بداية

رواية احلامي المزعجة -55

رواية احلامي المزعجة - غرام

رواية احلامي المزعجة -55

جالسة بأحد المقاعد الموضوعة بردهة المشفى فالطبيبة منعتها هي وعمر بان يدخلا الي نور
استأذنت عمة عمر وانصرفت بعد وصولهم بوقت قليل
وهي جلست لتفكر فيما راته لم تكن تتخيل ان ياسين يحب نور بهذه الطريقة استاءت من موقف عمر الذي اتخذه ضد ياسين وشعرت بالغضب من تهديده له بانه لا يريد رؤيته مرة ثانية ولكن ما اشعرها بان قلبها يعتصر بشده
هو رؤية دمعة ياسين الحزينة التي تعلقت برموشه
لم تكن تتخيل ان هذا القوي سيتأثر هكذا بسبب حالة نور
وعمر ازادها عليه بكلماته المسمومة التي اخترقت قلبها هي كطلقات نارية فما بال ياسين
تنهدت بحزن على حال صديقتها المؤلم وحال ياسين المؤسف
وقفت لتنظر من زجاج غرفة نور لتراها نائمة من اثر المخدر خصلات شعرها الامامية متهدله على وجهها
وضعت يدها على الزجاج كأنها تلمس هذه الخصلات التي طالما كانت متطايرة حول وجه نور الجميل
دمعت عيناها لتنتبه على يده توضع بنصف ظهرها
التفت اليه لترمي نفسها بين ذراعيه وتنهمر دموعها
رتب على ظهرها بحنية فائقة : كفي عن البكاء عليا
ستكون بخير ، هيا سننصرف
ابتعدت عنه بحده : ننصرف ونترك نور
__ الطبيبة منعتني انا الاخر من الزيارة وقالت ان من الافضل لنا ان ننصرف فجلوسنا لا فائدة منه
ثم اننا لابد ان نذهب لنبحث عن شقة نمكث بها هذه الفترة
هزت راسها ايجابا لتنظر الي صديقتها وقالت بداخلها
سآتي لك مرة اخرى نور

***********************

__اريد ان اسال عن حالة حافظ المصري
نظرا الطبيبان الشابان الي بعضهما وهمس الاكبر سنا
__ تعالي معي سيدتي
اتبعته بهدوء لم تكن تريد الذهاب لرؤيته بل كانت تطمئن عليه من جانب الواجب والاصول ثم ان راعها مظهر القصر المحترق فشعرت ان قلبها يرتجف وقررت ان تذهب لتراه
دخلت وراءه الي مكتب صغير ليبتسم لها الطبيب
بهدوء : اجلسي سيدتي ، هل انت قريبته ؟
ردت : نعم ، انا اخته
هز راسه متفهما : اين زوجته وابناؤه ؟
__ انه غير متزوج وليس لديه ابناء
قالتها مقتنعة مائة بالمائة ومتأكدة ان نور لم تكن ابنته في يوم من الايام
زفر الطبيب بارتياح : حسنا سيدتي ، ان الحالة صعبة للغاية
فالحروق تمكنت من الجسم كله ولا اعلم الي الان كيف له ان يعيش بمثل هذه الحروق والالام ، نحن فعلنا ما نستطيع فعله
والايام القادمة ستحدد اذا كان سيستمر ويتناول المسكنات التي ليس لها أي فائدة فالآلام تتمكن منه
ام سينتقل الي رحمة الله ، انصحك بان لا تريه مظهره سيؤلمك بشده ، او على الاقل انتظري قليلا حتى يتحسن وضعه
هزت راسها وهي تشعر بان الله رد لها ولأخيها بعضا من حقهما فها هو حافظ يتعذب بعذابهما في الدنيا وهي متأكدة
ان عذاب الله في الاخرة لشديد
همت بالخروج من الغرفة ، ليتنحنح الطبيب الشاب بقوة
جعلتها تلتفت اليه متسائلة عما يريد
ابتسم الطبيب بتوتر: هل اسم سيادتك نور؟
نظرت اليه باستفهام ليكمل : انه يهذي بهذا الاسم كثيرا
فتوقعت انه يكون اسمك بم ان ليس لديه زوجة
هزت راسها بتفهم لتقول بجمود : لا انه اسم حبيبته
اردفت : سأعود له بعد غدا لأطمئن عليه وسأدرج مبلغا ماليا تحت حساب العلاج
خرجت من المشفى دون ان تذهب اليه بناء على نصيحة الطبيب
اتصلت بعمر لتتطلب منه ان يوافيها بالقصر

**********************


__هل انتهيت ؟
رفع راسه من بين يديه ونظر الي وجه ياسر الذي يظهر غضبه بشده تفاجا من تعبيرات ياسر الصارمة فوجهه دائما ضاحك باسم ولكن الان ينم عن غضب شديد لم يسبق له رؤيته
اعاد ياسر سؤاله : هل انتهيت من سرد ما تخبرني به ام باقي لديك انواع من العذاب لم تجربها على المسكينة الراقدة الان بالمشفى ؟
تراجع الي الخلف من هجوم صديق عمره الغير متوقع
وتمتم : ماذا تقصد ؟
جز ياسر على اسنانه بشده ليرفع ياسين حاجبية بدهشه
__ ماذا اقصد ؟ هل يوجد بشر يفعل ما فعلته مع زوجتك
هل انت احمق لهذه الدرجة ؟
ما ذنبها هي اذا كان عمها هو حافظ المصري او حتى لو كان والدها هل يختار الانسان ابويه ؟
انه قدرنا ، ثم اباك توفى اثر ازمة قلبيه وكان يعلم جيدا ان تعرضه لإرهاق العمل سيعرضه لهذه الازمات التي حذرته منها ولكنه لم يستمع لي ولا الي والدتك
وقت الوفاة يحدده الله ياسين ليس بيد مخلوق حتى لو لم يفعل حافظ المصري ما فعله وكتب الله موته بهذه الساعة لنفذ امر الله
ولكن صدمتي الحقيقة بك انت ، كيف استطعت يا ابن العائلات الراقية يا من حصلت على ارقى مستوى تعليمي و تربيت بالقصور
وسافرت الي امريكا لتحصل على دكتوراه في الهندسة المعمارية تفكر بمثل هذه الطريقة ،
ميكانيكي السيارات وحارس العقار يفكران بطريقة افضل منك .
تعامل الفتاه بطريقة سيئة وتقسو عليها بأدق علاقتكما لان عمها اخبرك انه والدها .
هتف ساخرا : يا لك من احمق ، ثم تشغر بالغيرة تمزقك من علاقتها بأخيك وابن عمك فتشتد قسوتك عليها ولما لا ،
الم تفكر بالمثل الشهير الذي يأخذ البنت بأخلاق والدتها
نسيت ان هذه الفتاه من استطاعت اختراق قلبك الحديدي نسيت انها حبيبتك التي تأكدت من اخلاقها وتربيتها
نسيت عندما اتيت تخبرني بانك تحبها وقلت لي لا تسالني كيف ولا متى فانا احبها ،
اتذكر ما اخبرتك به حينها قلت لك انها فرصتك ياسين لا تضيعها من بين يديك فتعض اناملك حسرة على ما فاتك
وها انت تخسرها بعد ان تكون اقرب شخص اليك .
الذهول هو ما ارتسم على وجهه من كلمات صديقه الغاضبة
لينظر اليه بعتب اردف ياسر : ماذا كنت تريد ياسين ؟ ان اخفف عنك واقول لك لا انت لست بمخطئ وعمر لم يكن معه الحق فيما فعله ،
بل معه كل الحق ياسين واذا كنت انا بمكانه لكنت ضربتك وشوهت وجهك الجميل هذا .
ولو كنت انت بمكانه لكنت قتلت احمد او عمرو اذا اساءا الي ندى او نهى .
خفض راسه وهو يشعر بالذنب يتفاقم بداخله
همس : ماذا افعل الان ؟ لن استطيع العيش بدونها
تنهد ياسر وجلس بجانبه ورتب على ركبته : ليس بيدك شيء الا الانتظار ، انتظر حتى تصبح حالتها جيدة واذهب اليها وتكلم معها اعتذر واشرح موقفك وهي ستسامحك فهي تحبك ياسين بل تهيم بحبك ، فالمرات القليلة التي التقيت بها قبل وبعد زواجكما كنت تقفز من عينيها كلما نظرت اليها
ابتسم ياسين بألم : لن استطيع مسامحة نفسي فانا الذي دفعتها ان تذهب الي هناك وتراه
رتب ياسر على ظهره : هون عليك يا رجل ستصبح الامور بخير ولكن ارمي عنك هذا القناع ياسين
نظر اليه باستفهام ليبتسم ياسر : قناع الجمود يا صديقي
لقد نشانا وتربينا معا ياسين وانا افهمك جيدا فانت اخي وصديقي ورفيق عمري كله
انت بداخلك حنون جدا ، كنت تراعي ظروف حنان دون ان تشفق عليها بل الحنان الذي بداخلك جعلك تعاملها بطريقة افضل من طريقة معاملتك لندى مما جعل الامور تتأزم بينك وبين شقيقتك التي تغار من خيالها
ولكن بفضل جدك واباك الصارمين وضعت حدا لهذا الحنان
فكبرت يوما بعد يوم وانت تبني حول قلبك جدارا حتى لا يتدفق الحنان منه بنيت جدار الصرامة وفي بعض الاحيان تنقلب هذه الصرامة الي قسوة مفرطه
ومن تشعر اتجاهه بالحنان يصبح هو المخطئ وتحمله مشاعر الحنان الذي بداخلك فتقسو عليه
ثم عندما كبرنا واصبحنا شباب كنت تخجل بشده من اقتراب أيا من الفتيات منك كانوا يقتربون منك لوسامتك المفرطة لم تفهم حينها مشاعرك ولكنك كرهت شعورك بالخجل وعدم الامان بقربهم فابتعدت ونفرت منهن جميعا رسخت بعقلك انهن جميعا تافهات ولا عقول لديهن وعاملتهم معاملة جافة ليهربن من امامك عندما يرونك وطبعا استثنيت بعضا منهن مثل والدتك ومريم ونهى حتى نادين لم تدرجها بداخل القائمة لم ترى الجانب الحسن بشخصية شقيقتك لأنك تتشاجر معها دائما ولم تفكر يوما انها تتشاجر معك لأنها تريد ان تشعر بوجودك بحياتها ،ابتعدت عنهن وخاصة انك لم تجد احداهن تقترب منك او تفهم ما بداخلك
ولكن الي الان تحمر اذنيك بشده عندما تتكلم عن مشاعرك او عندما تتكلم عن نور
فز قلبه لاسمها لتحمر اذنيه ليضحك ياسر بشده
زمجر ياسين : ياسر احترم نفسك
كتم ضحكته : المعذرة صديقي لم استطع منع نفسي وانا ارى ما اتحدث عنه يحدث امامي
اكمل وهو ينظر الي امامه : هربت من مشاعرك و قلبك ياسين وغلفت نفسك بقناع الجمود والصرامة والتسلط فهذه صفات رجل الاعمال الناجح ، هذه صفات اباك التي طالما تمنيت انك تشبهه قلبا وقالبا ، ولكن القدر جعلك لم تشبهه قالبا فتمسكت بان تشبهه قلبا ، تمسكت بعاداته وتصرفاته
لتصبح المهندس ياسين العظيم كما يلقبونك في عالم الاعمال
الي ان اتت نور ، اشرقت قلبك وحياتك
ولكن قناعك تحكم بك ، وكانه كان ينتظر فرصه سانحة ليعود كما كان فتغيير شخصيتك كان لا يروقه
واول من تحمل قسوتك وغضبك كانت هي
فهي السبب الوحيد وراء خلعك لقناعك المفضل
مرر ياسين يده بعصبية في خصلات شعره السوداء
__ ماذا افعل الان ؟ اريدك ان تعطيني حلا
هز ياسر راسه بعدم معرفة : ليس امامك الان سوى الانتظار
نفخ ياسين بضيق : اريد ان اراها ياسر ، اريد ان اكون الي جوارها ولا استسيغ هذه الطبيبة التي تمنعني من زيارتها
انقلب وجهه الي الاستياء وهو يذكر طبيبة نور
ليضحك ياسر : هل مستاء منها لأنها منعتك عن رؤية نور ام لأنها أمراءه وانت ترفض ان تأخذ امر من أي شيء يتعلق بالجنس الانثوي
رد بدون تفكير : الاثنين
قهقه ياسر ضاحكا : لا فائدة منك ياسين ، ستظل كما انت
تنهد واردف: اعتقد السبب وراء منعاها لك من رؤية نور هو ما فعلته مع زوجتك يا باش مهندس
نظر له ليكح ياسر بإحراج : لا افهم في علم النفس ولكني قرات قليلا من الابحاث بحكم مهنة مريم وعملها
اعتقد ان عنفك معها سيعيد اليها ما حدث اساسا وادى الي اصابتها بالانهيار العصبي
تستطيع ان تستشير مريم
هز راسه بعنف : لا ، لا تخبر مريم عن شيء
ابتسم ياسر واقترب ليهمس له : جبان ياسين ،
ليضحك على جمود وجهه ويكرر : انت جبان فلن تستطيع ان تواجه نظرة مريم المستنكرة او تصيح بوجهك كما كانت تفعل في الماضي عندما تتصرف تصرفا احمق مع احد صديقاتها الفتيات
ضحك ياسين : نعم زوجتك مخيفة ياسر ولا اعلم كيف تتحملها
قهقه ياسر : اه لو استمعت اليك الان لكانت اذقتنا الجحيم
رفع حاجبه الايمن وابتسم بخبث وهو يدير وجهه الاتجاه الاخر حتى لا يرى ياسر ابتسامته : اتعلم ان امي عرضت علي ان اتزوجها قبل ان نسافر الي الخارج
جمد وجه ياسر فجأة ليكمل ياسين بلا مبالاة وهو يهز راسه
__ من باب الاصول وانها ابنة عمي وانا اولى من الغريب ثم انها جميلة وذكية وقريبة مني في السن ، امي كانت ترانا متفاهمين معا
ابتسم : ولكني رفضت من اجل عدة اسباب
اتسعت عينا ياسر ونظر اليه بحده ليكمل ياسين
رفع سبابته : اولا انها تشبه امي في شخصيتها فيكفيني نوارة هانم واحدة بحياتي
رفع وسطته : ثانيا نظرتك الهائمة التي ترمقها بها
رفع بنصره المزين بدبلته الحبيبة : ثالثا انها اخبرتني انها تحبك يا مغفل
انفجر ضاحكا على وجه ياسر الذي ينظر اليه بعصبية
ليضحك ياسر بقوة عندما تبين له ان ياسين تعمد اغاظته : لم تخبرني بهذا الامر من قبل
اذن كنت تعلم عن حبي لها وحبها لي من قبل ان نسافر الي الخارج
هز راسه بالإيجاب ليدفعه ياسر بقوة : لماذا كنت تغيظني باستمرار وتذهب معنا الي كل مكان ؟
نظر له بحده : كنت احمي ابنة عمي يا دكتور ، فانت لم تنطق بحرف واحد لي ، لم تكن شجاعا كزوجتك وتخبرني عن مشاعرك
ابتسم ياسر : نعم كنت خائفا بشده ان ترفضني او ان تكون متعلقة بك ، وكان خوفي اشد منك فردود افعالك لا تؤتمن
هز راسه بتفهم ليردف ياسر : لكنك وقفت الي جانبي كثيرا وساعدتني للحصول عليها وهذا لن انكره ابدا ،فبفضلك تزوجت منها فانت من اقنعت والدها بان يزوجها الي ويرتضي بهذا اليتيم الذي لا عائلة له
نظر له معاتبا : لا تقل هذا ياسر ، من انا اذن اذا كنت انت بدون عائلة ، اليس انا اخاك كما تقول
ابتسم ياسر ممتنا : ونعم الاخ ياسين
قام واقفا وقال بإحراج : لا اعلم كيف تكلمت معك ياسر هكذا ولكني كنت اشعر باني سأنفجر ان كتمت ما بداخلي اكثر من ذلك
ربت ياسر على كتفه وهو يبتسم مطمئنا : لا تقل ذلك ياسين
نظر له ليبتسم ياسر ويساله : ثم ما الذي اخبرتني به اساسا
لا اتذكره هل كنت تتكلم معي عن فوز الاهلي البارحة ؟
ضحك ياسين ليشترك معه ياسر بالضحك
__ سأنصرف يكفي اني ايقظتك من نومك الذي تجاهد لتحصل عليه
امسكه ياسر من كتفه : انتظر تناول معي الافطار وننصرف سويا
هم بان يعترض ليشير اليه ياسر بيده وراسه : لن اقبل بالرفض واذا رفضت سأخبر مريم انك تريد الانصراف
تنهد ياسين :لا لن استطيع مناقشة مريم فانا منهك القوى
ابتسم ياسر : اذن انتظر قليلا يا صديقي


*********************


وصل الي القصر وهو مستاء من وجوده هنا
يشعر بهم ثقيل يجثم على انفاسه ولكنه لم يستطع ان يرفض طلب عمته
دخل الي حديقة القصر بخطوات ثقيلة بطيئة وهو يتنفس بصعوبة شديدة ، لا يستطيع منع صورة نور المنهارة وصراخها الذي يصم اذنيه من القفز الي مخيلته و الذكريات السوداء تطارده
طفولته كلها قضاها هنا ، ولكن كل ما فرح به في صغره تبخر وبقيت الذكريات المؤلمة والكريهة الي نفسه ،لتجثم على صدره
نظر الي القصر المحترق ليكتشف ان النيران التهمت الجزء الشرقي كله ،تبخرت كل طفولته مع الغرف التي التهمتها النيران فالنيران لم تبقي على شيء من جناح والدية ولا غرفته هو ولا غرفة نور
بل امتدت الي الجزء السفلي والتهمت غرفة المعيشة وغرفة الموسيقى والغرفة التي كان يستذكر بها دروسه والصالة الواسعة التي تتواجد بها المدفأة الحجرية والكرسي الوثير
الذي كان يجلس عليه عمه لاحتساء الخمر ودولاب الخمور ايضا
زفر بضيق وهو يتذكر هذا العم البغيض ولكنه هدئ نفسه فلا يمكن ان يحيي اكثر من ذلك ، فاذا كان القصر لم يحتمل النيران فهو اكيد مات متأثرا بحروقه
انتبه على وقوفها الي جواره وهي تهتف : لا اله الا الله
نظرت اليه : انه حريق مروع عمر
تنهد بقوة ونظر امامه ليجد عمته اتيه باتجاههم
ابتسمت العمة وهي تقترب منه وتحتضنه بين ذراعيها
وتبكي : مرحبا حبيبي ، كيف حال شقيقتك ؟
تنهد : بخير انها بخير ولكن الطبيبة منعتني من زيارتها احتضنته مرة اخرى : اخيرا عدت لمنزل والدك ومنزلك
انتفض بحده وابتعد عنها وهو ينظر اليها وقال بشك
__ لا تقولين عمتي انك طلبتي مني المجيئ الي هنا لاسكن بالقصر
هزت راسها ايجابا وهي تبتسم ليضحك ساخرا
__ هل تتوقعين عمتي اني سأسكن هذا القصر بعد كل ما حدث ؟
نظرت اليه بنظرة مليئة بالأمل ليهز راسه بعنف : لا طبعا لن يحدث هذا ابدا
لن استطيع عمتي ، قلبي ينزف الما وعقلي يحترق غضبا مما حمل الينا هذا القصر من عذاب
ولن استطيع ان اتعايش هنا باي شكل من الاشكال
ثم ان القصر خطر على من سيمكث به الان فالجزء الذي لم تصل اليه النيران تصدع ومن الممكن ان ينهار باي لحظة
اتسعت عيناها رعبا وتمتمت : من اين عرفت ؟
ابتسم بألم : انسيت عمتي انا مهندس
تنهد : هل اصاب احد العاملين مكروه ؟
هزت راسها نافية ليهتف بارتياح : الحمد لله
ابلغيهم ان ينصرفوا عمتي ادفعي لهم مستحقاتهم المالية وسريحهم من عملهم واتي معك بخادم او اثنين ، احزمي امتعتك وستاتين معي فانا لن اتركك هنا وحيدة
فقط اجمعي ما هو ثمين من القصر وضعيه بخزانة جدي
فغرفة جدي لم تتأثر بالحريق واعتقد ان غرفتك ايضا
هزت راسها بالإيجاب
ليلتفت الي علياء : امكثي مع عمتي الي ان تنتهي مما تفعله الي ان اذهب واجد لنا شقة نستطيع ان نمكث بها هذه الفترة
وانظر الآم وصل مشروع الشاليهات
هزت راسها موافقتا : حاضر عمر
نظر مرة اخرى للقصر وزفر زفرة عميقة : سانصرف ولن اتاخر ، سلام
غادرهم لتربت العمة على كتف علياء : تعالي بنيتي ، تفضلي انه بيتك
ابتسمت علياء بتوتر ودلفت الي جوارها ولكن قلبها معلق بحبيبها الذي تشعر ان بداخله معارك طاحنه حدثت نفسها
اه منك عمر ، ستظل كما انت جبل يتحمل الشدائد بل يبتلعها
ويكتمها بداخله ليظهر امام الناس هادئ وعاقل ويتصرف مع الامور بحكمة
ساعات سفرهم لم يتبادل معها الحديث اطلاقا بل شعرت به مهموما حزينا وعندما حاولت ان تتكلم معه ، تحدث معها بامور عادية بل قص لها قصة مضحكة حدثت له هو وعلي
انفجرت ضاحكة عليها وعلى الرغم من انه شاركها الضحك الا ان ضحكته كانت خاوية حزينة عيناه الخضراوين كانا يلمع بهما الحزن والالم
لا تعلم ماذا تفعل ولكنها تدعو ان الامور تمر بسلام و تدعو ان تشفى صديقتها وتعود اليهم


******************
جالس ليتناول غداؤه لتلف من وراءه حول المائدة ،شم رائحة عطرها الذي يعشقه فنظر لها بطرف عينه ليتأمل فستانها القطني الخفيف عاري الكتفين وهي تضع باقي اصناف الطعام التي يشتهيها كلها
رفع حاجبه الايمن تعجبا فكأنها انتقت ان تعد له جميع الاصناف التي يحبها
ضحك ساخرا : هل لدينا ضيوفا مدعوين اليوم على الغداء
ابتسمت برقه : لا ، ولكني فضلت ان اعد لك الاصناف التي تحبها
وضعت امامه طاجن صغير وهي تبتسم : طاجن البامية باللحم الضأن الذي تحبه
رفع حاجبيه تعجبا وهو مندهش من تصرفها فهي كانت ترفض ان تعده من قبل لأنها لا تحب هذا النوع من اللحم وكان دائما يطلبه من والدته او وفاء لتعده احداهما اليه
وضعت اناملها الرقيقة علي يده المستكينة على المائدة
__ ماذا هناك علي ؟ الا يعجبك الطعام
نظر لها والاسئلة تقفز بداخله : لا لم أتذوق بعد
اين جنى ؟ سألها بهدوء قبل ان يبدا بتناول الطعام
ابتسمت : انسيت اليوم تدريب الجمباز ونهى اقترحت علي ان تذهب برفقة يمنى ، وانا وافقت
هز راسه موافقا لتساله مرة اخرى : هل اعجبك الطعام ؟
ابتسم: نعم، انه لذيذ، سلمت يداك
__ لقد تكلمت مع بسنت اليوم ، كنت أسال عن احوالها
وابلغتني بخبر رائع سيسعدك وانا صممت ان اخبرك بها بنفسي
نظر لها متسائلا لتكمل بفرحة حقيقية نابعة من داخلها
__ بسنت حامل
اتسعت عيناه : حقا ؟
هزت راسها بسعادة ايجابا ليهتف : الحمد لله ، اخيرا
لماذا لم تخبرني اذا ؟
ابتسمت : ستذهب للطبيبة في الليل وبعدها ستبلغنا
ما رايك ان نذهب لشراء احتياجات جنى للعام الدراسي الجديد ونمر عليها لنطمئن
رفع حاجبه الايمن ونظر لها بشك : عجيبة انكي تريدين الذهاب لبسنت
هزت كتفيها : اذا كنت لا تريد الذهاب على راحتك
__لا طبعا سأذهب لأبارك لشقيقتي
لوت راسها بدلال : اين حلاوتي عن هذه البشارة التي بشرتك بها
ابتسم بسعادة : لكي ما تطلبيه
قامت وانحنت لتضع عينيها بعينيه وهمست : اريد رضاك علي
ارتبك بشده ودهش من جملتها ، لتتركه وتذهب لتاتي بزجاجة مياه ، اتت لتقف بجانبه ولصقت جسدها بكتفه وهي تهمس : معذرة حبيبي ، نسيت ان اتي به
تفضل
اتبعت جملتها بان سكبت له الماء بالكوب
لينتفض من على المائدة وهو لم يكمل طعامه
رسمت الابتسامة على شفتيها : اتريد ان تتناول الحلوى الان
هز براسه رافضا وهو يدخل الي غرفة نومهم : سأنام قليلا لأذهب لاتي بجنى من تدريبها
ابتسمت : اذن ستاتي معي للطبيبة
استلقى على الفراش وهو يتثاءب : نعم سآتي ، اتركيني لأنام قليلا
بدا لها انه استغرق في النوم ، لتتنهد بخيبة امل وهي تفكر بان من الواضح ان الحال سيستمر على ما هو عليه فترة اطول مما توقعت
خلعت فستانها الصباحي وارتدت قميصا حريريا لتستلقي الي جواره وتنظر اليه بحب عميق نفخت بعينيه برقه
لتهمس : علي ، هل انت نائم
فكر قليلا وهو يغمض عينيه ، انه لن يستطيع ان يقاوم سحرها اكثر ، يدعو الله ان يقويه على نفسه وقلبه
شعر بتنهدها الذي اشعل النيران بصدره لتتحرك من جانبه فيفتح عيناه بهدوء ويراها وهي تبدل ملابسها ، توتر اكثر وشعر بالسخونة تجرى بعروقه وتنتشر بجسده كله
جاءت لتنام بجانبه ليشعر بأنفاسها على وجهه وتفعل اكثر فعل محبب الي قلبه فهي كانت توقظه هكذا دائما ، بان تنفخ بعينيه ، دائما تفعل شيء مختلف عن باقي النساء فهي لا تقبله ولكنها تنفخ بعينيه من مسافه قريبه ليأتي هوائها ويلامس جفونه برقة ودلال فيوقظه على الفور
تناهى اليه وهو بعالم الاحلام وهي تسأله : علي ، هل انت نائم ؟
فتح عيناه وابتسم لها : لا
ابتسمت بغنج ودلال : اذن ابقى معي قليلا تكلم معي فانا لا اريد ان انام الان واشعر بالملل
ابتسم بخبث : نعم اعرف انكي لا تريدين النوم ولا تريدين الكلام ايضا
اقترب منها ليشدها الي صدره وهمس لها : اعرف ما تريدينه جيدا وسأنفذه دون ان تطلبيه ، ورضاي فزت به وتستحقينه بجداره


*********************


اقتربت لتجلس بجانبه وقالت بمرح
__ ما بك عمور ؟ اشعر انك ضائق هذه الايام
نظر لها بطرف عينه : ألا تعلمين سبب ضيقي فعلا ؟
ابتسمت واقتربت منه اكثر : اعلم حبيبي ، ولكن ما بيدي ان افعله
تنهد : لا شيء ، ولكني اريد ان نعود الي منزلنا نهى
فانا ضقت بالمكوث هنا ، ولا اعلم سبب اصرار ياسين على ان نظل برفقتهم
قالت بتوتر : انا اعلم ، انه يقوم بحمايتنا ، فبعد حادث يوسف يريد ان يطمئن علينا جميعا
عقد حاجبيه : لماذا ؟ هل الحادث بفعل فاعل ؟
هزت راسها بالإيجاب : نعم واعتقد ان السبب وراءها هو شقيق انجي
اتسعت عيناه : حسنا وما دخلنا نحن ؟ من الممكن انه فعل ذلك لان يوسف تخطاه وتزوج اخته من وراء ظهره
__ نعم ، ولكن معتز هدد ياسين انه سينتقم من العائلة كلها
ولذلك ياسين اصر على ان نمكث معهم
الا تلاحظ انه يصر ان اخرج برفقة السائق وهذا الضخم معنا
ويطلب منك كل مرة تتحرك بها خارج القصر ان تتبعك العربة الاخرى كحراسة ، واذا علم انك اليوم ذهبت بيمنى الي النادي بفردكما سيغضب بشده
انقلب وجهه ونظر لها بعتب : لا اقصد عمرو ولكني افهمك ما يحدث
اشاح بوجهه بعيدا عنها لتساله مغيرة لمجرى الحديث
__ اخبرني هل استمتعت الفتاتين اليوم ؟
ابتسم تلقائيا : نعم ، ويمنى كانت سعيدة جدا برفقة جنى
وانا الاخر قابلت علي وجلست معه قليلا ولكن لم اشأ ان اخذ من وقته كثيرا فزوجته كانت برفقته ولكنها توجهت الي الفتاتين ولعبت معهم قليلا ، ولكني شعرت بان بها تغييرا ما
ضحكت نهى : نعم هي حامل
اتسعت عيناه : حقا ، لماذا لم تخبريني ؟ كنت هنأت علي على ما سيأتيه
__ هنئه عندما تراه المرة القادمة
هز راسه : نعم معك حق
ابتسمت وقالت بخفة : انا ايضا اريد ان يبارك لي الناس
نظر اليها : يباركوا لكي ، علام يباركوا لكي
نظرت الي الجانب الاخر واعطت له ظهرها : على طفلي الجديد
رفع حاجبيه ولفها اليه : هل انت حامل نهى ؟
ضحكت : لا بل اشتقت الي طفل صغير بدلا من الذي ذهب
خفض راسه واطرق قليلا ، لينظر اليها ويبتسم : اذا كنت مستعدة نهى ، فانا لن امانع طبعا ، اشتقت انا ايضا لطفل ثاني ولكني لم اشئ ان اطلب منك و تكوني رافضة للفكرة بعد ما حدث
دمعت عيناها وتذكرت طفلها الصغير الذي رزقها الله به بعد مولد جنى بثلاث سنوات ليكتشفوا بعد عشرة اشهر من ولادته
انه مصاب بسرطان الدم عانت كثيرا هي وعمرو في رحلة علاج لطفلها الرضيع الذي كان يعاني بسبب الام لا تحتمل
وبعد سنة توفاه الله لتخرج من هذه الازمة محطمة كليا
ولكنها تحملت ان تخفي كل احزانها من اجل يمنى ومن اجل عمرو ايضا ، لم يطلب منها عمرو ان تحمل بطفل جديد
ولم تفكر هي بشيء كهذا اطلاقا ، ولكن ما حرك بها مشاعر الامومة وجعلها تتلهف على طفل جديد مظهر انجي وهي تمشى ببطء وفرحة يوسف بطفله الذي سياتي ،واخيرا خبر حمل اية
طردت الذكريات الاليمة من عقلها وابتسمت : اشتقت بالفعل لطفل اخر عمرو
احتضنها بين ذراعيه :وانا ايضا حبيبتي
ولكننا سنعود الي منزلنا ، فانا اشتقت الي بيتي
__ وانا ايضا ، انتظر سأتكلم مع ياسين
__ لا نهى ، سأبلغه باننا سنعود الي شقتنا ، وانه لا يخف عليكما فانا جدير بحمايتكم
هزت راسها بقلة حيلة فمن الواضح ان عمرو ضائق بالفعل وياسين خائف عليهم وهي لا تريد ان يصطدما الاثنان ببعض ، اشرقت راسها بفكرة : حسنا انتظر الي ان تنتهي مشكلته مع نور ، فهو ضائق من الاساس
هز راسه موافقا لتتنهد بارتياح وتدعو الله ان لا يصطدم عمرو بياسين فهي لا تريد ان يحدث مشادة تعكر العلاقة بينهما

يتبع ,,,,

👇👇👇


تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -