بداية

رواية احلامي المزعجة -43

رواية احلامي المزعجة - غرام

رواية احلامي المزعجة -43

رفع لها راسه بحده ليقول بقوة : ياسين خذ اخاك واذهب به الي غرفتك ، انتبه اليه انت الان اصبحت رجلا وانا اعتمد عليك
انكمش من لهجة اباه ليسرع بفعل ما امره به
انصرف ليغلق الباب من خلفه وينظر اليها مطولا
قال بهدوء : ما بك ؟
نظرت اليه بغموض : لا شيء
جز على اسنانه ليسال بغضب مخفي : هل انت غاضبة مما فعلته ، انا اعتذرت لك
ابتسمت ابتسامة باهته : لا لست غاضبة
نطق ونبرة الغضب تعلو بداخل صوته : اذن ما هذه الخرفات التي تتفوهين بها ؟ المرة الاولى ظننت انك تجاملين ولدك فلم اهتم بمؤازرتك له امامي ، ولكن ان تتغزلين برجل اخر غيري لن اسمح بذلك ابدا
وقفت بهدوء امامه لتنظر بعينيه : لم اتغزل بأحد ياسر ، ثم الرجل الاخر هذا صديقك واخاك واخي وابن عمي وانت نفسك تقول لياسين انه جميل كياسين الكبير ، هل توجد مشكلة اني اردد ما قلته انت مسبقا
صرخ بها : نعم ، انا لا اسمح لك ان تصفي شخص اخر غيري
ابتسمت بدلال مقصود : المعذرة لم اكن اقصد اغضابك
لا تغضب حبيبي
قالت جملتها بخفة مقصودة لتخرج من الغرفة وتتركه يشعر بحيرة كبيرة من تصرفاتها الجديدة والعجيبة عليه
تبعها وهو يشعر بغضب فعلي من استخفافها به الواضح من صوتها ودخل الي غرفة نومهم بعاصفة اسكتته بإشارة من يدها حازمة نظر لها بغضب ليرى انها تنوم الصغير سيطر على اعصابه وقال بصوت منخفض
__ اعطيه للمربية ، لينام بالغرفة المؤثثة له خصيصا ولا اراه ينام بها ابدا
نظرت له بتعجب وهزت راسها رافضه لتتسع عيناه غضبا
قال بحزم وهو يحافظ على صوته منخفضا : اريد ان اخرج من دورة المياه ولا اجده هنا ، ولا تجعليني اردد كلامي ثانية
تركها لتبتسم هي ابتسامة متسعة تعلم جيدا كيف تستفزه وكيف تهدئه واذا كانت اهملته الايام الماضية دون قصد منها
ستريه الان انها تهتم به فعلا ، وستنسيه الاخرى تماما اذا كانت موجودة
فعلت ما يريده ولكنها تأخرت عمدا عليه اطمأنت على ابنائها والصغير خاصة واوصت به المربية
لتدخل الي غرفة نومهم فتجده جالس يشاهد التلفزيون
لم تقترب منه اطلاقا بل تعاملت كانه غير موجود بالغرفة
دخلت تأخذ حماما باردا لتنعش المياه عقلها وتهدئ اعصابها
فهي لا تريد ان تتصرف معه بطريقة خاطئة
فصوت الاخرى اعطها شعور بانها امرأة غير ملتزمة
ومن الواضح ان ياسر بالنسبة اليها صيد ثمين
انا مخطئة انا من اهملته ، ابتعدت عنه وانشغلت بأمور اخرى لا اهميه لها
انتبهت من دوامة افكارها على يديه القويتين تحيط بخصرها ليلصق صدره العريض بظهرها ويهمس بإذنها : اشتقت اليك حبيبتي
احمرت وجنتاها عندما وصلت بذكرياتها الي هذا الحد
لتبتسم له بحب وهو نائم وضعت اناملها على خصلات شعره المموجة وتنهدت مشاعره البارحة كانت صادقة لا يشوبها شيء ، شعرت كم هو مشتاق اليها وكم هي مخطئة ، لم تستوعب الي الان انه خانها مع امراه اخرى ، فكرت هل هي من تتقرب منه ، لمعت عيناها بتصميم سأذهب لأرى من هي واعرف الي أي مدى وصلت علاقتهم
ابتسم : اتركي شعري سيخرج بيدك
تنبهت انها ممسكة بشعره وتشد عليه بقوة ارتبكت : اسفه
رفع راسه وشدها اليه برفق وقبلها : صباح الخير حبيبتي
__ صباح النور
همت بان تنهض من جانبه ليمسك يدها : الي اين ؟
__ سأحضر لك الفطور
__ لا تذهبي الي أي مكان ، انا لا اريد ان افطر الان
__ ستذهب الي المشفى دون ان تتناول الفطور
ابتسم واراح ظهره على الفراش : لن اذهب الي المشفى اليوم
سأخذ اجازة واتمنى ان تستطيعي ان تستأذني اليوم من عملك
لنخرج جميعا وننزه الاولاد
ابتسمت باتساع : الفصل الصيفي انتهى ياسر وانا انهيت عملي وقدمت على اجازة الفصل القادم لانتبه اليك والي الاولاد
__ حقا ؟
هزت راسها بإيجاب لتتسع ابتسامته : حسنا سأرتب مواعيدي لنسافر الي أي مكان تختارونه وخاصة ان لا يوجد لدي عمليات جراحية الفترة القادمة
قام منتفض من الفراش : سأجري بعض الاتصالات واتخلص من مواعيد العمل عدي الحقائب
__ هكذا سريعا
اقترب منها ليحاوط خصرها بيديه : نعم لا اريد ان اضيع دقيقة واحدة دون ان نستمتع بها
ابتسمت وهي تتبعه بعينيها وهو يخرج من الغرفة
هذا هو ياسر من احبته وتزوجته ليس الاخر ، ولكني عند قراري سأعلم من هي ومدى علاقتها به
************************
اندفعت مهرولة بأروقة المشفى وياسين يتبعها
ذهب ليسال عن مكان عمر بالاستقبال ليجدها تندفع راكضة نحو سرير متحرك يدفعونه الممرضين
ذهب خلفها ليجد عمر راقد على السرير انقبض قلبه من رؤية عمر فهو بحالة يرثى لها

تبكي بانتحاب وهي تشاهد اخاها والدماء تغطي وجهه وجسده
ركضت بجانبه وقالت من بين دموعها : عمر هل تراني ، هل تسمعني ؟
رفع يده لتلامس اطراف اصابعه ذقنها لتهوى يده ساقطة
وتصرخ هي بقوة : عمر ، عمر
دخلوا به الي منطقة العمليات ومنعوهم من اللحاق بهم
امسكها ياسين من كتفيها وهو يحاول ان يبقى قويا من اجلها
رمت نفسها بين ذراعيه لتبكي بنشيج حاد ، شعر انها لا تستطيع الوقوف ليسندها الي الكراسي الموضوعة ويجلسها ويجلس بجانبها
نطقت بألم وحزن يقطر من صوتها : سيذهب ويتركني ، سيذهب هو الاخر ، اريده ان يبقى بجواري هو اخي وابي وكل ما لدي هنا ، اذا ذهب اريد ان يؤخذني معه
تصلب من كلماتها وجمدت يداه ، وشعر بألم من كلماتها القليلة ، فكر انها ليس بوعيها ياسين هل ستحاسبها على صدمتها ، ولا تنسى انها تعرضت لصدمات كثيرة من قبل ولا تقوى على تحمل المزيد
احتضنها مهدئا : انا بجانبك نور ، لا تحزني ، انا معك
دفنت نفسها بين ذراعيه لتشعر بالأمان الذي ستفقده اذا رحل عمر
رأى طبيب صغير السن خارج امامه ليبعدها عن حضنه ويقف متجها اليه لتنتبه وتتبعه راكضة
__ انتم اهل المريض ؟
__ نعم ، كيف حاله ؟
زفر الطبيب بياس : لقد سيطرنا على النزيف واذا مرت الاربع وعشرون ساعة القادمة على خير ،سينجو ان شاء الله
شحب وجه ياسين وهز راسه بألم وتمتم : اشكرك
هم بالانصراف لتساله بصوت مبحوح : الفتاه التي اتت معه
كيف حالها ؟ واين هي ؟
__ انها بالدور السابع ، هي الان بغيبوبة منتظر ان تفيق منها خلال اربع او خمس ساعات تقريبا
هي بخير مجرد بعض من الكسور
تنحنح : ولكنها تعرضت للإجهاض ، الجنين لم يكمل شهره الاول ،ولذلك فقدته بسهوله ، استأذنكما واي اخبار جديدة سأبلغكما بها
انهمرت الدموع من عينيها لتنظر الي ياسين وعيناها متسعتين من الصدمة ليضمها الي صدره
يشعر بالتمزق فالمصيبة كبيرة هذه المرة ، ويشعر بانه مقيد ولا يستطيع فعل شيء سوى الانتظار
وكم هذا الانتظار قاتل له ولها
قال بنبرة حزينة : تعالي نور ، لنطمئن على علياء
ذهبت معه بصمت وهي تشعر انها سائرة بفراغ كبير لا ترى ما حولها ولا تسمع ما يحدث ، الوجود حولها معتم
اسود اللون يبعث على الكأبة وتريد ان تهرب من هذا الشعور المؤلم الفظيع الذي يجثم على صدرها
تراه هو فقط ممسك بيدها ويشدها ، النور يأتي من جسده و كانه مصدر الاضاءة تريد لهذا النور القوي ان يختفي تريد ان تشعر بالظلام والراحة تكتنفها فالنور مصدر ازعاج لها مدت يدها تلمس كتفه لينطفئ النور وتشعر انها بسبات عميق
شدها من يدها لتسير معه ليشعر بانها تلمس كتفه التفت اليها ليفاجئ بسقوطها بين يديه صرخ بقوة : نور

**************************

رن جرس الباب لتركض اليه فاتحة وتهلل بصوت عال
__ بابا ، اشتقت اليك
اتبعت جملتها بان قفزت الي حضنه ولفت ذراعيها حول عنقه ، وضمته بقوة
ضمها الي صدرة بقوة كبيرة وهو يستنشق خصلات شعرها الحريرية البنية ويشعر انه بالجنة
تنهد داخليا وهو يروي شوقه الي ابنته حبيبة قلبه ونور عيونه يكفيني هذا الدفء الذي يغمرني بقربك جنى
قبل راسها ووجنتيها ليدلف الي داخل الشقة فيشعر بغصة تجتاحه عندما وقع بصره عليها
رن جرس الباب لتنتفض جنى وتركض لتفتحه كعادتها
قالت بصوت منخفض : انتظري جنى لنرى من القادم
وضعت طرحتها على عجل وذهبت خلف ابنتها لتشعر بان قواها خارت عندما علمت ان علي هو القادم ابتلعت ريقها بصعوبة واستندت بجسدها على جانب الاريكة وهي تنظر اليه
شعرت بالشوق يغمرها اليه ولكنها لن تستطيع الاقتراب منه
فهي لا تقوى على تحمل ان ينبذها بعيدا عنه او يصدها
فآثرت ان تبقى كما هي حتى تعلم ماذا سيفعل
نظر اليها بغضب معلن واشاح بوجهه بعيدا عنها وهو يسال نفسه ما بها وجهها متعب وشاحب هل هي مريضة ام متعبة
فلتذهب الي الجحيم لا علاقة لك بها انت عائد من اجل اطفالك ، لابد ان تطمئن عليها من اجل صحة طفلك الذي تحمله ، لا لن اطمئن عليها وبم انها تستطيع الوقوف فهي بخير من فضلك اصمت قليلا ولا تنتهز الفرص لتقنعني بأشياء لا اريدها ، انت تضحك على نفسك علي لا تريدها انها انفاسك التي لا تستطيع ان تحيى بدونها
لا تنكر انك مرضت عندما تركتها وذهبت ، لا انا لم امرض بسببها و اخرس من فضلك
هز راسه بضيق وزفر بغضب وذهب الي غرفة النوم


واقفة تنتظر ماذا سيفعل ، لترى ملامح وجهه وهي تتغير بانفعال واضح لتفاجئ بالغضب يحل على وجهه و هو يهز راسه بضيق ويزفر بغضب
تفاجأت بذهابه الي غرفة النوم دون ان يسلم عليها
ماذا تنتظري بعدما فعلتيه اية ؟ اذهبي انت اليه وتكلمي معه
و تجنبي المشاجرة معه حتى لا تتوتر ابنتك او تسمع ما يحدث بينكما
دخلت الي الغرفة ، لتراه جالس على الفراش ويضم يديه بقوة
همست : حمدا لله على سلامتك
جز على اسنانه واغمض عينيه بألم وهو يلوم نفسه على عودته ويلوم نفسه اكثر على قلبه الذي ينبض بها
ما زال نبرات صوتها تثير مشاعره ، انت تحبها علي
لا تنكر بل تعشقها ضم يديه وهو يشعر بالغضب يتصاعد الي راسه وعقله يهتف خانتك علي لا تجعلها تؤثر عليك
وقف منتفضا وهو يقول بصوت غاضب لكن منخفض
__ اسمعيني جيدا ، انا عدت من اجل اطفالي انت لا تعني الي شيء ولا اريدك انت تقتربي مني ولا تتكلمي معي
سأنقل اشيائي الي غرفة المعيشة وسأنام هناك
شعرت بغصة كبيرة من كلماته وترقرقت الدموع بعيونها
لتقول بألم : لا علي ، امكث بغرفتك وانا سأمكث مع جنى
وانام بجانبها
هم بالرد عليها ليرن هاتفه نظر اليه : اهلا عمرو كيف حالك؟
__ اهلا علي ، انا بخير الحمد لله كيف حالك وحال اسرتك؟
__ بخير ، اين انت ؟ لم اجد سيارتك بالأسفل
تنحنح : انا عند ياسين ، اسمعني علي ولا تقلق من فضلك
توتر من طريقة عمرو الجدية : ماذا حدث عمرو ؟
__ ياسين اتصل وابلغنا ان عمر تعرض لحادث و تم نقله هو الي المشفى
شعر بقلبه يهوي بين قدميه : هل اصابه مكروه ؟
__ لا اعلم علي ولكني سأذهب الي ياسين فيوسف لن يستطيع كما تعلم ، وسامر عليك لنذهب سويا
__ سأنتظرك
راعها ملامح وجهه القلقة لتساله عندما اغلق الهاتف
__ ماذا حدث علي ؟
نظر اليها بصدمة وهو يجلس على الفراش : عمر تعرض الي حادث ونقل الي المشفى ، عمرو لم يفسر لي ماذا حدث ؟ ولا اعلم اذا كان علياء اصابها مكروه ام لم تكن معه من الاصل
شهقت بفزع ووضعت يدها على فمها ، اقتربت منه تلقائيا وجلست بجانبه رتبت على كتفه بحنان : اهدئ علي ، لا تقلق
ستجدهم بخير وصحة وعافية
للحظه كان سيرمي نفسه بأحضانها لتخفف عنه وينسى همه عندها كما كان يفعل دائما وتطمئنه ان الامور ستكون بخير
ولكنه نظر لها وسال باستهزاء : هل تتمنين ذلك من قبلك اية؟
ام تبرعين في تمثيلك علي كما كنت تفعلين دائما
نظرت له بصدمة : لا علي لم امثل عليك بشعوري يوما
وانت تعلم ذلك جيدا ، ولم اتمنى يوما ان يصيبهم مكروه
ان شاء الله ستطمئن عليهما
اشاح بوجهه بعيدا عنها لتتنهد بألم ، وقفت وهي تفكر انه لن يغفر لها بسهولة ولابد انها تنتظر وتصبر حتى يعود كما كان
اقتربت منه بهدوء وقبلت راسه لتنصرف سريعا من جانبه حتى لا يؤذيها اكثر بكلماته الجارحة
لم يتخيل انها ستقدم على فعل شيء كهذا بعد كلماته الجارحة لها ، فكبرياءها لا حدود له اغمض عينيه وهو يزفر بضيق
يشعر بقلق كبير على علياء وعمر ، ولا يتخيل ان يصيب احدهم مكروها ، لا يتخيل ان يفقد اخاه وصديق عمره ولا يتخيل ان يفقد شقيقته و بكريته التي راها تكبر كل يوم امام عيناه
لا علي لن تصل الي هذا الحد ان شاء الله لن يحدث لهما شيء
************************
جالس بجانب سريرها بالمشفى وهو يشعر بثقب كبير في قلبه
الي هذا الحد هي مرتبطة بأخيها ، لم يتخيل انها ستفقد وعيها من صدمتها على عمر ، الطبيب اخبره انها بخير وستفيق بعد قليل وانها اصيبت بصدمة عصبية فقدت على اثرها الوعي
ولكنه يشعر انها فضلت الذهاب الي الغيبوبة على ان تظل بجانبه اذا فقدت عمر ، تنهد بألم
ونظر اليها بعشق امسك يدها وقبلها بحنان فائق
شعر بها تشد على يده بأصابعها : نور ، حبيبتي جاوبيني
تأوهت ليقترب منها اكثر ويحسس على شعرها : نور

الظلام يحيطها وتشعر ببرودة في اطرافها
الخوف يملئ قلبها وتشعر برجفة داخلية تجتاح قلبها
فجأة شعرت بالدفء يغلف يدها وانفاس حارة تصطدم بالبرودة المحيطة بها لتطردها بعيدا عنها وتهدئ من رجفة قلبها ، تمسكت بهذا الدفء الذي احاط بها لتسمع صوته الدافئ الحنون وهو ينادي عليها ، حاولت ان تفتح عينيها
ولكن الضوء المها بشدة فتأوهت شعرت به وهو يقترب منها ويحسس على راسها بحنانه المتدفق وينادي مرة اخرى
__ نور
قالت بوهن وهي تحاول النظر اليه : ياسين ، عمر كيف حاله؟
اقترب اكثر منها واحاطها بذراعه : انه بخير الي الان ، كيف حالك حبيبتي ؟
اقتربت منه : انا متعبة ياسين ، اشعر ان قلبي سيتوقف من شدة الالم الذي اشعر به
قال بنبرة لم يستطع ان يخفي منها الالم : تريدين ان تتركيني نور ؟
نظرت له وهي تشعر بالألم يزداد عليها : لا خائفة ان تتركني انت الاخر
بكت بكاء حاد ليضمها الي صدره بقوة : حبيبتي توقفي عن البكاء ، لن نتركك عمر سيكون بخير وانا سأظل بجانبك دائما ، اضاف مازحا : الي اين سأذهب انت قدري
ابتسمت من بين دموعها : انت تتذمر مني
ابتسم بحب : لا حبيبتي اعترف بالواقع فانت اجمل قدر
خيم الحزن عليها مرة اخرى : اريد ان اطمئن على علياء
تنهد بألم : سالت الممرضة المختصة بحالتها منذ قليل لم تفق الي الان ، استريحي قليلا ولنذهب عندما تشعري بتحسن
استندت عليه لترفع جسدها : لا سأذهب اليها الان ، اريدها ان تشعر اننا بقربها
هز راسه بتفهم : حسنا سآتي لك بكرسي متحرك لتذهبي اليها
فجسدك لا يقوى على الحركة
هزت راسها بالموافقة ليأتي لها بالكرسي ويحملها ليجلسها به
لم تقوى على الاعتراض فهي تشعر بألم شديد في جسدها كله
دفعها ياسين الي ان وصلا الي غرفة علياء ليدلفا الي الداخل بهدوء ، انهمرت دموعها وهي ترى علياء ممده على السرير امامها ، نصف وجهها الايمن متورم على اثر كدمة كبيرة تغطي عينها وخدها ، توجد خدوش كثيرة تملئ وجهها ورقبتها ، ويدها اليمنى مجبسة
اشاحت بوجهها الما من مظهر صديقتها ،وهي دموعها تنهمر بغزارة وتفكر كيف ستتقبل الصدمة عندما تفيق وتعلم انها فقدت طفلها من عمر ، عمر الذي لا تعلم اذا كان سينجو ام سينتقل الي رحمة الله
ازداد بكائها ليتحول الي انتفاضات و تشنجات ليخرج بها ياسين من الغرفة سريعا ، اخذ صوت بكائها يعلو وانتفاضاتها تزيد جلس امامها واخذها بين ذراعيه وضمها بقوة : اهدئي نور ، ستكون بخير الطبيب اخبرنا انها ستكون بخير
في ظل تهدئته لها رأى علي وعمرو مقبلين عليه ومعهم نهى
تنفس براحة فوجود نهى بجوار نور هذه الايام سيخفف عنها قليلا
تقدم الي ياسين في حركة سريعة وهو لا يستطيع السيطرة على القلق الذي يشعر به
__ اين هما ياسين ؟
ردت هي من بين دموعها : عمر سيذهب ويتركني علي
لن اراه بعد الان
قال بقوة وهو ضائقا منها لمخاطبتها لعلي : اهدئي نور ، انه بخير
نظر لهم واردف: حمد لله على سلامتكم ،
اقترب من نهى : من الجيد انك اتيتي ، ابقي بجوارها نهى وحاولي ان تخففي عنها
__حاضر ياسين ، لا تقلق
__ تعال علي انا اريدك ان تقابل الطبيب لتطمئن بنفسك عليهما
ابتعدا عنهم ليمسك علي يده ويساله
__ ما الذي اخبرك به الطبيب و لا تريد ان تبلغني به وتفضل ان اسمعه من الطبيب
تنهد ياسين بقوة : اسمعني جيدا علي ، علياء الان تحتاج من تستند عليه وخصوصا في وضع عمر الراهن
ارتجفت يده الممسكة بيد ياسين بقوة ليضع ياسين يده الثانية على يده ويشد مؤازرا : ان عمر حالته خطيرة وهو الان بالعناية المركزة والطبيب اخبرني اذا مرت الاربع وعشرون ساعة القادمة ولم يحدث له شيء سينجو ان شاء الله
قال بصوت يكاد ان يسمع : وعلياء
__ انها بخير الحمد لله ،مجرد كسور بسيطة
كح بقوة ليكمل : ولكنها تعرضت للإجهاض
اتسعت عينا علي وترقرقت الدموع بهما : هل كانت حامل ؟
قال ياسين بأسف : الطبيب اخبرنا بانها كانت في الشهر الاول ولذلك فقدت الطفل بسهولة
شعر علي بصداع قوي يصيب راسه : هل هناك شيء اخر اخبرك به الطبيب ياسين ؟
تنهد ياسين وهو يربت على كتفه : لا علي
نظر له ليذهب الي غرفة اخته سريعا وينظر اليها بألم وحسرة على ما اصابها تبعه ياسين بهدوء ليقف بعيدا
ابتلع غصته ونظر وراءه ليقول بنبرة حزينة : اريد ان ارى عمر
__ تعال معي

ذهبا معا ليقفا خلف الزجاج ينظرون الي عمر
اسند علي راسه على الزجاج ، يشعر بألم شديد وهو يرى اخاه وصديق عمره مقيد الي الاسلاك والاجهزة
نظر اليه وناجاه بعينيه من الذي سيقف الي جواري الان عمر ، كنت الي جواري بكل مصيبة تصيبني
كنت صخرتي التي ارمي عليها كل همومي
كنت تشد من ازري وتدفعني الي عمل الصواب
اندفعت الذكريات الي عقله يوم وفاة والده ويوم ان اصاب جنى التهاب الشعب الهوائية وكاد ان يفقدها ، ويوم وفاة والدته ومنذ يومان وهو يخفف عنه دونما يدري ما به وما سبب المه وتعبه
الان ماذا سأفعل ؟ من سيؤازرني ويشير علي بالصواب
كيف سأبلغ علياء بأمرك وكيف سأبلغها بفقدانها لطفلكما
كيف سأنظر اليها واطمئنها عليك
تنبه من افكاره على قطرات من الماء تسقط على يديه
ليفاجئ بان دموعه تتدحرج على وجنتيه
تنفس بعمق و مسح دموعه بكفيه وهو يفكر بطريقة يخبر علياء بما اصابها واصاب عمر

ينظر اليه بألم وهو يفكر بان نور ستفقد عقلها اذا ما حدث له أي شيء ، فهي منهارة الان واذا تطور وضع عمر الي الأسوأ ستصاب بانهيار عصبي حاد
نظر الي علي ليرى دموعه التي تسقط من عينيه
شعر بالألم يجتاحه اكثر وفضل ان يترك علي بمفرده
ابتعد قليلا عن علي ليرن هاتفه نظر ليجده حسام
ضرب راسه بقبضته فهو نسى تماما امر الشحنة
__ مرحبا حسام ، انا مشغول اليوم ولن استطيع ان اتي الي الميناء
__ لا سيدي ، انا استلمت الشحنة البارحة وارسلتها الي الاماكن المتفق عليها
سال بتعجب: كيف ؟ الا تحتاج الي توقيعي ؟
__ لا سيدي كنت اظن ذلك ولكن الشحنة اتية باسم مكتب الاسكندرية وانا مدير المكتب ولذلك استلمتها بتوقيعي انا
تنهد بارتياح: ممتاز حسام، شكرا جزيلا لك
تنحنح حسام : انا اتصل بسيادتك لان لدي خبر سيء للغاية
قال ياسين بترقب: تكلم حسام سريعا ، فاليوم يوم الصدمات
__ مشروع الشاليهات اخبرني المهندس المسئول عنه اليوم ان الوحدة الاولى هدت بالكامل
صاح ياسين بقوة : نعم
__ مع الاسف لقد ذهبت الي هناك وتأكدت بنفسي الشاليهات التي بنيت غير موجودة والاساسات عبث بها بحيث اننا لن نستطيع ان نعتمد عليها بعد الان
ارتكن بجسده على الحائط وعيناه تتسع بغضب فهو الان متأكد من هوية من فعل كل هذا
قال امرا : حسنا حسام ، ابلغ الشرطة وانا سأتصل بمعارفي لأجعلهم يهتموا بالأمر ، واخبر المهندس ان يعمل في الارض بشكل سريع بحيث الا يتوقف العمل بالأرض اطلاقا حتى يصلوا الي ما كان عليه المشروع
اغلق الهاتف وهو يشعر بانه يرتجف من الغضب
لم ينسى ابدا ثأره من هذا الشخص الكرية ولكن من الواضح ان اسلوب التعامل الشريف لن يجدي نفعا معه
لا يعلم كيف ان يكون هذا بشر انه لا ينتمي الي الجنس البشري اطلاقا كيف يفعل هذا بابن اخيه
زفر بقوة وهو يشعر ان المصائب لن تتوقف عند هذا الحد

********************
__ ما بك حبيبتي ، هذه المرة الرابعة التي تدورين بها حولي ؟
نظرت له بقلق وجلست وهي تفرك اصابعها ببعضها بتوتر
ابتسم لها وامسك يديها وقال بهدوء : بسنت ماذا حدث جعلك متوترة هكذا ؟
ردت ببطء : انه علي مررت به وانا عائدة من عملي لم اجده بالمنزل واتصل به على هاتفه لا يجيب ، وانا قلقة عليه بالفعل
ابتسم لها بمرح : ممكن انه عاد الي منزله ، هل اتصلت به هناك ؟
نظرت له بضيق : لا لم اتصل ثم انه غاضب من اية لن يعود اليها بسرعه هكذا
اتسعت ابتسامته : هل هو اخبرك ، ام انه استنتاج فخامتك
مطت شفتيها بضيق : لا لم يخبرني ولكني شعرت به
ضحك لتشيح بوجهها عنه ابتلع ضحكته وأقترب منها
__ لماذا الغضب حبيبتي ؟ انت تعلمي جيدا ان علي يعشق اية بجنون ثم ان السبب الرئيسي في مرضه هو المشاجرة التي حدثت بينهما والتي لم يخبر احدا عنها
ومن الافضل لهما ولجنى ان يتصالحا ويعود الي المنزل
اليس هذا كلامك بسنت ؟
نظرت اليه وتنهدت : نعم ، وانا متمسكة برايي التصالح بينهما من اجل صالح جنى ، ولكني كنت اتمنى ان يؤدبها قليلا لتشعر بقيمته ووجوده في حياتها
__ يستطيع تأديبها وهو موجود بالبيت بسنت ، ثم لم اسمع من قبل عن رجل يتشاجر مع زوجته فيترك البيت ، ان المرآه هي من تفعل ذلك دائما
نظرت له بغضب والشرر يتطاير من عينيها وقالت بنبرة قوية: ماذا تقصد محمد؟
تنبه الي ما قاله بحسن نية : لا لم اقصد شيء ، انا متعجب من موقفه لماذا لم يرسلها لبيت اخاها ،بدلا ان يترك لها البيت ويذهب
تنفست بقوة : ان علي مختلف في انفعالاته ، كان دائما عندما يغضب يتركنا ويذهب الي أي مكان ، الي ان يهدئ
__ كفي عن قلقك ، واتصلي به في منزله لتطمئني عليه
او انتظري الي الغد اتركيهم يحتفلوا بالمصالحة بينهما
غمز بعينه لتضربه بخفة على كتفه : تهذب
ضحك بحب لها لتقول بقلق : محمد اريد ان اطلب منك شيء
اقترب منها واحاطها بذراعه : امري حبيبتي ، انا كلي تحت امرك
__ اريد ان اذهب الي الطبيبة غدا لنتفق معها على اجراءات العملية
نظر لها بهدوء : لماذا بسنت ، لماذا ستجرين العملية الان ؟
قالت وهي تحكم السيطرة على دموعها : تعبت من الانتظار
لن استطيع الانتظار اكثر من ذلك
__ ولكن الطبيبة اخبرتنا انك ستحملين طبيعيا اذا استخدمت الدواء كالمرة الماضية ولكننا نحتاج الي الوقت
__ تعبت محمد واشعر باني فقدت الامل في هذا الدواء
تعبت وانا كل يوم الاعب اطفال ليسوا اطفالي ، وافكر بان كم هو ممتع ان تلعب مع طفلك انت وتراه يكبر امامك ويقلد تصرفاتك انت اريد طفلا لي يحمل ملامحي وعيناك التي تشع منها الطيبة والحنان
سقطت الدموع من عينيها : تعبت وانا ارى الاطفال يهرعون الي امهاتهم ويتركوني خلفهم كل يوم ، وكل يوم ادعي القوة والتحمل والصبر واتمنى ان غدا سياتي طفلي الذي يهرول الي انا دون عن كل الناس الاخرين ، تعبت محمد تعبت
اجهشت بالبكاء ليحتضنها بين ذراعيه ويغمض عينيه الما
فكل ما تشعر به يشعر به هو الاخر كم شاهد الاباء وهم يلعبون مع ابنائهم وتمنى ان يكون بمكان واحد منهم ، كم يشعر بالغيرة عندما يتكلم زملائه عن ابناؤهم ويشتكون من شقاوتهم التي لا حدود لها وكم دع الله ان يرزقه بطفل طفل واحد وليكن كما يكون سيتحمله كما هو ، يشعر بالمها فهو نفس الالم الذي يحاول دفنه بأعماقه من اجلها حتى لا يفقدها فكل ما يشعر به لا يوازي شيء امام شعوره بألم ان يفقدها
فهي حياته كلها واذا يريد طفلا يريده منها هي
قال مازحا ليخفف عنها : ولكني لا اريده ان يحمل عيناي الضيقة ، اريده يشبه امه الحسناء التي فتنتي من اول مرة اراها بها
رفع راسها ومسح دموعها ونظر اليها بهيام : أتتذكرين بسنت؟
ابتسمت وقالت بصوت محشرج : طبعا ، هل استطيع ان انسى ، كم كنت ثقيل الدم معي ؟
قهقه ضاحكا : صراحة شعرت بالغيرة من هذا العلي فحظه هذا اليوم ان جميع عملائه من السيدات الحسناوات وانا كل عملائي من الرجال كبار السن ، وعندما رايتك اول مرة شعرت بشعور غريب لم اشعر به من قبل وعندما سالتي عن علي بالاسم شعرت بغيرة شديدة تجتاحني
اكملت : ولذلك تكلمت معي بعصبية شديدة

يتبع ,,,

👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -