رواية احلامي المزعجة -56
هزت راسها بقلة حيلة فمن الواضح ان عمرو ضائق بالفعل وياسين خائف عليهم وهي لا تريد ان يصطدما الاثنان ببعض ، اشرقت راسها بفكرة : حسنا انتظر الي ان تنتهي مشكلته مع نور ، فهو ضائق من الاساس
هز راسه موافقا لتتنهد بارتياح وتدعو الله ان لا يصطدم عمرو بياسين فهي لا تريد ان يحدث مشادة تعكر العلاقة بينهما
*********************
__ سيدتي ، الاستاذ معتز يطلب مقابلتك
عقدت حاجبياها وقالت باقتضاب : ادخليه الي التراس
دخل بهدوء الي التراس الذي قضى اغلبية عمرة بها
وادار عينيه وهو يتذكر كيف قضى طفولته هنا يلعب برفقة ياسين ، وشبابه جالسا برفقة جميع اصدقائه كيف تعرف على حنان وهام بها حبا ، هذه الحديقة التي ضمت احلامهم ورغباتهم ، هنا شعر بالغيرة تمزقه من رنين ضحكاتها على كلام احمد المعسول وهنا شعر بالغضب يعصف راسه عندما احتضنت ياسين وهنا قبلها لأول مرة واعترف لها بحبه
هنا بكت بين ذراعيه وهنا ضحكت من مغازلته لها
فهذه الحديقة شهدت تطور علاقتهم واحتضنتهما في كنفها
حتى طلب الزواج طلبه هنا واستأذن من نوارة هانم ان تتكلم مع والدتها او بالأحرى مع زوجة خالها
تنهد وهو يتذكر انه امام اصعب اختبار بحياته نوارة هانم
فاذا استمعت اليه سيستمع ياسين واذا غفرت له
سيسامحه ياسين ، لا يعلم الان اين كان عقله عندما فكر بأذية اخاه وصديقه ولا يعلم كيف نسى نوارة هانم في غمر انفعاله
و انتقامه من ياسين ، كيف نسى ان كل اذيه يوجهها لياسين موجهه لها ايضا ، كيف نسى هذه السيدة الفاضلة التي ربته فعليا وفرقت له بين الصواب والخطأ ، فامه بأصلها الانجليزي كانت باردة المشاعر نحوه سواء هو او شقيقته
لكن نواره هانم كانت عيناها تشع له بالحب دائما كانت تحتضنه لتذهب كل احزانه وكانت تؤنبه كثيرا على علاقاته المتعددة ،كان يكفي منها نظرة واحدة ليشعر انه عاد طفل صغير يحتاج الي حنانها الامومي الفياض
ابتسم وهو يتذكر ياسين عندما كان يغضب عندما يراه جالس بجانبها او واضع راسه على رجلها وتمسد له شعره كان دائما يشكي لها من حنان او من والدته او من أي شيء يكدر خاطره وكانت هي نعم الام تستمع اليه وتهدئه ليصبح خالي الوفاض بعد كل مرة ، تملئه بالأمل والسعادة ويخرج من هنا
وهو يشعر انه يحلق بالسماء
لف ليجدها امامه بهيبتها واحترامها ابتسم وهو يشعر بقلبه يرتجف خوفا وحبا بأمه التي لم تلده
ابتسم باتساع وتقدم منها وهو يقول بصوت مرتبك
__ مرحبا ، اشتقت اليك ام...
صمت قليلا ليكمل : اشتقت اليك سيدتي
نظرت اليه مطولا وقال بصوت جامد وهي تجلس: ماذا تريد؟
انتفض قلبه من لهجتها الجامدة ليقول والالم يعتصره : لاشئ جئت للاعتذار ، جئت اعتذر منك ومن ياسين ،
اطرق راسه ارضا : جئت نادما امي ، جئت معتذرا واسفا وكل ما اطلبه ان تغفري لي وتسامحيني
كنت طائشا واحمقا غبيا ، لا افهم ما يحدث من حولي
تملكني غبائي لأسعى وراء انتقام لم يكن له اساس
بل خيل الي انني هكذا استرد كرامتي ، وانا اخسر كل شيء
خسرت زوجتي وحبيبتي وطفلي الذي كنت اتمناه
وكدت ان افقد اخي وشقيقتي وانت
نظر اليها وهو يقول جملته الأخيرة لتشيح بوجهها بعيدا عنه
ليسرع ويجلس على ركبتيه امامها : سامحيني امي
استمعي الي وانا متأكد انك ستعذرينني ، فقط استمعي الي
نظرت اليه وامسكت يده : اجلس بني ، فمهما حدث لا اريد ان اراك هكذا
نظر لها والدموع تتألق بعينيه : اشتقت اليك امي ، اغفر لي غبائي
قالت بهدوء : قل ما لديك معتز
************************
وصلا عند بسنت ليرحب بهما محمد والسعادة تقفز من عينيه
احتضنه علي بحب اخوي : مبارك محمد الف مبروك ان شاء الله تكون ذرية صالحة
ابتسم محمد بسعادة : الله يبارك فيك علي ، لا تعلم مدى سعادتي عندما اكدت الطبيبة ان بسنت حامل
ضحك بمرح وهو يربت على كتفه : مبروك يا اخي
ربي عوضكما عن الانتظار كل هذه المدة
هتف محمد بصدق : الحمد لله ، ولكن الطبيبة اكدت على بسنت ان تستريح وان لا تقوم باي مجهود الي ان ينتهي الشهر الثالث ستأخذ اجازة من عملها الي اشعار اخر
ابتسم وسأله : اين هي ؟
__ بالداخل ، تفضل علي
هم بان يغلق الباب ليمسكه علي : انتظر ايه وجنى معي
ولكن ايه تصعد ببطء من اثر الحمل وجنى معها
ابتسم محمد وهو يخفي تعجبه من زيارة ايه لهم
فتقريبا من اول زواجه ببسنت لم تأتي ايه الا مرة واحدة يوم ان اتى علي ليبارك لهم الزواج
__ طبعا ، البيت نور بقدومها
دخلت بعدها بقليل ليبتسم لها محمد : تفضلي ايه
ابتسمت في سعادة : مبروك محمد أتم الله عليكما بالخير وتقوم بسنت بالسلامة ان شاء الله
ارتفع حاجبيه بدهشه من ابتسامتها الصادقة : الله يبارك فيكي ويتم لكي على الخير
نظرت اليه وابتسمت ليشير اليها : بسنت بالداخل فالطبيبة منعتها من الحركة
دخلت الي الغرفة لتجد بسنت تبكي في حضن علي وعلي يربت على ظهرها بحنيته الفائقة : توقفي حبيبتي ، الحمد لله ان رزقك ، واعطاك من فضله
ابتسمت : الحمد لله
تقدمت ايه منها وهي تبارك لها وجلست الي جوارها
طل محمد من الباب وهو يحمل صينيه بها اكواب من العصير وسال علي : هل ستشاهد مباراة كرة القدم ؟
__ متى ؟
__ ستبدأ الان
__ حقا ، سآتي معك
خرجا الاثنين لتتنحنح ايه بهدوء : بسنت ، انا اسفة على كل ما بدر مني من قبل وارجو ان نبدأ صفحة جديدة
ابتسمت بسنت : اكيد ايه سنبدأ صفحة جديدة ، فلأول مرة اشعر ان علي مرتاح هكذا ، ثم انا اشتقت لصديقتي
ابتسمت ايه : وانا الاخرى ، اشتقت اليك ثم اني سعيدة ان الطفلين سيأتيان بنفس التوقيت
ابتسمت بسنت لتكمل ايه : يتمم الله لكي على خير ، متى ستلدين ؟
__ انا الان اكملت الاول وبأول الثاني ، بعد سبعة اشهر ان شاء الله
__سياتي طفلي اولا ، جيد حتى يتزوج ابنة عمته
ضحكت بسنت : تخيلي اية دورتي اتت كعادتها وانا اشعر بالقهر من تأخر الحمل ، ثم شعرت بألم فظيع وذهبت الي المشفى لتخبرني الطبيبة اني حامل لم اصدق الي ان اكدت لي طبيبتي الليلة اني حامل وعندما سالتها بتعجب عما كان لدي ، ضحكت واخبرتني انه امر طبيعي ووارد الحدوث
احتضنتها ايه بحب : مبروك حبيبتي ، الف مبروك انسي كل ما حدث سابقا ، وافرحي الان بهذا الخبر
بكي من قلبه وهو يخبرها بم كان يظن وانه شك بأخلاقيات صديقه وزوجته وان الشيطان تملكه بسبب خطا وارد في التحاليل ن ولذلك فعل ما فعله ما ياسين
شعرت بالشفقة عليه فمهما حدث هو كبر امام عينيها مثل ياسين وربته كواحد من ابنائها ولولا انها مغتاظة من تشكيكه بأخلاقيات ولدها الا انها وضعت ياسين بمكانه ووصلت ان ياسين حينها سيرتكب جريمة دون تفكير
احتضنت راسه بين ذراعيها وربتت عليها بهدوء : اهدئ معتز ، اهدئ
نظر اليها : هل غفرت لي امي ؟
ابتسمت بهدوء : هل تملك الام شيء اخر غير ان تغفر لأبنائها ؟
ابتسم بسعادة ليرتبك عندما سمع صوته الجهوري وهو يصرخ به : ماذا تفعل هنا ؟
انتفض واقفا لتقول نواره هانم بهدوء : اهدئ ياسين
صرخ بقوة : لا اريد ان اهدئ اريده ان يخرج حالا من هنا
نزل يوسف سريعا ومن وراءه عمرو على صوت صراخه
تسمر يوسف عند رؤيته لمعتز وهتف عمرو : ماذا يحدث ؟
نظرت له امه بقوة وقالت بأمر : اهدئ ياسين وتعال لنتكلم قليلا نظر لامه بغضب لتامره بعينيها والتفت الي يوسف
__ ابلغ زوجتك ان شقيقها هنا ويريد رؤيتها
ربتت على كتف معتز : تصالح مع شقيقتك معتز وانا سأهتم بأمر ياسين
نظرت الي بكرها : تعال ياسين
نظر الي بغضب وهو يجز على اسنانه ليتبع امه وهو يشعر بالقهر
تبعها الي غرفة مكتبه ليصفق الباب بقوة من خلفه
نظرت اليه وقالت بتأنيب : ياسين
زفر بضيق لتبتسم له : اسمع لن تستطيع ان تقنعني ان سبب ثورتك بالخارج هو معتز ، فانت لن تطرد ضيفك ابدا مهما حدث
تنفس بقوة لتساله مباشرة : ماذا فعلت مع نور ؟
زم شفتيه بقوة : اذن هذا السبب بالفعل ، اعطي لها بعضا من الوقت حتى تهدا وتتقبل اعتذارك
هز راسه موافقا لتكمل : دعني اخبرك ما اخبرني به معتز
ثم القرار بالأخير يعود لك
هز راسه ايجابا ليرى ما السر الذي معتز اخبر به والدته لتدافع عنه هكذا
*****************
انتفض غاضبا : هل تريديني ان أسامحه على انه شك بأخلاقي امي ، هل وصل تفكيره الحقير الي ان يشك باني اخونه مع زوجته ، والان المفترض علي ان استمع اليه واسامحه
نظرت اليه : لا حبيبي ، لا تسامحه ولا تغفر له اعذره
وتوقف عن اشعال العداوة بينكما اتركه يزور شقيقته
الي ان تهدئ وتزن الامور بعقلك ليس بقلبك
تركته وانصرفت ليزفر بضيق لا يريد ان يقابل معتز اطلاقا الان ، فالهموم تثقل كاهله بما فيه الكفاية
خرج من المكتب باتجاه الحديقة وهو يستنشق الهواء
و يفكر فيما سيفعله معها ، لا يستطيع ان يقف هكذا مكتوف الايدي يريد ان يظل الي جوارها
تنهد ليسمع صوته : ياسين
زفر بضيق ولف اليه وقال بحنق : نعم
__ اريدك ان تسامحني
قال بجمود : معتز من فضلك ابتعد عني حتى لا يحدث امر يزيد الامور سوءا بيننا ، شقيقتك عندك قابلها كما تريد وتعال لها في أي وقت تريده ولكن ارجوك ابتعد عني ، فانا لا اطيق رؤيتك الان
تركه وغادر الحديقة وهو يشعر بالضيق يجثم على صدره اكثر
**********************
__ صباح مشرق فنحن لم نرى هذه الابتسامة اطلاقا
طبعا من حقك ان تبتسمي فانت ستغادريننا اليوم
التفت الي الطبيبة وهي تبتسم لتاتي الطبيبة وتجلس امامها
__ كيف حالك اليوم ؟
بخير انا بخير الحمد لله ومستعده للخروج بإذن الله
اتسعت ابتسامة الطبيبة : الحمد لله من الواضح ان نفسيتك مختلفة الحمد لله عن البارحة
اكملت : هل لي ان اسالك عن سبب الضيق الذي انتابك البارحة ؟
نظرت نور الي النافذة وقالت بتلقائية : ياسين لم يأتي البارحة كعادته ، هذه ثالث مرة يخلف موعد قدومه فهو يمر كل يومين ليطمئن علي
اخفت الطبيبة ابتسامتها وعقدت حاجبيها : اعتقد انكي ترفضين مقابلته في كل مرة يأتي بها
تنهدت بألم : نعم ولكنه يأتي كل يوم ويقف تحت الشرفة وانا استطيع رؤيته ببساطة ، كل يوم املي عيني به واراه
سالت الطبيبة : واذا كنت تريدين رؤيته وتشتاقين اليه هكذا
لماذا ترفضين مقابلته
نظرت الي الطبيبة وصمتت لتقول الطبيبة بجديه
__ نور ، اريد ان اسالك عن شيء ولابد ان تجيبيني عليه
نظرت اليها لتسالها بجدية : هل كانت لليلتك الاولى سيئة؟
نظرت اليها باستفهام لتقول الطبيبة : هل كان اول لقاء لكي مع زوجك سيئا ؟
هزت راسها نافيه : لا ، بل ياسين كان رقيق جدا معي
__ اذن لماذا وانت منهارة كنت تطلبي منه الابتعاد عنك وتصرخي بانك لن تسامحيه ، صارحيني من فضلك
نظرت لها وقالت بارتباك : اخر لقاء لنا معا كان عنيفا بشكل مرعب
رددت الطبيبة : عنيفا ، هل اعتدى عليك ؟
هزت راسها بعنف : لا ، لا اطلاقا بل كان عنيفا فقط
لم يكن عنيفا في اول الامر ولكن بعد قليل اصبحت لمساته وقبلاته متطلبه واكثر قوة وعنفا
__ لهذا تخافين من رؤيته ، وترفضين مقابلته
__ اشتاق اليه جدا ولكني خائفة اني عندما اراه تسري الرجفة بعروقي كما كان يحدث بعد هذه المرة
تنهدت الطبيبة وسالتها : ولماذا كنت ترفضين مقابلة شقيقك ؟
__ كنت افكر ان اتجنب ان اؤلمه عندما يراني بهذا الضعف
وكنت اريد ان استرد بعضا من قوتي لأتكلم معه فيما كان يشغل تفكيري
__ وهل اخبرك بما تريدين معرفته؟
__ نعم وهذا ما كان يضايقني الفترة الماضية
__ هل تريدين الحديث في ما اخبرك به عمر ؟
__ انت تعلمين بما اخبرني به
__ اذن اكد لك ما رايتيه بالفعل
هزت راسها موافقتا وهي تتنهد بألم لتسال الطبيبة : ماذا ستفعلين مع زوجك ؟
__ لا اعلم ولكني سأنتظر قليلا الي ان اشعر باني قوية بما فيه الكفاية لمواجهته ففي بعض الامور لابد ان نتكلم بها والان لن استطيع الوقوف امامه
ناولتها بطاقه صغيرة : هذا رقم طبيب نفسي بالقاهرة اذا شعرت بانك تريدين التكلم مع احدهم
ومبروك على خروجك
ابتسمت نور : الله يبارك فيك
طل عمر من الباب وهو يبتسم باتساع : صباح الخير
ابتسمت نور : صباح الفل
نهضت الطبيبة وهي تبتسم لها : سأترككما ولا اريد ان اراك مرة اخرى
ابتسمت لها نور لتنظر الي عمر الذي صافح الطبيبة وشكرها على ما فعلته مع نور فهي بالنسبة اليه من اعادت له نور صغيرته
اقترب منها وهو يشعر بانه سيقفز من السعادة احتضنها برقه
__ اين علياء ؟
__ تنتظرك بالبيت فهي متوعكة قليلا
قالت بقلق : ماذا بها ؟
ابتسم بسعادة : لا شيء ،ولكني اعتقد انك ستصبحين عمة
شهقت بفرح : حقا عمر ، مبروك حبيبي
قال بتلقائية : عقبالك صغيرتي
توقفت عن الابتسامة ليعتذر عمر : اسف لم اقصد
قالت بتوتر : لماذا تعتذر ؟ ان شاء الله ستتحسن الامور بيننا
تنهد : اذا كنت لا تريدين العودة اليه ، لن يستطيع اجبارك نور
انا سأتصدى له
نظرت اليه : لا اريد التحدث عمر ، ممكن
هز راسه ايجابا ك هل انت جاهزة ؟
__ نعم ، سأبدل ملابسي فقط
تركته ودخلت الي دورة المياه ليصيح من الخارج
__ لا تخبري علياء باني ابلغتك بخبر حملها ، حتى لا تغضب مني ، فهي تريد ان تبلغك بنفسها
ضحكت : اصبحت تخاف عمر
ضحك بشده : نعم ، فهي اصبحت اكثر حساسية من ذي قبل وتغضب بسرعة ثم تبكي بدون سبب وانا لا اتحمل دموعها
تناهى اليه صوت ضحكتها تصدح من الداخل ، ليتنهد بارتياح ويبتسم وهو يحمد الله ان صغيرته عادت افضل من ذي قبل
جمدت الابتسامة على وجهه وهو يراه امامه لينتفض واقفا ويخرج اليه قبل ان يخطو هو داخل الغرفة
وصل الي المشفى على موعد خروجها الذي اكدته لها الطبيبة ، كاد ان يجن الفترة الماضية لا يعلم كيف تحمل ان تمر ثلاثة من الاشهر عليه دون ان يكون بجوارها ، يأتي متسللا في الليل كل يومين وينظر اليها وهي نائمة من خلف الزجاج ، ولكن ما صبره قليلا انها كانت ترفض مقابلة الاخرين ايضا ، عمر وزوجته وعمتها وحتى يوسف وزوجته فهما الوحيدين اللذان علما بالأمر
لا ينسى الشهر الاسود الذي مر وهي بالغيبوبة الاجبارية بفعل المهدئات تقوم منها لتصرخ بانهيار ثم تنام مرة اخرى وعندما استقرت حالتها ذهب الي الطبيبة الكريهة على نفسه ليقول لها
__ اريد ان ارى زوجتي ، ولا تمنعيني فانا اريد رؤيتها حقا
ابتسمت بمهنية : اجلس استاذ ياسين
رد بتعالي : انا مهندس
ضحكت واشارت اليه : تفضل يا باش مهندس
جلس امامها وهو يزفر بضيق لتبتسم : اعلم يا باش مهندس ان منعي الزيارة عن زوجتك كانت لمصالحتها فانهيارها العصبي كان قوي ثم انها كانت تصرخ باسمك وتقول انها لن تسامحك فالطبيعي ان امنعك من زيارتها فاذا لم تراك لأنها نائمة تستطيع ان تشعر بك وتشم رائحتك
الان هي بحالة الاكتئاب والصمت ولن تستطيع رؤيتها ايضا الا اذا بدأت بالحديث معي ، عندما تتحسن سأسمح لكما بزيارتها
نظر لها : هل يأتي شخص اخر ويسال عنها
ابتسمت وهي تشعر بغيرته : نعم اخاها
نظر لها وقال بابتسامة : هل تمنعيه هو الاخر من الزيارة ؟
ضحكت : من الواضح ان خبر كهذا سيفرحك
خجل من نفسه وجمد وجهه لتقول : نعم الزيارة ممنوعة عنها ، وعندما تتحسن سأسمح لكم بزيارتها
ثم اعتقد انك تراها كل يومين يا باش مهندس فانت تخالف الاوامر وتأتي ليلا وتقف تنظر اليها الي ان يشرق نور الصباح
نظر لها بقوة وانتفض واقفا وقال بتعالي : انا لا اخالف التعليمات ، انت منعت عنها الزيارة وانا التزمت بهذا الامر من اجلها هي ليس امتثالا لأوامرك ولكن من حقي ان ارى زوجتي
تركها وانصرف وهو يشعر بالغل يتفاقم بداخله اتجاه هذه الطبيبة المستبدة
وتحسنت نور بعد ذلك لترفض هي مقابلته صفعته بها الطبيبة وهي تعتذر بأسف حقيقي : اسفة يا باش مهندس ، انها لا تريد رؤيتك
اندفع الغضب بأوردته وصاح : كيف لا تريد مقابلتي ؟
اندفع من امامها ليسرع باتجاه غرفة نور لتقف الطبيبة بوجهه وتقول بقوة : من فضلك التزم الهدوء واستمع الي
نظر لها وهو يضيق عيناه لتردف بما شعرت انه سيهدئه
__ انها ترفض مقابله شقيقها ايضا
ظهرت الدهشة على ملامحه : لماذا ؟
__ لا اعلم الي الان ، فهي بالكاد تتحدث معي وانا لا اريد ان نجبرها على شيء ما فتعود الي الاكتئاب ثانية من فضلك اهدئ
تنهد بتعب لتكمل : ولكن من احاديثها البسيطة معي تبينت من تواجد مشكلة بينكما ثم بكت عندما اتيت بسيرتك
وهذت بانها تلومك على شيء حدث بينكما
اطرق راسه خجلا وهو يشعر بالذنب يغتاله : نعم تشاجرت معها قبل ان تأتي الي هنا
__ استمع الي ، نور الان تحاوط نفسها بشرنقة تشعر انها ستحميها من العالم المقيت الذي تراه ومن لا يقتحم هذه الشرنقة لن يدخل الي حياتها
نظر لها بعدم فهم وقال باستياء : لا افهم انت تمنعيني من رؤيتها ثم تخبريني اني لابد ان اقتحم شرنقتها والا ستطردني من حياتها
__ عندما اخبرت زوجتك انك تريد رؤيتها قالت انك طلبت منها ان تبتعد عنك ولذلك هي لا تريد رؤيتك
من وجهة نظرها هي تحقق لك رغبتك ولكن اذا تريد ان تستعيد وجودك بحياتها اثبت لها انك تريدها فعلا بحياتك
__ اذن ماذا افعل ؟
__ لابد ان ترى انك تريدها بحياتها حتى لو هي لا تريد رؤيتك ، بدلا من ان تأتي بالليل وهي نائمة تعال مبكرا قليلا وهي تستعد للنوم لتراك ، لترى انك تأتي لتراها حتى لو لم تسمح هي لك برؤيتها
وبالفعل سمع نصيحة الطبيبة وبدا يأتي ليراها وهي مستيقظة الي ان تذكر انه كان يقف تحت شرفة غرفتها بالفيلا وهما مخطوبين ليتأكد من سلامتها ، وفي هذا اليوم بعث لها بورقه مع الممرضة كتب بها لاقيني بالشرفة
العجيب انها استجابت له ليشير اليها من الاسفل
هذه المرة دخلت سريعا عندما راته بالأسفل ولكن الايام التالية كانت تقف تنظر اليه من وراء النافذة يرى خيالها الواقف ولا يراها وينتظرها الي ان تنام ويصعد ليراها من وراء الزجاج كما يفعل
اخبرته الطبيبة انها تستجيب للعلاج وانها اصبحت افضل من الوقت الماضي ومن اسبوع فقط سمحت بان تقابل عمر
لتقول له الطبيبة انها ستخرج اخر الاسبوع مع اخيها
عضب بشده من حبيبته العنيدة وتوقف عن المجيئ بقية الاسبوع ليقرر انه سياتي اليوم ليصحبها الي منزلهم ويتفاهمان فهو لن يستطيع ان ينتظر اكثر من ذلك
عند وصوله الي باب الغرفة وجد عمر بوجهه وهو ينظر اليه بتحدي
زفر الهواء من صدره وقال بهدوء : ابتعد عن طريقي عمر
انا اريد ان ارى نور واتكلم معها
قال بإصرار : لا ياسين لن ابتعد وارجوك لا تثير جلبه هنا بالمشفى ، انتظر الي ان اطمئن على شقيقتي وعندما تطلب هي ان تراك سأتصل بك ، ياسين صدقني انا لا اريد الا مصلحة نور
زفر بضيق وجز على اسنانه غضبا ليردد عمر : من فضلك ياسين انصرف ولا تفسد فرحتي بخروجها
قبض كفيه بشده وغادر المكان سريعا
خرجت من دورة المياه لتبحث عن عمر وجدته بالخارج لتخرج من الغرفة بهدوء : انا جاهزة عمر
زفر بارتياح لأنها خرجت بعد ان انصرف ياسين
__ هيا بنا حبيبتي
حمل الحقيبة الصغيرة وامسك بيدها وهو يقول : اتمنى ان تعجبك السيارة الجديدة
ابتسمت : اكيد
لا تعلم تشعر بالارتجاف يهز اوصالها تشعر بالجو يحمل رائحته ، تشعر به موجود بالمكان متواجد بقربها
وصلت الي سيارة شقيقها لتشعر به حولها التفت نص التفاته
لتراه واقف بجوار سيارته مستندا بكوعه على سقف السيارة
وينظر اليها
شعرت بان نظراته تخترقها لتصل الي قلبها الذي انتفض بشده من نظرات المقلتين الرمادتين وعلى الرغم من انه بعيد عنها شعرت انه راها وهي تنظر اليه
ارتبكت لترتجف وتدخل الي سيارة عمر سريعا
لا تحرموني من تفاعلكم
ولا تبخلوا عليا من ردودكم وتعليقاتكم
ان شاء الله موعدنا السبت القادم
القاكم على خير
صباح الخيرات يا حبيباتي
اشتقاتلكم كتييييييييييييير
اتمنى البارت يحوز على اعجابكم
ويكون على اد المستوى
اترككم مع البارت
الفصل السادس والثلاثون
الجزء الثاني
مستلقي بإهمال على الفراش الصغير الذي وضعه مؤخرا بغرفة المكتب ليظل بجانب طاولة التصميمات الهندسية فهو غالبا لا يخرج من هذه الغرفة الا الي خارج القصر ليرى المستجد بموقع بناء المجمع التجاري ، توقف عن الصعود الي الدور العلوي تماما وجعل احد الخدم ينقل له اشياؤه الضرورية الي غرفة المكتب التي تحولت الي سكن خاص به ، استثنى من اشياؤه أي شيء يذكره بها ولكنه لم يستطع ان يخلع دبلة زواجه او ساعته التي تلتف حول معصمه لتخبره دائما بقيدها الذي مازال يربطه بها . من اخر مرة راها بها عند المشفى وهو اتخذ قراره بان يبتعد عنه جرح بشده منها وهي ترتجف لرؤيته وتدخل الي سيارة عمر سريعا هروبا منه ، يعلم ان ما فعله معها كان قويا وقاسيا ولكنه يعشقها الم تفهم هذه الغبية انه يعشقها حد النخاع فهي تجري بأوردته تعيش بخلاياه ، حاول مرارا ان يخرجها من راسه ومن افكاره لم يستطع ،حاول ان يتناسها ويغمس نفسه بعمله ، فأضحى لا يفعل شيء بحياته الا ان يعمل لا يخرج الا الي العمل ولا يجلس الا الي العمل وجباته لا يتناولها باستمرار الا عندما تتشاجر معه امه ولا يقابل يوسف الا للضرورة عندما يحتاجه اخاه الي عمل مهم لن يستطيع انجازه ، توقف عن زيارة الشركة الا في الامور الهامة جدا
قرر ذلك اليوم ان يكف عن مهانة نفسه واهدار كرامته وعندما تريد ان تتحدث معه او تقابله فلتتصل به او تأتي اليه فهذا ليس امرا عسيرا عليها ، فاذا كان هو قضى ثلاثة اشهر يحاول ان يراها ولو من بعيد ، يحاول ان يخبرها بأهميتها في حياته فالفرصة امامها هي الان لتثبت له انها تحبه كما يحبها هو ، الفرصة امامها لتثبت له انها تريد ان تستمر في هذه الزيجة التي لم تبدا .
ما يخفف عنه فعلا حدة يومه هي انجي فهي تصمم على اختراق يومه وتأتي ومعها طعام الغذاء وتجلس لتقص له عن طفلها الذي لم يأت بعد للدنيا ، يبتسم على جنونها وعندما تفشل في محاولتها المستمرة لإضحاكه تنصرف بهدوء بعد ان توصيه بالكف عن التدخين والاهتمام بصحته وتناول الطعام حتى لا يضطر الي مواجهة نوارة هانم والمشاجرة معها ، عند تذكره لمشاجراته مع امه زفر بضيق وفكر ان ينهض من الفراش قبل ان تأتي وتسمعه ما لا يرضيه
زفر بضيق وهو يشعر بكسل شديد في جسده ، فعلى الرغم من استلقائه على الفراش ما يقارب الساعتين الا انه لم يغمض له جفن ، التفكير يأكل عقله وذكراها تنهش روحه
ليس هذه اول مرة لا يستطيع النوم بها فلقد مر عليه شهر ونصف لا يأخذ من النوم الا القدر القليل ، فعندما ينهكه التعب يسقط مهدودا وينام ما يقارب الساعتين ليستيقظ على رؤيته لها بأحلامه ، شهر ونصف لا يعلم كيف مروا عليه
وايام قاسية وليالي طويلة ينهك نفسه بالتصميمات والعمل والقراءة وينظر الي الساعة ليجدها لا تمر ينظر الي تاريخ اليوم ليشعر انه بطيء كالسلحفاة لا يتحرك من موضعه
ولكن اقسى ايامه فعلا كانت ايام العيد ، سخر من نفسه وهو يتذكر كيف امر العاملين يوم خروجها من المشفى بترتيب الجناح وتنظيفه وامر الطباخ بان يعد لها ملوخية الجمبري التي تعشقها لتتناولها على الافطار في اخر يوم برمضان كان يهيا نفسه انها ستعود معه ، ستعود معه لتقضي العيد معه . انه اول عيد يأتي وهما زوجين ، لم يشك للحظة واحدة انها ستهرب منه بهذه الطريقة ، اغمض عينيه الما يشعر بجرح غائر في قلبه جرح ينزف باستمرار
لعب بهاتفه ليأتي بصورتها يوم كانا باليخت وهي ترتدي فستانها القطني كانا فرغا من السباحة ووجنتاها موردتين من الخجل لما فعله بها تحت المياه نادى عليها لتبتسم له بخجل
فالتقط لها هذه الصورة ، مرر سبابته على صورتها بحنان وادارها على خدها بحب كما كان يفعل سابقا
ليتمتم بألم : لم تتذكريني يوما واحدا نور ، يوما واحدا من الخمس واربعون يوما الماضية ، كيف تعيشين نور بعيدا عني ، هل تتألمين مثلي ، هل تفتقديني مثلما افتقدك ، هل اشتقت الي مثلما اشتقت اليك ، اشتقت اليك نور ، بل ذبت شوقا وحبا .
زفر بضيق ليكتم تنفسه وهو يشعر بأحد يدخل الي الغرفة علم فورا من سيدخل بهذه الطريقة بالتأكيد انها امه
اغمض عينيه بقوة وادعى النوم حتى لا تتشاجر معه بسبب طعام الافطار الذي لم يتناوله شعر بها تتحرك بالغرفة وترتبها وتتجه الي الستائر لتفتحها فيغمر ضوء العصاري
الغرفة ، توقفت امامه وقالت بقوة :انا اعلم انك مستيقظ ، كف عن التمثيل وانهض اريد ان اتكلم معك
زفر بضيق وفتح عينه ليرسم ابتسامة رسمية على شفتيه
__صباح الخير امي
نظرت اليه بحده : صباح الخير الساعة الرابعة عصرا
ابتسم بدبلوماسية وجلس بهدوء : مساء الخير امي
نظرت اليه بقوة ونقلت نظرها الي صينية الطعام الموضوعة على المائدة الصغيرة ليشيح بوجهه بعيدا عنها
قالت بقوة : وبعد ياسين
نظر لها باستفهام : ستستمر على هذا الحال الي متى ؟
جز على اسنانه غضبا لتكمل : هل فنيت عمري كله على تربيتك وتربية اخوتك ليصبح بكري وابني الغالي هكذا ؟
زفر بقوة : ماذا تريدين مني امي ؟
__ اريدك رجلا
انتفض واقفا من الكلمة لتكمل بقوة : انهض واذهب الي زوجتك واتي بها ، لا ترتكن الي احزانك هكذا ، اريد ياسين العظيم كما يلقبونك وهم يرتجفوا من سيرتك
اين هذا الياسين .؟ اخبرني ، ما اراه شبح لك ، تنغمس على هذه الطاولة بالساعات تصمم مبانيك وتدخن بشراهة ، انت تدخن من قضيت سنوات شبابك كلها لم تجلس بمكان يدخن به احد اخر ، تفني صحتك وعمرك لماذا ، لأنها لم تريد مقابلتك ، اجبرها على مقابلتك والتكلم معك ، فهي زوجتك ايها الاحمق .
اخفض راسه وقال بصوت منخفض : لا تستحق امي .
زفرت بضيق وذهبت اليه : بل تستحق بني ، انها نور ابتسمت وهي تكمل : جنيتك الحبيبة
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك