بداية

رواية سيدة الحرية -24

رواية سيدة الحرية - غرام

رواية سيدة الحرية -24

هناك كذبات تسبب للبعض حساسية وحكة شديدة!
اجبت على الهاتف امام عمر، كان المتصل مازن الذي يقول: قد اقفل غرفتي ووضع المفتاح في مكان اعرفه
شكرته –بشكراً- كي اخفي معالم المخاطب ، واغلقت،لأجيب الذي سألني من يكون
-"دانه"
لست في وضع يؤهلك لمزيد من الاسفسارات وان كان حتى مبدئياً،لذا لم تضف الكثير حتى وصلنا
.-.
.-.
.-.
لم يكن الصوت ظاهراً ابداً،ولم تكن تتحدث بوضوح..لكني كنت اعرف من يكون،واعلم تماماً كيف لها تقسيم الاشخاص بأساليب حوار مختلفة
فهي مع اخيها تماماً كرسيل طفولتي التي اعرفها حيث احببت! ومعي كالوقت الفاصل بين طفولتي وشبابنا حيث لاصوت ولاشيء اخر سوى الألم!
ومع ذالك الشخص، فهي في وضع غريب أشبه بالخضوع! واعلم انه قد اخبرها بشيء ما يستحق الشكر!
لكن ما اجهله حقاً لمَ كذبت! فهي لاتخفي عني شيئاً لأنها لاتفعل شيئاً.. هي ببساطة تعيش تغدو وتعود ولااعلم ان كانت معي احياناً ام في مكان اخر
لكنها كذبت... وليس لانها غاضبة قد تكون تفهمت الوضع لذا عادت معي، وستكون سعيدة كما اتمنى حين تعلم مالذي اخبئه لأرضي غضبها الخامد في ذلك البركان
اويعلم احد كم كلفني اقناع اختي بالاعتذار، ارهقت كما لم افعل في حياتي، او يعلم كم كان علي الاعتذار لها لاني اؤمن ان كلتيهما لاتصلان لخطيئة مؤذية،رغم استمرار جهلي بما حدث
اويعلم احد آخر كم عدد الاشخاص في العالم الذين يفقدون احبائهم في اليوم كما يفقد الاخرون حياة بأكملها، كم يسصبح الفجر طويلاً كسنه،والليل كعدة قرون!
اويشك احدكم بألم من يقضي اوقاتاً طويلة في محاولة تصديق،او اختلاق اعذار، او حين يؤمن ان من احبه لن يكذب ويفعلها دون سبب!
اكثر الامور غرابة هذه اللحظات تسارع النبض في داخلي وانا ادعها تسبقني للداخل
وكأنما سأفتقد هذه اللحظة للأبد!
الألم الذي شعرت به في القلب ذاته بعد وقت قصير يومها، بعد افتقادي لها في المنزل وكأنما تكمل نوبة غضبها في غرفتها..الم تحادثها اختي بعد!
بينما انتظر،طارت عيناي للحاسوب المهمل على الرف،لايسعني سوى التجول فيه حتى تنزل رسيل ان حادثتها اختي
كانت الساعة تشير للسادسة،ربما لازال الوقت باكراً على رنيم..او ربما هما يتحدثان الان
وهكذا قضيت بعضاً من القلق وانا دون شعور مني ازورها حيث تكتب، واقرأ آخر ماحدث هناك
نعم انه حدث وليس كتابة!
انه شيء بارز جداً لاسعني تقبله،او تجاهله،او أي مايكون فقد كان كقابضة اقيس بها ضغط اطارات سيارتي حين يخف الضغط، الا انه هنا بعد ان قبض على قلبي قاس ارتفاعه!
ايماني كان يعاود الهمس في اذني، مكرراً كل دقيقة: لاتقلق الكتابة ليست بشراً الحرف ليس انسان!
واحياناً لاتكون الكلمات انسانية، ومنها غالباً ماتكون شيئاً يطرحني للتساؤل:لمَ هي هكذا؟ ومالذي يجب ان افعله لأكون محبوباً!
لاتحبيبني.. فقط لاتكرهيني.. ليس لأي سبب آخر.. فقط انني لا اطيق الحياة بدونك وصرت لا احتملها معك!
-"رسيل"
هكذا كررت ندائها، كنت اود طرح الاسئلة جميعها في الوقت ذاته،هكذا كنت انوي قبل ان تأتي بفزع
وأكاد اسأل:لمَ انا احبك هكذا!
لم قال احدهم ان الانسان يبتلى في حياته بأمور كثيرة وأسوأ مايبتلى به نفسه!
وانا صرت اشفق على هذه النفس التي تبكي خلف غضبي الذي لو استطاع.. لصفع قلبك حتى يستطيع الحب، صرت اكره نفسي لكثرما احببتك ، استحق سخريتك لانني ان لم اغضب الآن حيث جرحتني بقدر استطاعتك ولازلتِ تواصلين الغضب مني وعزلتك
لكثر ماحاولت تهدئتي فقدت السيطرة،وما ان قلتي بنظرة مفزوعة
-"وشو؟"
اغلقت غطاء الحاسوب بهدوء وقلت
-"اجلسي"
لأجد في ملامحك نظرة مختلفة، باردة جداً وانتِ تقولين
-"لاتكلمني عن اختك"
ربما حينها علمت ان هناك مانفجر في داخلي! قولوا انه مجرد عرق وارتاح!
-"ليش كذبتي؟"
.-.
.-.
.-.
استدعائه لم يكن مبشراً بخير، وحين لمست فيه بعضاً من الهدوء لم افكر بسوى موضوع اخته فربما وقت الحساب!
مالذي قالته اخته ليشك في صدقي.. لمَ كذبت! مالذي تهذي به!!
جلست اقابله على اطراف المقعد قائله
-"وش قالت لك وصدقت ولا عشانها اختك بيكون لها الحق"
لتقاطعني باصرار لم اعهد فيك،بعينين قد تصيب الجميع بالرعب!
-"اذا صار في الموضوع مازن ليش تكذبين ؟"
اضاف بغضبه-"يوم سألني عن التدخين كذبتي انك ماقلتيله شي ويوم كلمك اليوم قلتي دانه"
-"شكاك مريض"
خرجت مني سريعة وكأنما قد اصباني الغثيان
، لتصبح كلماته كآخر وقع خطوات طفلة بعيدة بطيئة وربما مصابة!
-"متى عمري شكيت فيك؟ طول عمرك عايشه معه ومافكرت فيك بشك او غيره.. هو كان في حياتك انتي ليش تدخلينه في حاتي الحين"
لكنها لم تكن مصابة بل كانت اقرب للسخرية،تزداد تلك الطفلة بالركض مرة اخرى ما ان قلت،وكأنما قد ابدو مهيئة لخلاف هذا اليوم واستعير بعض الكلام حين اكن مهيئة بطريقة ما!
-"اذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه"
-"تدرين ليش تركت وظيفتي مرتين؟ تدرين ليش فارقت اخوك سنين؟تدرين ليش هالواطي ..."
وربما وقعت مرة اخرى،لأنه سكت فجاة، ثم قال:
-"اذا ساء فعل المرء؟ "
وكأنما كنا في الوقت ذاته نستوعبها!!
لأقول متداركة كي لايكون ماقلته عثرة ما-" ابي اعرف ليش تكرهه لهالدرجة وليش هو حقير لهالدرجة؟ عشانه يكلمني هذا ولد خالتي واللي يسويه مو غلط بس انت كل اغلاط الدنيا تخليها على راسه"
حين رأيت ماحدث في وجهك من تقلبات اصبت بفزع، اكان يجب ان اقبَل رأسك واجيبك بنعم وطبعاً! الا حق لي بمعرفة السبب ايضاً!..ام كان يجب فقط ان اصمت!
اضفت أيضاً محاولة انعاش ملامحك حينها:
-"انا كذبت اليوم لأنك ماتحب تسمع طاريه"
تتراجع في جلستك،لاتزال تحتفظ بتلك الملامح الغريبة، بلا أي شعور تتساءل:
-" خليه برا الموضوع ماكان بيخرب حياتي ولا له أي اهميه لو كان لي مكانه عندك..لو كنتي تحبيني"
ما ان اشعر برعشة في اطراف يدي، او ربما في وجهي كطائر حزين..رغم انني لست حزينه بل مرعوبة بينما تضيف تلك الجملة التي اوقعت شيئاً ما من اعلى القفص الصدري!
وربما فقدت الطائر!
بتتابع مريب-"او حتى ماكنتي تكرهيني وماكان العالم كلها تدري وتشتكيني في كل مكان"
.-.
.-.
.-.
وما انا بالمصدق فيك قولاً ولكني شقيت بحسن ظني*
هذا التساؤل الوحيد الذي تكرر كلما كنت اراك،لك الحق في سماعه
-"ليش تزوجتي وانتي شايله كل هالكره لي؟ وشو اللي سويته في حياتي يخليك تعاملني بهالطريقه"
لتجيبي بعد ان وقفتي قائلة
-"انا ما اكرهك انت اليوم فيك شي"
كنت اواصل الجلوس بل اكاد اضجع كي لااغضب.. فقط لا اغضب! لكنها تقف مشعلة فيني غضباً اعجز عن اطفائه
-"هو سؤال..انا ايش بالنسبة لك؟"
.-.
.-.
ظل الصمت بيننا بعد ذلك السؤال الذي نطقه وهو يقف تماماً كمن يشير بأنه السؤال الاخير!
لم يقول انني اكرهه!
ارجوك لست في مزاج لأحدثك عن المشاعر الآن.. اتركني الا ترى اني لم اعد استطع الوقوف الا ترى اطارفي ترتعش!
حل عني...، الا انه قال بصيغة اخرى –"وش اعنيلك بالضط؟"
لأن نبرة صوته ارتفعت مشيراً انها قد تواصل العلو قبل ان تهبط على رأسي! لذا قلت مسرعة-" زوجي وليش هالسؤال"
لانني بدوت كمن يداري غضبه،قد اغضبته اكثر،اعلم لم ترد هذه الاجابة لأنها لم تكن على مقاس السؤال او الموقف
لكن ارجوك لن احسن التحدث الان فقط دقائق دعني ارتب افكاري
-"زوجك ؟ "
جلس ثم نظر الي ثم اذ به يضحك كما لم يضحك! قد جن بلا شك!
ثم قال-"ماني لاحد.. لو كنت زوجك فأنا فعلاً ماني لاحد"
نظر الي من زاويته،كرر بطريقة غريبة-"ماني لاحد "
ثم وقف وانا لا امل لأفقه مايقول!
.-.
.-.
كنت حقيراً حين قلت ذلك، كنت كالبطل السيء في فلم تاريخي، ما ان فقدت كل طرق الوصول اليك جربت الوصول اليك من عالمك الذي تخفين، فلربما اطرق الباب الذي تحبين
فأنتِ من علمتني ان اكون لكِ بكل الطرق فلم أكن لأحد حينما وصلت في النهاية!
تماماً كما اردت ان اناقش الان عن شعورك تجاهلي، فبدأت بابن خالتك وانتهيت بكتاباتك، وكأن تلك المشكلتين هي حقاً مانملكه!
الا انك جلستِ حينها، تساءلت بصوت ضعيف وكأن ما اهتز حينها السقف والكرسي لاقلبي جسدكِ!
لأني املك املاً اخيراً بأن ترحبي حيث بدأنا، اجبت سؤالك الذي كان
-"وش تقصد؟"
تلك اللحظة كانت طويلة جداً –"المنتدى كان اثمن منتدى اقضي فيه يومي لأنك موجوده فيه ولاني من زمان مااقدر انام الا لما ازوره واشوفك "
تقاطعيني:
-"كنت تتابعني؟انت ماني لاحد؟"
احرك رأسي ايجاباً لتقول مانخر في عقلي وهد سد كبير اً امامي:
-"قلتلك...انت شكاك ومريض.. يحتاج اكتب بعد اذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه؟"
.-.
.-.
نقف وأكاد ابصق الارض التي اسفله كما لم ارغب بذلك قبل الآن
-"تراقبني وساكت تراسلني وانا عندك"
ثم اسكت فجأة، اكان قبل الزواج ايضاً،وحين سافرت،وانت بجانبي؟ تبدو حقيراً جداً هذه اللحظة ومريضاً بالشك وانا لااحتملك
الدم الذي يواصل الاحتقان جعلني اظهر شبه ضحكة ساخرة وانا اقول-"مريض مقدر حتى اشوفك"
واعطيك ظهري وقبل ان اخطو للامام،
يتكرر ماحدث مع اختك!
يدك التي سحبتني للوراء وعلمت خمسة اخرى على الخد ذاته، لكنها كانت اقوى
قد استطاعت ان تجعل في الارض بركاناً يتصاعد دخانه فيحرقني أكثر
تلك اليد ابتعدت باصابعها، تلك اليد الكبيرة الذي تحدثت عن تقليمها ذات يوم،تلك اليد التي بدت ثقيله جداً هذه اللحظة
تلك اليد ذاتها التي مسحت على جبيني ورادت عناقي
تلك اليد التي مسحت دمعي كثيراً، هاهي تسكبه
-"لهالسبب تقولين انك تكتبين عشان العالم مايكون فيه مرضى ..كذابه انتي تكتبين عشان تتحكمين بالناس انتي المريضه حتى الحياة ماقدرتي تعيشينها"
ليضيف مشتتاً الذهن،ولو كان المكيف قريباً لاستطاع تحريكي يمنة ويسرة تماماً كما كانت عباراته
-"من غيري له الحق انه يكون مريض؟"
.-.
.-.
.-.
يداي التي طالما قالت انهما محايدتان: جرب المفاوضة!
هاهي الان يحركها عصب لم يستحمل حياتي وبدلاً من ان اقطعه مضى بها!
وان كنتِ ترين الحب مرضاً فلديك ايضاً هوس ما! وشيء لن تجديه مهما بحثتِ عنه..تماماً كحياتي معك!
تأخذين الهاتف بسرعة،تواصلين الاتصال-"بدر وينك؟..خلاص"
ثم تركضين للأعلى وانتِ تهاتفين آخر قائلة-"تعال خذني الحين"
ثم تلتفتين علي بشفاه مهتزة وعين جافة وتقولين بلاصوت شيئاً ما ، وتصعدين للأعلى
اجلس على مسند المقعد، وكأنما قدت خلت الصالة من ضجيج آلاف المتحدثين قبل ثواني،بل الكون قد خلا فجأة من السكان
لا ادري كم من دقيقة مرت لكن هاتفي كان يواصل الرنين ان كنت اميز ذلك بين الرنين الذي يحدث في الجو فجأة،ولايدعني اقف او ان اسقط حتى
ثم يدق الباب وكأن آلاف المسامير تُدق في رأسي، وصوت خطوات مسرعة خطوات أستطيع تمييزها مهما كنت اصماً ، خطوات لها القدرة على جعلي اقفز وان كنت بلا اقدام واقول وان فقدت اللسان
بفزع-"وين؟"
تقفين ثلاث ثواني،ثم تخطين للخروج لأقول بعد ان شلت قدماي مرة اخرى
-"رسيل"
-"بطلع"
ثم تفتحين الباب الاول،وتسمعيني اقول لك مهدداً بصوت قد لايكون لي!
-"ان طلعتي"
فأضيف بلا تردد ماسيجعلك تقفين
-"مالك رجعه"
.-.
.-.
.-.
أمن كان على وشك الغرق، يستطيع تمييز الصوت خارج الماء!
اصطفق خلفي الباب، وفصل بيننا
-حين يكون الخروج من المنزل طريقة لإجهاض الحياة،أو الشروع في الرجز الجشيم لتعقد به حياتك..حين يكون كنزهة خارجية تسنى لك اتمام جزء اعرج من حياتك، أو حينما يكون كفرصة متغطرسة جاوزت قدرتك لكتابة فصل من حياتك
.
.
فتح الآخر باب سيارته وقد سمعت تواً اصطفاق الباب الخارجي بصوت غريب،صوت لايشبه سوى لحظة انغلاقه حين سمعت خبر وفاة امي
صوت تحرك السيارة،صوت الشارع،صوت يبدو فاقداً للصوت، هل نتحرك الآن،يصعب علي تحديد ذلك مادامت الكرة تدور وانا اشكل محوراً آخر!
-"الساعة سبع الحين اكيد امي رجعت"
هناك في مكان آخر من يحدد ساعة وفاة..هناك من يفعل..كرر الوقت كثيراً فقد احتضر!
افتح الشباك،فلا اهرب من نفسي، افتحه أكثر فلا يتغير شيء
كل شي انحصر في ساعة واحدة، الكون بمافيه.. كل الطرق سارت على جفني وهاجت الريح والأشجار في عيني
كل الضوضاء التي سمعتها في حياتي اندفعت في اذني الآن، والثرثار الوحيد في رأسي لم يجد الفرصة للحوار فكل شي يتحدث وكل شي يحدث وانا أقف أمام تلك الحرية!
"حين تفقد السيطرة تتحرر الأشياء"
.-.
.-.
.-.
.-.
امام ذلك الباب
كنت قد جلست معها نتحدث عن لعبة الاختفاء،وكنا نفكر ان الأبواب جريئة حين تخفيك خلفها وتقف أمامهم بصمود!
وهي الآن تثبت مافكرنا به بعد عشر سنوات
"ادمُعي.حجارة...تسد مجرى أدمعي.وخلف سور أضلعي..مجمرة تفور بالضرام....، تحمل في ثانية: ....كلام ألف عام..
فها أنا من فوق قبري واقفٌ.. وها أنا..في جوفه أنام"*
.-.
.-.
.-.
تعانقني بشدة علَ تشنجات جسدي تنتهي..،
-خالتي لمَ لا يتوقف ذلك؟؟
لاتتضرعي لأجيبك..لست ادري
اني فقط..لن أكون بخير..لن أكون بخير لاتسألي، لن يموت طير ان ارتعش
"احرفي مصلوبة بين فمي ومسمعي...ما أصعب الكلام..ما اصعب الكلام"*
.-.
.-.
حين تدخل الكلمة تحت ضابط الطلاق،وتصحبها نية..يحدث ان يكون!
ويحدث ان يأتِ أحدهم حين يرحل الآخر..!
ويحدث ان تسمع احدهم يردد بقية العمر:
دع الأيام تغدر كل حين ... فما يغني عن الموت الدواء!
/
-
-
نهاية الفصل الثالث ... ترقبوا الفصل الأخير***114***
الفصل الأخير
تتهاوى الأشياء تدريجياً..
لايوجد من يسألك، تريد ان تحيى ام تموت؟
تبقى معلقاً ولاتختنق..بل تختنق كتسرب الغاز حين لاتدري أهو شرار حول أقدامك ام فوق رأسك أم هو راكض لك من بعيد!
تجلس كتلبد السماء قبل الهطول، وتتحدث كما لم تتعلم اللغة بعد
-اعذريني خالتي لاينطق لساني بأني بخير
تهزّ قدماي، لا.. بل يتوسط كفها المرعوب مفصل ساقيّ وأنا خائرة القوى على أول مقعد يفتتح المكان
لو لم أكن ارتعش لميزت الهاتف الذي يواصل اهتزازه في يدي، لميزت كف خالتي الذي يعلو ويهوي علي، لميزت مايقال عني في حضوري
-"مافيها شي خليها ترتاح"
عوضاً عني يخبرها عن أبعد ما سأكونه..، يقول الراحة!!
لاتتركيني خالتي.. أين سأرتاح!
-"رسيل وش صاير عمر فيه شي؟"
انها تسأل مرة اخرى، لابل هي تصرخ مكررة ذلك
ليبعدها عني مازن بهدوء
-"مافيه شي يمه خليها والله مافيه شي"
ترجع اليّ تريد تأكيداً،تتفقدني بيديها،وتزداد الظلمة في عيني حين يتكرر سؤالها
ولا اجيب...،
.-.
.-.
تعانقني بشدة علَ تشنجات جسدي تنتهي..،
-خالتي لمَ لا يتوقف ذلك؟؟
لاتتضرعي لأجيبك..لست ادري
اني فقط..لن أكون بخير..لن أكون بخير لاتسألي، لن يموت طير ان ارتعش
"احرفي مصلوبة بين فمي ومسمعي...
ما أصعب الكلام..ما اصعب الكلام"*
.-.
.-.
.-.
اتصل بي مازن قرابة الخمس مرات، وحين تنبهت لذلك لم يجب اتصالي
رسيل كذلك.. وعمر ايضا!!
تركت ماكنت افعله غادرت مسرعاً لرسيل، طرقت الباب، واصلت ذلك حتى خرج عمر
,
ذلك الوجه الذي حمله حينها ألقى بقلبي، تضرعت مباشرة ان لاتكون رسيل اصيبت بسوء!
ارجوك لاتخبرني بذلك... غير رسيل.. إلا هي!
-"توني بتصل عليك"
تخثر الدم في جسدي قبل ان تصاب الأوعية،قبل نزيفه حتى! وأنا أشعر ان كل شيء ليس بحالته الطبيعية..حتى الأضواء تبدو خافته غير المعتاد!
الباب مفتوح أمامي وصوته البارد يارب...يارب أن ينبئ بخير
-"وش صاير؟"
سألته انتظر ان يقول لاشيء..لكنه قال:
-"حياك"
ومضى مسرعاً مكرراً تلك الكلمة التي لأول مرة تبدو غير مرحّبة!
تبعته مجبراً،وقد أرخيت عضلات جسدي إنهم بخير بالتأكيد..تأتِ عدة افكار غير متجانسة مع تردد خطواتي
هذه الارض لم أود الخطو عليها!
المجلس الذي كنت اُضيف الناس اليه اصبحت فيه ضيفاً ، أطليت برأسي وقبل ان اقدم خطوة اخرى رأيته ينظر للاشيء ويعلوه الوجوم
عندها فقدت الإحساس بساقي..بقيت بين التوقف والمسير متأهبٌ لسماع شيء!
-"رسيل راحت لخالتك"
رفعني بعينه قبل أن اقع وأضاف على عجل: "لاتخاف مافيها شي .. أخذها مازن"
صوته...ماباله صوته!
-"وشو.. وش صار؟"
ادخل وأقف قربه مكرراً ذلك، فمن غير المعقول ان يقول أحدهم ان صوته .. كان طبيعياً
-"خالتي فيها شي؟"
التفت بجسده ودقق النظر الي:
-"لا لا قلت لك لاتخاف مافيهم شي.. اجلس"
-"عمر وش صاير؟ تكلم "
ابتسم مطمئناً، ابتسامته كانت الأغرب، تحولت تدريجياً لضحكة سخرية
ثم صد بوجهه عني، كاد ان يبتلع ابتسامته التي تقوست للأسفل، مابرز من حنجرته يوحي بابتلاعه شيء كالهواء لكنه خانق
ثم ا ذ بها تهوي مزعزعة سكون كل شيء،
كان لأول مرة يبكي ويجعل السواد يلف أركان الغرفة أمامي ولايبقي في جسدي مايجعلني اشعل الضوء!
ولاشيء سوى الأزيز في اذني بعد ان اخترقها صوت كتم بكاءه
وشل لساني قبل ان انطق
-ماذا حدث!
.
.
.
خالتي
هل تبكين الآن لأننا تعاركنا أنا ولمى؟ أم لأن مازن أغضب والده؟
صحيح فأنتِ لاتبكين لأني كسرت لك الرف الأبيض في المطبخ، ولا لان لمى نسيت كراسة الفنية، ولا لأن الغداء احترق
هل تبكين لأن لاشيء غير جيد؟
زوجك يعود للمنزل ،وتتناولون الطعام سوية، ولمى لم يعد لها اعداء،
أهناك من يشتاق للبكاء؟!
خالتي
أنا لا اشتاق له،معي دوماً ولا اشتاق له، انه يشبهه..يشبه عمر!
لكن لم انا لست سعيدة بفراقه!
بل لمَ الجميع غير سعداء؟
ولمَ نفسي لاتكف الجدل! كيف للجميع ان يكونوا هكذا!
هل مات أحد؟ لمَ يبدو كعزاء!
اني فقط عدت اليكم، هل انت سعيدة لدرجة البكاء؟
خالتي لقد تركته خلفي
هل يجب ان اتصور ان هذه النهاية؟
أمن السيء أن اسأل هذه اللحظات: كيف أبدأ من جديد؟
لا اشعر ان لدي مايسمى بالولاء أو الوفاء!
أكان يمكنهما اسعادي؟
.
.
.
بابي لم يطرق حتى الآن!
ظللت ارقب الباب المغلق، حتى خارت بي القوى
أعي تماماً ان هذا الذي يحدث لم يكن كما اردته، هذه الحرية التي اريدها ليست في هذه الغرفة ولا هذا المكان ولا في نفسي هذه الان!
كل مافكرت به من سوء أصبح أفضل الأحوال حين سمعت صوت ما قادم لي...
صوت أغلق السيل في عيني، صوت لست واهمة من انه.. لأخي
اتكأت على نفسي مسرعة وإذ بي اراه يسبقني فاتحاً الباب
متجهاً للداخل بقوة ، صارخٌ في وجهي
كلام ..تبعه كلام.. تبعه كلام ، ربما كان مكرراً
لست ادري، لم يتوقعه عقلي فتعطلت الترجمة، وكأنه دخل ودق مسماراً في قدمي،وآخر في فمي، فثبت حتى انتهى أو أخذته خالتي !
كان يريد فعل شيء ما أثناء ذلك، كأنما أراد قبل اختفاءه صفعي!
لا.. بل ربما قتلي..،
وغادر كما أتى،.. بل غادر كأنما سيغادر للأبد
الذي منحني طاقة للوقوف أمامه أفقدني الوقوف للأبد!
أشعر انني سأموت!
.
.
.
هناك أيام لاتحمل لها الود أو الضغينة، تمرك حين تصبح وتلقي بك حين تنام دون ان تجد هناك شعوراً محدداً تجاهها
تجيء وتغدوا كأنما تستظل بحائط دون ان تستند عليه
هذه الأيام التي تتسلل ليلاً لاتراها، فلا تجد دائرة عليها في تقويمك الجداري!!
هل ستشرق الشمس غداً؟
قررت مسبقاً ان يكون هذا محور حديثي لنفسي ،كي لا افكر بشيء آخر
رغم ذلك،معي الهاتف الذي اطل عليه كل دقيقة في انتظار بدر، فالشمس لاتشرق في السماء فقط!
مر شهر ، وانا افاجئ يومياً باستيقاظي!!
مرت الايام وانا لا اقف على قدماي لدقيقة كاملة، ولا استمع لعشر كلمات متتابعة ممن تلقى علي
تطول المدة واخي الذي هو ابي وامي لايتصل بي ولا يسأل عني، فقط..
فقدت عائلتي
.-.
.-.
.-.
.-.
هي غادرت اذن؟!
الطيور على نافذتي هرعت للسماء ما ان استيقظت
وكأن كل شيء على موعد ليراني فيغادر
أخرج من الغرفة،واحدة تلو الأخرى، وكأن هناك من يمسح خلف اقدام الذاكرة فلا أدري من أين خرجت!

يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -