بداية

رواية سيدة الحرية -19

رواية سيدة الحرية - غرام

رواية سيدة الحرية -19

ابتسمْت لي وانت تنظر للمائدة الاولى التي اعدها في حياتي،وربما الاخيرة!
-"مثل ماوعدتك بس مو ذنبي اذا طلعت جوعان"
-"هههه لاكل هذا ولا اتغدى"
وهم بتذوق شيء منها،وكأنني استطعمها معه،
-"وش رايك؟"
انتظر الاجابة،كمن قدم لامتحان قبول!
-"اكيد لذيذة..تسلم ايدك"
جلست في الكرسي المقابل وانا اشعر بالفخر
-"الله يسلمك وش تشرب؟"
.-.
حبيبتي في مزاج رائع،طهت لي الطعام وقابلتني في الجلوس
رغم ان الغداء له مذاق غريب،لكنها لو اعدت ما اعدت سآكله واقول لذيذ!
هاقد اكلت من يدكِ اخيراً
-"بترجع للدوام؟"
-"ايه اصلاً جيت اريح شوي"
-"استغربت وماكان ودي تشوفني وانا اطبخ"
ضحكَت،وللعجب كنت اضحك أيضاً،وما ان حان وقت الخروج،سألتها
-"انا طالع الحين تبين اوديك لخالتك؟"
ورفضت مباشرة كما تفعل
-"اخاف تقول اني مانعك ولا شي لازم تروحين "
فكرت قليلاً ثم قالت-"طيب بكرة"
خرجت من المنزل بمعدل تفاؤل كبير،صار الوقت طويلاً وانا اتفقد الساعة لأعود منذ وصولي
هي لاتكرهني حتماً،هي احياناً خجولة..صحيح!
بدأت اوهم نفسي كثيراً حتى شككت انها قد كتبت أصلاً،وتفقدته وكان موجوداً فصفعني مرة اخرى
-لمَ وافق ذلك التاريخ زفافنا أيضاً..؟اذن هي رسيل..وأنا المعني؟
عندما لانريد تصديق امر ما نبرر له بقدر الحقيقة والزيف،نستعير له احياناً اعذار وهمية ونلبسه الطهارة مهما كان قذراً، وقد نصدق انفسنا لأنها تريد التصديق..او لأنها لاتحتمل حقيقة اخرى
عدت للمنزل بموج الاسئلة ذاته وقبل ان انتظر حدوث مد وجزر آخر للغد، استوقفتها قبل ان تصعد الدرج لتنام:
-"رسيل"
توقفت في مكانها فالتفتت الي،لأسأل:
-"ليش تزوجتيني؟"
لانها قد انتصفت الدرج،وانا في بدايته ولم استدرجها للاجابة بسؤالي الصريح
ألقت عينيها علي مندفعة من الاعلى...وسكتت وكأنها شكت في سمعها!
استدركت متوتراً:
-"اقصد ليش رفضتي قبل وبعدين وافقتي؟"
.-.
.-.
سؤال كهذا،في وقت كهذا،في المكان الذي لايستحمل اكثر من ثقل الاقدام،يجيز لي متابعة الصعود وتجاهلك،ويوجب علي البقاء لأستشعر صعوبة إجابة!
هل اجيبك.. لأنني اعرفك، ام لانني اريد منزلك،ام لاني لااحب مازن ولامنزل خالتي،ولم اعد اطيق العيش عند عمي،ام لأنني اتابع مشواري الطويل للحرية
وظننتك أقصر الطرق!
-اشعر انك تود السؤال بطريقة اخرى:لمَ أنا دون غيري؟
اذن، لست احبك ان كان هذا ظنك،وقد اخبرك انك لاتعنيني مطلقاً قبل زواجي بك،ولست الان سوى الرجل الذي اعلق عليه احلامي وتسقط!
-"كنت ارفض الزواج اقصد مبدأ الزواج"
قال مباشرة-"يعني ماكنتي ترفضيني انا"
ماذا تريد ان تسمع! بلا كنت ارفضك أنت،فقد كنت أكرهك حينها،ربما لم اعد كذلك لانني قررت استثمارك لأحلامي،لا تؤاخذني بما قلت!
قبل ان اجيب سألتني:
-"تدرين ليش انا اخترتك؟"
لأنني شعرت ان الإجابة القادمة لن تكون عادية،وقد اكون اعلمها مسبقاً، فأنا والبقعة التي نقف عليها،والزمن،لسنا على استعداد لسماعها
فاجأته حين أومأت بالإيجاب،وأكملت الخطى للأعلى،وغبت عن عينيه التي كانت تنطق بشيء ما أيضاً!
.-.
مرت تلك الليلة،ونسيت مافيها، كنت انتظر عودته ليوصلني لخالتي كما اتفقنا
بالتأكيد لم يكن يتوقع مني وجبة اليوم أيضاً ..سيكون الوضع مملاً ان تكرر كل يوم، ثلاثمائة وستون يوماً أيام السنة،ان افترضنا انني اطهو له منها النصف،فمئة وثمانون يوماً فرضية مزعجة!
لا لن تفكر بذلك،كنت سعيدة بهذا التفكير المسلي، حتى انني قررت انني لن اطهو له الا عند حاجتي لرشوته! ،فالوجبة الأخيرة التي اعددتها له أسعدته رغم انه كان حزيناً
انهم الرجال!
ان كان يملك قلباً فهو بالتأكيد في معدته،رن الهاتف وانقذ العالم من افكاري!
.-.
سألته عندما وصلنا:
"منت نازل؟العزيمة عشانك"
وهو يبحث في صندوق سيارته عن شيء ما:
-"باخذ كم لفة لين يجي بدر"
.-.
.-.
ترجَلَت منها وانا أتصنع البحث عن أي شيء،ألا أستطيع ان اشغل بشيء آخر!
كلما شغلت بأمر ما أجدها أمامي،احاول ترتيب هذه الأوراق المنتشرة وتبدو رسيل مصطفة امامي،
انها حتى لاتراني، لاترى وجودي، ولاتسمع حديثي،وحين حاولت التعبير عن شعوري تركتني في مكاني!
معها اشعر بكل شيء،وأخاف ان شعورها لي...... لاشيء!!
.-.
.-.
وقفت أتأمل الفناء الخارجي للمنزل،وأتساءل في داخلي لمَ لم اشتاق له!
وافتني الإجابة سريعاً بعد ان ظهر من لااريد رؤيته،ومن حاولت تأجيل قدومي كي لا اقابله،
قدم لي سريعاً،مبتسماً،سعيداً بانفراد!
-"هلا والله"
قلت-"السلام"
وكانت دعوة للسلام! فردها وصافحني أيضاً
-"تو مانور البيت زين تذكرتينا"
-"وين خالتي؟"
-"داخل تنتظرك.. ها كيف حالك"
-"بخير"
وحاولت تخطيه الا انني اوقفت بيده،ستر الله من هذه الليلة!
-"وين رايحه ماخلصت كلام"
وهل بيننا غير السلام!
-"خير؟"
-"ابد..بس بقول لك.."
قاطعته"مازن خلنا ندخل وبعدين قول"
-"بس سؤال..ماوحشتك؟(ضحك بخبث) والله وحشتيني"
يده المتوحشة ارادت ان تفترس يدي،إلا ان الباب الكبير ردعها حين اتجهت أنظارنا اليه،
يفتحه بدري ويدخل
ويتبعه عمر
تتجه أعينهما مباشرة علينا،أتراجع خطوة،واكرر في داخلي:لهذا السبب لم اود الحضور،لهذا السبب!
يقترب بدري ويسلم بحماس خالقاً تغييراً بالجو،ويتجه للآخر الذي سرعان ما فقد توتره وراح يسأل عن الاحوال
عيناي تخطتهما،وسلكت الطريق المستقيم أمامها،لتصطدم باللذي ضل واقفاً دون حراك،
وبصره الحاد.. يكاد يثقب الغلاف الجوي لو نظر لأعلى!
تحرك مازن إليه وصافحه قائلاً:
-"حي الله الغالي"
رأيته يشتت نظراته كمن يحرك وعاء ساخن ليبرد، وأجابه دون النظر إليه مباشرة:
-"الله يحييك"
وانسحبت للداخل ،لمَ اشعر انني مذنبة!
انه ابن خالتي،ومن عشت معه في منزل واحد بعضاً من عمري، وهو يعلم ذلك
لاخطأ في تبادلنا التحايا...لكن لمَ لست مرتاحة!
رميت بكل همومي لحظة عناقي لخالتي التي اشتقت اليها حقاً،في كل مرة اعانقها احس بوجود امي!
وانقضت ساعة على وجودنا،حتى سألت:
-"وين لمى؟"
أجابتني بضيقة-"والله مدري وش فيها صار لها شهر على الحالة في غرفتها والاكل تتعبني ماتاكله"
عجيب امرها،كل مرة يشغلها امر ما ولاتراعي من يهتم، ربما سأرغب برؤيتها،للاطمئنان على خالتي!
استئذنتها بتردد،فحقيقة الامر لاارغب برؤيتها،لكن ذلك مايتوجب فعله
طرقت الباب،كررت ذلك، ثم يأست من ان اسمع جواب،فدخلت
منظرها المحبَط،استلقائها على الاريكة مخفية رأسها تحت الوسائد،عدم التفاتها لمن طرق الباب، كل ذلك يذكرني بتلك المقولة: "ان أصحاب القلوب القاسية لهم أحزانهم أيضا"!*
وقفت قليلاً،ثم جلست على طرف السرير المقابل لها،سألتها عن حالها
رفعت عينيها،وما ان رأتني،أقصد شاهدتني كما تشاهد التلفاز،وقد خفضت صوته!
-"وش فيك؟"
هنا اجابتني بهدوء ينبئ بعاصفة -"مافيني شي"
لكن اجابتها منحتني شعور جيد،تمنيت لو كنا نتحدث هكذا دوماً،دون ان نقسو او نغضب او نشتبك بالنظرات
-"طيب ليش شكلك تعبان"
جائني صوتها مختلفُ كلياً عن نبرة صوتي،وبهدوء غاضب:
-"اطلعي وسكري الباب"
لم استغرب ذلك،فذلك ليس بغريب أبداً،بل ماسبق أغرب!
خرجت واغلقت الباب ..نصفي يشفق عليها والآخر يتمنى لها المزيد!
ماقالته خالتي بعد ان اخبرتها بعدم مقدرتي التحدث معها،ان ماحدث لها اثر شجار مدرسي،مع اغلا صديقاتها!
فأعلنت اضرابها التام عن الحياة!
رفضت الاستمرار في الدراسة،اواستقبال اخريات يحاولن اقناعها، فصديقتها التي خاصمتها،هي الاحب الى نفسها، كما قالت خالتي بيأس
تمنيت ان لايخيب ظنها مرة اخرى،وان تكون تلك مجرد صديقة احبتها،وليست حبيبة صادقتها!
وما اعلمه عن لمى يؤكد لي انها ليست مجرد صديقة!
ربما تملك سديم شيئاً من خبر،ان لم انسى سأسئلها لاحقاً..،
.-.

بعد العشاء،

في حين مغادرتي، اوصتني خالتي كثيراً بعمر،وكدت أنا..اوصيها بمازن!
فور وصولي للباب الداخلي، رأيتهم جميعاً يقفون بالقرب
أخي وزوجي وابن خالتي
تركهم بدري وقدم للدخول ليتمنى لخالتي ليلة سعيدة، وتبعه مازن، حينها..خطوت للوراء..فتبعتهما!
تاركة خلفي الواقف كالبركان...،أو هاربة منه!
.-.
.-.
بدري بالداخل يتحدث مع مازن بكل أريحية،وقلما أراهما هكذا لوجود عمر
لمَ يبدو متحفظاً جداً!..لو كنت املك وقتاً لأفكر بغير مشاكلي لتصورت عدة امور كأن تكون العداوة التي شنها زوجي واخي عليه سببها لايعني اخي شخصياً،أو ربما يعنيه، قد يكون سوء فهم بينهما وزال وقد اكون أنا أسأت الفهم فيما مضى
او قد يكون هو تسلط عمر،بان تكره من اكره،وتود من اريد!!
.-.
خالتي التي تتحدث ولا اعي حديثها،وكيف تراه سيكون حديث من ينتظر بالخارج عني الآن؟
وكيف شعوره؟ أله الحق في العتاب او الغضب؟ الا يكتفي من امتلاكي بالمنزل يريد مني اتباعه هنا!
ان تنشغل عن مشاكلك بمشاكلك،عن حديثك لنفسك بحديثك اليها،من التفكير للتفكير..تجد انك كمقشة وسط عاصفة..، أعزل من كل شيء!
سألتني خالتي مالذي ألم بي؟ ومالذي يشغلني
كذبت حين أجبتها ان موضوع ابنتها يشغل بالي،وهو بصدق قد شغل جزء من تفكيري!
قال مازن أمام الجميع:
-"أي يوم ..اذا هذا مشغول اتصلي علي وانا اجيبك لامي"
هذا..يقصد به زوجي! قال بدري حينها
-"مايقصر بو وليد مبديها على شغله"
بو وليد..يقصد به زوجي! قالت خالتي حينها
-"الله يخليه لها ويوفقكم ويجيب وليد ويربى بعزكم"
لا أنا ولا مازن استوعبنا فكرة الوليد!
او موضوع الوليد..او اسم الوليد
ولا انا ولا هو استسغناها،فقال خاتماً الحديث
-"المهم مثل ماقلت اتصلي وانا اجي اخذك"
ضحك بدري قائلاً وهما يخرجان-"ياخي وش قلنالك "
.-.
.-.
أطل بعد دقائق يستعجلني،وحينما خرجت لم اجد عمر
بدري-"ينتظرك بالسيارة"
مازن-"اوصلها وارجع"
بدري-"هذا الباب قدامها لاتهرّب ماقلت ليش غيرت قسمك؟"
وصلت حينها للباب،لا أدري بمَ يفكر الجميع حقاً!
.-.
أغلقت الباب وانطلقت السيارة،قلت كاشفة عن الوضع
-"مادريت انك برى كان ماتأخرت"
-"بكرة الغداء عند امي"
وهذا مادار بيننا فقط، وحتى الغد!
صوته كان حازماً بعض الشيء في جملته الوحيدة،رغم اننا قد لانتحدث احياناً لكن صمتنا الآن خانق!
فتحت جزء من النافذة،التفت الي...،أغلقها من عنده..، ورفع درجة التبريد!
.-.
.-.
تلك التي لاتهتم في غضبي،لاتعنيها سعادتي وحزني، ان نمت او ضللت ساهراً لاترى فرقاً في وجودي وعدمي!
رحلت للنوم ما ان وصلنا،وتركتني اصارع فكرة ستحرمني النوم كعادتي! هي فكرة واحدة على الاقل!
فقط..اسم واحد...سؤال واحد...لمَ مازن؟!
لمَ كان قريبها من بين جميع رجال العالم؟لمَ كانت رسيل معه، لم تنفرد به؟ وتكشف عن وجهها؟!
لمَ تجعلني الغريب امامه،لمَ اشعر بالغضب كثيراً،لمَ اردت افراغ المى في جسده؟!
.-.
قدم الصباح وانا مجهد اكثر، وهي قد لاتكون استيقظت بعد
انهيت عملي سريعاً وذهبت لوالدتي التي ما ان تراني تذكر المنزل،وتظل تعاتبني ... تسللت لغرفتي قبل اذان الظهر وبدا لي شخصي يستلقي على سريري يحسب الايام لزفافه..وتحديداً في الوقت الذي كتبت فيه زوجتي استسلاماً للزواج بمن تكره!
اشعر ان كل شيء على وشك انهيار،السقف بدا مائلاً قليلاً لولا انني تداركت عيناي الناعسة وحاولت ان اغفو لتأكدت من ذلك!
صليت الظهر ومررت برسيل كي نتجه لوالدتي كما اتفق
جبت الشوارع قليلاً مسترسلاً بالتفكير،مررت بالكثير في رأسي،أرصفة الذاكرة وحدها لاتطئها خطى العابرين! الشوارع..الشوارع كيف تبدو هذه الظهيرة التي تخطت الدفء بكثير فأحرقتني،شجرها ساكن لايتحرك وكأنما أفقدته الشمس الإحساس،إشاراتها تتقلب كثيراً تستقبلك بحفاوة او تردعك دون ان تحيط علماً بشيء،الشوارع العالم الفاصل بين عالمين،الشاهد الأوسط بين جريمتين عادلتين! من تخطو عليه ويدلك
علمتني الشوارع ان الخطى التائهة فيها كإشارات المرور لاتعلم تماماً متى تستقبلك وتردعك، كامرأة اعرفها زرعتني في الشوارع شجر أطفأت الشمس إحساسه..، تركتني على رصيف لايطل إلا على عالم واحد،ولايشهد الا على نفسه!
هي لاتنظر لخطاها.. تخطو علي وأوصلها..!
.-.
قبل الثانية بقليل،اتصلت بها فلم القى اجابة
دخلت المنزل،وجدتها بالصالة تشاهد التلفاز،ولم تستعد بعد
-"وش تسوين؟ماقلت بمرك"
نظرت للساعة وقالت -"الحين؟"
-"اجل متى الناس تتغدى مفروض انك جاهزة الحين"
طبقات صوتي متفاوته،وكأنما هو صراع ظاهر بين عقل وقلب، تعمدها استفزازي يصيبني بالجنون
-"مايمديني..طيب خلها عشاء"
اثر جملتها،جلست على المقعد مباشرة،بل انني اكاد اضطجع من غضبي
-"روحي اتجهزي لك عشر دقايق"
-"ما اقدر بعدين ليش ماقلت لي قبل"
-"انا ماقلت لك امس؟ ووينك عن الجوال"
وطاري الأمس هو الآخر يفقدني اتزاني، دون ان تنظر الي:
-"نسيت وماشفته"
بهدوء اكبر-"لك عشر دقايق"
-"طيب ليش معصب رح انت اليوم وانا بروح يوم ثاني"
.-.
.-.
غضبه بغير معنى، لمَ هو غاضب هكذا؟أوداجه منتفخة ووجهه مضطرم يبدو مخيف وهو يصرخ بأوامره تلك
هل زيارة اهلك بتلك الروعة كي اذكرها جيداً؟ ام هل هي بتلك الأهمية كي استعد لها مبكراً، ام هل اتصالاتك لابد ان يجاب عليها مباشرة، ام هل يتوجب عليك ان تجبرني بالذهاب؟!
قال لي وهو يهم بالمغادرة:
-"انتظرك بالسيارة"
كيف تفعل هذا،لا أستطيع،لاتكفي هذه الدقائق القليلة لشيء
ثم انني اكره كثيراً الخروج ظهراً كيف وان كان لتناول وجبة مع اهلك!
واكره أكثر من أي شيء ان تجبرني على مالا اريد!
لا لن أستطيع..كيف لايخيرني..أي عبودية جنيتها من هذه الحرية!
.-.

دقيقتين..

ماذا افعل...هل ينتظر بالفعل؟
سيضطر للكذب على اهله ان غادر وحيداً وسيظنون بي السوء!..هي ساعة لمَ لا اذهب فحسب،لكني لااريد ..,نفسياً لم استعد!
.-.
ربما غادر،وربما لازال ينتظر
عشرون دقيقة ووصلت للباب،وانا اثق انني ارتكبت حماقة قد ارشوه بها،خضوعي قد يمهد لي طريقاً لحرية،فالتنازلات طالما كان لها اثراً في حياة عظماء!
ربما شعرت بخيبة حينما رأيته مسنداً رأسه على المقود،وينتظر
ما ان فتحت الباب حتى تحركت السيارة
فتحت حقيبتي ووضعت بعض الحاجيات التي كنت امسكها لضيق الوقت شيئاً فوق آخر، كنت املك حذاء أجمل وانسب لكني ارتديت هذا، قد آذيت احد أظافري عندما فتحت الباب ولا املك مبرداً،أحمر الشفاه الذي أخذته ليس ما اريد،كيف لهم ان يصنعوا الجميع بغطاء واحد!
وهل هذا وقتهم؟أغلقت الحقيبة،وأنا اشعر بالجالس جواري يغلق حنجرته، لم استطع النطق بشيء وهو بالكاد يتنفس!
.-.
.-.
عاتبتني والدتي على التأخير،واتجهت رسيل للمرآة وبقيت طويلاً
واجتمعنا اخيراً على الوجبة،وعيناي بدأتا تحرقاني حاجة للنوم، ذهبت لصلاة العصر داعياً ان تفرج ضيقتي
-"وين رسيل"
اجابت رنيم-"عند المراية من ساعة ماجت وهي رايحه راجعه عليها"
زفرت بقوة فإذ بها تجيء قائلة باسلوب غريب-"معليش مامداني اسوي شعري"
رنيم-"هههه ماستعديتي اجل"
وقبل ان تجيب الاخرى صرخت بها-"رنيـم"
.-.
كانت نبرته مرعبة بالقدر الذي جعلنا نصمت جميعاً،وربما حتى الباب اغلق بقوة،مما جعلنا نتبادل النظرات فجاءت والدته بالشاي وجلست
..،
-"ياولدي ليش ما تعشون عندنا"
اجابها-"مرة ثانيه ..برجع انام من امس مانمت"
-"وليش حسبي الله عليهم ودوامهم اتركهم والله ييسر غيرهم ولا خل ابوك.."
قاطعها وهو يهم بتقبيل رأسها-"لالا مرتاح الحمدلله تامريني بشي"
وبدأ بحديث قصير مع اخته وانا افكر هل غادر المنزل ليلاً! أحقاً لم ينم بعد!
اتجهت الي رنيم وابتسمت سائلة:
-"شخبار البيت؟"
-"زين"
كانت نظراتي لها مشككة بعكس نظراتها الواثقة وهي تقول بصوت اعلى
-"الا متى قلتي بتعزمينا"
عمر الذي اجاب –"قريب ان شاءلله متى ماتبون"
امه باستبشار-"اجل خلها الاسبوع الجاي ويجي اليوم اللي ادخل فيه بيت وليدي"
-"صار والبيت بيتكم"
الموعد الذي أكده دون الرجوع الي،يشعرني بالاضطهاد الكلي!
يزداد غضبي كلما فكرت في الأمر أكثر،من يظن نفسه قدمت تنازلاً وجئت معه ليتفق على مأدبة عشاء سأتكفل بها في بيتي دون أخذ رأيي
مالذي يستعرضه أمامي؟ لن احتمله أكثر
.-.
ما ان وصلنا حتى قصدت غرفتي لأنام،وما ان أرخيت جسدي على السرير حتى طرق الباب
دخلت رسيل قائلة بهدوء
-"ليش عزمتهم الاسبوع الجاي"
الم تتفق مع اختي بذلك؟
علا صوتها مضيفة:
-"انت ماتفكر الا بنفسك ومو عامل حساب احد"
رأسي الذي كان يوشك ان ينفجر،اشعر به تشظى الآن
-"نتكلم بالموضوع وقت ثاني اطلعي الحين وسكري الباب"
-"بتأجلها؟"
-"لا"
التحفت كلّي وكأنما اغلق الباب،فسمعتها تقول بصوت يكاد يسمع قبل اغلاقها للباب
-"ديكتاتور"
.-.
.-.
كيف له ان يتصرف بهذا الشكل! لم يكن هكذا!
مستغربة مما آلت إليه الامور مع هذا الإنسان،عندما افكر فيه لا أجد سوى ما أكره!
المنزل الشيء الوحيد الذي قدمه ونال رضاي، هاهو يأخذ حقه جيداً حين يدعو من يريد كيفما يريد ومتى يريد! وانا فقط ..كقطعة من أثاثه!
انعدام الذوق،سوء تصرف..،أحمق ذلك المتعجرف
وكأنني اريد أن اشكوه لأحد، كتبت موضوعاً جديداً في المنتدى بعنوان لم يصعب التفكير فيه
"ديكتاتورية!"
-تكون بائساً جداً حين تخالط من يمارسون الديكتاتورية،عند رؤيتي لأولئك المتسلطين تشتعل بي الرغبة للمضي قدماً لحلمي
فأن احلم بالحرية،وهم يحلمون بتسيير الناس حسب رغباتهم، يجعلك تحتقر تفاهتهم،وبلا شعور تجدك تؤيد الديموقراطية
تحدثوا كما شئتم عن احديهما،وإيانا ان نتفق!
.-.
.-.
عند استيقاظه، خرج مباشرة
وكيلا اضيع وقتي بالتفكير بمساوئه،شغلت بالي بموضوع لمى
مئات الأفكار كانت تراودني، وحينها قررت الاتصال بخالتي للسؤال عن حالها؟
ما اخبرتني به ان لاجديد عليها،ولاتزال في الوضع ذاته رغم محاولات مازن أيضاً الفاشلة
-كثيرون يعانون فوق الأرض، وقليل فقط يعي ان هناك من يعاني ضعف مايعانيه،وكلنا ننظر لشقائنا بانفراد تام وكأن لا أحد سوانا يبكي.. ويتألم..ويعاني ..، وربما يحلم!
البشر يعيشون بحلم متوارث،ربما ألف جيل لايحققونه،لأننا تعلمنا وعلمنا اليأس وكيف نفقد الأمل!
-تستطيع تغيير العالم ان غيرت نفسك وآمنت بحلمك وتمسكت بالأمل
.-.
.-.
.-.
الساعات التي نمتها لم تكن كافية،شربت الكثير من القهوة في المقهى ذاته،ولم ادري كيف اصبحت هكذا!
قد لاتكون مشكلة تستحق هذا الحنق لو لم يكن المسؤول...ذاك..قلبي!
هل لانها كتبت ما الاريد تصديقه،ام لأنها كانت مع من لااريد ذكره، ام لأنها تتجاهلني كثيراً
ام لأنني غاضب منها فحسب!
كيف لها ان تكون قد عاشت مع ذلك الحقير في منزل واحد،وان تقف امامي معه
اغضب كثيراً ويزداد قلبي بالضغط فأنفجر، ان لم اكن احبها بهذا القدر فلن يكون الوجع مميتاً هكذا!
ان لم يكن قلبي أنا لمَ ابقي هذا الحب؟
وان لم تكن رسيل،لمَ احب؟
في هذه اللحظة،في هذا المكان،اشعر ان التفكير بها ينتشلني من عوالم الفكر ويحط بي قرب عينيها
الهذا كان الحب جميلاً،الهذا أتأرجح معها بكل شعور،الهذا يقيدني المكان بها؟ لمَ كلما حاولت بالبوح اغلق الطريق امامي
لمَ لاترى النابض بين ضلوعي،فخارجي يتبرأ من قلبي كثيراً
اقسم انني ابذل قصارى جهدي،هي لاتتجاوب أبداً ..حتى في قولي انني احبها الآن،او احببتها سابقاً، او سأحبها مستقبلاً ربما لاشيء سيختلف!
عندما أتحدث عنها أجدني المتهم الوحيد..وحينما أتحدث معها لاشيء يبقى بصفي!
تلك الوقفة التي استحكم بها قلبي،اوصلتني بعقد صلح جديد معها
بالتأكيد هي ليست سعيدة بحالنا هكذا
-لمَ قالت انها تكرهني؟
أخذت احدث الصفحة علها تتغير،فالتعقيب ذاك أصبح حلقتي المفرغة التي أشقاني اليأس من انعدام مخرج
وما ان غيرتها التقيت بالجديد الذي أضحكني حينها،الماً..!
سقط أملي تحت اقدام الكرسي عقب موضوع الديكتاتورية!
وفقدت أي رغبة لمصالحتها... وبت اصفع قلبي الذي لازال يبرر لها
هل اللوم عليها لأنها تجيد اغاظتي،والشكوى عني،وعرض شعورها السيء تجاهي!
ام اللوم علي لأني تبعت شكسبير بعينين مغمضتين وأيقنت بماقال أن مالحب الاجنون، فآمنت بجنوني ولمت نفسي في كل مرة احاول اسعادها وتحزن!
ام اللوم عليه أيضاً حينما أقر بأن الهموم لا تأتي كالجواسيس فرادى بل ..كتائب كتائب!!
فأصبحت مستسلم لتك المقولة، وانتظر بعد الألم ألماً، وبعد الجهد تعباً
وبعد كل مقولة حب، ضعفاً ووهناً!
انا من لم أثق بحزن قصيدة،ولا انكسار حكمة، ولم اتبع سوى الطريق الوحيد الذي سيوجهني اليكِ
أجدني الآن وبعد كل كلمة تكتبينها في ذمي اواصل نفض ذاكرتي والبحث عن حكم الاعتبار،
وبعد كل ما قرأت،وصرت مهتماً بقراءته، افكر فيكِ بشعور متبادل، فكتابتك عن غضب لا عن بغض،
سأثق بقلبي،وسألوذ بالصمت حتى عن نفسي،وسأطلب من كل شيء وقتاً كافياً لأصالحك!
ولاتكتبِ أرجوكِ
فلم اتعلم الفصيح الا لأصارحكِ على ورقة،هلّا هيأتِ لي مكاناً لم يحاصر بعد!
.-.
عندما عاد اتجه الى غرفته ونام، وتركني دون تحية..
لست قادرة على الخروج،ولا استقبال أحد،أكره هذه الحياة معه،
إقامة جبرية!

يتبع ,,,,,

👇👇👇


تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -