- " انا أرى بان تمزجوا الالوان "
سعدت فيكتوريا و فيكي بفكرة مزج الالوان .. لكن سارا استدارت و نظرت إلى جيمي .. فلقد زينا في مرة من المرات بألوان الطيف و كانت الشجرة خلابة .. غمز لها جيمس و ابتسم لها بطريقة عذبتها .. فلم تستطيع ان تقاوم ابتسامته ..لذلك بادلته بابتسامة أخرى صافية ..
- " هيا يا امي لنعلق الزينة .."
اقتربوا يعلقوا الزينة .. وقف جيمس ينظر غليهم و تمنى ان تدعوه سارا لمساعدتهم لكنها لم تفعل فقرر ان يحمل كبرياءه و يغادر و لا يعود إلى بعد ان يصدر قرار المحمكة و ذلك في الاسبوع القادم..
- " حسنا .. انا ذاهب .. "
التفت فيكي ناحيته و قال له
- " لا يا جيمس ابقى معنا .. ماما .. قولي له بأن يبقى .."
نظرت إليه سارا بنظرات لا تحمل اية معنى .. فهي بداخلها تتمنى ان يبقى لكن عقلها يرفض وجوده حولها .. انتظر لدقيقة ان تدعوه لكنها بقيت ساكتة ففهم بأنها تفضل ان يذهب .. قال بشيء من الضيق لكنه مع ذلك ابتسم
- " مرة اخرى يا فيكي "
أنزلت سارا رأسها و استدارت حتى لا يرى انها انزعجت بدورها لانه سيغادر .. و عندما رات فيكتوريا ذلك المشهد الصغير قررت أن تبادر بنفسها بإنقاذ الموقف
- "انتظر .. "
اغلق جيمي الباب مرة أخرى و نظر إلى فيكتوريا
- " امي نحتاج لرجل لمساعدتنا في تعليق الاضواء على المنزل .."
- " نعم هذا صحيح "
وافق فيكي اقتراح أخته و انتظروا جميعا إجابة سارا التي لم تنطق لكنها اكتفت بأن هزت رأسها بالايجاب ..
- " هل تفعل ذلك يا جيمس ؟ "
سألته فيكتوريا و لاول مرة بدت غير عدائية و مرحبة بفكرة وجود والدها بينهما فيعملوا جيمعهم كعائلة سعيدة بالاستعداد للعيد القادم على الابواب ..
- " حسنا .. أين هم الاضواء ؟"
ناولته الصندوق الذي يحمل الاضواء و هي تبتسم فأخذها منها و ابتسم لها بدوره .. أحست بانها أحبت هذا الرجل .. والدها .. و شعرت بالندم لانها عاملته بجفاف بالامس .. و لمست منه الحب لها و لاخيها و بالاخص لوالدتها .. لكن الذي لا تفهمه هو سبب ابتعاد والدها كل تلك السنوات و سبب رفض والدتها اخبراهما عن حقيقته ؟!! كل شيء في وقته ... هكذا طمأنت نفسها و أفكارها ...
خرج جيمس و فيكي لتعليق الزينة و الاضواء على المنزل بالخارج .. كانت سارا و فيكتوريا يغسلا اطباق العيد و ترتيبها في الخزائن و كذلك تغيير مفارش الطاولات و المائدة و وضع الاخرى الخاصة بالعيد التي تحمل نقش الاوراق و الاجراس و تعليق رسومات حيوان الايل التي رسمتها فيكتوريا عندما كانت في الخامسة .. ارادت فيكتوريا ان تتحس النبض فقالت لوالدتها
- " يبدو جيمس رجلا رائعا "
رفعت سارا بصرها إليها و سألتها بابتسامة
- " و كيف عرفت ؟! "
- " انه يهتم بفيكي كثيرا يبدو بانه يحبه .. كما انه يحب مساعدتك كثيرا .. هل كان بينكما علاقة فيما مضى ؟ "
استغربت سارا سؤالها و قلبها يضرب بقوة
- " و لم تقولين ذلك ؟"
- " لاني رأيت كيف ينظر إليك .. إنه معجب بك كثيرا "
- "حقا ؟؟! أقصد .. لا .. انه ينظر إلي بطريقة عادية .. ليس هناك شيء و كفي عن التحقيق "
- " حسنا كما تشائين ... لكني اقسم بانه ينظر إليك بافتتان .. كل ما اريد قوله بانه سيكون رجلا رائعا لو أعطيته فرصة "
- " فيكتوريا ..."
- " حسنا .. حسنا ..نسيت فهناك تود "
- " يا إلهي .. ليس هناك شيء بيني و بين تود و لا حتى جيمي.. أقصد جيمس ..."
فكرت سارا بكلامها الذي اتى في وقت غريب .. كيف لفيكتوريا ان تحب رجلا لا تعرفه .. ربما احست تجاهه بمشاعر قديمة .. او شيء من الالفة ..
دخل جيمي و فيكي بعد ساعة من التعليق و وجهما أحمر و يدهما باردة كالثلج ..
- " لقد انتهينا "
قال فيكي و هو يدفأ جسده البارد عند المدفاة فاقترب جيمي ايضا من المدفأة .. رفع يده فنظر ان الساعة تشير إلى الثانية عشر صباحا .. قال معلقا
- " حسنا يجب ان اذهب الان فلقد تأخر الوقت كثيرا .."
لكن سارا قالت له بخجل و ترددت كثيرا قبل ان تتكلم إليه
- " ما رأيك بشراب الشوكلاته ؟ انه عربون شكر "
- " نعم نعم يا جيمي شراب الشوكلاته التي تعده والدتي مع حلوى الخطمي لذيذا جدا "
أضافت فيكتوريا
- " و يبعث الدفء في هذا الجو البارد "
شعر جيمس بالبهجة لقد دعته سارا لشرب الشوكلاته المفضل عنده و بالاخص الذي تعده هي ابتسم و هذا بادرة حسنة منها و خطوة كبيرة بالنسبة إليه ..فقال مبتسما
- " و من يرفض دعوة سارا و شرابي المفضل "
بجملته الاخيرة الصادقة دغدغ مشاعرها فاتجهت للمطبخ و قامت بإعداد الشراب بينما جلس الثلاثة في غرفة الجلوس ينتظرانها و بعد دقائق دخلت و هي تحمل صينيه بها أكواب الشوكلاته فاخذ كل منهم كوبا و بدا المكان هادئا لاندماجهم بشرب الشوكلاته اللذيذة
- " انه لذيذ جدا كما السابق فأنا لا أنسى طعمه ابدا فقد بقي محفور بالذاكرة كأشياء أخرى كثيرة "
كان يلمح إلى أشياء أخرى بعيدة .. توترت سارا لكنها ابتسمت له .. و اشاحت بنظرها عنه .. لكن عيناه بقيت مسمرتين عليها ..
- " هل تذوقت شراب الشوكلاتة الذي تعده والدتي من قبل يا جيمس؟ "
- " نعم ..و احبه كثيرا "
لم يهتم فيكي بالتفاصيل وراء جوابه لكن فيكتوريا استكشفت الكثير ..
- " متى ستعود إلى واشنتون ؟"
سأله فيكي ..
- " غدا .. صباحا .. لكني ساعود على نهاية الاسبوع "
نظرت إليه سارا و ضميرها يعذبها .. و هي تخشى من ان يصدر حكم القاضي بالسماح لجيمي برؤية أبنائه و من ثم ياتي في العيد و يقابل والدها و تتعقد الامور اكثر و اكثر ..
كانت فيكتوريا تنظر إليه و ابتسامة على شفتيها فهذا الرجل هو والدها ... نعم إنها تذكره جيدا الان .. فهذه طريقة جلوسه .. و هذا صوته .. و تلك هي رائحته .. انها لا تنساها ابدا .. مثلها مثل ابتسامته .. ارادت ان تخبر والدتها بانها تريد والدها ان يعود لحياتهما فمن الجميل ان يكون لها اب يعتني بها كما يفعل جدها لسارا .. يدللها و يبالغ بحمايتها حتى و هي امرأة ناضجة .. و بينما هي تحلم و تتخيل ان والدها يعيش معهما و كيف ستكون حياتهما أفضل .. غفت على الكنبة و كذلك فيكي الذي كان نائما منذ فترة .. انتبهت سارا لصوت شخير فيكي فضحكت و ضحك جيمي معها .. بعد ذلك ساد الصمت من جديد .. عندما تلاقت عيونهما.. قال جيمي كاسرا بذلك حاجز الصمت
- " سأحمله للفراش "
- " لا لا تتعب نفسك "
- " لا بأس "
حمله و صعد به الدرج و وضعه في فراشه ظل لفترة ينظر إليه ثم طبع قبلة على رأسه و خرج فوجد سارا تخرج من غرفة فيكتوريا اقترب منها و همس
- " هل تسمحين لي ؟ "
كان يريد ان يدخل لغرفة فيكتوريا فأفسحت له المجال كي يدخل .. مشى بهدوء و اقترب منها طبع قبلة على جبينها و قال بصوت خافت
- " نامي بهناء يا أميرتي الصغيرة "
سمعته سارا الواقفة عند الباب و تألمت كثيرا .. و زاد تالمها عندما رأت فيكتوريا تبتسم ثم تغط بنوم عميق بارتياح .. خرج من الغرفة و أغلق الباب خلفه وقف ينظر إلى سارا ثم قال
- " اذهبي للنوم و سأغادر أنا .."
- " لا سأتبعك لأغلق الابواب من بعدك "
اومأ برأسه و نزل الدرج بهدوء مشت خلفه .. اخذ معطفه و قبل أن يخرج استدار ليواجه سارا
- " أشكرك سارا لانك اعطيتني فرصة لان اخذ ابني .. لقد استمتعت كثيرا ... "
ابتسمت له فأردف قائلا
- " و اشكرك لانك اعددتي لي شراب الشوكلاته اللذيذ .. و سمحتي لي بأن أقبل امريتي الصغيرة .. لقد اشتقت لكم يا سارا .. اشتقت لكم كثيرا .."
ارادت أن تبكي و تعانقه ..و انا اشتقت لك يا جيمي .. يا الهي .. هل هي بتلك القسوة بأن تحرم طفليها من والدهما الحنون ؟؟! فقط لانها تخشى ان تقابله في كل مرة يأتي لرؤيتهما ؟؟!! هل يمكن أن تكون بتلك الانانية ؟!!
وقف يتأملها لدقائق .. و شعر برغبة جامحة لتقبيلها .. لكنه اعدل عنها و لم يشأ أن يستعجل بالامور .. سيأخذ كل شيء بتروي .. و من ثم ستعودين لاحضاني يا سارا مولر .. و ستصبحين سارا بروكس عما قريب ..
- " عمتي مساءا .. اعتني بنفسك "
- " و انت كذلك "
استدار و خرج فأغلقت الباب خلفه و أوصدته بالاقفال .. ثم سمعته ينطلق بسيارته و قد اخذ معه قلبها المريض بالحب معه...
-13-
انشغلت سارا طوال الاسبوع بالتجهيز لحفل المواهب الذي سيقام في ليلة العيد و كذلك بالتلقي لطلبات المشاركة من قبل مدارس عدة و من أهالي و سكان المنطقة.. سعدت بهذا الكم الهائل من المشاركين و قامت بترتيب الفقرات مع كلوديا التي علقت قائلة و هي ترى الاوراق المتراكمة على مكتب سارا
- " يا الهي يوم واحد لا يكفي لتلك المواهب التي لا تعد ولا تحصى "
- " سنبدأ باكرا هذا أفضل حل "
- " نعم على ما يبدو "
نظرت سارا إلى الساعة المعلقة أمامها و تذكرت الجلسة التي ستعقد اليوم
- " يا إلهي لقد تأخرت على جلسة المحمكة "
- " آه هذا صحيح آسفة لاني أخرتك "
- " لا ..لا عليك .."
- " هل تريديني ان ارافقك ؟ "
- " لا بأس سأكون على ما يرام .. سيد انتوني معي "
- " حسنا طمانيني باتصالك "
- " سأفعل .. تمني لي التوفيق "
دخلت القاعة متأخرة فتأسفت من الجميع .. رفع جيمي بصره إليها و ابتسم لها استغربت اول مرة لكنها بادلته الابتسامه بواحدة صغيرة .. همست في إذن السيد انتوني وتأسفت من القاضي الذي أمر بان يبدأ السيد انتوني بالتحدث
- " مرحبا حضرة القاضي .. انا أسف لما بدر مني تلك الجلسة "
- " يجب ان تعتذر من السيد بروكس "
اومأ جيمس برأسه بأنه قبل العذر ..
- " سيدي القاضي كما قلت بنفسك بتلك الجلسة بان اذا دخل السيد بروكس الى حياة الاطفال سيجعلهما مظطربان في عائلة مشتتة و قد تتعقد امورهما "
وقف السيد جاشوا و قال
- " لكن هو والدهما .. "
قاطعه جيمس و استقام واقفا
- " هل لي بالتحدث يا حضرة القاضي "
- " بالطبع تفضل "
فالتفتت الجميع عليه منصتين .. نظر إلى سارا المندهشة كان هادئا جدا و مبتسما
- " كان يجب ان نتحدث انا و سارا قبل ان ارفع القضية للمحكمة لكنها رفضت .. و انا لا ألومها بالحقيقة فلقد ظهرت في حياتها فجاة و دون سابق أنذار .. و بالطبع سارا تحاول ان تحمي الاطفال بطريقتها .. لكن أريد أن أخبرك يا سارا أنا لست هنا حتى آخذهما منك ..أبدا.. بل لم أفكر بذلك قط ..و لا أنوي أن أجعلهما يظطربان لوجود أب لهما بتلك الطريقة المفاجئة .. إذا تفاهمنا ستنحل المشاكل كلها .. أنا مستعد و سانتظرك ريثما تكوني مستعدة .. سأبتعد و سأعطيك الوقت الكافي للتفكير .."
كان كلامه منطقيا جدا بل هذا هو الصواب.. ظهوره المفاجيء عمى عيناها عن رؤية الاشياء على حقيقتها .. لقد فكرت مليا و لامت نفسها أكثر مما يجب .. و لقد رأت تعامل أطفالهما معه حتى و هما لا يعرفان بانه والدهما .. كانا منسجمين معه و هو يعرف كيف يدخل البهجة إلى قلبيهما .. فكيف تحرمهما منه و تحرمه منهما .. و تحرم عيناها من النظر إلى وجهه الجميل ؟!!
عندما لم يجد أي ردة فعل منها على كلامه قال للقاضي
- " سيدي القاضي أنا ألغي القضية .. فأنا أعرف سارا جيدا .."
غمز لها و ابتسم .. سعد القاضي بتصرف جيمي الذي وجده تصرف راشدا و هذا يدل على نضجه و تحمله للمسؤولية فقال القاضي و هو يضرب بمطرقته
- " رفعت الجلسة ... بل ألغيت ..اتمنى أن تعودي لرشدك يا سيدة مولر و تخففي من عنادك .. بالله عليك أنت من أخذهما و تركه و بالتالي طالبتيه بالطلاق .. أنا لا أقول بأن السيد بروكس لم يخطأ .. بل هو أساس المشكلة .. لكنك امرأة حكيمة .. و لو كانت الجلسة ستكمل كنت أخذت قرار بأن يأخذ السيد بروكس جزء من الوصاية على الابناء.. هيا الان تفضلوا "
شكر جيمي القاضي و كذلك شكر السيد جاشوا لوقوفه بجانبه و من ثم غادر القاعة ... ظلت سارا في مكانها تفكر بكلام القاضي و بكلام تود و كلوديا و حتى السيد انتوني ..
- " آسف يا سارا لاني توقعت هذه النتيجة "
- " لا يا سيد انتوني لا تتأسف فلقد قمت بالواجب .. أشكرك .."
- " هذا من دواعي سروري يا ابنتي "
- " ارجوك سيد انتوني لا تخبر والدي بشيء ..و لا تذكر اسم جيمس امامه "
- " لن أفعل لا تقلقي "
- " أشكرك مرة أخرى "
- " أهلا بك في كل وقت "
خرجت من القاعة و وجدت أن سيارة جيمس الرينج روفر لا تزال في الخارج.. اذا هو لم يغادر .. اقتربت منه دون وعي منها و دون ان تعرف ماذا ستقول له .. نظر إليها ثم ابتسم وقفت تنظر إليه و هي تبحث عن كلمات او حتى أحرف لتقول له .. أنقذ الموقف فسألها قائلا
- " مرحبا .."
- " اهلا .."
- " كيف حالك ؟"
- " بخير "
- " و كيف حال فيكتوريا و فيكي ؟! "
- " بخير أيضا .. لا ينفك يسأل عنك و متى ستعود "
- " و بماذا تجيبنه ؟!"
سكتت ثم تنهدت و قالت و عيناها على الارض بسبب الخجل
- " هل لنا أن نتحدث مع بعض ؟"


يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -