بداية

رواية احلامي المزعجة -50

رواية احلامي المزعجة - غرام

رواية احلامي المزعجة -50

لا اعلم ماذا افعل مع هذا الحقير فهو لا ينفك ان يضايقني اليوم اخبرني بكل جبروت انه سيحصل علي وقتما يريد
واني لن استطيع منعه او رفضه
اشعر بالاختناق حينما اراه ولكن كل ما اريده الان ان ابتعد عن هذا القصر الذي حمل سنين عذابي
اخبرني محمد انه عندما يأتي من السفر سننتقل فورا الي القاهرة
كنت اريد ان اذهب الي والدي بم انه مسافر ولكن عمر لدية امتحان غدا ، لينتهي منه ونسافر على الفور

عاد عمر من الامتحان وهو سعيد جدا واخبرني انه سيذهب الي صديقه حسن ويمضي معه الليلة ، كنت اريد ان ارفض ولكني لم اشأ ان اسرق فرحته بانتهاء الاختبارات ووافقت ان يذهب معه
ساعد الفراش لننام انا ونور معا
نظرت اليها وهي تلعب بعروستها الجميلة وقلت لها : هيا لننام يا صغيرتي

قلب الصفحة ليقرا الباقي ليجد الصفحات الباقية فارغة
نفض الدفتر مرة اخرى يمكن ان تكون امه فوتت عدة صفحات ولكنه لم يجد أي حرف اخر
رمى الدفتر على المكتب واعتدل جالسا فهو يتذكر هذه الليلة جيدا ، نعم كان يريد ان يبيت عند صديقه ولكنه اراد ان يعود للقصر فوجود امه واخته بمفردهما اقلقه
وصل الي القصر الساعة الثانية صباحا بعد ان اوصله شقيق حسن الكبير ، عندما وجدوه مصرا على العودة الي منزله

يتذكر هذه الليلة جيدا ويتذكر الموعد ايضا فهو نظر الي ساعته عندما دخل من باب القصر
تعجب ان عمه الكريه لم يكن بالصالة كعادته فهو يسهر ليلا يحتسي الخمر الذي لم يكن متواجد بالقصر قبل عودته فهو لم يرى والده ابدا يشرب هذا النوع من المشروبات وبإحدى المرات دعاه عمه ليشرب معه كاس فنهره اباه بشده وتشاجر مع عمه مشاجرة مخيفة كان لأول مرة يرى اباه غاضبا هكذا، لا يطيق هذا العم ولا يعلم السبب ولكن وجوده ثقيل الظل على قلبه
صعد السلالم وذهب الي غرفته وقبل ان يدلف الي الداخل اراد ان يطمئن على شقيقته ذهب الي غرفتها وطل من الباب فلم يجدها عقد حاجبيه تعجبا ولكنه ابتسم فهي من عادتها الاستيقاظ والذهاب الي غرفة والديهما لتنام هناك
ابتسم وذهب اليهم ليشاركهم الفراش بم ان اباه غير متواجد
دلف الي الداخل بهدوء حتى لا يوقظ احدا منهما ليقشعر بدنه مما يراه
عاد بظهره الي الخارج وهو يشعر بانه سيفرغ ما بمعدته
ليسرع الي غرفته ويدخل الي دورة المياه ويتقيأ
بكي بشدة لم يتخيل ان امه تخون اباه ومع هذا الحقير
لا يستطيع ان يحتمل هذا الالم ، لا يستطيع ماذا فعل اباه
لتفعل به ما فعلته ، لا تستحق ان تحيي معه ولا دقيقة واحدة
انتفض على دموعه وهي تبلل رقبته وشفتيه وهو يتذكر هذه الليلة السوداء
ويتذكر كيف غفت عينيه وهو يجلس على الارض يضم ركبتيه الي صدره ليستيقظ صباحا على صوت صراخ حاد ناتج من غرفة والدته لم يهتم بما يحدث لها وتمنى من قلبه ان تموت ، ولكنه تذكر شقيقته اين كانت البارحة
ذهب سريعا ليبحث عنها لم يجدها بغرفتها ولا بالحديقة في هذا الوقت تنبه الي سيارة الاسعاف التي تنقل والدته للمشفى
ضحك ساخرا وهو يرى انها تستحق عقاب اكثر من ذلك على ما فعلته بابيه
وجد نور اخيرا بغرفة الملابس الخاصة بغرفة والديهما
مختبئة تحت رف الملابس السفلي ونائمة
تعجب من مكان تواجدها ولكنه ايقظها بهدوء وشدها الي الخارج ، استيقظت مفزوعة من النوم وبكت وهي تشير بيديها وتحاول ان تخبره عن لص حاول سرقتها
ابتسم وهو يهدئها فخيالها خصب جدا
جلس ودعك وجهه بيديه وهو يحاول ان يتخلص من الالم الذي اصاب راسه من هذه الذكرى البشعة ، يشعر بشيء مفقود ، المذكرات اخبرته ان والدته لم تحب عمه ابدا بل كانت تعشق اباه ، وتؤكد ايضا ما قالته عمته بان والده لم يكن يخبر امه بمدى حبه لها
واذا كان عمه افقد امه وعيها لينالها المرة الاولى ما راه هذه الليلة لا يدل على انه اجبرها
اذن ما الذي دفعها الي الانتحار هل كان الندم على ما فعلته
ولكن اخر صفحة بمذكراتها تؤكد انها لا تحب عمه ايضا وانها لا تريده
ماذا حدث ؟ شعر بالصداع يتزايد داخل راسه والدموع تتجمع بعيونه ، اذن عمه كذب عليه وعلى جده وعلى عمته لم تكن نور ابنته
ولم يكن على علاقة بأمه ، امه الذي ظلمها حية وميته كان يكرهها عندما تقفز الي ذكرياته لا يستطيع تحمل فكرة ان هذا الحقير اعتدى على امه وهي غائبة عن الوعي
تمتم من بين اسنانه : سأقتلك حافظ سأقتلك

عاد حافظ ليقلب الدنيا راسا على عقب توترت نور من وجوده وهو تعرض لها اكثر من مرة وردد ان نور ابنته
وزعزع ثقتها بنفسها ، زادت الخلافات بينها وبين محمد
الذي لم يسلم من شر حافظ
كان في ذاك الوقت محمد انشا شركة صغيرة مع اباك للمقاولات من ماله الخاص بعيدا عن ورثه من ابية
طرده حافظ من الشركة والمصنع ومع تصميم نور على
الانتقال الي القاهرة ، اخبره اباك ان يأتي ويصبح مسئولا عن الشركة وفعلا بدأ محمد الاعتناء بالشركة لينضم اليهم احمد سليم وتتوسع الشركة وطبعا اباك عهد بالشئون القانونية للسيد عبد العزيز ، بدأت الشركة في الازدهار والامور تستقر وبدا محمد في الترتيب لينتقلا هنا
ولكن جاءت صفقة مهمة للشركة ليسافر محمد و والدك للخارج ليتمما الصفقة
لاستيقظ في الصباح التالي لسفرهم على الهاتف ووالدة نور تخبرني انها بالمشفى
سافرت معهم الي الاسكندرية لأجد صفية امامي وهي تخبرني انها لا تعلم ما بها فهي اتت في الصباح لتطمئن على اولاد اخيها لتجد نور في حالة انهيار حادة وانها حاولت الانتحار ، اخبرنا الطبيب انها صدمة عصبية حادة فقدت على اثرها الوعي و ذهبت بها الي الغيبوبة
ظلت بالغيبوبة لمدة عشرون يوما ،محمد خلال هذه الفترة رتب امورهم لتخرج من المشفى الي منزل اللواء اسماعيل
ولكنها لم تعد كما نعرفها ، كانت تتعرض لنوبات اكتئاب حادة لا نعلم سببها ، محمد كان يموت حزنا عليها كل يوم
وبإحدى الايام وجدتها تتصل بي وتخبرني انها تريدني
طبعا ذهبت اليها على الفور فهي كانت ترفض مقابلة أي احد حتى محمد كانت الممرضة ترافقها باستمرار لتمنعها من الانتحار كنا جميعا نرها وهي نائمة
احتضنتها من كثرة شوقي اليها لتدمع عيناي : اشتقت اليك نور
ابتسمت بتوتر : وانا ايضا
نظرت لها وسالتها : ماذا حدث نور ؟ اخبريني فانا كدت افقد عقلي
نظرت الي وانهمرت دموعها لتصيح بان حافظ اغتصبها بالقوة دون ان يراعي أي شيء

انتفض ياسين من الجملة ليحمر وجهه بشدة وينتفض واقفا
لتمسكه والدته من يده وتشده : اهدئ ياسين
خلص يده من يد امه ليذهب الي النافذة وينظر منها قال بجمود : اكملي امي ، اريد ان اعلم كل شيء
__ احتضنتها بين ذراعي لأجد محمد امامي وجهه منتفخ من الغضب والصدمة تقفز من ملامحة
شدها من بين يدي ليوقفها امامه وسألها بغضب
هل ما سمعته صحيح ؟ انهمرت الدموع من عيونها
لتتسع عيناه والشرر يتطاير منهما ليخرج سريعا من الغرفة
ركضت وراءه وركبت بجواره وهي ترجوه ان لا يذهب اليه
كانت هذه اخر مرة اراهما بها فعلى المساء جاءنا خبر وفاتهما
تذكر عندما اخبرته نور عن اخر ليلة لوالدها معها
بعد وفاة محمد سحب اللواء اسماعيل نصيبة من الشركة على الرغم ان اباك اخبره الا يفعل ويترك نصيب محمد ليجد عمر شيء يستند عليه عندما يكبر
ولكن اللواء اسماعيل اصر على موقفه واخبره انه يريد ان يجنب عمر عالم الاعمال وانه لا يريد لعمر ان يحتك بعمه
التفت اليها : ولكني لم التقي بمحمد المصري اطلاقا
كنت لا تهتم بأصدقاء والدك ياسين وكنت تعرف والد معتز لان معتز صديقك ، وايضا السيد عبد العزيز بسبب حنان
ولكن محمد كان منغلقا، وانغلق زيادة بعد حالة نور المتدهورة ، وعندما توفى بنى اللواء اسماعيل حول حفيديه جدارا عازلا بعيدا عن كل ما كان له صلة بنور ومحمد
فمنعهم عن عمهم وعمتهم ، وابلغني بذوق اني لا اتي للاطمئنان عليهم ويكفي الاطمئنان عن طريق الهاتف
عقد حاجبيه : لماذا ؟ هذا الرجل تصرفاته عجيبة
__ علمت من والدة نور فيما بعد ، فانا كنت ازورها باستمرار وكنت اختار اوقات لا يتواجد احد بالمنزل غيرها اخبرتني ان حافظ اتى وكان يريد ان يأخذ نور ، تعجبت حينها وسالتها وعمر
تنهدت وبكت بقوة : يقول ان نور ابنته ، اسماعيل كاد ان يقتله ، ولكن عمر وقف بينهما
لا اعلم ما الذي يريده من احفادي ، واشعر اني سأفقد اسماعيل قريبا بسببه
اخبرتها حينها ان حافظ كاذب وانه يفتري على نور ولكني لم اشأ ان اصدمها بما فعله حافظ مع نور شعرت اني لو اخبرتها ، ستموت كمدا على ابنتها
توفت بعدها بوقت ليس بقليل ، والحقها اللواء اسماعيل بعدها بقليل ليتركا نور في حماية عمر ، ولكن والدك وقف حائلا بين حافظ وبينهم واوصى الاستاذ مصطفى ان يعتني بهما هو و زوجته ، فعمر حينها كان باخر سنواته بكلية الهندسة وعند نجاحة بعث له والدك بباقي ارباح لأسهم اصر الا يعطيها للواء اسماعيل ، واخبره ان يؤسس شركة خاصة به ، ويعتمد على نفسه
__ هل قابل عمر ابي ؟
__ نعم مرة واحدة ، اتى الي هنا مع الاستاذ مصطفى والد علي ، و اخبرني محمود حينها اني لا اقلق على نور فهي ستكون بأمان معه
وبعدها انقطعت اخبارهم عنا وانا انشغلت بوالدك ومشاكل الشركة وانت عدت الي مصر لانشغل اكثر عنهم
ثم توفى والدك رحمة الله عليه
صمتت لينظر اليها مطولا : هل العداء الذي نشا بين ابي وحافظ كان سببه انت امي ؟
نظرت اليه بتعجب لتبتسم : انا كنت احد الاسباب فحافظ لم ينسى اني رفضت الزواج منه قبيل سفره
ولكن ما ازاد العداء بينهم هو وقف اباك في وجهه وحمايته لنور وعمر ، وخاصة عمر
اتمنى ان اكون وضحت لك كم انت مخطئ بحكمك على والدة زوجتك ياسين ، واتمنى ان لا تكون اذيت زوجتك بسبب هذا الحقير
تنهد وهو يغمض عينيه ، لقد دمرتها امي ما فعلته معها ارعبها ومن المؤكد انها ستتركني لن تنتظر معي دقيقة واحدة انه عقاب قاسي ان تتركني وتذهب ولكني استحق هذا العقاب
ماذا سأفعل معك نور ؟ ماذا سأفعل ؟ هل اؤذيك اكثر واجبرك على العيش معي ، او اتركك تفعلين ما تريدينه

انتبه على صوت امه وهي تخرج من المكتب : انظر ياسين وجدت هذا مرمي امام الباب
نظر الي ما تشير اليه امه ليجد بيدها مغلف ابيض
لماذا يشعر بان قلبه يترجف بين ضلوعه وان هذا المغلف الرقيق له علاقة به
ابتلع ريقه وتقدم الي امه واخذه من يدها
فتحه بهدوء ليجد رسالة بداخله من النظرة الاولى علم انه من نور قرا الكلمات القليلة التي به ، واغمض عينيه بألم
نظرت اليه امه بقلق : ماذا هناك ياسين ؟
__ لقد تركتني امي ، تركتني
ذهبت الي اخيها وترجوني ان لا اذهب اليها ، فهي لن تخبر عمر عن خلافتنا حتى لا يزيد عليه التعب
تريد ان تأخذ قسطا من الراحة بعيدا عني لتستطيع الوصول الي قرار هل ستعود الي ام سننفصل بهدوء
لمعت الدموع بعينيه ليتنفس بقوة وينفض راسه
نظر الي والدته ليكمل : بعد اذنك امي ، سأذهب لأنام فغدا يوما شاق بالنسبة الي ، ولابد ان اخذ قسطا من الراحة


تركها وذهب لتتنهد الما على ابنها البكر الذي طالما نجح وبجدارة ان يسيطر على مشاعره ولا يظهر منها شيء
تعلم انه يتألم بشدة وانه لن يستطيع العيش بدون زوجته
مد يده لترتعش بعنف قبض كفه بقوة وامسك مقبض الباب كانه يفرغ ضيقه به
فتح الباب لتهب عليه رائحتها الرقيقة استنشق الهواء بقوة
وخطى الي الداخل وهو يتمنى ان تكون موجوده كما تركها وان هذه الرسالة لم تتواجد ولم يقرأها
لف عينيه بغرفة النوم ليجدها مرتبه وخالية منها
تركت كل شيء ورحلت ، ملابسها وعطورها وكل شيء
تركت كل شيء ورحلت ، هل هذا معناه انها ستاتي ثانية
ام معناه انها تتخلى عن كل شيء يربطها به
فتح دولاب الملابس ووقف ينظر الي ملابسها
ويشعر انه يراها امامه مد يده وسحب روب حريري كانت ترتديه لأخر ليلة لهما هنا ، ليلة عيد مولده ، الليلة التي لن ينساها ابدا
احتضنه بقوة واستنشق رائحتها منه ، جلس ارضا واسند ظهره الي الدولاب زفر نفسه بقوة : كيف سأقضي الايام القادمة من غيرك نور

************************

رن الجرس لتنظر الي الساعة الكبيرة الواقعة بغرفة الجلوس لتجدها تعدت الحادية عشر مساءا
تعجبت من سياتي لهم الان ، بل من سياتي لهم اصلا
فلا احد يزورهم اطلاقا ، هل عاد حافظ ؟
نهضت لتجد احد الخدم يفتح الباب ذهبت لترى من القادم
لتشهق بفزع : هل حدث شيء لعمر ؟
نظرت الي عمتها بعينيها الباكية وهزت راسها نافية لترتمي بحضن عمتها وبكائها يزداد
ضمتها عمتها الي صدرها : ماذا حدث حبيبتي ؟
قالت من بين دموعها :اين عمي اريد ان اتحدث معه ؟
رتبت على ظهرها وهي تقودها للداخل : اهدئي نور ، اهدئي ولنتكلم بعد قليل
جلست واجلستها بجوارها على الاريكة وضمتها الي صدرها اكثر وهي ترتب على ظهرها وتسمي عليها بالرحمن
الي ان هدئت وتوقفت عن البكاء
رفعت راسها من حضن عمتها : اسفة عمتي جئت فجأة وافزعتك ببكائي
نظرت اليها بعتب : ماذا تقولين نور ؟ انه بيتك حبيبتي وتأتي هنا وقت ما تشائين
__ هلا تسمحي لي بالمبيت هنا ؟
نظرت اليها بتعجب : طبعا ، على الاقل تؤنسيني في غياب عمك
__ اين هو ، كنت امل ان اراه واتحدث معه
توترت صفية : لماذا نور هل حدث شيء لعمر ؟
__ لا عمتي ، انا اريد ان استفهم عن شيء يخص عمي
نظرت اليها متفحصة : هل حدثت مشكلة بينك وبين زوجك؟
وتريدين من عمك ان يتدخل
نظرت الي عمتها بعينين دامعتين وقررت ان تقص لها ما سمعته فهي بحالة نفسية سيئة وعلى وشك الانهيار
نظرت اليها وقالت بجدية : لا استبعد ان يكون عمك فعلا وراء وفاة محمود بك
__ هل تعرفيه عمتي ؟
__ نعم ، كان شريك محمد لبعضا من الوقت قبل ان يتوفى والدك
نظرت اليها بعينين حالمتين : كلميني عنه عمتي
اخبريني بكل شيء
ابتسمت عمتها وهي تنظر الي لمعة عيناها التي تشعرها بانها راتها من قبل بعيني محمد كثير عندما يكون متحمس لشيء ما
__ سآتي لك بملابس لتبدلي ملابسك
__ حقيبتي بالسيارة
__ اذن سامر احد الخدم ليأتي بها من الخارج وانت اذهبي لتأخذي حماما يهدئ اعصابك ، تعالي
رافقت عمتي الي احدى الغرف من الواضح انها مؤثثة حديثا
نظرت لها : اريد ان اجلس بغرفة ابي
ابتسمت لأرشدها الي غرفة والديها وتركتها هناك
دلفت الي الغرفة لأشعر بموجة من الصقيع تجتاحني
اقشعر بدني من البرودة التي زحفت الي انحاء جسدي
اشعر بخنقة تسيطر على انفاسي والغصة تقف بحلقي ولا اعلم لماذا الدموع تجمعت بعيوني ، تهيا لي اني سمعت احدل يصرخ من حولي صرخات مستنجدة ، التفت حولي لأتأكد من الصراخ الذي يتردد باذني لأجد اني وحيدة ولا احد غير بالغرفة
توجهت الي دورة المياه لأخذ حماما يهدئ اعصابي قليلا
وقفت تحت المياه لأسكب دموعي فلا استطيع التفرقة بينها وبين المياه التي تتناثر على جسدي ، ابكي بشدة وانا اخبر نفسي ان البكاء سيريحني ، سينسيني ، سيجعلني اقوى من ذي قبل ، ومن بين دموعي تذكرت كم كان حنون كم كان رقيق ، ليتبدل الي الحال ويصبح قاسي ومرعب ، اجتاحتني الرجفة من اثر عنفه معي لأضم جسدي بقوة وانا اشهق اكثر
ودموعي تنهمر بغزارة لأتذكره وهو يقول :ابتعدي عني فانا لا استطيع الابتعاد عنك
اتمنى ان تكون مرتاحا ياسين ، اتمنى ان اكون حققت لك ما تمنيته


خرجت بعد وقت ليس بقليل وانا امسح دموعي الذي ظلت تتساقط على وجهي لا استطيع التوقف عن البكاء
نظرت الي المرآه لأرى عيناي منتفختان من اثر البكاء ووجهي شاحب ، وجدت حقيبتي موضوعة على الفراش فذهبت واخرجت ملابسي وبدأت بارتدائها توقفت عند العلامة الزرقاء بذراعي ، اثار أصابعه واضحة وكأنها تخبرني بوجوده في حياتي حتى وانا بعيدة عنه كل هذه المسافة
__ لن اسامحك ياسين ، لن اسامحك
دق الباب ليفتح : هل انتهيت نور ؟ اتيتي لك بالعشاء
__ تفضلي عمتي ، اجلسي لتكلميني عن ابي
رتبت على خدي بحنان : هيا تناولي الطعام واخلدي للنوم وغدا نتحدث ، ولكن الان نامي واستريحي

اتمنى ان البارت يحوز على اعجابكم
لا تحرموني من ارائكم وتوقعاتكم
موعدنا القادم ان شاء الله
يوم الاثنين مع الجزء الثاني
القاكم قريبا

الفصل الرابع والثلاثون

الجزء الثاني

دخلت الي جناحه بالصباح لأوقظه واطمئن عليه فالبارحة كان بحالة من البؤس والالم لم تفتني حتى لو لم يظهرها
شهقت بألم عندما راته نائما على الارض بجانب دولاب الملابس ومتوسد ذراعه اسرعت اليه لأطمئن الا يكون اصابه شيء لأجده نائما رتبت على خده بلطف
وهمست : ياسين ، قم حبيبي
تمتم بهمس : اتركيني قليلا نور ،اريد ان انام وقتا اطول
دمعت عيناي و نادته بصوت اعلى قليلا : ياسين ، قم بني
فتح عينيه ليجدني امامه فينتفض جالسا نظرت اليه بعتب
ليشيح بنظره بعيدا عني اقتربت منه وربت على فخده
__ اذهب وراضيها وات بها معك ، اعتذر منها على ما فعلته ، واوعدها بانك لن تفعل ذلك ثانية ، ستسامحك ، هي تحبك بقدر ما انت تحبها ، ستسامحك ياسين
رمش بعينيه قال بحمود : لا امي ، مثل ما تركتني وذهبت دون اذني ، ستاتي بمفردها
اتسعت عيناي غضبا : هل تعامل بنات العائلات بهذه الطريقة السيئة ، اذهب الي زوجتك وراضيها ، اريد ان اراها اليوم
وقف منتفضا : امي من فضلك لا تتدخلي بهذا الامر ، لن اذهب اليها ، حتى لو سأموت من غيرها ، سأموت راضيا على ان اذهب اليها
صاح بقوة اكبر : وهل بنات العائلات يغادرن بيوتهن بدون اذن ازواجهن ، بنات الشوارع لا يفعلن ذلك
هدرت بصوت عالي : ياسين
زفر بضيق : حاضر امي سأذهب اليها ولكني سأعطيها وقت لتهدئ به ، وانا ايضا اعالج مشاكل الشركة المتفاقمة
هززت راسي بعدم رضى : حسنا ، تعال لتتناول فطورك


تركتني امي وانصرفت ليقع نظري على روبها الحريري الواقع على الارض لأزفر بضيق نظرت الي هاتفي وانا افكر هل اتصل بها لأطمئن عليها ام لا ، سأتصل واخبرها اني سآتي لها بعد يومين لتبلغني بقرارها ، واطمئن على حالة عمر
اسرعت الي الهاتف وانا ارتب الحروف بداخلي واتحكم بصوتي حتى لا يفضحني شوقي اليها لأجد الرسالة الصوتية بالصوت الانثوي الممل تخبرني ان هاتفها مغلق
اطبقت على الهاتف بقوة و جززت على اسناني غاضبا
__ اللعنة عليك نور ، لن اسال عنك وستاتي غصبا عنك

********************
نظرت حولي بانبهار لهذه الحديقة الرائعة وانا اتمم : سبحان الله ، سمعت صوت صراخ امرأة لأبحث عن مصدر الصوت
صوت الصراخ يزداد لأركض بقوة خائفة هروبا من هذا الصوت المخيف ارتطمت بجسد قوي ، لأشهق بعنف رفعت عيني لأجده امامي ينظر الي بقسوة وعيناه تحملان الوعيد وتتألق بنيران دخانية
لارتجف بقوة ضمني الي صدره بقوة ليقبلني بعنف
حاولت ان ادفعه بعيدا عني لأصرخ بقوة : ابتعد
استيقظت منتفضة على قوة صرختي لتدلف عمتي الي الغرفة والخوف يقفز من عينيها والقلق يعم وجهها
اسرعت الي عندما وجدت دموعي تنهمر على وجنتي
لتحتضني مهدئا : بسم الله عليك حبيبتي
ماذا حدث ؟ لقد ارعبتني صرختك
__ مجرد حلم عمتي ، انه حلم مزعج لا اكثر
رتبت على كتفي : حسنا استعيذي بالله وتعالي لنتناول الافطار معا
تركتني وانصرفت لأسند راسي على ظهر الفراش
__ متى ستتركني بحالي ياسين ؟
فكرت في صوت الصراخات التي استمع اليها من البارحة
فلقد استيقظت اكثر من مرة على صوت الصراخ ولكني لا اعلم مصدره
استعذت بالله من الشيطان الرجيم ونهضت حتى لا أتأخر على عمتي

********************

نظرت اليه وهو يمثل تناوله للطعام ، امسكت يده برقة
__ ما بك عمر؟ من البارحة وانت واجم ولا تتكلم تأخرت بالمكتب وعندما اتيت لتنام لم ترد علي ، رغم انك لم تنم الا بعد الفجر
__ قلق قليلا علياء ، اريد ان اطمئن على سير العمل
__ الم يطمئنك الاستاذ محمد البارحة وياسين كان يطمئنك كل يوم وانت بالمشفى
تنهد : اه ياسين ، لا اعلم كيف ارد له جمائله الكثيرة التي تثقل كاهلي
__ اتعجب نور لم تأتي البارحة كما وعدتني ، ولا ترد على هاتفها من الصباح
نظر اليها بتعجب : الصباح ، نظر الي ساعته : انها العاشرة علياء هل اتصلت بها قبل ذلك
ارتبكت وهمست : نعم من حوالي ساعة
نظرت اليها معاتبا : علياء ، الا يكفي انشغالها معنا الايام الماضية واهمالها لزوجها لتتصلي بها انت بالصباح الباكر
لا تتصلي بها مرة اخرى واتركيها لتعتني بزوجها ، فهي اهملته الايام الماضية
هزت راسها موافقة لينظر اليها بتفحص : هل كنت تريدين منها شيء ؟
ارتبكت وردت بتلعثم : ها ، لا
قال بحزم : علياء
تنحنحت : كان من المفترض ان تأتي لي بأدويتي
نظر بتعجب : ادويتك ، هل تتناولين الادوية ؟
__ انها مسكنات من اجل ذراعي
__ لا تكثري من المسكنات فهي ضارة ، ثم هل يؤلمك ذراعك الي هذا الحد ؟
نظرت اليه لا تريد الكذب اكثر من ذلك فالمسكنات للألم الذي ينتابها بسبب الاجهاض الذي تعرضت له
وهي بالمشفى تعرضت لنوبات حادة من الالم ولكن الطبيب طمئنها وكتب لها بعض المسكنات التي تتناولها في حدوث هذه الالم مرة اخرى
سال بصرامة : هل تخفين عني شيء ؟
قررت ان تخبره فان اجلا او عاجلا سيعلم : لقد تعرضت للإجهاض بسبب الحادثة
لمع الغضب بعينيه : هل كنت حامل حينها ؟ لماذا لم تخبريني من قبل ؟
هزت راسها ايجابا : نعم ، ولكني لم اكن على علم بهذا الامر
زمجر بغضب: ولماذا لم تخبريني ؟
__ لم اريد ان ازيد من تعبك او ان تحزن بسبب هذا الامر
صاح بقوة وهو ينتفض واقفا : هل ترينني ضعيفا لهذا الحد حتى تقرري ان لا تخبريني باني فقدت طفلي الذي لم افرح به ، ام ان حالة الغيبوبة طمأنتك اني لن استطيع ان اعلم فقلت دعونا لا نخبره
قالت بضعف : عمر
اشار بيده مقاطعا اياها : لا علياء ، لا اريد التحدث معك
الان الصمت افضل لنا
ترك المكان وانصرف لتشعر بانها اخطأت في اختيار التوقيت ، وانها اغبى خلق الله فنور اخبرتها ان تنتظر وان لا تخبره الان حتى يستقر وضع قلبه الصحي
تنهدت ماذا سأفعل الان ؟ سأنتظر نور الي ان تظهر لتتكلم معه ، فمن الواضح انه غاضب مني


تركتها وانا اشعر بالقهر ، لم يكن لها ذنب لأفرغ ضيقي بها
ولكن عندما ذكرت انها كانت حامل وطفلنا فقدته بسبب الحادثة جن جنوني ، واخترعت سببا لأفرغ به كل ما يضايقني ، لم اراعي ان حزنها على الطفل اكثر مني بمراحل ، ولكني غاضب منها لماذا لم تخبرني ، من المؤكد انها فضلت ان لا تغضبني
اهدئ عمر حتى لا تفتعل معها المشاكل ، اتركها قليلا حتى تهدئ انت واذهب وراضيها

*******************

نزل بعد قليل ليجد عائلته الكبيرة مجتمعه كلها ادار عينيه فيما بينهم وابتسم
نادين لم تسافر بعد ، ستسافر غدا او بعد غدا ، ونهى وزوجها لا زالا معهم رغم ضيق عمرو ولكنه حافظ على كلمته وجلس بعد ان طلب منه ياسين ، ويوسف وانجي الي ان وصلت عينيه الي مكان جلوسها الفارغ لتموت البسمة على شفتيه ويعقد حاجبيه ضيقا وقلبه يرتجف الما
جلس على راس المائدة كعادته وهو يرمي السلام بضيق
ليبتسم يوسف بخفة : صباحك مبارك ياسين ، تأخرت في النوم اليوم ، ليس كعادتك ، انا انتظرك من ساعتين
نظر الي اخاه : المعذرة ، نمت بوقت متأخر
ضحك احمد هو وعمرو ليقول احمد : واضح ، وجهك شاحب من قلة النوم والسهر ،
التفت الي نوارة هانم ليقول بمرح : اعدي له غداء شهيا امي ، فهو يحتاجه بشدة
انفجر عمرو ضاحكا : كلنا نحتاج الي غداء شهيا امي
جز على اسنانه غضبا ليرمقهما بغضب
قال يوسف بابتسامة المعهودة : هاي احترم نفسك انت وهو
ليلتفت الي اخيه : اين نور ؟
نظر الي يوسف بحدة ليكمل الاخر سريعا :انجي تريدها ان تذهب معها الي الطبيبة فموعد متابعتها الشهري اليوم
زم شفتيه بضيق ليعم الصمت المكان لتنفرج شفتاه بعد قليل
ويقول بجمود : نور ذهبت الي اخيها ولن تأتي اليوم
نظر احمد وعمرو الي بعضهما ليحمر اذنا الاول ويزحف الاحمرار الي وجه الثاني
عقد يوسف حاجبيه لتقول انجي ببساطة :سأتصل بها والتقيها
لنذهب سويا
صاح بقوة : لا ، اذهبي بمفردك او مع نهى
وادار عينيه بهم وقال امرا : لا يتصل بها احدا منكم الكلام للجميع وثبت نظره على امه لثواني لينهض من مكانه
نظر الي يوسف : هل ستاتي ؟
انتبه يوسف من صدمته : طبعا ، اعد السيارة وانا سأتبعك حالا
خرج من الباب لينظروا الي بعضهم بوجوم لتتكلم نادين
__ ماذا حدث امي ؟ هل نور غضبت وتركت البيت
هزت الام راسها ايجابا : نعم ، ولكنها مشكلة بسيطة ستحل ان شاء الله
قال يوسف بهدوء: مظهر ياسين لا يدل على ذلك امي
__ لا تشغلوا رؤوسكم بمشاكل اخوكم الخاصة فهو سيحل مشاكله بمفرده
نظروا الي بعضهم لتكمل امهم بحزم : التزموا بتحذير ياسين وبم انه طلب ان لا نتصل بها سنلتزم بأمره

يتبع ,,,

👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -