بداية

رواية ظل أسود للكاتبة أنـاهيـد -25

رواية ظل أسود للكاتبة أنـاهيـد - غرام

رواية ظل أسود للكاتبة أنـاهيـد -25

- في المزرعة -

أحتفاءٍ بقدوم عيد الفطر كان الكل مُتجمع فيها من ابناء واحفاد الجد سلمان ..
في مغرب يوم الفطر الأول كانوا الرجال حاطين زوليات حمراء بشكل مرتب وحاطين مساند ظهر المصنوعة من الحديد وحاطين المراكي ، في نهاية احد الزوليات من الجانب الأيمن شوي كان فيه منقل كهربائي صافين عليه الدلال وموزعين مقادع التمر قدام الرجال والفواكه في صينيه كبيرة بالوسط وريحة العود تملى المكان كانت الجلسة مرتبة وجميلة وزادها جمال نسانيس الشمال الباردة ، يا عذوبة الشمال وعذوبة أراضيها وعذوبة قلوب أهلها الطيبين ..
في قسم الحريم كانت كذلك الجلسة جاهزة لكن كانت داخلية في مجلس الحريم الكبير كان كل شي مرتب وجميل بداية من القهوه والشاهي والحلويات والموالح والمشروبات والفواكه وغيره الكثير ..
كانت جلستهم جميلة بشكل عام وزادها جمال حبهم لبعض وتكاتفهم ..'
بعد التراحيب وتبادل الأحاديث اللطيفة بين الأهالي ..
راحوا البنات لغرفة ثانية واسعة جداً لها ذكريات كثيرة بقلوبهم جلسوا بروحهم حتى ياخذون راحتهم بالسوالف..
لعبوا لعبة تحديات كان الكل يلعب بسعادة وأصوات ضحكاتهم عالية خاصة جود وريم من بعض التحديات ..
عروب رفعت ورقة فتحتها وانصدمت من الكلام المكتوب ( ترقصين شرقي ) رفعت عيونها بصدمة : وين بودي بطني ذا وش أرقص ما أقدر ابد
جود ضحكت : مالنا دخل يلا ارقصي لنا اذا اعجبنا رقصتس بنتعلم منتس كلنا وشدراتس أنتي وبعدين ترا ريم ملكتها قريبه ان شاءالله لازم تتعلم ترقص لمحمد
ريم ناظرتها بطرف عين وهي تفصفص : ترا اخوتس متزوج بنت ناس مو متزوج رقاصه
جود بـ لعانه : ليه يعني اللي ترقص مو بنت ناس!
ريم تكلمّت بقهر وهي تحس بأحراج : وشدخل بس يعني ذا مو الهدف الأساسي للزواج يعني بروح أتعلم أرقص خير خليه يروح يرقص هو شرقي اذا ميت عليه بالحيل
أرتفعت أصوات ضحك البنات وجود تتخيل شكل محمد وهو يرقص شرقي : أمانه ويحط هذيك الربطة حقت الهز ياربي ..
عروب كانت تدخل مع البنات جو كثير وتضحك بس كانت تحس بغيره تاكل قلبها من تعامل خوات سهم مع نوره كانوا يحبونها حب خاص ، قامت من الجلسة بعد دقايق وراحت للمطبخ شافت أمجاد تسوي قهوة : تبين اساعدتس!
أمجاد ابتسمت بـ لطافه : لا ياقلبي تسلمين والله ماغير قهوه انتي ارتاحي
عروب تقدمت من عند أمجاد وهي تحس بغبنه : عادي اسألتس سؤال
أمجاد بأبتسامة : اكيد ياروحي وش هو !
عروب : ليش تحبون نوره كل هالحب احسكم مره منغرين فيها تدرين أنها سيئه تخيلي ما تخلي سهم يجيني وفوق ذا كله الناس اخذين عنها فكره أنها طيبه وحساسه ومدري وش !
أمجاد ناظرتها بصدمة من كلامها عن نوره وهي أكثر وحده تعرف نوره وتعرف طيبة قلبها : بالعكس نوره عكس ذا الكلام كله انا اعرفها من زمان وحتى قبل تتزوج سهم هي أحن بنات عمي كلهم..
عروب ناظرتها بحقد وزعل : ما تدرين عن شي بروح للحريم أفضل..
أمجاد بغبنه : اي والله أفضل..
أخذت القهوة للحريم وهي مليانة غل على عروب وشلون قدرت تقول كذا ! وما لقت الا نوره تبي تطلعها بصورة مو زينه ، نوره أطهر وأنظف قلب..—
الساعة ١٢:٣٠ ص
أنتبهت للجوال اللي يتصل عليها وقبل حتى ترد عليه شافتها وهي تسحبه من بين يدينها ناظرتها بـ بجاحه وتناظرها ببرود : انا ابيه ابي اكلمه ترا اتصل عليه ما يكلمني!
قامت بغضب وهي تسحب الجوال من يدها بقهر : ياخي استحي على وجهتس شوي وش هالحركات انا قد قربت من اغراضتس واشيائتس ترا انتي تتمادين كثير..
أمجاد دخلت المطبخ بصدمة على أصواتهم المرتفعة ناظرتهم بذهول : وشفيكم ليه اصواتكم مرتفعة كذا !
عروب تكلمت ببجاحة : هي ما فيها شي لا تخافين عليها لكن اخوتس ذا اللي ما يكلمني ولا يناظر بوجهي حتى الله لا يوفقه بس
أمجاد ونوره ناظروها بذهول من دعوتها : ترا اللي تدعين عليه اخوي سهم عاقل وعادل انتي راجعي تصرفاتس وتعرفين ليه يسوي كذا..
نوره طلعت من المطبخ بضيقهّ تكره الحوارات هذي ما تتحملها متقعده منها من كثر ما تسمعها وتشوفها بالبيت طلعت برا واتصلت عليه وهي تحاول تعدل نبرة صوتها : هـلا سهم اتصلت علي ..
سهم تكلم بأستغراب من نبرتها وأسلوبها : هلا ! مافيه صباح الخير ولا مرحبا ولا شي اروح احسن لي
نوره : صباح الخير .. أجلس شوي
أنتبهت لعروب اللي سحبت من يدها الجوال وناظرتها بكره : مو قلت لتس بكلمه انا ما تفهمين أنتي !
عدل جلسته وهو يسمع ذا الحوار بغضب وسرعان ما وصل لها صوته : انا جاي..
انشلت اطراف عروب من الرعب تخاف منه اذا عصب وناظرت لـ نوره اللي تناظرها بزعل سحبت جوالها من يد عروب وقبل تدخل شافت عروب تمسك يدها بأستعجال وهي تحارب دموعها تنزل من الخوف : خليتس هنا وين بتروحين تبينه يذبحني أدري تبينه يذبحني بس ولدي بيموت ترا بذمتس اجلسي لا تروحين تكفين اجلسي
نوره سحبت يدها من يد عروب بقهر : اتركيني تحملي افعالتس لا تسوين مشاكل وتنتظرين مني بكل مره اطلعتس منها وانتي اللي كل مره تأذيني وتشوهين سمعتي عند الكل تحسبيني ما أدري بكل ذا بس ساكته لان ربي يدري بكل شي تقولينه وما بضيع وقتي مع انسانه مثلتس ما عندها وفاء اصلاً ولا تخاف الله
عروب ناظرتها بصدمة من كلامها وبخوف من ردة فعل سهم : ماشاءالله وش هالكلام أكيد ملاذ تقول لتس أكيد الله لا يوفقها
نوره صارخت عليها بغضب وهي واصله حدها منها : الله لا يوفقتس انتي ابعدي عني ابعععدييي...
وقبل تكمل طريقها جاء سهم اللي شكله مرعب للغاية ركضت عروب ورا نوره من شافت ان الهروب ما عاد ينفع ابد بذا الحاله لانه عنيد وبيجيبها بأي طريقة..
نزل العقال عن راسه وكانت هذي طريقته بالضرب اذا فقد أعصابه وما قدر يمسك نفسه يضرب بالعقال ، نوره رفعت يدينها بدفاع : خلاص ترا ما فيه شي يسوى تعوذوا من الشيطان وأهدوا ..
ما أنتبه لكلامها الغضب أعمى عيونه ضربها بكل قهر الشهور اللي فاتت والأيام كتم غيضه فيها بس عشان ما يأذيها وهي مسلوبة القوة والعزوة ومالها أحد غيره..
تصرفاتها تستفزه تقهره وهي مو حاسه بنفسها يكره وجودها يكره صوتها يكرها يكرها ما يقدر يتحملها أكثر من كذا ..
ضربها بدون وعي وسحبها مع فكها وهو يرفع وجهها لوجهه أختلطت دموعها وسط نظراتها المذعورة لكن بكل هذا ما حركت في قلبه شعور ما قدر حتى يشفق عليها من عذابه : انتي ط..
صرخت نوره وهي تسكر فمه وتبعده عن عروب بذُعر : لحظه لحظه تكفى لا تقولها خلاص استهدوا بالله تعوذوا من الشيطان خلاص سهم هذي ام ولدك وشفيك أنت..
سهم دفّ عروب عن وجهه بقرف وتكلم من بين أسنانه بغضب عارم : خليني أسمع ولا أشوف شي هذي فرصتس الاخيرة مفهوم! صرخ وأرتفعت نبرة صوته بعصبية ..مفهوووم!
صرخت عروب برعب من قربه وصوته : ايه ايه والله خلاص اخر مره اسفه والله خلاص لا تضرب تكفى
ناظرها بأشمئزاز وأبتعد عن المكان كله وهو خاطره بـ نوره وخاطره بجلسه معاها بروحهم كان يحتاجها معاه يحتاج وجودها حوله يحتاجها لدرجة ان طيف " نوره " بعيون سهم يسوى بنات حواء ..
راح للرجال ورغبته مكتومه وسط صدره وقلبه أزعجه عليها يبيها يبيها لكن فيه حاجز واقف من بينهم ويهدم عليهم كل لحظاتهم الجميلة..
يعلم الله انه ما سعى انه يظلمها صحيح انه انفرض عليه ياخذها بالغصب لكن ما حط بباله انه بيظلمها كان بيعطيها حقوقها الزوجيه كامله من بيت ومن طعام ومن المبيت ويترك لقلبه قبولها ورفضها..
كان مسلمها الخيط والمخيط ينتظرها تخليه يحبها ويتقبل وجودها في حياته ، لكن هي أختارت انه يكون لها بروحها فقط ويكره كيان نوره وهالشي أبعد عليها من لمس السحاب..
بدون اي خوف او تراجع سحبت التيشيرت من على الكرسي الخشبي وهي تمسكه بأعلى أطراف أصابعها : بحرقه واحرقك معاه لا تقرب مني!
ناظر لصدره العاري بأحراج مو منها ابد لكن من ابوه وعمامه لـو بيشوفون شكله كذا خاصة انها حاطه التيشيرت في بالها وتحاول تقهره بأي شكل كان!
وهو لو يثق فيها ما راح يثق في غضبها اللي واضح خلف نظراتها : اميره عطيني اياه وبعطيتس اللي تبين يلا!
ناظرت لبعيد وهي تتراجع خطوتين للخلف وبيدها ولاعة سيف اللي قريبه جداً من التيشيرت وعيونها ما زالت تلوح أمامها أيامها وحياتها السوداء بوجوده معاها تكلمت بنبرة حاقدة مُتحيره : تطلق!
ناظرها بذهول من طلبها العجيب اللي ما أستبعد انه يكون هو طلبها هي تختار أقرب فرصة عشان تهرب من حياته وتختفي للأبد ما تبيه ما تبيه!
سرعان ما هجم عليها وسحب الولاعه من يدها وسحبها لعند صدره وهو يكتفها ويسحب من يدها التيشيرت ويحذفه على الكرسي وحذف الولاعه على الأرض : هذا الشي اللي ما بيصير ابد ولا تتوقعين انه بيجي اليوم اللي بروح واتركتس وراي..
حاولت تتحرر من بين قيود يديه وما أستطاعت ناظرت للنخيل اللي يُحاصر المكان من كل الجهات بلعت في جوفها غصاتها قبل تخرج أمامه تخاف من وجوده هو ومحمد بمكان واحد !
موجود معاها بنفس المكان يتنفس الهواء اللي تتنفسه ياكل الاكل اللي تاكله تسمع بـ تلصص صوت ضحكاته وسوالفه ومع ذلك ما تقدر توصل له تكلمّت ببحتها الأنثوية من أفكارها السوداء : اتركني..بدخل داخل.
تعود على هروبها منه إذًا احتدم النقاش تدور اقرب مخرج وتروح تاركته خلفها بجميع حيرته وظنونه صار يعرفها كثير ويعرف ردود أفعالها وأسبابها : وين بتروحين مو كنتي بتحرقيني وش هالاستسلام السريع!
حّست بيدينه اللي أرتخت قبضتها من عليها بهدوء وكأنه يسمح لها تتصرف بحريه مره أخرى أحتدت ملامحها بتعب مفاجئ : ابي استفرغ أحس بـ لوعه
أخذها من يدها لدورة المياة يكرم القارىء وجلست تستفرغ وكأن روحها بتخرج منها أسندت ظهرها على المغاسل تحس بعظامها بتنفصل عن جسمها من الإرهاق حتى مفاصلها تحسها بتنكسر ناظرت له بنظرات هزيلة تحس بأي لحظة بتطيح عليهم فتصرفت بعقل وطلبت أنها تروح للمستشفى من البداية : تعبانه خذني للمستشفى ما أقدر أتحمل..
أكتفى إنه ياخذها بأستعجال لبس ثوبه وأخذ اغراضها من ريم وطلب منها ما تقول لـ احد شي ابد دخلوا لقسم الطوارىء كانت الاعراض اللي فيها مو أعراض انخفاض ضغط بعد التحاليل نزل الدكتور نظارته على المكتب الأبيض اللي أمامه وزع انظاره عليهم من ثم بدأ بتكلم بهدوء..: التحاليل كويسه جداً
أنتبه لرجفة أميره وكأنها حاسة بخبر مثل الصاعقة بتسمعه بعد شوي من الدكتور ناظرها بأبتسامة بسيطة وهو حاب يطمنها : ماتخافيش انتي حامل مش اكتر من كدا..
رفعت يدها بوجه الدكتور برجفة واضحة من هول ما أنهال على مسامعها للحظة : أرجع من جديد عيد التحاليل كيف حامل أنت وش قاعد تقول!
الدكتور ناظرهم بأستغراب وهو يحسّ أن هالتهم غريبة : الراقل دا مش قوزك!
سيف نزل يدها وهو يقيدها وسط يده وهو يحاول يسيطر على الوضع : ايه متزوجين هي مبسوطة يا دكتور وما تدري وش قاعدة تقول بس ماعليك أمر بس تكتب لها أدوية نبي نمشي مستعجلين!
الدكتور أبتسم بـ لطافه وهو ما زال مستغرب : دا أنا مُستغرب منكو أوي ، أنا لمَ بخبر الناس انه ان شاءالله حيجي ليهم بيبي بيتبسطوا أوي!
سيف أبتسم بمجاملة وهو متوتر من ذا الوضع أميره بتنهار بأي وقت والدكتور فال حجاجه ومروق : مبسوطين يا دكتور مبسوطين بالله تكتب لنا شي بنمشي..
الدكتور بهدوء : مافيش مشكله يابني..
مَدخل ..
" أود قتلكِ بقنبلة لا نون لها "
أنتظرها كثير بعد ما طلب أنه يشوفها كان متوقع بتجيهّ تركض وبتحكي له عن حجم شوقها له لكن أبطت عليه جداً وتأخرت جيتها حتى انه فقد اخيراً أمله انها بتجي!
لكن ظل منتظرها عدتّ عليه الساعه الأولى وتقريباً قربتّ تعدي عليه الثانية وللحين جالس خلف النخل في محل سري وصفه لها بدقـه!
أخيراً بان لها من خلف جدران قلبها طرف رضا وقررت تروح تشوفه كان بمخيلتها المجردة أن وجوده جميل وغيابة أجمل هي بالحالتين ما بتخسر ابد..
وغيابه بيغذي سلطة أفكارها وبيقوي من ثباتها وردعها لهذا اللقاء أيضاً حتى تزيد من لهيب تعذيبه لكن .. وش يصمت عذاب الشوق اللي في قلبها بتموت عشان تشوفه..!
مشت بهدوء ما تبي تبين أصوات خطواتها وهي تلمس التراب من تحتها لكن أستعدلت بمشيتها وهي تشوف ظهره اللي كان سانده على جذع النخلة الشامخة أستعدل هو أيضاً بوقفته ، أنجلى عن وجهه الكـدر وبانت أبتسامة لطيفة على ثغره رفع يدينه لها وهو يسبقها القول بكلماته المُتلهفة ويأشر على صدره : قبل اي شي تعالي هـنا !
ناظرته بصد وهي تكابر على كل مشاعرها بهاللحظة ما تبيه يقيدها وسط حضنه بهالدقايق ويقولها أرضي علي وسامحيني وهو اللي حرمها من شوفته كل هالساعات بدون ما يرف له جفن : أتركني اللحين تذكرتني بعد أيـش أتركني ما أبـيك!
ناظر لعيونها لدقايق أخذ يتأمل سحر عيونها اللي سلب من راسه عقله كانت جميلة كلها بس عيونها تجبرك تميل لها نظراتها فيها سحر غريب!
حتى في أوج صدها كانت تجبره يلتفت لها تجبره يطلب رضاها وأن كان هو صاحب الحق ، هو أصلًا لا يُريد حقاً هو يُريد عيونها : طيب لا تكذبين شوفي عيونتس واضح انتس جايه لانتس مشتاقه لي ، أشر على عقلها ، لكن هذا يبي له من يلينه !
نزلت أصابعه من راسها وهي تحس انها بتبكي بأي لحظة لكن ماسكة أعصابها وجَالسه تفكر لبعيد ما تشوف أن هالموقف يستحق إنه ينال من عيونها العذبة قطرة من الدموع وأن كانت مشتاقه وأن..: مو فاضيه سياف جيت أبعرف وش تبي مني!
سحب يدها لعنده بطريقة مُباغتة وسرعان ما أختلط عبيرها برائحة عوده كل أمانيها اللي ترددها في صدرها أنه ما يبعدها عنه لوهلة من الزمن حتى ، نيران شوقها أن ما طفت بيحرقـه لهيبها !
صحّت على زخم من الحوار الداخلي مع ذاتها وكان هو المحور الأساسي عكس ما يبدو خلف نظراتها الكثير والكثير من النظرات اللامبالية ما أبعدها عنه وهو ينغمس مره اخرى بـ لهيب عيونها لكن هالمره بـ غرق أقل حتى ما تنزعج مو لأن شوقه هدأ ابداً !
قَبل عيونها وهو ينثر بعض من هيامه على جبروت عيناها الواثقة أنتبه لنظرات عيونها اللي بدأت تهدأ ويبان عليها السلام والرضا : زعـلانه من الساعات اللي عّدت وانا ما كنت فيه ، ما تـدرين انتس عايشة داخلي وين ما رحت وجيت ووديت وجهي أنتي هِنـا ، أشر على صدره ، مـا دريت أن غيابي بالساعات البسيطة هذي بيسوي كل ذا ولا دورت لي حجة ورحنا لـحالنا نقضي العيد مع بعض!
المها رفعت عيونها له وهي تنثر عليه مشاعرهـا تبي ترتـاح شوي تعبت من سطوتها داخل صدرها : انا بنفسي ما دريت أن بفقـدك لهدرجه ! ما أدري كيف بتحمل فترة غيابي عنـك اذا ولدت على خيـر!
ناظرها بأبتسامة مع لمعة قهر : أفـا والله بجي كل يوم أزورتس عيوني لتس قسم بالله لو تبين أشتري البيت اللي بجنب عمي تامرين !
ضحكت المها من تهور سياف اللي جزء من شخصيتـه بالرغم من هيئته اللي تحسس اللي قدامـه انه عنيـد وما عنـده مشاعـر : أبي تشتري الحاره كلها بيت قليل !
سياف أبتسم من ضحكتها الأنثوية وهو أصلاً قـد الكلام عشان يصير قـد الضحكة .. اللهم الثبات : أدفع دم قلبي للأرض اللي تشيل َمهـاي ولا أذخر شي ما تدريـن أن المها تسوى دنياهم بعيونـي !
ناظرت لعيونه بذات الهيام اللي مستوطن قلبه هو قد أستوطنها : ما تدري أن مَهـاك تبيع الدنيا لخاطر عيونـك!
وقف السيارة قدام بوابة المزرعة الكبيرة اللي كانت باللون الأبيض خلفها إنارات جميلة جداً وأشجار بمختلف أنواعها غير النخيل طبعاً والفواكه والمعالم الخلابة المُرتبة بطريقة مُدهشة للعين ومُثيرة للتأمل..
في زخم هذا الصمت اللي يحاصر السياره في داخله كان يدعي بشراهة ان كل هالهدوء ما يكون الهدوء اللي يسبق العاصفة ، تعب من عواصفهم المستمرة من بداية زواجهم إلى هذا اليوم !
مو قـادر حتى يفرح بـ طِفله الصغير اللي بين جدران بطنها محروم من كل شي !
ناظرت لعيونه بنظرات أحد من السيف : رجعني للبيت..
ناظرها بتعجب من طلبها الغريب يبي يعرف سبب عدم رغبتها في البقاء بالمزرعه ليه تبي ترجع للشقة وهي مو طايقه تشوفه.. : وليش ما تجلسين هنا ؟ وبعدين لو يسألوني ليه رجعتوا شقول!
ناظرته ببرود رغم كل نيران الانتقام التي تلوح أمام عيناها للتو : انا مو حامل ! خلاص قولهم اني حامل وتعبانه وأبي البيت مابي أشوف وجه أحد رجعني للبيت..
سحب تنهيدة طويلة من أوآخر صدره إلى مقدمة حنجرته ، لم تزيح من شعوره مثقال ذرة حتى..: بنجلس هنا تحملي يومين ما أقدر أترك أهلي وجمعتهم وأنتي ما عندتس عذر..
أنتهى الحوار عند هذي النقطة بالنسبة له لكن بالنسبة لها أنهارت من رفضه لطلبها تحس بضعف يعصف روحها مو قادرة تقنعه أنها ما تبي ذا المكان وعلى أثر هذا الحوار نزلت من باب السيارة بعد ما صفعته بكل قوتها ونفس كل مرة قابل ردة فعلها بـهدوء ورحابة صدر .
أستوقفها منظر والدها اللي يمشي من ثم أستند على جذع النخلة ورفع راسه للسماء ما قدرت ما تروح تتطمن عليه رغم أنها من داخل زعلانه عليه جداً وقفت قدامه وهي تمسح على كتفه برأفه : يبه وشفيك!
أبو سند تنحنح بثقل وهو يعدل جلسته : مدري يا بنيتي كأني مستثقل خطوتي الكبر ماهو بزين يا بنيتي يخلي الواحد مهدود حيله وتعبان!
حّست بخوف من كلامه برغم كل شي صار ما تبي تشوف أبوها مكسور وهزيل وضعيف الحيلة أبوها كان وما زال بعيونها البطل الخارق اللي ما يهزمه شي كيف ضعف هذا البطل اليوم وهزمه سِنه وظروف الحياة القاسية : بسم الله عليك يبه عسى عمرك طويل وجعلك ما تشوف الشر لازم ناخذك للمستشفى نتظمن عليك!
مسك كفها اليمين وسط كفوفه وهو يطمئنها على حاله : لا تشيلين هم ابد ابوتس طيب وبخير ما ينكسر شامخ مثل ذا النخل اللي حواليتس
ما كانت متطمنه لـ هالحوار ابد ما بتتطمن لين تعرف أبوها وشفيه دخلت داخل المزرعه عند البنات اللي كانوا سالين ومبسوطين وهي تحمل في داخلها هم والدها متجاهلة مصيبة حملها من سيف .


~ بعد مرور شهور طويلة جداً ~

في منزل أبو سند كان الكل متجمع هناك من بناته وحريم سند وأحفاده اللي صارو سته ، كانت الألفة والتكاتف تحتوي منزلهم بالرغم من جميع المشاعر والأحداث اللي طرأت على حياتهم..
بينما رُوح تتعثر في خطواتها وهي تحبوّ مرة على بطنها ومره تستلقي على ظهرها ومرة توقف بمساندة الكنب !
كان الكل يترقب تحركاتها بحب وسعادة لذاتها اللطيفة وملامحها الرقيقة رَفعت كلتا يديها لعمتها وأخذتها في حضنها وهي تشم ريحتها : اهه يا حلو روح وأم روح وأهل روح واللي جاب لنا روح تحيي الروح فينا ..!
أبتسمت بـسعادة لـروح المحبوبة عند الأجداد والجدات والعمات والخالات كانوا يشبهونها بالـروح للجازي بفضلها رجعت لملامحها الحياة بعد ما أنجبتها لهذي الدنيا ..
إلا أن لـ تلك الحياة العديد من الثغور التي تكاد تعرفها الجازي اليوم جيداً قبل ترد على إطراء المها داهمها سند اللي دخل في الصالة وقامت الهنوف تصب له قهوة من ثم جلست في مكانها ..
أختلفت ملامح أماني وهي تسمع المديح والأطراء والإعجاب بـ إبنة الجازي " رُوح " دون ذكر إبنتها " تـوق " ما مّر هذا الكلام بسهولة كان مثل النار أحرق فؤادها وحولها لرماد ..
سند دخل بأرهاق : مسهم بالخير شخباركم جميع كأنكم ساجين !
ام سند بمجاملة لطيفة : بخير ونعمه يا ولدي ما عندنا الا روح وتوق مشغولين فيهم ..
سند أبتسم لبناته : يا جعلني فيهن ما اتبدل يلا يا ام الوليد وام توق تجهزوا بنرجع للبيت ..
ام سند : كأنك مستعجل ! اجلسوا شوي وسعوا صدورنا !
سند : ولا لتس لوا أبطينا يا يمه ووراي دوام الجايات أكثر بأذن الله بنجي..
حبوا راسها وطلعوا جميع وركبوا السيارة كلهم ، لكن الصدمة ان أماني أيضاً هالمرة راكبة قدام والجازي ورا ، ركبت وهي تحس بصداع يشق راسها تحس بقهر الشهور والليالي يتجمع في رأسها بهذه الثانية وهي تشوف نظرات أماني الساخرة لها ، حلفت أنها هالمره ما بتسكت أبد مهما كلفها الثمن ..
ناهيكم عن الأكياس المرمية في الخلف والقرف وانتوا بكرامة كانت بجيحة جداً ووقحه وغير محترمة !
بعد دقايق ..
إستلقى على سريره بعد ما بدل ملابسه ولبس بجامته وقبل يغمض عيونه ويتهنى في منامه ناظرته بشجاعه وقوه ما قد شافها بعيونها من قبل : والنهاية معاكم يعني !
ناظرها بأستغراب وتجاهل كلامها وهو يحضن المخده ويصد وجهه للجهه الأخرى أستعداد للنوم ..
سحبت المخدة من حضنه وحذفتها على الأرض بغضب وتكلمت بنبرة حادة : سكت عنك كثير لأني كنت أظن انك رجال وقد كلامك لكن أنت عمرك ما راح تتغير !
قام من فراشه مثل الملسوع وهو يسحبها مع ذراعيها بشدة من هول كلماتها اللي صدمته ونشفت الدم بعروقه : كنتي تظنين إني رجالللل !
تحررت من بين يدينه وهي ترفع راسها بشموخ حاول كسره آلاف المرات لكن ظل أسير داخلها واليوم هي بحاجته وبحاجة ظهوره وظهر ما خذلها : وسامح الله ظني أنت مو رجال وما تستاهلني والله لو كل الناس تسولف بأخلاقك أنك اليوم بعيوني نكِره والله لو كل الناس تسولف بشهامتك انك اليوم مالك إي قيمة بعيوني ، ولو فلوسك تغطي السماء وتحجب عين الشمس تبقى بنظري اليوم إنسان حقير مو أكثر من كذا ، تدري ما أدري وين كانت عيوني يوم حبيتك كنت ساذجة انت حقير واللي تحبها حقيره مثلك وعالمكم الحقير انا مالي مقعد فيه ولا يشرفني بعد اليوم اتوسد المخده اللي تتوسدها واتغطى باللحاف اللي تتغطى فيه قربك مني يخنقني يموتني ما اتحمله ..
ناظرها بعدم إستيعاب من هول الكلمات اللي يسمعها كان يحاول يستوعب أن هذا الكلام يخرج من الجازي اللي كانت تعشق هواء سند وسماه وأراضيه : شتقولين أنتي ! أنتي مو الجازي اللي اعرفها !
ناظرته بتهكم وهي تخرج من صدرها نيران صمتها اللي أحرقتها طول السنين السابقة ناظرته بحقد دفين : طلقني ولا خلعتك بالمحاكم وجودك بحياتي ما يزيدني ألا خُزي ونـدم!
ناظرها برهبه : انتبهي للكلام اللي يطلع من لسانتس قسم بالله لو ت....
ناظرت لعيونه بقوه مُباغته وهي تبتر جُملته قبل ان تكتمل : أكرهك والله العظيم إنك ولا شي بعيوني ولا شي بقلبي أنت اليوم ما تهمني صبرت عليك كثير وتحملت قرفك وما راح أصبر عليك أكثر من كذا وجودي معاك ببيت واحد يقززني يكرهني بحالي وصدقني مافيه شي أحب لي من فراقك انت اليوم في رفوف الماضي تجربه وطويتها وحطيتها ورا ظهري ..
ناظرها بعصبيه وهو يهددها بحقد وعصبيه عمياء : قسم بالله لا تندمين على كل حرف قلتيه سامعه!
وفي عمق عصبيته كانت ضحكتها خير رد على تهدديه الصريح : ابي اندم خاطري أندم طلقني يا سند ما أبيك افهم اني ما أبي إلا فراقك!
صرخ صرخه ضجت بأرجاء منزلهم الصغير وهو يهددها للمرة الأخيرة : قسم بالله لو اسمع ذا الكلمه لا اطلق صدق لا تلعبين بـ أعصابي ..
وبكل سخرية ناظرت لعيونه بـ لامبالاة : طلقني سند كمل مع اللي تشبهك انغمسوا في قرف بعضكم بعيد عني !
ناظرها بغضب وسرعان ما تحكم بردة فعل وجهه وهو يحاول يقهرها بـأخر لقاء يجمعهم أبتسم ببرود يشبه بروده معاها دايم لكن هالمره هي أيضاً أبتسمت بذات البرود : أنتي طالق طالق ..
وفي آخر لقاء أيضاً كانت تتأمل عيونه الساخرة بـ أمل أخير كانت من فرط تأمُلها له تكاد تخرج عيناها من محاجرها وتسكن داخل محاجره !
تتأمله بشراهه جميع أمُنياتها كانت الإفراط في تأمله لـمدة تصبر فيها قلبها على فراق محبوبه في هذا المساء أو هذه الساعات القادمة حتى تنقضي ويخرج من خلف هذا الظلام طُمأنينة الفجر ونـوره !
هي ما عندها أي فكرة عن حالها بعد دقايق كيف بيكون ما تدري كيف بيكون وضعها كيف بتخرج من حياته للأبد كيف بتجهز نفسها لحياه صحية سليمة بعيدة عن الضغوطات النفسية وعن مرارة الحُب إذًا كان من طرف واحد !
عاجزة عن تقبل وضعها الجديد كل اللي تعرفه إنها فعلت الصواب ولا تدري ماهو ثمن هذا الصواب هل هو قلب كامل أم نصف قلب أم أنسان بأكمله ، الأكيد أن الثمن مُكلف جداً ..
خرج من المنزل وهو يستغفر ويمسح على جبينه بذهول ويناظر للسماء ويجر تنهيدات طويلة كانت الفكرة الأشد سيطرة في عقله هيَ ..!
قرار تركه لـ عياله وطفلته الصغيرة رُوح كيف تركهم خلفه كيف تركها خلفه وهي ما ذاقت من حنان الأبوه قَطرة ، هل بتكون محرومه من حنانه مثل ما كانت محرومه منه والدتها !
كيف ترك الجازي خلفه بهذي السهولة وهو يدري أنها تعشق حروف أسمه !
وش حجم الألم اللي جعلها تنطق كلمتها مُكرهه وتطالب بالانفصال وهي تهيم في هواه بلا إدراك !
ما كان فيه شي يهمها حتى تاخذه معاها هي خسرت اليوم حُب حياتها مالها في الدنيا غرض أو حاجه !
ناظرت لـعيالها اللي جالسين على الكنب ويتفرجون على فيلم كرتوني بأندماج دون علم بالعاصفة اللي حدثت!
همست بصوت متحشرج يكاد يُسمع : يلا بنمشي ، يلا الوليد بنروح عند جدتكم وجدكم تعال وهات معاك تميم..
الوليد رفع عيونه لها بأستغراب : نروح لجده اللحين ! ليش يا ماما أحنا مو لسى جايين من عندهم
الجازي بلعت غصه تتنصف حنجرتها وهي تمنع دموعها من الإنهمار على خدها الرقيق : بنروح لجدك حامد مو ناصر أنا باخذ رُوح وأنت هات تميم وتعال يلا لا تتعبني بالحكي والاسئلة الكثيره !
بعد ربع ساعة خرجت من المنزل اللي ما عاد بترجع له مرة أخرى وهالمرة هي اللي اختارت تركب بالخلف لإن الجلوس بجانبه ليس من ضمن أختيارتها ولا محض إهتمامها أبداً .
شغل السيارة بضيق شديد يتوسط صدره ويحرمه من لذة الراحة كان الصمت يغلب على جوهم هذا المساء وفي آخر أجتماع لعائلتهم اللي سَعت الجازي بكل ما تملك أن تجمعها أبت إلا ان تنفصل هذي العائلة .. للأبد !
وقف قدام بيت أبوها بدون أي كلام كان يناظر للطريق اللي أمامه بشتات نزلت من السيارة بسرعه وكأنها تلوم نفسها على كل ثانيه بتقضيها معاه !
سبق خطواتها تميم اللي جلس يضغط على الجرس مرتين .. ثلاث ورجع خطوتين للخلف ..!
نزلت راسها للأسفل وهي تشوف نظرات الخوف بعيون الوليد اللي كان في جعبته العديد العديد من الاسئله دون أن يفصح عنها ..
أم سياف أحكمت حجابها على راسها وناظرت للباب بأستغراب : مين ؟
الوليد بهدوء : أحنا يا جدتي..
فتحت الباب بأستعجال ناظرت لـ هيئة بنتها بأندهاش وذهول تحس بأركانها تنشل وتتوقف عن الحركة همست بصوت خائف : أنفصلتوا..
ناظرت لأمها بأنهاك وسرعان ما رمت نفسها في حضن والدتها ما كانت تبي أي طبطبة أو مواساة كانت تحتاج أنها تبقى في هذا الحضن فقط كانت تحتاجه بشدة : أيه يمه انا اللي طلبت الطلاق منه يمه خلاص تطلقنا أنا وسند!
صرخ الوليد بذهول وهو يقرب لوالدته برعب من فكرة تخلي والدهم عنهم ببساطة : ماما بابا تركنا ! خلاص بابا تركنا خلاص يا ماما !
ام سياف إنهارت دموعها على خدها وهي تاخذ بنتها لحضنها وتمسح على شعرها ببكاء يقطع القلب : مالكم نصيب مع بعض يا بنيتي صلي على النبي يا يمه اللي يتركتس وأنتي محتاجته ما يستاهلتس ابد وسند وشسوى لتس ما شفتي من وراه الا القهر قهرتس في نفستس وكرهتس بذا الحياة..
همست بصوت متحشرج وهي ترفع راسها من حضن والدتها بعد ما أنتبهت لصوت بنتها اللي كانت تبكي بقوه : يمه لا تقولين كذا العيال هنا خلاص اتركيه خليه يسوي اللي يبيه بروح لغرفتي ابي انوم رُوح..
ام سياف همست بصوت باكي : وأنتي يا بنيتي كيف بتنامين انا اخاف عليتس مثل ما تخافين على رُوح وأخوانها..
ما كانت ناقصة الا هالجملة حتى تدخل في نوبة بُكاء طويلة أستمرت لنصف ساعة بدون أي وعي منها كانت تسحب الهواء إلى رئتها عنوه ، دخلت لغرفتها بمساعدة والدتها وانسدحت على سريرها بعد ما دخلت جُمان وأخذت رُوح لغرفتها وهي تبكي أيضاً من حالة الجازي ما قدرت على تقديم آي مواساة لها ما كان عندها القوه اللي تملكها ريم ، ريم غير موجودة ريم مشغولة بحياتها الجديدة مع محمد..
مسحت على شعر الجازي ببقايا قوتها وهي تمسح بيدها الأخرى سيل من الدموع يخرج من محجر عينها : لا تبكين يا يمه الله مخبي لتس شي أجمل ما تدرين لو بقيتي معاه وش بتخسرين ارحمي حالتس الحب اللي يخلينا نفقد روحنا الله يغنينا عنه
ناظرت لعيون أمها بشتات وهمست بصوت مبحوح : الحب يا يمه متى كان بيدينا ؟
همست بحرارة على حال عيالها : ما غربلكم الا الحب أنتي واللي فوق يا يمه الحب مرض ماله علاج والعاقل ما يهلك روحه ويحب الحب موت بطيئ..
ناظرت لعيون أمها بخيبه تتوسط ملامحها : يمه تعرفين وش معنى يوجع لمن اناظر لعيونه وأشوف اني ولا شي بعيونه تعرفين يمه وشكثر يوجع تعرفين وشكثر يذبح!
أم سياف مسحت بكفها على شعر بنتها وهي تكتم أنينها في جوف صدرها وتغمض عيونها وهي تدعي بـ يقين أن الله يجبر بقلب بنتها : حطيه ورا ظهرتس بعض العلاقات الزوجية حلها الوحيد الطلاق وأنتي يا بنتي تعنيتي كثير عشانه واليوم اخترتي نفستس واخترتي بيئه مناسبه تربين فيها عيالتس
همست بأنين مكتوم وهي تحارب دموعها : وكيف بتصرف بعيالي وبنتي مواعيدها وتطعيماتها مسؤوليه ما أقدر بروحي
ام سياف بتفهم : بتقدرين أحنا معاتس لكن أهم شي ما أبي ذا الدموع وخاصة قدام عيالتس ترا يفهمون ويشيلون هم انا ابي بنتي قويه وقد نفسها ابيتس تحطين كل شي صار وراتس وتبدين حياه جديده وتحبين نفستس قبل كل شي
أستمر هالحديث للفجر كانت تلقي كل همومها وأنكسارها وخذلانها من صدرها وتركنه على صدر والدتها ومع كل نهاية جُمله كانت تخرج تنهيدة طويلة مُتعبه وتتلعثم بكلماتها كانت حروفها قاسيه والكلام عنه قاسي عليها كان أسمه ثقيل من ثغرها كان لسانها عاجز عن الحديث عن محبوبها بهالطريقة ، كانت تتكلم وكأنها تقذف من صدرها سِم أهلكها طوال تلك العشر سنوات ..
وفي الجانب الآخر كان أيضاً مجافيه النوم رغم انه من ساعات كان نعسان جداً فقد لذة النوم أكثر شعور يُداهمه ويتفرد بصدره هو الندم !
كان يحس بتأنيب ضمير على ترك ابنائه بهالبساطة هو أب ويعلم أن الحياة خارج المنزل قاسية كان نادم على ضياع أسرته اللي حاولت الجازي تقومها من جديد في كل مره لكن كانت تسقط بكل مره ، كيف تستقيم الأسرة إذًا كان العامود مائل أصلًا !
يد واحده ما تكفي لبناء أسرة متكاملة كانت تحتاج منه فقط أحترام لمشاعرها أتجاهه كان جمالها يسحر العين كانت طيبه ومعطاءة كانت إمراءة نظيفة القلب واللسان !
لكن هو يعلم يقيناً أنه ما يستاهل هـ النظافة على أقل تقدير كانت أماني تأخذ من سوءه كثير كانت تشبه دناءة وحقارة ذاته كانت أنانية ومُتطلبة عكس الجازي اللي كان يكفيها من هذي الحياه أنتباه بسيط كلمة بسيطة نظرة بسيطة إطراء بسيط لكن كانت محرومة ومحرومة حتى قتلها الحرمان وأنفصلوا..!

البارت الثامن والثلاثون

في مساءً اليوم التالي !
جلست على السرير وهي تناظر له بأستغراب كان يعدل شماغه ولا ملقيها بال لأول مره !
بعد مُرور فترة من الزمن صارت تتقبله وتتقبل وجوده خصوصاً بعد الوعكات الصحية اللي حصلت لها وصار ينام معاها كثير بالمستشفى غير نفسيتها فترة الوحام وأهتمامه فيها ومراعاته لها ، صار له جزء في قلبها وأن كان جزء صغير لكن يكفي أنها شالت من بالها فكرة الطلاق نهائياً وتَقبلت خسارتها الأبدية لـ محمد ورضت بواقعها مع سيف اللي صار بعيونها أب لـ طفلها اللي بين أحشائها وليس كابوس حياتها.. : ترا مالي دخل باللي سواه سند صدق انه اخوي بس مالي ذنب تنفس علي وتكلمني من راس خشمك وشدخلني أنا !
لف جسمه للخلف وهو يناظر لها بأستغراب من تفكيرها اللي أغلب الاحيان يكون خاطئ وعكس ما يفكر هو.. : يعني أنتي تشوفين اني منفس عليتس عشان كذا ! انا متضايق على العيال مدري بيتقبلون حياتهم بدون أبوهم ولا لا..
اميره ناظرته بقلق وهي تدري وشكثر الجازي تحب سند : وأختك !
سيف بهدوء ورزانه وذا طبع فيهّ : أختي ما عليها خلاف هذا بيت أبوها بنحطها بعيوننا ما بنقصر عليها أن شاءالله..
أميره ناظرته بغضب وأندهاش : ما أدري ليه سوا كذا وعشان من أماني ! والله سند هو الخسران هو اللي خسر الجازي للحين مصدومة مدري كيف طلقها !
سيف بتحفظ : انا رايح لـ امي وبشوف الجازي مع طريقي وبمر محمد تبين شي وانا جاي؟
اميره نغزها قلبها من طاري أسمه وتكلمّت بنبرة تائهه : فيه أحد تحت من العيال
سيف بتنبيه : لا وإذا بتنزلين تاخذين معاتس جلال تحطينه على راستس لا اشوف النزله بدون شي
اميره تذكرت شي وتكلمّت بأستعجال وهي تأكد له عليه : سيف لا تنسى ان عندي موعد بكره بالمستشفى بشوف فيصل الصغير!
سيف بـ لكاعه : ما نسيت ان شاءالله بنروح وبنشوف محمد الصغير!
أميره حّست بأنهيار من طاري أسمه ، ما تدري أن هالاسم يذبحها ويذبح كل مركز شعور بجسمها ، ناظرته بقهر وهي تحارب دموعها وسط محاجر عيونها : والله بنسميه فيصل علمتك وإذا ما سميناه فيصل انا ما راح اولده!
مّشت من قدامه وراحت للكنبة وهي تاخذ جلالها وقبل تخرج من الغرفة ، أستوقفها صوت ضحكاته المرتفعة ناظرته بغيض : وشيضحك ! ما فهمت مو كل شي بالغصب يعني أنا وعدت فيصل ان ولدي بيكون أسمه فيصل !
سيف ناظرها بأبتسامة وهو يشوف الحزن يلوح أمام عيونها رفع خصله غطت عينها وأبعدها خلف أذنها : وانا ما ينادوني الا ابو محمد ! ومحمد رفيقي وقف معاي مواقف واجده وأبسط شي اسمي ولدي عليه ، واذا على فيصل بنسمي فيصل بس مو الكبير ، الثاني ان شاء الله فيصل ولو تبين بعد نسمي فهد ما عندي مشكله بس أول ولد محمد !
أميره تكلمّت بعبره جرحت أحبالها الصوتيه : أول ولد فيصل انا امه انا اللي حملت فيه وانا بولده وانا اللي بشقى معاه من أبسط حقوقي أسمي ولدي الاسم اللي ابيه !
سيف بنبره خافته : وانا ابوه انا اللي بصرف عليه وبركض ورا حياته ومستقبله كلنا بننتبه له المهم أنا رايح اللحين لا تنسين اللي قلت..
أعطته ظهرها بدون ألتفات له وكل اللي ببالها شي واحد " أسم طفلها " نزلت للدور الأرضي بعد نصف ساعه وأنصدمت لمن شافت ريم بالاسفل ما كانت حابه تشوفها اللحين !
بينهم مشاكل كثيرة خاصة بعد زواجها من محمد وأظن السبب واضح صارت ما تطيقها غصب عنها فيه شعور يخليها تكرها ، تجاهلت وجودها وجلست على الكنبه وعيونها على جوالها ..
بعد دقايق بسيطة من الأحاديث بين أم سياف وبناتها وبعض التدخلات البسيطة من اميره جت ملاذ هي وبنتها اللي تدخل القلب " ترف " جلست بعد ما سلمت عليهم وتبادلوا أيضاً بعض الأحاديث ..
ما تحملت الجلسه اكثر من كذا حست ان محد طايق وجودها بأستثناء أم سياف اللي تحاول تلطف الجو ..
ريم بتجاهل لـ اميره ناظرت لـ ملاذ : أيوه رافضه تنزل من غرفتها انا اختها ما شفتها للحين
ملاذ بحزن : يعمري يالجازي وربي ما تنلام لكن يارب خيره لها كل اللي صار أحس ما بينهم أي توافق ابد!
ريم بغبنه : يووه والله انها كانت تحبه لكن ما يستاهل عاد أحنا أخواني بشكل عام يحبون اللي ما يستاهل الحب يا شخص مغرور او شخص فيه تخلف عقلي!
اميره ناظرتها بكُره : كأنك قاعده توصفين نفستس سبحان الله!
ملاذ بتوتر ناظرت لـ ام سياف : خاله أبي اشوفها ؟ انا والله بجيها من الصبح بس تعبت من الحمل وترف الله يحفظها تعبت الصبح !
ريم ناظرت لـ اميره بنظرات كلها أستهزاء وهي تدري ان اميره تحب محمد : وأنا بعد كنت بجي من بدري بس محمد مشغول اليوم توه يلقى له وقت يجيبني فيه..
أوجعها قلبها من طاري أسمه وغرقت دموعها وسط محاجرها نزلت راسها للأسفل وهي تضغط على جوالها ، وشلون تجيب طاريه قدامها كذا وهي ما تقدر تمنعها !
هو لريم قدام الكل بس هو لقلبها قدام نفسها وذا اللي يهمها !
ما أطالت بالتفكير ما تبي يبين عليها شي تعبت من كثر ما يتكرر على مسامعها أسمه وتنجبر تسكت تسكت والله أعلم وش نهاية هالسكوت !
-
ناظرت لـعيونه بـذُعر حّست أنها بتفقد عقلها من الخوف خايفه على بنتها كيف بتقدر تحميها الشرطة للحين ما وصلوا للمكان والعصابة تسمع صوت خطواتهم قريب من الجناح حقهم ..
ناظرها بصدمه من ردة فعلها اللي مو قادرة تتحكم فيها : اهددددي البنت ما بيصير لها شي وشفيتس أنتي اهدي شوي وجايين الشرطه
صارخت برعب : لا تكفى بنتي بنتي صغيره وشسوي فيها ، ما كملت كلامها وهي تدخل بـ نوبة بكاء طويلة وبالاخير أنتهت إنه يغمى عليها وتفقد وعيها..


بعد مرور ساعه ~


دخلت المطبخ بأستعجال ما صدقت أن ملاذ تطلع من البيت كله ناظرتها بقهر شافتها تشرب كاس مويا تكلمّت بنبرة غاضبة : وش تبين توصلين له !
ناظرتها بـحـده : أبي أنظف بيتنا من أشكالتس يعني أخوتس يطلق أختي اللي ما شاف منها الا الخير وأنتي يالخاينه تجلسين مع اخوي انتي اللي تستاهلين الطلاق!
ناظرتها بخوف حاولت تخفيه لكن بـان من صوتها المتلعثم : أنا ما خنته يا حيوانه كلمت اخوتس الف مره قلت له اني مغصوبه عليه هو ما يبي يتركني هو اللي متعلق فيني لا تخربين بيت اخوتس بيدتس!
ريم ناظرتها بعصبيه جنونيه : وأختي عادي يخرب بيتها انا ما اطيق اشوفتس ابد هنا ، كل ما اتخيل شكلتس اتذكر شكل سيف كيف واثق فيتس ويحبتس وأنتي أنتي يا الحقيره تخو....
ما كملت كلمتها من الكف اللي أنطبع على وجهها مسكتها مع معصمها وهي تهزها بغضب وخوف : أنا أشرف منتس أنا لو بخونه خنته اقدر أسوي اللي ابي اسويه محد يقدر يوقفني لكن انتي متضايقه على اختس وجايه تطلعين حرتس فيني!
دخل المطبخ بذهول وهو يناظر لـ ريم اللي حاطه أصابعها على وجهها وتناظر له بخوف وتوتر من شافت عروق جبينه بدت تبان وهي ما تطلع ألا إذًا عصب بشكل جنوني : وشصاير !
رجعت بخطواتها للخلف برعب وهي تناظر لـ ريم بذُعر ، ريم بلعت ريقها وناظرت لـ سيف بتوتر وهي تحاول تهدي من رجفتها : زوجتك مأثره عليها هرمونات الحمل أنا برجع لبيتي محمد بيجي شوي..

يتبع ,,,,

👇👇👇


تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -