بداية

رواية سيدة الحرية -25

رواية سيدة الحرية - غرام

رواية سيدة الحرية -25

هي غادرت اذن؟!
الطيور على نافذتي هرعت للسماء ما ان استيقظت
وكأن كل شيء على موعد ليراني فيغادر
أخرج من الغرفة،واحدة تلو الأخرى، وكأن هناك من يمسح خلف اقدام الذاكرة فلا أدري من أين خرجت!
قالوا للأماكن ذاكرة، وللروائح ذاكرة...، وحيث أقف الآن اريد ان يخبرني احد عنهم حين قالوا ذلك؟ هل فقدوا مافقدت؟
لايهم كم مضى من الوقت،ان اليوم يكرر نفسه،والمكان يحتفظ بكل تفاصيله
ليتنا نعيش على نافذه!
فنعلم يقيناً اننا سنرى مايحط عليها، ونثق انه سيطير، فلا نتعلق بالامل!
الا أننا لانجد الأبواب الا مذنبه، فلا نبرئها حتى وان أخبرتنا أثناء دخول احدهم انه سيخرج، لان الأبواب وعدت بالأمل! وان كنا واهمين
احدق في الباب ذاته المتسبب في خروجها!!
الذي تخطته أمامي، وركضت كمن يلحق قطاراً في رحلته الأخيرة! حيث تغادر فحسب..
كأنما تخبرني ان بذلك القدر مكانتي، أعطتني كل شيء،وسلبت حتى ماكان موجوداً قبلها...، وتغادر
بل انها غادرت!
كنت اظن ان لا أحد أسعد مني،أو لا أحد سعيد مثلي، أو لن يكون هناك سعيد غيري لانها في هذا العالم معي وحدي
حتى ظننت الآن أن لااحد بائس مثلي!
صرت لاشيء بعد ان كنت املك كل شيء
فهي غادرت..،
غادرت، تركت منزلها وأبقتني فيه ،فقط غادرت، رغم انها تعلم انني سأفتقدها الا انها غادرت
غادرت دون ان تلقي بالاً لمن يقف هنا، دون أن تفكر بماذا سيشعر!
بماذا سيفكر وهو يقف على الآثار!
إذن... الجميع صادقون عداها! لم يقل أحدهم شيئاً عابثاً! رغم اني ظننت ذلك حينما أقرأ لأجعلها تراني أكتب
ظننت كل واهم ظن انه أحب لا يحق له أن يكتب عن الحب ! لكن أعي الآن أنه قد أحب حقاً فأنا وحدي من صدق الوهم!
كل ماقرأته دون تصديق يبدو وكأنني أقف على رأسه والقنه الشعور!
ذاك قال "الحب كفن أنيق..الحب عصافير غردت ذات يوم.. ثم مالبثت ان هذبتها الحياة!"
الآن فقط أعلم أن لا احد يكتب عبثاً، ولاشيء سوى الوقت يستطيع أن يخبرنا أن الحياة مليئة بآلاف المواقف التي أستطيع تصديقها دون تشكيك، والتي تخربني مالاينطقه البشر، والتي تخبرني الآن بملئ فمها : أنها لن تعود!
لن تعود.. هي لن تعود !
اسمع صوتاً يشبه اختناق بل لا يشبه غرق انفاسي
شيء يشهق وأنا أبكي
لم ابكي كثيراً، فقط حينما علمت ان الأمل غادر مفجوعاً، والحلم الذي أرشوه قسراً في نظرات امي قد عميَ فجأة، والعبارات التي رددتها لأبي صارت كاذبة
وحياتي التي وعدتها بها حتى أموت صارت فانية!
يامن لك ارتجي لست لغيرك ارتجي، هوّن علي..
هوّن علي
رسيل يابنة اختي افيقي
حالك كان كما كان حين فارقتنا امكِ، أخبرينا مالحل ومالذي حصل ؟ وتناولي الطعام، نامي كما كنا ننام
لمَ انتي مفجوعة ؟ونحن على قيد الحياة!
ابني مازن قلق عليكِ، واخوك اصبحت عليه قلقة ، فهو لايجيب أي اتصال
يابنة اختي
مالعمل؟!
.-.
.-.
كنت لا أجيب اتصالات خالتي، بالأحرى لا أجيب أي اتصال
قضيت هذه الأيام بالعمل المتواصل هارباً من التفكير بحال اختي وصديقي
إلا انني لم أنجز العمل ولم أصل لما يريح عقلي
حينما افكر أن اعيدها إليه اجد أنني سأفشل حتماً ،فقد كنت خائف من لحظة كهذه مذ تزوجا، فكل ماكان يحدث بينهما وأراه في تصرفاتهما ، غير طبيعي
اشعر أني قد ظلمته بها، وان كنت لا اريد التفكير هكذا، فقد تزوجها رغماً عن الجميع،معانداً كما يقولون
ولم يراعني حتى انا حين أعاد لها بيتنا، لأجلها فعل الكثير مما أراه
ومما لا أراه يبدوا انه أحبها!
ماتمنيت أن أراه عليها هو الامتنان، فلم يحدث ان تحدثت عنه شاكره، وحين عادت للمنزل أخبرتني : أعاد ما أخذه!
أنا الآن لا اشعر بالراحة مطلقاً، وحين افكر بالأمر أشعر بالحزن والألم والغضب والندم
وحين افكر بحالها الآن، ازداد هماً على هم
وإن ذكرت عمر وهو يبكي، كأن دبوساً عريضاً قد ثقب قلبي ،
انها جعلتني غير قادر على مواجهته،ليس عمر فحسب، بل الأمر كله!
اني عاجز عن حله
كيف سأعيد المياه لمجاريها إن كان النهر قد نضب!
.-.
.-.
هو.. واخته!
فقدتهما دون استعداد!
حاولت الاتصال به مراراً وتكراراً ولا أجد إجابة، بل ان هاتفه مغلق كلما حاولت
اتصل بمنزل خالتها، يواصل الرنين
ثم يصلني صوت مازن هادئ على غير عادة، يسألني عن رسيل!
لمَ يسألني انا!
يتسارع النبض في داخلي،كأنما يخلق على عجل أمل جديد،أمل كبير جعلني أجيبه بأنني سأزورهم غداً!
انها لم تخبرهم بشيء ذلك يعني انها تريد نسيان ماحدث، وسأنسى ماقالت مادامت تود العودة الي،
لازلت املك الحق، فهل ستعود!
.
.

وصلت مستعداً لكل ما سأنطق به ،

 راجعت كلامي مئات المرات فهي امرأة لاتقبل كل الكلمات
انتظرت، ساعة
ثم اخرى ،وصارت أربع ساعات
ليقبل علي مازن بوجوم غريب لم أعهده، يقول
-"شكلها نامت ماترد علينا"
-" ماقلتولها اني بجي؟"
-"الا ..بس"
الإحراج الذي شعر به كلانا جعلني أقف معزياً!
-"خلاص بجي بكرة"
حرك رأسه بالإيجاب وأضاف
-"اذا استعدت بتصل عليك "
منذ دخولي وأنا أرى ملامحه كانت تستفسر عن الأسباب ،لكن الآن أجده مطمئناً كأنما أراحه عدم قدومها!
او ربما صرت واهم من شدة الألم،واريد امتصاص المشاكل من أي مكان ولو كان وجه احدهم!
،
الأمل الذي نمى سريعاً، توفي بغتة
علمت الآن وأنا بآخر خطوة في فناء منزلٍ توجد فيه، أو ربما تطل من شباكه مودعة شخص ما للأبد!
أنها لن تعود أبداً، لمَ لا أستطيع تصديق ذلك؟
ما أردت سؤاله دوماً
لمَ كانت لاتريد رؤيتي؟ بل لمَ هي لاتريدني بهذا لقدر؟
اريد أن أصرخ به في هذا المكان
كان يجب ان يجاب علي مسبقاً، لكنني لم اريد سماع اجابة
أتضرب وتبكي! أأغضب وتشتكي! هاقد جئت إليها وهي تعلم اني لم أكن لآتي، مالذي تفعله بي!
امسك هاتفي، اتصل ببدر، يواصل الرنين
ولو أجاب الان لقتله من شدة الغضب! لكنه أغلق هاتفه كأنما يقول لي: اخرج إنها النهاية!
لكنني ظللت واقفاً، وكل أفكار الدنيا تجوب رأسي،كأن استعراضاً شعبياً قد بدأ!
ينتهي كل شيء حين كتبت نصاً قصيراً لرسيل، وأرسلته لها
-"سأعود غداً"
.-.
.-.
هاتفي الذي تعرقت منه يداي ينبئ بجديد
وصلتني الرسالة
لو سألوني مالذي تتوقع حدوثه في الدقيقة القادمة لن اذكر ذلك كاحتمال!
بل لسنة قادمة، اولبقية العمر! لكنه حدث ولن استطيع إجابته!
بالامس حين اخبرتني خالتي انه سيأتي اليوم، كادت تحلق من سعادتها لأجلي
تبشرني انه قادم لإعادتي
لاترد ولاتستبدل!!
لكني لم اجبها ولم افتح بابي ابداً ولم استطع النوم لان كل ما فعلته الجلوس والدعاء بأن يذهب بسرعة، بل بأن لايجيء أصلاً
سمعت حينها اصواتاً بالاسفل، وعلمت انه وصل
بعد عدة دقائق سمعت مازن يتحدث عن امر ما،حاولت ان اعرف ماهو فلم اسمع، هما يستمران بذلك الهدوء فإن كان شيئاً سيئاً لربما تعاركا
كلاهما مجنون،
لكن ذلك لم يحدث،ربما ترقبهم خالتي!
ثم اختفت الأصوات وفقدها الصدى، حتى شككت في مغادرته
ثم طرق الباب
تجاهلت طرق خالتي مرة اخرى،بل اخرى لأخريات!!
ثم أخبرتني انه غادر، وظلت واقفة أمام الباب لدقائق، فأنا أرى ظلها
حتى بدأت بقنوت طويل أمام بابي
كنت اسمع ذلك وأنا آمل ان تبتعد عن الباب،ارهبني ذلك
وما ان استمرت فيه حتى بكيت وأنا اقضم وسادتي
وبعدها..، لم يطرق احد بابي ، لم اسمع صوتاً سوى صوت خالتي تطلب مازن القدوم للعشاء
بدوت مذنبة تستحق العقاب منهم جميعاً
أخطائي لم اعد اعلم مالصواب منها!! واختفت تلك التي تردد داخلي :ستكون الأمور على مايرام
وأجدني حين أقف على مافات تنهار قواي،وحين التف على الأحداث يدور رأسي، كل ماعلمته انني وان عظمت خطيئتي وعلى اليقين ذاته أنني سأكررها لو عاد بي الوقت!
ثلاث احتمالات لما سيحدث لي غداً
اولها انني سأقابله واخبره ان لافرصة لنا، وثانيها احتمال انني سأعود معه، وثالثها انني سأبقى هنا حتى يأتي بدر أو يجيب عمي اتصالي
لكنه الغد يجيء ويخبرنا أقصد ويعلمنا مانجهل
.-.
.-.
.-.
قادتني أقدامي للمكان مرة اخرى ، استقبلني مازن أيضاً
وسمعته يقول -"قلت بتصل عليك اذا استعدت يمكن ماتطلع"
وبما انني سمعته وتجاهلته بقيت قرابة الساعة وهو يتجاهلني
كنا في صمت مقيت، وعيناي لاتفارق الباب ،حتى لم اعد احتمل هذا الذي أمامي... وغادرت
فهو ينظر لي بثقة من يعلم أنها لن تجيء!
.-.
صوت خالتي بيأس تحت الباب-"عمر تحت"
ولم تعد تطرق او تلح بسؤالي للخروج، وأنا فجأة فقدت طاقتي، وفقدت رغبتي بالحديث
لكني عقدت العزم، فمكوثي هنا لن يشعرني بخير حين يحل الظلام!
حين وقفت لأستعد للنزول، شيء اخبرني بالتوقف! جلست مباشرة
كيف سأقول له انتهى الأمر! ومازن سيكون متواجد أيضاً
سيكون كلامي مؤذياً مرة واحدة إن كنا وحدنا، وسيكون مرتين ان كان هناك احد معنا، وسيتضاعف خمسين مرة إن كان ذلك الأحد هو مازن!
ولم أكن يوماً أعقد العزم على ايذاءه، فكل ما فعلته وكان مؤذياً دون قصد مني! أقصد قصدته رغماً عني!
وبين هذه وتلك، هذا وذاك ، نعم ولا ... قطع كل شيء صوت هاتفي يرن:
تزعزع كل شيء أمامي وأنا أرى المتصل..عمر!
ازدادت ضربات قلبي، يداي صارت ترتعش، تركت الهاتف خشية ان يجيب بنفسه!!
ثم يصمت لعدة دقائق، ويعود مرة اخرى
امسكت بالهاتف ، حاولت الرد دون النطق، اعني سماع مايريد، لكني لم أتجرأ لا استطيع!
كان لايريد عودتي حين خرجت، كيف له ان يأتِ مراراً لأجلي وانا من خرجت بارادتي
بل اخطأت حين تكلمت،لم يكن علي الغضب هكذا بل هو كيف له ان يعود الآن
انه يشعرني بألم في قلبي، يجعل من ضميري مجرماً
لأنني عاجزة عن الرد كعادتي،لم اعجز حتى الآن عن الكتابة
-" اعتذر.. بإمكانك العودة"
ربما هي قاسية كفاية بأن أعي استحالة إجابة
ولكنني سأكون اقسى ان لم يأته رد!
،
كنت اظن انني سأكون اقل حزناً وتخوفاً من القادم بعد رسالتي له، لكنني ازددت قلقاً
هل اغضبته هل صار يكرهني؟ ام هو حزين يقراها ويتذكرني؟
اني اكره نفسي هذه
ماذا لو عدت اليه،اليس افضل من بقائي هنا؟
وماذا بعد؟ سأستيقظ يومياً اطهوله الكلمات وأفعل الكثير مما يجهدني، لست ادري لم هو بذلك الثقل في حياتي! بل لمَ انا هكذا!
هاهو الأذان يعلن عن يوم جديد
أقترب من النافذة، وأقف في سكون
تذكرت ليلة كنت أقف فيها أمام النافذة ،وتعكس لي صورته وهو يرمقني بنظرة غريبة!
كان كأنما ينتظر التفاتتي ليبتسم،او ليبكي،او ليسألني عن شيء ما! لذا لن التفت ابداً كما افعل الآن!
هل انا بحق مخطئة! هل يجب علي التضحية؟
نظرت لهاتفي الذي لم ولن يصدر صوتاً،وعلمت انه قد يخرس بقية العمر!
شيء ما بدأ يصّعد في صدري ويجعلني ابكي بحرقة مختلفة،فأنا لا ابكي حالي الآن كما فعلت
بل ابكيه هو!
.-.
.-.
بعد يومين.. كانت خالتي تجلس بقربي،وانا لا انظر في عينيها وهي لاتنطق بشيء
جلست على السرير ولست ادري حتى بمَ افكر
مرت ساعات وانا هكذا،حتى شعرت انني لا استطيع مواصلة الجلوس
فوضعت رأسي على الوسادة،وقبل ان اغمض عيني رن هاتفي وانقطع مباشرة، ثم سمعت صوت رسالة نصية
لم أكن أترقب سوى بدري، لذا تحركت وأحضرت الهاتف،
كُتب فيها:
ليس معنى أن يهجرك حبك انك ستموت
نحن لانموت من قصة حب ولانموت من قسوة احدهم ولانموت حتى في حال تعرضنا للخيانة او إن بصق احدهم بشعورنا أرضاً
نحن لانموت بهذا القدر من الحزن!
سأعيش بدونك ،بدون ان احلم بك، دون ان انتظرك، دون ان افتقدك
نحن لا تقتلنا التجارب ..لكن قد يكون لها أثراً بسيطاً كأن يموت القلب.. ونستمر بالعيش!
"عيشي بسلام"
المرسل عمر!!!
عيناي التي حدقت بهذه الرسالة كادت ان تصاب بالعمى
مرة بعد مرة، ومرة بعد اخرى، أعود لقراءتها
اصاب تدريجياً بالعيّ!
.-.
.-.
ان تكون مشاكلنا الأكبر مشاكل حب ، وأمراضنا دوماً نفسية أثراً لحادث وهم
وقضيتنا الأكبر.. كيف نستعيد من تَرَكنا وكيف نحفظ من لم يغادرنا بعد
أن تكون صباحاتنا مرتبطة بابتسامتة، ولا نستطيع النوم قبل حديث قصير معه
ان نبكي في كل مرة نفقد شيئاً من ذلك.. نفقد تدريجياً قيمتنا، فنصبح مع الأيام لاشيء!
أولئك الذين اتخذوا الحب أعظم مايعيشون لأجله وبدو على استعداد للموت لأجله ، ونسوا كل مادون الحبيب ومافوق الحبيب وماحول ذلك
هم لاشيء.. بائسون!
لكنك أنت.. لست منهم مادمت تعتبر ماحدث تجربة ستنسى، شعور سيزول، أو حتى عارض برد!!
أتعني انك كنت تحبني حقا!
لا ادري هل أقول اصبت بخيبة أمل إذ كان هذا الحب!
أم اريح ضميري الذي خاف ان يكون فراقي لك مؤلماً!
مابين القوسين في رسالتك، كان مؤلماً أكثر من الرسالة نفسها، كنتَ كبوذي يقف على رفات شخص ميت، ويدعوا له بطريقته!
يجب ان اكون أسعد حالاً مما انا عليه، مادمت تعد بأن تعيش بأفضل حال!
ربما هناك الكثير من الأشياء لتي لم أفهمها، وسأظل اجهل الكثير
وهكذا قضيت الأيام التي تليها
.
.
صحتي لم تكن جيدة، رغم أني أصبحت آكل وأنام ،
ربما شهرين مرت بعد رسالته الأخيرة، لم ينبئ هاتفي بجديد، عنه وحتى أخي
إني قلقة بشدة على الآخر، رغم أنه هاتف خالتي عدة مرات دون أن يسأل عني
أرتاح نسبياً حين أفكر أنه بخير، أنظر لهاتفي الذي تصله رسالة جديدة، وابتسم مرددة: ياللعجب لو أنه بدري
-"أفضل مايمكننا فعله بعد الحب ..ألَانقف على أطراف أصابعنا
نتأمل الراحلين..مثل حيوانات النمس العصبية
بل يجدر بنا أن نركض في الاتجاه العكسي تماماً..
فالجهات لم تخلق أربعاً لوجه العبث!!"*
-"سأتزوج"
لايسعكم تخيل تراكم الذهول على وجهي لساعات!
بل لأيام
علامات التنصيص صرت أخافها!
.-.
.-.
.-.
-لكِ ذلك.. ساتزوج يا امي
ان الحب قوة والحبيب إرادة ، كنت بهما اعترض في وجه والديّ ، وحين لم أعد أملك أي منهما لم اعترض على امرأة تختارها امي مرة اخرى
سأتزوج قريباً جداً، لم يعترض لأجلي أحد، ولم يوقفني احد ،حتى بدر الذي ينظر لي الآن بألم صامت
الا يمكنك ان توقفني يابدر؟ الا يمكنك أن تقول حتى تروَى!!
الا يمكن لأختك أن تبعث لي" لاتفعل!"
لكن زواجي هذه المرة يبدوا أكثر اهمية، حتى انه جعل بدر يتصل بي بعد رسالتي، ثم يأتِ ليرى إن كنت مصاب بالجنون!
كان يتفقدني بعينيه، لم نتبادل الحديث حتى الآن، فلا نية لي لقول شيء
-يابدرها قد لبسني الخطأ، هدئ من روعك، وآتني ضعفين!
ألست أنت من شككت بحياتي معها؟ الم توشك من ردع الخطأ؟
أين برأيك مكمن اخطائي أزواجنا ام حبي لها؟
ابلغها مالم اسطع اخبارها به
قل اني افتقد معها حتى خيباتي!
لاترمقني هكذا
لا أحد منا مذنب، حتى هي! أخبرني ان اصبر وان الامور ستعود لما كانت عليه
اخبرني انني رجل
نعم فقط اخبرني بأن الرجل لايجب ان يبكي ويحزن ويحب
وأخبرني اني سعودي رجل سعودي بل اخبرني انني عربي عربي في هذا الزمن
اخبرني عن هذا الزمن؟ قل لي ان الحب دفن مع قيس، بل قل انه الآن لايتجاوز قصيدة،
اخبرني ان لا ابكي وأن البكاء لايكون الا لميت، والحزن ليس لغير النساء
-"متى شفتها؟"
سألته فأجاب بتردد-" من ذاك اليوم ماشفتها"
ثم استدرك-"خالتي تقول انها بخير"
يعود الصمت بيننا
أقف واسأله الخروج معي،نستنشق هواء جديداً
رحماك ربي ان الهم باغتني - غيوم غطت سماء لم ترى المطر
ياويح قلبي غشاه الحب من عدم - طال الوغى ويظن انه انتصر
هلا سألت الروح عن تلك قاتلتي - بات الفؤاد يعاتب حتى ذاب وانفطر
أبــداً لايؤلم الجرح إلا من به ألم – حتـماً ليس على الجثمان من خطر
لا لـن يروا حزني وعظم مصيبتي - لا لـن يروا قلبـاً عاش يحتضر
ياصاحبي يا بـدرهـا أعطني قلم - أهذه الأقـلام للمـوت تختصر؟
إني بخيـر لا تسل ماكان ينقصني – شعلت المصابيح حيـن اختفى القمر
بالله قلـ لي كيف لي حلـم ؟ - وكل أحلامي تهاوت ..انـــه القدر!
التفتَ إلى بدر وكأنني دون صوت اُسمعه مالا أستطيع نطقه أبداً ، الكثير من الأمور لم اعد اريد النطق بها بعد الآن
الكتابة، القصائد، الحب، الحرية، وحتى اسمها!
لذا هلّا خرجت من رداءاتها كما احاول أنا! لا اريد ان تراها في عيني بعد الآن..لذا أتستطيع ان تخرجها من عينيك أنت؟
اشعر بها بيننا كلما أراك!
لكنك تقول:" ماخلصت إجازتك؟"
جميل،ها انت تحاول
-"الا من فترة"
-"وليش ما تداوم؟ ماتبي تغير جو؟"
شيء ما كاد يسبقني وينطق بمقولة مصوّر أكاد أكون هو حينها
:" كيف تريدوننا أن نضبط العدسة وعيوننا مليئة بالدموع؟"
لكني اقول-"باستئنفها!"
.-.
.-.
.-.

تنتابني رغبة هائلة في إغلاق الهاتف،

لا اريد رسالة ولا اتصال
ولا اريد التفكير في إجابة احدهم
هذا مانصل إليه حين نقسم ان لانفكر في أمر ما، نغلق السبل التي أتى منها والتي قد يوصلنا لها ، نقفله رغم ذلك.. لاننسى!
هكذا الحياة إذن، أبدو كمن يشاهد حلقة أوشكت على نهايتها، ولم يعلم مادار فيها تحديداً
هل فِهمنا للأشياء صار معقداً أم أننا ولدنا هكذا؟
صحيح، لاشيء يمكن توقعه بينما نعيش، ان تدرجات الحياة مذهلة
أود شراء مسطرة طويلة لأقيس الأشياء حولي، ليتضح لي كم أذنبت في رغبتي المتأخرة لشراء المسطرة!
ينتصف طولي المسطرة ،ويبدو لي أعلاها ماقد نصل إليه من قمة الشقاء، لا أستطيع ان اعي انني لازلت في المنتصف! أو اصدق انني بعد كل هذا العمر اكتشف الآن ان مسطرتي لم تكن الأطول!
فالفارق بسيط جداً حين نقيس الجميع بلا مسطرة!
حين بكيت فقد أحلامي كان هناك من يبكي فقد عذريته، وحينما بكيت الحب كان هناك من يبكي جثمان غاليه، وحينما كنت حزينة جداً كان هناك من يبكي دماً، وحينما كنت بائسة كان هناك من فقد الأمل، وحينما فكرت بحريتي كان هناك من يريد حرية وطن..
حينما فكرت بالتلاشي والرحيل كان هناك من فكر بالجهاد.. عندما فكرت بضعفي طرأت علي بغداد..! وكلما شعرت بالظلم سمعت الشعوب تناضل ضد الغبن والفساد
أي مسطرة تريد ان تقيس هوامش امتلأت بالفراغ!
من سيقيس لي حزني الآن ويخبرني انه بخير!
.-.
.-.
.-.
بعد عدة ايام، طرق باب غرفتي بشكل سريع
طرقات متتالية مفزعة، خرجت من خلفه خالتي بأنفاس لاهثة وبوجه غائم
تخبرني مالم اتوقعه!
.
.
مالذي جاء به! أهو خبر انفصالي!
أين بدر..أحضرولي بدر..اخبروه ان والدي هنا..ويريد أخذي معه!
لمَ هوَ بجانبي الآن!
.
.
-"وش اخبارك؟"
مالذي تريد بالضبط معرفته عن أخباري!
انظر اليه، اطيل النظر وتبدولي الحياة القادمة
اعرف الآن انني قد اقضي بقية العمر بجانبه، اجلس جواره، اجيب سؤاله، واسمع ما يقول واوافقه
أتفهم كل ماسيصدر منه، واسامحه على ماقد فعل
أتناول معه الطعام، ابتسم في وجه زوجته، استقبل الضيوف واعد الأطباق،بل انسق كل شيء جيداً حتى تمتدحني زوجته أمام النساء
وربما ان كنت املك حظاً جيداً كما سيقول لي ذات يوم، سأتزوج مرة اخرى من أي رجل في أي حالة بل في أي ظرف!
دراستي ستنتهي قريباً لكني كما يقول لي الآن وهذه اللحظة، سأدرس من جديد هناك!
ولكني كما لا يقول لن اعمل في أي وظيفة نظراً لأن لي لقب جديد لايقبله أحد! حتى الوظائف والعجائز وربما أخي وكل من يوشك سؤالي..مالسبب!
لاني قد انفصلت عنه تغيرت الحياة حولي عوضاً عن حياتي!
كنت افترض ان حياتي فقط ستتغير،سأصبح ملكة نفسي ووقتي ، لكن أخي رفض التحدث لي وابي سيأخذني بلا قيد مشهود على يدي!
،
اكرر الاتصال ببدري فلا يجيب، ابحث عن مازن في المنزل ولا أجده، لا احد يجيب مكالماتي! لا أحد يريد رؤيتي
خالتي مالعمل! ابي منحني يومين لأوضب أمتعتي
لم يعد مهماً ان اغادر،ان اترك دراستي، اعمل على مشاركتهم اعمال المنزل ومشاهدة التلفاز!
لكن ليس بدري...
أتعلمين كأن كل شيء يتكرر حين وفاة امي، ألا تلاحظين!
اخبريه ان يبقيني عندك كما فعلتِ مسبقاً..أتذكرين!
خالتي اني سأفقد وعيي ألا تشعرين
تصرخ خالتي وهي تهز يدي وتضرب وجهي وتسكب شيئا بارداً على أطرافي
تعبت...!

يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -